( الإخوان ) وما كان للعلامة الحَلبي من بَيان..

[سعيد النواصره]

( الإخوان ) وما كان للعلامة الحَلبي من بَيان..

قبل انطلاق مسيرة ( الزحف المقدّس!) كان علامة الشام الشيخ الحلبي قد باشر الأردنيين ببيان شرعي مؤصّل حول الحشد الذي أعدّ له الإخوان المسلمون ، وتنظيمهم لمسيرة مضخّمة تبرز قوتهم وقاعدتهم الشعبيّة ، واستعمالها كوسيلة ضغط على الدولة من أجل تحصيل التنازلات ، وتحقيق المكتسبات السياسيّة المختلفة والمُخْتلَقة .

وكما هو نهج علماء الدعوة السلفيّة – قديماً وحديثاً - فقد سار الشيخ الحلبي في بيانه على بناء الأحكام الشرعيّة ، والنصيحة لعامة المسلمين بما يتفق مع الأصول العلميّة التي حرّرها العلماء الرّبانيّون في كتبهم ومصنّفاتهم ، وبعيداً عن النزعة المذهبيّة أو النظرة الحزبيّة .

وأما البيان فلم يخرج عن نطاق النصيحة والتوجيه للقائمين على المسيرة ومنهم ( الإخوان ) ، والدعوة لدرء الفتنة التي كان يمكن لها أن تحدث بسبب المسيرة لمحاذير كثيرة بيّنها الشيخ الحلبي ؛ كنا نخشاها وحصل شيء منها ؛ { ولكنّ الله سلّم } فضلاً منه علينا ، ولُطفاً بنا .

كان أمراً بديهياً أن يَلقى بيان الشيخ كلَّ ذلكم الصدى الواسع ؛ ليس في بلده الأردن فحسب بل وفي كثير من بلاد الإسلام ؛ فالحلبي علمٌ مميّز لا يحتاج إلى كثير إخبار ، وعالم بارز لا يشق له غبار ؛ وهو واحدٌ من تلاميذ الإمام الألباني الكبار ؛ ولسنا – بهذا – نثبت العصمة للشيخ ؛ فإنها لا تكون أبداً لأحدٍ من البشر سوى الأنبياء عليهم السلام ، وهو – حفظه الله – كغيره من أهل العلم يُستَدلّ له ولا يُستدلّ به ؛ والفرق شاسع جدا ، وواضحٌ لمن تدبّر .

الذي ينبغي لنا عند صدور الأقوال من أهل العلم هو إمعانُ النظر و إعمال الفكر لاستيعاب مُرادهم والفهم عنهم ، ولا تدفعنا الأهواء الذاتيّة و الانفعالات العاطفيّة لردّ أقوالهم أو عدم قبولها وإلا وقعنا بما لا طاقة لنا به كالتناقض والحيرة والشكّ ؛ وهو ما لو حصل لأحدنا لضيّع على نفسه الدين ، وربما الدنيا .

والحقّ يقال : فإنّ القسم الأعظم من الأردنيين اليوم باتوا على علم باللهجة السلفيّة ، وفهم دعوتها ، وتوقير علمائها ورموزها – منّة من الله على هذا البلد المبارك - ؛ لا ينكرها إلا من أُعميَ قلبه عن الحق ، وصمّ أذنيه عن سماع أحاديث بُسطاء الناس قبل يوم ( الزحف المقدّس !) ، وما تخللها من مصطلحات ( درء الفتنة ) و ( الأمن والأمان ) ،و تقديمهم دفعَ المفاسد على جلب المصالح .

لم يَرُق للإخوان ذاك البيان طبْعاً ، ولا لكثير من الحزبيين والحركيين تبَعَاً ؛ وليس هذا أمراً مُسْتغرباً ؛ فإنهم – للأسف الشديد – قد شيّدوا من ( الفكر الحزبيّ ) جداراً هائلاً ؛ لا يسمعون معه لغيرهم ولو كانوا للعلم أهلاً ، ويقذفون من ورائه كلًّ مخالفٍ لهم أو ناصحٍ ظلماً وزوراً وجهلاً ، ورميه بما يستظرفونه من التهم أو الأوصاف ! ؛ ولذا فما كان لهم أن يعوا مقولة الشيخ الحلبي - إن استمعوا لها أصلاً - ، ولا أن يعاملوها بما أمر الله به من العلم والعدل والإنصاف .

وباختصار شديد : فمع فقدان العلم الذي يعينهم على الرّد والنقد ؛ لم يجدوا إلا الطعن والسّب ، وكيْل التهم المتهاوية ، وتكرار الافتراءات الواهية ؛ وهم في هذا يرتكزون على المقالات السريعة في وسائلهم الإعلاميّة ، والمقولات الصريعة لقياداتهم الحزبيّة ؛ بلا رادع أخلاقي يصدّهم ، أو وازع ديني يردّهم .

ليس العلامة الحلبي وحده من يقول بتحريم المظاهرات والمسيرات لما يترتب عليها من المفاسد التي تفوق ما قد تجلبه من المصالح بكثير ؛ فهذه الفتوى مشهورة جدّاً عن علماء الدولة السعوديّة ، وهناك إجماع عليها من هيئة كبار العلماء ؛ ناهيك هذا عن كونها مذهب كثير من أهل العلم في البلدان الإسلاميّة الأخرى .

