أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
37763 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-15-2009, 07:10 PM
عائد أبو الحارث عائد أبو الحارث غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 62
افتراضي إتحاف الأحبة بمشروعية الدعاء عقب خطبة الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

إتحاف الأحبة بمشروعية الدعاء عقب خطبة الجمعة

كتبه
أبو الحارث عائد رمزي أبو غليون


قدم له وراجعه
فضيلة الشيخ
سمير عبد القادر المبحوح
_ حفظه الله _


تقديم فضيلة الشيخ سمير المبحوح
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُـونَ .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً  .
أما بعد :
" فإن خير الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد , وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار" .
ثم أما بعد :
فإن الأمة الإسلامية ما عزَّت يوماً إلا بتمسكها بكتاب ربها , وسنة نبيها على ما كان عليه أسلافها .
ولقد رأيتنا وما يصلح حالنا اليوم إلا بما صَلُح به أسلافنا , ولا يحسن بمسلم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان أن يدفع الدليل الشرعي الصحيح , الذي أورثناه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب أو سنة , لأن الله عزوجل تعبدنا بهما من فهم واتباع وعمل.
ولقد اطلعت على ما سطره تلميذنا البار الأخ عائد أبو غليون الحريص على طلب العلم الشرعي من منابعه الأصلية أحسبه كذلك والله حسيبه – وفقه الله وسدد خطاه – على مسألة فقهية طالما كنت أبحث عنها وتوقفت في تطبيقها وهي مسألة الدعاء عقب خطبة الجمعة , ولقد أخذ على عاتقه دراسة المسألة دراسة علمية بأدلتها وأقوال العلماء فيها فأجاد وأفاد , فألفيت هذه الرسالة (إتحاف الأحبة بمشروعية الدعاء عقب خطبة الجمعة) في غاية الجودة مع صغر حجمها وكبر معناها .
وقد صاغ أخانا – حفظه الله – ذلك بعبارة موجزة سهلة جمع فيها ما تيسر له من الوقوف على عدد من أقوال العلماء , مقتصراً على القول الراجح دون تعرض للخلاف .
وإن رسالة هذه صفتها حري بالعناية بها , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء , والله ذو الفضل العظيم .
وتُعدُّ هذه الرسالة من باكورة عمله الذي بذل فيها جهداً يُشكر عليه داعياً الله عزوجل له التوفيق والسداد , وأن يتفضل علينا بالمزيد المزيد , والله ولي ذلك والقادر عليه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه/ سمير عبد القادر المبحوح
5/شعبان/1429 هـ

المقدمة
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد ,,,
إن من المعلوم من الدين بالضرورة التعبد لله عز وجل بالدليل المنصوص عليه من الكتاب والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة , ولا يجوز معارضة الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة بأي حال من الأحوال , فالحمد لله رب العالمين الذي هدانا لاتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وتقبلهما من غير حرج وبكامل التسليم .
قال الله تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  .
وقال الله تعالى:  وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً .
إن مسألة الدعاء في آخر خطبة الجمعة من الأمور التعبدية التي يُتقرب بها إلى الله عز وجل , وقد توقف بعض أهل العلم بالنسبة للدعاء في آخر خطبة الجمعة لعدم علمهم بأن هناك دليل على مشروعية الدعاء , وإن دل هذا فإنما يدل على حرصهم وتمسكهم بالدليل , ولم يفعلوا شيئاً تعبدياً من غير دليل , ومن محاسنهم أنهم سرعان ما يتراجعوا إلى الحق إن تبين لهم الحق من غير إنكار , ويتفبلونه دون أن ينظروا إلى المتربصين .
وبعد البحث والتحقيق المتعمق والمتأني في مسألة مشروعية الدعاء عقب خطبة الجمعة لم أجد أحداً من العلماء من ينكر مشروعية الدعاء آخر الخطبة .
وإنما كان هناك خلاف بين أهل العلم , ولكن هذا الخلاف لم يقدح في مشروعية الدعاء وإنما كان خلافهم في رفع اليدين مع الدعاء , أو في تخصيص دعاء معين يُداوم عليه , أو الدعاء للسلطان , لكن المهم كل هذه الاختلافات لا تقدح في مشروعية الدعاء .
أسأل الله عزوجل بمنه وكرمه أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه , وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل , وأن يتقبل منا ويتجاوز عن سيئاتنا , هو ولي ذلك والقادر عليه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه
عائد رمزي أبو غليون
5/شعبان/ 1429 هـ
الموافق 6/8/2008 م

