أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
116420 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-24-2017, 11:12 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي مقدمــــــة يسيرة في الفقـــــــه

مقدمــــــة يسيرة في الفقـــــــه

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [سورة آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء: 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۞يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [سورة الأحزاب: 70 ـ 71]. أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن من أجلِّ نعم الله عز وجل على عباده ما امتنَّ بها عليهم من نعمة الإسلام، وما شرع لهم من شرائع الدين التي تَعبَّدَهم بها، وهيَّأ لهم أسباب طلبها وتعلمها وتعليمها والعمل بها.
قال الله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [سورة النحل: 97].
وإن العمل لن يكون صالحًا إلا بتوحيدٍ خالصٍ لا شرك فيه، واتباع للمعصوم لا بدعة فيه.
و (من يُرِدِ الله به خيرًا يفقهه في الدين) (متفق عليه) مرفوعًا عن معاوية - رضي الله عنه -.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ دعا له بقوله: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل). [تخريج الطحاوية / 243] و [السلسلة الصحيحة 2589].
ولم يأمر الله جلّ في علاه نبيه محمد ﷺ أن يستزد من شيءٍ إلّا من العلم فقال - سبحانه: ﴿فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا [سورة طه: 114].
وما رفع الله تعالى قدر العلماء إلّا لفضل هذا العلم، فهو ميراث النبوة، ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [سورة المجادلة: 11].

تعريف الفقه وأقسامه

الفقه لغة: هو العلم بالشيء والفهم له، ويعني فهمَ إدراكِ غَرَضِ المتكلم من كلامه لقوله تعالى: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قوْلِي [سورة طه 27].
أي: يفهموا قوْلِي.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [سورة النساء: 78]. أي: لاَ يفْهمونَ حَدِيثًا.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [سورة هود 91]. أي: ما نفهم.
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [سورة الإسراء: 44].

والفقه اصطلاحا، أي شرعا: هو معرفة أحكام الله الدينية التي جاءت بها الشريعة الغرّاء، سواء كانت العَقَديَّة أو العَمَليَّة. وليس خاصًا بأفعال المكلَّفين، وبهذا المعنى جاء تعريف الإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى للفقه بقوله: [هو معرفة النفس ما لها وما عليها فيشمل هذا التعريف الأحكام التي تتعلق بالعقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات] اهـ. [التوضيح في أصول الفقه 1/ 10 - 11].

قال العلامة الشيخ صالح آل الشيخ – حفظه الله تعالى – في إحدى محاضراته: [... فإذَن ليس الشأن في هذه الأبواب أنْ يتجرأ متجرّئ في تقعيد الفقهيات التي ينبني عليها المواقف والأحوال والآراء المختلفة، أنْ يكون علّاما ببعض الفقه، عالِما ببعض المسائل، عنده مراجعة فإنّ الفقه ملَكَه، لو كان الفقه مراجعة الكتب لسهل الأمر من قديم لكن الفقه ملَكَة تكون بطول ملازمة العلم؛ بطول ملازمة الفقه؛ حتى يكون هذا الناظر وهذا الفقيه مجتهدًا قد فهم أدلة الشرع وأمِنَ هو أنْ يتكلم الشرع بهوى]. ا هـ. [الكتاب: (كتب صالح آل الشيخ 20/ 94)].
وقال أيضًا: [ممكن أن تورِدَ ما شئت من الأقوال، الموجودة في بطون الكتب، لكن الكلام في فقهها، وكيف تصوِّب الصوابَ وتردّ الخطأ، واعلم أن التبديع والتفسيق والتكفير، حكم شرعي يقوم به الراسخون من أهل العلم والفتوى، - جعلنا الله وإياكم على إثرهم وألحقنا بهم-؛ وتنزيلِهِ على الأعيان ليس لآحاد من عَرَفَ السنة، إذ لا بدَّ فيه من تحقُّقِ الشروط وانتفاء الموانع، حتى لا يُصبِحَ الأمر خبط عشواء، والله المستعان] ا هـ. [المرجع السابق].
ثم طرأ تغيير على مفهوم الفقه اصطلاحا: فصار يطلق على العلم بالأحكام الشرعية الثابتة لأفعال المكلفين المأخوذة من أدلتها التفصيلية في كتاب الله بارك وتعالى وما صح من هدي رسول الله ﷺ، ومن أقوال الصحابة الكرام، ومن تبعهم بإحسان من الأئمة المحققين رضوان الله عليهم أجمعين.

والمكلَّفون: جمع مُكَلَّف؛ وهو المسلم البالغ العاقل.
والأدلة التفصيلية: هي الأدلة الجزئية التي يتعلق كل دليل منها بمسألة معيَّنة؛ وينصّ عليها حكم معين؛ كقول الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا [سورة النساء: 23].
وفي هذه الآية الكريمة دليل تفصيلي تعلَّقَ بمسألة معينة وهى الزواج بالأمهات والمحارم, وتفيد حُكمًا مُعيَّنًاً وهو التحريم.
وتسمى آية تحريم المحارم من النسب، وما يتبعه من الرضاع والمحارم بالصهر، كما قال ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «حرمت عليكم سبعٌ نسبا، وسبعٌ صهرا»، وقرأ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ [تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 623].
وأفاد حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: (يحرم من الرضاعة؛ ما يحرم من النسب) (متفق عليه) حكم تحريم المحارم من الرضاع بما يحرم من النسب.
والمرادَ مِنَ البحث هنا: الفقه الاصطلاحي وهو: معرفة الأحكام الشرعية العمليَّة التكليفية التي تثبت بأدلتها التفصيلِيَّة لأفعال وأقوال المكلفين.

ويقسمه العلماء إلى قسمين:

الأول: فقه العبادات: وهو فيما يتعلق بين العبد وربه، اصطلح العلماء على تسميته بفقه العبادات، كأحكام الطهارة، والصلاة والصيام، والزكاة، والحج، وغيرها من تكاليف، واتفق العلماء على تقديم فقه العبادات في مقدمة كتبهم الفقهية لأهميتها.
والعبادات توقيفية يجب أن تكون مأذونًا بها من الشارع الحكيم «الله تبارك وتعالى»؛ كما تقول القاعدة الفقهية «الأصل في العبادات المنع إلا لنص». واتفق العلماء على تقديم فقه العبادات في كتبهم الفقهية لأهميتها. لأن الله تعالى لم يخلق الخلق إلا لعبادته -سبحانه وتعالى-، فالعناية بفقه العبادات آكد، وتقديمه أوجب.

