أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
3981 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-14-2014, 09:50 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
Lightbulb سلسلة مقال الخطيب ( 41 ) : الأصول القرآنية في إصلاح المجتمعات .



الأصول القرآنية في إصلاح المجتمعات .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فإن كل واقع يراد تغييره لفساده وعدم صلاحه لا بد له من سببين لا يتم التغيير النافع إلا بهما :

السبب الأول / العلم بأصول التغيير الشرعية وأسس إصلاح المجتمعات ؛ فلا بد من معرفة تامة وخبرة كاملة وبصيرة نيرة بالطرق الصحيحة الموصلة إلى منفعة العباد الدينية والدنيوية المتضمنة لصلاح الدنيا والمعينة على قيام معايشهم فيها على أتم الوجوه وأكملها .

والسبب الثاني / عمل صالح وإرادة صادقة في طلب التغيير ؛ فلابد للعباد من جهود حثيثة وهمم عالية وعهود صادقة وتعاون على البر والتقوى مستنيرين في تحصيل ذلك بهداية الأحكام الشرعية والفطر السليمة في تحصيل المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها للنهوض بواقعهم المرير وصولاً إلى سبل الرشد والسلامة .

فإن لم يكن لهم علم يبصرهم بمصالحهم فهم في فتنة ، وإن لم تكن لهم همة وإرادة تبعثهم على العمل بما يصلحهم فهم في محنة { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [يونس : 85 - 86] .

فنجاتنا من هذا الواقع المر الأليم متعلقة بالعلم بالحق ووضوحه وعدم الاشتباه فيه ، ومتعلقة بالعمل به والصدق في قصده والاجتهاد في تحقيقه .

والمتأمل في حال الأمة اليوم يجد كثيراً من أبنائها يعيشون في حيرة واضطراب ويشعرون بعجز وإحباط . فحالهم من جهة العلم ومعرفتهم بمصالحهم الدينية والدنيوية ومعرفة الحق من الباطل : (حال فتنة ) ؛ لأنهم في حيرة من أمرهم وفي شك وتردد في معارفهم وعلومهم ، لا يميزون الحق من الباطل ؛ إما لكثرة ذنوبهم التي ولدت الغشاوة على الأبصار فعميت عليهم مصالحهم ، وإما لكثرة من يلبس عليهم الحق بالباطل ويزين لهم سوء أعمالهم .

في زخرف القول تزيين لباطله *** والحق قد يعتريه سوء تعبير

وحالهم من جهة العمل الصالح - المتولد من الإرادة الوثابة والهمة العالية للنهوض بالأمة من كبوتها والسعي في إصلاح الفاسد من أعمال أبنائها - حال من يعيش في ( محنة ) ؛ لأنهم في كسل وفتور وبرود وتفريط بمصالحهم وتضييع لمنافعهم .

فالجهل في العلم والظلم في العمل هي موجبات : ( الفتنة ، والمحنة ) ، كما قال – تعالى - : { وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }[الأحزاب:72] . فالإنسان في الأصل جاهل لا بصيرة عنده تخرجه من فتنته ، وظالم لا عدل عنده ولا استقامة تخرجه من محنته .

لكن الله – تعالى – من كمال علمه وحكمته ورحمته أن عَرَّف العباد بالسبل والأسباب التي تخرجهم من الفتن والمحن وتجعل لهم الفرقان في البصيرة ، والصلاح في العمل .

ومن جملة الأسباب المحققه للعلم النافع والعمل الصالح لزوم تقوى الله – تعالى - ، ودوام التوبة والاستغفار .

أما من جهة العلم النافع ؛ فإن تقوى الله – تعالى – سبب في حصول العلم والبصيرة التامة والاهتداء إلى مصالح العباد الدينية والدنيوية كما قال – سبحانه - : {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }[الأنفال : 29] .

