أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
50179 103720

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-17-2009, 09:40 AM
عدنان داود عدنان داود غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: العراق-كركوك
المشاركات: 23
افتراضي حكم الجمعيات الخيرية

الجمعيات الخيرية
-الحكم على الشيء فرع عن تصوره-
-العدل مع المخالف-

عدنان داودبسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
من المعلوم أن الحكم على الشيء فرع تصوره، فلا يمكن للإنسان أن يحكم على أي شيء بالنفي أو الإثبات، بَلْهَ التفصيل؛ إلا بعد معرفة ماهيته وأركانه وتوابعه وشروطه، إذن؛ لمعرفة حكم الجمعيات الخيرية لا بد من معرفة صورتها ونظامها.
إن عمل الجمعيات الخيرية ظاهر من اسمها، فهي خيرية، يعني لأفعال الخير، من كفالة الأيتام، والسعي على الأرامل، وبناء المساجد، وقضاء الديون، وتزويج العزاب، وتفطير الصائمين، ونحو ذلك من أعمال البر والإحسان،ورأس مال الجمعيات هو صدقات وزكوات أهل اليسار والغنى.
هذا هو أصل عمل الجمعيات الخيرية.
وعليه: فمن كان من الجمعيات الخيرية قائماً على مثل هذه المشاريع النافعة: فإنه يُعان ويشجع عليها؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى:
﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾؛ ولأن ذلك من الوسائل إلى ضبط هذه الأعمال الخيرية تحصيلاً وتوزيعاً، وهذا مقصد شرعي، لا يقصد به إلا ضبط هذه الأشياء، وما كان وسيلة لمقصد شرعي فلا بأس به، ما لم يقصد التعبد بنفس الوسيلة.
ثانياً- ليست الجمعيات الخيرية كلها سواء من حيث المنهج والاعتقاد، بل منها ما هو حزبي جلد، تتعصب لحزبها، ومنها ما يتبنى أفرادها اعتقاداً فاسداً، كالأشعرية، والتصوف.
والموقف من الأولى يختلف عنه من الثانية، ففي حال كانت الجمعية حزبية –والحزب في إطاره العام من أهل السنَّة-: فإنها تُعان على ما فيه خدمة للإسلام، ولا تعان على ما في نشاط لحزبها وجماعتها.
وأما الجمعيات التي يقوم عليها أصحاب اعتقاد فاسد: فينبغي هجرها، وأن يقوم أهل السنَّة بإنشاء جمعية مستقلة خاصة بهم.