الثاني: فقه المعاملات: وهو فيما يتعلق في مصالح الناس، وعلاقاتهم ومعاملاتهم الدينية والدنيوية، والأخلاقية، وتزكية النفوس وتهذيبها وأحكامها، اصطلح العلماء على تسميته بفقه المعاملات؛ ولا تقع عبادةً إلا إذا قُصد بها قربة لله تعالى واتباع هديه، أي: حسب النية التي يُقصد بها العمل]. [شرح المستقنع ص 9]. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [سورة النحل 90 – 91].


من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله تعالى «مادة الفقه».

بقلم وتقديم: أم عبدالله نجلاء الصالح


يُتبع إن شاء الله تعالى.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-24-2017, 11:25 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الأحكام الشرعية التي تثبت لأفعال المكلفين ويدور عليها الفقه هي :

1. الواجب :
هو الثابت مما أمر به الشارع الحكيم فعله من المكلف فيثاب فاعله، ويعاقب تاركه. ويقسم إلى :

أ‌. فرض عين : هو ما أمر به الشارع الحكيم كل مكلف على وجه الإلزام والحتم مثل الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج لمن استطاع إليه سبيلا، والوفاء بالعقود وغيره، فلا يكفي أن يقوم به البعض دون البعض الآخر، ولا يغني عنه قيام غيره عنه إلا بنص.

ب‌. فرض كفاية : هو الذي يُطلَبُ حصوله وتحصيله من المكلفين حصوله، لا من كل واحد بعينه. إن قام به البعض سقط عن الباقين ولا إثم عليهم، كالجهاد، والأذان، والقضاء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2. الحرام : وهو ضد الواجب. فيثاب تاركه امتثالاً لأمر الله – تعالى -، ويعاقب فاعله جزاءً وفاقا. ويقسم إلى :

أ‌. محرم لذاته : هو ما أمر الشارع الحكيم بتركه على وجه الإلزام مثل الشرك بالله، والقتل، والزنا، وشرب الخمر، والربا، والسرقة وغيرها من المحرمات.

ب‌. محرم لغيره : هو ما كان في أصله مباحًا وحُرِّمَ بسبب علة شرعية؛ مثل البيع إذا نوديَ لصلاة الجمعة حتى تقضى الصلاة، لقول الله – تعالى - : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۞ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [سورة الجمعة 9 – 10].

3. المسْنون، وهو المستحب، أو المندوب : وهو ما طلب الشارع الحكيم من المكلفين فعله على وجه التفضيل لا الإلزام. يثاب فاعله امتثالًا ولا يعاقب تاركه؛ كالمسابقة إلى الخيرات وأعمال البر، وفعل الطاعات كصلاة النوافل، وصيام التطوع، والصدقة المطلقة، وغيرها من القربات، وتفريج الكربات.
4. المكروه : ضد المستحب، وهو ما نهى عنه الشارع الشارع الحكيم وأمر بتركه لا على وجه الإلزام. وتركه أوْلى من فعله، فيثاب تاركه امتثالًا ولا يعاقب فاعله.

5. والمباح : مستوي الطرفين، هو تخيير المكلفين بين القيام بالفعل الذي يتعلق به الحكم أو تركه بلا حرج ولا ذمّ. ولا يتعلق به أمرٌ ولا نهيٌ لذاته. ولا يترتب عليه ثواب ولا عقاب. ويقال له حلال مثل : الأكل والشرب والجلوس والقيام ومباشرة سائر التصرفات المباحة؛ إلا إذا ورد نصٌ بتقييدها.

إن العمل بهذه الأحكام فعلًا أو تركا، هو من سبل النجاة التي شرعها الله – تعالى -، فالشرع شرعه، والأمر أمره، والمردُّ والمآل إليه – سبحانه - وحده لا شريك له. وما علينا إلا الاستسلام والانقياد والإذعان لأمره. كما أن العلم بهذه الأحكام وأدلتها إجمالاً وتفصيلاً، يرشد إليه ويبينه عليه منارات الهداية على طريق الإستقامة، ويستأنس به على حسن الاتباع والأداء، إذ أنَّ العلم مُقدم على العمل، رفع الله قدره وامتدح أهله بقوله : ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [سورة الزمر 9].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-24-2017, 04:33 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وهذه الأحكام تتفاوت كثيرًا بحسب أحوالها ومراتبها وآثارها :

1.
فما كانت مصلحته خالصة – أو راجحة –، أمر بها الشارع الحكيم أمر إيجابٍ أو استحباب: كجلباب المرأة المسلمة مصلحته خالصة راجحة جاءت بها النصوص الشرعية في الكتاب والسنة، وأمر بها الشارع الحكيم أمر إيجابٍ فهو واجبٌ على وجه الإلزام بشروطه.
واختلف العلماء في غطاء الوجه ما بين إيجاب واستحباب، ولكل أدلته. فمنهم من قال بأنه على وجه الوجوب والإلزام يثاب فاعله ويأثم تاركه؛ ومنهم من قال بأنه على وجه الاستحباب يثاب فاعله، ولا يأثم تاركه؛ وتغطيته أكمل وأفضل .

2. وما كانت مفسدته خالصة – أو راجحة –، نهى عنه الشارع الحكيم نهي تحريمٍ أو كراهة : كالتدرج في النهي عن الخمر لما كانت مفسدته راجحة ومتيقنة، أمر الشارع الحكيم بالنهي عنه نهي تحريمٍ فهو محرم. والسفر مباح بل هو مستحبٌّ إذا كان إلى طاعة؛ فإن كان سفرًا إلى معصية فهو محرم بلا شك؛ وكذلك سفر المرأة بلا محرم، فإن مفسدته راجحة؛ وإن كان بظنها سفر طاعة كالسفر إلى الحج أو العمرة بلا محرم فهو محرم، لأنها فقدت الاستطاعة.
وهذا الأصل يحيط بجميع المأمورات والمنهيات، وأما المباحات فإن الشارع الحكيم أباحها وأَذِنَ فيها، وقد يتوصّل بها إما إلى:

1. الخير: فتلحق بالمأمورات. المباحات من الطعام والشراب وما يقوي البدن على الطاعة.
وكذلك المال إذا امتلكه المكلف من المباحات، فإن زاد عن قضاء حاجاته، فيلحق منه بالمأمورات من أوجه البر والإحسان والزكوات والصدقات.

