أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
64923 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام > مقالات مشرفي كل السلفيين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-28-2013, 01:02 AM
مشرفو منتدى (كل السلفيين) مشرفو منتدى (كل السلفيين) غير متواجد حالياً
.
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 33
افتراضي (10) تناقض الشيخ ربيع المدخلي في تأصيل موقفه من المخالفين,وكشف بعده عن رسوخ المؤصلين!

(10)

تناقض (الشَّيخ ربيع المدخلي) في تأصيل موقفه من المخالِفين

وكشف بعده عن رسوخ المؤصلين!!


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد:

فمِن شُروط العالِـمِ -في أيِّ علم اتَّفق-: «أن يكون عارفًا بأصولِه، وما ينبني عليه ذلك العلمُ، قادرًا على التعبير عن مقصوده فيه، عارفًا بِما يلزم عنه، قائمًا على دفع الشُّبَه الواردة عليه فيه ... غير أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ البتةَ ... فإن قصر عن استيفاء الشروط؛ نقص عن رتبة الكمال بِمقدار ذلك النقصان؛ فلا يستحق الرتبة الكمالية ما لم يكمل ما نقص»-كما قال الشَّاطبي في «الموافقات» (1/140-141)-.
وسائر الناس -بله العالِم المتمكن- لا بد أن يكون معه أصول كلية ترد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت؛ وإلا: فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «مجموع الفتاوى» (19/203):
«ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لسائر الأمة فنقول:
لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيَّات ليتكلَّم بعلم وعدل ثم يعرف الجزئيَّات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيَّات وجهل وظلم في الكليَّات فيتولَّد فساد عظيم».
وعلى قدر تَمكُّن العالِم من بناء الفروع الجزئيَّة على الأصول الكليَّة كان هذا علامةً على رسوخِه في العلم وتَمكُّنه منه؛ فعلامة الراسخِ في العلم (تصوُّر الشريعة صورة واحدة يخدم بعضُها بعضًا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة) -كما قرَّره الشاطبي في «الاعتصام» (1/245)- .
و«الراسخون في العلم: هم الثابتو الأقدام في علم الشريعة»، ولا تتحصل هذه المنزلة إلا لمن جمع وصفين:
الأول: الرسوخ في معرفة كلام العرب والعلم بِمقاصدها .
الثاني: الرسوخ في العلم بقواعد الأصول التي من جهتها تستنبط الأحكام الشرعية.
كما في «الاعتصام» (1/220)-للشاطبي- .

وأما مَن كانت فروعه الجزئيَّة لا تُبنى على أصوله الكليَّة، بل كانت فروعه متناقِضة فيما بينها؛ كان هذا علامةً على فساد التَّأصيل؛ كما قال ابن القيِّم -رحمهُ اللهُ- في كتاب «الفروسيَّة» (ص/199): «ليتدبر اللبيب ما في هذه الفروع من الفساد والتناقض الدال على فساد الأصل».
فكيف لو كان التناقض واقعًا في التأصيلات نفسِها؛ فيقرر المنتسب للعلم أصلًا في موضع ثم يَنقضه في موضع آخر؛ كان هذا التَّناقض -بلا ريب- أولَ مقامات فساد العلم الذي ينتسب إليه المعيَّن، كما ألمح إليه شيخُ الإسلام بقوله في «مجموع الفتاوى» (6/389): (فإنَّ التناقض أولُ مقامات الفساد).

فالتَّناقض الواقع في التَّأصيلات، أو بين التأصيل والتفريع، أو بين التأصيل والتطبيق العملي: مِن أظهر العلامات على فساد التَّأصيل، أو ضعف التَّنزيل، أو الجهل الوخيم.

ونحن -في هذا المقال-: سوف نسلِّط الضَّوء على (حقيقة رسوخِ علم) الشَّيخ ربيع المدخلي فيما تَميَّز به (!) وهو (منهج نقد المخالِف والموقف الواجب منه) ...
ذلك أن المتابِع لتقريراتِ الشَّيخ ربيع المدخلي في هذا الباب، يراه قد تناقضَ كثيرًا، واضطرب فيه اضطرابًا كبيرًا.
وبيان ذلك يتضح ببيان اضطراب الشَّيخ ربيع المدخلي في أصولِه التي بَنى عليها منهجَه وطريقتَه في النَّقد والموقف من المخالِف.

ومِن تلك الأصول:


الأصلُ الأوَّل:

الرَّدُّ على المخالِف


يُقرِّر الشَّيخ ربيع المدخلي أنه على كل مسلم صادق في دينِه ناصحٍ لله ولرسولِه وأئمة المسلمين وعامَّتِهم أن يَدين الله تعالى بالنُّصوص القرآنيَّة في النَّقد والجرح وإدانة الأقوال الباطلة، وعليه أن يَسلك مسلك السَّلف تجاه هذه النُّصوص فهمًا، وتطبيقًا:
كما هو نصُّ كلامه في مقدمة الطبعة الثانية لمقال «النصوصُ النبويةُ السديدةُ تدكُ قواعدَ الحزبيةِ الجديدة» -حيث قال-:
«فهذه النُّصوص القرآنيَّة والنبويَّة العظيمة -الآتية- مع تطبيق السَّلف لها على ألوف المقالات والأشخاص نقدًا وجرحًا وإدانةً للأقوال الباطلة، وجرحًا لأهل البِدع والمقالات الفاسدة على اختلاف نِحَلهم ومناهجِهم، ومقالاتِهم، ونقدًا وجرحًا لأهل الكذب والمتَّهَمين والمُخطِئين، والضُّعفاء، والمجهولين في نقلِ الرِّوايات ونقل الأقوال.
وجرحًا في الشُّهود وتحذيرًا من أهل الفساد والبدع، وغير ذلك من الأمور التي غايتها النصيحة لله وكتابه ولرسولِه ولأئمة المسلمين وعامَّتِهم، وحمايةً للدِّين والأمَّة من غوائل أهل البدع والمنكرات، وأنواع أهل الفساد .
وكل هذه الأمور قامت على بعض هذه النُّصوص فضلًا عن جميعها يَستشهد بها أئمة الجرح والتعديل على مشروعيَّة الجرح لمن يستحقُّه على اختلاف أنواع الجرح والمجروحين.
فعلى كل مسلمٍ صادق في دينِه ناصح لله كتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم أن يَدين الله في هذه النصوص، وأن يتمسك بها وبغيرها من النصوص القرآنيَّة والنبويَّة، وأن يسلك مسلك السَّلف تجاه هذه النصوص فهمًا، وتطبيقًا» .
ولهذا فهو يرى أنه لا بُدَّ من أن يعلَّم العامي العقيدة، ومعها يُحذَّر من أهل البدع بأعيانِهم فيُقال له فلان عنده بدع كذا وكذا، واستماعك له يضرك، وأن نُصح العوام بعدمِ قراءة كتب الردود يعرِّضهم للضَّياع، كما جاء في «مجموع الكتب والرسائل» (14/273) جوابًا على السؤال: «ما قولكم في شخص يُزهِّد في سَماع الرُّدود، ولَما سُئل عن سبب ما ذهب إليه؟ قال: إنَّ الذي سألني عن ذلك عاميٌّ؛ لا يُحسن قراءة القرآن، فما تعليقُكم بارك الله فيكم ؟
الجواب: إذا كان عاميًّا يُعلَّم العقيدة ويُحذَّر من أهل البدع، العوام الآن أكثرهم أصبحوا جندًا لأهل البدع فلا بُد من تحذيرِهم...، قل له: فلان عنده بِدع كذا وكذا، واستماعك له يضرك، فلا يقرؤون له ولا يَسمعون أشرطتَه ويحذرون من كلامه، يعني: العامي هذا بحاجة إلى مَنْ يُحذِّره، فيذكِّره بقاعدة: (إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم). فالآن العوام مُستهدَفون من أهل البدع، يقول لك: لا تتركهم يقرؤون في كتب الردود، لا، لا، هذا يُعرِّضهم للضياع».
نَقول:
ومِن هذا التأصيل -والذي خلط فيه الحقَّ والباطلَ- نشأ عند الشَّيخ ربيع ومُقلِّديه ظاهرةُ التربُّص بزلَّات المُخالِفين، ونقدِهم، والتوسُّعِ في الرَّدِّ عليهم .
لكن هذا التَّأصيل -على ما هو فيه!- قد نقضَه -وناقَضه- الشَّيخ المدخلي في مواضع عدة من كتُبه ورسائله، ومن ذلك:

أولًا: يُقرر الشَّيخ ربيع المدخلي أن معرفةَ مسالك أهل الشرِّ ليست واجبةً على كل أحد، وإنَّما هي من قَبيل فروض الكفاية:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (14/463-465):
«ينبغي لأهل العلم أن يَعرفوا من الواقع حملات المستشرِقين والمبشِّرين، يعرفونها ويدحضون الشُّبَه، ويحمُون الشباب من هذا الغزو الخبيث، بعض أهل العلم يتصدون لهذا، ويشتغل شبابُنا بالعلم الواجب، كما قال العلماء، وأجمعوا على أن العلمَ منه ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية:
فرض العين معرفة الشهادتين ومعناها، ومعرفة الصلاة وما لا تصحُّ إلا به، وما يفسدها، ومعرفة الحج، ومعرفة الصوم، والزكاة، إذا كان لديك مالٌ حينئذٍ عليك أن تعرف أحكام الزكاة، إذا توفَّرت عندك الاستطاعة الماليَّة والبدنية للحج يجب أن تبحث عمَّا يصحُّ به حجُّك وما يفسده، إذا ما وجدتَ المال ما يجب عليك أن تدرس أحكام الزكاة.
ثم على الأمَّة أن يوجد فيها أناس يعلمون تفاصيل الشريعة الإسلامية، ثم يتوزّعون فرض الكفاية؛ لأنه لا أحد يستطيع أن يستوعب كل فروض الكفايات، فروض الكفاية تجب على طبقة من الناس، ما يجب على كل أحد أن يُلمَّ بكل فروض الكفايات، بل نُوَزِّع فروض الكفايات.
القُضاة يَلزمهم أن يعرفوا ما يجب عليهم في هذا الحقل، المدرِّسون يلزمهم أن يعرفوا ما يجب عليهم في هذا الحقل، الدُّعاة يجب عليهم ما يتعلق بالدعوة، [... إلخ]، حتى علوم الشريعة لا نقول: أنه يجب عليه أن يعرف تفاصيل الشريعة، كذلك لا يجوز لنا أن نفرض عليه أن يعرف الواقع.
أصبح - مع الأسف -بكل صراحة- الذي لا يفقه الواقع لا قيمة له، يعني: كلنا نعرف الواقع؟
هذا غلط، تضيعُ مصالحنا، تضيع أمَّتُنا، إذا اشتغلنا كلنا بِمعرفة الواقع، إذا عرفتَ أنت يكفينا، أنت عندك اتجاه إلى معرفة الواقع أستفيد منك، أكمِّلك وتكمِّلني، أنت تحتاج إليَّ في الفقه تحتاج إليَّ في الحديث، وأنا أحتاج لك في الواقع.
الغُلو في علم الواقع وفقهِ الواقع أصبح مِعوَلًا هدَّامًا، علم الواقع كما قلتُ لكم يحتاج إلى قليل يختصُّون فيه، وبقية الناس كل واحد يشتغل بجانب من جوانب حياة المسلمين.
واللهِ نحتاج إلى المحدِّثين البارعين مِمن يحفظ البخاري ومسلمًا، ويعرف مراتبَ الرجال جرحًا وتعديلًا، ويميِّز بين صحيح الحديث وسقيمه، ويعرف علوم الحديث لا سيَّما علم الجرح والتعديل وعِلل الحديث».
وقال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (10/585): «انظر -أخي- ما الذي على المكلَّف من أركان الإسلام؛ فلا يلزمه من معرفة أعمال الصلاة إلا ما لا تتم إلا به، ولا يلزمه علم كل ما يتعلَّق بالصلاة من تفاصيل وأدلة، ولا يجب عليه ما يجب من علم الزكاة والحج إلا إذا كان ذا مال وقدرة عليهما، وإلا؛ سقط عنه الوجوب فيهما، وسائر الأشياء المحرمة لا يجب عليه إلا معرفة تحريمها في الجملة، ولا يجب عليه دراسة تفاصيلها وأدلتها.
فعلى أي برهان وعلى أي أساس يُيالِغ ويُغالي بعض الناس في الإشادة بفقه الواقع السِّياسي، ويشترط له تلك الشروط، وتُجعل علوم الشريعة من مقوِّماته التي تزيد على أركان الإسلام، ويُضَخِّم ويبالغ في إلزام الناس به، حتى يُضَلِّل مَن لا يعتني به أكثر من الإسلام نفسه، ويُحَمِّلون نصوص القرآن والسُّنَّة وكلام العلماء ما لا يَحْتَمل ولا يخطر على بال، ويُهانُ به العلماء، وتُسقط فتاواهم، بل تُرَدُّ به نصوص السُّنة وقواعد الشريعة وأقوال الأئمة السابقين واللاحقين عند كثير ممن لا يَعقل عن الله ولا عن دينه شيئًا، إنَّها واللهِ لَكارثة في الدِّين».
وقال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (10/587):
«أنا أعتقد في نفسي أنه من المصلحة، بل من الضرورة: أن نعرف ما يخطِّط لنا الأعداء، وأنَّه يجب أن نُعِدَّ العدة لإحباط مكايدهم، لكني لا أغلو في ذلك، بل أرى ما يراه علماؤنا وأجمعوا عليه: مِن أن من الواجبات ما هو فرض عين، ومنه ما هو فرض كفاية، فإذا كان معرفة واقع الأعداء شرًّا لا بدَّ من معرفته؛ فإنه ينزَّل منزلة فرض الكفاية، إذا قام به البعض [هذا البعض هم ولاة الأمور وأهل الحلِّ والعقد من العلماء وغيرهم-كما سيأتي توضيح ذلك]؛ سقط الحرج عن الباقين-».
نَقول:
فإن كانت معرفة مسالك أهل الشرِّ ليست واجبة على كل أحد، وإنَّما هي من قَبيل فروض الكفاية ...
- سقط -صراحة- القول بِلزوم معرفة أحوال المخالِفين من المجروحين على كل أحد.
- وسقط -كذلك- أصل القول بالامتحان في معرفة أحوال المخالِفين؛ فلا يُمتحن إلا مَن وجبت عليه الإجابة المسبوقة بالمعرفة؛ فإن كانت المعرفة غير واجبة على كل أحدٍ من المعينين سقط وجوب الامتحان على كل أحد من المعينين!!
- وسقط كذلك أصل القول بإلزام -كل أحد- على الموافقة على تجريح المخالِفين؛ لأن الإلزام هو الإيجاب، ولما كانت معرفة أحوال المخالِفين غير واجبة على كل أحد من المعينين، لم يكن من وجه (لإلزام = إيجاب) كلِّ أحد على الموافقة على التَّجريح!!

ثانيًا: ويقرِّر الشَّيخ ربيع أن الرُّدود على أهل الأخطاء وأهل الأهواء مِن فروض الكفايات، وأن مَن يوجبُها على الأعيان هم الحدادية الغُلاة:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (9/525): «إنَّنا على منهج السَّلف في الرُّدود، وقد أقرَّها علماء المنهج السلفيِّ، وقرَّت بها أعينُهم، وأسقطت عنهم الواجب الكفائيَّ باعتراف كثير منهم.
ومن المنهج السَّلفي: أن الرُّدود على أهل الأخطاء وأهل الأهواء من فروض الكفايات، ولعلَّ أصل المنهج الحدَّاديِّ يوافق على هذا، لكنَّ المنهج الحدَّادي الباشميلي هو الذي يفرض الرُّدودَ بشدَّةٍ، ويجعلها من فروض الأعيان».
نقول:
إن كانت الرُّدود على أهل الأخطاء وأهل الأهواء مِن فروض الكفايات، وأن مَن يوجبُها على الأعيان هم الحداديَّة الغُلاة؛ عُلم وجه المشابَهة والاشتراك بين الحداديَّة وبين أحد قولَي الشَّيخ ربيع المدخلي! وعُلم مدى مشابَهة كثير من أَتباع الشَّيخ ربيع المدخلي للحداديَّة في أقوالها وسلوكيَّاتِها!!

ثالثًا: يقرِّر الشَّيخ ربيع أن أئمَّةً مِن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين يَكرهون الردود على أهل البدع والاستماع إلى شُبَهِهم؛ فمَن سار مِن العلماء على هذا المنهج لا يُطعن فيه، ويُنسب هذا إلى الإمام أحمد -رحمهُ اللهُ-:
كما قرَّره في «مجموع الكتب والرسائل» (10/113-114): «أين مؤلفات الصَّحابة والتابعين وأتباع التابعين في الرُّدود على أهل البدع وأهل الإلحاد والزَّندقة التي استفدت منها أنَّهم كانوا قد عصرنوا دينَهم لمواجهة أعداءِ اللَّه وأعداء السُّنة والحق.
فإن قلت: قد كانوا يتكلَّمون في ذلك فأقول: ليس كلهم كذلك فقد كان أئمَّة منهم يكرَهون الردود على أهل البدعِ والاستماع إلى شُبَهِهم فمن سار من العلماء على هذا المنهج لا يُطعن فيه.
ثم إن الإمامَ أحمد كان لا يرى الردَّ على أهل البدع ويَنهى غيرَه عن الردِّ عليهم، ولَما امتُحن بفتنة القول بخلقِ القرآن وغيرها وقَوِيَ سلطان أهل البدع اضطر للردِّ عليهم، ولكنه كان بالقرآنِ والسُّنة، لا بتحديث ولا عصرية ثم ألَّف أهلُ هذا المنهج عشرات الكتب والرسائل في بيان الحق وردِّ الباطل كل ذلك قائم على الكتاب والسُّنة بدون تحديث أو عصرية».
نقول:
إنْ كان أئمةٌ من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وكذلك الإمام أحمد يكرهون الرُّدودَ على أهل البدع والاستماع إلى شُبَهِهم، وأن من سار مِن العلماء على هذا المنهج لا يُطعن فيه، عَلِمْنا بطلانَ إنكار الغُلاة على مَن لا يعبأ بقراءة كتب الرُّدود، ولا يعبأ بالرُّدود على المخالِفين!!

رابعًا: ويُقرر الشَّيخ أن الوقوفَ عند مثالب كلِّ مَن له خطأ أو زلَّة لسان لا يُعرف عن أحد من أهل السُّنَّة، بل المعروف عنهم عدمُ التوسُّع في ذلك بل يبيِّنون المثلب عند الحاجة إلى البيان ثم يَشتغلون بما يهمُّهم من أمور دينهم ودنياهم:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (10/135): «وأما قولك: (والوقوف عند مثالب كلِّ مَن له خطأ أو زلة لسان).
فنقول: هذه مبالغة شنيعة وشِنْشِنة أعرفها من أخزمَ، ولا يُعرف أحدٌ من أهل السُّنَّة يصدق عليه هذا الوصف حتى لو كانت من أعظم البدع؛ فإن الذي نعرفه عنهم أنهم يبيِّنونها عند الحاجة إلى البيان ثم يشتغلون بما يهمُّهم من أمور دينهم ودنياهم».
نقول:
وبهذا التقريرِ نعلم فسادَ طريقة الغُلاة الذين يترصَّدون الزَّلات، ويتتبَّعون العثرات، ويتكلَّفون التعقُّبات على المخالِفين الذين لم تَقم الحاجة الشرعيَّة لبيان ما عندهم من مخالَفات.

خامسًا: ويقرر أنَّ كثيرًا من المحدِّثين لم يدخلوا في باب الجرح والتَّعديل، بل تركوا هذا الشأنَ لأهله من كبار النُّقَّاد الذين منحهم اللهُ مواهب وأهَّلهم بها للنُّهوض بهذا الشأن:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (15/145): «كثير من المحدِّثين لم يدخلوا في باب الجرح والتَّعديل، ولا بابَ التَّصحيح والتَّضعيف والتَّعليل ,تركوا هذا الشأن لأهلِِه من كبار النُّقَّاد من أمثال: شعبة وسفيان الثَّوري ويحي بن سعيد القطان وعبد الرَّحمن بن مهدي، ثم طبقة تلي هؤلاء مثل الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني، ثم البخاري وأقرانه كأبي زرعة وأبي حاتم، وهكذا إلى يومنا هذا لا يتصدَّى لهذه الأمور إلا أناس منحهم اللهُ مواهب وأهَّلهم بها للنهوض بهذا الشأن».
نقول:
إن كان كثير من المحدِّثين لم يدخلوا في بابِ الجرح والتعديل، بل تركوا هذا الشأنَ لأهله من كبار النُّقَّاد الذين منحهم اللهُ مواهبَ وأهَّلهم بها للنهوض بهذا الشأن؛ فما وجهُ دخول مَن لا يداني كُعوبَهم فيه!!
بل ما وجهُ دعوة العوام من السَّلفيِّين لاقتحامِه والتَّجرُّؤ على عباد الله من خلاله وهم ليسوا من أهلِه، وليسوا مؤهَّلين للنُّهوض بشأنه!!
فمَن غرَّر بهم هو مَن أوقفهم على (حُفرة من حفر النِّيران = أعراض المسلمين)؛ وبالتَّالي هو مَن يبوء بإثمهم وذنبهم!!!

