أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
12555 100474

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-01-2014, 02:16 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
Exclamation الشيخ العيد شريفي - تعيين ليلة القدر (سرد محتوى الكتاب)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا موضوع فقهيٌّ
يتناولُ مسألة
تحديد ليلة القدر متى تكون؟
وهل هي تسبق نَـــــــــــهارها -كما هو مشتهر- أم أنّها تلــــيه؟

__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-01-2014, 02:43 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

قال الشيخ العيد شريفي الجزائري -حفظه الله-:
المقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله
.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70 ـ 71]
أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمّد -صلى الله عليه وسلم-، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾
وروى ابن ماجة في «سننه» (1644) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال:دخل رمضان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم).
وقال الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب»(1/586): «حسن صحيح»
.

عند مراجعتي مسألة ليلة القدر ـ هذا العام ـ كما يتطلّبه المنهج العلمي الصّحيح، لعلّي أجد دليلا لم أطّلع عليه من قبل ـ وما أوتيت من العلم إلا قليلا ـ
أو يفتح الله علي بفهم يساعدني على إصابة الحق؛ تيقّنت أنّه لا ينجو من رقّ التقليد إلا من رحمه الله وعصمه
وذلك لما يلي
:
أ – حسن الظّنّ بالعلماء والمبالغة في تعظيمهم يجعلك تقبل أقوالهم معرضا عن الدّليل والاستدلال، وهذا حال غالب النّاس اليوم، بل هو حال المشتغلين بالعلم،
ينظرون
«إلى من قال، لا إلى ما قال، ولا يعرفون الرّجال بالحق، بل يعرفون الحق بالرجال، كلاّ! إنّ اتّباعهم الهوى في الرّجال، يصرفهم عن معرفة الحقّ وعن طلبه،
فلا يقبلونه ممن لم يوافق أهواءهم، ولكنهم يقبلون الباطل ممن فتنوا بهم، وصاروا موضع ثقتهم، وهذا من أكبر البلاء على الناس؛ إذ لا ترتقي أمّة منهم إلا إذا كثر المستقلّون فيها بالحكم على النّاس وعلى الأقـوال، الذين يطلبون الحـقّ لذاتـه، ويجعلونـه هـو الميزان لمعرفة الناس ومعرفة الأشياء
»([1]).
والواجب على الباحث الجادّ أن ينظر في أدلّة العلماء وما بنوا عليه آراءهم، لا أن يقصر نظره على أقوالهم المجرّدة، ورحم الله الإمام الشافعي حيث يقول في «الرسالة» (ص21):
«...
وكذلك أخبرهم عن قضائه فقال:﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾[القيامة 36]، والسُّدى: الذي لا يُؤمر ولا يُنهى.
وهذا يدلّ على أنه ليس لأحد دون رسول الله أن يقول إلا بالاستدلال بما وصفت في هذا، وفي العَدل، وفي جزاء الصيد، ولا يقول بما استحسن، فإن القول بما استحسن شيءٌ يُحدِثه لا على مثالٍ سبق»
.