2. الشر، فتلحق بالمنهيات. فالزينة مباحة أمام المحارم؛ منهيٌّ عنها أمام غيرهم؛ واللباس مباح، فإن أدى إلى الإسرافٍ والمخيلة والتبرج والسفور، أوكتب عليه شعارات ترمز لفرق تعرف بها، فتلحق بالمنهيات لما يترتب عليه مِن مفاسد؛ كما أن الموافقة الظاهرة تدل على الموافقة الباطنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [فلزوم زيٍّ معينٍ من اللباس سواءً كان مباحًا أو مكروهًا بحيث يجعل دينًا ومستحبًا وشعارًا لأهل الدين هو من البدع] ا هـ. [الاستقامة 1/ 260].

وترك الطعام بالكل على وجه الصيام المشروع مباحًا، ولكن إذا كان على وجه الإضراب عن الطعام ليهلِكَ نفسه، أو يلحق بها أذى، فهذا يُلحَق بالمنهيٌّات، ويجب عليه أن يأكل.
وكذلك يلحق بالمنهيات الإسراف والتبذير في إنفاق المال، أو إنفاقه في المعاصي والمنكرات؛ فشراء السلاح مثلًا مباح، فإن كان للدفاع عن النفس والوطن، أو الجهاد في سبيل الله ضد العدو بشروطه وضوابطه؛ فهو واجب، أما إن كان يثير به الرعب والاقتتال والفتنة بين المسلمين، والخروج على ولاة الأمور أصبح حرامًا، وهكذا. وهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

فلا ينبغي الخلط بين القواعد الفقهية، والقول بأن «الغاية تبرر الوسيلة» هو قول وليس بقاعدة فقهية؛ لأن الله – جلَّ في علاه - الذي شرع الغاية شرع الوسيلة، فلا مجال للتحايل وارتكاب المعاصي وانتهاك الحرمات، للوصول إلى تحقيق الغايات والمآرب والأهداف، إذا كانت وسائلها تعارض الشرع الحكيم.

قال شيخنا الألباني رحمه الله - تعالى-: [..... نحن نقول : هذه القاعدة ليست معروفة في الإسلام هذه القاعدة قاعدة الكفار، هم الذين نشروا هذه القاعدة بفعلهم وبثقافتهم، الغاية تبرر الوسيلة، الشرع لا يجيز الوسيلة التي ليست مباحة شرعًا في سبيل تحصيل مصلحة شرعية.

على العكس من ذلك، الإسلام أحيانًا يوقف الأخذ بالمصلحة دفعًا للمفسدة، وهنا القضية بالعكس، الغاية تبرر الوسيلة، يعني أن تتخذ وسيلة في سبيل تحقيق مصلحة، هنا يأتي في بالي الشعر القديم الذي ما أحفظ منه إلا الشطر الثاني، لعل الأستاذ يَمُدنا بمحفوظاته أنا لا أحفظ قوله ليت لم تزني ولم تتصدقي، إيش الشطر الأول؟.

مُداخلة :

أمُطعمة الأيتام من كد فرجها *** ويل لك لا تزني ولا تتصدقي.

الشيخ : فهذه تزني من أجل ماذا ؟ الغاية تتصدق، تغني وتبني مسجد بمالها المحرم، ليس لهذا المال ذلك الأجر الذي تبغاه من وراء بناء المسجد.

فهذه قاعدة كافرة - الغاية تبرر الوسيلة - وأرجو أن تفهموا هذا جيدًا، لأن كثير من الأحزاب الإسلامية تقوم تصرفاتها على هذه القاعدة - الغاية تبرر الوسيلة -، يصل أحيانا الأمر ببعض هؤلاء الأحزاب أن يفتروا على غيرهم من المسلمين تحطيمًا لهم لأنهم لا ينضمون إلى حزبهم، الغاية تبرر الوسيلة -، هذا ليس من الإسلام لا من قريب ولا من بعيد ...] ا هـ. [الإمام الألباني - سلسة الهدى والنور. الشريط رقم : -441].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-24-2017, 05:59 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

ولذا أذكِّر بالأصول التالية :

1.
[ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب]. وهي إما أن تكون أسبابًا تؤدي إلى تحقيق الواجب مثل الاستطاعة للحج، أو شروطًا شرعية يترتب عليها صحة التحقيق، مثل الطهور واجب لصحة الطواف والصلاة. والصلاة واجبة، لكن لا تقبل إلا بدخول الوقت والطهور، وحكمهما الوجوب.
والزكاة واجبة يتوقف أداؤها على حصول الشرط بملك النصاب وتمام الحول، ولا يتم إلا بمعرفة مقدار الزكاة فهو واجب. ومثله كثير، فإن نوى ذلك ترتب عليه بإذن الله ما يرجو من الأجر والثواب.

2. [ما لا يتم المسنون إلا به، فهو مسنون]. لأن من حافظ على المستحبات، فهو للواجِبات أحفَظ، ومن ضيَّع المُستحَبات يوشِك أن يَتهاون في الواجبات، كالسنن، النوافل، والسواك، وغيره.

3. [ما يتوقف الحرام عليه فهو حرام] : هو ما كان مَشروعًا في الأصل، واقترن به عارضٌ أو قرينة أو محرم فأدى إلى تحريمه؛ كالزواج مشروع فإذا لم يكن نكاحا شرعيا بعقد شرعي بشروطه يتوقف عليه الزواج فيحرم، وكذلك النظر مشروع، ولكن الله - تعالى - أمر بغض البصر للرجال والنساء، عن المرأة الأجنبية والرجل الأجنبي لأنه قد يؤدي إلى الزنا فهو حرام، وكذلك البيع والشراء حلال، ولكنه إذا كان عند النداء لصلاة الجمعة أصبح حرامًا.

4. [ووسائل المكروه مكروهة] : كالذهاب إلى المسجد والصلاة لمن أكل البصل والثوم نيِّئًا، والأكل مُتكئًا، والنوم قبل العِشاء والسمر بعدها، إلا في طاعة.

5. [ووسائل المكروه مُتفاوتة في الدرجات] : فمنه ما هو أدنى درجات الكراهة، وما هو في أعلى درجات الكراهة، ويتعيَّن ذلك بالقرائن، فأعلى درجات الكراهة المُتشابهات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بَشير – رضي الله عنه : (إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبِهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمَن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبُهات وقع في الحرام؛ كالراعي يَرعى حول الحمى يوشِك أن يقعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله، وإذا فسَدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلب) (متفق عليه).

ولم يمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – حتى بيَّن لأمته ما أحله الله – تعالى - وما حرّمه عليهم، وقد قال : (قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف؛ حيثما قيد انقاد]. (صحيح] (السلسلة الصحيحة 937].

