أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
34773 113639

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الرد على أهل الأهواء و الشيعة الشنعاء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-21-2019, 10:26 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي براءة ابن القيم من تقريرات الزنادقة




الإمام المحدث الفقيه الأصولي ابن قيِّم الجوزية (ت: 751) من أئمة الإسلام الكبار، وله قدم صدقٍ في الأمة، لما كان عليه من اتباع القرآن والسنة، والتمسك بمنهج السلف الصالح في العلم والعمل والسلوك والدعوة، وكانت له عناية بالغة بتحقيق العبودية لله تعالى بإخلاص التوحيد له سبحانه، والتوجه إليه بالنية والقصد والإرادة، وتجريد الاتباع لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وله كتب كثيرة في هذا المجال، تزخر بمعاني الحب والتعظيم، والذكر والتسبيح، والطاعة والانقياد لله تعالى، فمنها كتاب: (مدارج السالكين)، و(عدة الصابرين)، و(طريق الهجرتين)، و(الوابل الصيب)، وغيرها كثير.

هذا الإمام الربانيُّ السلفيُّ معروف بالسلامة في عقيدته، ومعرفته بحقيقة العبادة، وفقهه بمقاصد الشريعة، وعدم التلوث بشيء من الأفكار الفلسفية أو المادية أو النفعية، بل قضَّى حياته في الرد على المناهج والأفكار المخالفة لمنهاج النبوة، وله صولات وجولات على الفلاسفة المنتسبين للإسلام كالفارابي وابن سينا.

رغم هذا كله فقد وقفنا على كلام منسوب لهذا الإمام في الصلاة يبعد كل البعد عن اعتقاده ومنهجه في فهم الإسلام حيث قال رحمه الله:

(الصلاة رياضةُ النفس والبدن جميعًا، وإذا كانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة: من الانتصاب، والركوع، والسجود، والتورُّك، والانتقالات، وغيرها من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل، وينغمز معها أكثر الأعضاء الباطنة: كالمعدة والأمعاء، وسائر آلات النفس والغذاء، فما يُنْكَرُ أن يكون في هذه الحركات تقوية وتحليلًا للمواد ـ ولا سيَّما بواسطة قوة النفس، وانشراحها في الصلاة ـ فتقوى الطبيعة، فيندفع الألم).

لقد وقفنا على هذا النقل عن ابن القيم في كتاب: (الحكمة في التشريع الإسلامي: العبادات نموذجًا)، للدكتور يونس حسين عبد الرزاق، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الثانية: 1435/2014، 306، وعزاه إلى ابن القيم في كتابه (الطب النبوي) ص 167.

إن إطلاق الكلام في هذه العبادة العظيمة بهذا الأسلوب بعيدٌ عن المنهج النبوي والطريقة السلفية، لهذا استبعدنا أن تصحَّ نسبة هذا الكلام إلى الإمام ابن القيم، وغلب على ظننا وقوع خطأ أو وهم، أو تحريف غير مقصود؛ ففزعنا إلى كتاب ابن القيم نفسه، فإذا بنا نجد ابن القيم كما هو ظنُّنا به، بل فوق ظننا به، حيث تبيَّن أنه كتَبَ هذه العبارة في سياق إلزامه للملاحدة والزنادقة المعرضين والمستكبرين عن حقيقة العبودية لله تعالى.

قال ابن القيم في (الطب النبوي) وهو جزء من كتابه القيم: (زاد المعاد في هدي خير العباد)، طبعة مؤسسة الرسالة: 4/193، وطبعة دار عالم الفوائد: 4/299 ما نصُّه:

(فإنْ لم ينشرح صدرُ زنديق الأطباء بهذا العلاج، فيُخاطَب بصناعة الطبِّ، ويقال له: الصلاةُ رياضةُ النفس والبدن جميعًا، إذ كانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة: من الانتصاب، والركوع، والسجود، والتورُّك، والانتقالات، وغيرها، من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل، وينغمِزُ معها أكثر الأعضاء الباطنة كالمعدة والأمعاء وسائر آلات النفس والغذاء، فما ينكر أن يكون في هذه الحركات تقويةً وتحليلًا للمواد، ولا سيَّما بواسطة قوَّة النفس، وانشراحها في الصلاة، فتقوَى الطَّبيعة، فتدفعُ الألمَ. ولكن داءُ الزندقة والإعراض عمَّا جاءت به الرسل، والتعوُّضُ عنه بالإلحاد؛ داءٌ ليس له دواءٌ، إلَّا نارٌ: {تَلَظَّى، لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.) انتهى كلام ابن القيم.