بسم الله الرحمن الرحيم
الأدلة التي استند إليها أهل العلم على مشروعية الدعاء عقب خطبة الجمعة.
أولاً: قوله تعالى : "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ  .
أمر الله عز وجل في هذه الآية بالسعي إلى ذكر الله , والذكر عند الإطلاق يدخل فيه الدعاء وهذا على رأي من قال إن المراد بالذكر في هذه الآية الخطبة , وهذا ما ذهب إليه ( أي المراد بالذكر الخطبة ) ابن المسيَّب حيث قال في تفسيره لهذه الآية " ذكر الله " هو وعظ الخطبة .
ثانياً : عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عِمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ وَبِشْرٌ يَخْطُبُنَا فَلَمَّا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ عِمَارَةُ يَعْنِي قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ أَوْ هَاتَيْنِ الْيُدِيَّتَيْنِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا .
وهذا الحديث جعلته هو الشاهد الأكبر في إثبات مشروعية الدعاء ولهذا سأورد تخريجه كاملاً مفصلاً ثم أردفه أقوال أهل العلم .

تخريج الحديث:
1- صحيح مسلم – كتاب الجمعة – باب تخفيف الصلاة والخطبة {حديث 874 } .
2- سنن أبي داود – كتاب الصلاة – باب رفع اليدين على المنبر {حديث 1104 } .
3- سنن الترمذي – كتاب الجمعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – باب ما جاء في كراهية رفع الأيدي على المنبر {حديث 515} .
4- سنن النسائي – كتاب الجمعة – باب الإشارة في الخطبة {حديث 1412} .
5- مسند أحمد {35/87 حديث 16591} .
6- مصنف ابن أبي شيبة {2/25-55} .
7- السنن الكبرى للبيهقي – باب ما يستدل به على أن يدعي في الخطبة {3/210} .
8- كنز العمال {8/375} .
9- السنن الكبرى للنسائي {1/531} .
10- صحيح ابن حبان – باب الأدعية {4/254} .
11- صحيح ابن خزيمة {5/341 – 6/445} .
12- معرفة الصحابة لأبي نعيم { 15/5 } .
13- مسند الطيالسي – باب قبح الله هاتين اليدين { 4/40 } .
14- المسند الجامع { 31/459-460 } .
15- تحفة الأشراف { 9/386 } .
16- ارواء الغليل { 3/77 } .
17- مشكاة المصابيح – باب الخطبة والصلاة { 1/317 } .
وخلاصة القول في الحديث أنه صحيح فلذلك جعلته العمدة في المسألة.
والآن سأورد فقه العلماء لهذا الحديث :
قال الإمام النووي – رحمه الله - : " في هذا الحديث أن السنة أن لا يرفع اليدين في الخطبة وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم . وحكى القاضي عن بعض السلف وبعض المالكية إباحته لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض أ.هـ .
قلت : نفي النووي لسنية رفع اليدين في الدعاء لا يستلزم إنكار الدعاء لأنه أورد رفع اليدين في دعاء الاستسقاء .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله - : " وأما ما أخرجه مسلم من حديث عمارة بن رويبة براء وموحدة مصغر أنه " رأى بشر بن مروان يرفع يديه ، فأنكر ذلك وقال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يزيد على هذا يشير بالسبابة " فقد حكى الطبري عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره وقال : السنة أن الداعي يشير بإصبع واحدة أ.هـ
وترجم البيهقي في سننه الكبرى لهذا الحديث بقوله : " باب ما يستدل به على أن يدعي في الخطبة " .
وترجم ابن خزيمة لهذا الحديث بقوله : " باب إشارة الخاطب بالسبابة على المنبر عند الدعاء في الخطبة وتحريكه إياها عند الإشارة بها ".
قال البيهقي – رحمه الله - : " والقصد من الحديثين أي حديث عمارة وحديث سهل إثبات الدعاء في الخطبة , ثم فيه من السنة أن لا يرفع يديه في حال الدعاء في الخطبة , ويقتصر على أن يشير بأصبعه أ.هـ " .