1. والكراهة تنزيهيَّة : وتطلق على ما ثبت النهي عنه، ولكن ثبت ما يصرفه عن التحريم. ومثال ذلك :

أ. النهي عن الشرب قائما، فقد ثبت النهي عنه في صحيح مسلم عن أنس بن مالك – رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائما، وثبت عنه في الصحيحين من حديث ابن عباس– رضي الله عنهما - (أنه شرب من زمزم قائما).

ب. النهي عن الشرب من فم القربة الذي ثبت النهي عنه في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة مالك – رضي الله عنه - قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فم القربة). وقد ثبت ما يصرف هذا النهي عن التحريم شُربه - صلى الله عليه وسلم - من فم القربة، ففي سنن الترمذي من حديث كبشة بنت ثابت الأنصارية – رضي الله عنه - قالت) : دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشَرِبَ من فِيِّ قِربةٍ معلقةٍ قائما) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، فقد بيَّن شربه من فَمِ القربة أن النهي إنما هو للتنزيه .[فالكراهة تنزيهيَّة، ولكن لا تصل إلى درجة التحريم، وليس للعبد أن يَتهاون بها.

2. كراهة تحريميَّة، فقد تأتي بمعنى الحرام : كما في قوله - تعالى - : ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [سورة الحجرات: 7].

وقوله – تعالى - : ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ۞ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ۞ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ۞ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ۞ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ۞ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ۞ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ۞ كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [سورة الإسراء 31 - 38].

ويترتب على ما يقوم به المكلف من أحكام إما :

1. الصحة : وهو حكم شرعي يتعلق بالأفعال التي يقوم بها المكلف على الوجه الصحيح الذي قررته الشريعة الإسلامية، ويسمى الفعل في هذه الحالة " صحيح "، والصحيح تترتب عليه آثاره الشرعية وثوابه مع احتساب أجره، سواء أكان من العبادات أو العقود، أو التصرفات.

2. البطلان : وهو حكم شرعي يلحق بأفعال المكلفين إذا جاؤوا به على غير الوجه المشروع، ويسمى الفعل في هذه الحالة " باطل "، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية التي تترتب على الصحيح.
عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) (متفق عليه).


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-24-2017, 06:21 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

المصادر التي تستمد منها الأدلة الفقهية

1. القرآن الكريم :

كتاب الله المنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلا متواترًا بلا شبهة، تكفل الله – تبارك وتعالى - بحفظه بقوله : ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [سورة الحجر 9].

ولا خلاف بين المسلمين أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع، فقد أكمل الله - تعالى – به الدينُ قبل وفاة سيد الأنبياء المرسلين نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -، فهو حجة على الناس أجمعين، لما فيه من أحكام وأسس وركائز ناسخة لشرائع من قبلنا، ولا خلاف بين علماء وأئمة السلف الصالح عليها، إلا من شذ عن سبيل المؤمنين، وسلك سبيل مَن اتبعوا أهواءهم في تأويلاتهم الباطلة، تركوا النقل واتبعوا العقل فضلوا وأضلوا - والعياذ بالله -.

والله تعالى - يقول : ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [سورة الأحزاب 36].

قال الله - تعالى - : ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ۞ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ۞ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ [سورة المائدة 48 – 50].

2. السنة :

وهي لغة :
الطريقة المعتادة التي يتكرر العمل بمقتضاها؛ قال الله - تعالى - : ﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا [سورة الأحزاب 62].

واصطلاحًا : هو ما صدر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من قول أو فعل أو تقرير، لقوله – تعالى - : ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ۞ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ [سورة النجم 2- 4].

وقوله - تعالى - : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ [سورة النساء: 105].
فرض الله – تعالى – على أمته طاعته فرضًا مطلقًا لا شرط فيه بقوله : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [سورة النساء: 59].

وقوله - تعالى - : ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [سورة النور 54].

وقوله - تعالى - : ﴿لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة النور 63].

وحذر من مخالفةِ أمره، وجعل طاعته طاعةً لله – جل في علاه – : ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [سورة النساء 80].

وأمرنا بالتسليم والانقياد لأمره بقوله : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [سورة الحشر 7].
فعن عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه – قال : (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله!. قال: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد يقال لها: أم يعقوب ـ وكانت تقرأ القرآن ـ فأتته فقالت : ما حديث بلغني عنك؟ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟ فقال عبدالله : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في كتاب الله ؟ فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لوْحَيِ المصحف فما وجدته ! فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله - عز وجل - : ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فقالت المرأة : فإني أرى شيئًا من هذا على امرأتَك الآن، قال : اذهبي فانظري، قال : فدخلت على امرأة عبدالله فلم تر شيئاً! فجاءت إليه، فقالت : ما رأيت شيئا !. فقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : أما لو كان ذلك لم نجامعها). رواه الشيخان البخاري (4604). ومسلم (2125).

وهذا من أعظم الأدلة للرد على من يكتفون بالقرآن الكريم في تطبيق الأحكام الشرعية دون السنة، ويتسمون بالقرآنيين، وقولهم حجة عليهم، فها هو القرآن الكريم في مواضع كثيرة لا مجال لحصرها هنا، يأمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لن يكون إلا باتباع سنته وهديه، فقد جاءت مبينة لما في كتاب الله - تبارك وتعالى -، موضحة لأحكامه ولا يستغنى به عنها، ولا عنها به.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-24-2017, 06:55 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

من مصادر التشريع التبعية بعد الكتاب والسنة

1. الإجماع

الإجماع :
من مصادر التشريع التبعية بعد الكتاب والسنة، ودليل من أدلة الأحكام، ثبت بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة، تعرف في مظانها، من كتب أصول الفقه المختلفة.

الإجماع لغة : العزم والتصميم على الشيء. أجمعت أمري : أي : عزمت وصمَّمْت على فعله.

واصطلاحًا : [هو اتفاق المجتهدين من الأمة الإسلامية في عصرٍ من العصور بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم – على حكمٍ شرعيّ]. [الشوكاني ص 63] و [المستصفى 1/ 110].

ولا بد أن يكون إجماع العلماء مستندًا إلى أدلة من الكتاب والسنة، فإذا قُطِع بِإجماعهم وجب الرجوع إليه ولم تحلَّ مخالفتهم.