ب – الرّكون إلى الكثرة اعتقادا أنّ الحقّ لا يتعدّاهم، والاعتماد
على الجمهور لأنهم مدعاة إلى الطّمأنينة، ومظنة إصابة الحقّ، عكس القلّـة، حتّى أصبح اسم الجمهـور سوطًـا يضرب بـه في وجـه مـن تمسّك بالدليل، فنزعت هيبةُ النّصوص الشّرعيّة من النّفوس، وألبَسوها الجمهورَ، ورحم الله شيخي المحدّث عبد الغفّار الهندي الذي درّسني مادّة الفقه من كتاب (نيل الأوطار)، كان كلّ ما وجد الجمهور مالوا إلى رأي خالفهم فيه إمام من الأئمّة يقول: (إنّا لا نخاف سطوة الجمهور، إنّما القوّة بالدليل).
قال الإمام أبو محمد علي بن حزم الأندلسي ـ رحمه الله ـ في «النّبذة الكافية في أحكام أصول الدين» (ص47 ـ 48): «وإذا خالف واحدٌ من العلماء جمـاعـةً فلا حجَّـة فِي الكَثرة؛ لِأنّ الله تعالى يقول ـ وقد ذكر أهل الفضل ـ ﴿وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص:23]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء:58]، ومنازعة الواحد مُنازعَة توجب الـــرَّد إلى القُرآن والسّنّة، وَلم يَأمــر الله تَعالى قـطّ بِالرّدِّ إلى
الأَكثر، والشّذوذ هُوَ خلاف الحقّ وَلَو أَنّهم أهل الأَرْض لا واحِد.
برهَـان ذلِك أنّ الشّذوذ مَذمُـوم وَالحـقّ مَحمُـود، وَلَا يجـوز أَن يكون المذموم مَحمُودًا من وَجه واحِد، وَيُسأل من خَالف هَذَا عَن خلاف الِاثنَيْنِ للجَمَاعَة، ثمَّ خلاف الثَّلَاثَة لَهُم، ثمَّ الأربعة وَهَكَذَا أبدًا، فإن حدّ حدًّا كَانَ متحكّما بِلَا دَلِيل، فقد خَالف أَبُو بكر -رضي الله عنه- جُمهور الصَّحَابَة ـ رضوَان الله عَلَيْهِم ـ وشذّ عَن كلّهم فِي حَرب أهل الرِّدَّة، وَكَانَ هُوَ المُصِيب ومخالفه مخطِئًا، برهَان ذَلِك القُرآن الشَّاهِد بقوله، ثمَّ رُجُوع جَمِيعهم إليه».
وقال أيضا في كتابه «إحكام الأحكام» (2/87): «والذي نقول به ـ وبالله تعالى التوفيق ـ: إنّ حدّ الشّذوذ هو مخالفة الحقّ، فكلّ من خالف الصواب في مسألة ما فهو فيها شاذّ، وسواء كانوا أهل الأرض كلّهم بأسرهم أو بعضهم، والجماعة والجملة هم أهل الحق، ولو لم يكن في الأرض منهم إلا واحد فهو الجماعة وهو الجملة، وقد أسلم أبو بكر وخديجة ـ رضي الله عنهما ـ فقط فكانا هم الجماعة، وكان سائر أهل الأرض غيرهما وغير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أهل شذوذ وفرقة، وهذا الذي قلنا لا خلاف فيه بين العلماء، وكلّ من خالف فهو راجع إليه ومقرٌّ به شاء أو أبى، والحقّ هو الأصل الذي قامت السموات والأرض به، قال الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر : 85]، فإذا كان الحق هو الأصل فالباطل خروج عنه وشذوذ منه، فلما لم يجز أن يكون الحق شذوذا وليس إلا حقّ أو باطل؛ صحّ أنّ الشّذوذ هو الباطل، وهذا تقسيم أوّله ضروري وبرهان قاطع كاف. ولله الحمد».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في «النّبوات» (1/594): «وأمّا القول الذي يدلّ عليه الكتاب والسنة، فلا يكون شاذّا وإن كان القائل به أقلّ من القائل بذاك القول، فلا عبرة بكثرة القائل باتّفاق الناس.
ولهذا كان السّلف من الصّحابة والتابعـين لهم بإحسـان يردّون
على من أخطأ بالكتاب والسّنة، لا يستدلّون بالإجماع إلا علامة».
وفي سياق مناقشته لمسألة وقوع الطلاق المحرم من عدمه، وعرضه حجج الموقعين، والتي منها اعتمادهم على قول الجمهور به واستنادهم إلى الكثرة؛ يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: «وأمّا المقام الثاني: وهو أنّ الجمهور على هذا القول، فأوجدونا في الأدلة الشّرعية أنّ قول الجمهور حجّة مضافة إلى كتاب الله وسنّة رسوله، وإجماع أمّته.
ومن تأمّل مذاهب العلماء قديما وحديثا من عهد الصّحابة وإلى الآن واستقرأ أحوالهم؛ وجدهم مجمعين على تسويغ خلاف الجمهور، ووجد لكلّ منهم أقوالا عديدة انفرد بها عن الجمهور، ولا يُستثنى من ذلك أحد قطّ، ولكن مستقلّ ومستكثر، فمن شئتم سمّيتموه من الأئمّة تتبعوا ما له من الأقوال التي خالف فيها الجمهور، ولو تتبّعنا ذلك وعددناه لطال الكتاب به جدًّا، ونحن نحيلكم على الكتب المتضمّنة لمذاهب العلماء واختلافهم، ومن له معرفة بمذاهبهم وطرائقهم، يأخذ إجماعهم على ذلك من اختلافهم، ولكن هذا في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد، ولا تدفعها السنة الصحيحة الصّريحة، وأمّا ما كان هذا سبيله، فإنّهم كالمتّفقين على إنكاره وردّه، وهذا هـو المعلوم من مذاهبهم في الموضعين». انتهى من «زاد المعاد»(5/214).
وقال في كتابه «الفروسية»(ص 299 ـ 300): «القول الشّاذّ هو الذي ليس مع قائله دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا هو القول الشّاذّ ولو كان عليه جمهور أهل الأرض، وأمّا قولُ ما دلّ عليه كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليس بشاذّ ولو ذهب إليه الواحد من الأمّة، فإنّ كثرةَ القائلين وقلَّتهم ليس بمعيار وميزان للحقّ يعيّر به ويوزن به، وهذه غير طريقة الرّاسخين في العلم، وإنّما هي طريقة عامّيّة تليق بمن بضاعتهم من كتاب الله والسّنّة مزجاة.
وأما أهـل العلـم الذين هم أهله فالشّـذوذ عندهم والمخــالفة
القبيحة هي الشّذوذ عن الكتاب والسنة وأقوال الصّحابة ومخالفتها، ولا اعتبار عندهم بغير ذلك، ما لم يجمع المسلمون على قول واحد ويعلم إجماعهم يقينا، فهذا الذي لا تحلّ مخالفته».
ولمّا قال الإمام الطّحاويّ في «عقيدته» (ص70): «ونتّبع السّنّة والجماعة، ونجتنب الشّذوذ والخلاف والفرقة» علّق عليه الشيخ الألباني بقوله: «قلت: يعني الشّذوذ عن السّنّة ومخالفة الجماعة الذين هم السّلف كما علمت، وليس من الشّذوذ في شيء أن يختار المسلم قولاً من أقوال الخلاف لدليل بدَا له ولو كان الجمهور على خلافه، خلافا لمن وهم، فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أنّ كلّ ما عليه الجمهور أصحّ مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدّليل.
نعم، إذا اتّفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتّباعه، لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء: 114]، وأمّا عند الاختلاف فالواجب الرّجوع إلى الكتاب والسّنّة، فمن تبيّن له الحقّ اتّبعه...»
.

