أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
45710 91579

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر التاريخ و التراجم و الوثائق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #101  
قديم 04-27-2009, 08:02 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow ترجمة الشيخ أبو الحارث علي بن حسن الحلبي


ترجمة الشيخ أبو الحارث علي بن حسن الحلبي

ـ نسبه ونسبته:
هو الشيخ السلفي، الأثري صاحب التصانيف المنهجية، والتحقيقات العلمية العزيزة علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد، أبو الحارث؛ اليافي منبتاً، الحلبي نسبة، الأردني مهاجراً.
ـ ولادته:
من مواليد مدينة الزرقاء في الأردن؛ بتاريخ 29 جمادى الثاني، سنة (1380هـ).
ـ نشأته وطلبه للعلم وشيوخه:
هاجر والده وجده ـ إلى الأردن ـ من يافا في فلسطين سنة (1368هـ = 1948م)، من آثار حرب اليهود ـ لعنهم الله ـ.
ابتدأ طلب العلم الشرعي قبل أكثر من عشرين عاماً، فكان أبرز شيوخه العلامة الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ، ثم الشيخ اللغوي المقرىء عبد الودود الزراري ـ رحمه الله تعالى ـ، وغيرهم من أهل العلم.
التقى بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني في أواخر سنة (1977م) في عمان.
ودرس على الشيخ الألباني إشكالات الباعث الحثيث سنة (1981م) وغيرها من كتب المصطلح.
له إجازات علمية عامة، وحديثية خاصة، من عدد من أهل العلم، منهم العلامة الشيخ بديع الدين السندي، والعلامة الشيخ الفاضل محمد السالك الشنقيطي ـ رحمه الله ـ، وغيرهم.
ـ ثناء العلماء عليه:
وقد أثنى عليه جلٌ من أهل العلم؛ منهم:
الشيخ العلامة المحدث الفقيه أسد السنة محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ؛ كما في الصحيحة (2 / 720) أثناء بيان إفك هدام السنة حسان عبد المنان؛ فقال: … وبسط القول في بيان عوار كلامه في تضعيفه إياها كلها يحتاج إلى تأليف كتاب خاص، وذلك مما لا يتسع له وقتي؛ فعسى أن يقوم بذلك بعض إخواننا الأقوياء في هذا العلم؛ كالأخ علي الحلبي،….
وانظر ـ أيضاً ـ مقدمة: التعليقات الرضية على الروضة الندية، وآداب الزفاف ـ طبعة المكتبة الإسلامية ـ، والنصيحة.
وأثنى عليه أيضاً الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ وقرظّ له كتابه إنها سلفيّة العقيدة والمنهج.
و ـ أيضاً ـ الشيخ بكر أبو زيد في كتابه: تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال (93 ـ 94).
ـ جهوده الدعوية:
1 ـ من مؤسسي مجلة (الأصالة) ـ الصادرة في الأردن ـ ومحرريها، وكتابها.
2 ـ من مؤسسي مركز الإمام الألباني للأبحاث العلمية والدراسات المنهجية.
3 ـ كان له مقال أسبوعي في جريدة (المسلمون) ـ الصادرة في لندن ـ، ضمن زاوية السنة ؛ استمر نحواً من سنتين بدءاً من تاريخ (18 / ربيع أول / 1417هـ).
4 ـ شارك في عدد من المؤتمرات الإسلامية، واللقاءات الدعوية، والدورات العلمية؛ في عدد من دول العالم، مرات متعددة، مثل: أمريكا، بريطانيا، هولندا، هنغاريا، كندا، أندونيسيا، وفرنسا… وغيرها.
5 ـ دعي إلى عدد من الجامعات الأردنية لإلقاء المحاضرات والندوات؛ مثل: الجامعة الأردنية، وجامعة اليرموك، وجامعة الزيتونة…
ـ مؤلفاته وتحقيقاته:
1 ـ مؤلفاته وتحقيقاته تزيد على المئة وخمسين؛ ما بين رسالة، وكتاب، ومجلد، ومجلدات؛ من أهمها ـ تأليفاً ـ:
1 ـ علم أصول البدع.
2 ـ دراسات علمية في صحيح مسلم.
3 ـ رؤية واقعية في المناهج الدعوية.
4 ـ النكت على نزهة النظر .
5 ـ أحكام الشتاء في السنة المطهرة.
6 ـ أحكام العيدين في السنة المطهرة.
7 ـ التعليقات الأثرية على المنظومة البيقونية.
8 ـ الدعوة إلى الله بين التجمع الحزبي والتعاون الشرعي… وغيرها.
2 ـ وأما في مجال التحقيق؛ فكتبه متنوعة؛ مثل:
1 ـ مفتاح دار السعادة لابن القيم، في ثلاث مجلدات.
2 ـ التعليقات الرضية على الروضة الندية للألباني، في ثلاث مجلدات.
3 ـالباعث الحثيثلابن كثير، في مجلدين.
4 ـ الحطة في ذكر الصحاح الستةلصديق حسن خان، في مجلد.
5 ـ الداء والدواء لابن القيم، في مجلد.
6 ـ المتواري على أبواب البخاري لابن المنير، في مجلد… وغيرها.
3 ـ وقد ترجم عدد من هذه الكتب إلى عدة لغات؛ منها: الإنجليزية، والفرنسية، والأردية، والأندونسية، والآذرية، وغيرها.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #102  
قديم 04-28-2009, 09:20 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow الشيخ أبي إسحاق الحويني

هو حجازي بن محمد بن شريف ولد سنة 1375 هـ ، وبدأ طلب علم الحديث في الحادية عشرة من عمره وحضر دروس الشيخ محمد نجيب المطيعي في الفقه الشافعي .
تخرج من كلية الألسن قسم الأسباني وكان الأول على دفعته في كل أعوامها عدا السنة الأخيرة حيث كان الثاني .
رابط في مكتبة المصفى مدة طويلة للاجتهاد في الطلب وكان يطلب نهارا ويعمل ليلا لينفق على نفسه .

- درس الشيخ أبي إسحاق على الشيخ الألباني رحمه الله من خلال كتبه ونهل من علومها .
وقد مدحه الشيخ الألباني حينما سئل عمن يخلفه في المنهج العلمي فبدأ بالشيخ مقبل بن هادي ، ثم بالحويني .

--
للشيخ كثير من المصنفات العلمية منها :

تخريج تفسير ابن كثير .

الثمر الداني في الذب عن الألباني .

بذل الإحسان بتخريج سنن النسائي أبي عبد الرحمن .


تحقيق الديباج شرح صحيح مسلم للسيوطي .


تحقيق الناسخ والمنسوخ لابن شاهين


مسيس الحاجة إلى تخريج سنن ابن ماجه.


إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم.


تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد.


شرح وتحقيق المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء في هذا الباب .

وهو من المجتهدين في الدعوة إلى الله عز وجل بالتطواف في كثير من المساجد لإرشاد الناس إلى دين الله رب العالمين.

- ومن أهم الموضوعات التي يركز عليها في محاضراته :

اتباع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح .
توقير السلف واحتذاء آثارهم وخاصة الصحابة .
أهمية طلب العلم خاصة في عصرنا هذا .

-- وله موقع على الشبكة العنكبوتية يضم العديد والعديد من الصوتيات والمرئيات والفتاوى ،

http://www.al-heweny.com/html/index.php

كما له دروس على الهواء مباشرة في قناتي الحكمة والناس ،،

حفظ الله شيخنا وبارك في علمه ونفعنا به ،، اللهم آمين ،،

،
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #103  
قديم 04-28-2009, 09:32 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow مختصر ترجمة شيخناالمغراوي حفظه الله


مختصر ترجمة شيخناالمغراوي حفظه الله







هو الشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي من قبيلة أولاد ناصر ولد سنة 1367 الموافق 1948م بمنطقة 'الغرفة' بإقليم الراشيدية في جنوب المغرب الأقصى، أخذه أبوه إلى المحضرة (الكتّاب) وهو ابن الخامسة فأتم حفظ القرآن وهو في سن العاشرة.

ثم التحق بالمعهد الإسلامي بمكناس التابع لجامعة القرويين ثم بمعهد ابن يوسف للتعليم الأصيل بمراكش، حيث درس فيه المرحلة الإعدادية والسنة الأولى ثانوي، ثم رحل لإتمام الدراسة إلى المدينة النبوية، فالتحق بالجامعة الإسلامية بها، وكان المُعِين له على ذلك الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله إذ هو الذي كتب يزكّيه بخط يده، وأرسل ملف طلب القبول بنفسه، فأتم بها التعليم الثانوي ثم الجامعي ثم حصل على شهادة الدكتوراة منها.

* أخذ ودرس على شيوخ كثيرين منهم:

- محمد تقي الدين الهلالي.

- محمد الأمين الشنقيطي (صاحب أضواء البيان).

- عبد العزيز بن باز.

- محمد ناصر الدين الألباني.

- عبد المحسن العباد.

- عبد الله الغنيمان.

- حماد الأنصاري.

- أبو بكر الجزائري.

- عبد اللطيف آل عبد اللطيف.

- عبد الصمد الكاتب.

- ناصر الرشيد. وغيرهم رحم الله أمواتهم وحفظ أحياءهم.

درّس بمعهد ابن يوسف للتعليم الأصيل بمراكش، ثم درّس بجامعة الطائف بالسعودية، ودرّس بجامعة القرويين بالمغرب: التفسير والحديث والعقيدة.

قام بالخطابة والتدريس وإلقاء المحاضرات مدة ثلاثة عقود في مساجد مرّاكش وفي دور القرآن المنتشرة في مختلف ربوع المغرب.

أسّس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بالمغرب وفتح العشرات من دور القرآن التي كان ولا يزال لها الفضل الكبير – بعد الله سبحانه- في إرجاع الناس إلى دينهم الصحيح القائم على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.

شارك في عدة مؤتمرات دولية في كثير من بلدان العالم بمشاركة ثلة طيبة من العلماء.

* مؤلفاته:

- التفسير (وهو كتاب كبير قيد الإنجاز ، وأسماه: التدبر والبيان للمنهاج السلفي في تفسير القرآ ن ).

- المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات. (4 مجلدات).

- فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد واستذكار ابن عبد البر.

- فتح الخبير في الترتيب الفقهي لجامع ابن الأثير.

- العقيدة السلفية في مسيرتها التاريخية وقدرتها على مواجهة التحديات وهي سبعة أقسام:

* الأول: إتحاف الأخيار بفضائل عقيدة السلف الأبرار.

* الثاني: الاعتصام بالكتاب والسنة وفهم السلف عند ظهور الأهواء والبدع والفتن والاختلاف.

* الثالث: الصحيح في تفصيل الاعتقاد من هدي خير العباد.

* الرابع: أهل الأهواء والبدع والفتن والاختلاف الرادّون للسنة وشبههم والرد عليهم.

* الخامس: مغني العقلاء في بيان المواقف العقدية في دعوة الأنبياء.

* السادس: المواقف العقدية والأساليب الدعوية في مواجهة التحديات الجاهلية من خلال صحيح سيرة خير البرية صلى الله عليه وسلم .

* السابع: موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (10 مجلدات ).

- عقيدة الإمام مالك ومواقفه العقدية.

- سلسلة الإحسان في اتباع السنة والقرآن لا في تقليد أخطاء الرجال (المقدمة- الجزء الأول- الجزء الثاني).

- وقفات مع دلائل الخيرات.

- الأسباب الحقيقية لحرق إحياء علوم الدين.

- حاجتنا إلى السنة.

- أهل الإفك والبهتان الصادون عن السنة والقرآن.

- من سبّ الصحابة ومعاوية فأمه هاوية.

- المصادر العلمية في الدفاع عن ا لعقيدة السلفية.

- بلوغ الآمال بذكر غريب وفوائد الأحاديث الطوال.

- جهود الإمام مالك والمالكية في التحذير من البدع العقدية والعملية.

- ظاهرة الإلحاد والفساد في الأدب العربي.

- دعوة سلف الأمة إحياء الكتاب والسنة (دور القرآن نموذجاً).
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #104  
قديم 04-29-2009, 08:29 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow عليُّ بنُ المديني 161 – 234 هـ

مِنْ أَعْلَامِ المُحَدِّثِين

عليُّ بنُ المديني 161 – 234 هـ

للشيخِ عبدِ المحسن العبَّاد

المدرسُ في كليةِ الشريعةِ بالجامعةِ

نسبهُ :

هو علي بنُ عبدِ اللهِ بنِ جعفر بنِ نجيح بنِ بكر بن سعد، هكذا نسبه الخطيب في تاريخ بغداد .

كنيتهُ ونسبتهُ :

كنيته أبو الحسن ، واشتهر بابن المديني – بفتح الميم – وكسر الدال – نسبة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم والنسبة إليها بهذه الصيغة قليلة وأكثر ما ينسب إليها المدني بدون ياء ، وإنما نسب إليها لأن أصله منها كما ذكر ذلك البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن الأثير في اللباب .

وكانت ولادته ونشأته بالبصرة ، ولهذا ينسب إليها فيقال له : البصري ، ويقال له : السعدي من بني سعد بن بكر نسبة إليهم نسبة ولاء وهو مولى عروة بن عطية السعدي كما في تهذيب الأسماء واللغات للنووي .

ولادتهُ :

ولد ابن المديني سنة إحدى وستين ومائة نقله الخطيب في تاريخه عن علي بن أحمد بن النضر وقال الخطيب : " كان مولده بالبصرة " ، وكذا أرخه الذهبي في تذكرة الحفاظ وابن السبكي في طبقات الشافعية.

ابنُ المديني من بيتِ علمٍ :

الإمام ابن المديني أحد أعلام المحدثين الذين اشتهروا بحفظ الحديث ومعرفة علله ، وأبوه وجده من حملة الحديث ونقلته ؛ فأبوه عبد الله محدث مشهور روى عن غير واحد من مشيخة مالك بن أنس ، وجده جعفر بن نجيح روى عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ذكر ذلك الخطيب في تاريخه .