أنواع الإجماع

إجماع صريح : وهو إجماع الأمة، ويدخل في هذا التعريف إجماع علماء الأمة وسائر الأمة.
قال شيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - : [ويسميه هؤلاء العلماء "بما هو معلوم من الدينِ بالضرورة"، فما كان معلومًا من الدين بالضرورة، يشترك فيه كل الأمة لا فرق كما ذكرنا بين عالم وغيره .وهذا الإجماع إذا جحده مسلم أو أنكره يعتبر خارجًا عن الملة، خارجًا من الدين.

إجماعٌ نظري : وهو جمع أقوال العلماء الذين تكلموا في المسألة في عصر مُعيَّن فهذا الأمر مستحيل لا يمكن تحقيقه واقعيًا، وهذا سهل إن شاء الله تصوره، ذلك لأن العلماء في كل قطر ومصر كما نعلم جميعًا متفرقون، فمَنِ الذي يستطيع أن يتصل بكل فردٍ من أفراد العلماء ويأخذ آرائَهُم فيجدها كلها متفقة بعضها مع بعض ؟.

هذا أمرٌ مستحيل تحقيقه؛ ولذلك يقول الإمام أحمد رحمه الله كما ذكر ذلك ابنه عبدالله بن أحمد في كتابه مسائل الإمام أحمد : [وما يدريك ؟ من أدّعى الإجماع فقد كَذب وما يدريه لعلهم اختلفوا]، يشير إلى عدم إمكانية الإجماع لو وقع؛ لأنه يقول : [وما يدريك]، من أدّعى الإجماع فقد كَذب.

لذلك جنح بعض العلماء المُنصِفين إلى عدم التلفظ بلفظة الإجماع إلا إذا كان بالمعنى الأول، وهو المعلوم من الدين بالضرورة فيقول بدل إجماع " اتفق العلماء "، وهذا لا يعني أن كل عالم تكلم في هذه المسألة أولًا، ثم طابق كلام بعضهم بعضًا ثانيًا؛ وإنما الأقوال التي نُقِلتْ عن هؤلاء العلماء يوافق بعضها بعضًا؛ ولذلك فيقال في هذه الحالة : [اتفق العلماء]. يعبِّر عنه بعض العلماء بالمتفق عليه بين العلماء، ولا يسمونه إجماعًا.

من تلك الإجماعات إجماع منطقة معينة أو بلدةٍ خاصة من تلك المنطقة، كإجماع أهل المدينة مثلًا.
فالإمام مالك رحمه الله يَعْتَدُّ بإجماع أهل المدينة دون أي إجماع آخر. ذلك لأن المدينة كما نعلم جميعًا كان مقر واستقرار الدعوة الإسلامية في عهد الرسول عليه السلام والخلفاء الراشدين، فكان موئل ومجمع العلماء من كافة أقطار البلاد من الصحابة وغيرهم.

ولذلك فالإمام مالك رحمه الله يرى أن ما أجمع عليه علماء المدينة خاصة من الصحابة والتابعين الذين هو أدركهم في عهده هذا هو الإجماع؛ لكن الحقيقة التي يلحظها الباحث، بل يلمسه لمسَ اليدِ أن مع كون هذا الإجماع دائرته ضيقة جدًا، أي المدينة وليس العالم الإسلامي كله، يستدرك العلماء على الإمام مالك الكثير من الإجماعات التي ادعاها من أهل المدينة، ويقولون له : قد خالف هذا كثير من علماء المدينة بل سيد التابعين ألا وهو سعيد بن المسيب رحمهم الله – تعالى -.

فإذن هذا الإجماع المصغر والذي هو حجة الإمام مالك رحمه الله دون بقية الائمة، هذا الإجماع نفسه لم يمكن إثباته فكيف يمكن إثبات إجماع الأمة في سائر أقطار البلاد الإسلامية ؟.
ومن هذه الأنواع إجماع أهل الكوفة وهذا يحتج به الإمام أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه، ويقال فيه ما قيل في الإجماع السابق، ألا وهو إجماع أهل المدينة أي : أنه ينتقض بكثير من الأقوال التي تخالف الإجماع المُدَّعى.

إجماع سكوتي : هو أن يتكلم عالمٌ من علماء المسلمين المجتهدين، ويبدي رأيه في محضر فيسكتون، يظنون صحته لكونه من عالمٍ فاضلٍ تكلم ولم يعقب عليه أحدٌ صراحة باعتراف أو إنكار.

وفي رأي علماء الأصول أن الإجماع السكوتي هو أضعف الإجماعات؛ لأنه قد يتكلم المتكلم بقولٍ ويكون هناك في المجلس من يرى خلافه؛ ولكن يرى من المصلحة أن لا يتكلم بخلاف ما سَمِعَ من باب درء المفسدة الكبرى من المفسدة الصغرى.

هذا الإجماع يمكن أن تطمئن إليه النفس وتتقبله بشرط أن يتبع سبيل المؤمنين، ولا يخالف نصًّا من كتاب الله – تبارك وتعالى -، أو من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال الله عز وجل - : {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرا} [سورة النساء 115]. ا هـ. [سلسلة الهدى والنور، رقم الشريط (070).

2. القياس

القياس :
ثبتت حجيته بأدلة كثيرة من نصوص الكتاب والسنة والإجماع، لما فيه من اعتدال الشيء بنظيره، فنظير الحق حق، ونظير الباطل باطل.
عمل السلف بالقياس عند وجود النص دون إنكار. فيُعْدَل إليه إذا فُقِدَ النص، فهو أصل يُرْجَعُ إليه إذا تعذّر غيره، ولا يصار إليه إلا لضرورة.

القياس الصحيح : أطلق القياس في اللغة على : التقدير والمساواة، تقدير شيء بشيء.
يقال : قست القماش بالذراع، وقست الأرض بالميل، أي قدَّرْتُهُا، ثم شاع استعمال القياس في التسوية بين الشيئين الماديَّيْن أو المعنَوِيَّيْن.
القياس المادي : قياس جلي ظاهر بيِّن، كأن تقول : قست طول الثوب بطوله، وعرضه بعرضه.
والقياس المعنوي : هو قياس خفي، كشبه الولد جده، "نزعه عرق"، وكأن تقول : فضل فلان لا يقاس به فضل الآخرين، وعلم فلان لا يقاس به علم فلان.
والقياس اصطلاحًا : هو إلحاق مسألة لا نص على حكمها بمسألة ورد النص بحكمها في الحكم الذي ورد به النص لتساوي المسألتين في علة الحكم؛ فهذا الإلحاق يسمى : قياسا.

للقياس أربعة أركان : الأصل، والفرع، والعلة، والحكم.

