أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
48224 92142

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-29-2016, 07:05 PM
محمذ محمذ غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 2
Lightbulb التحليل الأصولي للكشف عن علة النمص، وفيه بيان خطأ المعاصرين

أنقل إليكم في هذه المقالة التحليل الأصولي للكشف عن علة ‍النمص*وقد طلب مني بعض الأخوة الكرام توضيح المقال السابق الذي لم أتعرض فيه لهذا التحليل الدقيق وذلك لأنه يحتاج إلى المختصين العالمين بالقواعد العلمية الأصولية وخاصة منها مسالك الكشف عن العلة وهؤلاء يندر وجودهم في عصرنا بسبب انتشار النظرة الظاهرية للنصوص والتي يسهل على الجميع حتى عامة الناس سلوكها إذ لا جهد فيها ولا اجتهاد. وليعذرني القاريء عن صعوبة هذه المقالة ولكني بحاجة لإظهار مدى الجهد الذي يبذله الفقهاء المجتهدون كي يكشفوا عن قصد الشارع من تكليفاته للعباد. وقد اختصرت الكلام بقدر الحاجة تسهيلا للقاريء، ومن أراد المزيد فسيجد ذلك في كتابي مناهج البحث وكتابي التطبيقات الفقهية على القواعد الأصولية.*

للبحث عن علة الحكم الشرعي قواعد علمية صارمة.*
أولها: هو أن ينظر الفقيه في موضوع المسألة(فعل المكلف) ك‍النمص*مثلا هل هو من العبادات أم من العادات ؟ وأقرب سبيل إن اختلط عليه الأمر أن ينظر هل تجب له النية أم لا ؟ فإن وجبت له النية فالغالب أنه من العبادات ، وإن لم تجب له النية فالغالب أنه من العادات. و‍النمص لا تجب له النية فهو من العادات .*
القاعدة الثانية: إذا تبين أن فعل المكلف من العادات فالغالب أنه معلل بعلة وهذه العلة تكشف عن قصد الشارع من خطابه المتعلق بموضوع ‍النمص، ويجب على الفقيه البحث عن علة الحكم وهذا ما يسمى عندهم بتخريج المناط للتعرف عن مقصد الشارع من التكليف.
القاعدة الثالثة: يجب على الفقيه استخدام مسالك العلة الشرعية حسب أنواعها ووفقا لقواعدها العلمية ، وهي نوعان: مسالك لفظية ومسالك عقلية .
النوع الأول : المسالك اللفظية: ولها عدة ألفاظ منها: لكي، لأن ، إن ،أن ، إلخ، وهي غير موجودة في مسألة ‍النمص*. وقد ذكرتها جميعا بالتفصيل في كتابي مناهج البحث في العلوم الشرعية.
والنوع الثاني: المسالك العقلية : مثل الإيماء والتنبيه بأنواعها ، والمناسبة والإخالة بأنواعها . وقد ذكرتها جميعا بالتفصيل في كتابي مناهج البحث في العلوم الشرعية.
وموضوع ‍النمص*لا توجد فيه المسالك اللفظية، فوجب البحث في المسالك العقلية. وذلك لأن الشارع الحكيم علق الحكم على عدة أوصاف وهي: النامصة ، الواشمة ، والواصلة، والواشرة، ورتب على وجود هذه الأوصاف عقوبة وهي اللعن والطرد من رحمة الله، وهذه الأوصاف لا تصلح أن تكون علة للحكم إلا إذا ترتب على وجودها مفسدة حقيقية أو جلبت بوجودها مصلحة شرعية تناسب الحكم ، للقاعدة الأصولية التي تضبط الأوصاف المناسبة للحكم وهي :أن الوصف المناسب للحكم أي الصالح ليكون علة للحكم يجب أن تترتب بوجود الوصف مصلحة شرعية أو تندفع به مفسدة حقيقية. ومن هنا يبدأ الفقهاء للبحث في المسالك العقلية كي يكشفوا عن العلة الصالحة للحكم من خلال عملية التنقيح التي سنجريها الآن علها تفيد القاريء في فهم التعليل في مسألة ‍النمصوكيف توصلوا إلى النتيجة.*
وقد حاولت اختصاره قدر الإمكان من كتابي " تطبيقات فقهية للقواعد الأصولية" مع علمي بصعوبة فهمه على عامة الناس، ولكني بحاجة الآن لبيان أن الفقهاء لا يقولون شيئا إلا عبر قواعد علمية متينة لا يمكن لعامة الناس الولوج فيها بله فهمها أو تفهمها. وأنا أدرسها للطلبة في الجامعة وأجد صعوبة عندهم لفهمها. ولكني أحاول قدر الإمكان تكوينهم تكوينا سليما عبر هذه القواعد العلمية الصارمة بواسطة تكثير التطبيقات والأمثلة.