لقد تبيَّن بنقل كلام ابن القيم بتمامه أن مؤلف كتاب (الحكمة في التشريع الإسلامي) قد حذف من أول كلام ابن القيم قوله: (فإنْ لم ينشرح صدرُ زنديق الأطباء بهذا العلاج، فيخاطَب بصناعة الطبِّ، ويقال له: الصلاةُ رياضةُ النفس والبدن جميعًا،..)، وحذف من آخره قوله: (ولكن داءُ الزندقة والإعراض عمَّا جاءت به الرسل، والتعوُّضُ عنه بالإلحاد؛ داءٌ ليس له دواءٌ، إلَّا نارٌ: {تَلَظَّى، لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى}.).

وبأول كلام ابن القيم وآخره يتبيَّن أنه أراد بهذا إلزامَ الملاحدة والزنادقة بطريقتهم المادية القاصرة، وذلك لتعلقهم بها، ثم نبَّه أن هذه الطريقة المادية غير مجدية معهم أيضًا، لأنهم معرضون عن هدي النبوة، قد غلَّف قلوبهم داء الإلحاد.

فيتبيَّن بهذا كله: أن ابن القيم إنما قصَدَ محاورة ملاحدة الأطباء على طريقتهم تنزُّلًا، على سبيل الإلزام؛ رغم علمه بعدم جدوى ذلك معهم، لأنَّ المعرض عن أصل الوحي الإلهي لا ينتفع بفروع ذلك الأصل أو نتائجه وثماره.

ولكي نفهم كلام ابن القيم بشكل أعمق فلا بدَّ أن نرجع إلى أول سياقه، ونتتبع مباحثه، فنقول:

لقد بدأ ابن القيم (كتاب الطب النبويِّ) بفصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الطبِّ، ثم قال: (فصلٌ: في علاجه صلى الله عليه وسلم للمرض. وكان علاجه صلى الله عليه وسلم للمرض ثلاثة أنواع:

أحدها: بالأدوية الطبيعية.

والثاني: بالأدوية الإلهية.

والثالث: بالمركب من الأمرين.

ونحن نذكر الأنواع الثلاثة من هديه صلى الله عليه وسلم، فنبدأ بذكر الأدوية الطبيعية التي وصفها واستعملها، ثم نذكر الأدوية الإلهية، ثم المركبة).

ثم شرع ابن القيم في تفصيل (القسم الأول وهو العلاج بالأدوية الطبيعية)، كالعلاج بالماء والعسل والرماد والحجامة والكي والحبة السوداء وغير ذلك.

ثم ذكر (القسم الثاني) وهو (فصول في هديه صلى الله عليه وسلم في العلاج بالأدوية الروحانية الإلهية المفردة، والمركبة منها ومن الأدوية الطبيعية)، أي العلاج بالقرآن والذكر والدعاء والاستعاذة بالله تعالى والالتجاء إليه وطلب الشفاء منه سبحانه من جميع الأمراض والأوجاع، سواء ما كان عضويًّا كلدغة العقرب، أو معنويًّا كالإصابة بالعين، أو نفسيًّا كالكرب والهم والغم والحزن والفزع والأرق.

هذا القسم الثاني إيمانيٌّ تعبديٌّ، ذلك لأنَّه مبنيٌّ على الاعتقاد في أن الله تعالى سميع الدعاء، وأن النفع والضر بيده وحده، وأن إرادته وحُكمه فوق الأسباب كلها، كما قال إمام الموحدين إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}. كما أنه مبنيٌّ على الاعتقاد في تأثير كلام الله تعالى في الاستشفاء من الأمراض العضوية والمعنوية، كما قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، وعلى الاعتقاد في بركة ذكر الله تعالى وتسبيحه، وما يترتب على ذلك من معيَّة الله تعالى للعبد ونزول رحمته عليه، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، وأخرج ابن ماجة (3792) عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله عزَّ وجل يقول: أنا مع عبدي إذا هو ذكَرَني، وتحرَّكتْ بي شفتاه».

لا شكَّ أن معرفة هذا النوع من العلاج والثقة به يتوقف على معرفة الحقائق الإيمانية التي هي فوق العقول القاصرة، ووراء الماديات المحسوسة، وقد أدرك ابن القيم أهمية التأصيل لهذا الأمر، فذكر في ثنايا هذا القسم فصلًا بهذا العنوان: (فصل في بيان جهة تأثير هذه الأدوية في هذه الأمراض)، شرح تحته ـ بكلام ربانيٍّ نفيسٍ ـ أن القلب خلق لمعرفة فاطره ومحبته وتوحيده، فلا صلاح له ولا نعيم ولا سرور إلا بذلك، وأن ذلك أصل لصحته وقوته ونشاطه، كما أن الشرك والذنوب أعظم أدوائه. وذكر نماذج من أذكار النبي صلى الله عليه وسلم وأدعيته، وشرح ما فيها من هذه المعاني العظيمة، ثم ذكر (الصلاة)، فقال: (وأما الصلاة، فشأنها في تفريح القلب وتقويته، وشرحه وابتهاجه ولذته؛ أكبر شأن، وفيها من اتصال القلب والروح بالله وقربه، والتنعم بذكره، والابتهاج بمناجاته، والوقوف بين يديه، واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته، وإعطاء كل عضوٍ حظَّه منها، واشتغاله عن التعلق بالخلق وملابستهم ومحاوراتهم، وانجذاب قُوَى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره، وراحته من عدوه حالة الصلاة؛ ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات، والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة، وأما القلوب العليلة، فهي كالأبدان لا تناسبها الأغذيةُ الفاضلةُ).