سادسًا: ويقرِّر أن إعلانَ الردِّ على المخالف مضبوط برجحان مصالح الإعلان على مفاسده:
كما قرَّره في «مجموع الكتب والرسائل» (9/143-144): «إن العلماءَ الفقهاء النَّاصحين قد يسكتون عن أشخاص وأشياء مراعاة منهم للمصالح والمفاسد.
فقد يترتَّب على الكلام في شخصٍ مفاسد أعظم بكثير من مفسدةِ السُّكوت عنه.
فقد سكت رسولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذِكر أسماء المنافقين، ولم يُخبِر بأسمائِهم أو بعضها إلا حذيفة، ومتى كان يصعدُ على المنبر ويقول فلان منافق، وفلان منافق.
كل ذلك مراعاة منه للمصالح والمفاسد.
وكان قَتَلَةُ عثمان في جيش علي -رضي اللهُ عنهُ-، وما طعن كبارُ الصَّحابة الباقين في عليٍّ -رضي اللهُ عنهم-، ولا أحد مِن عقلاء التابعين، وما كانوا يرضَون بالتَّشهير بِعَليٍّ، والأحكام على هؤلاء القتلة، وكان ذلك منهم إعذار وإنصاف لِعَليٍّ، لأنه لو أخرجهم مِن جيشه أو عاقبهم لترتَّب على ذلك مفاسد عظيمة، منها الحروب وسفك الدماء وما يترتب على ذلك من وهن الأمة وضعفها.
فهذا العمل منه من باب ارتكاب أدنى المفسدتَين لدفع أكبرِهِما.
وهذا ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم لماذا لم يُبيِّنا عقيدة النَّوويِّ -وغيره-، وأئمةُ الدعوة لم يُبيِّنوا عقيدة النووي وابن حجر والقسطلاني والبيهقي والسيوطي -وغيرهم-؟
فلا تظن أن كل تصريح نصيحة، ولا كل سكوت غشًّا للإسلام والمسلمين.
والعاقل المنصِف البصير يدرك متى يجبُ أو يجوز الكلامُ ومتى يجب أو يجوز السكوت».
وقال -أيضًا- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/130): «كان ينبغي أن تحاول أن تعرف أسبابَ سكوت العلماء عن الأمور التي تُفتي فيها، فلعلك تجدُ عندهم الحجَّةَ المقنعة، وتعرف صوابَ موقِفِهم، ومثل هذه المشاكل ينبغي أن تُعرض على العلماء، فإن في مشاورتِهم خيرًا كثيرًا، فقد يرجِّحون الكلام فيها وقد يرجِّحون عدم الردِّ المعلَن ويُؤْثِرون توجيهَ النصائح فإما أن يستفيد المنصوح، وإما أن يعاندَ فيكون قد عرَّض نفسَه لنقد العلماء ولإسقاط نفسه.
وبِمثل هذه الأسباب تَضمن وحدةَ الكلمة مع إخوانك وشيوخك ويَسلم الشبابُ من التفرُّق والتمزُّق الأمر الذي حصل فعلًا، وكان شديدًا بسبب التفرُّد والتسرُّع».
ويقول -كذلك- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/318): «هذا هو الفقه لدِين الله فالعالِم بِدِين الله -تبارك وتعالى- تارةً يأمر بالمعروف إذا كانت مصلحة الكلام والأمر راجحة، وتارةً يسكت ويتنازل عن واجبِ الأمر بالمعروف إذا كان الكلام يُؤدي إلى مفسدةٍ راجحة .
وهذه الأمور لا يُدركها فالِحٌ، ولا يعمل بِها، ويُنبَّه إلى متابعة العلماء في هذا الفقهِ فيرفض ويستهين بالعلماء ويتَّهمهم بالجهل والكتمان» .
وقال في (9/236)-من المرجع-نفسِه-: «ما رأيكم في هذا التَّسامح الذي قام على جلب المصالح ودرء المفاسد، أليس لنا في رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسوة حسنة.
فلعل العلماء الذين ترى سكوتَهم تنازُلًا وربَّما رأيته كتمانًا وخيانةً أبعدُ نظرًا منك وأعرَفُ بالمصالح والمفاسد، وأعرفُ بالقواعد والأصول، وما يترتَّب على المواقف والتَّصرُّفات.
وإلى الله المشتكى مِن تسرُّعات ومبادرات ليس فيها أيُّ التفاتٍ إلى هذه الأمور العظيمة فأذاقت الدعوةَ السَّلفيةَ الأمرَّيْن وأوقعتها في غربةٍ وكربة».
نقول:
إن كان إعلان الردِّ على المخالف مضبوط برجحان مصالِح الإعلان على مفاسده!! فهل كانت مصلحة الدَّعوة السَّلفية راجحةً في الإعلان عبر صفحات النِّت عن المعارك والحروب التي شنَّها الشَّيخ ربيع المدخلي على مُخالِفيه، وجعل الشبكةَ العنكبوتيَّة ساحةَ صراعٍ انتقل من العالَم الرَّقمي الافتراضي إلى الواقِع الحِسِّي؛ فتسبَّب بتفريق كلمة السَّلفيين في العالَم الإسلامي!!



الأصلُ الثَّاني:

عدمُ اشتراطِ التَّثبُّت مِن خبرِ المُستفتِي في معيَّن

انتقد الشَّيخ ربيع المدخلي الشَّيخ عدنان عرعور -الذي أنكر على الشَّيخ ربيع اعتمادَه على خبر المجاهيل في نقدِ المعيَّنِين-؛ بتقرير عجيب مفادُه أن (التَّثبُّت موضعُه غير الاستفتاء) يعني: في المعيَّن!!
كما قاله في «مجموع الكتب والكتب والرسائل» (11/126-127) -جوابًا على السؤال التالي-: «السؤال الأول: عن قول عدنان الآتي: ({يا أيُّها الذين آمَنُوا إنْ جاءَكُم فاسِقٌ} فهذا الرَّجل الذي يسأل الأسئلةَ على الهاتف مجهول غير معروف عند العلماء؛ فكيف أفتى العلماء في عَينٍ بناءً على مكالَمة من مجهول.
لكن لي معهم موقف بين يدي الله -عزَّ وجلَّ- فهذه الفتنة لَم تغبِّر ظُفُري، ولكن غبَّرت المسلمين وغبَّرت المراكز الإسلامية، وأحدثت فتنة بين الشباب ووصلت إلى حدِّ الضرب كان سببها الشيوخ.
وهذا الكلام مسجَّل فليسمعه مَن يسمعه ليه كان سببه الشيوخ؛ لأنَّهم ما تثبَّتوا. لو أنهم تثبَّتوا. قالوا -أين قال هذا- كيف قال هذا هو موجود) .
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن اتَّبع هداه، أمَّا بعد:
فإنِّي أسأل الله -تبارك وتعالى- التَّسديد والتَّوفيق لقول الحقِّ وردِّ الباطل الذي أسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعَ عبادَه المؤمنين الذين يتطلَّعون إلى معرفة الحق وإلى التَّميُّز بين الحق والباطل في أقوال النَّاس.
أرى هذا الكلام الذي عرضتَه عليَّ: أن عدنان يشترط على المفتي إذا جاءه سؤال أن يتثبَّت: أين قال هذا؟ ومَن قال هذا؟
وهذا لا يُعرف، والتثبُّت موضعه غير الاستفتاء.
ربنا قال للجاهلين: {فاسألوا أهلَ الذِّكرِ إن كنتم لا تَعلَمون}.
والعالم إذا جاءه سؤالٌ بأي صيغة من السَّائل لا يلزمه أن يتثبَّت ويقول:
مَن قال هذا الكلام؟ وأين قائل هذا؟ وأين قيل هذا الكلام؟ ومتى قال هذا الكلام؟ لا يلزمه هذا.
هدف السَّائل الاستفادة من إجابة هذا العالِم في أمرٍ التَبَس عليه ويجهل أحقٌّ هو أم باطل؟ أصواب أم خطأ؟
فوظيفة العالِم أن يجيب على السؤال الذي طُرح فيه هذا الكلام المعين.
يجيب لا يشترط أن يتثبَّت: أهذا الكلام قاله فلان أو ما قاله فلان ،ولا يجب أن يعرف السائل».
نقول:
وبناءً على هذا الأصل، صار الشَّيخ ربيع سَمَّاعًا لكل جَرحٍ يأتيه في الأفاضل، وهو وإن لم يعتمد عليه في توجيه التُّهَم، لكنه يعتمدُه لترجيح جانب سوء الظنِّ فيهم.
وهذه السَّماعات هي التي تجعله يتأوَّل كلامَ خصومه ليتوافق مع مسموعاته عنهم.
لكن الشَّيخ ربيعًا لم يثبُت على هذا التَّأصيل بل ناقضه ونقضَه -لما تعلَّق الأمر به- وذلك في مواضع عدة، ومن ذلك:

أولًا: قرر الشَّيخ ربيع المدخلي أنه على العالِم-فيما إذا أراد أن يحكم في مسائل الخلاف المعاصرة بين السَّلفيين- أن يتثبَّت مما عليه كل طرَف؛ فيعرف حال النَّقَلة، وينظر فيما تضمَّنه نقلُهم، ويستحضر تواريخَ النقولات، ويقارن المنقول مع ما عليه حال مَن نُقل عنه في كتُبِه ومَواقِفِه وأشرطَتِه، ثم يدرس كلَّ ما ردَّ به الطَّرَفان أحدهما في الآخر سواء في الكتب أو في الأشرطة:
وذلك في معرض ردِّه على الشَّيخ محمد بن صالح العثيمين عندما حكم عليه بناءً على السَّماع من الشَّيخ عدنان عرعور؛ فقال في «مجموع الكتب والرسائل» (11/79-80): «وأنا أعتب على الشَّيخ محمد [بن صالح العثيمين] أشدَّ العتب في إصدار هذا الحكم مع رجاء أن يعيدَ النظر في هذا النص بالذَّات:
1ـ فالناقل -وهو عدنان- كذوب، فكيف يُحكم عليَّ بناء على نقل كذوب؟!
2ـ ليس في النصِّ المبتور -على علاَّته- ما نسبه إليَّ عدنان من القول بأن عقيدة سيِّد قطب صحيحة حتى يرتِّب عليه هذا الحكم.
3ـ وكان على الشَّيخ محمد استحضار كل ما انتقدتُ فيه سيِّد قطب، واستحضار تأريخ هذا القول، وتأريخ كتاباتي في نقد سيد قطب.
4ـ وإعادة النَّظر في كل ما قاله عدنان في سيد قطب في كتبه ومواقِفه وأشرطته مع معرفةِ تواريخ هذه الأقوال، هل هي حقًّا قديمة أو حديثة؟!
ثم بعد ذلك يحق له أن يُصدر الحكم، الذي يُبيِّن المُحقَّ مِن المبطِل، والظالِمَ من المظلوم، ومَن يسير على منهج أهل السُّنَّة والجماعة في نقدِه ومواقفه، ومَن يسير على أصول فاسدة ومناهج ضالة، فيكون هو الخطير وقوله هو الخطير».
وقال الشَّيخ ربيع في «مجموع الكتب والرسائل» (11/175): «أما ما يتعلَّق بالمطالبة بالمحاكمة عند ابن عثيمين، فقد طلب هذا منه وأرجف عليه إرجافًا شديدًا وتظاهر بأنه مظلوم وأنه ظلمه ربيع و..و.. إلى آخره، فاتَّصل عليَّ ابن العثيمين يعرض عليَّ المحاكمةَ، فأقنعتُه بأن هذه الأمور لا يحاكَم فيها، فإن هذا دافَعَ عن أهل البدع ووضع قواعد فاسدة بدعيَّة وفَعل.. وفعل.. وفعل..، ثم هل عندك استعداد أن تدرس كل ما دار بيني وبين عدنان في الكتب والأشرطة قال: لا، ما عندي استعداد».
نقول:
إن كان على العالِم -فيما إذا أراد أن يحكم في مسائل الخلاف المعاصرة بين السَّلفيين- أن يتثبَّت مما عليه كل طرَف؛ فيعرف حال النَّقَلة، وينظر فيما تضمَّنه نقلُهم، ويستحضر تواريخ النقولات، ويقارن المنقول مع ما عليه حال مَن نُقل عنه في كتبه ومواقفه وأشرطته، ثم يَدرس كل ما ردَّ به الطرفان أحدهما في الآخر سواء في الكتب أو في الأشرطة، ثم بعد ذلك يحكم!!
فهل يصنع أدعياء العلمِ مِن مُقلدة الشَّيخ ربيع المدخلي مثلَ هذا، أم يَكتَفون بأن يَعْلموا أن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قد ردَّ على مُعيَّن أو زكَّى الردَّ عليه؛ ليكون هذا كافيًا في تسقيطِ المردود، من غير حاجةٍ للنَّظر في أقواله وأدلَّتِه وما دافع به عن نفسِه، أو ردَّ به على خصمِه ومُخالِفه!!
ومنه تعلم بطلانَ قول الشَّيخ الجابري الدَّال على غُلوه في الشَّيخ ربيع المدخلي -مع مُخالفته له في تأصيله- حيث قال: «أنا أقول لكم أنا شخصيًّا واللهِ ما قرأتُ كل ما كتبه الشَّيخ ربيع -حفظه الله وحفظ جميع علماء الإسلام والسُّنة بالإسلام والسُّنة في الحياة وبعد الممات-، ما كتبه الشَّيخ ربيع حفظه الله عن سيد قطب، واللهِ ما قرأته كلَّه، أبدًا، ولكن فهمتُه، قرأت بعضَه ففهمت البقيَّة لأن الشَّيخ ربيعًا عندي صاحب رايةٍ يرفع بها لواء السُّنة ويذبُّ عنها وعن أهلها، فما رفعها -ولله الحمدُ- في وجه مُحارب مُعادٍ للسُّنة إلاَّ عادت هذه الرايةُ منصورة مؤزَّرةً قويَّةً ما لانت ولا عانت، وقد فضح بها -ولله الحمدُ- أهلَ البدع والضلال وأساطين أهل البدع والضلال، فكفاني أن الشَّيخ ربيعًا ردَّ على فلان، أو أن الشَّيخ محمد بن العيثمين ردَّ على فلان، كفاني». -كما في شريط «الحد الفاصل بين الحق والباطل»-!!


ثانيًا: وقرر الشَّيخ ربيع المدخلي أنه من الضروري مراعاةُ سياق كلامِه وقرائنه وأدلَّته، وذلك في معرض ردِّه على الشَّيخ فالِح الحربي الذي انتقد بعضَ عباراتِه التي تُفيد جواز التَّنازُل عن الأصول للمصلحة:
فقال في «مجموع الكتب والرسائل» (9/213): «لقد سلك فالِح مسلكًا رديئًا ظالِمًا في عرض كلامي؛ فهو يعرض نُتَفًا من كلامي، ويُخفي مجموعَ سياقه وأدلته وقرائنه، ثم يُرجِف بما يوافق هواه، ويؤكِّد عليه».
وقال -أيضًا- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/226-227): «فجاء هذا الرجل فانتزع كلمةَ (أصول) من سياقها وسِباقها وقرائنها وأدلَّتها، تلك الأمور التي تُبيِّن أن كلامي حق، انتزعها وضمَّ كلمة ( دِين ) إليها- إرجافًا وتَهويلًا -!
فمَثَلُه كمَثَل رجل يجيء إلى قول الله تعالى: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } [سورة الماعون]، فينتزع قولَه تعالى: {فويلٌ للمُصلِّين} من هذا السِّياق والسِّباق واللحاق؛ ليوهم المجرِمين أن الله يتوعَّد المُصلِّين المؤمنين، فجعل بعملِه هذا الصلاةَ جريمةً! والمصلُّين مُجرمين!
قال الشَّاعر الماجنُ -في هذا المعنى الفاجر-:
دعِ المساجد للعُبَّاد تسكنُها * * * وطُفْ بنا حول خمَّارٍ ليسقينا
ما قال ربُّك ويلٌ للأُلى سَكِروا * * * وإنَّما قال: ويلٌ للمصلينا!!
هكذا يفعل أهلُ الفتن والفساد والإفساد؛ يَقلِبون الأمور، فيجعلون الحقَّ باطلًا، والباطل حقًّا، والمبطلين مُحقِّين، والمُحقِّين مُبطلين».
وقال -كذلك- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/230): «لقد انتزع فالح كلمةً واحدة من وسط أدلَّتها وقرائنها وسياقها وسباقها مكرًا وكيدًا وخيانةً؛ ليُوهِم الناس أن ربيعًا يدعو المسلمين إلى ما يُشبِه الرِّدَّة فإن الدعوة مطلقة مِن كل ما ذكر لا معنى لها إلا دعوة المسلمين إلى الردَّة ويا لَهُ مِن بَهْت!!
إن كلمة (أصول) -التي وردت في كلامي- يسبقها ويقترن بِها ويلحقها ما يُبطل هذه الفريةَ العظيمة التي تنوء بها الجبال.
ومَنْ يقرأ هذا الفصل الذي يشغل ستَّ صحائف والذي اختطف منه فالح هذه الكلمةَ ضاربًا عرض الحائط بما سُقتُه من كلام العلماء، وما ذكرتُه من مراعاة المصالح والمفاسد والنتائج العظيمة التي ترتَّبت على صُلح الحديبية، وما الذي حمل رسولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على قَبول شروط قريش المُجحِفة الظالِمة وتَسامُحِه في عدم كتابة (بسم الله الرَّحمن الرَّحيم)، وعدم كتابةِ (محمَّد رسول الله)، وكتابة ما اقترحه مندوبُ قريش، وما أشرتُ إليه من نتائج عظيمة ترتَّبت على هذا التَّسامُحِ مِن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُدرِكْ فداحةَ ما ارتكبه فالحٌ من خيانةٍ وكتمان شنيعٍ لأمر يُسلِّم به كلُّ ذي فقهٍ ودين وخُلُق متين يؤمن بما تضمَّنَتْه مِن حِكم ومصالح شريعةُ رب العالمين، وكيف طبقها الرسول الأمين».
وقال الشَّيخ ربيع في «مجموع الكتب والرسائل» (9/574): «ومن أخلاقِهم [أي: الحدادية]: الرُّدود على أهل السُّنَّة بالكذب والخيانة وبترِ النُّصوص وتحريفِها وتحقير علماء السُّنة وتشويهِهم، فهُم -بأعمالهم هذه- ضدُّ الكتاب والسُّنة ومنهج السَّلف، ومن الصَّادِّين عن ذلك».
وقال الشَّيخ ربيع في «مجموع الكتب والرسائل» (9/618): «أما مسألة التَّنازل عن الأصول؛ فأنتم -معشر الحداديَّة- تكذبون عليَّ فيها، فتَبتُرون كلامي عن سياقِه وسباقه وشُروطه وأدلَّته وقُيوده، ثم تُرجِفون عليَّ بهذه الأكاذيب والخيانات والبتر، ولا تفتُرُون عن هذه الأراجيف».
نقول:
ولو أعملَ الشَّيخ ربيع تقريرَه هذا الذي دافع مِن خلاله عن نفسه في سائر طعوناتِه في مُخالفيه؛ فاستحضر تَمام كلامهم، ووقف على أدلَّتهم، ونظر في قرائن أقوالِهم وأحوالهم، لبطلتْ عنده كثيرٌ من الطعونات والاتِّهامات التي رمَى بِها خصومَه، مثل رميِه لبعضهم بـ(التكفيرية، سب الصحابة، الدعوة إلى وحدة الأديان ... إلخ) .

ثالثًا: وقرر الشَّيخ ربيع المدخلي أنه لا يجوز إصدارُ الأحكام الكليَّة بِمجرد الوقوف على بعض الجزئيَّات، فمثلًا: لا يجوز الحُكم على كتابٍ بقراءة بعضِه، وذلك في معرض رد الشَّيخ ربيع على الشَّيخ بكر أبو زيد -الذي انتقد كتابَه «أضواء إسلاميَّة»-:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (7/41): «اجتمعتُ بالشَّيخ بكر في المدينة وكان معي ولدي أحمد وأظن أنَّ ابنه الأكبر كان معنا، فدار النِّقاش حول هذا العنوان والكتاب، فزعم الشَّيخ أنني ظلمتُ سيِّد قطب، ومن خلال النقاش اعترف أنه لم يَقرأ إلا بعضَه، فقلتُ له: فلنقرأ بقيَّة الفصل؛ لأني ضربتُ فيه مَثلَين لتجويز سيِّد قطب لغير الله أن يشرع لم يقرأهما، والمثالان هما (أنه لا مانع مِن وضع نظام دولي يُلغي الرِّق) -ذكره سيِّد في عدَّة مواضع من «الظِّلال»-، وقوله: (بالاشتراكيَّة الغالية)، (وأن بِيَد الدولة أن تنتزعَ الملكيات والثروات جميعًا وتعيد توزيعَها من جديد ولو كانت هذه الملكيات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبرِّرها الإسلام، وله غيرها في هذا الباب)!!
فرفض أن يقرأَ الفصلَيْن، وحَكَم على الكتاب بالإلغاء غضبًا فقط لسيِّد قطب، ولم يُبالِ بكل ما ارتكبه سيِّد قطب في حق الله والإسلام والصَّحابة والأمة.
فقلتُ له عندما شاهدتُ هذا الموقف المريب المهول: لقد تبوأتَ أعلى منصب في القضاء فهل يجوزُ أن تَحكم على كتابي كلِّه بسبب قراءتكِ لقِطعتَين مِن فصلَيْن فضحك!!!
ولم يُحِرْ جوابًا إلا الإصرار على الباطل على حكمه الباطل الذي لا أعرف له نظيرًا في المحاكمات العلميَّة.
فاعتبروا يا أولي الأبصار من علماء وقضاة!!!».
وقال الشَّيخ ربيع في «مجموع الكتب والرسائل» (7/89) -مناقشًا الشَّيخ بكرًا أبو زيد-: «ولقد اعترفتَ عندي أنكَ لم تقرأ إلا قطعتَيْن مِن فصلَيْن، وطلبتُ منك بإلحاحٍ تكملةَ الفصلَيْن فأبيتَ أشدَّ الإباء، ثم الآن تُشعر القُرَّاء بأنك قرأتَ الكتاب مِن أوله إلى آخره..
وسواء صحَّ هذا أو ذاك فكلاهما عليك لا لك، فإنْ كنتَ قرأتَه كلَّه فمستحيل أن يكون كتاب مِن أوله إلى آخره مثل ما وصفت، ولو كان مؤلفه يهوديًّا أو نصرانيًّا أو رافضيًّا، فكيف بِمسلم سلفي؟؟!.
وما عرفنا ناقدًا يجازف مثل هذه المجازفات وإن كنت قرأت القطعتَيْن المشار إليهما فقط، ثم حكمتَ على الكتاب كلِّه كما واجهتَني بذلك كفاحًا، فما عرفنا حاكمًا حكم بِمثل هذا الحُكم، ولقد آذيتَ نفسَك أشد الأذى بِمثل هذه المجازفات، وإني لأرثي لحالك ومُشفق عليك».
نقول:
فكيف بالشَّيخ ربيع الذي حكم بإهدارِ جهود العديد من أهل العلم السَّلفيين بمجرد وقوفِه على نُتفٍ مِن كلامهم!!؟
بل وطعنه بكتب كاملة وهو لم يقرأ منها ولو فصلًا!!!

رابعًا: قرر الشَّيخ ربيع أنه لا يَليق بمسلم يدَّعي السلفيَّة أن يذهب باحثًا في عشرات الأشرطة ليحصل على قطرةٍ من بحر يوافق رغبتَه، وفي ذلك معرض ردِّه على الشَّيخ عبد الرحمن عبد الخالق الذي استشهد بقول للشيخ الألباني يفيد (وجوب تعاون الجماعات الإسلاميَّة، وتضافر جهودها):
فرد الشَّيخ ربيع المدخلي هذا الاستشهادَ في «مجموع الكتب والرسائل» (10/322-323) بالقول: «أفَيَليق بِمسلم يدَّعي السلفيَّة أن يذهب باحثًا في عشرات الأشرطة ليحصل على قطرةٍ من بحر يوافق رغبتَه فيخرج على الناس بتلبيسِه ليُقنعهم أن الشَّيخ الألباني معه ويَدين بِدِينِه في الدفاع عن أهل البدع والباطل ومع ذلك لعله يكون قد بَتر كلام الشَّيخ إمعانًا في التَّلبيس كما فعل ذلك مع غيره».
نقول:
وليت الشَّيخ المدخلي وقف مثلَ هذا الموقف مع مَن يبحث (له!) في العشرات من الأشرطة لعله يقفُ على زلة لبعض المشايخ السَّلفيين فيرفعها إلى الشَّيخ المدخلي ليقول كلمته فيها!!