ممن روى عنهم :

سمع الحديث من كثير من المحدثين فرواه عن أبيه ، وحماد بن زيد ، وسفيان بن عيينة ، وابن علية ، وأبي ضمرة ، وبشر بن المفضل ، وحاتم بن وردان ، وخالد بن الحارث ، وبشر بن السري ، وأزهر بن سعد السمان ، وحرمي بن عمارة ، وحسان بن إبراهيم ، وشبابة ، وسعيد بن عامر ، وأبي أسامة ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويزيد بن زريع ، وهشيم بن بشير ، ومعاذ بن معاذ ، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وعبد الله بن وهب ، وعبد العزيز العمى ، والفضل بن عنبسة ، وفضيل بن سليمان ، وغندر ، ومحمد بن طلحة التيمي ، ومرحوم بن عبد العزيز ، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، ومعن بن عيسى ، وأبي النضر ، وهشام بن يوسف ، وعبد الرزاق ، ويوسف بن يعقوب الماجشون ، وأبي صفوان الأموي ، وجعفر بن سليمان ، وعبد العزيز الدراوردي ، ومعتمر بن سليمان ، وجرير بن عبد الحميد ، والوليد بن مسلم ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الوهاب الثقفي ، وأبي الوليد الطيالسي ، وغيرهم ، وكتب عن الشافعي كتاب الرسالة وحملها إلى عبد الرحمن ابن مهدي فأعجب بها ذكره أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء ص 103.

ممن رووا عنه :

روى عنه البخاري ، وأبو داود ، والذهلي ، وإبراهيم بن الحارث البغدادي ، والحسن بن علي الخلال ، وأبو مزاحم سباع بن النضر ، وأبو بكر عبد القدوس الحبحباني ، وأبو بكر بن أبي عتاب الأعين ، ومحمد ابن عمرو بن نبهان الثقفي ، وإبراهيم الجوزجاني ، وحميد بن زنجويه ، وأبو داود الحراني ، ومحمد بن عبد الله ابن عبد العظيم ، ومحمد بن جعفر بن الإمام ، وهلال بن العلاء الرقي ، وعباس بن عبد العظيم العنبري ، وروى عنه سفيان بن عيينة ، ومعاذ بن معاذ وهما من شيوخه ، وأحمد بن حنبل ، وعثمان بن أبي شيبة ، وهما من أقرانه ، وابنه عبد الله بن علي ، وأحمد بن منصور ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، وحنبل بن إسحاق ، وصالح جزرة ، وأبو قلابة ، وأبو حاتم والصاغاني ، والفضل بن سهل الأعرج ، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة ، ويعقوب بن شيبة ، وأبو شعيب الحراني ، وأبو الحسين بن البراء ، وصالح بن أحمد بن حنبل ، ومحمد بن علي بن الفضل المديني فستقة ، وأبو خليفة الجمحي ، ومحمد بن يونس الكديمي ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ، وأبو يعلى الموصلي ، والبغوي ، وعبد الله بن محمد بن الحسن الكاتب ، وآخر الذين رووا عنه موتا عبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب ، وأقدمهم شيخه سفيان بن عيينة ، وبين وفاتيهما مائة وثمان وعشرون سنة ذكره الخطيب وهذا من أمثلة السابق واللاحق .

من خرج حديثه :

خرج حديثه البخاري في صحيحه ، وروى عنه فيه ثلاثمائة وثلاثة أحاديث نقل ذلك الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب ، وخرج حديثه أبو داود في سننه ، وقد روى عنه البخاري وأبو داود بدون واسطة ، وروى عنه أبو داود أيضا بواسطة ، وخرج حديثه الترمذي والنسائي في سننهما وابن ماجة في التفسير رووا عنه بواسطة .

ثناء الأئمة عليه :

وكان علي بن المديني موضع تقدير كبار المحدثين أثنوا عليه في حفظه وفي علمه وتبحره وبصره في علل الحديث وأثنوا عليه بوجه عام .

فمن الثناء عليه بوجه عام :

قال أبو حاتم الرازي : " وكان أحمد لا يسمه إنما يكنيه تبجيلا له " قال : "وما سمعت أحمد سماه قط ".

وقد بلغ مبلغا عظيما قال فيه عباس العنبري : " كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه وكل شيء يقول ويفعل " .

وقال البخاري : " ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني " .

وقال النسائي : " كأن الله خلق علي بن المديني لهذا الشأن " .

وقال النووي : " وأجمعوا على جلالته وإمامته وبراعته في هذا الشأن وتقدمه على غيره " .

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال : " وأما علي بن المدين فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي مع كمال المعرفة بنقد الرجال وسعة الحفظ والتبحر في هذا الشأن بل لعله فرد زمانه في معناه " .

وقال ابن حجر في تقريب التهذيب : " ثقة ثبت إمام " .

حفظهُ :

وكان علي بن المديني من الحفاظ المبرزين قال فيه الذهبي : " حافظ العصر وقدوة أرباب هذا الشأن " ، وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة : " الحافظ المبرز " ، وقال الخطيب في تاريخه : " هو أحد أئمة الحديث في عصره والمقدم على حفاظ وقته " .

علمهُ :

ومن ثناء الأئمة عليه في علمه قول عبد الرحمن بن مهدي : " ابن المديني أعلم الناس " . وقول أبي عبيد القاسم بن سلام : " انتهى العلم إلى أربعة : أبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له ، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه ، وعلي بن المديني أعلمهم به ، ويحيى بن معين أكتبهم له " .

بصرهُ بعللِ الحديثِ :

ومن ثناء الأئمة عليه وإشادتهم بمعرفته التامة بعلل الحديث قول أبي حاتم : " كان ابن المديني علما في الناس في معرفة الحديث والعلل".

وقال ابن حجر في التقريب : " أعلم أهل عصره بالحديث وعلله " .

وقال الذهبي في ا لميزان : " إليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي " .

وقال ابن الأثير في اللباب : " وكان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله صلى

الله عليه وسلم " .

وقال أبو داود : " ابن المديني أعلم باختلاف الحديث من أحمد بن حنبل " .

وفي تارخ الخطيب: سئل الفرهياني عن يحيى بن معين وعلي وأحمد وأبي خيثمة فقال : " أما علي فأعلمهم بالحديث والعلل، ويحيى أعلمهم بالرجال، وأحمد بالفقه، وأبو خيثمة من النبلاء " .

وقال صالح بن محمد : " أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني ، وأفقههم في الحديث أحمد ابن حنبل، وأمهرهم في الحديث سليمان الشاذكوني ".

دخولهُ في محنةِ القولِ بخلقِ القرآنِ وأثرُ ذلك وكيف انتهى أمره ؟ :

وكان علي بن المديني رحمه الله ممن دخل في محنة القول بخلق القرآن دخول الخائف على نفسه ولم يصبر كما صبر الإمام أحمد بن حنبل وغيره ، بل هاب الإرهاب والقمع الذي حصل لمن لم يوافق دعاة القول بخلق القرآن إلى ما يريدون ومن أجل ذلك لم يرو عنه بعض المحدثين كالإمام مسلم .

ولكنه تاب وأناب واتضح من قوله وقول غيره أن دخوله لم يكن عن عقيدة ، وإنما كان خوفا على النفس . وقد صرح بذلك عن نفسه وصرح به غيره ، وقد أورد الذهبي علي بن المديني في كتابه الميزان لكون العقيلي أورده في كتاب الضعفاء وأنحى باللوم على العقيلي لذلك وذب عن هذا الإمام وأشاد بذكره والثناء عليه قال في كتابه الميزان ( 3/138) : " أحد الأعلام الأثبات وحافظ العصر ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء ، فبئس ما صنع ، فقال : جنح إلى ابن أبي دؤاد والجهمية وحديثه مستقيم إن شاء الله"، ثم ذكر الذهبي بعض ثناء الأئمة عليه ثم قال : " وقد بدت منه هفوة ثم تاب منها وهذا أبو عبد الله البخاري – وناهيك به – قد شحن صحيحه بحديث علي بن المديني وقال : ما استصغرت نفسي بين يدي أحد إلا بين يدي علي بن الديني ، ولو ترك حديث علي وصاحبه محمد وشيخه عبد الرزاق وذكر أناسا آخرين سماهم ، لغلقنا الباب وانقطع الخطاب ، ولماتت الآثار ، واستولت الزنادقة ، ولخرج الدجال ، أفما لك عقل يا عقيلي أتدري فيمن تتكلم ، وإنما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم ولنزيف ما قيل فيهم كأنك لا تدري أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك فهذا مما لا يرتاب فيه محدث " .

وقال الذهبي في الميزان أيضا : " كان ابن المديني خوافا متاقيا في مسألة القرآن مع أنه كان حريصا على إظهار الخير فقد قال ابن أبي خيثمة في تاريخه : سمعت يحيى بن معين يقول : كان ابن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة وإذا ورد البصرة أظهر التشيع ثم قال الذهبي: قلت : كان ذلك بالبصرة ليؤلفهم على حب علي رضي الله عنه، فإنهم عثمانية ". انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: " عابوا عليه إجابته في المحنة لكنه تنصل وتاب واعتذر بأنه كان خاف على نفسه "، وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ بعد أن ذكر كثيرا من ثناء الأئمة عليه : " قلت مناقب هذا الإمام جمة لو ما كدرها بتعلقه بشيء من مسألة خلق القرآن وتردده إلى أحمد بن أبي دؤاد إلا أنه تنصل وندم وكفر من يقول بخلق القرآن، فالله يرحمه ويغفر له ". انتهى .

وقد جاء عنه الثناء على الإمام أحمد في صبره في المحنة وقال : " إن الله أعز هذا الدين برجلين، أبو بكر الصديق يوم الردة وأحمد بن حنبل يوم المحنة ".

وقال ابن أبي حاتم الرازي في كتاب الجرح والتعديل : " وترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة وكان أبي يروي عنه لنزوعه عما كان منه " .

وفي تاريخ بغداد أن عباس العنبري روى عنه أنه قال : " قوي أحمد على السوط وأنا لا أقوى " وقال ابن عمار : " ما أجاب إلى ما أجاب ديانة إلا خوفا "، وقال ابن السبكي في طبقات الشافعية : " وكان علي بن المديني ممن أجاب إلى القول بخلق القرآن في المحنة فنقم ذلك عليه وزيد عليه في القول، والصحيح عندنا أنه إنما أجاب خشية السيف " قال ابن عدي : "سمعت مسددا ابن أبي يوسف الفلوسي يقول : قلت لابن المديني : مثلك في علمك يجيب إلى ما أجبت إليه . فقال يا أبا يوسف : ما أهون عليك السيف "، وعنه : " خفت أن أقتل ولو ضربت سوطا واحدا لمت " .

وهكذا نجد أن ابن المديني رحمه الله دخل في المحنة خائفا على نفسه لا معتقدا صحة ذلك كما صرح بذلك عن نفسه وصرح غيره كما في النقول المذكورة وإن دخوله هذا أثر في إعراض بعض المحدثين عن الرواية عنه ولما كان قد تاب واعتذر بأن الذي حمله على الدخول الخوف على نفسه لم يلتفت إلى ما سلف منه كثير من المحدثين فرووا عنه وعلى رأسهم الإمام البخاري الذي شحن صحيحه بالرواية عنه وبلغ جملة ما رواه عنه في الصحيح ثلاثمائة وثلاثة أحاديث .

شيوخهُ يستفيدون منه :

وكما كان ابن المديني يستفيد من شيوخه فهم أيضا يستفيدون منه وقد صرح بعضهم بذلك .

قال شيخه يحيى بن سعيد القطان : " كنا نستفيد منه أكثر مما يستفيد منا " .

وقال سفيان بن عيينة : " يلومونني على حب علي، والله كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني " .

آثارهُ :

ألف ابن المديني في الحديث مصنفات كثيرة العدد جليلة القدر .

قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات : " وكان علي أحد أئمة الإسلام المبرزين في الحديث صنف فيه مائتي مصنف لم يسبق إلى معظمها ولم يلحق في كثير منها" .

وقد أورد الحاكم أبو عبد الله في كتابه معرفة علوم الحديث – ص 89 – فهرست مؤلفاته نقله عن شيخه محمد بن صالح الهاشمي قال : " سمعت الشريف القاضي أبا الحسن محمد بن صالح الهاشمي قاضي القضاة يقول: هذه أسامي مصنفات علي بن المديني :

1- كتاب الأسامي والكنى - ثمانية أجزاء .

2- كتاب الضعفاء – عشرة أجزاء .

3- كتاب المدلسين – خمسة أجزاء .

4- كتاب أول من نظر في الرجال وفحص عنهم – جزء .

5- كتاب الطبقات : عشرة أجزاء .

6- كتاب من روى عن رجل لم يره – جزء .

7- كتاب علل المسند – ثلاثون جزءا .

8- كتاب العلل لإسماعيل القاضي – أربعة عشر جزءا .

9- كتاب علل حديث ابن عيينة - ثلاثة عشر جزءا .

10- كتاب من لا يجنح بحديثه ولا يسقط – جزءان .

11- كتاب الكنى – خمسة أجزاء .

12- كتاب الوهم والخطأ: خمسة أجزاء .

13- كتاب قبائل العرب – عشرة أجزاء .

14- كتاب من نزل من الصحابة سائر البلدان – خمسة أجزاء .

15- كتاب التاريخ – عشرة أجزاء .

16- كتاب العرض على المحدث – جزءان .

17- كتاب من حدث ثم رجع عنه – جزءان .

18- كتاب يحيى وعبد الرحمن في الرجال – خمسة أجزاء .

19- كتاب سؤلاته يحيى – جزءان .

20- كتاب الثقات والمثبتين – عشرة أجزاء .

21- كتاب اختلاف الحديث – خمسة أجزاء .

22- كتاب الأسامي الشاذة – ثلاثة أجزاء .

23- كتاب الأشربة – ثلاثة أجزاء .

