أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
1483 | 151323 |
#1
|
|||
|
|||
سلسلة مقال الخطيب (25) : { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ }.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولي المؤمنين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد: فيقول الحق – سبحانه - : { وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفرقان : 72] . إن من أوصاف أهل الإيمان التحلي بكل خلة نبيلة ، و التجمل بكل خصلة حميدة ، فهم يترفعون عن كل ما لا منفعة فيه من فضول القول والعمل . وقد ذكر الله – تعالى – في الآية وصفاً جليلاً من أوصاف المؤمنين الكمل ، فقال :{ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } " أي : الباطل من قول أو عمل ، فعباد الرحمن لا يحضرون مجالس الباطل كمَجَالِس الفِسْق واللَّغْوِ ، ومَجَالِس السُّوءِ والمنكر ، ولا يشهدون بالكذب . ومن أعظم ما يدخل ضمن الزور أعيادُ المشركين وألعابُهم ، فهي أقبحُ المجالسِ لاشتمالها على الشركِ باللهِ – تعالى – والإخلالِ بالآدابِ ، وذهابِ المروءاتِ ، وتفسخِ الأخلاقِ . قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ – رحمَهُ اللهُ - : " وأَمَّا أعيادُ المشركينَ فجمعَت الشبهةَ ، والشهوةَ ، والباطلَ ولا منفعةَ فيها في الدينِ . وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم فصارت زوراً ، وحضورها شهودها " ( اقتضاء الصراط المستقيم : ص/ 183 ) . يشير إلى قَوله - تَعَالَى -: { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } . ومن أقبح أعيادهم ما يسمى بـ ( الكريسمس ) الذي يقيمه النصارى عيداً لميلاد عيسى - عليه السلام - في كل عام ، فتقام له الاحتفالات في الكنائس منهم من يقيمها في أواخر الشهر الأخير من العام الميلادي ، ومنهم من يقيمها في أوائل الشهر الأول من العام الجديد . ومثله في القبح عيد رأس السنة الميلادية الذي يقام في آخر ليلة من العام الإفرنجي . ومما يؤسف له أن بعض أبناء المسلمين يشاركون في هذه الاحتفالات معهم في كنائسهم ، وآخرون من أبناء المسلمين يقيمون الاحتفالات في هذه الأيام التي يتخللها كثير من المنكرات من أقلها اختلاط الرجال بالنساء المتبرجات مصحوبة بالرقص والغناء وشرب الخمور . ومن التقليد الأعمى لهم جعل يوم رأس السنة الميلادية عطلة رسمية ، ومن التبعية النتنة تبادل التهاني بين المسلمين بالسنة الميلادية الجديدة وكل هذا يجري على سنة تبعية المغلوب للغالب . وكل هذه الأفعال من شهود الزور الذي يتنزه عنه أهل الإيمان . قَالَ مُجَاهِدٌ والرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالضَّحَّاكُ وأبو العالية وطاووس – في قوله : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } : أَعْيَادُ الْمُشْرِكِينَ . وقال عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ :{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي : لَا يماكثون أَهْلَ الشِّرْكِ عَلَى شِرْكِهِمْ وَلَا يُخَالِطُونَهُمْ " . وقال ابن سيرين : الزور هو الشَّعانِين ، والشعانين : عيد للنصارى يقيمونه يوم الأحد السابق لعيد الفصح ويحتفلون فيه بحمل السعف ، ويزعمون أن ذلك ذكرى لدخول المسيح بيت المقدس . وقد حذر كبار الصحابة والأئمة المهديين من شهود أعياد المشركين ، فعن عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أنه قَالَ : " لَا تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الْأَعَاجِمِ وَلَا تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَإِنَّ السُّخْطَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ " ( رواه البيهقي ) . وَقَالَ عُمَر بن الخطاب – رضي الله عنه – أيضاً - : " اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي عِيدِهِمْ " . وَقَالَ عبد الله بْن عمَرو : " مَنْ صَنَعَ نيروزهم وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وهو كذلك، ولم يتب حُشِرَ مَعَهُمْ يوم القيامة " ( رواه البيهقي ) . وبالجملة فقد اتفق أهل العلم على تحريم حضور أعياد أهل الكتاب والتشبه بهم فيها وقد نص على ذلك فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم . وأقبح ما في عيد الكريسمس أنه يعبر عن ميلاد عيسى – عليه السلام – الذي يزعمون أنه ابن الله – تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّماوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم : 88 - 93] . وقال – تعالى - :{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [التوبة : 30 ] . ومن الأوجه الظاهرة في التدليل والتعليل على تحريم هذه المنكرات الفاجرة : الأول / إن الله – تعالى – قد أنعم علينا بعيدين هما عيدا أهل الإسلام ومقصودهما شكر الله على نعمه الدينية والدنيوية وفيهما تكبير الله وتعظيمه ، والفرح والسرور