ج - تحكيم ما شاع واستقرّ من فهوم السّابقين بين العلماء وطلبة العلم على أنه الحقّ.
يقول الإمام شمس الدّين ابن قيّم الجوزيّة الدّمشقي ـ رحمه الله ـ في كتاب «الروح» (ص62): «الأمر الثّاني: أن يفهم عن الرّسول مراده من غير غلوّ ولا تقصير، فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان، وقد حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضّلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كلّ بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، بل هو أصل كلّ خطأ في الأصول والفروع، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد، فيتّفق سوء الفهم في بعض الأشيــــاء من المتبوع مع حسن قصده وسـوء القصد من
التّابع، فيا محنة الدّين وأهله. والله المستعان.
وهل أوقع القدريّة والمرجئة والخوارج والمعتزلة والجهميّة والرّافضة وسائر الطّوائف أهل البدع إلا سوء الفهم عن الله ورسوله، حتى صار الدّين بأيدي أكثر النّاس هو موجب هذه الأفهام».
أقول:
لقد تبيّن لي ـ بعد إمعان النّظر وإعمال الفكر ـ أنّي كنت جمهوريًّا في تحديد ليلة القدر، حيث كنت أرى أنّ اللّيل يسبق النّهار لا أنّه يليه, وكان ذلك مسلَّما عندي، ويعدّه غيري أمرًا مجمعًا عليه، وإنّ من العجب أن ترى طالب علم يدافع وينافح عن رأي على أساس أنّه الحقّ الذي أنزله الله من فوق سبع سماوات من خالفه أخطأ أو شذّ، وهو لم يطّلع على أدلّته إلاّ إجمالا ـ حتّى عثرت على كلام للإمام ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ ذكر فيها الخلاف ـ وسيأتي نقله ـ
.
فتـوكّلت عـلى الحـــيّ الذي لا يـموت
وشددت مـئزري،
وشمّرت على ساعد الجدّ، كي أبحث هذه المسألة في ضوء نصوص
الكتاب والسّنّة، لأنّني على علم ـ بل على يقين جازم ـ أنّ كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلّم لم يتركا في سبيل معرفة الحقّ لقائل أن يقول مقالاً، ولا أبقيا لغيرهما مجالاً، وأنّ الدّين قد كمُل، ومن رام الحقّ فعليه أن يعضّ عليهما بالنّواجذ، ومن حقّق ذلك علما واعتقادًا وعملاً فهو على البيضاء, قال-صلى الله عليه وسلم- : (قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) أخرجه ابن ماجة في «سننه» (43)، وأحمد في «مسنده» (17142) من حديث العرباضِ بن ساريَةَ -رضي الله عنه-، وصحّحه الألبانيّ في «سلسلة الأحاديث الصّحيحة» (937).
وحتى يكون البحث جامعا ومفيدا؛ لا بدّ من تحديد اليوم الذي تكون فيه ليلة القدر ابتداء، ثمّ تحديد ليلتها، متى تكون؟
فجمعت هذه الرسالة التي ضمّنتها مبحثين:
المبحث الأول تحديد يوم ليلة القدر.
المبحث الثاني تحديد ليلتها.
وقد أسميتها (البدر في تحديد ليلة القدر).
فالله أسأل أن يرزقني الصدق والإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل عملي هذا خالصا متقبّلا عنده، مدّخَرًا لي يوم ألقاه.
وكتب:
أبو عبد الباري العيد بن سعد شريفي
بالجزائر العاصمة ـ وقاها الله شرّ الفتن والمحن ـ
يوم الثلاثاء 30 محرم 1435هـ الموافق لـ03 ديسمبر 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) من كلام للشيح محمد رشيد رضا في «مجلة المنار» (10/312).
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-01-2014, 02:53 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

المبحث الأول : تحديد يومها
المرحلة الأولى: طلبها في العشر الأول من رمضان
روى البخاري في «صحيحه» (813) عن أبي سلمة، قال: ( انطلقت إلى أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-فقلت: ألا تخرج بنا إلى النّخل نتحدّث؟، فخرج فقال: قلت: حدّثني ما سمعت من النبي -صلى الله عليه وسلم-في ليلة القدر، قال: اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: إنّ الذي تطلب أمامك...) الحديث.


المرحلة الثانية: طلبها في العشر الأوسط
قال أبو سعيد -رضي الله عنه- في تتمّة الحديث السّابق - : ( فَاعتَكف العَشر الأَوسط، فاعتَكفنا معه، فأَتاه جبريل فقال: إِنّ الذي تَطلُب أَمَامَكَ).