24- كتاب تفسير غريب الحديث – خمسة أجزاء .

25- كتاب الإخوة والأخوات – خمسة أجزاء .

26- كتاب من يعرف باسم دون اسم أبيه – جزءان .

27- كتاب من يعرف باللقب – جزء .

28- كتاب العلل المفرقة – ثلاثون جزءا .

29- كتاب مذاهب المحدثين – جزءان .

هكذا سردها الحاكم وقد أضفت إليها الترقيم، وبعد فراغه من سياقه قال : "إنما اقتصرنا على فهرست مصنفاته في هذا الموضع ليستدل به على تبحره وتقدمه وكماله". انتهى .

أقول : " وإن مما يؤسف له أن هذه المكتبة الكبيرة لا وجود لها في الوقت الحاضر، بل إن ذكر أسماء هذه المصنفات قليل في كثير من المصنفات فما رأيت أحدا من مؤلفي المصادر التي رجعت إليها في ترجمته - والتي أثبتها في نهاية الترجمة - تعرض لتسميتها اللهم إلا العليمي صاحب المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد المتوفى سنة 928هـ فقد أورد هذا الفهرس الذي سقته هنا عن الحاكم دون أن يشير إلى المصدر الذي استمده منه. ويوجد من آثاره كتاب علل الحديث ومعرفة الرجال مخطوطا في خزانة أحمد الثالث في تركيا وصورته في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة رقم 743 فهرس التاريخ .

وفاته :

قال البخاري : " مات علي بن المديني ليومين بقيا من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين". وقال الحارث بن أبي أسامة وغير واحد : " مات بسر من رأى في ذي القعدة"، وكانت وفاته في يوم الاثنين كما في التاريخ الكبير للبخاري .

ممن ترجم له :

1- ترجم له الحافظ الذهبي في العبر 1-418 والميزان 3-138 وتذكرة الحفاظ 2-15.

2- وابن حر العسقلاني في التقريب 2-39 وتهذيب التهذيب 7-349

3- البخاري في التاريخ الكبير 2-3-284

4- الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11-458

5- الخزرجي في خلاصة تذهيب الكمال 133

6- ابن القيسراني في الجمع بين رجال الصحيحين 356

7- ابن العماد في شذرات الذهب 2-81

8- السمعاني في الأنساب 516 مخطوط

9- ابن الأثير في اللباب 3-115

10- ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 1-225

11- العليمي في المنهج الأحمد 1-97

12- أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء 103

13- ابن السبكي في طبقات الشافعية 1-266

14- النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1-350

15- ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1-3-193 وفي مقدمته 319

[b]المصدر : مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - العدد 17 - رجب 1392 هـ - ص 12 - 20 .

منقول من موقع أهل الحديث.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #105  
قديم 04-29-2009, 08:31 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow أبو شعيب الدكالي

شيخ الإسلام وعلامة العالم الإسلامي الشيخ شعيب الدكالي

1- السيرة الذاتية مختصرة

التعرف على بيئة الشخص المعني بالأمر ضروري جدا ، لأنه يفتح أمامانا أبوابا نجهلها ،كما أن التعرف على بيئة الشخص المتحدث عنه ، يساعدنا على معرفة العوامل التي ساهمت في تكوين شخصيته أيضا ، ، وبيئة الشيخ العلامة أبو شعيب الدكالي هي دكالة ، قبيلته المعروفة منذ زمن بعيد ، بهذا الإسم ، فهذه القبيلة التي ثمثل في تاريخ المغرب ، ( شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ،) وإذا كانت الشجرة مثمرة ،فإن الناس يتساءلون عن سبب خصوبتها وكثرة ثمارها ؟ لعل السبب يكمن في تربتها ؟ أو عذوبة مياهها أو هما معا ياترى ؟

دكالة في عهد المرابطين

لقد غرس المرابطون في قبيلة دكالة وفي غيرها من الأ قاليم التفكير السني ، والمذهبية المالكية ،

ولادته وتكوينه العلمي

كانت ولادته رحمه الله يوم 25 ذو القعدة 1295 هـ موافق20 اكتوبر 1878م في بيت علم ودين وفضل وكرم وصلاح .

شيوخه في المرحلة الأولى من التعليم

تلقى أبو شعيب الدكالي تعليمه الأول بمسقط رأسه، على يد شيوخ وعلماء القبيلة ، من أمثال العلامة ابن عزّوز، والعلامة محمد الصديقي، ومحمد الطاهر الصديقي وغيرهم. ثم انتقل إلى الريف حيث زاول بها دروس الفقه والحديث والقراءات. وفي سنة 1315 هـ رحل كغيره من علماء المغرب إلى الشرق ، فكانت مصر محطته الأولى .

شيوخه في مصر وبلاد الشرق العربي

استقربه المقام في مصر فمكث بها مدة طويلة وأخذ فيها العلم عن علماء الأزهر مثل: شيخ الإسلام سليم البشرى،

الذي قال في رثائه حافظ إبراهيم شاعر النيل ، والتراب يهال على قبره :

أيدري المسلمون بمن أصيبوا ؟؟ * وقد واروا سليما في التراب *

والعلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي ، والشيخ محمد محمود الشنقيطي التركزي التلاميد ،اللغوي الشهير، والشيخ أحمد الرفاعي ، وغيرهم كثير. أما الشيخ محمد عبده فقد كان يرأس لجنة الامتحان التي تقدم إليها الشيخ شعيب ليحصل على معدل مناسب يستطيع الدخول به إلى جامعة الأزهر ، وبعد ذلك قصد مكة المكرمة

السبب الأساسي من الرحلة إلى مكة المكرمة

قلوب الناس تهفو إلى هذا المكان المحبوب إلى قلوب عباده

( واجعل أفئذة من الناس تهوي إليهم )

( جاء الطلب من( والي) مكة ( الرفيق عون ) إلى جامعة الأزهر ، بإجراء امتحان للطلبة المبرزين في العلوم الشرعية واللغوية ، لأنهم يريدون إماما ومفتيا وخطيبا للحرم المكي ، فأجريت مسابقة هي بمثابة امتحان عسير ، أعيد الامتحان عدة مرات لأسباب يعلمها الله ، كان الناجح فيها دائما وبتفوق هو الشيخ شعيب الدكالي ، واختارته العناية الإلهية ليكون إماما وخطيبا ومفتيا ومدرسا ، في أرض الحرمين الشريفين ، وطالبا أيضا

فقد درس على يد جل علمائها ، وأجاز عدد كبير من طلبة العلم ،وأجيز من طرف عدد كبير أيضا ، من شيوخ العلم من البلاد العربية كاليمن والعراق والشام إضافة إلى بعض علماء الهند. و حظي عند أمير مكة،خلال هذه الفترة، بالحظوة الحسنة فأكرمه وبالغ في احترامه وتعظيمه، وقدمه في مجالس العلماء، وولاه بعض الوظائف التي جاء من أجلها وهي الخطابة في الحرم المكي، والإفتاء على المذاهب الأربعة. والتدريس في الحرمين الشريفين

وفي سنة 1325 هـ ـ 1907 م عاد إلى أرض الوطن

بإيعاز من ملك البلاد المغفور له بإذن الله السلطان مولاي حفيظ العلوي ، قدس الله روحه

واستقر بمدينة فاس، وقربه السلطان مولاي عبد الحفيظ، وتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها. وفي هذه الفترة أعلن مواجهته البدع ومقاومة الخرافات والأباطيل، ونصر السنة وقيم الدين الإسلامي الصحيحة، وفي سنة 1328 هـ أرسله المولى عبد الحفيظ إلى الحجاز لاقتناء أملاك تحبس على الحرمين. ثم عاد إلى المغرب في السنة الموالية 1329 هـ وقد بزغ نجمه وذاع صيته في كل البلاد العربية، فولاه قضاء مراكش، واشتهر بالنزاهة والعدل. وفي سنة 1330 هـ تم تعيينه وزيرا للعدل والمعارف. وفي سنة 1342 هـ ـ 1923 م قدم استعفاءه لأسباب صحية فمنح إذ ذاك اعترافا له بالجهود التي بذلها في مهامه؛ لقب" وزير شرفي".

وكانت دروس أبي شعيب الدكالي في مدينة فاس نموذجا حيا لطاقة علمية كبيرة، واطلاع واسع في كل مجالات علوم الدين، من علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، ومعرفة دقيقة برأي أئمة المذاهب، وعرف عنه حفظ المتون، والجمع بين الروايات ومعرفة المخرجين والتابعين، وأنساب الرواة وتراجمهم. كما كان عارفا بعلوم القرآن وقراءاته وإعرابه وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ووجوه بلاغته، وأنواع تفسيره، متمكنا من علوم اللغة العربية بأنواعها.

منهجه في التدريس كما وصفه المختار السوسي

نترك المجال لأحد علماء المغرب الذي تتلمذ على دروس الشيخ شعيب الدكالي ، إنه حجة الإسلام العلامة المختار السوسي إذ يقول : في كتابه ( مشيخة الإلغيين من الحواضر ) ص 10 ( لقد أحيا الله به أفكارا ونشر به علوما ، واستبدل به حالة بأخرى ، حتى انقلبت أساليب التدريس ، وسلكت مجاري التفهم للعلوم مسلكا آخر ، فانقلبت بسببه جميع أحوال الطلبة من جنب إلى جنب آخر ، بالتدريج ، شعروا كلهم بذلك أولم يشعروا ، والزمان كفيل بالإدلاء بهذه الشهادة الناصعة . لذلك كان علامتنا مقصد العلماء والطلبة، وسمع عنه عدد كبير من العلماء سواء بفاس أو غيرها من المدن الأخرى التي حل بها في بلدان المغرب أو المشرق، حيث ألقى دروسا بالأزهر بمصر وبجامع الزيتونة بتونس. وتتلمذ على يديه جيل من العلماء والمفكرين المغاربة الذين أسهموا في بناء المغرب الحديث. ونظرا لهذه الدرجة العلمية العالية أحرز الرياسة العلمية في الدروس السلطانية بالقصر الملكي على عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ ، والسلطان المولى يوسف، والعاهل محمد الخامس الذي ظل في كنفه إلى أن وافته المنية سنة 1937 م رحمهم الله جميعا ورضي عنهم

إعداد : الدكتور محمد بن بوشعيب الحشلافي الدكالي المغربي دارا ونسبا
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #106  
قديم 04-29-2009, 08:32 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow


الشيخ عبدالله الدويش

اسمه ومولده :

هو عبدالله بن محمد بن أحمد الدويش ، ولد في عام 1373هـ في مدينة الزلفي .

نشـأته :

نشأ في كنف والده ،إذ توفيت أمه وهو رضيع وتربى تربية صالحة ،عرف من خلالها بالصفات الحميدة ،وبدأ بطلب العلم وهو صغير ، وكان سريع الحفظ والفهم ،فقدم مدينة بريدة سنة 1391هـ ،فنزل في مسجد الشيخ محمد المطوع في إحدى غرفه ،فأكب على كتب السلف وتأثر بها

مشايخه :

منهم : الشيخ صالح الخريصي ، والشيخ عبدالله بن حميد ،والشيخ صالح البليهي ،والشيخ محمد المنصور،والشيخ محمد العليط .

مؤلفاته :

منها :1- التعليق على فتح الباري 2- مختصر بدائع الفوائد 3- الزوائد على مسائل الجاهلية 4- تنبيه القاري على تقوية ماضعفه الألباني

تلاميــذه :

جلس للتدريس وعمره ثلاث وعشرين عاماً ومدة جلوسه أربعة عشر عاماً ، وبهذه الفترة التف حوله طلاب كثيرون أكثر من مائه وعشرين طالباً غير المستمعين

وفـاتـه :

توفي رحمه الله في مساء يوم السبت الموافق 28/10/1409هـ إثر مرض لازمه خمسة عشر يوماً ،وكان عمره لا يتجاوز السابعة والثلاثين عاماً ،ولقد حضر جنازته جمع غفير من محبين الشيخ وكان الجو ممطراً ،فرحم الله الشيخ رحمة واسعه
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #107  
قديم 04-29-2009, 08:33 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow ترجمة لللالكائي رحمه الله صاحب شرح السنة



ترجمة لللالكائي رحمه الله صاحب شرح السنة


هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري، أبو القاسم الرازي، الشافعي اللالكائي.

تاريخ الوفاة: 418هـ -1027م

شيوخه: عيسي بن علي الوزير.وأبو طاهر المخلص. وجعفر بن عبد الله الفناكي الرازي.و أبو الحسن ابن الجندي. وعلي بن محمد القصار.والعلاء بن محمد الروياني. و أبو أحمد الفرضي. وأبو حامد الإسفراييني.

تلاميذه: أبو بكر الخطيب.و محمد بن هبة الله. وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي. ومكي الكرجي السلار.

مكانته: قال الذهبي: الإمام الحافظ، المجود المفتي، مفيد بغداد في وقته. قال الخطيب: قدم بغداد فاستوطنها، ودرس فقه الشافعي على أبي حامد الإسفراييني، كتبنا عنه وكان يفهم ويحفظ، وصنف كتابا في السنن، وكتابا في معرفة أسماء من في " الصحيحين "، وكتابا في شرح السنة، وغير ذلك. وقال شجاع الذهلي: لم يخرج عنه شيء من الحديث إلا اليسير. قال الخطيب: عاجلته المنية؛ فلم ينشر عنه كثير شيء من الحديث. قال الذهبي: قد روى عنه أبو بكر الطريثيثي كتابه في شرح السنة. قال: مات هبة الله الطبري بالدينور، وكان خرج إليها لحاجة له، فتوفي. قال علي بن الحسين بن جداء العُكبَري: رأيت هبة الله الطبري في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ فقال: كلمة خفية: بالسنة.