خامسًا: قرر الشَّيخ ربيع أن الأخذ بلازم القول والتسقيط بِموجبه هو مِن صنيع خصوم أهل السُّنَّة، وذلك في معرض ردِّه على عبد الرحمن عبد الخالق الذي اتّهمه بأنه (أصبح أصله الثالث هو تتبُّع سقطات الدعاة وجمع ما أخطؤوا فيه، وجعل ما هو سقطة لأحدهم عقيدةً يؤاخَذ بِها وجعل الفروع أصولًا، وأخذ بلازم القول ولَم يحمل مطلقًا على مقيد ولا مبهمًا على مفسر ولا متشابهًا على مُحكم ولا متقدمًا على متأخر):
فرده الشَّيخ ربيع بالقول في «مجموع الكتب والرسائل» (10/241): «وأما الأخذ بِلازم القول فهذا من منهجه الذي سار عليه في خصومته لأهل السُّنَّة، وليتها لوازم صحيحة، بل لوازم باطلة، وانظر هذا في «الردِّ الوجيز»، وقد سرى هذا الداءُ الوبيل إلى تلميذه، انظر كتابَه «البديع»، و«الخطوط العريضة» رمتني بدائها وانسلّت».
نقول:
إن كان الشَّيخ ربيع يرى أن الأخذ بلازم القول والتسقيط بموجبه هو من صنيع خصوم أهل السُّنَّة؛ فما حكمه وهو ينسب إلى الأفاضل المقالات الباطلة باللوازم الباطلة التي لا تلزم مقالاتِهم ولا إطلاقاتهم؟!


الأصلُ الثَّالثُ:

عدمُ مشروعيَّة حَمل مُجمل كلام غير المعصوم -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

على مُفصَّله، ولا مُطلَقه على مُقيَّده، ولا عامِّه على خاصِّه


يرى الشَّيخ ربيع المدخلي عدمَ مشروعية حَمل مُجمل كلام غير المعصوم على مفصَّلِه، ولا عامِّه على خاصِّه، ولا مُطلَقه على مقيَّده؛ فقال في مقالٍ «ملحق بإبطال مزاعم أبي الحسن في المجمل والمفصل»: «أصلٌ نبت في هذا العصر سُمِّي بالمجمل والمفصَّل لا يعرفه السَّلف ولا يعرفه الأصوليُّون؛ لأنه أُسَّس لحماية البدع وأهلها، وكان أهله يردِّدونه ويحاربون به ولا يدري القُرَّاء ما هو هذا المجمل ولا ما هي شروطه.
ولمّا اضطروا إلى تعريفه بعد سنين طويلة عرفه أحدهم بتعريف غريب وغير علمي ناقشته في «إبطال مزاعم أبي الحسن في المجمل والمفصل».
واليوم نقدِّم من القواعد والتَّطبيقات السلفية ما يزيد طلابَ الحق المنصِفين بصيرةً وقناعةً ببُطلان هذا الأصل المخترع «حَمل المجمل على المفصل»، وبُعدِه من الأصول الفاسدة:
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (13/322): «مِن هذا التأصيل الفاسد قولُهم لمنهج الموازنات ...، ومنها- حمل المجمل على المفصل والمطلق على المقيد والعام على الخاص والناسخ على المنسوخ».
بل يراه من مقالات أهل الأهواء:
كما جاء في مقال «ملحق بإبطال مزاعم أبي الحسن في المجمل والمفصل»-حيث قال-: «هذه قاعدة مهمَّة ينبغي مراعاتُها والاستفادة منها وهي تُبطل ما يقوله أهلُ الأهواء بحمل المجمل على المفصل».
وينص -في نفس المصدر (13/33)- على أنَّ هذا الحمل هو من القواعد القُطبيَّة؛ فقال: «مِن الخير والسلامة لك أن تسير على نَهج أئمة السُّنة وأن تتجنَّب الشُّبُهات والمتشابِهات من كلام بعض النَّاس وأن تبتعد عن قاعدة القُطبيَّة: يُحمَل المجمل على المفصَّل، والمبيَّن والمطلَق على المقيَّد، والعام على الخاص في كلام غير المعصوم، فإن هذه دعوة خطيرة أشد من خطورة الدعوة إلى منهج الموازنات».
ويقول -في نفس المجموع (13/37)-مهوِّلا من شناعة هذا القول-: «ولو أخذنا بهذا المنهج - حمل المجمل على المفصل ...إلخ-: لضاع دينُ الله وضاعت حقوق العباد، ودين الله قائم على رعاية المصالح ودرء المفاسد».
نقول:
وهذا الأصل يقطع بابَ إعذار المخالِف بعدم إرادته الإطلاق أو التَّعميم، ويُهمِل كافة القيود والمخصِّصات التي قالَها المتكلِّم في مواطن أخرى في نفس الموضوع، وبالتالي يصفى للشيخ المدخلي الطَّعن بالمتكلم بكلامه العام أو المطلق أو المجمل الذي يحمله على أسوإِ المحامل .
ومع ذلك كله نرى الشَّيخ ربيع المدخلي قد وقع (!) في حمل مجمل كلام غير المعصوم على مفصله، ومطلقه على مقيده، وعامه على خاصه، بل وصرح بتأوُّله لكلام غير المعصوم، وذلك في العديد من المواضع من كتبه ورسائله، ومن ذلك:

أولًا: إقرار الشَّيخ ربيع لصنيع أهل العلم بحمل مُجمل كلام الطحاوي على مفصَّل اعتقادِه السلفي، كما قرَّره في «مجموع الكتب والرسائل» (9/458-459): «رميه للطحاوي بالجهميَّة، وحمل كلامه على نفي الوجه واليد والساق بزعم أنها أعضاء ونفي العلو:
فهذه جُرأة من هذا الإنسان لم يسبق إليها.
قال الشَّيخ ابن باز -حفظه الله- مُبيِّنًا مقصد المؤلف الطحاوي بهذا الكلام-: (هذا الكلام فيه إجمال قد يستغلُّه أهلُ التَّأويل والإلحاد في أسماء الله -تعالى- وصفاته، وليس لهم بذلك حجَّة؛ لأن مُراده -رحمهُ اللهُ- تنزيهُ الباري -سبحانه- عن مشابهةِ المخلوقات؛ لكنه أتى بعبارةٍ مُجملة؛ فمرادُه بـ(الحدود) يعني: التي يعلمها البشرُ فهو -سبحانه- لا يعلم (حدودَه) إلا هو لأن الخلق لا يحيطون به علمًا..
وأما (الغايات والأركان والأعضاء والأدوات): فمراده -رحمهُ اللهُ- تنزيهُه عن مشابهة المخلوقات في حكمته وصفاته الذاتية من الوجه واليد والقدم...
وأهل البدع يُطلقون مثلَ هذه الألفاظ لينفوا بها الصفاتِ بغير الألفاظ التي تكلَّم الله بها وأثبتها لنفسِه حتى لا يفتضحوا وحتى لا يشنِّع عليهم أهلُ الحق).
وقال الشَّيخ الألباني: (مراد المؤلف بهذا الفقرة الردُّ على طائفتين:
الأولى: المجسِّمة والمشبِّهة الذين يصفون اللهَ بأن له جسمًا وجثةً وأعضاء -وغير ذلك-.
تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
والأخرى: المعطلة الذين ينفون علوه تعالى على خلقه.... ).
ونقل عن الشَّيخ محمد بن مانع ما يؤيِّد كلامه، وأنه قال:
ما كان أغنى الإمام المصنِّف عن مثل هذه الكلمات المجملة الموهِمة المخترعة.
ولو قيل: إنها مدسوسة عليه وليست من كلامه لم يكن ذلك عندي ببعيد إحسانًا للظن بهذا الإمام....
(ثم أثنى على الطحاوي خيرًا واعتبره من أكابر العلماء وأعاظم الرجال).
راجع «شرح الشَّيخ ابن باز» ( ص10-11 )، و«شرح الألباني» (ص28-29).
وأما ابن أبي العِز -شارح «الطحاوية»-: فقد أسهب في شرح هذه الألفاظ وتوجيهها بما يتمشَّى مع المنهج السلفي ووضع القواعد النافعة خلال ذلك، ولا يخرج في مجموعه عما قرَّره العلماء السالف ذِكرهم، راجعه من (1/ 260-270).
أما الحدَّاد؛ فليس لديه إلا الشغب على أهل السُّنَّة وإثارة الفتن، وما أبعدَه عن النصيحة واحترام أهل السُّنَّة».

ثانيًا: ذم الشَّيخ ربيع لمن استشهد بعبارات لشيخ الإسلام ابن تيميَّة لنصرة القول بالموازنات بدعوى أن هذه الأقوال من المتشابه من كلامه، بينما كتُبُه مليئة بالنُّصوص الواضحة الجلية في ذم أهل البدع، ذمًّا وقدحًا مُجردًا:
فقال في «مجموع الكتب والرسائل» (10/517): «مِن أفرى الفِرى نسبة ما يسير عليه الحزبيُّون في نصرة أهل البدع والذب عنهم ولا سيَّما رؤوسهم إلى ابن تيميَّة والذهبي وابن كثير.
والدليل على هذا الكذب أنهم منذ بدأوا بهذا التلبيس لم يستطيعوا إلى اليوم أن ينقلوا شيئًا عن سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى في تأييد هذا المنهج.
وما نسبوه إلى ابن تيميَّة كذبٌ وتلبيس وتعلُّق ببعض المتشابه من كلامه، وكتبه المليئة بالنصوص الواضحة الجليَّة في ذم أهل البدع- ذمًّا وقدحًا مجردًا- ليس فيها شيء من الموازنات، وأكبر دليل على افترائهم على هذا الإمام؛ بل حياته كان جلُّها في جهاد أهل البدع ويرى الردَّ عليهم جهادًا».

ثالثًا: إن الشَّيخ ربيعًا تأول وأقرَّ مَن تأوَّل لقول شعبة بن الحجاج ومِسْعَر بن كِدام الهلالي حيث قالا: (إن هذا الحديث يصدُّكم عن ذِكر الله، وعن الصلاة فهل أنتم مُنتهون)؛ فتأوله الشَّيخ ربيع بقرينة سلامة حال شعبة -وغيرها-:
فقال في «مجموع الكتب والرسائل» (13/103-104): «أن شعبة إمام كبير جدًّا بل أمير المؤمنين في الحديث وأفنى حياتَه في تعلُّمه وتعليمه ونقد رجاله، ويقوم بالرحلة الطويلة الشَّاقة في الحديث الواحد.
فهذه قرائن عظيمة -جدًّا- أنه لا يقصد ظاهرَ الكلام، وقُل مثل ذلك في مِسْعَر-رحمهُ اللهُ-.
وقرينة أخرى: أن من أهل الحديث مَن يتشاغل بالغرائب، وقد نَهى السَّلف عن الاهتمام بالغرائب، ووَصف أبو خليفة تلميذ تلميذ شعبة ذلك بالمكاثرة- وقد نقل أبو الحسن مثل هذا-.
[و] مِمَّن تأول هذا الكلامَ الإمامُ أحمد -رحمهُ اللهُ- لهذه القرائن وغيرها، ولم يتأول لعلماء كبار مثل داود الظاهري ويعقوب بن شيبة».
بل صرّح الشَّيخ ربيع المدخلي أنه كان يلتمَّس التأويلات لفالح الحربي:
فقال في «مجموع الكتب والرسائل» (4/69): «وكنا نحلم عليه كما نحلم على غيره ممن يشكِّل عبئًا ثقيلًا على الدعوة السلفيَّة ولا سيَّما هذا البلاء فالح، وكنا نُصبِّر طلاب العلم عليه ونتلمَّس له التأويلات».

رابعًا: إن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قيَّد قولًا مُطلقًا لابن عباس -غير المعصوم- بقول المعصوم -وهو النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
وذلك في «مجموع الكتب والرسائل» (2/390) حيث قال: «الصحيح أن إطلاق هذا -إن ثبت- يُقيَّد بالحديث الثابت (رأى ربَّه بفؤاده)، فقيَّد ابنُ عباس نفسُه الرؤية التي أطلقها برؤية النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بفؤاده، ويقول ابن تيميَّة -رحمهُ اللهُ -الإمام أحمد يُطلق الرؤية ويقيِّد، والصواب هو: التقييد.
فأهل الأهواء الذين يروِّجون الخلافات في الأصول والعقائد، يقولون: والصحابة اختلفوا في العقائد! هذا كذب ما اختلفوا، عائشة كانت تنفي الرؤية بالبصر، وابن عباس ما أثبت الرؤية بالبصر أثبت الرؤية بالفؤاد، أين الخلاف؟ ما فيه، عرفتم؟
ويختم الكلام على هذه يقول: (والحديث عندنا على ظاهره)، قد يُفهم منه أنه يرى أن الرسول -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربَّه بعينه بناءً على حديث ابن عباس.
وقد عرفتم أن حديث ابن عباس ماذا فيه من الكلام، وأنه ما يرتقي إلى درجة الصحة، وقد لا يرتقي إلى درجة الحسن.
ثم إنه مقيَّد بالحديث الصحيح، فيُحمل كلامه المطلق على التَّقييد!
بارك الله فيكم، وتكون النتيجة أنه: لا خلاف في القضيَّة بين الصحابة.
أما المتأخِّرون بعضهم تأثر بكلام أحمد وظن أنه يقول: أن محمدًا رأى ربَّه بعينيه. وفَهْمُه هذا خطأ إذْ إن أحمد كان يقيِّد».

خامسًا: بل تجاهل الشَّيخ ربيع المدخلي ظواهر كلام غير المعصومين لغير قرائن؛ بل بمجرد البناء على ما يعلَمُه مِن أحولهم؛ مع أنه يُقرِّر أن من أصول الإسلام المجمَع عليها (الأخذ بالظاهر وأنه لا يُؤوَّل إلا كلام المعصوم):
ومثال ذلك:
1- قال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (2/15) معلقًا على قولِ الإمام أبي عثمانَ الصابوني -رحمهُ اللهُ-عاذرًا إياه-: (متوجهًا إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه محمَّد -صلى الله عليه وآله وسلم-)-:
«إما أن هذه زلة لسان من المؤلف وقصده غير هذا ولا ينبغي؛ لأن هذا الرجل ليس بمعصوم وكلٌّ يؤخذ من قوله ويُرد، ولكن لحسن ظنِّنا به ومعرفتنا بِمنهجه وعقيدته -رضوان الله عليه وعلى إخوانِه- نعتقد أنه لا يمكن ألا يَخطر بباله مسجد رسول الله -عليه الصلاة والسلام-؛ بل مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- في ذهنه قبل قبره».
2- وعلى العكس قال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (10/145) -معلقًا على كلام الشَّيخ عبد الرحمن عبد الخالق -متهمًا إياه-:
«ثم قال [عبد الرحمن عبد الخالق]: (والسائرون على منهج الخوارج هذا موقفهم وللأسف يجعلون ما ليس بسيِّئة سيئة وما ليس بحسنة حسنة ويتهمون إخوانهم في الدِّين والعقيدة ويُخرجونهم من أهل السُّنَّة والجماعة، وبذلك يستحلُّون أعراضَهم وحربَهم وتحذير الناس منهم وقد يتقرَّبون إلى الحكام بدمائهم . . .)- الخ -.
والظاهر مِن سيرته ومَواقفه في كتبه وأشرطته التي اطَّلعنا عليها، ومن هذا الكتاب ومن مواجهته للسَّلفيين أنه يريد بِحُكمه هذا السَّلفيين الأبرياء السَّائرين على منهج السَّلف الصالح».
ونقول:
لو أن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قد عامل سائر مُخالفيه مِن أهل السُّنَّة بِما تقدم، لما أقام المعارك، وأنشب الحروب، وفرَّق السلفيين، لكنه لما كال بِمكيالَين، ووزن بِميزانَين، تسبَّب ما هو معلوم من فرقة وشتات بين السَّلفيين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


الأصلُ الرَّابع:

تقديمه للجرح المفسر مُطلقًا

يرى الشَّيخ ربيع المدخلي أن الجرحَ المفسر يجب تقديمه على التعديل -مطلقًا-، وهو ما قرره في مواضع عدة من كتبه ورسائله، ومن ذلك قوله في «مجموع الكتب والرسائل» (11/490): «من منهج السَّلف أنَّ الجرح المفسَّر مُقدَّم على التَّعديل».
وقال في «مجموع الكتب والرسائل» (11/547): «فإنَّ القاعدة عند أئمَّة الحديث والفقه أن الجرحَ المفسَّر مقدَّم على التَّعديل».
وقال -أيضًا-في «مجموع الكتب والرسائل» (9/155): «قاعدة إنه لا بُد من بيان أسباب الجرح عند تعارُض الجرح والتَّعديل قاعدة صحيحة وهي من قواعد أهل السُّنَّة دون ريب, ويجب تطبيقُها حين يُبدَّع مسلم اشتهر بالسَّلفيَّة أو يفسَّق أو يُرمَى بالكفر أو الجاسوسية والعمالة».
وشنَّع على مَن لم يأخذ بجرحه المفسَّر للمشايخ السَّلفيِّين, بدعوى أنَّ جرحه المفسَّر غير مقنع, كما قاله في مقال «مكيدة خطيرة ومكر كبار»: «أصول فاسدة مضادة للمنهج السَّلفي أخطر من أصول الإخوان.
مثل (المنهج الواسع الأفيح) الذي اختُرع لِتولِّي أهل البدع، وعلى رأسهم (حزب الإخوان)، وهذا الأصل مضادٌّ لمنهج السَّلف في الولاء والبراء، ومضادٌّ لمنهجهم في جرحِ أهل الباطل والبدع وبيان ضلالهم.
ومثل أصل «نُصحِّح ولا نُجرِّح»، المضادِّ لمنهج السَّلف في الولاء والبراء ولمنهجهم في جرحهم لأهل البدع والتحذير منهم.
ومثل أصل «لا يلزمني»، و«لا يقنعني» لردِّ الحق، وهو مِن أخبث أصولِهم».
نقول:
ومع ذلك فالشَّيخ ربيع المدخلي قد نقض إطلاقَه هذا، و(قيَّد) الجرح المفسر الذي يقدَّم على التعديل بجملة قيود منها:

القيد الأول: أن يكون الجرح المفسَّر قد صدر من عالِم ناقد معتَبَر يُعوَّل على قوله في الرجال:
كما قال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (9/325): «عند تعارض الجرح والتعديل فإن الأمر فيه أشد وأشد، إذ لا بُد من بيان أسباب الجرح فإذا بيَّن العالِم الناقدُ المعتَبَر حُجتَه أو حُججَه المعتبرة فحينئذ يقدَّم الجرح على التَّعديل ولو خالفه عشرات المعدِّلين».
وقال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (9/149): «ومِما جرح به عكرمة أنه على مذهب الصُّفريَّة الخوارج وقد جرَحه بذلك بعض الأئمة ولم يقبل البخاريُّ جَرحَهم لضعفِ حُجتِّهم .
قال العلامة عبد الرحمن المعلمي في (مقدمة «الجرح والتعديل») (ص:ج): (وقد كان من أكابر المحدِّثين وأجلِّهم مَن يتكلَّم في الرُّواة فلا يُعوَّل عليه ولا يلتفت إليه.
قال الإمامُ علي المديني وهو من أئمَّة هذا الشأن: (أبو نعيم وعفَّان صدوقان ولا أقبل كلامَهما في الرِّجال هؤلاء لا يَدَعون أحدًا إلا وقعُوا فيه) .
وأبو نعيم وعفَّان من الأجلَّة والكلمة المذكورة تدل على كثرة كلامهما في الرجال، ومع ذلك لا نكاد نجد في كتب الفنِّ نقلَ شيءٍ مِن كلامهما).
ولا فرقَ في هذا التَّجريح بين الجرح في العدالة بالفِسق أو البدعة وغيرها، وبين الجرح في الحفظ والضَّبط ؛كقولهم: سيِّئ الحفظ، أو: كثير الغلط، أو: كثير الغفلة -ونحو ذلك-.
قال ابن الجنيد الخُتَّلي: سمعتُ ابنَ معين يقول: (كان أبو نعيم إذا ذَكر إنسانًا فقال: هو جيِّد، وأثنى عليه؛ فهو شيعيٌّ، وإذا قال: فلان كان مرجئًا؛ فاعلم أنه صاحب سُنَّة).
فهذا أبو نعيم -على فضله وجلالته وثناء الإمام أحمد وغيره عليه- لا يُقبل منه جرحٌ ولا تعديل.
وأنت ترى أن جرحَه -هنا- في العقيدة فلم يَقبله لا يحيى بن معين ولا ابن المديني -ولا غيرهما-.
وكذلك عفَّان بن مسلم -رحمهُ اللهُ- على فضله ودِينه وعِلمه- لم يَقبل أئمةُ النَّقد منه جرحًا ولا تعديلًا.
ويشير كلام المعلمي إلى أن لهما نُظَراء».
وقال -أيضًا- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/326-327): «قال السائل للشيخ فالح: (لأنهم قد يقولون قد يجرح الشَّيخ بما لا يُعتبر جرحًا عند غيره.
فأجاب: لا، لا هذه من قاعدتِهم أعوذ بالله، هذه قاعدة ظالِمة، قاعدة ضلَّلت الأمةَ قاعدة ابتدعوها).
فناقشتُه في (نصيحتي) -له- بلُطف واحترام، وبيَّنت أنها من قواعد أهل السُّنَّة والآن أقول له إنك قد حكمتَ على هذه القاعدة بثلاثة أحكام:
1- أنها قاعدة ظالِمة.
2- وأنها ضلَّلت الأمة.
3- وأنها قاعدة ابتدعوها.
فأثْبِت هذه الأحكامَ وأنها ضلَّلت الأمةَ -إن كنت من أهل العلم ومِمن يجب أن يقلِّدَه الناس-؛ وإلا فأعلِن رجوعك عن هذه الأحكام الباطلة وغيرها.
وقد بيَّنتُ لك -سابقًا- أن العلماءَ لَم يَقبلوا جرح أئمة معروفين بالصدق والعلم ومنهم عفان وأبو نعيم، وردُّوا بعض جروح الإمام شعبة وهو مَن هو!
وأنت وأمثالك لا تساوون شيئًا إلى جانبهم، ومع ذلك تُصرون على جروحكم التي لا خِطام لها ولا زِمام» .
نقول:
إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن الجرح المفسَّر ينبغي أن يكون قد صدر من عالِم ناقد معتبر يعوَّل على قوله في الرجال ليقبل حال معارضته لتعديل العلماء، سقط بهذا التقرير طعوناتُ وجرح الكثير من أتباع الشَّيخ ربيع المدخلي ومقلدِّيه في أفاضل أهل السُّنَّة الذين عدَّلهم الأعلام الثقات.


القيد الثاني: أن يكون السبب الجارح معتَبرًا، والحجة في الجرح مُعتبرة، بأن يفسَّر الجرح بما هو مُوجِب للجرح:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (9/325): «عند تعارُض الجرح والتَّعديل فإنَّ الأمر فيه أشد وأشد، إذ لا بُد من بيان أسباب الجرح، فإذا بيَّن العالِم الناقد المعتبر حجَّتَه أو حججَه المعتبرة: فحينئذ يقدَّم الجرح على التعديل ولو خالفه عشراتُ المعدِّلين، ولو تمادى أحدٌ في تعديله- بعد قيام الحجة-: سقط».
وقال في «مجموع الكتب والرسائل» (15/147): «إذا نقل الأئمةُ الجرحَ المفسر، ولو إمامٌ واحدُ نقل الجرحَ المفسَّر يكفينا، وتقدَّم لكم أنه لو جرح واحدٌ بجارح مُعتبر وجاء مَن يعارضُه ويزكي هذا المجروحَ أنه يسقط ويسقط كلامُه».
وقال -أيضًا-: «الواجب إذا اختلف أهل العلم في شخص أو جماعة أن نسلك الطريقَ الصحيح بارك الله فيك.
إذا كان العالِم الذي انتقد شخصًا من أهل السُّنَّة المعروفين بالتمسك بالكتاب والسُّنة ومن العلماء بالجرح والتعديل: جَرَح شخصًا، فعارضه آخر وزكَّى هذا الشخصَ الذي جُرحَ من أخيه: فإن الطريقَ الصحيح أن نطلب من الجارِح أن يُفسِّر جرحَه، فإذا فسَّر جرحه بما هو جرحٌ: فإنه يجبُ قَبولُ جرحِه ولو خالفه عشراتُ العلماء لأن الذي يُزكِّي إنما يَبني على الظاهر، والذي يجرح يجرح بِعِلمٍ، والعلمُ يُقدَّم على الجهل ولا شكَّ، فذاك يجهل حال ذاك المطعون فيه المجروح وهذا عَلِم مِن حاله بالمخالطة وبالدراسة وبالاستقراء فَقَدَّمَ الجرحَ -بارك الله فيك -بِعِلمٍ.
فهذا يُقدَّم جرحُه على الذي يُزكِّي».