مسالك البحث عن علة حكم ‍النمص*عند الفقهاء :*
نستخدم عند كشفنا عن علة ‍النمص*مسلكا من المسالك العقلية وهو مسلك السبر والتقسيم.

ذكر إمام الحرمين عن القاضي قوله : السبر من أقوى الطرق في إثبات علة الأصل .*

والسبر والتقسيم قسمان : التقسيم الحاصر والتقسيم غير الحاصر أو المنتشر، والذي نستخدمه في مسألتنا هو التقسيم الحاصر:
والتقسيم الحاصر : هو الذي يدور بين النفي والإثبات . فهو عبارة عن حصر الأوصاف التي يمكن التعليل بها، ثم اختبارها وإبطال ما لا يصلح منها.*
وفي مسألتنا فإنه من خلال عرضنا لتعليلات الفقهاء قديما وحديثا أمكننا حصرها في الأوصاف التالية:
الأولى : إذا كان القصد من ‍النمص*فتنة الرجال الأجانب ودعوة للزنا.
الثانية : أنه تشبه بالمخنثين .
الثالثة : كون المرأة معتدة من وفاة زوجها أو كان زوجها مفقودا .
الرابعة : كونه تدليسا وغشا للخاطب لتكثير الصداق حيث يظنها ب‍النمص*صغيرة.
الخامسة : كون النتف مؤذ ومؤلم ، لما في نتفه بالمنماص من الإيذاء، حيث كرّه الإمام أحمد ‍النمص*لكونه نتفا وأجاز الحلق .
السادسة : أنه شعار للفاجرات كن يعرفن به في الجاهلية .
السابعة : أنه تغيير لخلق الله ، وهذه العلة ركز عليها كثير من المعاصرين، في حين لم يركز عليها الفقهاء المتقدمون، بل ردوها كما في كلام القرافي . ولم يذكرها الحنابلة عند تعليلهم للحديث.

ومسلك السبر والتقسيم مبني على ثلاثة أمور الثالث منها: إبطال ما سوى ذلك الوصف . ولإبطال الأوصاف التي لا تصلح للعلية طرق ،وهي :
الطريقة الأولى : الطردية : والوصف الطردي قسمان :
والذي ينطبق على مسألتنا القسم الأول منهما :
وهو ما طرد في جميع الأحكام الشرعية كالطول والقصر، والسواد والبياض، فإن الشارع لم يعتبر هذه الأوصاف في الأحكام مطلقاً ، فلا يعلل بها شيء من الأحكام .
وهنا في مسألتنا شكل الحاجب فالشارع نفى بنفسه أن يرتب الجزاء أو العقاب على صورة وشكل الإنسان في قوله : (( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)). وثبت عمليا في بيت النبوة في قوله :(( أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا)) فسارعن لقياس أيديهن...فطول اليد من قصىرها لا علاقة له بالعقاب والجزاء.
فهل يتصور أحد أن شكل الحاجب وصورته هي التي تدخل الإنسان النار!؟ أم أن هناك معنى آخر وراء تلك العلامة يتعلق فعلا بدخول النار؟
الطريقة الثانية: الإلغاء : وهو أن الوصف الذي استبقاه المجتهد قد ثبت به الحكم في صورة ، وأن الوصف المحذوف لم يثبت به الحكم، وليس له أثر في الحكم ، فيظهر استقلال الوصف المستبقي بالتعليل .قال الآمدي:" ولا بد من بيان الاستقلال بالاستدلال ببعض طرق إثبات العلة ".*
وهنا في مسألتنا الوصف الذي أبقيناه وهو كونه شعارا للفاجرات قد ثبت به حكم شرعي، وهو تحريم الزنا وترتيب العقوبة عليه.بينما الأوصاف المحذوفة فقد ثبت لبعضها حكم ولم يثبت لباقيها .ومثاله : قول الشافعي المعلل بتحريم الربا في البر بالطعم ، أن وصف الكيل والاقتيات والادخار لا يصح بدليل استقلال الطعم بالحكم الذي هو حرمة ربا الفضل في ملء كف من القمح دون الكيل والاقتيات ، فإن ملء الكف لا يكال وليس فيه اقتيات في الغالب ولكنه فيه الطعمية ، فاستقلت الطعمية بالحكم وألغى غيرها كالكيل والاقتيات .