__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-01-2014, 03:00 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

المرحلة الثالثة: طلبها في العشر الأواخر
قال أَبِو سَعِيدٍ الْخُدرِي–رضي الله عنه- ـ في حديثه السّابق ـ: (ثم أَتَاه جِبرِيل فقال إِنّ الذي تطلُب أَمامك، فَقام النّبي -صلى الله عليه وسلم- خطِيبًا صَبِيحة عِشرين من رمضان فقال: من اعتَكَف معَ النّبي -صلى الله عليه وسلم- فَليرجع، فإنّي أُرِيتُ لَيلة القَدرِ، وإنّي نُسِّيتُهَا، وَإِنَّها في العَشر الأَواخر).
وعَن عائشَة قَالَتْ: (كَانَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- يُجاوِر في العَشرِ الأَوَاخرِ من رمضان، وَيَقُولُ: تَحرَّوا ليلة القَدرِ في العَشر الأَواخرِ من رمضان ). رواه البخاري في «صحيحه» (2020) واللفظ له، ومسلم في «صحيحه» (1169)
.

وأخرج التّرمذيّ في «سننه» (794)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2175)، عن عيينة بن عبد الرّحمن، عن أبيه قال: (ذُكِرت ليلة القدر عند أبي بكرة –رضي الله عنه-، فقال: ما أنا بطالبها إلا في العشر الأواخر بعد حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وإني سمعته يقول: التمسوها في العشر الأواخر، في تسع بقين، أو في سبع بقين، أو في خمس بقين، أو في ثلاث بقين، أو في آخر ليلة» ، فكان لا يصلي في العشرين إلا كصلاته في سائر السنة، فإذا دخلت العشر اجتهد). وصحّحه الألباني في «المشكاة»(1/646 رقم: 2092)
.

المرحلة الرّابعة: طلبها في السبع الأواخر
روى البخاري في «صحيحه» (2015) ومسلم في «صحيحه» (1165)عن ابن عمر (أنّ رجالا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أروا ليلة القدر في المنام في السّبع الأواخر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السّبع الأواخر).
وأخرج مسلم في «صحيحه» (1165) عن عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر -، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلَبنّ على السّبع البواقي)
.

المرحلة الخامسة: طلبها في الوتر من العشر الأواخر
روى البخاري في «صحيحه» (2017) عن عائِشَة - رضي الله عنها - أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَال: (تحَرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان).
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-01-2014, 03:11 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

المرحلة السادسة: طلبها في السابع أو التاسع والعشرين
عن أبي هريرة –رضي اله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في ليلة القدر: (إنّها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين، وإنّ الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى). أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (2668)، وعنه أحمد في «مسنده» (10734)، والبزّار في «مسنده» (9447)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2194)، وحسّن إسناده الشّيخ الألباني في «الصحيحة» (2205).
بعد تتبّع نصوص الكتاب والسّنّة تبيّن لي أنّ ليلة القدر ليلة واحدة غير متغيّرة، وثابتة غير متنقّلة، وذلك لما يلي:
أوّلا ــ من القرآن الكريم:
قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ[البقرة: 184].
بيّن تعالى في هذه الآية أنه أنزل كتابه في شهر رمضان، ولم يحدّد وقت نزوله، ثمّ وضّح ذلك في قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ[الدخان : 2]، فتعيّن أن تكون هذه اللّيلة واقعة في رمضان، لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[القدر: 1]، فاللّيلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر.
يؤيّده ما جاء عن ابن عباس قال : (فُصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل عليه السلام ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- يرتّله ترتيلا).
أخرجه النسائي في «السّنن الكبرى» (7937)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12381)، والحاكم في «المستدرك» (2881)، ومن طريقه البيهقي في «الأسماء والصّفات»(496)، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووَافقه الذّهبي.
وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بالرّأي والاجتهاد، ولا من الأخبار التي لها صلة بالإسرائيليات، يؤكد صحّة هذا الأثر قوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج: 21 ـ 22].
ثانيا ــ من السّنّة المطهّرة :
أ ـ
عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: (اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر الأوسط من رمضان، يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له، فلما انقضين أمر بالبناء فقوض، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فأمر بالبناء فأعيد، ثم خرج على الناس، فقال: يا أيها الناس، إنها كانت أبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحتقّان معهما الشيطان فنسيتها...) الحديث. رواه مسلم في «صحيحه» (1167).
فقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها ) فيه دلالة على أنها ليلة معينة محدّدة، أراد -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر بها أمّته، إذ المقصود بالإخبار الإخبار العـامّ، ليس لتلك السّنـة فقط؛ لأنّـه ليس في النّـصّ ما يشعر بذلك.
ب ـ
وروى البخاري في «صحيحه» (49، 2023، 6049) عن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: أخبرني عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس) .
قال ابن كثير في «تفسيره» (8/450): «وجه الدّلالة منه: أنّها
لو لم تكن معيّنة مستمرّة التعيين، لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة، إذ لو كانت تنتقل لما علموا تعيّنها إلا ذلك العام فقط، اللّهم إلا أن يقال: إنّـه إنما خرج ليعلمهم بها تلك السنة فقط».
قلت:
وهذا الاحتمال الذي أورده ليس في النّصّ ما يدلّ عليه، كما سبق الإشارة إلى هذا.