المباح المأذون فيه المشتمل على الحشمة والعفة والتوسعة على الأهل والأولاد وهذان العيدان جعلهما بدلاً عن أعياد الجاهلية فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: - قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – اَلْمَدِينَةَ , وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا. فَقَالَ: "قَدْ أَبْدَلَكُمُ اَللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ اَلْأَضْحَى, وَيَوْمَ اَلْفِطْرِ " ( رواه أبو داود وصححه الألباني ) . الثاني / لا يجوز إحداث عيد يحتفل به المسلمون غير عيدي الأضحى والفطر، لأن الأعياد من جملة الشرائع والمناسك ، قال – تعالى -: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج : 67] . وقال نبينا – صلى الله عليه وسلم - : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ( وتفق عليه ) . الثالث / إن مشاركتهم في هذه الأعياد وإقامة الحفلات الماجنة من اتباع أهوائهم التي منعنا من اتباعها . قال الله - تعالى -:{ ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} [الجاثية: 18]، وقال – تعالى -: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة : 120] . الرابع / إن هذا من التشبه بهم وقد نهينا عن مشابهتهم ، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " (رواه أبو داود وصححه الألباني) . قال الصنعاني: " فإذا تشبه بالكافر في زيٍّ واعتقد أن يكون بذلك مثله كَفَر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم من قال يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر؛ ولكن يؤدب " (سبل السلام : 4/175). الخامس / إن في إقامة الأعياد والسفر إلى أماكن الحفلات مودة لهم ، وَقَدْ سُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ الرُّكُوبِ فِي السُّفُنِ الَّتِي رَكِبَ فِيهَا النَّصَارَى إلَى أَعْيَادِهِمْ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ نُزُولِ السُّخْطِ عَلَيْهِمْ بِشِرْكِهِمْ . الَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ } فَيُوَافِقُهُمْ وَيُعِينُهُمْ { فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }[المائدة:51] . أتحبُّ أعداءَ الحبيبِ وتَدَّعِي *** حُبًّا لهُ مَا ذاكَ في الإمكانِ وقال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: " المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر " (اقتضاء الصراط : ص/ 221 ) . السادس / إن في المشاركة في هذه الأعياد وإظهارها تقوية لأهل الكفر ، وإظهاراً لدينهم وذلك يفضي إلى دروس الإسلام وذهاب السنن ، كما نبه شيخ الإسلام – رحمه الله – على " أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين، كما أن أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم " . " وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ : فَلَا يُعَاوَنُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عِيدِهِمْ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِ شِرْكِهِمْ وَعَوْنِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ . وَيَنْبَغِي لِلسَّلَاطِينِ أَنْ يَنْهَوْا الْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ " ( مجموع الفتاوى : 25/326 ) . السابع / إن هذا العمل يؤدي إلى انتشار الأعياد الشركية والبدعية في أمة الإسلام ، وهو الحاصل عند كثير من الجهلة من هذه الأمة ، كعيد رأس السنة الهجرية وعيد الربيع ( النيروز ) ، وعيد الحب ، وعيد الأم ، وأعياد الموالد الدينية كالمولد النبوي ومولد البدوي وغيرهما ، وأعياد الميلاد الخاصة . وقد قال الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم - : " لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ: فَمَنْ " ( متفق عليه ) . اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا |
#2
|
|||
|
|||
سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: بعض المسلمين يشاركون النصارى في أعيادهم، فما توجيهكم؟. فأجاب: «لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم، بل يجب ترك ذلك؛ لأن «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (1)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء لأنها أعياد مخالفة للشرع، فلا يجوز الاشتراك فيها، ولا التعاون مع أهلها، ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها؛ ولأن الله - سبحانه - يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (المائدة: 2). فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان (2). __________ (1) رواه أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح. (2) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (6/ 405). *** |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|