قلت : أما حديث عمارة فهو صحيح واستدلال البيهقي فيه صحيح أما حديث سهل في اسناده عبد الرحمن بن اسحق القرشي ويقال عباد ابن اسحق , وفيه مقال كذا قال المنذري .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة وهو أصح الوجهين لأصحابنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يشير بأصبعه إذا دعا وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استسقى على المنبر أ.هـ .
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - : " عن الإشارة بالأصبع , وكان يشير بأصبعه السبابة في خطبه عند ذكر الله تعالى ودعائه .
قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - : " والحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء وأنه بدعةأ.هـ .
قلت : ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشوكاني إثبات الدعاء وإنكار رفع الأيدي .
قال العلامة المباركفوري – رحمه الله – شارح جامع الترمذي : " والحديث يدل على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء " .
قلت : استدل المباركفوري على كراهة رفع الأيدي حال الدعاء مع إقراره بالدعاء وأنه جائز لكن غير مصحوباً برفع الأيدي .
قلت : وبعد تتبع أقوال أهل العلم والنظر فيها لم أرَ أحداً من العلماء يُنكر أصل مشروعية الدعاء في خطبة الجمعة , ولكن كان الإنكار حول هيئة الدعاء بمعنى كيف يكون حال الخطيب وهو يدعو , فتبين لي أنه من السنة أن يدعو الخطيب دون رفع اليدين ولكن رافعاً أصبع السبابة , وأما المأمومين فيؤمنوا على دعائه دون رفع اليدين أيضاً .
- والآن سأورد آراء وأقوال العلماء في المسألة :
قال الإمام الشافعي – رحمه الله - : ويجب الدعاء للمؤمنين في الثانية على الأصح أ.هـ
قال الكاساني الحنفي – رحمه الله - :" من سنن الخطبة أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات .
قال الإمام ابن قدامة المقدسي – رحمه الله - : " ومن سنن الخطبة أن يدعو الخطيب للمؤمنين والمؤمنات ولنفسه والحاضرين , وإن دعا لسلطان المسلمين بالصلاح فحسن .
وقال الفتوحي من الحنابلة عن الدعاء للسلطان : يسن الدعاء للسلطان ؛ لأن صلاحه صلاح للمسلمين ، ولأن أبا موسى الأشعري كان إذا خطب يدعو لعمر .
وقال الحافظ العراقي متحدثاً عن الدعاء للسلطان في خطبة الجمعة : " إنما يُدعى للسلطان بالصلاح والتوفيق وعز الإسلام به ، وقد كان يُدعى للأئمة في زمن عمر رضي الله عنه .
قال المرداوي : بلا نزاع . وأشار بعض أهل العلم أنه باتفاق الأربعة ، لأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة ففيها أولى {الإنصاف 5/243 } .
وقد ذهب ابن حزم إلى مشروعية دعاء الخطيب في الخطبة .
قال الإمام النووي – رحمه الله - : " قال إمام الحرمين أرى انه يجب أن يكون الدعاء متعلقا بأمور الآخرة وأنه لا بأس بتخصيصه بالسامعين بأن يقول رحمكم الله وأما الدعاء للسلطان فاتفق أصحابنا على انه لا يجب ولا يستحب وظاهر كلام المصنف وغيره أنه بدعة إما مكروه وإما خلاف الأولى هذا إذا دعا بعينه فأما الدعاء لائمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك ولجيوش الإسلام فمستحب بالاتفاق والمختار أنه لا بأس بالدعاء للسلطان بعينه إذا لم يكن مجازفة في وصفه ونحوها والله اعلم .
وقال شمس الدين الرملي من الشافعية : يسن الدعاء للمؤمنين بأخروي لا دنيوي ، لاتباع السلف والخلف ، ولأن الدعاء يليق بالخواتيم .
قال العلامة ابن مفلح – رحمه الله - : " ويسن للخطيب قصر الخطبة ورفع صوته حسب طاقته والدعاء للمسلمين .