ج –
طلب النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- لها وتحريه ليلتها في العشر الأول من شهر رمضان فأَتاه جبريل فقال له: إِنّ الذي تطلُب أمامَك، ثمّ جاور في العشر الأوسط، ثمّ أتاهُ جِبريل فقال: إِنّ الذي تَطلُب أمامك، فتحرّاها في العشر الأواخر، في وتر، كما في حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري في «صحيحه» (813): (اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- خطيبا صبيحة عشرين من رمضان فقال: من كان اعتكف مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فليرجع، فإني أريت ليلة القدر، وإني نسيتها، وإنها في العشر الأواخر، في وتر... )
ثمّ تحرّاها -صلى الله عليه وسلم- في السّبع من العشر، ثم فِي سبعٍ يَبقين، أو خَمس يَبقين، أَو ثلاث يَبقين، ثمّ ليلـة السّابعة أو التّاسعـة وعشرين، وأخيرًا ليلة السّابع والعشرين.
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-01-2014, 03:19 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

المرحلة السابعة: (طلبها في السّابع والعشرين)
فعن عاصم بن أبي النّجود أنّه سمع زرّ بن حبيش يقول: (سألت أبي بن كعب –رضي الله عنه- فقلت: إنّ أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال: رحمه الله، أراد أن لا يتّكل النّاس، أما إنّه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف ـ لا يستثني ـ أنها ليلة سبع وعشرين، فقلت: بأيّ شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟، قال: بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنها تطلع يومئذ، لا شعاع لها) أخرجه مسلم في «الصّحيح» (762).
وأخرج أحمد في مسنده (21566) عن أبي ذر–رضي الله عنه- ، قال: (قمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث اللّيل الأول، ثمّ قال: لا أحسب ما تطلبون إلا وراءكم، ثمّ قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثمّ قال: لا أحسب ما تطلبون إلا وراءكم، فقمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى أصبح وسكت). قال الشيخ الألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (7/101):«إسناده جيّد على شرط مسلم».
ويتأكّد ذلك أنّ هذه الليلة جمع فيها صلى الله وسلم نساءه وأهله دون اللّيلتين المتقدّمتين، لا لشيء سوى أنّ تلك اللّيلة كانت ليلة القدر، قال أبو ذر–رضي الله عنه-: (صمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمضان، فلم يقم بنا شيئًا منه حتى بقي سبع ليال، فقام بنا ليلة السّابعة حتّى مضى نَحو من ثلث الليل، ثمّ كانت اللّيلة السادسة التي تليها فلم يقمها حتّى كانت الخامسة التي تليها، ثمّ قام بنا حتّى مضى نَحو من شطر اللّيل، فقلت: يا رسول الله: لو نفّلتنا بقيّة ليلتنا هذه، فقال: إنّه من قام مع الإمام حتى ينصرف فإنه يعدل قيام ليلة، ثمّ كانت الرّابعة التي تليها فلم يقمها حتى كانت الثالثة التي تليها، قال: فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتّى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: السّحور، قال: ثمّ لم يقم بنا شيئًا من بقيّة الشهر). أخرجه ابن ماجة في «سننه» (1327) واللفظ له، وأبو داود في «سننه» (1375)، والترمذي في «سننه» (806)،
وعند النسائي في «سننه» (1364) بلفظ: (فلما بقي ثلث من الشهر أرسل إلى بناته ونسائه، وحشد الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح). والحديث صحّحه الألباني في «صحيح أبي داود» (5/120).

وأمر -صلى الله عليه وسلم- بتحرّي ليلة القدر والتماسها ليلة سبع وعشرين، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (من كان متحرّيها فليتحرّها ليلة سبع وعشرين، وقال: تحرّوها ليلة سبع وعشرين ـ يعني: ليلة القدرـ).
أخرجه أحمد في «مسنده» (4808) واللفظ له، والطّحاوي في «شرح معاني الآثار» (4639)، وصحّحه الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (2920).
وروى أحمد في «مسنده» (2149)، والطبراني في «المعجم الكبير» (11/311)، ومحمد بن نصر في «قيام رمضان» (ص:266)، وأبو طاهر المخلّص في «المخلصيات» (2/74)، وقاضي المارستان في «المشيخة الكبرى» (2/731) عن عبد الله بن عباس، (أن رجلا، أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: يا نبي الله، إني شيخ كبير عليل، يشق علي القيام، فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر. قال: عليك بالسابعة).
وأخـــيرًا عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(ليلة القدر ليلة سبع وعشرين).
أخرجه أبو داود في «سننه» (1386)، وابن حبان في «صحيحه» (3672)، وصحّحه الشيخ الألباني في «صحيح أبي داود» (1254).
فهذا الحديث نصّ في تعيين اللّيلة التي أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيّنها فأنسيها بتلاح الرّجلين، فالحمد لله خفّف عنّا بتبيينها وتعيينها .
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-01-2014, 03:22 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

... يتبع ان شاء الله ....
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-01-2014, 03:23 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