الأصل :
وهو ما ورد النص بحكمه (من القرآن أو السنة) ويسمى المقيس عليه.

حكم الأصل : وهو الحكم الذي ورد به النص ودلت عليه الآية الكريمة، أو الحديث النبوي الشريف في المقيس عليه.

الفرع : هي المسألة التي لم يرد نص بحكمها، ويراد إلحاقها بالمقيس عليه، وتسمى الفرع أو المقيس.

العلة : وهو الوصف الموجود في الأصل، الذي شرع الحكم من أجله، وبناء على وجوده فيه، وهو الحامل للمجتهد أن يثبت حكم الأصل للفرع لوجود نفس الوصف (أو العلة) فيه.
أمثلة على القياس :

1.
يحرم البيع إذا نوديَ للصلاة من يوم الجمعة حتى تقضى الصلاة، لقول الله – تعالى - : ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ غ‍ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَï´¾ [سورة الجمعة 9 – 10].
ويقاس عليه في الحكم : الإجارة، والرهن، والنكاح في هذا الوقت؛ لوجود نفس العلة فيها جميعا، وهي الانشغال عن صلاة الجمعة.

2. حكم شرب الخمر : التحريم لورود النص بذلك، وعلة الحكم الإسكار، فكل نبيذ فيه هذه العلة يكون حكمه التحريم أيضًا قياسًا على الخمر. لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (ما أسكر كثيره فقليله حرام). (حديث صحيح) (صححه الألباني) رواه أبو داود في سننه، كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، رقم 3681]. ورواه [الترمذي في الأشربة باب "ما أسكر كثيره فقليله حرام" رقم : 1865].

3. قتل الوارث مُورِّثه : حكمه حرمانه من حقه من الميراث هو حكم الأصل، وعلة الحكم : هو استعجال تحصيل الحق قبل حلول وقت سببه، بسبب خاصٍّ محظورٍ شرعًا، فكان الجزاء من جنس العمل، دلَّ عليه القاعدة الأصولية : (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه).

4. ومثله : قتل الموصى له للموصي هو المقيس أو الفرع، وفي نفس علة الأصل فيأخذ حكمه.
وعملية إلحاق الموصى له القاتل بالوارث القاتل في الحرمان من الحق؛ وتسمى هذه العملية بالقياس.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-24-2017, 07:21 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

3. الاستحسان

الاستحسان :
من العلماء من قال بحجية الاستحسان مصدرًا من المصادر الفرعية للأدلة الفقهية المعتبرة، لأنه ليس إلا أخذًا بقياسٍ أو بدليل آخر.

الاستحسان لغة : عدّ الشيء حسنًا.

واصطلاحًا : هو العدول عن قياس جليٍّ إلى قياسٍ خفيٍّ لعلة، أو استثناء مسألة من أصل كلي أو قاعدة عامة لدليل يقتضي هذا العدول.

هذا بالنسبة للأدلة الفقهية، أما في العبادات : فالعبادات توقيفية لا مجال للاستحسان فيها، والأصل فيها المنع إلا لنص.

وأما من أنكر الاستحسان من العلماء : كالإمام الشافعي رحمه الله – تعالى – بقوله : [من استحسن فقد شرَّع]. ا هـ. فإنه أراد بالاستحسان العقلي أو العاطفي، وتشريع الأحكام بغير سندٍ قويٍّ ولا دليلٍ إلا التقليد،
أو اتباع الهوى أو الظن، فهذا كله لا يغني من الحقِّ شيئًا ولا يجوز، ولهذا سلم به أصحابه بعد أن تبينلهم مراد القائلين به .

قال الله – تعالى - : وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [سورة يونس 36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - تعالى - : [من ضيَّعَ الأصول حُرِمَ الوصول، ومن تركَ الدليل ضَلَّ السبيل]. [الدرر السنية في الكب النجدية 5/ 352].

ومن التعريف يتبيَّن أن الاستحسان نوعان :

النوع الأول :
ترجيح قياس خفي دقيق غير متبادر إلى الذهن، ولكنه أقوى، فيميل إليه المجتهد، ويأخذ بمقتضاه ويترك القياس الجلي، مثل بيع الأراضي الزراعية دون النص في عقد البيع على حقوق ارتفاقها كحق الشرب والمسيل والمرور، فهذه الحقوق لا تدخل تبعًا مع المبيع عند الحنفية، فإذا وقف شخص أرضًا زراعية ولم يذكر حقوق ارتفاقها صراحة، لا تدخل في الوقف قياسًا على البيع كما يقضي به القياس الجلي، لأن كلا من البيع والوقف إخراج المال من مالكه، ولكن عند التأمل في المسألة يظهر لنا أن قياسها بالإجارة أولى، لأن الموقوف عليه لا يملك الموقوف، وإنما يتملك منفعته فقط، ومقتضى هذا القياس الخفي دخول حقوق الارتفاق تبعًا في الوقف، ولو لم ينص عليها في الوقف قياسًا على دخولها في الإجارة من غير ذكر لها، لأن منفعة الموقوف لا يمكن تحصيلها من الأرض الموقوفة بدون حقوقها الارتفاقية، كما هو الحال في إجازتها.

النوع الثاني : استثناء مسألة جزئية من أصل كلي، أو قاعدة عامة :

قد تقتضي القاعدة العامة حكمًا كليًا ينطبق على جميع جزئيات القاعدة، لكن يظهر للمجتهد دليل يقتضي استثناء مسألة معينة من هذا الحكم الكلي فتُفرد تلك المسألة بحكم خاص، ودليل الاستثناء قد يكون نصًا، أو مصلحة، أو عُرْفًا أو غير ذلك. ومن الأمثلة :

أولًا : القاعدة العامّة تقتضي بأن بيعَ ما ليس عند الإنسان باطلٌ لأنه بيعٌ معدومٌ.
ولكن السلم – وهو بيع معدوم – استثني من البطلان، لورود النص بجوازه، وهو ما روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : (من أسلف فليسلف في كيل معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلوم).

والحق أن دليل جواز السلم هو السُّنة، ولكن الحنفية اصطلحوا على القول بأن السلم جاز استحسانًا، ثم يقولون : ووجه الاستحسان هو السنة، فهذا اصطلاحهم ولا مشاحة في الاصطلاحات.

ثانيًا : الأصل العام أن المحجور عليه لسفهٍ لا تصحّ منه التبرعات، ومنها الوقف.
ولكن استثني من هذا الأصل، جواز وقفه على نفسه للمصلحة استحسانًا، ووجه الاستحسان هو حفظ ماله وعدم صيرورته عالة على غيره.