نقول: وأما لو فسر الجرح بما لا يوجب الجرح؛ فعندها لا يقدم الجرح المفسر على التعديل، كما ضرب أمثلته الشَّيخ ربيع المدخلي -نفسه- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/148-149) حيث قال: «لا مناص من ذِكر كلمات لأهل العلم في اشتراط تفسير الجرح المبهَم، ورد بعض أنواع الجرح فأقول:
رجَّح ابنُ الصلاح أنَّ التعديل مقبولٌ مِن غير ذِكر سببِه، وأن الجرح لا يُقبل إلا مفسَّرًا مُبيَّنَ السبب، لأن الناس يختلفون فيما يَجرح وما لا يجرح.
ونقل عن الخطيب أن هذا مذهب أئمَّة الحديث ونُقَّاده مثل البخاري ومسلم -وغيرهما-، ولذلك احتج البخاريُّ بجماعة سبق مِن غيره الجرحُ لهم كعكرمة مولَى ابن عباس -رضي الله عنهما-، وذَكر آخرين، ثم قال: واحتج مسلم بسُويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم، وهكذا فعل أبو داود السِّجِسْتاني، وذلك دالٌّ على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فُسِّر سببُه، ومذاهب النُّقاد للرجال غامضة ومختلفة.
وذكر عن شعبة -رحمهُ اللهُ- أنه قيل له: (لم تركتَ حديث فلان؟ فقال: رأيته يركض على بِرْذَون فتركتُ حديثَه).
مع أن شعبة إمام في الحديث ونقد الرِّجال لكنَّ نقدَه هنا ليس بصواب؛ لأن مثل هذا لا يعدُّ مِن أسباب الجرح المسقطة للعدالة .
وذكر قصة عن مسلم بن إبراهيم، وأنه جرح صالحًا المُرِّي بِما لا يُعد من أسباب الجرح وإن كان المُرِّي قد ضعف بغير هذا السبب» .

القيد الثالث: أن يكون (جرحًا مفسرًا بإقامة الحجج والبراهين الكافية والمقنعة):
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (9/147-148): «إنكم سُئلتم عن أشخاص معيَّنين مشهورين عند الناس بالسَّلفية والدعوة إليها وفيهم علماء -في نظر النَّاس- فأخرجتهم من السَّلفية.
وهذا الإخراج جرحٌ شديد فيهم، يحتاج إلى أدلَّة، فإذا لم تأتِ بالأدلة وأسباب هذا الجرح: رأى الناس أنك قد ظلمتَهم وتعدَّيتَ عليهم وطعنتَ في دينهم بغير وجه حقٍّ، فصرتَ متَّهَمًا عند الناس، فتحتاج إلى استبراء دينِك وعرضك.
فإن لم تفعل: طَعن فيك الناسُ ولن ترضى أنت ولا غيرُك بهذا الطعن، فتقوم الفتنة ويحصل الاختلاف بين السَّلفيين وتكثر الطُّعون المتبادلة، ولا يُحسَم ذلك إلا بذِكر الأسباب المقنعة بهذا الإخراج، وقد تطالِب أنت نفسك بِذِكر الأسباب إن جَرَحك أحدٌ أو أخرجك من السَّلفية» .
وقال في «مجموع الكتب والرسائل» (9/158): «إن إصدار الأحكام على أشخاص ينتمون إلى المنهج السَّلفي وأصواتُهم تدوِّي بأنهم هم السَّلفيون -بدون بيان أسباب وبدون حجج وبراهين- قد سبَّب أضرارًا عظيمة وفُرقة كبيرة في كل البلدان، فيجب إطفاءُ هذه الفتن بإبراز الحجج والبراهين التي تُبيِّن للناس وتُقنعهم بأحقِّية تلك الأحكام وصوابِها، أو الاعتذار عن هذه الأحكام.
ألا ترى أن علماء السَّلف قد أقاموا الحجج والبراهين على ضلال الفرق من روافض وجهمية ومعتزلة وخوارج وقدرية ومرجئة -وغيرهم- .
ولم يكتفوا بإصدار الأحكام على الطوائف والأفراد بدون إقامة الحجج والبراهين الكافية والمقنعة» .
نقول:
فإن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن الجرحَ المفسر المعارض للتَّعديل لا يقبل ما لم تكن الحجَّة في الجرح معتبرة، وذلك بأن يفسر الجرح بِما هو مُوجِب للجرح؛ فعلام يشنِّع على مُخالفيه الذين يرفضون قبولَ طعوناتِه بخصومه ويردُّون أدلته على جرحِه، لأنهم لم يقتنعوا بها إمَّا لكونها لم تَثبت في حق المجروحين، أو ثبتت لكنها مصروفة بما يُبين مرادَهم منها، أو ثبت تراجُعُهم عنها، أو أنها لا توجب الجرحَ الذي صدر من الشَّيخ المدخلي وبخاصة ما كان بصيغة (أفعل)!!!



الأصلُ الخامسُ:

توسُّعه في ذمِّ مَن مدحَ أهلَ البدع، تحت ذريعةِ (الموازنة المذمومة)!

ومع ذلك فقد وقع الشَّيخ ربيع المدخلي -في هذا الباب- في اضطرابٍ كبير وتناقض عجيب:
كما تقدَّم شرحُه وبيانه في مقال مُفرد بعنوان (ثناء الشَّيخ ربيع المدخلي على أصحاب بدع الاعتقادات وإثبات تناقُضه في (الموازنات!) ) .

ومما جاء فيه:
أن الشَّيخ المدخلي يرى الموازنة -ولو في حال الترجمة-:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (11/162): «مع أن الشيخين قد اختلفت وجهةُ نظرهما فابن باز لا يرى الموازنات، والألباني صرح بأن منهج الموازنات بدعة وكرَّر ذلك، لكنه يرى أنه في حال الترجمة تذكر الحسنات والسيِّئات، والصَّواب مع ابن باز والأدلَّة وكتب الجرح تُؤيِّده».
ومع ذلك؛ نراه ينقضُ غزلَه نقضًا عجيبًا؛ حيث يُقرِّر جواز ذِكر حسنات المسلم واليهودي والنصراني، بل وحتى الشَّيطان وفرعون حال التَّرجمة:
كما قرره في «مجموعِ الكُتبِ والرَّسائل» (2/518) بقوله: «إذا كان إنسان يريدُ أن يذكر تاريخ شعب من الشعوب أو أمَّة من الأمم أو شخصيَّة من الشخصيَّات يذكر كلَّ ما ورد عنه وكل ما يتَّصل بحياته مِن خير وشرٍّ، مسلم يهودي نصراني؛ حتى الشَّيطان لما عرَّفوا به قال بعضُهم: كان من الملائكة ثمَّ مسخه اللهُ -تبارك وتعالى-، فصار شيطانًا - يقولون هكذا - فإذا كنتَ تُؤرِّخ حدِّث عن الناس ولا حرج يذكرون للنَّاس حسنات وسيِّئات وأنت حدِّث عن المسلمين والكفَّار، حتى فرعون إذا ترجمتَ له وجدتَ في التَّرجمة خيرًا وشرًّا فيذكرون في ترجمته - أنا أقرأ وأنا صغير - أن قارون أو أحد وُلاتِه خرج يتجوَّل في أنحاء مصر ويجمع منهم العُشور والضَّرائب وكذا وكذا فأتى بأموال لا أول لها ولا آخر فقال له فرعون: من أين أتيتَ بهذه الأموال؟! قال: جمعتُها من الضرائب وكذا، قال: ما ينبغي لربٍّ أن يأخذ مِن عبيدِه أرجعها إلى أهلها، فنذكر هذا من حسناتِه!
فإذا كنت مؤرخًا اذكُر كلَّ ما هبَّ ودبَّ من خير وشر»!
نقول:
وفي المقال المشار إليه عشرات الأمثلة على وقوع الشَّيخ المدخلي فيما حذَّر منه من الثناء على أهل الأهواء والبدع؛ بما يكشف التَّناقضَ الكبير والاضطراب الواضح الجليَّ الذي وقع فيه الشَّيخ ربيع المدخلي -في هذا الباب- .
مع التَّنبيه: أنَّ ما حكاه الشَّيخ عن فرعون لا يُعد -بحال- حسنة بل هو سيِّئة، وردُّه للضَّرائب من باب تثبيت الباطل وهو ادِّعاؤه الرُّبوبيَّة، أي: لو لم يكن ربًّا لأخذها كما يفعل سائر الطواغيت!!!



الأصلُ السَّادسُ:

أقوال النُّقَّاد في الرِّجال مِن قَبيل أخبار الثِّقات الواجبِ قَبولُها- مِن غير حاجة إلى تثبُّتٍ فيها-

وهو ما قرَّره الشَّيخ ربيع المدخلي في معرض جوابه عن السؤال الآتي:
«هل مسائلُ الجرح والتعديل اجتهاديَّة؟ وكيف نرُدُّ على مَن يقول ذلك؟ وأنه لا يلزمني قول الشَّيخ الفلاني؟
فكان من جواب الشيخ:
«... إذا كان عالِمًا وضابطًا ومُتقنًا وطعن في شخص، قال: (فلان كذاب)، يجب على الناس أن يَقبلوا قولَه، وسار السَّلف على هذا المنهج، (فلان كذاب) [فهو] كذاب, (فلان سيئ الحفظ) فهو سيئ الحفظ، فلان مُبتدع، مرجئ، خارجي، معتزلي كذا ....، خلاص، قالها أحمد قالها ابنُ معين قالها ابن المديني قالها البخاري، مَشَت، كيف؟ لأن الله أمر بقَبول خبر العدل».
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=115594

وقرَّره -أيضًا- في مقال (الحلبي يوهِم الناسَ أنه على منهج الأئمَّة الجبال): «وقول الحلبي: «هل أقوال العلماء- في باب الجرح والتَّعديل- من باب (الأخبار)-التي أصلُها إمَّا الصدق، أو الكذب-؟!
أم مِن باب (الأحكام)-التي أصلها الاجتهاد -خطأً أو صوابًا-؟!».
أقول:
إنَّ أقوال أئمة الجرح والتَّعديل الأمناء الصادقين العادِلين من باب الأخبار؛ لأنها قائمةٌ على دراسات لأحوال الرُّواة ورواياتِهم وعلى معرفتهم بِسِيَرهم وأخلاقهم وصِدقهم وضبطهم وإتقانهم، أو كذبهم أو سوء حِفظهم أو سوء معتقدهم، ومن طرق كثيرة تُوصِلُهم إلى معرفة مراتب الرجال ومراتب رواياتِهم؛ لأنَّ الله الذي تعهَّد بحفظ دينِه أحلَّهم هذه المنـزلة.
فيجب على المسلمين قَبولُ أخبارهم عن أحوال الرجال وعن أحوال رواياتِهم وعقائدهم، هذا هو الأصل».
ولهذا فإن الشَّيخ ربيعًا المدخلي يرى بأنَّ أحكامه على الرجال ليست مَبنيَّة على الاجتهاد؛ فقال في (نصيحته لأهل العراق):
«قُلتُم - بارك الله فيكم - في الفقرة الخامسة: (يسوغ مخالفةُ الشَّيخ ربيع في أحكامِه على الرجال, لأن مَبنى الحُكم على الرجال مَردُّه إلى الاجتهاد، ولا ينبغي مخالفةُ ربيع إلا بقول إمامٍ معتبر وبقرينة).... .
إنَّ أحكام الشَّيخ ربيع على الرِّجال ليست مَبنيةً على الاجتهاد، وإنَّما هي قائمةٌ على دراسةٍ واسعةٍ لأقوال مَن ينتقدهم من المخالِفين للمنهج السَّلفيِّ وأهله، وفي مسائل أصوليَّة بعضها عقديٌّ وبعضها منهجيٌّ» .
وللتنبيه: فإن كلام الشَّيخ ربيع -هذا- مُتناقض في نفسه؛ وهل الاجتهاد إلا دراسة للأقوال سواء كانت أصولية أو منهجيَّة.
حيث أنَّ هذه الدراسة قد تكون ناقصة ويعتريها الخطأ وما شابه ...فكيف لا تكون من الاجتهاد!؟.
نقول:
وهذا الأصل له لوازم عديدة منها:
1- أن أقوال الشَّيخ ربيع في الرِّجال يجب الأخذُ بها وتمنع مُخالفتها، ومِن هنا نشأ له القول بالإلزام.
إذ ما ليس اجتهادًا لا يخرج عن أن يكون إما:
أ- تقليدًا!
أو:
ب- وحيًا!!
والأول منفيٌّ -بداهةً-عنده-؛ فلم يبق إلا:
دعوى (الاجتهاد):
فهل (الاجتهاد) إلا (الدراسة الموسعة)، وبذل الجهد في معرفة حقائق الأمور؟!
2- أن التَّثبت من أقوال الشَّيخ ربيع في الرجال ممنوع منه، لأنَّ الأصل قَبول خبر الثقة؛ فكيف إذا لم يكن (اجتهاديًّا)!؟.
3- فَتَحَ هذا الأصلُ على الشَّيخ ربيع بابَ رميِ مُخالفيه بفِرية (التثبُّت من أخبار الثِّقات) لأنهم يراجعون في أحكامه التي يراها أخبارًا واجبة القبول.
ومع ذلك؛ فإن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قد نقض تقريرَه هذا واضطرب فيه في مواضعَ عديدة مِن كتبه ورسائله، ومن ذلك:

أولًا: يقرر الشَّيخ ربيع المدخلي أن ما يلتزمه السَّلفيون ويسيرون فيه على طريقة السَّلف هو: أن الحكم على الأعيان أمر تطبيقي تبعي له شروطُه وضوابطه، ويجوز الخلافُ فيه ما دام اجتهاديًّا:
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (11/242-243): «وأما قولك [سفر الحوالي]: (أما الحكم على الأعيان فأمر تطبيقي تبعي له شروطه وضوابطه، ويجوز الخلاف فيه ما دام اجتهاديًّا)، فهو كلام حق .
أما السَّلفيون فهم يلتزمونه ويسيرون فيه على طريقة السَّلف ومَن سار على نهجِهم كالإمام ابن تيميَّة وتلاميذه والإمام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه، ولم يلتزمه سيِّد قطب وأتباعه وشنُّوا على السلفيين ضروبَ الحرب وكفَّر بعضُهم كثيرًا من السلفيين بأعيانهم، وكفَّر بعضُهم ابنَ باز وابن عثيمين والألباني بأعيانهم، ووصفهم بعضُهم بالثالوث! واعتبروهم مع السَّلفيين من مُرجئة الجهميَّة، ولَم يُراعوا الشُّروط والضَّوابط المُنوَّه عنها ولم يقولوا: هذا أمر يجوز فيه الخلاف ما دام اجتهاديًّا».
نقول:
إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن ما يلتزمُه السلفيون ويسيرون فيه على طريقة السَّلف هو: أن الحكم على الأعيان أمر تطبيقي تبعي له شروطه وضوابطه، ويجوز الخلاف فيه ما دام اجتهاديًّا!! فـ:
1- علام يُلزم هو وأتباعُه بالأخذ بأحكامه ما دام أمرًا تطبيقيًّا تبعيًّا له شروطه وضوابطه، ويجوز الخلاف فيه ما دام اجتهاديًّا!!
2- وعلام يُشنِّع على مَن خالف أحكامَه في الرجال، إن كانت اجتهاديَّةً يسوغُ فيها الخلاف؟!
3- وإن كان قول السَّلفيين أن الحكم على الأعيان أمرٌ تطبيقي تبعيٌّ له شروطه وضوابطه، ويجوزُ الخلاف فيه ما دام اجتهاديًّا!! فماذا سيكون قوله الآخر: أن الحكم على الأعيان ليس اجتهاديًّا بل من أخبار الثِّقات الواجبة القبول، ولازمه: أنه لا يسوغ فيه الخلاف؟ هل هو قول الخلفيِّين؟ إن كان الأول قول السلفيِّين؟!

ثانيًا: يقرر الشَّيخ ربيع أن التجريحَ قد يكون بما هو متَّفَق عليه وبما هو مُختلف فيه، والنَّاقد ينظر ويجتهد في السَّبب؛ هل هو قادح أم لا:
كما قرَّره في «مجموع الكتب والرسائل» (15/145-146) بقوله: «أسباب الجرح معروفة كالكذب أو التُّهمة بالكذب أو فحش الغلط ...إلى آخر أسباب الجرح وهي عشرة أسباب ذكرها الحافظ ابنُ حجر في «نزهة النظر» .
كذلك المفسِّقات- مثل: الزنا وشرب الخمر وتعاطي الرِّبا وأكل مال اليتيم, والكبائر التي تتجاوز السَّبعين- كما يقول ابنُ عباس: (بل هي إلى السَّبعمائة أقرب)؛ فهذه من الأسباب المتَّفَق على أنها تجرح وتُسقط العدالة، ويُحكم على من ارتكب كبيرة منها بالفسق فلا تقبل روايته ولا شهادته.
والأسباب المختلَف فيها: قد يكون هذا الخلاف لا قيمة له, قد يُعارض شخص في جارح ويقول: هذا غيرُ جارح، ويكون لا قيمة لكلامه، وقد يكون لكلامه وزن.
والجارِح ينظر ويجتهد في هذا: هل هو قادح أو لا؟! فإنْ ظهَرَ له من خلال الدراسة أن هذا قادح فيجرح به.
وهناك أمور ينبغي أن لا نسمِّيَها مُختلَفًا فيها؛ بل نقول: مُتفقٌ على أنها ليست مما يجرح؛ كقول الجارح في الرَّاوي: رأيته يركب على بِرْذَون, أو قوله: سمعت كذا من بيته ...الخ؛ فهذا لا يقال: إنه جرح مختلف فيه، بل مُتَّفق على عدم اعتباره، وقد شذَّ مَن يراه جارحًا .
الشاهد: أنه لا يُجرح الشخص إلا بجارح مُعتبرٍ عند الأئمة ,والأمور التي قد يختلف فيها بعض الناس يرجِّح هذا العالِم ما يراه راجحًا».
نقول:
إن كان الشَّيخ المدخلي يرى أن العالِمَ يُرجِّح في أسباب الجرح المختلَف فيها ما يراه راجحًا؛ فعلام يُشنع الشَّيخ المدخلي على مَن خالفه في جرحه لأناس من السَّلفيين بمسائل اجتهاديَّة خلافيَّة، كجرحه للكثيرين بِموقفهم من الجمعيَّات، والثناء على بعض المخالِفين، والحكم على بعض المعيَّنين، وهي كلها مسائل اجتهاديَّة؛ فإن كان الشَّيخ ربيع اجتهد في الجرح بها، فليعذر من اجتهد في عدم اعتبارها من أسباب الجرح بدل أن يشنِّع عليهم!!

ثالثًا: يقرر الشَّيخ المدخلي أن من أخطأ من العلماء في جرح أو تعديل رُدَّ قوله مع احترامه واعتقاد أنه مجتهد له أجر المجتهد المخطئ:
لا كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (9\39-40): «إذا اختلف عالِمان من علماء الجرح والتعديل أو غيرهم في أمر ديني فالحكم في القضيَّة لله لا للهوى وأهله الذين يأخذون بقول المخطئ ويردُّون قول المصيب.
والواجب فيما اختُلف فيه من أمر الدِّين الردُّ إلى الله والرسول، قال -تعالى-:﴿فإنْ تَنازَعْتُمْ في شَيءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللهِ والرَّسولِ إنْ كُنتُم تُؤمِنونَ بِاللهِ واليومِ الآخِرِ ذَلكَ خَيرٌ وأحسَنُ تأويلًا﴾.
فيُنظر في قول المتنازِعين في ضوء الشريعة وقواعدها المستمدَّة منها لا المفتعَلة؛ فمَن وافق قولُه شريعةَ الله وجب الأخذ بقوله، ومَن خالفها رُدَّ قولُه مع احترامه واعتقاد أنه مجتهد له أجر المجتهد المخطئ».
نقول:
إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن مَن أخطأ من العلماء في جرح أو تعديل رُدَّ قولُه مع احترامه واعتقاد أنه مجتهدٌ له أجر المجتهد المخطئ؛ فعلام إذن قامتْ معاركُه مع خصومه الذين اجتهدوا فخالفوه في أحكامه في الجرح؟!
ولِمَ لَمْ يرُدَّ أقوالَهم مع احترامِها واعتقاد أنَّهم مجتهدون لهم أجر المجتهد المخطئ!؟

رابعًا: يقرِّر الشَّيخ ربيع المدخلي أن طالب العلم المتمكِّن ليس عليه التقليد في باب الجرح والتعديل؛ بل -في حال وقوع الاختلاف- يجتهد، ولا يقلِّد أبا داود ولا التِّرمذي ولا النَّسائي -ولا من بعدهم-, وأن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحًا في أبواب الفقه، والتَّصحيح والتضعيف:
كما قرره في «مجموع الكتب والرسائل» (1/486-487): «الشَّيخ الألباني وقبله علماء أكبر منه مثل أبي داود والترمذي والنسائي الناظر في كلامهم وأحكامهم على الأحاديث بين أمرين:
إما أن يكون جاهلًا، لا يمكنه أن يُصحِّح أو يُضعِّف، فهذا يقلِّد .
وإنسان متمكِّن طالب علم قوي، عالِم مُتمكِّن من التمييز بين الصحيح والضعيف؛ عنده قدرة تؤهِّله لهذا التمييز بين الصحيح والضعيف، يَدرُس تراجم الرجال ،ويَدرُس العِلل، وكذا وكذا، لتكون النتيجة هي موافقة هذا الإمام أو مخالفته، في ضوء البحث العلمي القائم على المنهج الصحيح، وطرق أهل الجرح والتعديل.
نعم؛ ثم التقليد في الجرح والتعديل هذا شأنُه -بارك الله فيكم-، يعني: لو أن إنسانًا لا يتمكَّن من العلم وقف على كلام للبخاري، لِمسلم، لأبي داود: فلان كذاب، فلان سيئ الحفظ، فلان واهٍ، فلان متروك، فلان كذا، وما وجد أحدًا يُعارضه -يقبل كلامه؛ لأن هذا خبر مِن الأخبار-ما هو فتوى-، يقبله: لأنه خبر من الأخبار، وقبول أخبار الثقات أمر ضروري لا بُد منه.
لكن؛ إذا كان طالب علم، ووجد من يخالف هذا الرجل الذي جرحه، ثم وجد إمامًا آخر قد خالفه وزكَّاه، فحينئذٍ؛ لا بدَّ من تفسير هذا الجرح، لا يُسلَّم لهذا الجارِح طالما هناك عالم آخر يعارضُه في هذا التجريح.
فإذا لم يعارضه أحد يُقبل، وإذا عارضه فلا بُد من بيان أسباب الجرح -بارك الله فيكم-، والأمر موجود في كتب المصطلح، وكتب علوم الحديث.
هذا شيء معروف عند طلاب العلم -فراجعوه في «مقدمة ابن الصلاح»، وراجعوا «فتح المغيث» وراجعوا «تدريب الراوي»، وراجعوا كتب هذا الشأن -علوم الحديث وعلوم الجرح والتعديل-» .
وقال في «مجموع الكتب والرسائل» (15/142): «والحاصل: أنَّ موقف المسلم من التصحيح والتضعيف إمَّا أن يكون مبتدئًا: فيأخذ بتصحيح غيره وتضعيفه، وإمَّا أن يكون متمكِّنًا ضابطًا لقواعد علوم الحديث وبارعًا في الجرح والتعديل أو يفهم كيف يرجِّح ويجرِّح ويعدِّل: فإنَّ عليه -كما قال الحافظ ابن حجر-: عليه أن يجتهد فلا يقلِّد أبا داود ولا التِّرمذي ولا النَّسائي ولا من بعدهم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وباب الاجتهاد لا يزال مفتوحًا في أبواب الفقه، والتصحيح والتضعيف» .
نقول:
إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن طالب العلم المتمكِّن ليس عليه التقليد في باب الجرح والتعديل؛ بل -في حال وقوع الاختلاف- يجتهد، ولا يقلد أبا داود ولا التِّرمذي ولا النَّسائي -ولا مَن بعدهم-, وأن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحًا في أبواب الفقه، والتصحيح والتضعيف؛ فعلامَ يُشنع هو وأتباعُه على طلبةِ العلم الذين يرفضون الأخذ بأحكامه في الرجال، ويأبون تقليدَه لا سيَّما وهو لم يبلغ كَعب أبي داود ولا الترمذي ولا النسائي ولا من بعدهم؟!