والقول بأنّ ليلة القدر واحدة معيّنة لا تنتقل من ليلة إلى أخرى ليس بدعًا من القول ولا محدثًا من الرأي
بل هو قول قديم، فلا تستعجل يا قارئ هذه الرّسالة بالحكم المسبق على هذا القول بالضّعف، بل عليك بالتّأنّي والتّؤدة، فإنّهما ما كانا في شيء إلاّ أثمرا خيرا، وإن كنت ممّن لا يقنع بالأدلة الشرعيّة، ولا يشفي عليله الأحاديث النّبويّة، بل يطمئنّ إلى أقوال الرجال وآرائهم؛ فهاك أقوالهم في المسألة.
اعلم أن العلماء اختلفوا في ليلة القدر على ثلاثة مذاهب رئيسة:
الأول: أنّها في ليلة بعينها لا تنتقل، إلاّ أنّها مبهمة غير معروفة، ثمّ اختلف هؤلاء فقيل: إنّها مبهمة في العام كلّه، وهو قول ابن مسعود-رضي الله عنه- وأبي حنيفة وصاحبيه.
وقيل: في رمضان كلّه، وبه قال عبد الله بن عمر وجماعة من العلماء.
وقيل: في العشر الأوسط والأخير وقيل: في العشر الأخير فقط، وقيل: تختصّ بالأوتار من العشر الأواخر، وهو مذهب الشافعي وجمهور أصحابه، قال النّووي في «المجموع» (6/449): «ومذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أنها منحصرة في العشر الأواخر من رمضان مبهمة علينا، ولكنها في ليلة معينة في نفس الأمر لا تنتقل عنها، ولا تزال في تلك الليلة إلى يوم القيامة، وكلّ ليالي العشر الأواخر محتملة لها، لكن ليـالي الوتر أرجاها»
واختاره ابن حزم في «المحلّى» (4/457) فقال:«ليلة القدر واحدة في العام في كل عام، في شهر رمضان خاصّة، في العشر الأواخر خاصّة، في ليلة واحدة بعينها لا تنتقل أبدا، إلا أنه لا يدري أحد من النّاس أيّ ليلة هي من العشر المذكور؟ إلا أنّها في وترٍ منه ولا بدّ».
وقيل: هي في الأشفاع من العشر الأواخر.
الثاني: أنها في ليلة معينة معروفة لا تنتقل، واختلف هؤلاء: فقيل: إحدى وعشرين، وقيل: ثلاث وعشرين، وقيل: أربع وعشرين، وقيل: خمس وعشرين، وقيل: سبع وعشرين، وهو مذهب جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وأبيّ بن كعب وعائشة ومعاوية، والحسن وقتادة، وهو مشهور مذهب مالك، وبه يقول الحنابلة، وقيل غير ذلك.
والمذهب الثالث: أنها ليست منحصرة في ليلة بعينها، بل هي متنقّلة بين اللّيالي في الأعوام، كما أنّها ليست مختصّة بالعشر الأواخر، والغالب من ذلك أن تكون في العشر الأواخر، وإلى هذا ذهب مالك وأحمد.
أنظر مظانّ هذه المذاهب في: «مواهب الجليل» للحطّاب (2/464)، «المجموع شرح المهذّب» (6/460)، «شرح صحيح مسلم» للنووي (8/57)، «المغني» لابن قدامة (3/183)، «طرح التّثريب» (4/151)، «فتح الباري» لابن حجر(4/263).
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-01-2014, 03:27 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

المبحث الثاني: تعيين الليلة


استقرّ في فهوم النّاس جميعا أنّ الليل يسبق النّهار، حتّى أصبح مُسَلّمًا بل إجماعًا لا خلاف فيه، لو قال إنسان خلافه حاصت عليه الأمة حيصة، ورموه بسهم واحد، وقالوا: يبحث عن المسائل الشّاذّة و يدلّل لها ليُعرف، اعتمادًا على قاعدة (خالِف تُعرف)؛ لأنّهم لم يجعلوا لنصوص الكتاب والسّنّة مكانة في قلوبهم، لكن عندما يطيل الطّالب النّفس و يصبر على الطّلب- وقليلٌ من الطّلاّب الصّبور، بل الجميع يرضى من العلم بالتّقليد- يجد الأمر خلاف ما اعتادوه و قلّدوا.
ـ يقول الإمام ابن د
قيق العيد (ت:702هـ) ـ رحمه الله ـ في «إحكام الإحكام» (2/40):«والذي جاء في الحديث من قوله (وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه)، وقوله في آخر الحديث (فرأيت أثر الماء والطين على جبهته من صبح إحدى وعشرين)،يتعلّق بمسألة تكلموا فيها، وهي أنّ ليلة اليوم: هل هي السّابقة عليه، كما هو المشهور، أو الآتية بعده، كما نقل عن بعض أهل الحديث الظّاهرية؟» .


ـ
ويقول الإمام ابن قيم الجوزيّة في «بدائع الفوائد» (3/194): «هذا مما اختلف فيه، وحكي عن طائفة أنّ ليلة اليوم بعده، والمعروف عند الناس أنّ ليلة اليوم قبله، ومنهم من فصّل بين اللّيلة المضافة إلى اليوم ـ كليلة الجمعة والسبت والأحد وسائر الأيام ـ والليلة المضافة إلى مكان أو حال أو فعل ـ كليلة عرفة وليلة النفر ونحو ذلك ـ فالمضافة إلى اليوم قبله، والمضافة إلى غيره بعده».


ـ
ويقول الشّيخ محمّد بن عبد الباقي الزرقاني (ت:1122هـ) في شرحه على «الموطأ» (2/318): «وحكَى المطرّز أنّ العرب قد تجعل ليلة اليوم الآتية بعده، ومنه ﴿ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾[النازعات: 45]، فأضافه إلى العشيّة وهو قبلها، ويؤيّده أنّ في رواية للشّيخين (فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه)، وهذا في غاية الإيضاح».