ثالثًا : الأصل في الوقف التأبيد، ومقتضى هذا الأصل عدم صحة المنقول لأنه غير قابل للتأبيد بطبيعته، ولكن استثنى بعض العلماء وقف المنقول إذا جرى به العُرف استحسانًا كوقف الكتب ونحوها.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-24-2017, 07:39 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

4. المصالح المرسلة :

المصالح المرسلة :
هي المصالح التي لم يشرع الشارع أحكامًا لتحقيقها، ولم يقم دليل مُعَيَّنٌ على اعتبارها أو إلغائها، والمقصود بتشريع الأحكام تحقيق المصالح للناس بجلب المنافع لهم، ودرء المفاسد عنهم.

ومصالح الناس ثلاثة أنواع من حيث اعتبار الشارع لها :

1.
النوع الأول : مصالح اعتبرها الشارع وشرع الأحكام لتحقيقها، مثل مصلحة حفظ النفس، فقد شرع لها القصاص، ومصلحة حفظ المال شرع لها عقوبة قطع يد السارق، ومصلحة حفظ العقل شرع لها عقوبة شرب الخمر.

2. النوع الثاني : مصالح ألغاها الشارع الحكيم ولم يعتبرها لأنها تفوِّت مصلحة أكبر، مثل الاستسلام للعدو، لم يعتبره الشارع وإن كان فيه مصلحة حفظ نفوس المحاربين، لأن رعاية هذه المصلحة يفوِّت مصلحة أعظم هي حفظ البلاد من استعمار العدوِّ لها وإهدار كرامة أبنائها، ولهذا شرع القتال لدفعه وصدِّه.

3. النوع الثالث : مصالح لم يقم دليل من الشارع على اعتبارها أو إلغائها بنصٍّ أو إجماعٍ قياسٍ أو استحسان، قال الجمهور يجوز للمجتهد إيجاد الحكم المناسب لتحقيق هذه المصلحة للناس.

ومثاله : جمع القرآن في مصحف واحد من قِبَلِ أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، وتدوين الدواوين من قِبَلِ عمر – رضي الله عنه -، واتخاذ الصحابة السجون، وقتل الجماعة بالواحد، وتضمين الصناع ما يهلك بأيديهم من أموال الناس، وحق وليِّ الأمر في فرض الضرائب على الأغنياء عند الضرورة، ونحو ذلك.
5. سد الذرائع :

الذرائع معناها :
الوسائل والطرق والأفعال التي تؤدي نتائجها إلى تحقيق غرض معين، تفتح إذا كانت تفضي إلى الخير. وإن كانت تفضي إلى الحرام والفساد وجب سدها ومنعها.

ولكن غلب عليها استعمال الوسائل المؤدية إلى الشر والمفاسد، ولهذا قيل سد الذرائع، ويُراد به منع الأفعال وسد الطرق المؤدية إلى الشر والفساد، حسمًا لهذه الوسائل؛ فهو أصل فقهي معتبر تستقى منه الأحكام، وقد أخذ به الأئمة المجتهدون، وكان أكثرهم أخذًا بهذا المصدرالأمام مالك والإمام أحمد بن حنبل - رحمهم الله تعالى -.
والذرائع منها :

1.
ذريعة فاسدة بذاتها وتؤدي إلى نتيجة فاسدة، كالزنا، ولذلك حرمه الشارع، ومثله الربا، وأكل مال الناس بالباطل، وغيره مثله فهو حرام.

2. وسيلة حلال بذاتها، قد تؤدي إلى حرام وجب منعها؛ فبيع السلاح وشراؤه للدفاع عن الوطن والنفس والعرض والمال حلال؛ ولكن قد يترتب مفسدة أكبر إذا ساء استخدامه، أو بيع بلا ضوابط في زمن الفتن.

ومثله العنب هو حلال مباح قد يتخذ فاكهة تؤكل، فلا يمنع زراعته لاحتمال المصلحة، فإن زُرِع ليبيعه لمن يعلم عنه أنه يصنِّعْهُ خمرًا، صار حرامًا وجب تركه؛ حتى لا يعينه على عمله، أو يبوء بإثمه، لأن الإنسان مسؤول عن فعله، قال الله – تعالى - : ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [سورة المدثر 38].

وعليه أن يوازن بين المصالح والمفاسد؛ فإن وجد احتمالا لمفسدة "درء المفاسد أولى من جلب المنافع".

3. وسائل مباحة بذاتها أحلها الشارع الحكيم كالزواج، فإن تزوج من مطلقة ثلاثًا مُضمرًا تحليلها فقط ثم طلاقها كوسيلة لتعود إلى زوجها، فيمنع من ذلك لأنه لم يتزوج بنية بناء أسرة، إنما تزوج لأجل أن يُحِلَّها لزوجها الأول فنكاحه باطل، ولا تحل للأول وهي وسيلة فاسدة حذر منها الشارع الحكيم ولعن االله المحلل والمحلل له، ويمنع إطلاق البصر للأجنبي والأجنبية من غير المحارم، بغض النظر عن قصد صاحبه، لأن الناظر والمنظور إليه لا يأمن الفتنة، فإن كان المآل فسادًا، كان الفعل المؤدي إليه ممنوعًا سدًا لذريعة الفساد، وإن لم يقصد الفاعل بفعله الفساد. [نقلا عن المدخل إلى الشريعة (ص 171) باختصار].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-24-2017, 07:52 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

6. العرف:

العرف:
هو ما اعتاده الناس وساروا عليه في أمور حياتهم ومعاملاتهم من قول أو فعل أو ترك.
ويسمى أيضًا بالعادة على رأي كثير من الفقهاء، وبعضهم يجعل العادة الأمر المتكرر، وهو أعمُّ من العرف، فكل عرفٍ عادة، وليس كل عادةٍ عرفًا.
والقاعدة الفقهية في الأعراف والعادات تقول: «الأصل في العادات الإباحة إلا لنص».
وبعضهم يجعل العرف أعم بقوله: [والذي نختاره أن العرف والعادة سواء فهما اسمان لما ألفه الناس واعتادوه وساروا عليه في حياتهم، وهذا الذي يدل عليه كلام العلماء. [العرف والعادة للأستاذ فهمي أبو سنة] و [أصول الفقه للشيخ عبدالوهاب الخلاف (ص 97 – 98)].