( الإخوان ) يعلمون هذا جيداً ، ويعلمون أيضاً أن ما قيل فيهم من بعض علماء السعوديّة – مثلاً - لا يقارن به ما جاء في بيان الشيخ الحلبي كمّاً ونوعاً ؛ لكنك تراهم يتطاولون عليه بما يغلي في صدورهم المتأزمة حقداً وغلاً وغلظةً ، غاضين الطرف – مؤقتاً - عن غيره من أهل العلم ؛ وما ذاك إلا إملاءٌ من الربيع العربي! ، وإجلاءٌ للصنيع الحزبي، تقتضيه متطلبات المرحلة التي يعملون لها ومن أجلها ، وكذلك المطامح الحزبيّة العليا! ؛ ولو كان علوُّها على حساب المصالح الشرعيّة ونهش لحوم العلماء .

تهمٌ متهالكة تلك التي خرجت من رؤوسهم ورؤسائهم ؛ لا خطام لها ولا زمام ، ولا أثرة من علم عندهم بأصول الرّد أو إلمام ؛ كلمات عفنة كعقول الناطقين ( الناعقين ) بها ؛ ملّها المسلمون من كثرة تكراراها ، وعرفوا حقيقة أصحابها وجفافهم الأدبيّ ، و ( فقر العلم ) الذي أنهكهم ؛ فلم يجدوا ما يَحْيون به وينتعشون غيرَ لحوم العلماء فتسارعوا إليها ، وتصارعوا عليها بقلوب محمومة ؛ وما علموا أنها مسمومة ؛ ستقضي عليهم عاجلاً أم آجلاً .

( الإخوان ) اليوم ينتهجون سياسة كريهة تتمثل بمحاولة تحطيم كلّ صخرة تقف في وجه مشروعهم السياسيّ؛ ولو كان بمعول الظلم والتجني والافتراء وإلا عمدوا إلى التشويه لها والتسفيه بعباراتهم المُحْتقنة والجافة والجافية عن الحق؛فكل من لا يوافقهم الأساليب أو الغايات ، أو ينكر عليهم شيئاً من المبادئ والتوجهات ؛ فهو من عملاء – وإن تلطفوا قالوا : علماء - السلاطين ؛ فإن كان من العوام فهو عندهم جاسوس أو تابعٌ أو – على لفظهم البغيض المُبتذل المُبتدع - ( سحّيج!) ! ؛ ولئن كنا نعرض عنه إذا صدر من العوام عندهم وصغارهم وكتّابهم؛ فما نفعل وقد نطق به كبراؤهم في الحزب ؟! ؛ وبحق أكابر أهل العلم ..! ؛ثمّ ألا ترون كيف ستكون صفة الشعب الأردني المسلم الذي يخالف الإخوان عند تطبيق قاعدتهم المذكورة ، وإطلاق اتهاماتهم المذعورة ؟ فأي دين هذا وأي إصلاح ؟

وبعد ..

فليس المقصد من ورود هذا المقام هو الدفاع عن العلامة الحلبي وبيانه الحق ضدّ الذي خرج من ( رأس ) القوم؛ فما هم بضارين به شيئاً بإذن الله تعالى ، ولا يعدو أن يكون كلاماً من العلم خلا فخبا ،ومن الدناءة دنا فخنا ، وما عاد ينخدع به العقلاء من الناس وهم اليوم كثيرون والحمد لله ؛ لكنّ الأمر يتعلق بمنهج حزبيّ يستعدي صمّام أمان الأمة ( العلماء ورثة الأنبياء ) بالطعن فيهم واتهامهم في دينهم ، ويستعلي على الناس بالحَجْر على أفكارهم وتسفيههم إن لم يتابعوهم في ( العمل الإسلامي السياسي ! ) .

على ( الإخوان ) أن يحذروا مغبّةَ هذا النهج فإنه نذير شؤم على الأمة ؛ لا يزيدها إلا تفرّقاً وضعفاً ، وسيمهّد لفتنة لا يملكون إخمادها ولو جمعوا كلّ عدّتهم وعتادهم ؛ وليعلموا أنْ كما لهم ألسِنَة للطعن والقذف! ؛ فلغيرهم أسِنّة علمٍ يصيبون بها من آذاهم ولم يتّق الله فيهم .

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

[ابو الزهراء الشاوي]

لا شُلت يمينك
رد الله عن وجهك النار

[ابو همام الخالدي]

بارك الله فيك ونفع بك بما تكتبه لنا اخي سعيد.

[محمد عميرة]

جزاك الله خيرا أخي الشيخ سعيد على هذا البيان العالي والرد القوي الوافي ..

ومثل هذا المقال لا بد أن ينشر في وسائل الإعلام الأخرى

حتى يعرف الحق من الباطل .

[رائدحسني عبدالله]

أبشرك شيخ محمد هي منشورة بجريدة السوسنة

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

جزاك الله خيرا أخي سعيد على جهودك المباركة ...
وفقك الله ونصر بك الحق وأهله .

[أحمد جمال أبوسيف]

جزاك الله خيرا يا أبا أحمد ونفع بكم

[سعيد النواصره]

بارك الله في جميع الأخوة المعلقين وغيرهم من السلفيين
وأسأل الله - تعالى - أن يبارك في " كل السلفيين " هذا المنتدى المميز ، والذي صار مقصداً مهماً للحزبيين وكثير من القائمين على المواقع الإخباريّة ؛ يتصيّدون منه كلّ مثير من المقالات ونسج الأخبار عليها في مواقعهم للفت الأنظار ؛ وخاصة مقالات وردود شيخنا الحلبي - حفظه الله - ، وليس هذا غريباً فهم يحصلون به على مزيد من القرّاء لمواقعهم بسبب معرفتهم المسبقة لوقع الخطابات والمقالات السلفيّة على الناس ؛ أسأل الله أن يجعل - في هذا - خيراً كثيراً .