قبل أن أبدأ في سرد الأدلّة المبيّنة لليلة القدر، أقول وبالله تعالى التوفيق:
لست بصدد ردّ ما تعارف عليه النّاس من أنّ ليلة اليوم قبله، وإنّما أبذل ما في وسعي من جهد للوصول إلى الحقيقة الشرعيّة؛ لأنّ الواجب على الباحث السّعي في معرفة الحقائق الشّرعية قبل كلّ شيء، إذ بمعرفتها يستغني عن الحقائق الأخرى، وتزول عنه إشكالات كثيرة، وفي هذا يقول ابن تيميّة ـ رحمه الله ـ كما في «مجموع الفتاوى»(7/286): «ومما ينبغي أن يعلم أنّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم».
يتّضح ذلك من خلال ما وقع للصّحابة مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- في مواطن عدّة، استعملوا فيها قواعد العربيّة في فهم نصوص الكتاب والسّنّة؛ فأخطأوا فهمها، من ذلك ما جاء عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال:(لمّا نزلت هذه الآية: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾[الأنعام:83] شقّ ذلك على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّه ليس بذاك، ألا تسمع إلى قول لقمان لابنه ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان : 12] ) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4776)
.

فالمتدبّر للحديث والمتفقّه فيه يرى كيف حكَّم الصّحابة –رضي الله عنهم- قاعدة أصوليّة صحيحة من جملة ما تعارفوا عليه بينهم من القواعد اللغوية والأصوليّة؛ وهي أنّ النكرة في سياق النفي تفيد العموم، فقالوا: (أيّنا لم يلبس إيمانه بظلم؟)، فبيّن لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- المقصود من الآية، وأنّه عموم أريد به الخصوص.
فببيانهِ -صلى الله عليه وسلم- نستخرج قاعدة عظيمة؛ وهي: أنّه يجب وجوبًا مؤكّدًا الرّجوع إليه -صلى الله عليه وسلم- قبل إعمال العرف أو القواعد؛ لأن الله تعالى ما أرسله إلا ليبين للناس ما نزّل إليهم، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل : 44].
فصار لزاما على كلّ من أراد أن يفهم كلام الله ومراده منه أن يرجع إلى السّنّة النّبويّة ابتداءً؛ لأنّها المبيّنة لما في الكتاب، فلا يكفي أن يكون الرّجل عالما بالعربيّة وأساليبها وشواهدها، وعارفًا بالقواعد الأصوليّة؛ ليفهم معاني الكتاب والسّنّة، بل لابدّ من الرّجوع إلى بيان الرّسول -صلى الله عليه وسلم- ، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في «مجموع الفتاوى» (7/287) : «فالنّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد بيّن المراد بهذه الألفاظ، بيانًا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فلهذا يجب الرجوع في مسمّيات هذه الأسماء
إلى بيان الله ورسوله، فإنّه شاف كاف».
وقال أيضا في «مجموع الفتاوى» (13/157): «ولو اعتصموا بما جاء به الرّسول لوافقوا المنقول والمعقول، وثبت لهم الأصل، ولكن ضيّعوا الأصول فحرموا الوصول؛ والأصول اتّباع ما جاء به الرسول».
بناءً على ما تقدّم ذكره؛ لا أنكر إطلاق الصّحابة اسم الليلة على التي تسبق النهار، وهو عرف سائد بينهم وبيننا، لكن عملا بتوجيهه عليه الصلاة والسلام والفضل الذي في ليلة القدر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:(إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كلّه، ولا يحرم خيرها إلا محروم).
ومن جهة ثانية: تيسيرًا على المقصّرين والمرضى اقتداء به -صلى الله عليه وسلم- ، فعن عبد الله بن عباس (أن رجلا، أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: يا نبي الله، إني شيخ كبير عليل، يشقّ عليّ القيام، فأمرني بليلة لعلّ الله يوفّقني فيها لليلة القدر، قال: عليك بالسابعة).
لمّا اجتمعت هذه الأسباب عندي دفعتني إلى الجدّ في جمع النّصوص التي تبين أنّ الليلة تابعة لليوم الذي قبلها ورتبتها كالآتي:



.......يت
بع.................
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 07-01-2014, 04:45 AM
أبو سلمى رشيد أبو سلمى رشيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجــــــــــــزائـــــر
المشاركات: 2,576
افتراضي