ثم قال ابن القيِّم: (فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة، وهي منهاة عن الإثم، ودافعة لأدواء القلوب، ومَطْرَدَةٌ للداء عن الجسد، ومُنوِّرة للقلب، ومُبيِّضةٌ للوجه، ومنشِّطة للجوارح والنفس، وجالبة للرزق، ودافعة للظلم، وناصرة للمظلوم، وقامعة لأخلاط الشهوات، وحافظة للنعمة، ودافعة للنقمة، ومنزلة للرحمة، وكاشفة للغمة، ونافعة من كثير من أوجاع البطن. وقد روى ابن ماجه في (سننه) من حديث مجاهد عن أبي هريرة قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أشكو من وجع بطني، فقال لي: «يا أبا هريرة أشِكَمَتْ دَرْدْ؟»، قال: قلت: نعم يا رسول الله قال: «قُمْ فصَلِّ، فإِنَّ في الصَّلاة شِفَاءً». وقد روي هذا الحديث موقوفًا على أبي هريرة، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهدٍ، وهو أشبه. ومعنى هذه اللفظة بالفارسي: أيوجعك بطنك؟). [والحديث أخرجه ابن ماجه (3458)، وإسناده ضعيف. قال الفيروزآبادي في (سفر السعادة): وباب تكلم النبي بالفارسية لم يصحَّ فيه شيء، ولم يثبت].

ولمَّا انتهى ابن القيم إلى هذا الموضع، أعقبه بما سبَقَ ذِكْرُه في أول هذا المقال، وهو قوله: (فإنْ لم ينشرح صدرُ زنديق الأطباء بهذا العلاج، فيُخاطَب بصناعة الطبِّ، ويقال له: الصلاةُ رياضةُ النفس والبدن جميعًا...).

بهذا البسط والتفصيل تبيَّن لنا الفرق بين طريقة ابن القيم ـ وهي طريقة أهل العلم والإيمان أتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام ـ، وطريقة زنادقة الأطباء والفلاسفة، فهما طريقتان متضادتان في الأصول والمقاصد والنتائج:

أما طريقة أهل العلم والإيمان: فالأصل فيها الإيمان بربوبية الله تعالى وقيوميته وتفرده بالحكم والتدبير والتصرف، ومقصد المؤمن فيها: التعبد لله تعالى والتقرب إليه والاستعانة به والالتجاء إليه، ونتيجتها: رحمة الله تعالى بعبده المؤمن، وعونه له، واستجابته لدعائه، ولطفه بحاله.

أما طريقة زنادقة الفلاسفة والأطباء: فالأصل فيها أن التأثير للأسباب المادية المحسوسة، وما وراءها شيء من تصرف الله تعالى ولطفه وبركة كلامه وتأثير ذكره وتسبيحه، فهم لا يقرون بالتأثير الغيبي، إلا ما يكون عند بعضهم من الاعتقاد في الكواكب والأرواح العلوية. لهذا فإنهم يعتقدون أن تأثير القرآن والذكر من الإنسان نفسه، أي من اعتقاده وتوهمه أن هذا سبب للشفاء. وأن تأثير (الصلاة) لما فيه من التطهر والنشاط في أوقات معينة والقيام بحركات رياضية لأعضاء الجسم. لهذا، فإن (المقصود) عندهم نفس هذه التصرفات والأفعال. أما (النتائج) فإنما ينظرون إلى النتائج المادية البحتة.

وهذه الطريقة الفلسفية الإلحادية هي التي نسميها بـــ: (التفسير النفعي) للإسلام والدين والعبادات، وقد افتتن كثير من الدعاة والمفكرين والمثقفين بظاهر هذه الطريقة، غير مدركين لما في باطنها من الإلحاد، وسنَّوا في الإسلام سنة سيئة بتلقينها للعامة، والدعوة إلى الله تعالى بها، باعتبارها من محاسن الإسلام!

إن المؤمن ينبغي عليه أن يعرف الفرق بين الطريقتين، ويدرك الهوة الكبيرة بين الطائفتين، وليس له بعد ذلك إلا أن يتبع الطريقة الأولى، ويكون مع الطائفة الأولى، التي إمامها ورأسها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي كانت قُرَّة عينه: الصلاة. وبالله تعالى التوفيق.



مركز دراسات تفسير الإسلام
https://csiislam.org/single_article.php?id=28
8 صفر 1440 هـ الموافق 18 أكتوبر 2018 م
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:04 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.