مصنفاته: شرح السنة مجلدان. وكتاب في السنن . وأسماء رجال الصحيحين و كرامات اولياء الله . وغير ذلك

مصادر الترجمة: تاريخ بغداد. و سير الأعلام. والأعلام.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #108  
قديم 04-29-2009, 08:35 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow ترجمة الشيخ عبد الرحمن الإفريقي


ترجمة الشيخ عبد الرحمن الإفريقي

لفضيلة الشيخ عمر بن محمد فلاته الأمين العام للجامعة الإسلامية سابقا رحمهما الله

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على أشرف خلقه وأفضل أنبيائه ورسله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .. أما بعد..

فإن حديثي معكم في هذه الليلة [1] يتعلق بترجمة شخصية كريمة، اتصفت بالعلم والحلم، والفضل والنُّبل، وامتازت بخصال فريدة هيأها الله تعالى لها، وحديثي عنها يعتبر غيضاً من فيض.

ولا أكتمكم أن عنوان هذا الموضوع لم أخترعه بادئ ذي بدء، إنما اختير لي من قبل الجهة المسؤولة عن المحاضرات، ونعم الاختيار كان، وأتوقع أنكم لن تسمعوا غريباً، ولن تقفوا على ابتكار أو اختراع وتجديد، وإنما أرجو أو يوفقني الله تعالى على أن أقوم بالتعبير عما تكنّه النفس من حب ووفاء،واعتراف بالجميل لأصحابه .. وأنعم بالحب الذي يكون لله وفي الله …

فلقد صح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، وذكر منهم "رجلين تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه".

وأرجو أن أوفق لإجلاء صورة الشخصية على حقيقتها, وفي نظري أنها من الأمثلة التي تحتذى.

وإنه لمن فضل الله على عباده أن قرْننا هذا حظي بطبقات غير قليلة من العلماء ذوي علم وبصيرة، وصدق وتقوى، نشروا العلم والدين والهدى والرشاد. ولم يخل قطر من الأقطار الإسلامية من عالم أو فقيه أو محدث أو داعية, يتلو الخالف منهم السالف, محافظين على سلامة شرع الله من عبث العابثين، وكيد الكائدين.

وليس بدعاً أن أقوم بترجمة لعالم حري أن تظهر آثاره، وتنشر أخباره, وقد شحنت المكتبات الإسلامية بتراجم وسير الأعلام من الرجال من عصر الصحابة رضوان الله عليهم، بل إن الحفاظ من النسابين في الجاهلية قد حفظوا الأنساب، وسير أبطالهم، وأفذاذهم, وأخيار أيامهم، وأذاعوا ذلك وأشاعوه في محافلهم ومنابر أسواقهم، فنقل ذلك عنهم الرواة، ودوّن ذلك الكتاب والأدباء والإخباريون.

ولم تكن الكتابة عن أي شخص وافية كاملة إلا بتعدد الكتاب واستخلاص الحقائق من مجموع ما كتب عنه. وها أنا الآن أسهم بقلمي للقيام بترجمة عالم جليل، وقرنٍ نبيل، شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن يوسف الأفريقي الففوي مولداً، والمدني مهاجراً، والمحدث مسلكاً والفلاني نسباً.

أقول إن الترجمة سنة العلماء، ومنهج أهل الحديث النبلاء بل إن السند والإسناد من ميزة هذه الأمة المحمدية، وهذه المكتبة الإسلامية حافلة بكتب تراجم الصحابة وغيرهم كطبقات ابن سعد والاستيعاب، وأسد الغابة والإصابة، وتاريخ البخاري الكبير والصغير، وكتب ابن حبان وابن عدي والدارقطني والدواليبي والتهذيب وتهذيبه والتقريب والخلاصة، والإكمال والتكملة، وغيرها من كتب التراجم للأدباء والشعراء والقراء والفقهاء.

ونظراً إلى أن أحق الناس بالكتابة عن العالم المذكور هم أبناؤه وتلاميذه فإني أرى لزاماً القيام ببعض ذلك، وقد أكرمني الله تعالى بصحبته وطول ملازمته، وكثرة مرافقته، وسمعت منه في المسجد النبوي ودار الحديث بالمدينة المنورة وفي الحضر والسفر والاستقرار وأعدكم أني لا أنطلق مع العاطفة إلى حد المبالغة بناءً على أنه شيخي ووالدي الروحي وذلك لأني مستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم, إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله"، وقوله لعبد الله الشخير رضي الله عنه - وقد قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت سيدنا" – فقال: "السيد لله تبارك وتعالى"، قلنا: "وأفضلنا", فقال: "قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستحوذنكم الشيطان". رواه أبو داود بسند جيد.

وفي حديث أنس رضي الله عنه: "أن أناساً قالوا لرسول الله: "يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا" فقال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل". رواه النسائي بسند جيد، وقوله: "إذا رأيتم المدّاحين فاحثوا على وجوههم التراب".

ميلاده ونشأته:

ولد رحمه الله عام 1326هـ في بلاد مالي من قارة إفريقيا الغربية، بقرية تسمى (فَفَا) من أبوين كريمين أنجبا من الأولاد الكثير من الذكور والإناث لم يعش منهم غير المترجم له وأخوه الأكبر، وكان أبوه من بيت الإمارة والحكم الذي لم يزل حتى اليوم يتداوله آله. ونشأ في تلك الربوع مع أترابه يستنشق هواء الصحراء، ويمتع ناظريه بالفضاء الواسع الذي لا يردهما إلا النهر الذي جعل القرية جزيرة. وكانت هذه الفترة فترة بؤس وبلاء على أهل تلك الديار؛ لأن المستعمر الفرنسي قد قبض بكلتا يديه على هذه البلاد، وانقض عليها انقضاض الأسد على الفريسة, بعد أن جرت بينه وبين الأهالي العزل من السلاح حروب انتهت باستعماره البلاد والعباد، وفرض سلطته عليهم قهراً شأن غيرها من البلاد التي اقتسمها الأوربيون من الانجليز والبلجيكيين والبرتغاليين والألمان.

وذلك لأنهم علموا ما امتازت به أفريقيا الخضراء من جودة التربة وكثرة المياه، وجمال الطبيعة، ووفرة الأقوات والأرزاق والمعادن، وقام البعض منهم بالقرصنة، وبعض الأعمال التي لا يقرها شرع، ولا خلق ولا وازع إنساني، ولقد قال عنها بعض الرحالة المحدثين: "إنها القارة الافريقية الخضراء زينة القارات ومستودع الكنوز والثروات، ومنبع للرجولات والبطولات".

دخلها الإسلام أول ما دخلها قبل أن يعرف العالم الغربي والشرقي، وقام الإسلام فيها بدوره الحضاري في أقطارها الشرقية والوسطى والغربية والشمالية، وإن الديانة الكبرى اليوم السائدة فيها هي الإسلام ومع ذلك فإن أفريقيا المسلمة لا تزال مجهولة لدى العالم الغربي والإسلامي، ومجهول ما فيها من كنوز وخيرات وثروات يانعات, أقول إنه مع الأسف، لم يعرفوا أن هناك أمة يتوجهون إلى كعبة الله، ويتبعون رسول الله، ويتألمون لآلام الأمة التي بعث فيها رسول الله مع أن أول اتصال بأفريقيا الشرقية كان على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما أمر أصحابه الكرام بالهجرة إلى الحبشة، وقال لهم حينما اشتد عليهم الأذى من مشركي مكة: "اخرجوا إلى أرض الحبشة فإن بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم مخرجاً مما أنتم فيه"، واستطاع الصحابة رضوان الله عليهم أن يزرعوا بذور الإيمان هناك، وينشروا دين الإسلام حتى أسلم النجاشي نفسه ملك الحبشة آنذاك.

ولما جاء نعيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يخرجوا إلى المصلى فصف أربعة صفوف، وصلى عليه وهو غائب. وعلى ذلك فإن البلاد الأفريقية قد دخلها الإسلام والمسلمون من صحابة رسول الله قبل أن يدخل أية بلد بعد مكة, أما شمال أفريقيا وغربيها فقد بدأ الفتح فيها على عهد عثمان بن عفان الخليفة الراشد رضي الله عنه، فقد أخرج سنة 27هـ عشرين ألفاً من الصحابة والتابعين يقودهم عبد الله بن أبي السرح وقطعوا مفاوز برقة وطرابلس ثم دخلوا افريقيا، ومنّ الله على المسلمين بالفتح، وكان الأعداء قد خرجوا عليهم بمائة ألف مقاتل، واستشهد لله رجال من المسلمين، وتم النصر, وفتحت تونس وكانت تسمى أفريقيا، وعاد عبد الله بن أبي السرح إلى مصر بعد أن أقام بأفريقيا سنة وشهرين, وقد عرفت هذه الغزوة بغزوة العبادلة لأنه قد شارك فيها سبعة من الصحابة كلهم يدعى عبد الله وهم:

(1)عبد الله بن عمر.

(2) عبد الله بن الزبير.

(3) عبد الله بن عباس.

(4) عبد الله بن جعفر.

(5) عبد الله بن عمرو بن العاص.

(6) عبد الله بن مسعود.

(7) عبد الله بن أبي السرح.

وفي عهد معاوية بن أبي سفيان بعث جيشاً كبيراً بقيادة معاوية بن خديج الكندي عام 45 فغزا أفريقيا ثلاث غزوات, وعين يزيد بن معاوية وقيل أبوه معاوية عقبة بن نافع الفهري الذي تم له التوغل في غرب أفريقيا وقال البربر، وبلغ إلى المحيط: وناجى ربه عند المحيط بعد أن أدخل قوائم فرسه في البحر قائلاً:

"اللهم لو كنت أعلم أن أحداً وراء هذا المحيط من الخلق لمضيت مجاهداً في سبيلك" ثم عاد - ويومها لم تكن أمريكا مذكورة ولا أخبارها معلومة -.

ولقد عدّد السيوطي رحمه الله في كتابه (درُّ السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة)، وفي كتابه (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) - عدد أسماء جملة من الصحابة، الذين وطئت أقدامهم بلاد مصر وهي من القارة الإفريقية، وطؤوها داعين الخلق إلى عبادة الخالق، وترك عبادة المخلوق، ولم يدخلوها دخول المستعمرين الذين أكلوا الحرث والنسل، والذين أفسدوا العقائد والفطر، وأشاعوا فيها الكنائس والبيع لاتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله.

ولقد ذكر التاريخ أن عقبة بن نافع الذي سبقت الإشارة إلى ذكره أو عقبة بن ياسر أو عقبة بن عامر قتله كَسيلة بن كزم البربري وهو عائد إلى القيروان من غزوة غزاها لنشر دين الله سنة 63هـ، وخلف فيها أولاداً ينتمي إليهم الفلاتنون, كما ذكر ذلك صاحب كتاب (تعريف العشائر والخلان بشعوب وقبائل الفُلاّن) والله أعلم بحقيقة الحال. قال رحمه الله: "وفي كتاب الاستيعاب في أسماء الأصحاب لابن عبد البر المغربي المالكي (عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري) وفدَ على عهد النبي، وكان ابن أخت عمرو بن العاص فولاّه افريقية، وافتتح غدامس وكُوراً من السودان وودّان وبلاد البربر، وغزا السويس القصوى، وكان مستجاب الدعوة، قتله كسيلة بن كزم سنة 63هـ" اهـ. من كل هذا يعلم أيضاً أن صلة تلك البلاد بالبلاد العربية وأهلها ألصق، ونسب بعض جذاميرها بهم أقرب، كيف لا وقد ربط الله بينهم الإسلام، وجعل وشيجته أقوى الوشائج، وصلته أعظم الصلات.

لذا فإن الشعوب المسلمة في أفريقيا عندما حل ببلادها المستعمر اعتبروا تلك الفترة فترة بلاء، وأيام نحس ـ وساعات بؤس، وآثروا الموت على الحياة.

وفي هذا الوقت ولد الشيخ عبد الرحمن الافريقي المترجم له، وشب عن الطوق، ولما بلغ سن التمييز بعثه والده إلى فقيه القرية الذي يسمى ألفا ليلقنه بعض سور القرآن الكريم ويعلمه بعض الأحكام المبسطة من الكتب الفقهية المتداولة, وظهرت عليه ملامح النجابة، ولم يمض كبير وقت حتى اختاره حكام البلاد المستعمرون للتعليم في مدارسهم التي افتتحوها في تلك البلاد، وأخذ قهراً عن والديه ضمن عدد من أبناء الأعيان، فازداد البلاء , وتفاقم الخطب على والديه وآله لاعتقادهم أنه لا يرجى الخير من شخص تربى على أيدي أعداء الله, وتثقف بثقافتهم ولكن الله غالب على أمره {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} وشاء الله أن يشتغل الفتى بدروسه، ويهضم معلوماته، ويكون النجم اللامع بين أقرنه، وينال الشهادات الدراسية التي تدل على تفوقه وجدارته مما جعله يختار للعمل مدرساً ثم موظفاً مسؤولاً في الأنواء الجوية. ولما دنت ساعة الظفر، وحانت ساعة السعادة والكرامة جرى بينه وبين مدير إدارته حديث في شأن الإسلام وواقع المسلمين، ونثر الخصم ما في جعبته من السموم، ورمى الإسلام الجمود والتخلف, وذكر له أن الإسلام دين لا يصلح للعالم, وتعاليمه لا تهذب النفوس وإنما هو منهج يكتبل الحريات، ويدعو إلى الوهم والخيالات، واستدل بواقع المسلمين وما هم عليه من التخلف والذل، وركونهم إلى الطلاسم والسحر والحجب واعتمادهم على الجن والكهان, والكواكب والحروز والأصنام، مما أدى الأوربيين إلى احتلال البلاد لإسعادهم، وانتشالهم من وهدة التخلف التي هم عليها، وقام يدلل على ذلك بالكثير والكثير من الأدلة التي نمقها المبشرون، وكادوا بها الإسلام والمسلمين، فلم يستطع الفتى حينها من أن يقنع الخصم، ولا أن يدافع عن دينه وعقيدته، لا سيما وأنه خال الوفاض بعيد عن العلم والعلماء والفقه والفقهاء, ولو كان مع أهل العلم والفقهاء فإن العلم في تلك البلاد وما شابهها لا يعدو حفظ القرآن. والمرور على بعض الرسائل في فقه الإمام مالك رحمه الله, ومنظومات شعرية في المديح النبوي باللغة المحلية والعربية, وعزم على أن يتصل بعلماء قريته ليقف على الحجج التي يرد بها على المجادل الخانق المعلم فلم ينل بغيته، ولم يحصل على طلبته، فامتلأت نفسه حسرة وندامة, وقرر السفر إلى الحرمين الشريفين, وهو يرى في كل عام المسافرين والآتين من مكة بدعوى أداء الحج، وقرر البقاء فيهما برهة من الزمن ليتفقه في دينه، ويتسلح بسلاح يقارع به الخصم، وينازل به العدو الذي طعن في عقيدة الإسلام وفي صدق رسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

وأرى أن أقف ههنا وقفة قصيرة لأذكر السامع الكريم بأن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم منذ مئات السنين فكروا وقدروا، ودبروا الكثير من المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين، ولمكافحة دعوته، وكسر شوكته؛ لأنهم علموا أنه لم تنكس له راية، ولم ينهزم في معركة - لما كان المسلمون على بصيرة من دينهم وعلى صلة بربهم - فأجمعوا كيدهم، وانطلقوا يضعون المخططات لمحاربة الإسلام، وإبعاد المسلمين عن حقيقة ما جاء به.