قال العلامة ابن ضويان – رحمه الله - : " وسنة خطبة الجمعة الدعاء للمسلمين ...... ولأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة ففيها أولى " .
وقال الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله - عن الدعاء في خطبة الجمعة :" ولا ينبغي أن يلتزم دائماً ، لئلا يظن العوام أنه واجب ، وإذا كان ملتزماً في بلد وخشي من سوء تأثير تركه في العامة فينبغي للخطيب أن يتقي سوء هذا التأثير بأن يذكر على المنبر أن هذا دعاء مستحب على إطلاقه ، ولم يطلبه الشرع في الخطبة فهو ليس من أركانها ولا من سننها . وإلا بقي مواظباً عليه .
قال العلامة البُهوتي – رحمه الله - : " ( ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة ) قال المجد : هو بدعة وفاقا للمالكية والشافعية وغيرها .( ولا بأس أن يشير بإصبعه فيه ) أي دعائه في الخطبة ، لما روى أحمد ومسلم " أن عمارة بن رويبة رأى بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة فقال : قبح الله هاتين اليدين لقد { رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ } .
وقال صاحب حدائق الأزهار : " وندب في الأولى الوعظ وسورة ، وفي الثانية الدعاء للإمام صريحاً أو كناية ثم للمسلمين .
وفي فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما نصه:"الأفضل إذا دعا الخطيب أن يعم بدعوته حكام المسلمين ورعيتهم ، وإذا خصَّ إمام بلاده بالدعاء بالهداية والتوفيق فذلك حسن ، لما في ذلك من المصلحة العامة للمسلمين إذا أجاب الله الدعاء .
قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - : " قوله: "ويدعو للمسلمين" أي: يسن أيضاً في الخطبة أن يدعو للمسلمين الرعية والرعاة؛ لأن ذلك الوقت ساعة ترجى فيه الإجابة، والدعاء للمسلمين لا شك أنه خير، فلهذا استحبوا أن يدعو للمسلمين ...... وقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة" ، فإن صح هذا الحديث فهو أصل في الموضوع، وحينئذٍ لنا أن نقول: إن الدعاء سنّة، أما إذا لم يصح فنقول: إن الدعاء جائز . أ.هـ
قلت : الناظر في كلام الشيخ رحمه الله يرى أنه متردد في سنيته وجوازه ولم يقل أنه مكروه فضلاً عن بدعيته , وعلق سنيته على ثبوت الحديث وجوازه على عدم ثبوته لكن الحديث الذي استدل به الشيخ حديث ضعيف رواه البزار بإسناد فيه لين , قال البزار : لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف . وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام : رواه البزار بإسناد فيه لين .
لكن هذا لا يبطل الاستنباط الفقهي من الشيخ لأنه يوجد حديث صحيح وهو حديث عمارة بن رؤيبة .
قال العلامة صالح الفوزان – حفظه الله - : " ويسن أن يُؤمن على دعاء الخطيب بلا رفع صوت ولا يديه .
قال الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان – حفظه الله - : " ومن أخطاء الخطباء الفعلية رفع الخطيب يديه عند الدعاء , عن حصين بن عبد الرحمن , قال رأى عمارة بن رؤيبة بِشْر بن مروان وهو يدعو في يوم الجمعة فقال : " قبح الله هاتين اليدين , لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ما يزيد على هذه (يعني السبابة التي تلي الإبهام)" .
هذا فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة وهو قول مالك وأصحاب الشافعي وغيرهم , ومن أخطاء المصلين في هذا المقام : رفع أيديهم تأميناً على دعاء الإمام , وذكر ابن عابدين أنهم إذا فعلوا ذلك أثموا على الصحيح .
قلت : الشيخ مشهور لم ينكر مشروعية الدعاء وإنما ظاهر كلامه إنكار رفع اليدين للخطيب والمأمومين .

وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن مشروعية الدعاء في خطبة الجمعة .
فأجابت : دعاء الإمام في الخطبة للمسلمين مشروع , كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك , ولكن ينبغي للإمام أن لا يلتزم دعاءً معيناً , بل ينوع الدعاء بحسب الأحوال , أما كثرته وقلته فعلى حسب دعاء الحاجة إلى ذلك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر الدعاء ثلاثاً في بعض الأحيان وربما كرره مرتين فالسنة في الخطيب أن يتحرى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم في خطبته ودعواته .
وفي سؤال آخر موجهاً للجنة الدائمة أيضاً ما حكم دعاء الخطيب في آخر خطبته ليوم الجمعة , وما حكم من أمَّنَ مع دعاء الخطيب متلفظاً به ؟
الجواب : دعاء خطيب الجمعة في خطبة الجمعة مشروع فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيها للمؤمنين والمؤمنات, أما التلفظ بالتأمين على دعائه فلا بأس به؛ لعموم الأدلة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وسُئل العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – ما حكم رفع اليدين للمأمومين للتأمين على دعاء الإمام في خطبة الجمعة وما حكم رفع الصوت بقول : آمين ؟
الجواب : لا يشرع رفع اليدين في خطبة الجمعة لا للإمام ولا للمأمومين , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا خلفاؤه الراشدون , لكن لو استسقى في خطبة الجمعة شرع له وللمأمومين رفع اليدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه ورفع الناس أيديهم . وقد قال الله تعالى : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " , أما التأمين من المأمومين على دعاء الإمام في الخطبة فلا أعلم به بأساً بدون رفع الصوت , وبالله التوفيق .
وسُئل العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – هل التأمين عند دعاء الإمام في آخر خطبة صلاة الجمعة من البدع؟ أفتونا جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
الجواب : ليس هذا من البدع، التأمين على دعاء الخطيب في الخطبة إذا أخذ يدعو للمسلمين فإنه يستحب التأمين على دعائه، لكن لا يكون بصوت جماعي وصوت مرتفع، وإنما كل واحد يؤمّن بمفرده، وبصوت منخفض، حيث لا يكون هناك تشويش، أو أصوات مرتفعة، وإنما كل يؤمّن على دعاء الخطيب سرّاً ومنفرداً عن الآخرين .
وسُئل أيضاً العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ما حكم الدعاء للمسلمين في خطبة الجمعة والدعاء للأئمة ؟
الجواب : الدعاء بذلك جائز , وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " للمؤمنين والمؤمنات " لكن فيه مقال , والدعاء للأئمة حسن ؛ لأن صلاحهم من أسباب صلاح الأمة .
وسئُل أيضاً العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - حول مسألة رفع الأيدي في الدعاء وخاصة في الجمعة؟
فأجاب فضيلته بقوله اعلم أن دعاء الله تعالى من عبادته؛ لأن الله تعالى أمر به وجعله من عبادته في قوله: { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِىۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَٰخِرِينَ } .
وإذا كان الدعاء من العبادة فالعبادة تتوقف مشروعيتها على ورود الشرع بها في: جنسها، ونوعها، وقدرها، وهيئتها، ووقتها، ومكانها، وسببها.
ولا ريب أن الأصل في الدعاء مشروعية رفع اليدين فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رفع اليدين فيه من أسباب الإجابة حيث قال فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً » الحديث، وفيه: ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك»
وفي حديث سلمان رضي الله عنه الذي رواه أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً
لكن ما ورد فيه عدم الرفع كان السنة فيه عدم الرفع، والرفع فيه بدعة ، سواء ورد عدم الرفع فيه تصريحاً، أو استلزاما.
فمثال ما ورد فيه عدم الرفع تصريحاً: الدعاء حال خطبة الجمعة ، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: « قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه السبابة ».
ويستثنى من ذلك ما إذا دعا الخطيب باستسقاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك، لما رواه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم الجمعة أن يستسقي قال: « فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون ». وقد ترجم عليه البخاري: « باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء ».
وعلى هذا يحمل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي رواه البخاري أيضاً عنه قال: « كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه » فيكون المراد به دعاءه في الخطبة، ولا يرد على هذا رفع يديه في الخطبة للاستصحاء ، لأن القصة واحدة ، وقد أيد صاحب الفتح ( ابن حجر رحمه الله ) حمل حديث أنس رضي الله عنه على أن المراد بالنفي في حديث أنس نفي الصفة لا أصل الرفع
وأيًّا كان الأمر فإن حديث عمارة يدل على أنه لا ترفع الأيدي في خطبة الجمعة ، وإنما هي إشارة بالسبابة ، وحديث أنس رضي الله عنه يدل على رفعها في الاستسقاء والاستصحاء، فيؤخذ بحديث عمارة فيما عدا الاستسقاء، والاستصحاء ليكون الخطيب عاملاً بالسنة في الرفع والإشارة بدون رفع.
ومثال ما ورد فيه عدم الرفع استلزاماً: دعاء الاستفتاح في الصلاة، والدعاء بين السجدتين، والدعاء في التشهدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على فخذيه في الجلوس، ويضع يده اليمنى على اليسرى في القيام، ولازم ذلك أن لا يكون رافعاً لهما.