الطريقة الثالثة : عدم ظهور مناسبة للأوصاف المحذوفة، وذلك بأن يقول المجتهد بحثت فلم أجد بين الوصف والحكم مناسبة ، والظاهر صدقه ،وأن الوصف غير مناسب، ولا يلزم إقامة الدليل على عدم ظهور المناسبة ؛ فيقبل قوله لعدالته وأهليته للنظر والبحث .
وهنا في مسألتنا لم تظهر مناسبة للأوصاف المحذوفة، فما المناسبة الملائمة لدخول النار بسبب نمص الحواجب بعد إبطال علة تغيير خلق الله.
ونضيف أنه للتأكد من صحة العلة يشترط أن يكون المناط وصفا مناسبا للحكم ، بأن يترتب على عدم شرعية الحكم عنده مصلحة يُظن أنها مقصودة للشارع كحفظ الأنساب بالنسبة لتحريم الزنا، فإنه مناسب للتحريم؛ إذ يحصل بالتحريم دفع مفسدة حقيقية عن الناس وهي اختلاط الأنساب وانتهاك الأعراض المصانة.
فهنا وجدنا تحريم ‍النمص*لكونه شعارا للفاجرات مناسباوملائما جدا حيث تترتب على تحريمه لهذه العلة دفع مفسدة الزنا وهو كبيرة من الكبائر وتناسب وتلائم اللعن الذي جاء في الحديث . أما التعليل بتغيير خلق الله فما هي المفسدة التي تندفع به!؟ وما هي المناسبة الملائمة لتحريمه!؟ وقد أثبت كبير الفقهاء الأصوليين وهو القرافي أن التغيير غير ممنوع بل مطلوب في كثير من أحوال العادات كما تقدم سابقا.
ويمكن التعليل بمسلك آخر وهو مسلك المناسبة :
وهذا المسلك يسمى أيضا : الإخاله ؛لأن المجتهد فيه يخال أي يظن أن الوصف هذا علة للحكم . ويسمى تخريج المناط ، والمناط العلة أي تخريج العلة واستنباطها ، ويسمى رعاية المقاصد ، والمصلحة ، والاستدلال ، والمؤذن بالحكم ، والمشعر به .
والمناسبة في اللغة : الملاءمة .
وفي اصطلاح الأصوليين : أن يكون الحكم مقترناً بوصف مناسب يترتب بناء الحكم عليه مصلحة مقصودة للشارع من جلب منفعة ، أو دفع مضرة ، فالمناسبة ترجع إلى رعاية المقاصد، كالزنا فإنه مناسب للتحريم ؛ لأن منع الزنا فيه مصلحة حفظ الأنساب وعدم ضياعها ، أو دفع مفسدة وهي اختلاط الأنساب وعدم التمييز بين الأولاد .وقد عرفه ابن الحاجب بقوله :" وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا من جلب منفعة ، أو دفع مضرة " .
فالوصف : هو المعنى القائم بالغير ، وهو جنس يدخل الظاهر والخفي ، والمنضبط والمضطرب.
الظاهر : معناه الواضح الذي لا خفاء فيه ، وهو فصل فأخرج الوصف الخفي ،مثل :الرضا في البيع فلا يعتبر مناسباً لأنه أمر خفي .
المنضبط : وهو الذي لا يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال . وهو قيد ثان خرج به غير المنضبط ،مثل : المشقة في السفر ؛ فإنه وصف غير منضبط فلا يعتبر وصفاً مناسباً .
يحصل عقلاً : قيد ثالث يخرج به الوصف الطردي.
فما ترتب الحكم عليه ... : قيد رابع يخرج به الوصف الشبهي ، وهو الوصف الذي لم تظهر مناسبته للحكم ، ولكن عهد من الشارع الالتفات إليه في بعض الأحكام .
قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ :"وضابط مسلك المناسبة والإخالة عند الأصوليين : هو أن يقترن وصف مناسب بحكم في نص من نصوص الشرع ، ويكون ذلك الوصف سالماً من القوادح ، ويقوم دليل على استقلاله بالمناسبة دون غيره ، فيعلم أنه علة ذلك الحكم . مثاله : اقتران حكم التحريم بوصف الإسكار في قوله ( كل مسكر حرام ( فالإسكار مناسب للتحريم ، مقترن به في النص، سالم من القوادح ،مستقل بالمناسبة " .