ومن تلك الخطط:

1- فتح المدارس الاستشراقية في بلاد المسلمين.

2- إرسال القسيس والرهبان ليشرفوا عليها.

3- غسل اذهان أبناء المسلمين وتشكيكهم في دينهم.

4- الهيمنة على برامج التعليم في البلاد الإسلامية.

5- إحياء الحضارات القديمة القومية لإبعاد المسلم عن حضارته الإسلامية.

6- تشويه التاريخ الإسلامي والتشكيك في حوادثه والطعن فيها.

7- العمل على إخراج المرأة المسلمة من بيتها بدعوى الحرية والتقدمية، وأنها شقيقة الرجل.

8- إشغال الرجال بها، وإخراجهم من مثلهم وآدابهم وأعرافهم وأخلاقهم بواسطتها.

9- تشجيع الطرق المنحرفة وإلباس مقدميها هالة من التقديس والتقدير وإعطائهم الصدارة والرفع من شأنهم.

10- الإكثار من المؤتمرات المسيحية لمكافحة الإسلام.

11- الإكثار من المناسبات المختلفة في بلاد المسلمين باسم الذكرى والعبرة لإيقاعهم في المشابهات المذمومة، والابتداع في شرع الله .

12- محاربة القرآن العظيم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بطبعه محرفاً، وترجمة معانية ترجمة باطلة لإثارة الجدل ونقده.

13- شن الافتراءات الباطلة على الإسلام لتشويه حقائقه تحت ستار العلم والبحث التكنولوجي المجرد. وغير ذلك كثير وكثير.

وفي أفريقيا بالذات الإكثار من الإرساليات التبشيرية، وإشاعة الكنائس الكبيرة فيها، وإعطاء من اختاروه من الأفارقة الرتب المسيحية لإغراء الرعاع والحطمة في التوغل فيها, وإدخال اللهو وبعض الشهوات في الكنيسة، وتخفيف بعض التعاليم المسيحية إلى درجة الإباحة بدعوى التسامح وإظهار أن الإسلام هو دين القسوة والتعنت والشدة، وبث المحطات الإذاعية القوية للتبشير بالمسيحية، وتشويه سمعة البلاد بأنها بلاد الوحوش والعراة والأدغال، وأكلة لحوم البشر ليتفردوا بخيراتها.

هذا وقد دخلوا في ربوع أفريقيا منذ خمسمائة عام - والعالم العربي المسلم غالبه يجهل إخوانه المسلمين في تلك البلاد، ويدع السرطان الخبيث يفتِكُ في عقائد أمة لو وجدوا مجدداً داعياً ناصحاً، وواعظاً مخلصاً لالتفوا حوله وسلموا الزمام له، واستجابوا لدعوته - وما أمر دعوة التضامن الإسلامي التي قام بها جلالة الملك فيصل رحمه الله، والتفاف زعماء أفريقيا مسلمهم وكافرهم حينما علموا إخلاصه وصدقه - ما أمرها عنا ببعيد.

إذاً فلا عجب من أن يسمع الشيخ الأفريقي رحمة الله عليه من ذلك الفرنسي ما لا يريد أن يسمعه عن الإسلام، وأن يعقد العزم على الرحيل إلى منازل الوحي، ومهبط الرسالة ليتلقى من علماء المسلمين فيها بعد أداء الحج - ما يدحض به الباطل، ويتزود من الدلائل والبيانات ما فيه شفاء ورحمة للمؤمنين.

إنها لهمة عالية ونية صادقة، وغيرة لله خالصة انبعثت من شاب مسلم لم يبلغ يومها العشرين عاماً، يصبر على مفارقة الآباء والأقرباء، والأنداد والأحباء, والوطن والمنصب، والحال أنه أصبح شخصاً مرموقاً يشار إليه بالبنان، قد ينال في المجتمع مرتبة يغبطه عليها أترابه من أبناء الزمان، ولكن الأمر كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ..} الآية, (الزمر: 37).

وصول الشيخ إلى الحرمين الشريفين

ولقد نفّذ خطته فعلاً، ووصل إلى مكة عام 1345 هـ وأدى فريضة حجه، وعندما وصل إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم اتصل بعالم جليل من أبناء جنسه وعشيرته يدعى الشيخ سعيد بن صديق, وكان يشتغل بالتدريس في المسجد النبوي، واشتهر بالعلم والإخلاص والصدق والتواضع، والكرم واللطف والنبل - ووصفه الأستاذ محمد بن سعيد دفتدار عندما ترجم له بقوله: "ولد عام 1310هـ وتوفي عام 1353هـ، وتخرج في العلم علي يدي الشيخ ألفا هاشم، وتربى في كفالته ولد في بلاد فلانة في بلدة قابيور فجدّ في طلب العلم من الشيخ ألفا حتى نال حظاً وافراً من العلم ..", إلى أن قال: "وفي الحرب العالمية الأولى ظل بالمدينة المنورة صابراً على لأوائها، ولما توفي الشيخ ألفا هاشم عام 1349هـ أخذ الشيخ سعيد مكانه وتصدى للتدريس في الفقه والحديث النبوي والتوحيد السلفي. وفي العهد السعودي اتصل بالشيخ عبد الله بن بلهيد فلما تحقق من فضله وعلمه عين مدرساً في المسجد النبوي، وعضوا في هيئة الأمر بالمعروف، وانتفع بعلمه كثير منهم الشيخ علي بن عمر والشيخ محمد قوني، وتوفي يوم الجمعة في رجب عام 1353هـ".

هذا هو الرجل الأول الذي اتصل به المترجم له في المدينة المنورة، وبالحقيقة فقد انتفع منه علماً، وخلقاً ونبلاً, وكان اتصاله به بمثابة تحول من حال إلى حال، وحياة إلى حياة، وبدأ يتعلم اللغة العربية من ألفها وساعده على سرعة التحصيل إخلاصه أولا بعد توفيق الله, وجده واجتهاده وثقافته الفرنسية التي هونت عليه الكثير من الأمور.

ولقد مكث الشيخ الأفريقي مع شيخه سعيد المذكور مدة قرأ فيها القرآن وشيئاً من كتب الفقه المالكي كمتن العشماوي، والأخضري، وابن عاشر والأزهرية وشيئاً من شروحها، ومتن الرسالة وبعض شروحها، ودرس عليه العقيدة السلفية وشيئاً من كتب الحديث كالأربعين النووية، والمختارة من الأحاديث للهاشمي، وجزء يسير من بلوغ المرام.

بعد ذلك حن إلى وطنه، وظن أنه قد حاز من العلم ما يهيئ له مقارعة الأعداء بالحجة والبيان، واستأذن شيخه في العودة إلى البلاد بعد أدائه الحجة الثانية وهو لا يدري ما سبق في قدر الله من الخير - ولما فرغ من أداء المناسك اجتمع بشيخ جليل من بني قومه يقيم بجدة وجرى نقاش علمي في مسألة فقهية فأدلى دلوه، وتقدم في الحديث على جلسائه، وسرد النصوص التي يحفظها من الكتب التي قرأها فقال له الشيخ: يا بني - وبكل بساطة وهدوء – "إن هذه المسألة ورد فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالف النصوص التي ذكرت، ويدل على غير ما قرأت"، وقرأ عليه حديثاً ملك مجامع قلبه، وألجم لسانه، وفند حجته، وامتلأ مهابة, وقال: إذاً, علام خالفت المتون هذا الحديث؟! فقال الشيخ: "يا بني, إن جميع المتون وكل الكتب تابعة لأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما سمعت ما قال الإمام مالك، وهو يرد فتوى سمعها عن أمير المؤمنين عمر: "كل كلام فيه مقبول ومردود سوى كلام صاحب هذا القبر وأشار إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِر}.

(النساء: 59)".

ومن يومها قرر عدم السفر وكان يقول: "فأجمعت أمري على العودة إلى المدينة المنورة لأتقوى في دراسة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظرت إلى زملائي المسافرين نظرة مودع مفارق فراق غير وامق، وقلت في نفسي: إذا كان ما تحصلت عليه لا يقنع مسلماً ليعود عما هو عليه، فلأن أعجز عن إقناع الملحد المعاند من باب أولى, وقلت لهم: بلغوا آلي أنني لن أعود إلى البلاد حتى يأذن الله، وغربة عن الأوطان في سبيل العلم والمعرفة خير من إقامة سعيدة بالأوطان على جهل وتبعية".

وأنا أدعك لتتصور لأواء الغربة، والحنين إلى الأوطان والصحبة, وأدعوك إلى أن تقرأ كتاب الحنين إلى الأوطان عل ذلك يدعو الطلاب للجد والاجتهاد والحرص على الفوز والنجاح في الدور الأول - إن شاء الله - ليتمكنوا من السفر في العطلة الصيفية، ويبلوا الصدأ، ويقضوا النهمة، ويعودوا بعد ذلك إلى الجامعة وهم أسعد حالاً، وأهدأ بالاً، وأزكى قلباً. والله المستعان.

وأسمعك ما قاله بلال بن رباح رضي الله عنه عندما هاجر, وأصابته الحمى واشتد عليه الأمر، كان يرفع عقيرته ويقول كما روت عائشة:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** بوادٍ وحولي إذخر وجليل

وهل أردنّ يوماً مياه مجنةٍ ** وهل يبدونّ لي شامة وطفيل



قالت: أما أبو بكر رضي الله عنه فكان إذا اشتدت به الحمى يقول:

كل امرئ مصبح في أهله ** والموت أدنى من شراك نعله



أقول: إن الشيخ الأفريقي رحمه الله فإنه قد عاد إلى المدينة فعلاً، وعاد إلى شيخه الشيخ سعيد، ولما رآه سر بعودته، وأنزله منزلة كريمة، وخصّص له أوقاتاً يتلقى فيها العلم في البيت والمسجد، وصار يصحبه معه في مجالس لعلماء، ليلقح ذهنه، وتوجه فكره، واتخذه التلميذ الخاص، ولو جاز التبني لتبناه، لا سيما أن الشيخ سعيد لم يرزق أولاداً.

وعندما افتتحت مدرسة دار الحديث بالمدينة عام 1350هـ وعين الشيخ مدرساً فيها, دعاه إلى الالتحاق بها، وكانت يومها مدرسة معنية بتدريس الحديث النبوي، وعلومه على أوسع نطاق، ويدرس فيها كبار العلماء، ومنهم الشيخ سعيد فوجد فيها بغيته، وكان مؤسسها العلامة الشيخ أحمد بن محمد الدهلوي رحمه الله - معنياً بالحديث، ومحدثاً مشهوراً أراد من تأسيس هذه الدار إنشاء جيل في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بصير بالحديث دراية ورواية, شأن مدارس الحديث في الهند إذ ذاك.

فالتحق الشيخ الأفريقي بها، ودرس فيها الصحاح والسنن، ومصطلح الحديث والفقه وأصولهما، وعلوم الآلة، ورأى مؤسس الدار منه الحرص الشديد على طلب العلم، وانقطاعه له، وإخلاصه فيه فازدادت محبته له، وجعل مكتبة الدار مذللة ه، وصار يشرف عليها ويرشده إلى المراجع وينمي فيه ملكة البحث والمطالعة.

وقد استفاد من دار الحديث فائدة عظيمة، وتعمق في الحديث وعلومه ساعده على ذلك وجود العلماء الأجلاء الذين يعلمون في دار الحديث - عد توفيق الله سأتحدث عن بعضهم عند الكلام على الشيوخ الذين تلقى عنهم العلم إن شاء الله - وكان تعلقه بالحديث تعلقاً عظيماً ملأ عليه شغاف قلبه، واستولى على لبه بحيث أصبح مشهوراً بين أقرانه وعند شيوخه برجل الحديث والمحدث.

وأذكر أنني كثيراً ما سمعته يتمثل بأبيات العلامة الذهبي رحمه الله عليه:

أهل الحديث عصابة الحق ** فازوا بدعوة سيد الخلق

فوجدوهم لألاء ناضرة ** لألاءها كفالق البرق



إشارة إلى الحديث الصحيح "نضر اللهُ امرأً سمع مقالتي فوعاها.." الحديث.