وأما الدعاء أدبار الصلوات ورفع اليدين فيه فإن كان على وجه جماعي بحيث يفعله الإمام ويؤمن عليه المأمومون فهذا بدعة بلا شك ، وإن كان على وجه انفرادي فما ورد به النص فهو سنة، مثل الاستغفار ثلاثاً ، فإن الاستغفار طلب المغفرة وهو دعاء، ومثل قول: « اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » عند من يرى أن ذلك بعد السلام، ومثل قول: « رب أجرني من النار »، سبع مرات بعد المغرب والفجر إلى غير ذلك مما وردت به السنة.
أما ما لم يرد في السنة تعيينه بعد السلام فالأفضل أن يدعو به قبل السلام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حين ذكر التشهد: « ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو »، رواه البخاري، ولأنه في الصلاة يناجي ربه فينبغي أن يكون دعاؤه قبل أن ينصرف . وإن دعا بعد السلام فلا حرج ، لكن لا ينبغي أن يتخذ ذلك سنة راتبة فيلحقه بالوارد ، لما سبق في أول الجواب من أن العبادات تتوقف على الوارد عن الشارع: في جنسها، ونوعها، وقدرها، وهيئتها، ووقتها، ومكانها، وسببها.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبعه في هديه .
وسُئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله - : " هل ذكر الخلفاء الراشدين الأربعة في خطبة الجمعة أمر واجب أم لا‏؟‏
الجواب :
الترضي عن الخلفاء الراشدين في خطبة الجمعة من عمل المسلمين ومن عقيدة أهل السنة والجماعة والترضي عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبتهم وموالاتهم والخلفاء الأربعة خصوصًا لما لهم من الفضل والسابقة في الإسلام ولأن بهذا مخالفة للرافضة قبحهم الله تعالى الذين يبغضون أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سيما الخلفاء الراشدين فأهل السنة والجماعة يترضون عنهم في خطبة الجمعة مخالفة للرافضة وعملاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ‏}‏ .
وسُئل العلامة عبد المحسن العباد – حفظه الله – من بعض طلاب العلم فقالوا إن تأمين يوم الجمعة لغو , وإن دعاء الخطيب يوم الجمعة بدعة فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
ليس هذا صحيح , وكيف يقال: ليس للخطيب أن يدعو يوم الجمعة , هل يعظ الناس فقط ثم ينزل ؟ أليس الخطيب حتى في الخطب العادية إذا انتهى قال : أستغفر الله لي ولكم ؟ .
وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد الحجيلان – حفظه الله – عن رفع اليدين للخطيب حال الدعاء في الخطبة : الدعاء في خطبة الجمعة ، وأن أقل الأقوال فيه السنية ، وهو ما ظهر رجحانه .
وقد اختلف الفقهاء في حكم رفع اليدين أثناء هذا الدعاء ، وذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه مكروه في غير دعاء الاستسقاء ، والمشروع الإشارة بالإصبع .
وهذا هو الصحيح من الوجهين عند الحنابلة .
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حيث جاء في الاختيارات : " ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة ، وهو أصح الوجهين لأصحابنا " .
القول الثاني : أنه بدعة في غير دعاء الاستسقاء ، والمشروع الإشارة بالإصبع .
وهذا منسوب إلى أكثر المالكية ، والشافعية ، وبه قال بعض الحنابلة .
القول الثالث : أنه مباح مطلقا . وهذا منسوب إلى بعض المالكية ، وبه قال بعض الحنابلة .
الأدلة :
أدلة أصحاب القول الأول :
أولا : استدلوا على الكراهة في غير دعاء الاستسقاء ومشروعية الإشارة بالإصبع بما يلي :
1- ما روي عن عمارة بن رؤيبة - رضي الله عنه - « أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال : ( قبح الله هاتين اليدين ، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة » .
2- ما رواه سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : « ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهرا يديه قط يدعو على منبره ولا على غيره ، ولكن رأيته يقول هكذا ، وأشار بالسبابة ، وعقد الوسطى والإبهام » .
قال في نيل الأوطار : " والحديثان المذكوران في الباب يدلان على كراهة رفع الأيدي على المنبر حال الدعاء . . . " ، وقال ابن القيم - رحمه الله - عن الإشارة بالإصبع : " وكان يشير بإصبعه السبابة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه " .
ثانيا : واستدلوا على عدم الكراهة في دعاء الاستسقاء بما يلي :
أولا : استدلوا على البدعية في غير دعاء الاستسقاء ومشروعية الإشارة بالإصبع بحديث عمارة بن رويبة - رضي الله عنه - الذي استدل به أصحاب القول الأول ، حيث شدد عمارة في إنكاره على بشر بقوله : " قبح الله هاتين اليدين " ، ثم ذكر حال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والإنكار بهذه الصيغة لا يكون إلا على فعل أمر شديد الحرمة يصل إلى حد البدعة .
مناقشة هذا الاستدلال : يناقش بأن الحجة في الحديث هي فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا في قول عمارة - رضي الله عنه - ، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس - رضي الله عنه - رفع اليدين في الاستسقاء في خطبة الجمعة وقد عممه بعض الفقهاء في القول الثالث فقالوا بالجواز مطلقا ، فلذلك يبعد القول بالبدعية .
ثانيا : واستدلوا على القول بالجواز في حال الاستسقاء بما استدل به أصحاب القول الأول من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
دليل أصحاب القول الثالث :
استدلوا بحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الذي استدل به أصحاب القولين الأول والثاني على الجواز في حال دعاء الاستسقاء ، فحملوه على العموم في الاستسقاء وغيره ، فقالوا بالجواز مطلقا.
مناقشة هذا الاستدلال : نوقش بأن هذا الرفع كان لعارض الاستسقاء ، فيختص بهذه الحالة ، حيث لم يرد رفعه في غيرها .
الترجيح :
الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم بالصواب - هو القول الأول القائل بكراهة رفع اليدين حال الدعاء في خطبة الجمعة في غير الاستسقاء ، لما استدلوا به ، ويبعد القول بالبدعة لحديث أنس - رضي الله عنه - الذي قال بعض الفقهاء بعمومه ، ولما جاء في بعض الأحاديث من رفع اليدين حال الدعاء في بعض الأحوال في غير خطبة الجمعة ، فكأن أصحاب القول الأول توسطوا في المسألة .
قال فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم – حفظه الله – إمام وخطيب المسجد الحرام : الصواب في هذا أن اليدين لا ترفع للدعاء في الخطبة ، إلا إذا استسقى الإمام في خطبته ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ، وأما إذا لم يستسق فإنه لا يرفع يديه في الدعاء ، وإنما يشير بأصبعه السبابة إذا دعا وإذا ذكر الله ؛ لما مرَّ ذكره . والله أعلم .
قلت : وأيضاً من خلال تتبع وسماع خطب العلماء والمشايخ وطلاب العلم لم أجد أحدً فيما علمت أنه ترك الدعاء عقب خطبة الجمعة وفي مقدمتهم :
الشيخ العلامة عبد العزبز بن باز – رحمه الله –
والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله –
والشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله -
وأئمة الحرمين الشريفين منهم في المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس والشيخ سعود الشريم وفي المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي والشيخ عبد الباري الثبيتي حفظهم الله جميعاً .
وغيرهم كثر كلهم كانوا يدعون آخر خطبة الجمعة من غير نكير .

ختاماً :
أقول وخلاصة القول في مسألة الدعاء آخر خطبة الجمعة أنه مشروع وجائز فضلاً عن سنيته ولا حرج في الدعاء لكن من غير رفع اليدين من الخطيب والمأمومين , واستحباب رفع السبابة للخطيب .
هذا ما توصل إليه علمي وبحثي في هذه المسألة فإن كان موافقاً للحق والصواب فالفضل أولاً لله عزوجل وذلك بمنه وكرمه عليَّ ثم لعلماءنا ومشايخنا ومن له فضل علينا , وإن كان مخالفاً للحق والصواب فذلك من تقصيري وحدي والشيطان .

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

كتبه
عائد رمزي أبو غليون
5/شعبان/ 1429 هـ
الموافق 6/8/2008 م
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-20-2013, 11:19 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

مقال جميل


انتبهت له اليوم
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.