من أقوى الأدلة وأصرحها في بيان أنّ الليلة تكون تابعة لليوم الذي قبلها:
دخوله عليه الصلاة والسلام إلى معتكفه صبيحة الحادي والعشرين، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر).أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174) واللفظ له.
وتبدأُ العشر الأواخرُ بدخول يوم الواحدِ والعشرين من رمضانَ، لقوله -صلى الله عليه وسلم- :(التمسوها في العشر الأواخر)، وفي رواية:(في الوتر من العشر الأواخر) - وقد سبق ذكرهما -.
يوضّح ذلك: أنّه عليه الصّلاة والسّلام خرج من معتكفه لما اعتكف العشر الأوسط صبيحة العشرين، أو مساء العشرين، كما قاله أبو سعيد –رضي الله عنه- :(فخرجنا صبيحة عشرين، قال: فخطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صبيحة عشرين فقال: إني أريت ليلة القدر، وإني نسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في وتر، فإني رأيت أني أسجد في ماء وطين، ومن كان اعتكف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فليرجع).
وفي رواية أخرى عند البخاري (2018) قال: (فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي، ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه، ورجع من كان يجاور معه).
ـ ففي الحديث دلالة على أنّ طلبَه -صلى الله عليه وسلم- ليلةَ القدر في العشر الأوسط انتهى بخروجه من المعتكَف، ولا يكون ذلك اليوم يوم دخوله لاعتكاف العشر الأواخر، وإلاّ كان دخوله ليلا، قَالَ أبو سعيد –رضي الله عنه-: (اعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر الأوسط من رمضان، يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له، فلما انقضين أمر بالبناء فقوّض، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فأمر بالبناء فأعيد) لمواصلة الاعتكاف، كما واصل الاعتكاف في العشر الأول مع العشر الأوسط، لا أنّه ابتدأه بعد المغرب،(ثمّ خرج على النّاس، فقال: يا أيها الناس: إنّها كانت أبينت لي ليلة القدر، وإني خرجت لأخبركـم بها، فـجـاء رجـلان يحـتقّـان معهما الشيطـان، فنسيتهـا،
فالتمسوهـا في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسّابعة والخامسة)
ـ وكان -صلى الله عليه وسلم- يبتدئ اعتكاف العشر الأواخر صبيحة الحادي والعشرين بعد صلاة الصبح، وهو الأمر الذي استقر عليه فعله -صلى الله عليه وسلم- حتى فارق الحياة، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده).أخرجه البخاري في صحيحه (2026)، ومسلم في صحيحه (1172).
وعَنها ـ رضي الله عنها ـ قالت:(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه، وإنّه أمر بخبائه فضرب، أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فأمرت زينب بخبائها فضرب، وأمر غيرها من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بخبائه فضرب، فلما صلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر نظر، فإذا الأخبية، فقال: آلبرّ تردن؟، فأمر بخبائه فقوّض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان، حتى اعتكف في العشر الأول من شوّال). أخرجه مسلم (1172).
قولها: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلّى الفجر ثمّ دخل معتكفه، وإنّه أمر بخبائه فضرب، أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان) فيه دلالة على أنّ دخوله كان صبيحة الحادي والعشرين، ولو دخل معتكفه بعد صلاة المغرب من يوم العشرين لما غابت عنه الأخبية حتّى صلاة الفجر، قالت عائشة:(فلما صلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر نظر، فإذا الأخبية، فقال: آلبرّ تردن؟، فأمر بخبائه فقوّض).
فيصبح هذا الحديث نصًّا لمن أراد اعتكاف العشر الأواخر أن يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر.
ـ قال أبو عيسى الترمذي في «سننه» (3/149):«والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم يقولون: إذا أراد الرجل أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل في معتكفه وهو قول أحمد، وإسحاق بن إبراهيم».
ـ وقال الخطابي في «معالم السنن» (2/138)قلت: فيه من الفقه أنّ المعتكف يبتدئُ اعتكافَه أوّلَ النهار ويدخل في معتكفه بعد أن يصلي الفجر، وإليه ذهب الأوزاعي، وبه قال أبو ثور.
ـ وَقال مالك والشافعي وأحمد: يدخل في الاعتكاف قبل غروب الشّمس إذا أراد اعتكاف شهر بعينه، وهو مذهب أصحاب الرأي».
ـ وقال أبو عبد الله القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (2/336) ـ بعد حكاية الخلاف في المسألة وذكر أقاويل العلماء فيها ـ: «قلت: وحديث عائشة يردُّ هذه الأقوال، وهو الحجَّة عِندَ التَّنازع، وهُو حدِيثٌ ثَابِتٌ لا خِلاف في صحَّته».
ـ وقال صاحب «سبل السلام» (1/481 ـ 482): «فيه دليل على أنّ أوّل وقت الاعتكاف بعد صلاة الفجر، وهو ظاهر في ذلك، وقد خالف فيه من قال إنّه يدخل المسجد قبل طلوع الفجر إذا كان معتكفا نهارًا، وقبل غروب الشمس إذا كان معتكفا ليلاً، وأوّل الحديث بأنّه كان يطلع الفجر وهو -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، ومن بعد صلاته الفجر يخلو بنفسه في المحلّ الذي أعده لاعتكافه.
قلت: ولا يخفى بعده؛ فإنّها كانت عادته
-صلى الله عليه وسلم- أنّه لا يخرج من منزله إلا عند الإقامة ».
ـ وقال الشيخ عطية بن محمد سالم ـ رحمه الله ـ في «شرح بلوغ المرام» (درس رقم 156 كما هو في المكتبة الشّاملة): «وفي هذا الحديث نص على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد الاعتكاف يوماً فأكثر يبدأ زمن اعتكافه من بعد صلاة الصبح، وهذا قول سفيان الثوري وغيره».
قلت: وفي الحديث دلالة أنّ تحرّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة القدر كان بعد دخوله إلى معتكفه صبيحة الحادي والعشرين، وأوّل ليلة الوتر هي الآتية بعده، قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- :(إنّي اعتكفت العشر الأول، ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت، فقيل لي: إنها في العشر الأواخر) [أخرجه مسلم في «صحيحه» (1167)]، فما كان اعتكافه إلا طلبًا لليلة القدر.
.
.... يتــبع....
__________________
https://www.facebook.com/abbsalma
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.