وتتغير الأحكام المبنية على العرف والعادة بتغير الأعراف والعادات، ولهذا وجدت بعض الاختلافات بين الفقهاء من المذهب الواحد، ومردها إلى العرف، قالوا فيه: هو اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان. قال الإمام القرافي موضحًا لهذا المعنى: [الأحكام المترتبة على العادات تدور معها أينما دارت، وتبطل معها إذا بطلت ... وبهذا القانون تعتبر جميع الأحكام الشرعية المترتبة على العوائد - وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء -. [الفروق للقرافي جـ1 ص 176 وما بعدها].

أنواعه :

أولًا :
ينقسم العرف إلى عرف قولي وعرف عملي.

1. فالعرف القولي : مثل تعارف الناس إطلاق كلمة الولد على الذكر دون الأنثى، مع أنها في اللغة تطلق على الإثنين، وبهذا قال الله تعالى : ï´؟ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ غ– لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ï´¾ [سورة النساء 11].

2. العرف العملي : مثل : تعارف الناس البيع بالتعاطي، دون استعمال الصيغة اللفظية في البيع.

ثانيًا : ينقسم العرف من جهة عمومه إلى عرف عام وخاص :

1. العرف العام : ما يتعارفه الناس في جميع البلاد في وقت من الأوقات، كتعارفهم دخول الحمامات من غير تعيين مدة المكث فيها، ولا تعيين مقدار الماء المستهلك.

2. العرف الخاص : وهو ما يتعارفه أهل بعض البلاد، كتعجيل قسم من المهروتأجيل الباقي إلى أقرب الأجلين : الموت أو الطلاق.

ثالثًا : العرف من جهة صحته وفساده إلى قسمين : صحيح وفاسد.

1. العرف الصحيح : هو ما لا يخالف نصًّا من نصوص الشريعة، ولا قاعدة من قواعدها، وإن لم يرد به نص خاص.

2. والعرف الفاسد : هو ما يخالف أحكام الشريعة وقواعدها الثابتة، كتعارف الناس على كثير من المنكرات، مثل التعامل بالربا وشرب الخمر والقمار ونحو ذلك.

والعرف الصحيح هو العرف المعتبر، ولا خلاف في اعتباره والاعتداد به في استنباط وتطبيق الأحكام ونصوص العقود.
وأساس اعتباره يرجع إلى رعاية مصالح الناس ورفع الحرج عنهم، وقد راعته الشريعة في أحكامها، فقد أقرَّ الإسلام ما كان عند العرب في الجاهلية من عادات صحيحة، كفرض الدِّيَّة على العاقلة، وغيرها. [نقلا عن المدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية ص 172 - 174].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-24-2017, 08:06 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

7. الاستصحاب :

الاستصحاب لغة :
هو المصاحبة واستمرار الصحبة.
واصطلاحًا : هو الحكم ببقاء الشيء على ما كان عليه في الماضي حتى يقوم الدليل على تغييره.

أو هو بقاء الحكم الثابت في الماضي حتى يقوم الدليل على تغيره، وهو آخر ما يلجأ إليه الفقيه لمعرفة الحكم الشرعي، إذا لم يجده في مصادر الفقه المتتقدمة، فإذا ثبت أن فلان زوج فلانة، فإنه يحكم بقيام الزوجية بينهما حتى يقوم الدليل على زوالها.

وقد بني على الاستصحاب بعض المبادئ أو القواعد الشرعية، من ذلك :

1. الأصل بقاء ما كان على ما كان، حتى يثبت ما يُغيِّره، وعلى هذا فمن ثبتت حياته لا يحكم بوفاته، حتى تثبت الوفاة بالدليل. وعلى هذا الأصل بنيت أحكام المفقود في الفقه.

2. الأصل في الأشياء الإباحة، فكل عقد أو تصرُّفٍ أو حيوان أو نباتٍ أو طعام لا يُعرف حكمه لا في الكتاب ولا في السنة، ولا في المصادر الأخرى، فإنه يُحكم بجوازه وإباحته استصحابًا للحكم الأصلي للأشياء، وهو الإباحة.

3. اليقين لا يزول بالشك : فالشيء الثابت وجوده على وجه اليقين لا يحكم بزواله بمجرد الشك، فمن تيقّن الوضوء ثم شك بانتقاضه ، حكم ببقائه.

4. الأصل براءة : أي أ نَّ ذمة الإنسان تعتبر غير مشغولة بشيء حتى يثبت انشغالها به، فمن ادَّعى على غيره دينًا فعليه الإثبات. [نقلا عن المدخل إلى الشريعة (ص 178 - 1) باختصار].
8. الاجتهاد :

ومن العلماء من قال بأن الاجتهاد هو المصدر الرابع من مصادر الشريعة الإسلامية بعد الكتاب والسنة والإجماع، ويعبر عنه أيضًا باسم القياس، أو العقل، أو الرأي، باعتبار أن كلًا من هذه الثلاثة ما هو إلا أداة من أدوات الاجتهاد.
قال الله - تعالى - في ذلك لنبيِّه – صلى الله عليه وسلم – : ï´؟وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَï´¾ [سورة النحل 44].

وقوله تعالى - : ï´؟وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَï´¾ أي: يُعْمِلونَ بالاجْتهاد بيانًا لشريعة الله، حين لا يكون هناك نصٌّ فيما يريدون، وأنَّ الإذنَ بالاجْتهادِ - بل الأمْرُ به حينذاك - مُجْمعٌ عليه لَدَى كافة المذاهب الإسلاميَّة ومشَجَّعٌ عليه، ومأجورٌ به، لا مُحَرَّم عليهم كما جاهرَتْ به الشرائعُ الوضعيَّة. فإذا وجد النص فلا اجتهاد في مورد النص].

ليس الاجتهاد والعلم مقصورًا على الأئمة الأربعة كبار علماء الأمة، أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله – تعالى - واجتهادهم ومذاهبهم، ونحن إذ نقرُّ لهم بالفضل والعلم، نعلم بأن هناك مذاهب أخرى، في التابعين وأتباع التابعين والأئمة المعروفين مِن أهل العلم والفضل، كالإمام الأوزاعي، والثوري، وإسحاق بن راهويه، وابن عيينة، وغيرهم أئمةً كبارًا لهم آراءٌ ولهم معلومات جمَّة نقلها العلماء عنهم، فطالِب العلم المتبصر - إذا وقع الخلاف ينظر في الأدلة، ويأخذ ما وافق الدليل من أقوال الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم من أئمة الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان، ولهم فضل كبير، وعلوم جمَّة معلومة، جزاهم الله – تعالى - عن الأمة خيرا.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.