والمناسب ينقسم إلى قسمين :مناسب حقيقي ، ومناسب إقناعي .
القسم الأول : المناسب الحقيقي :
هو الذي لا تزول مناسبته بعد التأمل فيه . مثل القتل العمد مناسب لوجوب القصاص حتى تحفظ النفوس ، فإن مناسبته لا تزول مهما بذل من جهد .
والحقيقي إما أن يكون دنيوي ، أو أخروي .
أما الحقيقي الدنيوي : وهو ما يجلب للإنسان نفعاً ، أو يدفع عنه ضراً . بحيث يكون كل منها متعلقاً بالدنيا ، كالزنا والسرقة فإن المنفعة المترقبة على شرع الحكم هي حفظ العرض والنفس وحفظ المال وهذه متعلقة بالدنيا .
الحقيقي الدنيوي ينقسم من حيث المنفعة والحكمة إلى ثلاثة أقسام :
الأول : ضروري : وهو الذي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا ، المتضمن حفظ مقصود من المقاصد الخمس : ( النفس ، والدين ، والعقل ، والنسل ، والمال ) وهو أعلى مراتب المناسبات ، وأصل المصالح . قال الجزائري :
قد أجمع الأنبياء والرسل قاطبة على الديانة بالتوحيد في الملل
وحفظ نفس ومال معهما نسب وحفظ عقل وعرض غير مبتذل
وألحق بالضروري المكمل له ، كتحريم قليل السكر لحفظ العقل ، وتحريم البدعة لحفظ الدين.
القسم الثاني : المناسب الإقناعي :
وهو ما تزول مناسبته بعد التأمل . فيظن بادئ الرأي أنه مناسب ، ثم بعد التأمل والبحث وإمعان النظر لا تظهر مناسبته لذلك . مثاله : تحريم الشافعي بيع الكلب قياساً على تحريم بيع الخمر والميتة لجامع النجاسة والقذارة ، والشارع أمر باجتناب النجاسة ، وكون الشيء نجساً يناسب إذلاله ، ففي بيع الكلب ، ومقابلته بالمال ، تشريف وإقامة وزن ، وإثبات قدر وهذا يناقض محاسن العادات . فهذه العلة تبدو في بادئ الأمر مناسبة ، ولكن بعد التأمل وتدقيق النظر في المعنى وفي الحكم ، تنتفي المناسبة . إذ لا معنى كون الشيء نجساً إلا عدم جواز الصلاة معه ولا يلزم من ذلك استعماله ؛ فالانتفاع بالنجسات جائز بالاتفاق ، ومعنى البيع : نقل الاختصاص ببدل ، فلا مناسبة بين بطلان الصلاة باستصحابه وبين المنع من بيعه .
والوصف المناسب هو ما اعتبره الشارع بنوع من أنواع الاعتبار ، فكون الوصف متوافر في رأي المجتهد فإنه لا عبرة به إذا لم يعتبره الشارع .
ومثاله على ‍النمص: التعليل بكونه تغييرا لخلق الله وبعد البحث وجدنا التغيير لوحده لا يستقيم علة للمنع أنه ورد تغيير أعلى رتبة منه بطلب من الشارع كما ذكره القرافي سابقا.
وقسم الأصوليون المناسب من جهة اعتبار الشارع له وإلغائه إلى أربعة أقسام :
مؤثر ، وملائم ، وغريب ، ومرسل ، ولا يهمنا الآن بحثها (انظر كتابي : مناهج البحث).
والمناسب المؤثر هو الذي ينطبق عليه علة ‍النمص*حيث فعلا حكم اللعن يناسب كونه سبيلا للدعوة للفاحشة في الجاهلية حيث توعد القرآن الكريم من يشيع الفاحشة في قوله : إن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة ... لهم عذاب أليم ..". فالوصف المناسب للعن كون النامصة والواصلة والواشمة والواشرة يفعلن ذلك قديما دعوة للفجار والعياذ بالله. وهو متوافق جدا مع قاعدة الجزاء من جنس العمل.*
مسالك نقض تعليل بعض المعاصرين القائلين بأن العلة هي تغيير لخلق الله:*
من قواعد البحث في مسالك العلة بعد عملية الكشف (تخريج المناط) توجيه ما يسمى بالقوادح على العلة أو العلل التي ظهرت بتخريج المناط، فإذا سلمت العلة من هذه القوادح(ولها عدة طرق) فإن العلة تكون صحيحة واجتهاد الفقيه صحيح، فالقوادح هي زيادة للتأكد من صحة الاجتهاد. وإن لم تسلم من القوادح فالعلة غير صحيحة وباطلة ولا يجوز الاعتماد عليها في تعليل الحكم.
