أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
101830 187381

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-24-2014, 05:05 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي سلسلة مقال الخطيب (30) : موقف المسلم من إذاعة الشائعات في الفتن والأزمات .



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد :

فقال الله – تعالى - : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً } [النساء : 83] .

لقد اشتملت الآية المباركة على ثلاثة مقاصد رئيسية : اثنين في بيان موقف المسلم من الأخبار زمن الفتنة ، وثالث في بيان السبيل المنجي من متابعة الشيطان .

أما المقصد الأول / فهو بيان أن إذاعة الشائعات في الفتن والأزمات دون تثبت من صفات المنافقين وضعفاء الإيمان . وقد دل عليه قوله : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} أي أفشوه ، قاله ابن عباس – رضي الله عنهما - .

قال السعدي – رحمه الله - : " هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر"( التفسير :ص/ 190).

وقال ابن كثير - رحمه الله – في الآية : " إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها ، فيخبر بها ويفشيها وينشرها ، وقد لا يكون لها صحة " ( التفسير : 2/ 365 ) .

وقد حذر النبي – صلى الله عليه وسلم - من ذلك ، لأنه يؤول إلى الكذب فعن أبي هريرة – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "كفى بالمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع " (مسلم/مقدمة ) .

وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قيل وقال " . قال ابن كثير – رحمه الله - : " أي : الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تَثبُّت ، ولا تَدبُّر ، ولا تبَيُّن " ( التفسير : 2/ 365 ) .

فنقل الأخبار دون تثبت مركب بئيس يوصل صاحبه إلى كل هلاك وضلال وشقاء ، وإلى كل نهاية سيئة ، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بئس مطية الرجل زعموا " ( صحيح الجامع رقم : 2846 ).

فبث الشائعات وقت الفتن والأزمات فيه مفاسد كثيرات ، منها :

إضعاف إيمان المؤمنين ويقينهم ، وإضعاف توكلهم على الله ، وتقنيطهم من رحمته ، وتبعث على عدم حسن ظنهم بالله – تعالى - .

ومنها تحزين للمؤمنين ، وتخويفهم من أعدائهم ، وتثبيط لهم عن القيام بمصالحهم ، وبث للرعب في قلوبهم .

ومنها اضطراب مصالح الناس المعيشية ، واستغلال الجشعين من التجار وأصحاب المصالح لها في منافعهم الخاصة من غلاء الأسعار واحتكار السلع ونحو ذلك .

ومنها تتفشى الغيبة ، ويكثر البهتان والكذب والافتراء بين الناس ، وتسوء الظنون .

ومنها يحصل التضليل والتعمية من قبل الأعداء والحاقدين مستغلين الفضائيات ونحوها حتى ينتشر الجهل ، وتغيب الحقيقة عن الناس .

والمطلوب : التبين والتثبت من الأخبار ، في كل الأوقات والأحوال بصورة عامة وفي قت الأزمات والفتن بصورة خاصة كما قال - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [ الحجرات : 6 ] .

ومن التبين ما تضمنه المقصد الثاني :

وهو / بيان أن الواجب إرجاع كل خبر إلى الشرع ، ومعرفة قول العلماء الراسخين فيه . كما دل عليه قوله – تعالى - : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } .

قال السعدي – رحمه الله - : " وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ " ( التفسير :ص/ 190 ) .

والعالم الذي تسند إليه الفتوى في النازلة ، وترد إليه أخبارها للنظر فيها هو من وصفه ابن القيم – رحمه الله – بقوله - :" العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في أحكام النوازل يقصد فيها موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت " (إعلام الموقعين:4/212).

فإذا أسندت الفتوى في النازلة إلى غير العالم الراسخ حصل الضلال والفساد ، واضطربت أحوال البلاد والعباد ، كما يوضحه ذلك ما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ،وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً ، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا " . متفقٌ عَلَيْهِ .

وقد حذر النبي من تكلم الرويبضات وتصدر السفهاء في شؤون الأمة ومصالحها العامة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : « سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَتَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ » قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ : « الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ » ( صحيح الجامع برقم : 3650 ) .

وأما المقصد الثالث / فهو في بيان أن المانع من مسالك الشيطان في الفتنة هو حفظ الله بتوفيقه وتعليمه . كما قال – تعالى - : { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً} .

قال السعدي – رحمه الله - : " { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي : في توفيقكم وتأديبكم ، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون ، { لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا } "( التفسير :ص/ 190 ) .

فالسبب الذي أوجب حفظهم وعدم اتباعهم الشيطان هو ( التوفيق ) ، ( والتعليم ) . فالله – سبحانه – هو الذي يحفظ المؤمنين ويوفقهم إلى مصالح دينهم ودنياهم بما يدركونه من معرفة أسرار أصول المصالح وتفاصيلها المبثوثة في الإسلام والسنة .

قال ابن القيم – رحمه الله - : " وقد دارت أقوال السلف على أن فضل الله ورحمته الإسلام والسنة "( اجتماع الجيوش الإسلامية /ص 3 ـ 6 ) .

وقال الذهبي رحمه الله : ". . . قال مجاهد : " ما أدري أي النعمتين أعظم ، أن هداني للإسلام ، أو عافاني من هذه الأهواء " قلت : مثل الرفض والقدر والتجهم "(السير:4/455).

و" كان أبو العالية يقول : ما أدري أي النعمتين علي أفضل : نعمة أن هداني للإسلام ، ونعمة إذ لم يجعلني حرورياً " ( شعب الإيمان للبيهقي : 4/121).

فالذي يريد الأمن في الدارين ، والاهتداء التام إلى المصالح العاجلة والآجلة ، وإلى كل منفعة مرجوة ، والخلاص من الضرر الواقع والمتوقع ؛ فعليه بلزوم الإسلام والسنة .

وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله ( يعني : أحمد بن حنبل ) : " من مات على الإسلام والسنة ، مات على الخير ؟ فقال : اسكت ، بل مات على الخير كله " ( السير : 11/ 296 ) .

{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58] .



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-25-2014, 05:08 PM
غانم المهنا غانم المهنا غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 1
افتراضي

جزاك الله خير شيخنا والله صدقت كلامك عسل
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-27-2014, 07:17 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


وجزاك الله مثله
أخي الحبيب
غانم المهنا
وزادك ربي من فضله


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:06 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.