الأصلُ السَّابعُ:

الإلزامُ


شنَّع الشَّيخ ربيع المدخلي كثيرًا على مُخالفيه في مواقفه من بعض أهل العلم، ومن ذلك قوله في «مجموع الكتب والرسائل» (9\40): «لا يقف المسلم المتَّبِع موقفَ أهل الأهواء فيقول: قد اختلف العلماءُ فلا يلزمني قول فلان وفلان! ويذهب يتلاعب بعقول الناس! فإن مثلَ هذا القول يُجرِّئ الناس على ردِّ الحق وإسقاط أهله وصاحب الحُجة».
وقال في شرحه لحديث (العرباض بن سارية): «مِن فتن هذا العصر: أن أناسًا مِمن لا خَلاق لهم ولا وزن في الإسلام قد وضعوا قواعد لردِّ الحق مثل: لا يلزمني، و: نصحِّح ولا نجرِّح، و:لا يُقنعني، و: فلان مجتهد -أي: في ردِّ الحق، وهو من أهل الأهواء ودعاة الفتن- إلى قواعد أخرى وضعها أهلُ الباطل لردِّ الحق؛ فكم وكم أضلُّوا بهذه القواعد من الشَّباب وغيرهم، فليت الناسَ يستيقظون لِما يُراد بهم من الفتن ومخالفة المنهج السلفي».
وقال في ردِّه على الشَّيخ أبي الحسن المأربي في «مجموع الكتب والرسائل» (13/304): «إذا كان لِمخالفك أدلة واضحة كالشمس على مخالفات المغراوي للمنهج السلفي فبأيِّ وجهٍ شرعي تقول: لا يلزمني قوله».
ومِن هنا نشأ القولُ لدى الشَّيخ ربيع وأتباعه بالإلزام بأحكامه على المخالِفين بدعوى أن الرافض لَها رادٌّ للحق الذي بنى عليه الشَّيخ ربيع أحكامَه النقديَّة، ورُفعت شعارات (إن لم تُسقط فلانًا أسقطناك)، و(إن لم تسقط فلانًا فأبشر بالسكاكين)، و(المخالف يُنصح وإلا أُلحِق)!
نقول:
لكن هذا التأصيل قد نقضه الشيخ، بل وأجاد في ردِّه له (!) في مواضع عدة من كتبه ورسائله، ومِن ذلك:

أولًا: يقرر الشَّيخ ربيع المدخلي أن ليس كل من تبنى قولًا حقًّا -ولو كان في مسألة عقديَّة - فإنه يوجب غيره أن يتبنَّاها:
كما قال ذلك بقوله في «مجموع الكتب والرسائل» (9/635-636): «قال البحريني الأشري في ص(9): «(وأقر الإمامُ أحمد بن حنبل -رحمهُ اللهُ- ابنَ عيينة على ذلك: (بأن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) كما ذكر ذلك الخلال في «السنة» (ج3 ص583) بإسناد صحيح.
وذكر الإمام أحمد كذلك من نسبته للإيمان: (يزيد حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصيرَ إلى أسفل السَّافلين السبع) كما ذكر عنه ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج2 ص210) وهو صحيح).
أقول: نعم أقرَّ الإمام أحمدُ سفيانَ على قولِه، لكن هل أوجبه الإمامُ أحمد أو غيره على الناس؟».
نقول:
فكيف لو كان القول الحق في مسائل الجرح والتعديل؛ هل يسوغ إيجابُه على الناس؟!!
أم لعل الكلام في الرجال أعلى منزلة من الكلام في مسائل الاعتقاد؟!

ثانيًا: يقرر الشَّيخ ربيع أن الشريعة أوجبت علينا اتِّباع الرسول واتِّباع الوحي، وأن مَن ألزم الناسَ بغير الوحي ولو بالمذاهب الأربعة فلا تجب طاعته:
كما قرره في في «مجموع الكتب والرسائل» (15/75-76): «أمَّا علماء الإسلام -وعلى رأسهم الصَّحابة والتابعون وأئمة المذاهب الأربعة -وغيرهم- متَّفقون مُجْمِعون على أنَّه إذا استبانت السُّنَّة لأحد، لم يكن له أن يتركها لقول أحد.
وقد جاء أن كثيرًا من الأئمَّة خالفوا وخرجوا عن المذاهب الأربعة كلِّها، وما خرجوا عن دائرةِ الإسلام ولا عن دائرةِ الكتاب والسُّنة، لأنَّ الإسلام أوسع من المذاهب الأربعة، الإسلام أوسع من دائرة الأئمة الأربعة، والأئمة الأربعة ما أنشأوا مذاهب ليلزموا الناس بها وحاشاهم، ولو ألزموا الناسَ بذلك لما وجبت طاعتُهم، لأن الله ما ألزمنا إلا باتِّباع محمد واتِّباع الوحي {اتِّبعْ ما أُوحي إليكَ مِن ربِّكَ}، {اتِّبعُوا ما أُنْزِلَ إليكُم مِن ربِّكُم ولا تَتَّبِعوا مِن دُونِه أولياءَ}؛ مأمورون باتِّباع هذا الوحي، والاعتصام به، ولسنا مُلزَمين بقول أحد من البشر، وكلهم رادٌّ ومردودٌ عليه».
نقول:
وهل أقوالُ الشَّيخ ربيع في الرِّجال مِن قَبيل الوحي والسُّنة التي لم يكن لأحدٍ أن يُخالفها؛ لأنَّ الله -كما قرَّر الشَّيخ ربيع-نفسُه- ما ألزمنا إلا باتِّباع محمَّد واتِّباع الوحي، أم هي في أحسنِ أحوالِها بِمنزلة أقوال الأئمة الأربعة واجتهاداتهم(!) والتي لَم يكن الأئمَّة يُلزِمون بها؟!

ثالثًا: يقرِّر الشَّيخ المدخلي أنه غير مُلْزَم بأن يَحكم على المبتدِع المعيَّن بأنه مُبتدِع، لأن كثيرًا من السَّلف كانوا يُترجِمون لبعض المبتدِعة ولا يقول أحدُهم: مُبتدع، ولا يقول: قدري، ولا يقول: رافضي:
كما قاله في «مجموع الكتب والرسائل» (15/220): «يسألك: هل ابنُ حجر مُبتدع أو ليس مبتدع؟ تقول: ما أستطيع أن أقول: مُبتدع، أقول: أشعري، عنده أشعريَّة، بيَّنت.
يقول: لا، قُل مبتدع.
ما يلزمني شرعًا أن أقول هذا، السَّلف كثيرًا ما يُترجمون لبعض المبتدعة ولا يقول أحدهم: مبتدع، ولا يقول: قدري، ولا يقول: رافضي، يترجم له ويمشي، فلا يلزمني أن أقول: فلان مبتدع، فلان مبتدع، يلزمني أن أبين بدعَه وأحذِّر منها».
نقول:
وهذا تصريح من الشَّيخ ربيع أنه لا يلزم الحُكم على كل مبتدع بأنه مبتدع، بل الواجب الحُكم بيانُ بِدعه والتحذير منها؛ فهنا تفريق بين الحكم على القولِ والفعل، والحُكم على القائل الفاعل للبدعة.

رابعًا: رَدَّ الشَّيخ المدخلي بكلِّ وضوح على مَن قال (أن العلماء إذا تكلَّموا في مُبتدع فيجب اتِّباعُهم):
وذلك في «مجموع الكتب والرسائل» (9/40-41) -بقوله-: «قولك: (أما العلماء إذا تكلَّموا في مُبتدع فيجب اتِّباعهم) ... .
[أقول:] بناءً على قاعدتك في باب التَّبديع يلزمك تبديع الإمام البخاري لأن الإمام محمَّد بن يحيى الذُّهْلي وأصحابه قد بدَّعوا الإمامَ البخاري وآذَوْه، ولكن العلماء وعلى رأسهم مسلم -إلى يومنا هذا- خالفوا الإمام محمَّد بن يحيى؛ فهل تُبدِّعهم لأنهم لم يتَّبعوا محمد بن يحيى، وتقول لماذا خالفوه؟! فأقول: لأنه ليس معه ولا مع أصحابه حُجة.
والإمام أحمد -نفسُه- خالف الناسَ في شَرِيك بن عبد الله النَّخَعي وأبي نُعيم؛ لأنه لم تقدَّم له الحجة على تبديعِهما، ولو قدَّموها له لقَبِلها والتزمها كما عهدنا ذلك منه ومِن أمثاله -رحمهم الله-.
فمدار القَبول والردِّ هو الحجة وعدمُها؛ لا الهوى -كما قررت أنت هنا في قضايا الاختلاف- أي: اختلاف أئمة الجرح والتعديل، ولا يبعد أن تقرِّرَها في كل القضايا -كما يفعل أهل الأهواء الذين قلدتَهم-».
نقول:
إن حجة محمد بن يحيى الذُّهْلي في تبديعِه للإمام البخاري كانت: اعتقاده بأن البخاريَّ -رحمهُ اللهُ- يقول بأن لفظَه بالقرآن مخلوق؛ وهي مقالة اللفظيَّة الذين بدَّعهم الإمام أحمد؛ فهذه هي حُجته في التبديع، لكنها حُجة لا تثبت في حقِّ الإمام البخاري.
لهذا نقول -كما قال الشَّيخ المدخلي-: أن مَن كان من أهل العلم قد بدَّع أناسًا بما لا يَثبت عليهم لم يجب اتِّباعُ قولهم، ولو كان المجرِّح كأمثال الذُّهْلي، فكيف لو كان دونه!؟!
ولهذا قرَّر الشَّيخ ربيع المدخلي: أنه لا يَسُوغُ لأحد أن يطالب أحدًا بتبديع مَن ثبتتْ براءتُه عنده:
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (10/514) -مستنكرًا-: «أيطالبني بتبديعِ إمام ثبتتْ براءتُه عندي؟!!».

خامسًا: يقرِّر الشَّيخ ربيع المدخلي أن إلزام طالب العلم باجتهاد عالِم هو مِن قَبيل الدعوة إلى التقليد الباطل:
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (9/112-115) -مختصرًا-: «قول السائل للشيخ فالح: (جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم، ثم يقول كذلك شيخنا من تأصيلاته العجيبة، فلما قلتُ له: (أنت قلت في شريط: أنا لستُ مُلزم بقوله -أي لست ملزم بقول عالِم- )؛ فقال لي: (لست ملزم بقوله، لست ملزم بقوله، لست ملزم بقوله).
فأجاب الشَّيخ (فالح)-مقاطعًا-: عليه أن يُثبت، عليه أن يُثبت، عليه أن يُثبت أنه إمام الأئمَّة، وأنه عالِم مجتهد لا يَحكم إلا بالحق الذي يتعبَّد اللهَ به، ودلَّت عليه الحجَّة من الشَّرع وهو أهل .. وإلا فرُغم أنفِه ورُغم أنف غيرِه حتى لا يظنَّ أن هذه الكلمة موجَّهة له فقط أنه إن لَم يكن من العلماء يتَّبع العلماء ولا نقول حتى يقلِّد يسمِّيه هو ما شاء سَمَّاه تقليدًا أو سَمَّاه اتباعًا.... .
فعلَّق الشَّيخ ربيع المدخلي على هذا الكلام قائلًا: «بل ما تدعو إليه هو التَّقليد الباطل لأنك تدعو إلى التَّقليد مَن لا يجوز له أن يُقلِّد، ولا سيَّما في الفتاوى الباطلة التي تُصدرها وتُلزم بها الناسَ ... .
أتدري من القائل: لستُ مُلزمًا بقوله؟ إنه الأزهر الجزائري السلفي الذي يحمل شهادة جامعية ويدرِّس التوحيد والحديث -وغيرهما- على طريقة السَّلف.
وهل تدري مَن هو العالم الذي يريد السَّائل أن يُلزم الأزهر بقوله؟ الجواب: إنه فالح الحربي .....
فلما أبى تقليدَ فالح؛ حَمل عليه هذه الحملةَ الشعواء، وحَكم عليه بهذه الأحكام لماذا؟! لأنه لم يقلد فالحًا.
ولقد فهمت -سابقًا- من هذا الكلام أن هذا العالِم الذي أبى الأزهرُ التزامَ قوله وتقليده هو فالح ... . إن القاعدة التي اعتمد عليها أزهر ليست قاعدة إبليسيَّة وإنما هي قاعدة إسلامية عظيمة وسلفية كريمة.
وأخبِرْني: مَن مِن العلماء قال عن قاعدة (لا أقلِّد)-إذا قالها مَن لا يجب عليه التَّقليد-: أنها قاعدة باطلة، وأنها تدل على انحراف قائلها، وأنها قاعدة إبليسيَّة ...!؟!
وانظر أخي: كيف لا يكتفي بإلزام الأزهر بفتواه الباطلة! بل تراه يوجه هذه الإهانة والوعيد لأمثاله إن لم يأخذوا بفتواه ....
انظر أخي: لقد علم أن الأزهر يدرِّس فيجهِّله ويُلزمه بتقليد العلماء! ومن هم العلماء؟! إنهم فالح... ».
وقال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (9/44): «ومع الأسف: فإن دندنة هذا الرجل كلها ليتوصَّل بها إلى نتيجة، فلم يصل إليها، ولن يصل إليها -ودونها خرط القتاد-:
هذه النتيجة هي إقناع الناس بأن العالِم إذا بدَّع أناسًا مشهورين عند الناس بالسَّلفية يدْعون إليها ويذبُّون عنها؛ فإنه لا يجوز أن يُسأل عن أسباب تبديعِهم وأن تبديعهم لا يسمى جرحًا!
وتزداد المصيبة إذا علمتَ حكم هؤلاء بأن مَن لا يُقلِّدونه يكونون مُميِّعين -أي: مُبتدِعين-، وأشد مِن هذا أن مَن لا يقلِّد العلماء يكون قد كذَّب الله ورسوله وكذَّب الإسلام وأن مَن لا يقلِّد العلماء قد نسف الرسالات».

سادسًا: يقرر الشَّيخ المدخلي أن أهل الحق ليس عليهم -تجاه مُخالفيهم- سوى أن يُبيِّنوا الحق للناس وأن يدعوا الله -تعالى- لهم بالهداية -من غير إلزامٍ بنقدٍ أو بإعذار-:
قال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (14/216-217): «بُذلت جهود الكثير والكثير من العلماء علماء المنهج السلفي ودعاته -, وطرحت الكتب وكل الوسائل بين أيدي هؤلاء [الجماعات الأخرى]؛ فأَبَوا إلا أن يبقوا ثابتين فيما هم فيه، و﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾، و﴿وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ﴾، و: ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا البَلَاغُ﴾, و: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾, و: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ .
فالأسباب بُذلت وطُرحت بين أيديهم، وهم يحاربونها ويحاربون أهلها؛ فماذا يصنع الدعاة السلفيون؟!
فليس -والله- بأيديهم يعني أن يَهدُوا الناس، وقلوبُ الناس بين يدي الله، بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها كيف يشاء؛ فإذا شاء الله هداهم كان ذلك عليه سهلًا، وسترى هؤلاء كيف يُهرَعون إلى المنهج السلفي، وإذا أراد الله غير ذلك؛ فلا رادَّ لما قضاه، ولا هادي لمن أضله.
ولا نملك -إلى جانب ما قدَّمه السَّلفيون- إلا أن ندعوا الله لهم بالهداية، هذا الذي نملكه».
وقال الشَّيخ ربيع المدخلي في «مجموع الكتب والرسائل» (7/117): «بعد إدانة كلام الهرَوي والحكم عليه بِما يستحقه قد يتلمَّسان [أي: ابن تيميَّة وابن القيِّم] الأسباب لعُذره؛ لأدلة قويَّةٍ مِن عِلمه وجهاده لأهل البدع والضَّلال وبالكتب والرسائل الواسعة في بيان الحق ونَصره وهدم البدع والضلال ثم بعد ذلك كلِّه يبقى القارئ حُرًّا؛ فإمَّا أن يقتنع بهذا العُذر، وإما لا يقتنع؛ فلا إلزام بهذا [العُذر] ولا ذاك [النَّقد]».
نقول:
إن كان نقد شيخ الإسلام ابن تيميَّة وابن القيِّم للهروي كان نقدًا حقًّا وعدلًا وصدقًا، ومع ذلك فالشَّيخ ربيع المدخلي لا يُشنِّع على مَن لم يأخذ بهذا النقد إن لم يقتنع به، ويجعله حرًّا؛ من غير إلزام له بقَبول النقد؛ فإن كان هذا موقفه مع انتقادات شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيِّم وهي في العدل والصدق ووضوح الحجة ما هي!!
فكيف به يُلزم غيرَه بلزوم نقدِه وأحكامه وهي لا تقارَن بشيء مع نقد شيخ الإسلام وتلميذه للهروي!!

سابعًا: يقرر الشَّيخ ربيع أن الجاهل بإسلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من عوام المسلمين فلا شيء عليه؛ وأن معرفةَ أمير المؤمنين وأهل البيت على حقيقتهم لا يجب:
كما قال في «مجموع الكتب والرسائل» (12/102): «عليٌّ -رضي الله عنه- ينبغي أن يُعرَف أنه مِن قرابة رسول الله وأنه من الخلفاء الرَّاشدين؛ فمَن عرف هذا مِن طلاب العلم: فلا يجوز له إنكارُه، ومن لَمْ يعرف عليًّا ولا أهل بيته من جهال المسلمين فلا مسؤوليةَ عليه، إنَّما السؤال في القبر والآخرة عن محمَّد وعما جاء به، وأمَّا الإسلام لعليٍّ: فهذا كذب على الله وعلى كتابه».
وقال -أيضًا- في «مجموع الكتب والرسائل» (12/82-83): «ومعرفة أمير المؤمنين وأهل البيت على حقيقتهم أمرٌ جيِّد ولكنه ليس من أركان الإسلام ولا من واجباته ولا من شروطه، وكلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل!!».
نقول:
ولا يخفى أن كلام الشَّيخ ربيع -هذا- فيه ما فيه!!
لكن إن كانت معرفة أمير المؤمنين وأهل البيت على حقيقتهم لا تجب، والجهل -بإسلامه-رضي الله عنه- لا يضرُّ عوامَّ المسلمين -على ما يراه الشَّيخ ربيع-؛ فكيف بِمن يُلزم عوامَّ السلفيين بِمعرفة أحوال أناس لا يُقارَنون -أدنى شيء- بأمير المؤمنين-رضي الله عنه-!!!