قال ابن كثير – رحمه الله - : " فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره ، وفق لمعرفة الحق من الباطل ، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا ، وسعادته يوم القيامة " ( تفسير القرآن العظيم : 4/43 ) .

ففي حال الفتنة أحوج ما يكون العبد إلى نور من ربه ينير له طريقه ويضيء له سبيله فيمشي على الأرض بعلم وبصيرة وهدى من الله وذلك إنما ينال بالتقوى ، كما قال – تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد:28] .

فمع التقوى ترفع الغشاوة وتزول الشبهة ولا تكون هناك فتنة بل علم وبصيرة وهداية تامة ، كما قال – تعالى - :{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [البقرة:282] .

وأما من جهة العمل الصالح ؛ فإن تقوى الله – تعالى – سبب في استقامة الأحوال وصلاح الأعمال وحصول التوفيق للنهوض بمصالح العباد الدينية والدنيوية ، فتنتظم أمورهم ، كما قال – تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب : 70-71] .

فقد دلت الآيتان الكريمتان على أن صلاح الأعمال قرين التقوى والقول السديد ؛ فتقوى الله – تعالى – هي : فعل أوامره وترك نواهيه ، والقول السديد هو : الحق والصواب من الكلام وأصوبه وأحقه كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) وما دلت عليه من المعاني ، كما " قال عكرمة – رحمه الله -: القول السديد : لا إله إلا الله " ( تفسير القرآن العظيم : 6/488 ) .

فبالتوحيد والطاعة والدعوة إلى ذلك ؛ بأن لا يعبد الناس إلا الله ولا يستعينوا بأحد سواه ، ويقوموا بتوحيده وطاعته على أكمل الوجوه تنصلح أعمالهم ويخرجوا من محنتهم ، ويجعل الله لهم من أمرهم رشداً ومن ضيقهم مخرجاً ، كما قال – سبحانه - : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً } [ الطلاق : 2 ] .

واعلموا – رحمكم الله – أن حصول البصيرة في العلم ، والصلاح في العمل لا يوفق له العبد إلا بعد التوبة النصوح ، فهي أساس كل خير ، ومبدأ كل نجاح ، وعليها تقوم مصالح العباد .

قال ابن القيم – رحمه الله - : " ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات " ( مدارج السالكين : 1/178 ) .

وفلاح العباد في الدنيا والآخرة قرين التوبة ، كما قال – تعالى - : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:31] .

قال ابن القيم – رحمه الله - : " علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم " ( مدارج السالكين : 1/178 ) .

وكان نبينا – صلى الله عليه وسلم - كثير التوبة والاستغفار لما يعلم من عظيم منفعتها وكثرة منافعها في صلاح العبد فعن الأَغَرِّ بنِ يسار المزنِيِّ - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، تُوبُوا إِلى اللهِ واسْتَغْفِرُوهُ ، فإنِّي أتُوبُ في اليَومِ مئةَ مَرَّةٍ " ( رواه مسلم ) .

وثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : سَمعتُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يقولُ : " وَاللهِ إنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً " ( رواه البخاري) .

وليكن لسان حال الواحد منا :

وَاسْتَيْقِظِي يَا نَفْسُ وَيْحَكِ وَاحْذَرِي ... حَذَرًا يُهَيِّجُ عَبْرَتِي وَنَحِيبِي

ولنكن كما كَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ إِذَا رَأَيْتُهُ قُلْتُ: رَجُلٌ قَدْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ وَلَقَدْ قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ؟ تَبْكِي اللَّيْلَ عَامَّتَهُ لَا تَكَادُ أَنْ تَسْكُتَ لَعَلَّكَ يَا بُنَيَّ أَصَبْتَ نَفْسًا قَتَلْتَ قَتِيلًا فَيَقُولُ: «يَا أُمَّاهُ، أَنَا أَعْلَمُ بِمَا صَنَعَتْ نَفْسِي»

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: 200] .




رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:46 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.