وكثيراً ما كان يردد أبياتا من منظومة الشيخ محمد سفر المدني صاحب رسالة الهدى:



وقول أعلام الهدى لا تعملوا ** بقولنا في خلف نص يقبل

فيه دليل الأخذ بالحديث ** وذاك في القديم والحديث

قال أبو حنيفة الإمام ** لا ينبغي لمن له إسلام

أخذ بأقوالي حتى تعرضا ** على الكتاب والحديث المرتضى

ومالك إمام دار الهجرة ** قال وقد أشار نحو الحجرة

كل كلام منه ذو قبول ** ومنه مردود سوى الرسول

والشافعي قال إن رأيتم ** قولي مخالفاً لم رويتم

من الحديث فاضربوا الجدار ** بقولي المخالف الأخبارا

وأحمدٌ قال لهم لا تكتبوا ** ما قلته بل أصل ذلك اطلبوا

دينك لا تقلد الرجالا ** حتى ترى أولاهما مقالا

فاسمع مقالات الهداة الأربعة =واعمل بها فإن فيها منفعة

لقمعها لكل ذي تعصب ** والمنصفون يكتفون بالنبي



ولقد حفظت منه حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي والطبراني بسند حسن من كثرة ذكره له - عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " اللهم ارحم خلفائي"، قال فقلنا يا رسول الله ومن هم خلفاؤك؟ قال: "الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي وسنتي، ويعلمونها الناس".

أقول: إنه مع حبه الجم للعمل بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عادلاً منصفاً لا يرضى لأحد من طلابه أو جلسائه أن يتنقض أحداً من العلماء والفقهاء ولا أن يتطاول على أحد ممن اشتهر بعلم الفقه وتدريسه أياً كان وشهدته مرة ينصح طالباً قال: ومن يكون هذا الرجل، وما هي منزلته يعني أحد علماء الفقه فقال له الشيخ مغضباً في الحال: "هو ممن أمرك الله بالدعاء والاستغفار له في قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (الحشر: 10), والله يقول: {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11).

وذكر له قصة الإمام علي رضي الله عنه وقد سأله رجل مسألة فقال فيها, فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن الأمر كذا وكذا, فقال علي رضي الله عنه: "أصبت وأخطأت وفوق كل ذي علم عليم".

وذكر له أيضاً أن ابن عباس وزيداً رضي الله عنهما اختلفا في الحائض تنفر، فقال زيد: لا تنفر حتى يكون آخر عهدها الطواف بالبيت، وقال ابن عباس لزيد: سل نسّابتك أم سليمان وصويحباتها, فذهب زيد فسألهن ثم جاء وهو يضحك، فقال: القول ما قلت.

ولا أحصي عدد ما سمعته رحمة الله علينا وعليه يدعو إلى الاعتدال والإنصاف وينشد أبياتا منسوبة لأبي عمر بن عبد البر قالها حينما سمع قائلاً يقول: "لو أتتني مائة من الأحاديث رواها الثقة, وجاءني قول عن الإمام قدمته", فقال ابن عبد البر: يعقب هذا القول:

لذا فإنه يتعين على العاقل البصير أن يعلم الفرق بين الاتباع والتقليد الأعمى، وأن يعود إلى أهل البصيرة في هذا الشأن، ليقف على حقيقة الأمر، ويعلم جليته، وبذلك يبعد بتوفيق الله من الوقوع في مثل ما وقع فيه من رد عليه الحافظ ابن عبد البر رحمه الله بالأبيات الدالة على عظيم عنايته، ومدى حرصه على التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنه بحمد الله قد ألف العلماء كتاباً في هذا الشأن يسترشد بها البصير ويستنير منها الراغب الخبير، ونحن في وقت عجت في المكتبات بالكتب المطبوعة والمخطوطة، وانتشر العلم، وعمت الثقافة بحيث أصبح العذر عديم الجدوى، والاحتجاج بالجهل قليل المفعول.

ومن هذه الكتب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، وإيقاظ الهمم للفلاني, والاعتصام للشاطبي، والقول المفيد للشوكاني، وإرشاد الناقد للصنعاني، ورفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية الحراني، وغيرها كثير وكثير.

ويعجبني في هذا الباب ما قاله منصور الفقيه المغربي رحمه الله:

خالفوني وأنكروا ما أقول** قلتُ: لا تعجلوا فإني سؤول

ما تقولون في الكتاب فقولوا ** هو نور على الصواب دليل

وكذا سنة الرسول وقد ** أفلح من قال ما يقول الرسول

واتفاق الجميع أصل وما ** تنكر هذا وذا وذاك العقول

وكذا الحكم بالقياس فقلنا ** من جميل الرجال يأتي الجميل

فتعالوا نرد من كل قول ** ما نفى الأصلُ أو نفته الأصول

فأجابوا, وناظروا وإذا العلم ** لديهم هو اليسير القلي



هذا ولم يقصر الشيخ الأفريقي استفادته وتلقيه من دار الحديث فقط بل كان يتردد على الحلقات العلمية في المسجد النبوي، والمسجد النبوي جامعة من الجامعات وموضع إعداد القياديين من رجال العلم والفكر، وأرباب الشهامة والكرامات من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وكان يومها يعج بالطلاب الذين ينهلون من المورد الصافي، ويتزودون من ميراث النبوة ما يحيي قلوبهم ويهذب أخلاقهم، وتقر به عيونهم ونفوسهم.

وقد ظل المسجد إلى عهد قريب هو المدرسة لكل العلوم، وكانت أسطواناته وسواريه مسنداً لظهور العلماء والفقهاء، والمحدثين والمفسرين يتحلق حولهم الطلاب، وينهلون من علمهم وفقههم العديد من الطبقات وعلى مختلف الأعمار والفئات.

يتجول المرء في المسجد ليستمع إلى تلك الدروس ومتى أصغى إلى شيخ وأعجب من أسلوبه، وتمكن من الفهم منه جلس مع الملتفين حول الشيخ وأخذ ما شاء الله له من الفوائد وانصرف.

وللصبية الصغار حلقات وكتاتيب عند مدخل المسجد النبوي أذكر منها كتاب الشيخ التابعي والشيخ الرحالي، والشيخ مولود، والعريف بن سالم والعريف مصطفى والعريف جعفر فقيه, وغيرهم. وكل كتاب منها يعتبر مدرسة تتكون من عدة مراحل دارسية لدراسة القرآن الكريم، وبعض المبادئ الدينية، والأذكار النبوية التي ينبغي أن يلم بها المسلم.

أما تدريس الصغار للعلوم الشرعية فإن على الآباء أن يختاروا لأبنائهم الفقيه الذي يختارونه لذلك سواء كان التعليم في البيت أو المسجد ما داموا صغاراً، فإذا بلغ السن التي تؤهله لحمل الكتاب، ومزاحمة الرجال انتقل الأبناء إلى حلقات المسجد، وبذلك تكون رابطة الفرد بالمسجد وعلاقته به من الصبا إلى ما شاء الله.

وقد ورد في الحديث ما يدل على أن التعلم والتعليم في المساجد من أفضل القربات، من ذلك ما روى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله، ومن دخل لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له".

وأنت خبير بقصة الثلاثة الذين دخلوا المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيه مع أصحابه فأقبل أحدهم، واستحى الثاني, وأعرض الثالث، فأعرض الله عنه, وقصة دخوله صلى الله عليه وسلم المسجد مرة وإذا بحلقة علم وحلقة ذكر فجلس مع أهل العلم، وقال: "إنما بعثت معلماً", ناهيك عن خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه للجُمع وبعض المناسبات.

ويذكر العلماء أن تميماً الداري استأذن عمر رضي الله عنهما أن يقص في المسجد فأذن له عمر، واستمع ابن عمر وابن عباس إلى عبيد بن عمير في المسجد، وكان معاذ يستند إلى سارية في مسجد دمشق، وتلتف الناس حوله ليقص عليهم.

أما الاشتغال بالتذكير والفتوى في المساجد والدور بالمناسبات فقد حصل من العديد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين وتابعيهم تولى بيان ذلك العلماء الذين عنوا بأخبار القصاص والوعاظ والمذكرين.

أقول: لذا فإن الشيخ الأفريقي رحمة الله علينا وعليه قد وجد ميراث النبوة وافراً بالمسجد النبوي، ووجد أساطين العلماء، وكبار المربين منتشرين فيه, ووجد العلم ثرا في الروضة اليانعة به. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا: "يا رسول الله وما رياض الجنة؟" قال: "حلق العلم".

فخاض الشيخ الأفريقي فيه ورتع، وأخذ من الثمار ما قدر له وكان للإخلاص والتقوى مفعولهما بعد توفيق الله وهو يقول: {وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} (البقرة: 282).

شيوخه وتلاميذه:

لقد لازم الشيخ رحمه الله علماء أفذاذاً في المسجد النبوي وبدار الحديث، أخص منهم بالذكر شيخه الأول سعيد بن صديق، والشيخ ألفا هاشم، والعلامة المصلح السلفي واللغوي محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري، شيخ شيوخ المدينة وعلمائها وأدبائها في أوساط هذا القرن والمتوفى عام 1363 هـ. قرأ عليه في المسجد النبوي التفسير والحديث، وعلوم الآلة, وكان الشيخ الأنصاري حفياً به ومقرباً له, معجباً من حرصه وإخلاصه وتحرر عقله في المناقشة والاستدلال، وخاصة في الحديث.

ولازم كلاًَ من الشيخ يونس بن نوح الأفريقي، والعلامة الجليل السلفي الورع الزاهد الشيخ صالح الزغيبي الذي كان إماماً للمسجد النبوي قرابة ربع قرن لم يتخلف طيلة هذه المدة عن الإمامة إلا مرتين أو ثلاث.

وتلقى على كل من الشيخ محمد سلطان المعصومي الأفغاني، والشيخ محمد سلطان المعصومي الأفغاني, وكان نادرة في معرفة الحديث وعلومه، وقرأ على زميله الشيخ محمد بن علي الحركان النحو والصرف، وعلى الشيخ محمد بن علي شويل الحديث وعلومه, وتردد على حلقات الشيخ إبراهيم بري، والشيخ محمد حميدة، والشيخ أحمد البساطي، والشيخ صالح الفيصل التونسي، والعلامة المحدث الشيخ محمد علي اللكنوى.

هذه بعض الدوحات التي استظل تحت ظلها، وجنى من ثمارها، وكرع من سلسبيل أنهارها، أما تلاميذه فكثيرون في الشرق والغرب وهنا وهناك, وفي العديد من القارات، فلقد نفع الله به نفعاً كبيراً في تدريسه بالمسجد النبوي، وفي مدرسة دار الحديث المدنية، وفي ينبع النخل حينما اختاره جلالة الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - ليقوم بها داعية متجولاً في جميع قراها عام 1364هـ.

وفي الرياض عندما كان مدرساً بالمعهد العلمي، وفي مسجد سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، وفي كلية الشريعة بالرياض، وفي منزله الذي كان مجمعاً للضيوف الذين لا يأخذ على قراهم أجراً، وإنما كانوا يقصدونه لأنه يجيد بعض لغاتهم الأفريقية, ويجيد اللغة الفرنسية.

ولأمر ما دعا النبي صلى الله عليه وسلم زيداً أن يتعلم العبرية, وكان يقصده بالذات المثقفون لما يجدون فيه من قبول للمناقشة والبحث، والفهم والوعي، والعلم والحلم، والصبر على الإيرادات التي يوردونها عليه ولا يجدون منه ضجراً ولا مللاً أو سباباً أو شتماً, وإنما كان يأخذهم كما يأخذ المنقذ الغريق الذي إن لم يحتل عليه أهلك منجده.

وهنا ينبغي للداعية أن يعلم أن أسلوب الفظاظة والغلظة والجفاء والشدة لا يسعد على خدمة الدعوة، وإنما يؤدي إلى العكس, لذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:159) ، وقال: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199)

ولا أريد هنا أن أعدد أسماء طلابه المبرزين, أو أشيد بأعمالهم وآثارهم وأذكر مناصبهم ومكانتهم الاجتماعية فإن ذكر ذلك لا يغني فتيلاً ولا ينفع نقيراً، ولا يزيد من قدر الشيخ رحمه الله شيئاً.

ولكني أسأل الله جل وعلا أن يبارك فيهم وفي علومهم، ويزيد من صلاحهم وتوفيقهم، وينفع الإسلام والمسلمين.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #109  
قديم 04-29-2009, 08:37 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow أبوعبد المعز محمد علي بن بوزيد بن علي فركوس



ترجمة الشيخ بخط أبي الوليد خالد بن صالح تواتي الجزائري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمــالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هدي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُهَا الذِينَ آمَنوُا اتَقُوا اللهَ حَقَ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَ إِلاَ وَأََنْتُمْ مُسْلِمُونْ﴾[آل عمران ۱۰۲]

﴿يَا أَيُهَا النَاسُ اْتًقُوا رَبَكُمْ الذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَـالاً كَثِيراً وَنِسَـاءً، وَاْتَّقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَام إِنَ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء ۱]

﴿يَا أَيُهَا الذِينَ آمَنوُا اْتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنوُبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾[الأحزاب ٧١-٧٢].

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بـدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فقد ورد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية في العديد من المواضع بيان فضل العلم والعلماء، فمن القرآن الكريم، قوله تعالى ﴿يَرْفَعِ اللهَ الذِينَ آمَنوُا مِنْكمْ وَ الذِينَ أُوْتوُا العِلْمَ دَرَجَات﴾[ المجادلة ۱۰]، وقوله ﴿(قـُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذِينَ يَعْلَمُونَ وَالذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[الزمر ٨]، وقوله ﴿إِنَمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاء﴾[فاطر ۲۷].

ومن السنة، قوله صلى الله عليه وسلم (العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ولكن ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)(١- أخرجه أبوداود كتاب العلم رقم(٣٦٤٣) والترمذي كتاب العلم رقم(٢٨٩٨) والدرامي في مقدمة سننه(٣٥١) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وصححه الألباني في صحيح الجامع(٦٢٩٧)).