الأصلُ الثَّامنُ:

الهجرُ المطلَق لأهلِ الأهواءِ والبِدعِ

امتاز الشَّيخ ربيع المدخلي بِمواقِفه المتشدِّدة -ولا نقول: الشَّديدة-على مَن يراهم (هو!) مِن أهل الأهواء والبدع، حيث يرى:
- أن هجرَ أهل البدع هو عام مُطلق غير مقيَّد بالمصلحة والمفسدة.
- وأن المبتدعَ لا يُحَبُّ على قدر طاعاته، أو يُبغَض على قدر بدعته ومعاصيه؛ بل ليس له إلا البُغض والهجران والمقاطعة.
- وأن المبتدعَ لا يُوالَى على قدر طاعته وإيمانه، بل ليس له إلا الهجران والمقاطعة.
- وأن مَن بدَّعه العلماء بحُجة: فلا يجوز الدِّفاع عنه، وعلى كل الناس المحتكِّين به أن يأخذوا بهذا القول.
- وأن إحسان الظنِّ بأهل البدع مُخالفٌ لمنهج الله -تبارك وتعالى-.
- ويرى (التَّحذير المطلق) من مخالطة أهل البدع ومجالستهم.
- وأن السلفيين لا يستطيعون التَّعايش مع أهل البدع.
- وأن أهل البدع لا يُستفاد منهم شيء من علوم القرآن والسُّنة.
- ويرى الشَّيخ المدخلي عدم مشروعيَّة النظر في كتب أهل البدع؛ سواء ألَّفوها حالَ بدعتهم، أو قبل وقوعهم في البدعة، وسواء كانت مشتملة على البدع أو غير مشتملة عليها.
- ويرى -كذلك- عدم مشروعيَّة التعاون مع أهل البدع والأهواء- ولو كان وَفْقَ الضوابط العلميَّة في المنهج السلفي- .
نقول: ومع ذلك؛ فالشَّيخ ربيع المدخلي قد تناقض مع تأصيلاتِه هذه؛ ووقع منه ما يضادُّ تلك التقريرات؛ فهو:
1- يرى أن تبديعَ الأعيان ليس مُلزِمًا، وإنما الُمُلزِم هو بيان البدع والتحذير منها.
2- ويرى أنه لا يجب اتِّباع العلماء في تبديعهم مَن لم تقم الحجَّة (المقنِعة) على تبديعه.
3- رفضه لقاعدة (مَن لم يبدِّع المبتدع فهو مُبتدع)، واعتباره إيَّاها قاعدة حدَّادية.
4- مدحه وثناؤه لأهل الأهواء والبدع.
5- موازنته في معرض نقده (!) لبعض أهل البدع والأهواء.
6- توقيره لبعض أهل الأهواء والبدع.
7- ثناؤه على أهل البدع و(حَمده لهم) في معرض انتقادهم لغيرهم مِن أهل البدع.
8- شكر أهل البدع على ما عندهم من الحق.
9- الاعتذار إلى أهل البدع في نقدِه لبعض رموزهم.
10- مَدحه لِمن يُعامل المبتدعة معاملة حسنة!!
11- قَبوله لتوبة أهل البدع -بدون شروط!-, واستعداده للتَّراجع عن نقد مَن كانت توبته واضحة وصريحة.
12- دفاعه عمَّن رماه الأعلامُ بالبدعة ونسبوه إليها.
13- تشنيعه على المُلزِم له بتبديع مَن قد بدَّعه الأئمةُ الأعلام، معلِّلًا بثبوت براءته من البدعة -عنده-.
14- ثناؤه على بعض كتب أهل البدع.
15- ثناؤه على بعض الكتب التي تقرِّر البدع.
16- نقله من كتب أهل البدع -مقرًّا لها، ومستشهدا بها- في العديد من المواضع، بل ومدحه لنفسه بأمانته في نقله عنهم.
17- إحالته إلى كتب أهل البدع، المشتملة على مخالفات عقدية.
18- تجويزه حضور محافل أهل البدع والدعوة إلى الله مِن على منابرهم.
19- إجازته الكتابة في الصُّحف التي لا تخلو من مُنكرات، بل وتلقِّي الأجر من المسئولين على هذه الصحف.
20- إعانته للإخواني المعروف (عبد المجيد الزنداني) في كتابة بعض فصول كتابه (التوحيد).
21- زيارته لأماكن الشرك والبدع من غير إنكار، بل وصلاته في أحدِها!!!!.
22- دخول الشَّيخ ربيع المدخلي في صفوف أهل البدع من الإخوان المسلمين، ومكثه بينهم سنوات طويلة.
23- مجالسته لأهل الأهواء والبدع ومخالطته لهم على مدى أكثر من ثلاثين عاما .
24- نصح الشَّيخ ربيع للسَّلفيين في عام (2001) بأن يكونوا مع جماعة طالبان الصُّوفية الدِّيوبنديَّة البدعيَّة، ويناصروهم في معاركهم وحروبهم ضد الفصائل الأفغانيَّة المعارِضة لهم.
25- مشاركته لأهل الأهواء والبدع ومجالسته إياهم في مؤتمرات (الوحدة الوطنيَّة!) التي أقيمت في العام (2003).
26- يرى الشَّيخ ربيع جواز أخذَ المحتاج للمال من الجمعيات الحزبية -إن كانت مساعدة غير مشروطة-.
27- إجازته لكبار أتباعه بإجابة دعوة الجمعيَّات الحزبية لهم.
28- زيارته للحزبيِّين من أصحاب الجمعيَّات في مقرَّاتهم وتجوُّله فيها، وحفاوته بهم وحفاوتهم به، ومعانقته لبعض رموزهم.
وهذا كله تراه موثقا في مقالنا «الوجه الآخر لموقف الشَّيخ ربيع المدخلي من أهل الأهواء والبدع: اضطراب أم تلاعب ؟!!!».
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=41288


الأصلُ التَّاسعُ:

التَّكثُّر بأهلِ العِلم

عُرف عن الشَّيخ ربيع المدخلي استخدامُه لصِيغ المبالغة في التَّجريح وبخاصَّة صيغة (أفعل!)-أخطر..أضلّ..أجهل..أخبث..أفجر..-!!
وهذه المبالغة هي مِن (جنس الغلو) الذي تشرَّبه الشَّيخ ربيع حتى تعدَّى إلى إطلاقاتِه. ومِن ذلك تكثُّرُه بنسبة موافقتِه لعُموم أهل العلم:
ومِن ذلك قوله في «مجموع الكتب والرسائل» (9/726): «فالعلماء لَم يردُّوا عليَّ شيئًا؛ لا الشَّيخ الفوزان ولا غيره، بل علماء السُّنة في كل مكان يَنصرون جهادي ضد الخوارج ومَن تفرَّع عنهم -ومنهم الحدادية-».
وقال في «نصيحته لأهل العراق» (ص/18): «إن الأئمةَ الثلاثة الكبار لَم يعارضوا الشَّيخ ربيعًا في أحدٍ بل أيَّدوه، وأيَّدوه إلى أن مَضَوا إلى رحمةِ الله، لأن طريقتي ليست أحكامًا على فلان أو فلان؛ وإنَّما هي نقد لأقوال وأفكار، أبيِّن باطلها بالحُجج والبراهين.
وعلماء المنهج السَّلفي -كلُّهم- يؤيِّدون ما أكتب، ولم يُعارضوه، ولا أحد منهم، لأنه الحق الأبلج».
ويقول -كذلك- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/196): «لو وقف المعلِّمي على مؤلفاتي في نصر السُّنة لأيَّدها؛ كما أيَّدها إخوانه من أئمَّة السُّنة -ولا سيَّما صديقه الألباني-».
وقال في «مجموع الكتب والرسائل» (11/113): «وكتبي قد حكم فيها العلماء وأيَّدوها».
ويقول -أيضًا- في «مجموع الكتب والرسائل» (9/499): «ونحن -ولله الحمد- يشهد لنا العلماء السلفيون في كل مكان، يشهدون لنا بالثَّبات على الحق، وأن إنتاجَنا حقٌّ وعلى منهج السلف، (ومِن ثِمارهم تعرفونهم)».
نقول:
ومع ذلك تراه في المقابل يَنتقد مَن يستخدم مثلَ هذه التَّعبيرات في معرض الرَّد عليه:
فيقول في «مجموع الكتب والرسائل» (11/580) -أثناء بعض ردوده-: «قوله: (أئمة السلفية يردُّون على ادِّعاءات الدكتور ربيع المدخلي عن التَّصوف والصُّوفية): هكذا بِهذا العموم والشُّمول الذي يُوهِم القُرَّاء أن كلَّ أئمَّة السُّنة وقفُوا في وجه ربيع يدافعون عن كلِّ أصناف التَّصوُّف والصُّوفية ويردُّون على ادِّعاءاته بالحجج والبراهين!».


الأصلُ العاشر:

غُلوُّ الشَّيخ ربيع في نفسِه وطُروحاتِه

مِن الواضح الجليِّ لِمن تتبَّع سيرةَ الشَّيخ ربيع المدخلي، ووقف على أقوالِه، أن الشَّيخ ربيعًا المدخلي شديدُ الغلوِّ في نفسه وطرحه.
وهذا الغلوُّ هو الذي أفضى به إلى تفريقِ السَّلفيين على شخصِه وعلى طروحاته.
وهو ما أثبتناه -ولله الحمد- بالنقولات الواضحات البيِّنات في مقالنا «السبب (الأساس) وراء إثارةِ الشَّيخ ربيع المدخلي للفِتن بين السلفيين ... !».
وقد قلنا -في ختامه-: «ما الدافع لإظهار الشَّيخ ربيع المدخلي لهذه الشوائب [الحزبية] بعد سلوكه في المنهج السلفي؟!
الجواب -باختصار وصراحة ووضوح-: إنه إعجاب الشَّيخ ربيع بنفسِه، وغلوُّه فيها -كما تقدم التَّدليل عليه-، فرجلٌ:
1- يرى نفسَه على منهج أهل السُّنَّة في الدَّقيق والجليل.
2- ويرى نفسَه من أشد النَّاس تمسكًا بمنهج السَّلف الصالح واتِّباعًا لهم واقتفاءً لآثارهم.
3- ويرى نفسه أنه لا يَبني أحكامَه في النقد والجرح والتعديل إلا على كتاب الله وسُنَّة رسوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومنهج السَّلف الصالح.
4- وأنَّه لا يعرف لنفسه خطأً في المنهج.
5- ويرى أن العلماء السلفيين -في كل مكان- يشهدون له ولمن معه أن إنتاجَهم حق.
6- ويرى أن علماء المنهج السلفي -كلَّهم- يؤيِّدون ما يكتبه في تقرير المناهج أو في الردِّ على الأفراد لأن ما يكتبُه هو الحقُّ الأبلج.
7- ويرى أنه لم يقع فيما يستوجب الرُّجوع عنه».
نقول:
رجلٌ يرى في نفسه ما تقدَّم وزيادة؛ فمن الطبيعي جدًّا أن يرى في نفسَه-ما قاله في نفسه-: (أن دعوتَه هي دعوة أهل المنهج السلفي، وأن مَن يطعنُ فيه فقد هوى على أُمِّ رأسِه وبانت بِدعتُه وعداوتُه للسُّنَّة وأهلِها، وأن الردَّ عليه في بعض كتبِه هو ردٌّ على أهل السُّنَّة كلِّهم وعلى عقيدتِهم ومنهجهم، وأن مَن يسعى في الكلام فيه إنَّما يريد إسقاطَ المنهج السلفي، وأن الرادَّ عليه أشرُّ وأخطرُ من الرافضة وأهل البدع)!!».
وهنا نقول:
قد تقدَّم معنا إثباتُ كيف أن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قد نقض تأصيلاتِه وخالفها، في مواضع عديدة من كتبِه ورسائله!
وهذا -بحدِّ ذاته- كافٍ لنقضِ دعواه أنه (لا يعرفُ لنفسه خطأً في المنهج!) وإبطال زعمه أنه (لَم يقع فيما يستوجب الرُّجوع عنه) - وغير ذلك من الشِّعارات التي يرفعها الشَّيخ المدخلي ومقلِّدوه في وجه مُخالفيهم -مِمَّا قد يكون باعثُ ذلك-كلِّه-اعتقادَه أن آراءه وأحكامه
ليست اجتهادية!)-!!!

********************************************

تلخيص وتنصيص

يتبع

__________________
المواضيع المنشورة تحت هذا المعرف تعبر عّما اتفق عليه (طلبة العلم) -هيئة الإشراف في (منتدى كل السلفيين)-.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-28-2013, 01:03 AM
مشرفو منتدى (كل السلفيين) مشرفو منتدى (كل السلفيين) غير متواجد حالياً
.
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 33
افتراضي

تلخيص وتنصيص

أولًا: إن اضطراب الشَّيخ ربيع المدخلي وتناقضَه ليس موقوفًا على جانب التأصيل العِلمي المجرَّد، بل يتعدَّاه إلى تناقُضِه واضطرابِه في مواقفهِ مِن تأصيلاتِ غيره؛ وذلك بالنَّظر إلى تعلُّقها بعلاقاته الشَّخصيَّة من صاحب التَّقرير؛ ومثال ذلك:
أن الشَّيخ عليًّا الحلبي عندما ألَّف كتابه «منهج السَّلف الصالح» قابله الشَّيخ ربيع المدخلي بالردِّ والنكران، وسلَّط عليه السُّفهاءَ والغلمان، وذلك لأنه استشعر أن هذا الكتابَ يردُّ على الأصول الغاليةِ التي يسير عليها الشَّيخ المدخلي -ولو كان بكلام الشَّيخ المدخلي نفسه-!!
لكن معظم المسائل التي قرَّرها الشَّيخ الحلبي في (كتابه) وافقهُ على تقريرِها الشَّيخ محمَّد الإمام في كتابه الموسوم بـ«الإبانة عن كيفيَّة التَّعامُل مع الخلاف بين أهل السُّنَّة والجماعة» -وانظر هنا-.
لكن بدل أن يقابِل الشَّيخ ربيع المدخلي هذا الكتابَ بِما قابل به كتاب «منهج السَّلف الصالح» مِن الردِّ والتَّبكيت والتَّشغيبِ والتَّأليب؛ قابله بنقيضِ هذا!!!! فقد قرأ الكتابَ وراجعه ووضع عليه بعضَ الحواشي، وكتب الشَّيخُ الإمام على طرَّة كتابِه قائلًا: «راجعه وقرأه فضيلةُ الشَّيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي».
والسَّبب في هذا راجع إلى أن الشَّيخ المدخلي أدرك -هنا- أن كتاب «الإبانة» إنما وُضع للرَّد على (الشَّيخ الحجوري) الذي كان في طَور صبر الشَّيخ ربيع ومناصحتِه له.
فالشَّيخ المدخلي يُقر القولَ ونقيضَه، ويمدح القولَ ويذمُّه لا بالنَّظر لذاته وإنَّما بالنَّظر لِمَن قاله، وهذا ما أوقع الشَّيخ ربيعًا المدخلي في التَّناقض والاضطراب.
ويوضحه ...


ثانيًا:
إن اضطراب الشَّيخ ربيع المدخلي وتناقضه لم يقف عند حدود المسائل العلميَّة، والمواقف السلوكيَّة، بل تعدَّاه ليقعَ في التَّناقض في الإخبار عن الشَّيء وضدِّه؛ ومن ذلك -على سبيل التَّمثيل لا الحصر- ما قرَّرناه في مقالنا «(7) -موثقا- طعونات الشَّيخ ربيع المدخلي -وكبار أعوانه!- بالسلفيين -علماء ودعاة- ».
حيث قلنا:
(( إنكار الشَّيخ ربيع المدخلي لطعنه بِمن قد طعن فيهم -حقيقةً- في مجالسِه الخاصة، [كما تستمعون إليه في هذا المقطع-] جوابًا على سؤال وجه إليه ضمن (المخيم الربيعي)؛ وفيه: «السائل: يقول عن الشَّيخ ربيع: (وطعنه في العلماء المتقدِّمين والمتأخِّرين؛ يقول الدكتور ربيع بن هادي: ابن باز طعن في السلفيَّة طعنةً شديدة -نقله عن «الفصل العادل»-، ويقول: وطعن في ابن حجر والنووي، وبدَّع شُعبة، واتَّهم الإمام أحمد بن حنبل بأنه يُؤوِّل بعض الصِّفات، وقال عن محمد بن عبد الوهاب: كان شابًّا طائشًا، واتَّهم ابنَ خزيمة بأنه يؤوِّل بعض الصفات، وقال عن ابن عثيمين: أنه بسببِه تخرُج رايات الشِّرك مِن نجد، وقال عن الألباني: سلفيتُنا أقوى من سلفيَّتِه، وقال عن شُعبة: مُبتدع، وقال عن الثوري: يتهالك في ركاب رافضي، وقال عن محمد بن عبد الوهاب: عنده حَماس واندفاع شباب، ينسب كل هذه الأقوال إليك يا شيخ، وينقل هذا عن «الفصل العادل»؟.
الجواب: أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، هذه كتبي وهذه أشرطتي، ما هي إلا دفاع عن أئمة السُّنة، ومنهم مَن ذكرت».

نقول:
1- قد ثبت بالصَّوت عن الشَّيخ ربيع المدخلي طعنُه في الشَّيخ ابن باز؛ فكيف يكون بُهتانًا عظيمًا؟!!؛ وهل البهتان في الادِّعاء الموثق، أم بالنفي المعارِض لِما هو ثابت وموثَّق بالصَّوت، ومثله يقال:

2- وقد ثبت -كذلك- كلامُه في الشَّيخ الألباني، كما تقدم -بصوتِه-، فمَن هو الذي أتى بالبُهتان العظيم؟؟

3- وأما ما كان متعلِّقًا بالشَّيخ ابن عثيمين -رحمهُ اللهُ- فلم يَثبت عن الشَّيخ ربيع أنه قال فيه ما تقدَّم، لكن الثَّابت عنه قوله -في شريط «مَن هم المرجئة»-: «قلتُ لتلاميذ شيخ مِن القصيم هل عندكم خلفيَّة عن الصُّوفية وعن جماعة التَّبليغ قالوا: لا، قلت: إذا كان إذا استمر الوضع على هذا الحال بعدم فهمِكم للصُّوفية وتساهُلِكم في انتشار أهل البدع فَلَسَوف تنطلقُ راياتُ التصوُّف مِن قلب نجد بدل انطلاقها برايات التَّوحيد».
نقول: ومعلوم أن أبرزَ شيوخ القصيم -آنذاك- هو الشَّيخ (ابن عثيمين -رحمهُ اللهُ-)؛ لكن لَمَّا كان الشَّيخ ربيع لَم يُسمِّه أو يُعيِّنه؛ فليس لأحد أن يتقوَّل على مقصده؛ لا سيَّما مع نفيِه -المجمل- لذلك!!
وإنْ كان هذا -نفسُه- وللأسف- هو أسلوبَه مع خُصومِه!!

4- وكذلك ما كان متعلقًا بتبديع الحافظَيْن ابن حجر والنووي؛ فالشَّيخ ربيع وإن رفض التَّصريح بتبديعهما إلا أنه لا يرى كبيرَ فَرق بين القول أنَّهما أشعريَّان ووقعا في البدع وبين القول أنَّهما مُبتدعان -إلا التأدُّب في العبارة-!!! كما جاء في جوابه عن سؤال حول الفَرق بين الحداديَّة والسلفيَّة: «ومِن صفاتِهم -أيضًا- عدم التَّرحُّم؛ كان إذا ترحمت على مثل ابن حجر والشوكاني والنووي قالوا: مبتدع، إذا قلت الحافظ، قالوا: مُبتدع، إذا قلت: عندهم أشعريَّة قالوا: لا بُدَّ أن تقول: مُبتدع، إذا لم تقل مُبتدع فأنت مبتدع!!
قلنا لهم: إذا قلنا أشعري معناه أنه عنده بدعة؛ الإنسان يريد أن يتأدب في لفظه ليس لازمًا أن تقول عنه مبتدع.
أنا أقرأ لكم تراجم من البخاري؛ يَمرُّ على جابر الجعفي ويَمر على غيره لا يقول مُبتدع وهو يعرف أنه رافضي ولا يقول أنه مبتدع، لأن هذا ليس لازِمًا، بيِّن ضلاله نُصحًا للناس لكن ليس لازمًا أن تقول مبتدع أو غير مبتدع فأبوا.
يتَّصل عليَّ أناس من الخارج مِن أبْها يقول لي: ما رأيك في ابن حجر، أقول له: عنده أشعرية، يقول لي: أبدًا، أنت ضالٌّ لا بدَّ أن تقول مبتدع!!».

نقول:
سبحان مغيِّر الحال، فالشَّيخ ربيع هنا يُنكر على الحدادية إلزامَهم إيَّاه بتبديع مَن وقع في البدع والأشعرية -بإقراره- بل ومن قيل فيه أنه رافضي!!! وبين إلزامه هو بتبديع السلفيين؛ فمَن هو الأقرب إلى الحدادية؛ هو أم مَن ينكر عليهم؟!

5- وأمَّا ما كان متعلقًا بشُعبة والأعمش فقد أقرَّ الشَّيخ ربيع المدخلي أنهم وقعوا في بِدع؛ فقال في الرَّد على «مجازفات الحداد» بالقول: «ثالثًا: قوله [محمود الحداد]: (ونقضه مصنفه بالرَّد علينا بِمذكرة بدَّع فيها شعبة والأعمش وطعن في سفيان الثَّوري، وأثبت فيها الثناء على أهل البدع).
أقول: ... فهذه المذكرة موجودة لم أطعن في سفيان الثوري -والعياذ بالله- وهو -ولله الحمد- من أعظم الأئمة عندي ويعلم الله حبِّي له وإكرامي له غير أن غُلوَّ هؤلاء جعلني أنقل ما قاله الشَّافعي وغيره في موقف سفيان من جابر الجعفي.
وأمَّا الآخرون [يعني: شعبة والأعمش وغيرهما]: فنقلتُ شهاداتِ الأئمة العُدول بأنهم وقعوا في بِدع، منها القَدَر، ومنها التشيُّع، ومنها الإرجاء، وتداولَها الأئمةُ العدول في دواوين الجرح والتعديل، وقد ذكرتُ في ترجمة كل واحد منهم مَن نسَبَه الى البدعة، وذكرتُ المصادر أو المصدر في كل ترجمة، فكلامي موثَّق لا يستطيعون أن يُثبتوا عليَّ كلمةً رَميت فيها بريئًا».
نقول: تحت أي خانة شرعية يدخل هذا الإنكار من الشَّيخ الربيع لما هو ثابت عليه قطعا ؟
سؤال إجابته متروكة للقارئ المنصف !!!)).

ونقول: بل تناقُض الشَّيخ ربيع المدخلي لم يقف عند هذا الحد!! بل تعدَّاه -كذلك- ليقع في إخبارِه عن حال نفسه وتأريخه، ومن أمثلة ذلك ما قرَّرناه في مقالنا: «(2) العبرة بنهاية الشَّيخ ربيع المدخلي (السلفية)! لا بنقص بدايته (الإخوانية)=(البدعية) !!! ».

