أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
44164 | 103720 |
#1
|
|||
|
|||
تعلمنا الإيمانَ قبل القرآن فلما قرأنا القرآن ازددنا به إيمانا..
السلام عليكم و رحمة الله
سُئل مرة الشيخ أبو يزيد بن صفية المدني الجزائري: "ما معنى الأثر الذي ورد عن الصحابة: "تعلّمنا الإيمانَ قبل القرآن، فلما قرأنا القرآنَ ازددنا إيمانا".؟ هل هذا يعني أنّ الإيمان قبل القرآن؟ و أنّ الواحد منا يتعلم الإيمان أولا ثم القرآن...؟ و أنه يفضل للمرأة أن تٌعلمَ وليدَها الإيمان بالله و صفاته ثم تعلمه القرآن ؟ أم ماذا؟ بارك الله فيكم. فأجاب الشيخُ : أولا : معنى قول الصحابة "تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلمَ القرآنَ" يدخل في الأمر عدة معانٍ منها : 1. أنهم كانوا يتعلمون الإيمانَ المجمل، الواجب تعلمه على كل مسلم وجوبا عينيا، كما ذكره شيخُ الإسلام ابن تيمية. و المقصود بذلك أركان الإيمان الستة المشهورة و هي الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و بالقدر خيره و شره. فتتعرّف على معانيها إجمالا. و يشهد لذلك الأثر الصحيح عن جندب البجلي قال:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن فتيان حزاورة_أي:قاربنا البلوغ-، فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ، ثم تعلمنا القرآن، فازددنا به إيمانا" اخرجه ابن ماجة، و الخلال بلفظ:"فيعلمنا الإيمان ثم يعلمنا القرأن، فازددنا به إيمانا" و لذلك يحسن للأم أن تزرعَ في وليدها منذ نعومة أظافره قواعدَ الإيمان الكلية من وحدانية الله جل و علا و ربوبيته و ما يتعلق بذلك من ملك و تدبير و غيرها من معاني الربوبية. و تزرع فيه معاني الألوهية: من إفراد الرب المنعم الرازق، بالعبادة و الذكر و غيرهما, و تزرع فيه ايضا من معاني توحيد الأسماء و الصفات الكلية، ببيان بعض الأسماء الحسنى و شيء من معانيها و هكذا.. حتى إذا قرأَ سورَ القرآن و حفظها ، كان ذلك أدعي لفهمها و أيضا أدعي لتوقيرها و تصديقها. 2. جاء توضيح معنى " إتيان الإيمان قبل القرآن" أيضا في الأثر الذي رواه القاسم بن عوف قال:سمعتُ عبد الله بن عمر يقول:" لقد عشنا برهة من دهرنا و أحدنا يُؤتى الإيمان قبل القرآن، و تنزل السورة على محمد صلى الله عليه و سلم فيتعلمَ حلالها و حرامها، و لآمرها و زاجرها ، و ما ينبغي أن يقف عنده منها. كما تعلمون أنتم اليوم القرآنَ ، ثم لقد رأيتُ اليوم رجالا يؤتي أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره و لا زاجره و لا ما ينبغي أن يقف عنده منه، فينثره نثر الدقل"(أخرجه الحاكم في المستدرك و هو حديث صحيح على شرط الشيخين). فقوله "يؤتى الإيمان قبل القرآن"، بمعنى أنه يصدق الله تعالى و يصدق النبي صلى الله عليه وسلم، و يعتقد صحة ما جاء به من الإسلام و الإيمان، فيطمئن قلبُه بذلك قبل أن يقرأ القرآن، لمعرفته بصدق النبي صلى الله عليه وسلم و بصحة ما جاء به. و قوله:"و تنزل السورة على محمد صلى الله عليه و سلم فيتعلمَ حلالها و حرامها، و لآمرها و زاجرها ، و ما ينبغي أن يقف عنده منها. كما تعلمون أنتم اليوم القرآنَ". يعني أنهم لا يقتصرون على تعلم ألفاظ القرآن، بل يتعلمون ما فيه من الحلال و الحرام و الأمر و النهي، و يعملون بذلك كما قال عبد الله بن الحبيب رحمه الله:"حدّثنا الذين كانوا يعلموننا القرآن أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه و سلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها. قالوا فتعلمونا القرآن و العلمَ و العمل جميعا" . و قوله "ثم أجد رجالا يؤتي أحدهم القرآن قبل الايمان"، ينكر على المتأخرين الذين يقرأون القرآن و ينثره أحدهم نثر الدقل ، و يسرع في قراءته ، و لا يتأمل ما فيه ، و لا يدري بأوامره و نواهيه، و لا يعمل بما فيه ، و لا يحل حلاله و لا يحرم حرامه، و لا يعمل بحكمه و لا يؤمن بمتشابهه، و لا يقف عند عجائبه، و إنما يتعلمه ليأكل به و يقرأ ليحصل على أجره لأجل قراءته, فمثل هؤلاء لا يكونون من أهل القرآن الذين هم أهل الله و خاصته. 3. و من المعاني اللائحة أيضا : "الإيمان قبل القرآن" تعني الايمان بالقرآن أولا أنه كتاب معجز و أنه كتاب هداية و تغيير، إذا أمنت بذلك تغيرت معاملتك مع القرآن و تغير حالك و تغير أسلوبك في الأخذ من معين القرآن. و لهذا نجد أهل السنة و الجماعة لما قوي إيمانهم بالقرآن أخذوا نصوصه مأخذ الافتقار فلم يصدروا في أقوالهم و أفعالهم إلا من معينه، بخلاف أهل الأهواء و البدع حكموا عقولهم و صرفوا نصوص الوحي لتوافق هذا الهوى. و خلاصة الأمر : على الأم أن تعلم وليدها أولا : الإيمان بالقرآن و بمنزلته و مكانته، و بواجبنا اتجاهه، و تعلّمه تأمّل آي الكتاب. و تعلمه أيضا الإيمان بأركانه الستة، و التوحيد بأقسامه الثلاثة حتى يعظم انتفاعه بالقرآن. و تعلمه أن لا يرفهَ همه في إقامة حروف القرآن، و هو مضيع لحدوده و أحكامه |
|
|