أهل العلم هم الذين أحرزوا قصبات السبق إلى وراثة الأنبياء لعلمهم بفقه الكتاب والسنة وبهدي نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم ، فلا شرف فوق شرف وارث ميراث النبوة، نسأل الله تعالى أن يكون شيخنا أبو عبد المعز ممن نالوا تلك المرتبة إذ يعد حفظه الله تعالى حلقة وصل لمن مضى من سلف هذه الأمة المتبعين للدعوة المحمدية حقا: معتقدا ومنهجا وفقها وعلما، فهو منذ أن حاز نصيبا من العلوم الشرعية ونبغ فيها قام بالدعوة إلى الله، داعيا إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وفق منهج سلف هذه الأمة، لا يحابي في الحق أحدا، ولا يوالي على الباطل قريبا ولا بعيدا، جمع بين علمي النقل والعقل، يؤصــل الأجوبة ويستدل لهـا ويحقق المسائل دون تقليد لغير الدليل، ويدعو إلى السنة ويحارب البدعة بلسانه وقلمه، له تآليف وشروحات وتعليقات بلغت الغاية في الدقة والتحرير، فجزاه الله تعالى عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

هذا وقد طلبت من شيخنا أن يزودني ببعض المعلومات حتى أترجم له، فوافق جزاه الله خيرا، فقمت بإعداد هذه النبذة عن حياة شيخنا الطيبة وذلك في سطور، وسميتها بعد استشارة شيخنا "ترجمة شيخنا الأعز أبي عبد المعز". فأقول وبالله التوفيق

۱- اسم شيخنا ونسبه ومولده:

هوشيخنا أبوعبد المعز محمد علي بن بوزيد بن علي فركوس القبي، نسبة إلى القبة القديمة بالجزائر (العاصمة) التي كانت مسقط رأسه بتاريخ: يوم الخميس ٢٩ ربيع الأول ١٣٧٤ﻫ المـوافق لـ: ٢٥ نوفمبر ١٩٥٤م في شهر وسنة اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم.

٢ - نشأة شيخنا العلمية:

تدرج شيخنا أبو عبد المعز في تحصيل مدارك العلوم بالدراسة -أولا- على الطريقة التقليدية فأخذ نصيبه من القرآن الكريم وشيئا من العلوم الأساسية في مدرسة قرآنية على يد الشيخ محمد الصغير معلم، ثم التحق بالمدارس النظامية الحديثة التي أتم فيها المرحلة الثــانوية، وبالنظر إلى عدم وجود كليات ومعاهد عليا في العلوم الشرعية في ذلك الوقت كانت أقرب كلية تدرس فيها جملة من المواد الشرعية كلية الحقوق العلوم الإدارية التي أنهى دراسته بها، ولا تزال - طيلة مرحلته الجامعية - تشده رغبة أكيـدة وميول شديد للاستزادة من العلوم الشرعية والنبوغ فيها، فأكرمه الله تعالى بالقبول في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، فاستطاع أن يجد ضالته في هذا البلد الأمين، وقد استفاد أثناء مرحلته الدراسية من أساتذة وعلماء كرام -سواء في الجامعة الإسلامية وفي المسجد النبوي الشريف- ملازمة ومجالسة وحضورا، أمثال : الشيخ عطية بن محمد سالم -رحمه الله- القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة النبوية في موطأ مالك -رحمه الله- والشيخ عبد القادر بن شيبة الحمد، أستاذ الفقه والأصول في كليـة الشريعة، والشيخ أبوبكر جابر الجزائري الواعظ بالمسجد النبوي، وأستاذ التفسير بكلية الشريعة، والشيخ محمد المختار الشنقيطي -رحمه الله- أستاذ التفسير بكلية الشريعة، ومدرس كتب السنة بالمسجد النبوي، والشيخ عبد الرؤوف اللبدي أستاذ اللغـة (نحو وصرف) بكلية الشريعة، وأمثالهم، كما استفاد من المناقشات العلمية للرسائل الجامعية التي كان يناقشها الأسـاتذة والمشايخ، وكذا المحاضرات التي كان يلقيها فحول العلماء أمثال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- والشيخ حماد بن محمد الأنصاري -رحمه الله- وغيرهم. ثم عاد إلى الجزائر سنة ١٤٠٢ﻫ/١٩٨٢م ، فكان من أوائل الأساتذة الذين التحقوا بمعهد العلوم الإسلامية الذي اعتُمد رسميا في تلك السنة، وتعين فيه بعد ذلك مديرا للدراسات والبرمجة، ثم انتقل إلى جامعة محمد الخامس بالرباط -المغرب- قصد التفرغ لاستكمال أطروحة الدكتوراه التي حولها بعد ذلك إلى الجزائر العاصمة، فكانت أول رسالة دكتوراه الدولة التي نوقشت بالجزائر العاصمة في مجال العلوم الإسلامية، وهولا يزال بنفس الكلية يستفيد منه طلبة العلم داخل الجامعة وخارجها.

۳ - صفات شيخنا الخلقية والخلقية :

وشيخنا أبو عبد المعز _حفظه الله_ يتمتع بما وهبه الله من صفات بدنية وقوة جسمية منيعة، تظهر صفاته الخلقية من خلالها من كمال الهيئة وحسن السمت وجمال الوجه والمظهر، وهو قريب الشبه في شكله وصورته وصوته للشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- كمـا شهد بذلك من رآهما.

كما توجت سيرة شيخنا أبي عبد المعز الذاتية والعلمية بجملة من مكارم الأخلاق التي يعرفها طلبة العلم عنه، وهو على جانب كبير من التواضع وطيب الطبع وحسن الألفة والمعاشرة وجمال الخلق، يتوخى في دعوته أسلوب اللين بالحكمة والموعظة الحسنة، يدعو للحق سالكا منهج أهل السنة والجماعة، راكنا إلى أهلها يحبهم ويميل إليهم ويواليهم ويشــد على من يبغضهم ويعادي من يدعو على خلافهم، وهو قائم بالعدل، منصف مع الغير، يعظم العلم، يقبل النصيحة في الحق ويرجع إليه، ولا ينصر العامة على العلمـاء، ولا يجرئهم على التجاسر، ويشفق عليهم وهو رحيم بهم، ومن صفاته حسن الاستقبال والعشرة وعلو الهمة.

٤ - مؤلفات شيخنا العلمية :

هذا ولشيخنا أبي عبد المعز _حفظه الله_ مؤلفات علمية صدرت مطبوعة من دور النشر خارج الجزائر وداخلها وسلسلتين في الفقه، وتمتاز كتبه ورسائله بالدقة في الأسلوب الممتزج بين الأسلوب الأصولي والأدبي، وعباراته علمية دقيقة مسلسلة، بعيدة عن التعقيد اللفظي والتعصب المذهبي.

ومن مؤلفاته ورسائله:

١. تقريب الوصول إلى علم الأصول لأبي القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي المتوفى سنة ٧٤١ هـ، دار الأقصى _ القاهرة ١٤١٠ هـ.

٢. ذوو الأرحام في فقه المواريث _دار تحصيل العلوم ١٤٠۷هـ الموافق لـ ۱٩۸۷ م.

۳. الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل للإمام أبي الوليد الباجي المتوفى سنة ٤۷٤ هـ _ المكتبة المكية السعودية _

٤. مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ويليه كتاب مثارات الغلط في الأدلة للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الحسني التلمساني ۷۷۱هـ/۱۳۰۷ م _ مؤسسة الريان، الطبعة الأولى ١٤١٩هـ/ ١٩٩١م، دار تحصيل العلوم ١٤٢٠هـ / ۱۹۹۹م.

٥. مختارات من نصوص حديثية في فقه المعاملات المالية _ دار الرغائب والنفائس ١٤١٩هـ / ١٩٩٨م .

٦. الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول للشيخ عبد الحميد بن باديس المتوفى سنة ١٣٥٩هـ _ دار الرغائب والنفائس، الطبعة الأولى: ١٤٢١هـ / ٢٠٠٠م.

سلسلة فقه أحاديث الصيام

۷/۱. حديث تبييت النية _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الأولى ١٤١٩هـ / ١٩٩٩م

٨/٢. حديث النهي عن صوم يوم الشك _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الأولى ١٤١٩هـ / ١٩٩٩م.

۹/۳. حديث الأمر بالصوم والإفطار لرؤية الهلال _ دار الرغائب والنفائس، الطبعة الأولى١٤٢٢هـ / ٢٠٠١م.

۱۰/٤. حديث حكم صيام المسافر ومدى أفضليته في السفر _دار الرغـائب والنفائس، الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ / ۲٠٠۲م.

سلسلة ليتفقهوا في الدين

۱/١١. طريق الاهتداء إلى حكم الائتمام والاقتداء _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الثانية ١٤١٩هـ / ١٩٩٨م.

١٢/٢. المنية في توضيح ما أشكل من الرقية _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الثانية ١٤١٩هـ / ١٩٩٩م.

٣/۱۳. فرائد القواعد لحل معاقد المساجد _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الثانية ١٤٢٣هـ/ ٢٠٠٢م.

١٤/٤. محاسن العبارة في تجلية مقفلات الطهارة _دار الرغائب والنفائس، الطبعة الأولى١٤٢٠هـ/ ١٩٩٩م.

١٥/٥. الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد _ مكتبة دار الريان، الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ / ٢٠٠٠ م.

١٦/٦. مجالس تذكيرية على مسائل منهجية _ دار الرغائب والنفائس، ١٤٢٤هـ / ٢٠٠٣م.

١٧/٧. 40 سؤال في أحكام المولود _ دار الرغائب والنفائس، ١٤٢٥هـ / ٢٠٠٤م.

١٨/٨. العادات الجارية في الأعراس الجزائرية _ دار الرغائب والنفائس، ١٤٢٦هـ / ٢٠٠٥م.

١٩. مقال في مجلة "الرسالة" الصادرة من وزارة الشؤون الدينية تحت عنوان [حكم التسعير: هل التسعير واجب أم ضرورة في الشريعة الإسلامية؟].

٢٠. مقالة في مجلة "الموافقات" الصادرة من المعهد الوطني العالي لأصول الدين بالخروبة تحت عنوان [حكم بيع العينة]

٢١. مقالة في مجلة "منابر الهدى" تحت عنوان [إعتبار إختلاف المطالع في ثبوت الأهلّة وآراء الفقهـاء فيه]

مؤلفات قيد الإصدار :

١. من سلسلة ليتفقهوا في الدين العدد التاسع (حول مسائل الحج).

٢. الإنارة في التعليق على كتاب الإشارة.

٣. شرح وتعليق على العقائد الإسلامية للشيخ عبد الحميد بن باديس المتوفى سنة ١٣٥٩هـ.

ولشيخنا أبي عبد المعز _ حفظه الله _ مقالات نشرت ضمن أعداد من مجلة منابر الهدى وله إجابات عن أسئلة وردت عليه من مختلف جهات بلدنا الجزائر ومن غيره، منها المكتوب بخطه ومنها المسجل في أشرطة، فهي فتـاوى متنوعة ومؤصلة في العقيدة والمنهج وفي الفقه وأصوله، مما يدل على سعة مداركه العلمية.

هذا وليعلم أن الذي نكتبه عن شيخنا هو القليل من حياته العلمية، وإنا مما نشهد على مـا رأيناه من شيخنا حفظه الله تعالى: هو حسن أخلاقه وسمته وتواضعه مع طلبة العلم، ورحمته بهم كالوالد مع ولده، فهويقربهم إليه ويبسط لهم المسائل ويؤصلها لهم، ويعلمهم الكيفية المثلى في الإجابة، ويعقد لهم المجالس الخاصة فضلا عن العامة، في البيت والمسجد والجامعة، كما أنه يتعاهدهم ويسأل عنهم ويساعدهم على قضاء حوائجهم المادية فإن لم يستطع فبالتوجيه والكلمة الطيبة، كما أنه ينصحهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، ويرغبهم في التكتل على الحق واتباع منهج النبوة، ويرهبهم من التكتل على الباطل واتباع منهج الضلال، فهو الشيخ الفقيه بدينه الفقيه بواقعه، فجزاه الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء، وأثابه وإيانا الثواب الجزيل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #110  
قديم 04-29-2009, 08:38 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,665
Arrow ترجمة الشيخ عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم

ترجمة الشيخ عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم



لقد فجع أهل السنة والجماعة عند تلقيهم لخبر وفاته فضيلة الشيخ الدكتور عبدالسلام بن برجس بن ناصر آل عبدالكريم الذي وافته منيته ليلة السبت الموافق 13 - 2 - 1425هـ في حادث مروري مروّع في طريقه من الأحساء إلى الرياض.

والشيخ عبدالسلام معروف لدى علماء هذه البلاد المباركة ومشايخها، والدليل كثرة العلماء والمشايخ الذين حضروا للصلاة عليه، ولقد سمعت عدداً من المشايخ والفضلاء يقول: (لقد فاق علم الشيخ عبدالسلام سنه) ولقد قيل: (لو عُمر لكان آية) ولقد رأيت الكثير من العلماء وطلاب العلم متأثرين بفقده، فلقد كان مدافعا عن السنة منافحا عنها بنفسه وقلمه وماله.

ولقد مَنّ الله عليّ بالقرب من الشيخ فترة تعد قصيرة بالنسبة إلى عدد من أخلائه وأحبائه، وكنت في قربي منه إذا سمعت منه شيئا في ترجمته وأخباره قيدته، فاجتمع لي شيء من هذه الأخبار، وكلما ضمني به مجلس ذاكرته بها وكان يقول لي (أنا لست ممن يترجم له أنا أقل من ذلك)، والآن أرى أنه من أقل الواجب له أن أبرز هذه الترجمة على ما فيها من قصور. فأقول - مستيعنا بالله :

هو أبوعبدالرحمن عبدالسلام بن برجس بن ناصر آل عبدالكريم.

وأسرة آل عبدالكريم من الأسر المشهورة في حرمة التابعة لمحافظة المجمعة، وهذه الأسرة من المعامرة من بني سعد من بني تميم.

- ولد في الرياض في عام 1387هـ كما هو مثبت في بطاقة الأحوال الشخصية له، ونشأ في رعاية أبويه، وبيتهم بيت ديانة وصلاح، ولقد كان الشيخ من صغره ذكيا حازما مجدا مجتهدا.

حفظ القرآن، وبدأ في طلب العلم، وهو في الثالثة عشرة من عمره، ولاحظ مشايخه عليه علامات النبوغ والتميز فأوْلَوْه مزيد عناية واهتمام.