حيث قلنا:
((تناقُض أقوال الشَّيخ ربيع السَّابقة، وشهادة أهل العلم عليه مع قولِه في هامش كتاب «انقضاض الشُّهب السلفيَّة» -المنقول سابقًا-: «ربيع لَم يكن إخوانيًّا قط (!)، وإنَّما مشى معهم(!) مدة بشرط أن يُخرجوا أهل البدع من صفوفهم (!)، وبشرط أن يُربُّوا شبابَهم على المنهج السلفي!! وكان (يمشي مع مَن ينتسبون إلى المنهج السلفي)، لا مع أهل البدع منهم، وقد فعل مثل هذا بعضُ السَّلفيين، ومنهم الشَّيخ الألباني (!)، فهل تقول يا عدنان: إن الألباني كان إخوانيًّا أو في الإخوان؟! وهل تطالبه بالتَّراجع؟!»!!
نقول: لم نستطع (!) التوفيق (!) بين نفي الشَّيخ ربيع أنه كان إخوانيًّا، وبين إثباته (هو) -بنفسِهِ- لذلك -كما مرَّ معنا سابقًا- بأدلَّة قويَّةٍ مُتعدِّدَة- مِنْ:
1- تصريحه بأنه قد عُرض عليه (الدُّخول) في الإخوان المسلمين فقبِله بشروط.
2- تصريحه بأنه كان (مع) الإخوان المسلمين، وأنه كان يسير في (تنظيم الإخوان المسلمين)!!
3- تصريحه بأنه كان خلال مدة (بقائِه مع الإخوان) -بقصد إصلاحهم- مُقصِّرًا؛ لأنها شغلتْهُ عن خدمةِ الدعوة السلفية خدمةً (كاملة!)، وأنه نادِم أشد الندم على تلك السنوات التي أضاعها مِن حياته وهو (بين الإخوان المسلمين)!!
4- تصريحه بأنه (دخل في الإخوان المسلمين) قريبًا من ثلاثة عشر عامًا -مع أنَّ الواقعَ الذي ما له مِن دافع -باعترافِه (هو)!- أكثر مِن ذلك!-، ولَما أصروا على انحرافاتِهم، وظهر له المزيدُ منها: رأى أنه لا يجوز له البقاءُ (فيهم)؛ (فخرج منهم)؛ فهو كان (في الإخوان)، و(خرج منهم)!!
5- تصريحه بأنه كان قد ابتُلي بقراءة كتب الإخوان منذ زمن طويل، فقد قرأ «الظِّلال» وهو في الثَّانوية لكنه -كما يقول- كان (يستطيع أن يُميِّز أخطاء) سيِّد قطب في الصِّفات وفي العلوم الكونيَّة وفي النَّواحي السياسيَّة والاقتصاديَّة (!!!!)، كلها عرفها وهو في الثَّانوي -مع اعترافِهِ -في مقامٍ آخر -بقُصوره العلميِّ-!!!
وهذه مُعضِلَة أُخرَى!!
6- تصريحه بأنه كان منبهرًا بكتابات الإخوان! لدرجة أنه بدأ يصدِّق بأن الإسلام اشتراكي!
ولا نعلم لحدِّ الساعة كيفية التوفيق بين هذه التَّصريحات -المُنبئةِ عن بلايا وطامَّات-، وبين ادِّعائه تمييزَه لأخطاء سيِّد قطب السياسيَّة والاقتصاديَّة والعقائدية -وهو في المرحلة الثَّانوية-!!
فهل من ذكيٍّ فطنٍ يدلُّنا على حلٍّ لهذه العُقدة؟!
لا بُدَّ سنجد؛ ولكنْ على طريقة مقلِّدة الحنفية، مِن (غُلاة السلفيَّة)!!
7- تصريحه بأنه كان يقرأ عند بعض الإخوان المسلمين كتاب مصطفى السباعي «الاشتراكيَّة»! وأنه تأثَّر بهذا الكتاب!
8- تصريحه بأنه كان كثيرَ الإعجاب بطروحات الإخوان المسلمين حتى درَّس كتبهم!!!
فاللهم اغفر للشيخ ربيع؛ فإنه قد ضلَّل الكثير من المسلمين -وقتذاك- على حين غفلة مِنه ومنهم!
9- تصريحه بأن علاقته بالإخوان أثَّرت -سلبًا- في استفادتِهِ وانتفاعِهِ - ولا نقول: علاقاته!- بالمشايخ السلفيين الكبار؛ كالشَّيخ محمد بن إبراهيم، وابن باز، والمُعَلِّمي، والهاشمي، وعبد الرزاق حمزة -وغيرهم-؛ فلم يحرص على مجالستهم، والاستفادة منهم، أو حضور دروسهم؛ فضلًا عن أن يأخذ عنهم الإجازات العلمية!!
10- تصريحه بأن الله -تعالى- قد خلَّصه من علاقته السَّابقة بالإخوان وبِكُتبهم! وبتأثُّره بفِكرة أن الإسلام اشتراكي!!
11- تصريحه بأنه كان (معهم!)، وأنه تلقَّن (منهم) بعض طروحاتِهم وأفكارهم!
12- مدحه لجماعة الإخوان المسلمين، وشُكره جهودَهم التي قدَّموها لخدمة الإسلام، وأن عيبَهم (الوحيد!) هو تقصيرُهم في جانب العقيدة! ولو صَحَّحَتْ هذه الجماعةُ توجُّهَها في هذا الجانب لكانتْ -حقًّا!- (على منهج الأنبياء)!!!
... فيا لَها من (مُوازنة) لم يُسبق إليها الشَّيخ ربيع -مِن أيِّ أحدٍ مِن (فُضلاء) السلفيَّة -عُلماءَ وطلبةَ عِلم-؛ فما عسى أتباعه ومُقلِّدُوه أن يقولوا -بعد كُلِّ هذا-؟!
13- إقراره بأنه مِن القُراء الكُثر لنتاج جماعة الإخوان المسلمين!
14- مدحه وتوقيره لعُمر التلمساني ولسيِّد قطب -حينًا مِن الدَّهر-، واعتبارهما ممن أقرُّوا منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، بل مَدْحُه غيرهما ممن تلبَّس بِبِدع، وكلُّ ذلك بسبب عدمِ اطِّلاعه (!) على ما وصفه بالأصل الأصيل المجمَع عليه (!!)عند أهل السُّنَّة والجماعة!!...
15- وصفه لسيِّد قطب أنه (بِحسن نيَّتِه) توصَّل إلى أن المنهج السلفي هو المنهج الصحيح الذي يجب أن يأخذَ به الشباب، وأن يتربَّوا عليه، وأنه عرض على الإخوان أنه لا بد أن يُربِّى الشباب على العقيدة الصحيحة قبل كل شيء، والأخلاق، فوافقه بعضُهم!!!
16- تصريحه أنه حتى العام (1406) كان لا يزال كثيرٌ من الغبش يغبش تصوُّره حول جماعة الإخوان! وقد زال كثير من هذا الغبش -لاحقًا-، فتبين له أنَّ أكثر ما قدَّموه فيه أضرار وأخطار -والحمدُ لله على البصيرة-!
لكن؛ هل زال هذا (الغبش) الذي يغبش (تصوُّرَه) بالكلية، أمْ أنَّهُ ذهب (به) إلى اتِّجاهٍ آخر؟!؟؟!!
17- أنه -حفظه الله- كان يرى -وذلك إلى ما بعد سنة (1410هـ)-: أن لا فرق بين السُّرورية ولا الإخوانيَّة، فالجميع أهل حديث!!!
فكيف يجتمع النَّقِيضان -مِن هذا وما قبله- والشَّيخ ربيع -يومئذٍ- في السِّتِّين مِن عُمره -أحسن الله خاتمتنا وإيَّاه-...؟!!
18- ثناؤه على سفر الحوالي القطبي! ومشاركته إياه في بعض تحرُّكاتِهِ ومُعارضاتِه لوليِّ الأمر -خادم الحرمين الشريفَين-!! فضلًا عن عدم تبديعه له- إلى الآن-!!
19- إعلانه عن مُفاصلته للإخوان بُعيد حرب الخليج -مع بقاء ترسُّبات فكريَّة (!) قويَّة عنده -كما تقدَّم-!!!.
نقول: فإما أن يكون كل ما تقدم يكفي في الدلالة على إخوانية الشَّيخ ربيع-السابقة-!! أو أن يكون الشَّيخ ربيع المدخلي -حفظه الله- له مفهوم خاص عن الإخوانيَّة يختلف عن مفهوم: الدُّخول فيها تنظيميًّا! ومخالطة أعضاء التَّنظيم والمتأثِّرين بفِكر الجماعة! أو التأثر ببعض أفكارهم!!!
فعند ذلك نخرج مِن بعض التَّناقض -مع بقاء بعض آخَرَ!!- وسوف يكون هذا المفهومُ -بَعْدُ- كفيلًا بالردِّ على كل (!) مَن اتَّهم شيخًا من مشايخ الدعوة السلفية -أو دُعاتها- بأنه إخواني! أو كان إخوانيًّا!! لأن كل ما سوف يُذكر لا يوجب إدخالَه في مفهوم الإخوانيَّة (المدخليِّ)! كما أنه لم يوجب إدخال الشَّيخ ربيع المدخليِّ -نفسِهِ- في مفهوم الإخوانيَّة -سواءً بسواء-؛ فهل سيوجد إخواني بعد هذا (!!!)؟!
طبعًا لا! ولكنَّ الواقعَ سيقول لك -بلسانِ مدلوع! وصوت مسموع!!-: كفاك كذبًا!!)).
نقول: وختام هذه الفقرة، يدفعنا -بقوة- لأن نقول:
إن النشأة الإخوانيَّة للشيخ ربيع المدخلي والتي كانت بعيدةً عن التأصيلات العلمية السلفيَّة، كانت نتيجتها الطبيعيَّة الخلط والاضطراب في الأصول والمسائل والمواقف.


ونقول : ولا نبعد النجعة لو قلنا : إن تناقُضات الشَّيخ ربيع المدخلي في إثبات الوقائع في موطن ومجلس، ونفيه لَها في مجلس آخر قد عمَّت وطمَّت، ولنمثل على ذلك بِمثالين -زيادة على ماتقدَّم-:
المثال الأول: قول محمود الحداد -قبل عشرين عامًا- في رسالة «التنكيل بما في مجازفات المدخلي من الأباطيل»: (قال المدخلي في (ص 1): «اشتهر بالتركيز على ثلاثة من الناس؛ يبدعهم».
قلت:
1- لماذا قلت: (من الناس)، ولم تقل: (من العلماء) أو (من الأئمة)؟!
2- قد شاركتني في بعضهم سرًّا، وتنصلت جهرًا؛ كما في أبي حنيفة».
وقال -أيضًا- عن الشَّيخ ربيع: أنه كان يأمره بالسرِّ أن يردَّ على الشَّيخ الألباني، ولكنه في العلن كان يُنكر ذلك!! كما في قوله: «وما أشعتُ وصيتَه إيَّاي؛ بالردِّ على شريط الألباني إلا لما طلب مني المجازف [يعني الشَّيخ ربيع] عدمَ الردِّ! فصار بوجهَين: وجه سِرٍّ يطلب الردَّ [على الشَّيخ الألباني] دون ذِكر اسم المجازف [يعني الشَّيخ ربيع]! ووجه عَلن يمنع الردَّ!
على أن المجازف يطعنُ في شيخه في شريط سموه العلم: «سلفيتنا أقوى من سلفيته» وغير ذلك. واعترف المجازف بكذبه؛ فقال: (كان بعض الإخوة يسألني عن هذه المسألة) يعني وصيته إيَّاي بالردِّ (فأقول: كذب الحدَّاد)!».

وأما المثال الثاني: فهو ما حكاه الشَّيخ يحيى الحجوري في (مقدمة الجزء الأول من: «النُّصح الرفيع للوالد العلامة الشَّيخ ربيع») قبل أيام من هذا العام (1434هـ)، حيث قال: «أنه [أي: الشَّيخ ربيع] اشتغل بالتَّحريش عليَّ، قبل ثورة أحد طلاب هذا الدَّار؛ وهو عبد الرحمن العدني ومَن ثار معه علينا وعلى هذه الدار التي تربَّوا فيها مِن زمن شيخِنا مقبل -رحمهُ اللهُ- وبعده، فلا دَرينا إلا وأبو مالك الرياشي رجع من مكة ويجلس مع بعض الطلاب وأهل البلاد بكلام سِر؛ وهو أن الشَّيخ ربيعًا يقول: (أبعِدوا الحجوري عن الكرسي وليكن البديل موجودًا)!!!
فافتتن وفتن بذلك أبو مالك الرياشي أيما فتنة، حتى أدى إلى صرفه عن طلب العلم بدمَّاج، ونزل إلى الشَّيخ محمد بن عبد الوهاب في الحديدة وحينها طلب منه الشَّيخ محمد أن يكتب اعتذارًا، فكتب ورقة اعتذر فيها مما صنع، وذكر أَنَّ ذلك بتحريض ممن كان يظن أنه لا يصدر منه هذا الخطأ العظيم!!!. وقُرِأت الورقة هنا وسجلت في درس العصر، وبعدها ذهب أبو مالك يشتغل على سيارة بالأجرة.
ولما شاع ذلك أنكره الشَّيخ ربيع - وفقه الله- أشد الإنكار!!! ونشر عنه أخونا أبو همام الصومعي أنه قال: (أنا أقول هذا في الشَّيخ يحيى؟؟! وقد مسك الدعوة السلفية باليمن بيد مِن حديد، ولا يصلح لها إلا هو ومثله)، واتصل الشَّيخ ربيع -وفقه الله-والله شهيد- وأنكر ذلك أشد الإنكار!!!. وقال: أنت تصدق هذا الكلام من أبي مالك؟ أبو مالك كذاب!!!) .
نقول: وكم بين هذين التأريخين من أمثلة مشابهة وقعت للشيخ ربيع المدخلي؛ أنه قال قولًا في مجلس خاصٍّ؛ فلما شاع وانتشر عنه أنكرهُ وكذَّبه، ولو ذهبنا نُحصي ذلك لخرجنا بعشراتِ الأمثلة، والتي لو عُرض صاحبُها على ميزان الجرح والتعديل لكان حُكمه أنه (؟ ؟ ؟ ؟) .

ثالثًا: إن المتأمِّل في تناقضات الشَّيخ ربيع المدخلي -ومنها ما سبق أعلاه-: يجد غالبها جاء
* إمَّا في سياق الرد على المخالف والتشنيع عليه.
* أو في سياق الدِّفاع عن نفسه ضد متَّهِمِّيه؛ فهو:
• إذا أراد أن يُهاجم: اعتمد أصولَه التي أفضت به إلى التَّأصيل لِمنهج (غلاة التَّجرح) والتي أفضت به إلى أن ينسب (هو) المعتدِلين إلى منهج (التَّمييع).
• أما لو كان في معرض الدِّفاع: فنراهُ يُقرِّر التأصيلاتِ المعتدلة المتوسطة، ولهذا نَسَبَهُ (الغلاة!) إلى منهج (التَّمييع)!
وكذلك إذا أراد أن يُثني على بعض مُوافقيه -ولو قام فيهم موجب القدح والذم- أظهر التأصيلاتِ المعتدلة، وعذَرهم بِمقتضاها .
ثم إذا أراد أن يطعنَ فيهم -بعد وقوع الخلاف معه-: عاملهم بمقتضى التأصيلات المتشدِّدة الغالية، وتعلَّل -لعدم قدحه السابق فيهم- بأنه (كان يصبر عليهم لسنوات).
وهذا إنَّما يدلِّل على ضعف الشَّيخ ربيع المدخلي في التَّأصيل، وعدم إحكامه له، وبُعده -كذلك- عن الرُّسوخ في تطبيق هذه الأصول.
فالراسخ في العلم هو الذي يُطَرِّدُ الأصل في جميع فروعه، ولا يُغَيِّرُ الأصل -بناءً على ما يعرض له من فرع-.
وهذا ينبهنا إلى ....


رابعًا: إن المتأمل في التأصيلاتِ الغالية -من الغُلو- للشيخ ربيع المدخلي يلحظ أنها جاءت تابعةً لخلافاته مع غيرِه وإشكاليَّاته العلميَّة معهم، فخلافاته هي الأصل، وتأصيلاتُه هي الثمرة المتفرِّعة عنها، فالشَّيخ يحدث تأصيلًا مع كل إشكال علمي يواجهه لا يستطيع دفعَه بأصول العلم؛ فيلجأ إلى إحداثِ أصولٍ جديدة يُبرر من خلالها مواقِفَه وتفريعاته؛ فتأصيلات الشَّيخ المدخلي تابعة لفروعه ومسائله، بخلاف طريقة العلماء الرَّاسخين الذين تكون أحكامُهم الفرعيَّة مَبنية على أصولِهم العلمية الشرعية.


خامسًا: إن ما تقدَّم من نقولات عن الشَّيخ ربيع تظهر وجهًا (معتدلًا) لمنهجيَّة الشَّيخ ربيع المدخلي!
وهو وجهٌ يتناقض -تمامًا- مع الوجه الآخر الذي تُظهره مواقع التَّجريح التي تنتسب إلى الشَّيخ ربيع المدخلي، ويرضى هو أن ينشر فيها بمعرِّفه .
وهذان الوجهان المتناقضان إنما هما لعُملة واحدة وهي (المنهجيَّة المدخلية)، والتي كان هذا التناقضُ من أكبر الأدلة وأظهرِها على فسادها،وبُعدها الكبير عن المنهجية السلفيَّة المُحْكَمة في تأصيلاتِها وفروعها وتطبيق أصحابِها لها.


سادسًا: إن النقولات المعتدلة -أعلاه- عن الشَّيخ ربيع المدخلي- يمكن اعتبارها من أمضى الأسلحة التي يُمكن إشهارها في وجه الغُلاة من مُقلدة الشَّيخ ربيع المدخلي؛ والُمبْطِلة لأصولهم الغالية؛ لا سيَّما وأن القوم قد أَضْفَوْا على أقوال شيخِهم -فيما أَسموه: منهجًا- هالةً من القُدسيَّة!!
والدليل القاطع على ذلك: أنه لا يُعرف عن أحد منهم أنه خطَّأ شيخَه المدخلي في مسألة -ولو دقَّت- من مسائل المنهج!
بل شيخُهم المدخليُّ نفسُه -رغم كل تناقضاته- يقول عن نفسه: (لا أعرف لنفسي خطأ في المنهج)!
وهذه أقواله بعضها ينقض بعضًا، وبعضها يغالط بعضًا، ولا يمكن أن يكون كِلا القولين حقًّا؛ لأنه (لا يمكن التناقض في الحق) -كما قاله الشَّيخ ابن عثيمين في «مجموع الفتاوى» (1/53)- .
ونحن لا نريد منهم إن خطَّؤونا في تأصيلاتِنا -التي وافَقْنا فيها أحدَ قولَي شيخِهم - أكثر من أن يصرِّحوا بخطأ شَيخهم فيما وافقناه فيه!!
أم أن خوفهم يَمنعهم حتى من التصريح بخطأ أحد القولَين المتناقضَين للدكتور ربيع-نفسِه-!!؟


سابعًا: إن بعض ما تقدَّم -وبخاصة في مسالة الجرح المفسَّر- يخرج من باب التَّناقض لو عاملناه بقاعدة أهل العلم المعروفة في (حمل مطلق كلام غيرِ المعصوم على مقيَّده، وعامِّه على خاصه، ومُجمله على مفصَّله!) -!!
لكن الشَّيخ المدخلي يرفضُ الأخذَ بهذه القاعدة، ويعتبرها من القواعد المصادِمة للحق!!
ولهذا؛ فنحن نعامله بمقتضى تأصيلِه -هو نفسه- لبيان فساد أصله ومقالته؛ كما قال ابنُ حزم -رحمهُ اللهُ-: في « مجموع رسائله» (4/291): «وكثيرًا ما نُلزِم نحن في الشَّرائع أهلَ القياس المتحكِّمين أشياءَ من مقدِّماتهم تقودُهم إلى التناقض أو إلى ما لا يلتزمونه، فيلُوح بذلك فسادُ مقالتهم» .


ثامنًا: قال ابن المبرد في «جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر» (ص94): «أين أئمة المسلمين؟ أئمة المسلمين الإمام أحمد والشافعي.
أين أقوال الأشعري في الدين؟
أين كلامه في الطهارة والصلاة والصوم والحج والبيع والنكاح والطلاق؟
هذا أمر لم يره أحد قطُّ!
إنما كلامه في علم الكلام -فقط-، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
كيف يحلُّ لمن يُنسب إلى العلم أن يجعلَ مَن لم يُعرف له كلامٌ في مسألة قط من أئمة الدِّين؟!».
ونقول: فأين كلام الشَّيخ ربيع في الطهارة والصلاة والصوم والحج والبيع والنكاح والطلاق؟
هذا أمر لم يره أحد قطُّ -إلا ما ندر- مِما جمع في جزء متوسط في المجلد الرابع عشر من مجموع كتبه ورسائله.
بل هذا الشَّيخ ربيع نفسه يخبر عن نفسه -كما نقله عنه أحمد بازمول- قائلًا: (كم سمعناه يقول: سلُوا غيري في الأمور الاجتهاديَّة، ويتورَّع عن الفتوى) -كما في الحلقة الخامسة من «صيانته»-.
نقول: وهل العالِم يعرف برُسوخه إلا من خلال تقريراتِه في مسائل الفروع الاجتهاديَّة الخلافيَّة!!
فرجل لا يُعرف له تحرير لموطنِ نِزاع، ولا عناية بتفصيلِ مُجمل العلماء، ولا استيعاب لأقوال الأئمَّة في مسائل العلم والاجتهاد، مع تناقُض واضطراب فيما تَميز به، كيف يصح أن ينسب إلى الرُّسوخ في العلم؛ فضلًا عن أن يُنسب إلى الإمامة في الدِّين؟!


تاسعًا: إذا ظهَر لنا حجمُ التناقضات الكبيرة التي وقع فيها الشَّيخ ربيع المدخلي -سواءً في تناقض أصوله مع بعضها، أو تناقض فروعه مع تأصيلاتِه-: علِمنا دقَّة وصف فضيلة الشَّيخ مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله- للشيخ ربيع المدخلي؛ عندما سئل عنه فقال: (هذا الرَّجل غير مؤصَّل علميًّا) .
وزاد شيخُنا الحلبيُّ جوابَ شيخنا مشهور بن حسن وضوحًا عندما قال في مقال «فلانٌ..غيرُ مُؤَصَّل -علميًّا-!؛ فما مَعنى: (التَّأصيل) ؟ وما حقيقتُه، وضوابطُه؟»: «هل مَن اضطربت أحكامُه التفصيليَّةُ -حاكمًا على (زيدٍ) بغير ما حكم به على (عَمرو)-مع استوائهما -: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن اشترط شروطًا ليست في كتاب الله، ولا سنَّة رسول الله-صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مع تناقضٍ في اشتراطها على بعضٍ دون بعضٍ!-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن اختلَّت عنده قواعدُ معرفة المصالحِ والمفاسدِ؛ فأراد أن يبني قَصرًا فهدم مِصرًا: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن لم يفرِّق بين القطعيَّات والاجتهاديَّات: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن ألزم غيرَه بآراء نفسِه، وبنى على ذلك الولاءَ والبراءَ -بأشدِّ صورِهما-حتى أشبه التحزّب البغيضَ-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن سوَّى في تنزيل أحكامِه الاجتهاديَّةِ -والتي هي-أصلًا- غَلَطٌ بيّن، وخطأٌ غيرُ هَيِّن- بين أحوال (أمريكا)، و(أندونيسيا)، و(السعودية)، و(السودان)-مثَلًا -وواقعًا: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن نَسب نفسَه إلى مشايخنا الكبار (الألباني، وابن باز ،وابن عثيمين) -وهو مخالفٌ لمنهجِهم النقديّ الرحيم!ومُناقضٌ لطريقِهم العلميّ الحكيم-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن يجعل أخطاءَ أهل السُّنَّة (الاجتهادية) أشدَّ مِن أخطاء أهل البدع الكبرى (الاعتقادية): يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن يصفُ المخطئَ مِن أهل السُّنَّة-في (الاجتهاديات)- بأنه (أحطّ أهل البدع..)،و(أخَسّ..)،و(أخبث..): يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن يخترع -من تلقاء نفسِه-وبالاجتهاد المحض-المنقوص!-أصولًا يدّعيها!وقواعدَ لا يُراعيها: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن يبني كثيرًا من أحكامه-على (أهل السُّنَّة)- بسوء الظن!وعدم قَبول العذر: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن جعل المرفوضَ من علماء أهل السُّنَّة: مفروضًا -عنده!-كقاعدة (الأخذ باللوازم مع نفي المُلزَم لِـمَا أُلزِم به!): يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل مَن استسهل إطلاقَ أحكام التبديع -والتي هي قنطرةُ التكفير!-وقد حصَل منه بعضٌ منها -كفِرية الادِّعاء على غيرِ واحدٍ من أهل السُّنَّة بـ (وحدة الأديان!)-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!

وهل مَن شتَّت وحدةَ السلفيِّين! وفتَّت دعوتَهم! وأشمت بهم خصومَهم -من بدعيّ وحزبيّ-انتصارًا لآرائه الشخصية التي توهّمها منهجَ السلف!وطريقةَ السلف-مع مخالفة جِلّة علماء أهل السُّنَّة وجُلّهم له-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
و:
هل مَن اختزل -عملًا! وواقعًا! وتطبيقًا!- الإسلامَ، والدعوةَ للإسلام، والعلومَ الإسلاميّةَ؛ ليقزِّمَها -جميعًا-بانيًا دعوتَه-في أكبرها وأكثرها!-: على الجرح! والتجريح! والنقد! والرد !-على أهمّية ذلك-بضوابطه-لا أن يجعلَ جُلَّها في (أهل السُّنَّة!)!-: يكونُ (مؤصَّلًا!)؟!
وهل..؟! وهل..؟! وهل..؟!
وهل..؟! وهل..؟!
وهل..؟!
ماذا أتذكّرُ؟! وماذا أقول؟!
الله المستعان..
... إنه -فواأسَفاه- صراعُ سنواتٍ وسنوات..حَرَصْنا -فيه-، وودِدنا، وتمنّينا-ببحثٍ دائب، ومتابَعةٍ حثيثة - مع صدقٍ مع النفس-فيما نرجو-:أن نرى فيه -ولا أقول:(كلِّه!)،ولا:(أكثرِه!)- ملامحَ تأصيلاتٍ مُتوافقةٍ! وقواعدَ مُضطردةٍ!!!
و..لم نجد!
ولعلّنا..(لن!) نجد!!
بل الذي وَجَدناه-وعلى أغلبِ المستويات!وفي أكثرِ الاتِّجاهات!-: تأصيلاتٍ مُتناقِضةً! وقواعد مُضطربةً!!
وهذا -كلُّه-: مع الرؤوس! فكيف بالأذناب!؟.
هذا مَعَ مَن (شُهِروا!) بالعلم والتصدُّر فيه! فكيف بالمتعصِّبة والرَّعاع ؟!
هذا مع الشيوخ؛ فكيف بالـ..مُريدين!؟
و..إلى الله -وحدَه- المشتكى».