ومن القوادح الموجهة لعلة " نغيير خلق الله " الآتي:
أولاً : القدح بالنقض .
ومعنى النقض في الاصطلاح : وجود الوصف المعلل به مع تخلف الحكم عنه .
وهنا وجد تغيير خلق الله في صور أقوى من التغيير ب‍النمص*مثل الختان والصبغ بالسواد والكتم، وتقليم الأظفار،وحلق وقص الشعر...إلخ ، بل كان بطلب من الشارع ،ومع هذا تخلف الحكم وهو هنا اللعن المستلزم للتحريم فلم يلعن الشارع من اختتن أو صبغ أو حلق ...إلخ وهي تغييرات أشد وأقوى في خلق الله من ‍النمص.
وأن تلك التغييرات المطلوبة من الشارع كانت لتحسين الخلق وكذلك هذه الواردة في ‍النمصهي للحسن كما نطق بذلك رسول الله عليه السلام فما الفرق؟ حيث اتفقا جميعا على الباعث، وهذا يفسر لك سبب إجازة أكثر المذاهب الفقهية جواز ‍النمص*بإذن الزوج لما كان للحسن تزينا له .ولهذا تعجب القرافي من التعليل بتغيير خلق الله منكرا له وقال: لا أفهم معنى التغيير ....إلخ كما تقدم في المقالة السابقة.
ثانيا : قادح الكسر.
ونقول لو كانت العلة عندهم مركبة من جزئين وهما : طلب الحسن وتغيير خلق الله ، فإن القدح الموجه لهذه العلة المركبة سيكون بقادح الكسر .
ومعنى هذا أن العلة تكون مركبة من جزئين ، أحدهما : لا تأثير له ، أي يوجد الحكم بدونه . وثانيهما : منقوض ، أي يوجد ويتخلف الحكم عنه .
وهنا الجزء الأول : طلب الحسن لا تأثير له في اللعن، والثاني: وهو تغيير خلق الله ، وقد وجد تغيير أقوى منه بطلب من الشارع كالختان ...إلخ ، وتخلف الحكم وهو اللعن المستلزم للتحريم.
وبناء على عدم سلامة علة التغيير بخلق الله من هذه القوادح فإننا نستطيع أن نفهم كلام الفقهاء في المذاهب الأربعة إجازتهم للنمص بإذن الزوج حيث فهموا قصد الشارع من لعن الأوصاف الواردة في الحديث للعلل المتقدمة في المقالة السابقة.
توضيح لبعض المصطلحات:
- الطردية : وهو وجود الحكم مع وجود الوصف الذي لا مناسبة بينه وبين الحكم لا بالذات ولا بالتبع ، أي ما علم من الشارع إلغاؤه ، وعدم الالتفات إليه في إثبات الأحكام الشرعية .*
- النقض في اللغة : هو الإفساد بعد الإحكام (118) . والنقض متى أضيف إلى الأجسام يراد به : إبطال تأليفها وتركيبها ، ومتى أضيف إلى المعاني : يراد به إخراجها عن إفادة المطلوب (119) فيقال : نقض العلة أي مفسد العلة التي تخرجه عن إفادة المطلوب .*
- الكسر: عرّفه أكثر الأصوليين والجدليين : بأنه إسقاط وصف من أوصاف العلة المركبة ، وإخراجه عن الاعتبار بشرط أن يكون المحذوف مما لا يمكن أخذه في حد العلة (127) .وقال البيضاوي :"بأنه عدم تأثير أحد الجزئين ونقض الآخر (128) " ومعنى هذا أن العلة تكون مركبة من جزئين ، أحدهما : لا تأثير له ، أي يوجد الحكم بدونه . وثانيهما : منقوض ، أي يوجد ويتخلف الحكم عنه (129) . .
هذا ما تحصل لي مختصرا من كتابي التطبيقات . والله تعالى أعلى وأعلم
- د. أو بكر بوروين -
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.