ضعف العامل المتأخر

[عزام محمد ذيب الشريدة]

ضعف العامل المتأخر

يقول سيبويه في الكتاب:العامل المتأخر يضعف ،ويمثل على ذلك بقوله :زيدا قائما أظن ،هذا يضعف كما يضعف زيدا قائما ضربت(1)ويرى ابن هشام في المغني أن لام التقوية جيء بها بسبب ضعف العامل المتأخر ،ويمثل على ذلك بقوله تعالى"إن كنتم للرؤيا تعبرون" "و"هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون" أو لضعف العامل بكونه فرعا في العمل ، كقوله تعالى"فعّال لما يريد"وقوله تعالى"مصدِّقا لما معهم"(2)
وفي حقيقة الأمر،إن هذا الكلام غير دقيق ،فالعامل المتأخر قوي كما هو الحال في العامل المتقدم ،وأن المتكلم يلغي ويعمل بحسب الحاجة المعنوية وبحسب المعنى الذي يريد إيصاله للمتكلم ،فبإمكان المتكلم أن يقول:زيدا قائما أظن "إذا بنى كلامه على الشك، وهي جملة واحدة ،ويقول:زيد قائم أظن إن بنى كلامه على اليقين،وهما جملتان وباستطاعته أن يقول:زيد قائم ضربت وهما جملتان،وزيدا قائما ضربت وهي جملة واحدة" فإن بدأت لتخبر بالشك أعملت على كل حال ،وإن بدأت وأنت تريد اليقين ثم أدركك الشك رفعت بكل حال (3) فهناك علاقة احتياج معنوي بين الطالب المطلوب سواء أتقدم الطالب أم تأخر ،ومن الملاحظ في حالة الإعمال أن المتكلم ينصب المفاعيل قبل ذكر الفعل ،لأنه يريدها أن تكون مفاعيل للفعل القادم وبينهما علاقة احتياج معنوي ،مما يعني أن المتكلم يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
أما قولهم :إن اللام هي لام التقوية ،وجيء بها من أجل ضعف العامل المتأخرأو ضعف العامل الفرع في العمل ، فهو كلام غير دقيق ،لأن الله تعالى يقول:أئفكا آلهة دون الله تريدون"فلم يأت باللام ،وقال تعالى"أفحكم الجاهلية يبغون"ولم يأت باللام ،وقال تعالى"والذاكرين الله كثيرا"فلم يأت باللام.
وفي رأيي أن هذه اللام يؤتى بها من أجل التوكيد (4)لأن الكلام يكون بحسب الحاجة المعنوية عند المتكلم ،فقد قال تعالى"هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون"فقد جاءت اللام لتوكيد التخصيص"(5) وقول الخننساء عن أخيها صخر:وللحروب غداة الروع مسعار ،فاللام تأتي بحسب الحاجة المعنوية إليها، وقد لا تأتي كقوله تعالى"أفحكم الجاهلية يبغون" وكقول العرب"آلحربَ أنت وقادُها.
فالإنسان يتحدث تحت رعاية الحاجة المعنوية وعلامات أمن اللبس.
===================================
(1)سيبويه- الكتاب-ج1 ص61
(2)ابن هشام-المغني -ج1 ص217
(3) الهمع-ج1ص153
(4)فاضل السامرائي-معاني النحو ج3 ص73-75
(5)السابق-نفس الصفحة