أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
41401 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-20-2013, 05:33 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي الرَّبِيعُ القُرْآنِي

الرَّبِيعُ القُرْآنِي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد:

فإن الإنسان مخلوق حي يحس ما حوله ويتحرك بإرادته لتحصيل مصالحه اجتلاباً للمنافع، واجتناباً للمضار، وعمله بمقتضى ذلك دليل على سلامة فطرته .

فهو حي الحياة البدنية التي من تمامها أنه يحس من خلال ما ركب فيه من الحواس ما حوله من الأشياء، وهو يتفاعل مع المتغيرات بما يحقق مصلحته .

وعدم تأثره بالمتغيرات – وخاصة التي تسلب عنه منافعه، وتضر به – دليل على خلل في حياته البدنية، ودليل على فساد في فطرته .

فهو يدفع واقع الجوع بالطعام، وواقع العطش بالماء، وواقع الألم بالدواء . فطلبه تغيير الواقع المضر غير النافع هو مطلب فطري، يدل على تمام حياته، وسلامة فطرته .

وطلبه للمُغَيِّر يحتاج فيه إلى علم يشهد له بصحته من عادة أو عقل أو شرع – بما يناسب كل واقع - وإلا كان سعيه عبثاً، وجهده ضائعاً، وقد يعود المُغَيِّر عليه بالضرر، فلا يبقي منه عين ولا أثر.

فالواجب طلب المغير النافع الذي يحصل المقصود، ولا يفوته . فضلاً عما يضر به ويتلفه .

والعبد وإن كان مجبولاً على تحصيل مصالحه من جهة فطرته العقلية، إلا أنه خلق جاهلاً بتفاصيل ما ينفعه، وفيه ظلم يدفعه إلى تعدي حقه وطلب ما يضره ولا ينفعه وذلك من جهة شهوته، كما قال – تعالى - : { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } [الأحزاب : 72] .

ولما كان هذا حاله تعين أن يلجأ إلى علم صحيح يهديه ويرفع به جهله، وإلى عدل يزكيه ويرفع به ظلمه . ولا سبيل له إلى ذلك إلا بتوفيق الله – تعالى – له {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] .

وسبيله الصحيح إلى تحصيل مطلبه (الوحي) ولا سبيل له إلا ذلك، فحاجته إلى (الرسالة) ضرورية، وهذه الضرورة سدت برسالة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وهي : (القرآن والسنة) وما اشتملا عليه من (الإيمان) – عقيدةً، وقولاً، وعملاً، -، فمعرفة ذلك والعمل به يوجب توفيقه لمصالح دينه ودنياه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " فَالنُّفُوسُ أَحْوَجُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ، وَاتِّبَاعِهِ مِنْهَا إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ هَذَا إذَا فَاتَ حَصَلَ الْمَوْتُ فِي الدُّنْيَا . وَذَاكَ إذَا فَاتَ حَصَلَ الْعَذَابُ . فَحَقَّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ بَذْلُ جُهْدِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ فِي مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ وَطَاعَتِهِ إذْ هَذَا طَرِيقُ النَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَالسَّعَادَةِ فِي دَارِ النَّعِيمِ " (مجموع الفتاوى:1/5-6).

ولا شك أن الأمة اليوم تمر بمحن شديدة، وفتن مريرة . وظلامها مخيم في أفق مجهول، لا يُدرى ما يصير الناس إليه . فتجد المرء في الصباح له رأي، وفي المساء له رأي يناقضه .

فتمر الأمة في دهليز قاتم، آراء مشتتة، وأحكام متناقضة، ومشارب مختلفة و
{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[المؤمنون:54].

فالغيور يتألم (غماً) على واقع بئيس، (وحزناً) على ماض منهوب، (وهماً) على مستقبل مجهول . والكل يسعى طلباً للتغيير .

(والعلاج النبوي) في (الربيع القرآني) فهو المزيل والمغير لكل أمر مكروه .

فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه و سلم - أنه قال : " ما أصاب عبداً قط هم ولا غم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضائك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحاً، قالوا يا رسول الله: أفلا نتعلمهن ؟ قال: بلى ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن" (صحيح رواه أحمد) .

قال ابن القيم – رحمه الله -: " فقد دل هذا الحديث الصحيح على أشياء، منها: أنه استوعب أقسام المكروه الواردة على القلب:

(فالهم) يكون على مكروه يتوقع في المستقبل يهتم به القلب .