ولقد تتلمذ الشيخ على يد عدد من علماء هذه البلاد المباركة منهم :

الإمام العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ت 1420هـ - رحمه الله - لازمه فترة، وحضر العديد من دروسه خصوصا في بلوغ المرام لابن حجر، وتفسير ابن كثير وغيرها من الكتب.

ومنهم: الشيخ الفقيه الأصولي محمد بن صالح بن عثيمين ت 1421هـ - رحمه الله - وقد رحل اليه الشيخ عبدالسلام ما بين سنتي 1401 - 1403هـ في فترة إجازات المدارس النظامية، كما لازمه حينما بدأ الشيخ محمد دروسه في المسجد الحرام بمكة سنة 1402هـ، وكان يسكن معه قبل أن يصطحب الشيخ معه أهله إلى مكة، وغير ذلك من الأوقات، وقد قرأ عليه في كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية والعبادات من زاد المستقنع في الفقه، والأجرومية في النحو، ومختصر قواعد بن رجب للشيخ محمد، وصحيح البخاري قرابة النصف، وقد كان الشيخ محمد يجل الشيخ عبدالسلام ويقدره، ولقد رأيت هذا بنفسي. ومنهم الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين لازمه مدة أربع سنوات قرأ فيها عليه التوحيد لابن خزيمة، والنونية لابن القيم مع شرحها لابن عيسى، وقد حفظ منها الشيخ عبدالسلام قرابة الألف بيت، كما قرأ في زاد المستقنع مع الروض المربع، ومعارج القبول للشيخ حافظ الحكمي.

وقد استفاد الشيخ عبدالسلام من الشيخ ابن جبرين كثيراً.

ومنهم الشيخ المحدث العلامة عبدالله بن محمد الدويش ت 1409هـ قرأ عليه في فترة الإجازات النظامية في بريدة، قرأ عليه ألفية العراقي، وقطعة من سنن أبي داود.

ومنهم الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم - رفع الله عنه - درس عليه في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود في حاشية الروض لابن قاسم وفي دروس مسجده، ومنهم الشيخ فهد الحمين - حفظه الله - قرأ عليه في التوحيد والفقه، ومنهم الشيخ عبدالله بن قعود - رفع الله عنه - قرأ عليه في فتح المجيد .

ومنهم الشيخ الفقيه الأصولي عبدالله بن عبدالرحمن بن غديان درس عليه في المعهد العالي للقضاء.

ومنهم الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي ت 1410هـ حضر له دروساً في زاد المستقنع مع حاشيته عليها المسماة (السلسبيل في معرفة الدليل).

ومنهم الشيخ الدكتور عبدالكريم الخضير قرأ عليه في نيل الأوطار للشوكاني، وألفية العراقي في المصطلح،

ومنهم الشيخ الفرضي أ. د عبدالمحسن بن محمد المنيف قرأ عليه الرحبية في الفرائض في مكة سنة 1405هـ في رمضان.

هؤلاء بعض مشايخه الذين تلقى الشيخ عنهم على جادة أهل العلم، وأما دراسته النظامية، فقد تلقى الشيخ تعليمه في مدينة الرياض، فأخذ المرحلة الابتدائية فيها، ثم التحق بالمعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم التحق بكلية الشريعة في الجامعة وتخرج منها في 1410هـ، فعين بعدها مدرسا في المعهد العلمي في القويعية التي تبعد قرابة 170 كم غرب الرياض على طريق مكة، ثم سمت همته للدراسات العليا فالتحق بالمعهد العالي للقضاء وأكمل فيه دراسة الماجستير، وكانت رسالة الماجستير بعنوان: (التوثيق بالعقود في الفقه الإسلامي).

ثم عين قاضيا في وزارة العدل، ولكنه طلب الإعفاء فلم يعف إلا بعد جهد جهيد، ثم رشح بعدها في ديوان المظالم في مدينة جدة، ولكنه لم يمكث فيها إلا أسبوعاً واحدا، ثم ترك الديوان رغبة عنه، وطلبا للسلامة، وعاد إلى الرياض محاضرا في المعهد العالي للقضاء، وقد تحصل على الدكتوراة في 1422هـ في تحقيقه لكتاب (الفوائد المنتخبات شرح أخصر المختصرات) لعثمان بن جامع ت 1240هـ بالاشتراك، وكان المشرف عليه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وبعدها عين أستاذا مساعدا حتى وفاته - رحمه الله - .

ولقد كان - رحمه الله تعالى - غاية في الأدب، متواضعا معروفا بوداعته وأنسه وبشاشته مع والديه وشيوخه وأهل بيته ومجالسيه، وكل من خالطه يعرف عنه ذلك، لذلك كثر من تأثر بوفاته وحزن نسأل الله أن يجمعنا به في دار كرامته.

والشيخ عبدالسلام - رحمه الله - شاعر مجيد، قصائده في الذروة، وفي غاية من الرقة، وله مساجلات شعرية، وشعره يدل على فطرية هذه الموهبة، وعلى أنه لم يكن يتكلف كتابته، وكان شعره في أسماره ومحدودا بأصدقائه وأحبائه لو قدر أن تجمع لجاءت في مجلد لطيف يسر الله لها من يجمعها.

والشيخ عبدالسلام - رحمه الله - صاحب قلم سيال وعبارة رشيقة، له مؤلفات عديدة سارت بها الركبان، وشرقت وغربت وحصل بها نفع عظيم، وأول تأليف للشيخ كان قبل الثامنة عشرة من عمره، وهي كتب قيمة حصل بها النفع العظيم، وها أنا أذكر ما أعلمه منها وأذكر المطبوع وغير المطبوع.

1 - القول المبين في حكم الاستهزاء بالمؤمنين مطبوع في كتيب لطيف.

2 - إيقاف النبيل على حكم التمثيل مطبوع، في كتيب متوسط الحجم.

3 - التمني، مطبوع.

4 - عوائق الطلب، مطبوع.

5 - الإعلام ببعض أحكام السلام، مطبوع في كتيب لطيف.

6 - الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية، كتاب مطبوع لطيف الحجم في غلاف.

7 - ضرورة الاهتمام بالسنن، كتاب لطيف الحجم في غلاف.

8 -الأبيات الأدبية الحاصرة طبع مرتين.

9 - الأبيات العلمية الحاصرة ذكرها الشيخ في مقدمة كتابه السابق، وذكر أنه لم يتم بعد، وقد سألته قبل وفاته بخمسة أشهر فقال: إنه لم يتم، ولو تم لكان عجباً أطلعني الشيخ على موضوعين منه، ولو طبع على حالته التي تركها الشيخ عليه لكان نافعاً جداً.

10 - المعتقد الصحيح الواجب على كل مسلم اعتقاده، وهو في الأصل محاضرة ألقاها الشيخ في الجامع الكبير، وعقب عليها الشيخ عبدالعزيز بن باز وأثنى على الشيخ عبدالسلام - رحمهما الله - وقد أشار أحد المشايخ الفضلاء بطبعها فنزل الشيخ على رغبته، فطبعت عدة طبعات فحصل به نفع عظيم.

11 - إبطال نسبة الديوان المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوع في غلاف لطيف.

12 - مجموع شعر شيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوع بذيل الكتاب السابق.

13 - معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة، طبع عدة طبعات، وحصل به نفع عظيم، وهو كتاب فريد في بابه.

14 - الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم، وهو في الأصل فصل من الكتاب السابق، أشار إليه أحد المشايخ المقربين منه أن يفرده لأهميته، فنزل على رغبته، فأفرده، وزاد عليه، طبع كثيرا، وحصل به نفع عظيم.

15 - بيان المشروع والممنوع من التوسل، مطبوع.

16 - التوثيق بالعقود في الفقة الإسلامي، وهو بحث تكميلي تقدم به الشيخ لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء ولم يطبع.

17 - قطع المراء في حكم الدخول على الأمراء، وقد ألفه الشيخ بناء على طلب أحد المشايخ الفضلاء مطبوع في مجلد لطيف.

18 - الأحاديث النبوية في ذم العنصرية الجاهلية، مطبوع في كتاب متوسط الحجم.

19 - الخيانة: ذمها وذكر أحكامها، مصفوف وجاهز للطبع أخبرني الشيخ بذلك قبل وفاته بأربعة أشهر تقريباً.

20 - مشروعية هبة الثواب، مصفوف وجاهز للطبع.

21 - المحاضرات في الدعوة والدعاة: والكتاب عبارة عن قرابة ثلاث عشرة محاضرة ألقاها الشيخ، وقمت بتفريغها مع الأخ منصور بن مبارك السفري وقام الشيخ بمراجعتها وتهذيبها ثم صفت وهي جاهزة للطبع.

22 - شرح المحرر في الحديث لابن عبدالهادي ت 744هـ، وكانت له عناية بهذا الكتاب محباً له وراغبا في إتمامه، ولكنه قدر الله فلم يتمه الشيخ انتهى من كتاب الطهارة وغالب كتاب الصلاة.

23 - تدوين العقيدة السلفية جهود أئمة الإسلام في نشر العقيدة الإسلامية، وهو كتاب ممتع، وفيه فائدة وهو عبارة عن جمع لكتب السلف في العقيدة مع تراجم مختصرة لأصحابها، وكان الشيخ ينوي أن يجعله على جزءين الأول من القرن الأول وحتى نهاية القرن السابع، والثاني من بداية القرن الثامن، وحتى هذا العصر والشيخ أتم الجزء الأول، وأما الجزء الثاني فلم يشرع فيه حسب علمي القاصر.

والأول مصفوف وجاهز للطبع، وفي مكتبتي صورة منه.

24 - كتاب في الفقه وكان الشيخ يذكره كثيرا، ويذكر أنه يحرر فيه، ويدقق ولا أدري كم قطع الشيخ فيه.

25 - تراجم لبعض العلماء ولا أدري ما خبره، ذكره لي الشيخ الفاضل عبدالكريم بن محمد المنيف، وذكر أن الشيخ عبدالسلام ذكره له.

26 - بيان مشروعية الدعاء على الكافرين بالعموم، وهي رسالة لطيفة الحجم في هذه المسألة في ثماني صفحات مطبوعة ومنتشرة.

27 - ضرب المرأة بين حكم الشرع وواقع الناس.

وربما أن هناك أشياء أخرى لا أعلم بها، كما أن للشيخ عددا من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات، وللشيخ عناية بكتب علماء الدعوة النجدية تحقيقا ونشرا وسعيا في نشرها، والعناية بها، فله الفضل بعد الله عز وجل في إعادة طبع كتاب (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية) والتي طبعت عام 1346هـ؛ ولقد قام - رحمه الله - بتحقيق الكثير من الرسائل التي صدرت في سلسلتين الأولى بعنوان: (سلسلة رسائل وكتب علماء نجد الأعلام) والثانية بعنوان (من رسائل علماء نجد الفقهية)، وهي على النحو التالي :

1 - دحض شبهات على التوحيد للشيخ عبدالله أبابطين.

2 - الفوائد العذاب للشيخ حمد بن معمر.

3 - الرد على القبوريين للشيخ حمد بن معمر.

4 - الضياء الشارق للشيخ سليمان بن سحمان.

5 - سؤال وجواب في أهم المهمات للشيخ عبدالرحمن بن سعدي.

6 - تحفة الطالب والجليس للشيخ عبداللطيف آل الشيخ.

7 - الصواعق المرسلة الشهابية للشيخ سليمان بن سحمان.

8 - الرد على شبهات المستعينين بغير الله للشيخ أحمد بن عيسى.

9 - كشف الشبهتين للشيخ سليمان بن سحمان.

10 - إقامة الحجة والدليل للشيخ سليمان بن سحمان.

11 - شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور للشيخ محمد بن إبراهيم.

12 - الرد على جريدة القبلة للشيخ سليمان بن سحمان.

13 - التحفة المدنية في العقيدة السلفية للشيخ حمد بن معمر.

14 - أصول وضوابط في التكفير للشيخ عبداللطيف آل الشيخ.

15 - نصيحة مهمة في ثلاث قضايا لمجموعة من علماء الدعوة.

16 - منهاج أهل الحق والاتباع للشيخ سليمان بن سحمان.

17 - الرسائل الحسان للشيخ عبدالله بن حميد.

18 - نصيحة في التحذير من المدارس الأجنبية للشيخ عبدالرحمن بن سعدي.

19 - التأسيس والتقديس في كشف تلبيس دواد بن جرجيس للشيخ عبدالله أبابطين.

ومن السلسلة الثانية:

20 - الجهر بالذكر بعد الصلاة للشيخ سليمان بن سحمان.

ورسالة منفردة:

21 - مناصحة الإمام وهب بن منبه لرجل تأثر بمنهج الخوارج.

22 - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات لابن جامع النجدي، وقد حققه الشيخ، وتقدم به للمعهد العالي للقضاء لنيل درجة الدكتوراه في الفقه المقارن، وقام بتحقيق الكتاب من أوله إلى آخر باب الهبة، ولقد كان المشرف على الرسالة سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ - أمد الله في عمره - .

وهناك كتب أخرى قام الشيخ - رحمه الله - بتحقيقها، ولكنها لم تطبع.

ولقد كان الشيخ عبدالسلام حريصا على نشر الكتب العلمية عموما، وكتب علماء الدعوة خصوصاً، وكان ربما صور المخطوطات، أو سعى في تحصيلها لمن يقوم بتحقيقها، وقد أحصيت أكثر من ثلاثين - ما بين - كتاب ورسالة يذكر محققوها أنهم استفادوا بعض النسخ في تحقيقهم من مكتبة الشيخ - رحمه الله - وهناك الكثير من أخباره ومآثره التي يصعب حصرها هنا، فلعل الله ييسر جمعها وتبويبها.

أسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه، وأن يجمعنا به في دار كرامته، وأن يغفر لنا وله ولوالديه ولإخوانه ولمحبيه وألا يحرمنا أجره وألا يفتنا بعده، آمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.