عاشرًا -وأخيرًا-: نصيحة منَّا لمن لا زال مغترًّا بتقليد الشَّيخ ربيع المدخلي في أصوله وتفريعاته -بعد وقوفه على تناقضاته واضطراباته-:
- إن كان المقلِّد لا زال مُصرًّا على تقليد الشَّيخ المدخلي _ فلْيقلِّده في أصوله المعتدلة التي وافق فيها العلماءَ الأكابر، وأقرُّوه عليها؛ فيكون بذلك على طريقة الأكابر سائرًا، ولأحد قولي الشَّيخ ربيع المدخلي موافقًا؛ وثمرة ذلك: عدله في الحكم على المخالفين، واعتداله في موقفه من المخالفين له.
وليحذ من تقليده للشَّيخ المدخلي في اختياراته وتأصيلاته الغالية؛ فثمرة ذلك ظلم للغير -بعد ظلم النفس-، وأول من سيُلزَم بظلمه -غدًا- مَن هو يجلُّه اليوم وهو الشَّيخ ربيع المدخلي -نفسه-؛ وبيان ذلك:
- إن ألزم المقلِّد نفسه بقَبول خبر كل مَن كان ثقة لديه! فسيكون ملزمًا بقبول أخبار الثِّقات -لديه- في الشَّيخ ربيع المدخلي؛ وذلك إن أخبروه بما يوجب الطعن في الشَّيخ المدخلي!!
والثِّقات -وهم بالعشرات- قد أخبروا عن الشَّيخ المدخلي بما يوجب تجريحَه والطعن فيه وذلك في العشرات بل المئات من الكتب والرسائل والمقالات .
وهؤلاء إن لم يكونوا عند المقلِّد من الثقات؛ فهُم عند مُخالفيهم ثقات؛ فعُذرهم في قَبول قولهم في الشَّيخ ربيع المدخلي أن أخبارهم مِن قبيل خبر الثقة الواجب القبول -على أصل الشَّيخ ربيع المطلق- !!

- وإن ألزم المقلد نفسه بعدم التأول لغير المعصوم، أو عدم حَمل كلامه بعضه على بعض؛ فسيكون ملزمًا بالردِّ على أقوال الشَّيخ ربيع المدخلي وتصرفاته التي تعارض منهجَه والتي هي بالعشرات -إن لم تكن بالمئات-!! وأمثلتها منثورة في مقالات المشرفين وغيرهم مِن مُخالفي الشَّيخ ربيع !!

- وإن ألزم المقلِّد نفسه بقَبول أحكام الثِّقات في الرِّجال بدعوى أنَّها من قبيل أخبار الثِّقات وليست من المسائل الاجتهادية؛ فسيكون ملزمًا بقَبول كل قول صدر من عالِم ثقة في الشَّيخ ربيع المدخلي -وهي ليست بالقليلة!!!- وسيأتي نقلها وبيانُها في مقال مفرد -إن شاء الله-!

- وإن ألزم المقلِّد نفسه بقَبول أصل الشَّيخ ربيع المدخلي في تقديم الجرح المفسر -مطلقا- على التعديل، أُلزم بتقديمه الجرح المفسَّر الذي أظهره المخالفون للشيخ ربيع المدخلي والطاعنون فيه، وأُلزم بإسقاط تزكيات العلماء وثنائهم على الشَّيخ ربيع المدخلي !!
ولن يستطيع المقلِّد -إن التزم الأصلَ الغالي للشيخ ربيع المدخلي- أن يردَّ هذا الجرح المفسَّر؛ أو أن يقيِّده بضوابطه المعلومة؛ بدعوى أن قبولَه مطلقًا (غير مقنع) لأنه حينها سيكون داخلًا في ذم الشَّيخ ربيع المدخلي لِمن ردَّ الحقَّ بدعوى (عدم الاقتناع) !!

- وإن ألزم المقلِّد نفسه بإلزام الغير بقبول كل جرح صدر من الشَّيخ ربيع؛ لأنه جرح مفسر صادر من عالم صفة فهو خبر ثقة واجب القبول؛ فهو في الحقيقة يلزم نفسَه بقبول كل جرحٍ مفسَّر صادر مِن ثقة في الشَّيخ ربيع المدخلي، أو في غيره من الثِّقات لديه !!
وهذا سيدفعُك -كما هو الواقع- للوقوع في تناقض واضطراب - لن يخرج منها إلا بتجريحِ المخالفين للشيخ ربيع المدخلي وتسقيطهم وهذا ما قام به الشَّيخ ربيع المدخلي مع خصومه كالشَّيخ المغراوي، وأبي الحسن، وفالح الحربي، والشَّيخ الحلبي وأخيرًا الشَّيخ الحجوري؛ فهُم بعد أن كانوا في قمَّة التوثيق لديه، سارع الشَّيخ المدخلي وأعوانُه إلى تجريحهم ليصدَّ بذلك أتباعَه ومُقلديه عن قبول أقوالهم فيه بدعوى أنهم مجروحون!!
وبهذه النَّصيحة نختم المقال، وبالله المستعان .

__________________
المواضيع المنشورة تحت هذا المعرف تعبر عّما اتفق عليه (طلبة العلم) -هيئة الإشراف في (منتدى كل السلفيين)-.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-28-2013, 01:41 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
افتراضي

تهاوت رايات التجريح ،وتساقطت تأصيلات الشيخ ربيع ،وتآكل الأتباع - الرعاع - ،وتناطح المقربون من حامل راية تشتيت أهل السنة ،بعدما كان حامل راية الرد على الحزبية والقطبية ...
لقد آن وحان لكلّ عاقل أن ينفض يديه من تناقضات - الحيارى والتائهين - ..
ويؤوب لربه ويعود لمكانه -الدعوة إلى الله - بتهذيب النفس وتصفيتها ،والدعوة إلى ذلك ...
إلى البيضاء النقية الهادية سلفية الألباني وابن باز والعثيمين ومقبل ومحمد أمان..
الذين وضعوا السهام في نحور أهل الأهواء وترفقوا بأهل السنة الغرّاء فأين الشيخ ربيع المدخلي منهم؟؟؟

__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-28-2013, 02:10 AM
أبو متعب فتحي العلي أبو متعب فتحي العلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الزرقاء - الأردن
المشاركات: 2,322
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مبارك وطيب
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-28-2013, 10:02 PM
محمد عارف المدني محمد عارف المدني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 1,060
افتراضي

بارك الله فيكم وزادكم توفيقا
موضوع قيم أثبت صراحة تناقض الدكتور ربيع تأصيلا وتفريعا
فهل سينتبه أتباعه وهل ستوقظهم هذه التناقضات ؟؟

__________________
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : " كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ مَصَابِيحَ الْهُدَى أَحْلاسَ الْبُيُوتِ سُرُجَ اللَّيْلِ ، جُدُدَ الْقُلُوبِ خُلْقَانَ الثِّيَابِ ، تُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَتَخْفَوْنَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ "
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-28-2013, 11:08 PM
رضوان بن غلاب أبوسارية رضوان بن غلاب أبوسارية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر.العاصمة.الأبيار
المشاركات: 2,896
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله


اقتباس:

-إنْ كان أئمةٌ من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وكذلك الإمام أحمد يكرهون الرُّدودَ على أهل البدع والاستماع إلى شُبَهِهم، وأن من سار مِن العلماء على هذا المنهج لا يُطعن فيه، عَلِمْنا بطلانَ إنكار الغُلاة على مَن لا يعبأ بقراءة كتب الرُّدود، ولا يعبأ بالرُّدود على المخالِفين!!

إن كان كثير من المحدِّثين لم يدخلوا في بابِ الجرح والتعديل، بل تركوا هذا الشأنَ لأهله من كبار النُّقَّاد الذين منحهم اللهُ مواهبَ وأهَّلهم بها للنهوض بهذا الشأن؛ فما وجهُ دخول مَن لا يداني كُعوبَهم فيه!!
بل ما وجهُ دعوة العوام من السَّلفيِّين لاقتحامِه والتَّجرُّؤ على عباد الله من خلاله وهم ليسوا من أهلِه، وليسوا مؤهَّلين للنُّهوض بشأنه!!
فمَن غرَّر بهم هو مَن أوقفهم على (حُفرة من حفر النِّيران = أعراض المسلمين)؛ وبالتَّالي هو مَن يبوء بإثمهم وذنبهم!!!

-إن كان على العالِم -فيما إذا أراد أن يحكم في مسائل الخلاف المعاصرة بين السَّلفيين- أن يتثبَّت مما عليه كل طرَف؛ فيعرف حال النَّقَلة، وينظر فيما تضمَّنه نقلُهم، ويستحضر تواريخ النقولات، ويقارن المنقول مع ما عليه حال مَن نُقل عنه في كتبه ومواقفه وأشرطته، ثم يَدرس كل ما ردَّ به الطرفان أحدهما في الآخر سواء في الكتب أو في الأشرطة، ثم بعد ذلك يحكم!!
فهل يصنع أدعياء العلمِ مِن مُقلدة الشَّيخ ربيع المدخلي مثلَ هذا، أم يَكتَفون بأن يَعْلموا أن الشَّيخ ربيعًا المدخلي قد ردَّ على مُعيَّن أو زكَّى الردَّ عليه؛ ليكون هذا كافيًا في تسقيطِ المردود، من غير حاجةٍ للنَّظر في أقواله وأدلَّتِه وما دافع به عن نفسِه، أو ردَّ به على خصمِه ومُخالِفه!!

-إن كان إعلان الردِّ على المخالف مضبوط برجحان مصالِح الإعلان على مفاسده!! فهل كانت مصلحة الدَّعوة السَّلفية راجحةً في الإعلان عبر صفحات النِّت عن المعارك والحروب التي شنَّها الشَّيخ ربيع المدخلي على مُخالِفيه، وجعل الشبكةَ العنكبوتيَّة ساحةَ صراعٍ انتقل من العالَم الرَّقمي الافتراضي إلى الواقِع الحِسِّي؛ فتسبَّب بتفريق كلمة السَّلفيين في العالَم الإسلامي!!

- ولو أعملَ الشَّيخ ربيع تقريرَه هذا الذي دافع مِن خلاله عن نفسه في سائر طعوناتِه في مُخالفيه؛ فاستحضر تَمام كلامهم، ووقف على أدلَّتهم، ونظر في قرائن أقوالِهم وأحوالهم، لبطلتْ عنده كثيرٌ من الطعونات والاتِّهامات التي رمَى بِها خصومَه، مثل رميِه لبعضهم بـ(التكفيرية، سب الصحابة، الدعوة إلى وحدة الأديان ... إلخ) .

- فكيف بالشَّيخ ربيع الذي حكم بإهدارِ جهود العديد من أهل العلم السَّلفيين بمجرد وقوفِه على نُتفٍ مِن كلامهم!!؟
بل وطعنه بكتب كاملة وهو لم يقرأ منها ولو فصلًا!!!

-وليت الشَّيخ المدخلي وقف مثلَ هذا الموقف مع مَن يبحث (له!) في العشرات من الأشرطة لعله يقفُ على زلة لبعض المشايخ السَّلفيين فيرفعها إلى الشَّيخ المدخلي ليقول كلمته فيها!!

-إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن الجرح المفسَّر ينبغي أن يكون قد صدر من عالِم ناقد معتبر يعوَّل على قوله في الرجال ليقبل حال معارضته لتعديل العلماء، سقط بهذا التقرير طعوناتُ وجرح الكثير من أتباع الشَّيخ ربيع المدخلي ومقلدِّيه في أفاضل أهل السُّنَّة الذين عدَّلهم الأعلام الثقات.

-فإن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن الجرحَ المفسر المعارض للتَّعديل لا يقبل ما لم تكن الحجَّة في الجرح معتبرة، وذلك بأن يفسر الجرح بِما هو مُوجِب للجرح؛ فعلام يشنِّع على مُخالفيه الذين يرفضون قبولَ طعوناتِه بخصومه ويردُّون أدلته على جرحِه، لأنهم لم يقتنعوا بها إمَّا لكونها لم تَثبت في حق المجروحين، أو ثبتت لكنها مصروفة بما يُبين مرادَهم منها، أو ثبت تراجُعُهم عنها، أو أنها لا توجب الجرحَ الذي صدر من الشَّيخ المدخلي وبخاصة ما كان بصيغة (أفعل)!!!

-إن كان الشَّيخ المدخلي يرى أن العالِمَ يُرجِّح في أسباب الجرح المختلَف فيها ما يراه راجحًا؛ فعلام يُشنع الشَّيخ المدخلي على مَن خالفه في جرحه لأناس من السَّلفيين بمسائل اجتهاديَّة خلافيَّة، كجرحه للكثيرين بِموقفهم من الجمعيَّات، والثناء على بعض المخالِفين، والحكم على بعض المعيَّنين، وهي كلها مسائل اجتهاديَّة؛ فإن كان الشَّيخ ربيع اجتهد في الجرح بها، فليعذر من اجتهد في عدم اعتبارها من أسباب الجرح بدل أن يشنِّع عليهم!!

-إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن مَن أخطأ من العلماء في جرح أو تعديل رُدَّ قولُه مع احترامه واعتقاد أنه مجتهدٌ له أجر المجتهد المخطئ؛ فعلام إذن قامتْ معاركُه مع خصومه الذين اجتهدوا فخالفوه في أحكامه في الجرح؟!
ولِمَ لَمْ يرُدَّ أقوالَهم مع احترامِها واعتقاد أنَّهم مجتهدون لهم أجر المجتهد المخطئ!؟

-إن كان الشَّيخ ربيع المدخلي يرى أن طالب العلم المتمكِّن ليس عليه التقليد في باب الجرح والتعديل؛ بل -في حال وقوع الاختلاف- يجتهد، ولا يقلد أبا داود ولا التِّرمذي ولا النَّسائي -ولا مَن بعدهم-, وأن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحًا في أبواب الفقه، والتصحيح والتضعيف؛ فعلامَ يُشنع هو وأتباعُه على طلبةِ العلم الذين يرفضون الأخذ بأحكامه في الرجال، ويأبون تقليدَه لا سيَّما وهو لم يبلغ كَعب أبي داود ولا الترمذي ولا النسائي ولا من بعدهم؟!

-فكيف لو كان القول الحق في مسائل الجرح والتعديل؛ هل يسوغ إيجابُه على الناس؟!!
أم لعل الكلام في الرجال أعلى منزلة من الكلام في مسائل الاعتقاد؟!

-وهل أقوالُ الشَّيخ ربيع في الرِّجال مِن قَبيل الوحي والسُّنة التي لم يكن لأحدٍ أن يُخالفها؛ لأنَّ الله -كما قرَّر الشَّيخ ربيع-نفسُه- ما ألزمنا إلا باتِّباع محمَّد واتِّباع الوحي، أم هي في أحسنِ أحوالِها بِمنزلة أقوال الأئمة الأربعة واجتهاداتهم(!) والتي لَم يكن الأئمَّة يُلزِمون بها؟!

-إن كان نقد شيخ الإسلام ابن تيميَّة وابن القيِّم للهروي كان نقدًا حقًّا وعدلًا وصدقًا، ومع ذلك فالشَّيخ ربيع المدخلي لا يُشنِّع على مَن لم يأخذ بهذا النقد إن لم يقتنع به، ويجعله حرًّا؛ من غير إلزام له بقَبول النقد؛ فإن كان هذا موقفه مع انتقادات شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيِّم وهي في العدل والصدق ووضوح الحجة ما هي!!
فكيف به يُلزم غيرَه بلزوم نقدِه وأحكامه وهي لا تقارَن بشيء مع نقد شيخ الإسلام وتلميذه للهروي!!


-ومع ذلك؛ فالشَّيخ ربيع المدخلي قد تناقض مع تأصيلاتِه هذه؛ ووقع منه ما يضادُّ تلك التقريرات؛ فهو:
1- يرى أن تبديعَ الأعيان ليس مُلزِمًا، وإنما الُمُلزِم هو بيان البدع والتحذير منها.
2- ويرى أنه لا يجب اتِّباع العلماء في تبديعهم مَن لم تقم الحجَّة (المقنِعة) على تبديعه.
3- رفضه لقاعدة (مَن لم يبدِّع المبتدع فهو مُبتدع)، واعتباره إيَّاها قاعدة حدَّادية.
4- مدحه وثناؤه لأهل الأهواء والبدع.
5- موازنته في معرض نقده (!) لبعض أهل البدع والأهواء.
6- توقيره لبعض أهل الأهواء والبدع.
7- ثناؤه على أهل البدع و(حَمده لهم) في معرض انتقادهم لغيرهم مِن أهل البدع.
8- شكر أهل البدع على ما عندهم من الحق.
9- الاعتذار إلى أهل البدع في نقدِه لبعض رموزهم.
10- مَدحه لِمن يُعامل المبتدعة معاملة حسنة!!
11- قَبوله لتوبة أهل البدع -بدون شروط!-, واستعداده للتَّراجع عن نقد مَن كانت توبته واضحة وصريحة.
12- دفاعه عمَّن رماه الأعلامُ بالبدعة ونسبوه إليها.
13- تشنيعه على المُلزِم له بتبديع مَن قد بدَّعه الأئمةُ الأعلام، معلِّلًا بثبوت براءته من البدعة -عنده-.
14- ثناؤه على بعض كتب أهل البدع.
15- ثناؤه على بعض الكتب التي تقرِّر البدع.
16- نقله من كتب أهل البدع -مقرًّا لها، ومستشهدا بها- في العديد من المواضع، بل ومدحه لنفسه بأمانته في نقله عنهم.
17- إحالته إلى كتب أهل البدع، المشتملة على مخالفات عقدية.
18- تجويزه حضور محافل أهل البدع والدعوة إلى الله مِن على منابرهم.
19- إجازته الكتابة في الصُّحف التي لا تخلو من مُنكرات، بل وتلقِّي الأجر من المسئولين على هذه الصحف.
20- إعانته للإخواني المعروف (عبد المجيد الزنداني) في كتابة بعض فصول كتابه (التوحيد).
21- زيارته لأماكن الشرك والبدع من غير إنكار، بل وصلاته في أحدِها!!!!.
22- دخول الشَّيخ ربيع المدخلي في صفوف أهل البدع من الإخوان المسلمين، ومكثه بينهم سنوات طويلة.
23- مجالسته لأهل الأهواء والبدع ومخالطته لهم على مدى أكثر من ثلاثين عاما .
24- نصح الشَّيخ ربيع للسَّلفيين في عام (2001) بأن يكونوا مع جماعة طالبان الصُّوفية الدِّيوبنديَّة البدعيَّة، ويناصروهم في معاركهم وحروبهم ضد الفصائل الأفغانيَّة المعارِضة لهم.
25- مشاركته لأهل الأهواء والبدع ومجالسته إياهم في مؤتمرات (الوحدة الوطنيَّة!) التي أقيمت في العام (2003).
26- يرى الشَّيخ ربيع جواز أخذَ المحتاج للمال من الجمعيات الحزبية -إن كانت مساعدة غير مشروطة-.
27- إجازته لكبار أتباعه بإجابة دعوة الجمعيَّات الحزبية لهم.
28- زيارته للحزبيِّين من أصحاب الجمعيَّات في مقرَّاتهم وتجوُّله فيها، وحفاوته بهم وحفاوتهم به، ومعانقته لبعض رموزهم.

-ومع ذلك تراه في المقابل يَنتقد مَن يستخدم مثلَ هذه التَّعبيرات في معرض الرَّد عليه:
فيقول في «مجموع الكتب والرسائل» (11/580) -أثناء بعض ردوده-: «قوله: (أئمة السلفية يردُّون على ادِّعاءات الدكتور ربيع المدخلي عن التَّصوف والصُّوفية): هكذا بِهذا العموم والشُّمول الذي يُوهِم القُرَّاء أن كلَّ أئمَّة السُّنة وقفُوا في وجه ربيع يدافعون عن كلِّ أصناف التَّصوُّف والصُّوفية ويردُّون على ادِّعاءاته بالحجج والبراهين!».

مناقشة علمية هادئة من إخواننا المشرفين فبارك الله فيهم وجزاهم عنا خيرا وأتحدى مشرفي كل المنتديات الأخرى أن يردوا بمثل هذا من العلم و الفوائد .. ولو كان بَعْضهمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
كلام عادل لا ينكره من أشرب قلبه منهج السلف في الخلاف والنقاش والحوار ..
ولا يغضب من يتعصب للحق على الخلق ..
ولا ينفر من خلصت نيته وأراد الحق ..
ولا يسخط من يرد كلام وخطأ الأئمة الأعلام من السلف إن خالفوا الكتاب والسنة فكيف بمن دونهم بدرجات ..
كلام يتقبله كل من تربى على كتب ومنهج الشيخ ربيع وفقه الله في الرد على الرجال والطوائف والجماعات ..
والحمد لله فالعلم ليس ملكا لأحد


أخوكم أبوسارية
__________________
((وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ))
عن إبراهيم النخعي قوله هذه الأهواء المختلفة والتباغض فهو الإِغراء ..
قال قتادة إن القوم لما تركوا كتاب الله وعصوا رسله وضيّعوا فرائضه وعطّلوا حدوده ألقى بينهم العدواة والبغضاء إلى يوم القيامة بأعمالهم أعمال السوء ولو أخذ القوم كتاب الله وأمره ما افترقوا.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-29-2013, 08:54 AM
الأثري العراقي الأثري العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: العراق
المشاركات: 2,016
افتراضي

هل بالإمكان وضع المقال هنا بصيغة الوورد ؛ ليستنى لنا تحميله ؟..
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-29-2013, 01:10 PM
عدنانزروق عدنانزروق غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 363
افتراضي شكر وطلب

بارك الله فيكم

وكذلك وضع المقال وتنسيقه بصيغة pdf

وجزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-30-2013, 05:40 PM
الصورة الرمزية أبو مسلم السلفي
أبو مسلم السلفي أبو مسلم السلفي غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 3,420
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأثري العراقي مشاهدة المشاركة
هل بالإمكان وضع المقال هنا بصيغة الوورد ؛ ليستنى لنا تحميله ؟..
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عدنانزروق مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم

وكذلك وضع المقال وتنسيقه بصيغة pdf

وجزاكم الله خيرا

يمكننا بسهولة وضعه بصيغة pdf وذلك بأخذ صورة من الموضوع.
__________________






رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-30-2013, 08:55 PM
الأثري العراقي الأثري العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: العراق
المشاركات: 2,016
افتراضي

أبا مسلم :
طريقتك التي أشرت إليها لا تخدمنا ! ؛ فنحن نريد المقال منضد ، ومرتب ، ومنسق ، ولا يتم ذلك إلا عن طريق الوورد ، ولا أظن أن الأمر يصعب عليكم .. وجزاكم الله خيراً ..
رد مع اقتباس
إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:50 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.