أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
14947 | 151323 |
#1
|
|||
|
|||
الجماعة والفرقة
الحمد لله الذي أمر بالجماعة والإئتلاف ونهي عن التفرق والإختلاف وحض علي التعاون علي البر والإيمان وحذر من التعاون علي الإثم والعدوان والصلاة والسلام علي الرحمة المهداة والنعمة المجتباة الذي جمع الله به الصحابة بعد تفرق وفناء وألف بين قلوبهم بعد عداوة وبغضاء فكانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله
وبعد : فقد كان الناس قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء وفتنة رعناء وقد نظر الله إليهم عربهم وعجمهم فمقتهم إلا بقايا من أهل الكتاب وكان من ضلالهم ما ذكره جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه عند ملك الحبشة قال :<أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيئ الجوار ويأكل منا القوي الضعيف . فكنا علي ذلك حتي بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلي الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وءاباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام وعدد له أمور الإسلام .....> فأرسل الله رسوله محمدا صلي الله عليه وسلم علي حين فترة من الرسل مبشرا ونذيرا وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا فبلغ صلي الله عليه وسلم الرسالة وأدي الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتي أتاه اليقين من ربه كما قال الله عنه : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) (لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلي النور بإذنه ويهديهم إلي صراط مستقيم) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم علي فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله علي كل شئ قدير) (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والإغلال التي كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه اؤلئك هم المفلحون . قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدي ورحمة وبشري للمسلمين ) ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) ( ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلي صراط مستقيم ) ( هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله وكفي بالله شهيدا ) فأرسله الله عز وجل بأحسن العلوم وأحسن الشرائع فهدي الله به قلوبا غلفا وفتح به أعينا عميا وآذانا صما ودخل الناس في دين الله أفواجا وظهر دين الله علي سائر الأديان وطمس الشرك والنفاق والكفر والبهتان وقد جمع الله به سائر الناس العربي والعجمي والأحمر والأسود والغني والفقير والأمير والخفير لا فضل لأحد علي أحد إلا بالتقوي وكان أعظم اجتماع شهدته البشرية علي مدار تأريخها في حجة الوداع إذ اجتمع مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يزيد علي مائة ألف كلهم يأتم برسول الله صلي الله عليه وسلم فهو الرسول المتبع والقائد المطاع ففي ذلك اليوم إجتمعت الأبدان واكتمل القرآن واجتماع الأبدان من المقاصد الشرعية العظيمة والأسس المرعية الجسيمة وقد ذكر الله عباده بهذه النعمة وامتن عليهم بها وهو يوصيهم بالحفاظ علي روحها وأساسها [التقوي] والإعتصام بأصلها وسببها (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون) وأخبر أن هذا محض فضله ومنته (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين . وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) يتبع(إن شاء الله)
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) الفتاوي ج4 ص (186-187) بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي |
#2
|
|||
|
|||
وفي ذلك اليوم العظيم يوم عرفة أعلن الملك العلام إكتمال بناء الإسلام وتمام المنة والإنعام فنزل قوله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فما أعظم ذلك اليوم وما أكرمه وما أجله وما أعظمه حتي أن يهود قالت لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه : <آية لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.....)> فقال عمر رضي الله عنه : <والله إني لأعلم متي نزلت وأين نزلت ؛ نزلت في عرفة يوم جمعة> فقد وافق نزول هذه الآية عيدان من أعياد المسلمين وليس عيدا واحدا عيد الجمعة ويوم عرفة
فدين الإسلام دين أكمل الله بنيانه وثبت أركانه ووطد دعائمه فليس لأحد أن يدخل فيه شيئ أو ينزع منه شيئ ولو كان رسولا مكلما أو إماما معلما كيف والله عز وجل يقول لسيد الأولين والآخرين : (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين) وهذا الأصل -كمال الدين- أصل عظيم من أصول الأسلام وحصن حصين لرد البدع والإحداث والإقحام قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (ليس من شئ يقربكم إلي الجنة إلا وقد أمرتكم به وليس ومن شئ يقربك من النار إلا وقد نهيتكم عنه) وقال أيضا :(إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه إن يدل أمته علي خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه ....) وقد قالت يهود لسلمان رضي الله عنه : <لقد علمكم نبيكم كل شئ حتي الخراءة> وقال أبوذر -رضي الله عنه- <توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا أفادنا منه علما> ففي هذه الأحاديث وأمثالها رد لكل بدعة ورد علي كل مبتدع فإن لسان حال المبتدع أن الدين ناقص ويحتاج إلي إكمال وهذه الأحاديث تحجه وتقطع لسانه وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تحتاج إلي تعليق أو تبيان واعلم يا عبد الله أن الإبتداع أصل من أصول التفرق والإختلاف والتنافر والتقاطع والتشاحن والتدابر فجل التفرق الذي وقع في المسلمين سببه الإبتداع في الدين وسيأتي لهذا المبحث مزيد بسط بإذن الله ومن أصول هذا الإسلام ؛ الوضوح والبيان والإعلام ، كما قال عز وجل :(هذا بيان للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب) وقال تعالي :(قد تبين الرشد من الغي) وقال (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شئ عليم) وقال (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) وخاطب الله نبيه بهذه الوظيفة المنيفة فقال (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) وقال عليه الصلاة والسلام :(لقد تركتكم علي مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) فقد تركنا بأبي هو وأمي علي محجة بيضاء وطريق أبلج وضاء فمن زاغ عنه لا بد أن يهلك لأنه من الوضوح والظهور بمكان فلا يمكن أن تخفي علي أحد أماراته وعلاماته ودلائله فليس باستطاعة أحد إدعاء الجهل به إذ ليس بعد بيان رسول الله صلي الله عليه وسلم بيان فمن زاغ عنه وانحرف فإنما لسوء قصده وفساد طويته لا لعسره وتعذر معرفته فحجة الله بالغة فقد كانت أركان البيان وأسس البلاغة والتبيان متوفرة فيه صلي الله عليه وسلم من حسن العبارة وحسن القصد وحسن الهمة وقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن هذا الظهور والعلو ماض الي قيام الساعة كما قال : (لا تزال طائفة من أمتي علي الحق ظاهرين ...) فمن لم يتضح له سبيل الحق والهدي فلغبش في سعيه وطلبه لا لغبش في الحق وسربه واعلم يا عبد الله أن الجهل بالحق سبب عظيم من أسباب التفرق والإختلاف كما أن كثرة العلم سبب عظيم من أسباب التوحد والإئتلاف . يتبع (إن شاء الله)
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) الفتاوي ج4 ص (186-187) بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|