(والحزن) على مكروه ماض من فوات محبوب أو حصول مكروه إذا تذكره أحدث له حزناً .

(والغم) يكون على مكروه حاصل في الحال يوجب لصاحبه الغم .

فهذه المكروهات هي من أعظم أمراض القلب وأدوائه، وقد تنوع الناس في طرق أدويتها والخلاص منها، وتباينت طرقهم في ذلك تبايناً لا يحصيه إلا الله .

بل كل أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهم أنه يخلصه منها، وأكثر الطرق والأدوية التي يستعملها الناس في الخلاص منها لا يزيدها إلا شدة، كمن يتداوى منها بالمعاصي على اختلافها من أكبر كبائرها إلى أصغرها، وكمن يتداوى منها باللهو واللعب والغناء وسماع الأصوات المطربة وغير ذلك .
فأكثر سعي بني آدم أو كله إنما هو لدفع هذه الأمور والتخلص منها وكلهم قد أخطأ الطريق إلا من سعى في إزالتها بالدواء الذي (وصفه الله) لإزالتها وهو دواء مركب من مجموع أمور متى نقص منها جزء نقص من الشفاء بقدره وأعظم أجزاء هذا الدواء هو (التوحيد)، (والاستغفار) قال - تعالى - : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[محمد:19].

ولذلك كان الدعاء المفرج للكرب (محض التوحيد) وهو " لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا هو رب العرش العظيم لا إله إلا هو رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم".

وفي الترمذي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " دعوة أخي ذي النون ما دعاها مكروب إلا فرج الله كربه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" .

( فالتوحيد ) : يدخل العبد على الله، (والاستغفار والتوبة) يرفع المانع، ويزيل الحجاب الذي يحجب القلب عن الوصول إليه فإذا وصل القلب إليه زال عنه (همه)، (وغمه)، (وحزنه) .

وإذا انقطع عنه حضرته (الهموم)، (والغموم)، (والأحزان) وأتته من كل طريق، ودخلت عليه من كل باب " (شفاء العليل:ص/274) .

ومما يدل على أن نجاة العباد من شرور الدنيا والآخرة، وسعادته في الدارين في (الربيع القرآني) قوله – تعالى - : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى:52].

قال ابن القيم – رحمه الله - : " فأخبر أنه (روح) تحصل به الحياة، (ونور) تحصل به الهداية فأتباعه لهم الحياة والهداية ومخالفوه لهم الموت والضلال " (شفاء العليل:ص/277) .

فالرسالة المحمدية: (روح) تحيى بها قلوب العباد، (ونور) تبصر به طريقها وتهتدي لمصالحها (فبالكتاب تهتدي)، (وبالإيمان تزكو) .

وأصل الرسالة المحمدية: (القرآن) فهو الروح والهدى والنور، وفيه الحياة التامة، والسعادة الكاملة، وفيه صلاح الدنيا والآخرة .

فهو من أعظم الأسباب المغيرة لأحوال العباد، وكل سبب فدونه، بل لا مقارنة بينه وبينه . وقد وصف النبي – صلى الله عليه وسلم – القرآن – كما سبق - بالربيع، والنور فقال: " أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي "(صحيح رواه أحمد) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " الرَّبِيعُ : هُوَ الْمَطَرُ الْمُنْبِتُ لِلرَّبِيعِ . . .
فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَاءً يُحْيِ بِهِ قَلْبَهُ كَمَا يُحْيِ الْأَرْضَ بِالرَّبِيعِ . وَنُورًا لِصَدْرِهِ ، (وَالْحَيَاةُ) (وَالنُّورُ) جِمَاعُ الْكَمَالِ
، كَمَا قَالَ : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } " (بتصرف من مجموع الفتاوى:18/310-311).

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حزننا، وذهاب همنا .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-20-2013, 07:22 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

جزاك الله خيرا.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-20-2013, 07:34 PM
محمد المولى محمد المولى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: العراق
المشاركات: 207
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-20-2013, 07:36 PM
ابو احسان الاعرجي ابو احسان الاعرجي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 366
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك
__________________
قال الله تعالى: (وقُلْ لعبادي يقولوا الَّتي هيَ أحسنُ إنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بينَهُم إنَّ الشَّيطانَ كان للإنسانِ عدوّاً مُبيناً)
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-20-2013, 10:20 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي

الأخوة الكرام
أبو العبدين
ومحمد المولى
وابو احسان الأعرجي
وجزاكم الله خيرا وبورك فيكم
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.