* * *

أقوال أئمة العصر في حكم الجمعيات:
1- الشيخ الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى:
سئل الشيخ الألباني رحمه الله –كما في « سلسلة الهدى والنور » (شريط رقم:590)- عن جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، فأجاب:
« أيُّ جمعيةٍ تُقام على أساسٍ من الإسلامِ الصحيحِ، المستنبطةِ أحكامُها من كتاب الله، ومن سنة رسول الله، ومما كان عليه سلفنا الصالح، فأيُّ جمعيةٍ تَقوم على هذا الأساس؛ فلا مجال لإنكارها واتهامها بالحزبية؛ لأن ذلك كلَه يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾، والتعاونُ أمرٌ مقصود شرعاً، وقد تختلف وسائله من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، ومن بلدة إلى أخرى، ولذلك فاتهامُ جمعيةٍ تقوم على هذا الأساسِ بالحزبيةِ أو بالبدعية؛ فهذا لا مجال إلى القول به؛ لأنه يخالف ما هو مقرر عند العلماء من التفريق بين البدعة الموصوفة –بعامةٍ- بالضلالة، وبين السنةِ الحسنة.
السنةُ الحسنة: هي الطريقة تُحدَثُ وتوجَد لتوصِل المسلمين إلى أمر مقصودٍ ومشروعٍ نصّاً، فهذه الجمعيات في هذا الزمن لا تختلف من حيث وسائلها عن الوسائل التي جدّت في هذا العصر لتسهِّل للمسلمين الوصول إلى غايات مشروعة؛ فما نحن الآن في هذه الجلسة من استعمال المسجلات -على أشكالها وألوانها- إلا من هذا القبيل، إنها وسائل أُحدثت، فإذا استعملت فيما يحقق هدفاً وغرضاً شرعياً؛ فهي وسيلة مشروعة، وإلا فلا، كذلك وسائل الركوب الكثيرة والمختلفة اليوم، من السيارات والطيارات ونحو ذلك؛ هي أيضاً وسائل، فإذا استُعملت في تحقيق مقاصد شرعية؛ فهي شرعية، وإلا فلا ».
وسئل أيضاً –كما في « سلسلة الهدى والنور » (شريط رقم:358)- عن حكم الجمعيات الخيرية التي تقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين وتقوم بأعمال خيرية؟
فأجاب: « إذا كانت الجمعية -الخيرية كما تقول-، وهذا يعود بنا إلى أن نقول: أن القضية واحدة في كل بلاد إسلامية، فإذا كان عندكم جمعية خيرية، وعندنا أيضاً يمكن أكثر من جمعية خيرية، في سوريا أيضاً وهكذا، والجواب يشمل كل هذه الجمعيات في كل بلاد الدنيا، وبخاصة الذين يعيشون في بلاد الكفر، في أوروبا في أمريكا إلى أخره، إذا كانت هذه الجمعيات قائمة على الأحكام الشرعية، فهي جائزة، وهي داخلة في عموم قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾، وفيها بعدُ: ﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، وهذه الآية دائماً نقرأها، إذن الحض على طعام المسكين هذه أمر مشروع ».
وقال الشيخ رحمه الله – كما في « الأسئلة الشامية » (ص29-30)-:
« ... وإذا أرادوا أن يشتغلوا بغير الدعوة: كأن يكونوا في جمعية خيرية تجمع الأموال، وتساعد الفقراء والمساكين، فهذه الجمعيةُ الخيريةُ خيرٌ (1)؛ لأنها من معاني قول الله تبارك وتعالى: ﴿ولا تحاضُّون على طعام المسكين﴾، فهذا الحض أمرُ خير، محضوض عليه في القرآن الكريم، وهذا العمل الخيري إذا كان لا يعادي أولئك الذين يدعون إلى أن تعود الأمة إلى ما كان عليه سلفها الصالح عقيدةً وفقهاً وسلوكاً ... إلخ، ويقولون: نحن بحاجة إليكم؛ فهذا نعم العمل ».
وعلق فضيلة الشيخ علي الحلبي على كلام الشيخ منبهاً وموضحاً قائلاً:
« فما يَحكُمُ به البعضُ من منعٍ وتحريم، بل تجريمِ كلِ الجمعيات وما في معناها؛ خطأٌ ظاهر، وعكسُه مثلُه، فإباحةُ وتجويزُ كلِ الجمعيات وما في معناها؛ خطأٌ ظاهر أيضاً، والصواب: التفريق، على ما بيّنه شيخنا رحمه الله ».
قلت: ثبّت الله الشيخ الحلبي على الحق، وزاده صبراً على المتهمينَه بالباطل في مسألةٍ نبه عليها وبينها قبل أن يعرفها غلاة التبديع.

2- الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى:
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في « مجموع فتاوى ومقالات متنوعة » (5/202ـ204):
« والجمعياتُ إذا كثُرت في أيِّ بلدٍ إسلاميٍّ من أجلِ الخيرِ والمساعداتِ والتعاونِ على البرِ والتقوى بينَ المسلمينَ دونَ أن تختلفَ أهواءُ أصحابِها؛ فهي خير وبركة وفوائدها عظيمة، أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرى وتنقد أعمالها؛ فإن الضرر بها حينئذ عظيم، والعواقب وخيمة ».(1)
وقال أيضاً ضمنَ فتوى للجنة الدائمة برئاسته، وعضوية المشايخ: عبد الله بن قعود وعبد الله بن غديان وعبد الرزاق عفيفي جواباً على سؤال:
هل يجوز جمع الأموال للمشاريع الخيرية وبيع الكتب الإسلامية في المساجد بفرنسا؟
ج: يجوز جمع التبرعات المالية في المسجد للجمعيات الخيرية؛ لما في ذلك من التعاون على البر والخير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾... ».
وقال أيضاً:
« وفي زمننا هذا -والحمد لله- توجد الجماعات الكثيرة الداعية إلى الحق، كما في الجزيرة العربية: الحكومة السعودية، وفي اليمن والخليج، وفي مصر والشام، وفي أفريقيا وأوربا وأمريكا، وفي الهند وباكستان، وغير ذلك من أنحاء العالم، توجد جماعات كثيرة ومراكز إسلامية وجمعيات إسلامية تدعو إلى الحق وتبشر به، وتحذر من خلافه.
فعلى المسلم الطالب للحق في أي مكان؛ أن يبحث عن هذه الجماعات، فإذا وجد جماعة أو مركزاً أو جمعية تدعو إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ تبِعها ولزمها؛ كأنصار السنة في مصر والسودان، وجمعية أهل الحديث في باكستان والهند، وغيرهم ممن يدعو إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويخلص العبادة لله وحده، ولا يدعو معه سواه من أصحاب القبور ولا غيرهم ».
وقال في موضع آخر:
« ... وإن هذه الندوة المباركة تتعلق بالإسلام والمسلمين في جنوب شرق آسيا، ولا شك أن هذه المنطقة من الدنيا في أشد الحاجة إلى النشاط الإسلامي وتكاتف الدعاة إلى الله عز وجل وإنشاء الجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية والجامعات الإسلامية والمدارس والمعاهد الإسلامية، وتوفر النشاطات الإسلامية، من منشآت ومستشفيات وغير ذلك مما يعين المسلمين هناك على معرفة دينهم ويساعدهم على كفاح أعدائهم ».
3- الشيخ الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في « مجموع فتاواه ورسائلِه »:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد؛ فإن خلافاً يدور بين الشباب في بلدنا حول جواز إقامة جمعيات خيرية تقوم برعاية المساكين والأيتام، وتنشئة الشباب على القرآن، بتوفير الجو المناسب لهم؛ للقيام بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية.
فبعض الشباب يرى أن ذلك بدعة لا تجوز؛ لأنها لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ويصل الخلاف إلى حد الشتائم والسباب والتوتر، الذي يظهر لمن عنده أدنى بصيرة أنه يخالف روح الإسلام، الذي ينهى عن الاختلاف والتدابر والتنابز بالألقاب.
فنرجو يا فضيلة الشيخ أن توجه نصيحة لهؤلاء الشباب مصحوبة بالفتوى الشرعية، فإنه ظهر لي أن الجميع يحبونكم ويثقون بعلمكم، جزاكم الله خيراً ورعاكم.
فأجاب الشيخ رحمه الله:
« بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لا بأس بتكوين لجنة لقبول الصدقات والزكوات وغيرها من النفقات الشرعية؛ لأن ذلك من الوسائل إلى ضبط هذه الأمور تحصيلاً وتوزيعاً، وهذا مقصود شرعي لا يقصد به إلا ضبط هذه الأشياء، وما كان وسيلة لمقصود شرعي فلا بأس به، ما لم يقصد التعبد بنفس الوسيلة ».

4- فضيلة الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله:
وقال الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله في كتابه « جماعة واحدة لا جماعات، وصراط واحد لا عشرات » في رده على عبد الرحمن عبد الخالق :
« قد سبق مِراراً أن السلفيين أهل السنة حقاً ... لا يمنعون من قيام جمعيات ومؤسسات للبر والإحسان، إذا كانت هذه الجمعيات ذات عقيدة واحدة، عقيدة الحق، وعقيدة الأنبياء، وذات منهج واحد، هو منهج الحق ومنهج الأنبياء، ودعوة واحدة، هي دعوة اللَّـه، ودعوة الإسلام الحق.
أما إذا كانت هذه الجماعات والجمعيات قائمة على عقائد فاسدة ومناهج ضالة وتنهب أموال المسلمين لمصالحها وأغراضها، وتتضارب مناهجها وبرامجها وتصادم عقائدها ومناهجها كتاب اللَّـه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويتبادلون التهم والإشاعات الكاذبة، وتدور المعارك الدموية فيما بينهم، ويجتمعون حيث يجمعهم الهوى والباطل ضد دعوة الحق ودعاة الحق، حتى يصل بهم الأمر إلى حرب الجهاد السلفي القائم على تجمع صحيح وجهاد صحيح وعقيدة صحيحة، فيسفكون دماءهم ويسقطون إمارتهم ويهدمون مدارسهم؛ فإن مثل هذه الجمعيات والمؤسسات قد أنكرها السلفيون بناءً على البراهين الواضحة من كتاب اللَّـه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح، ولم يصلوا في إنكارهم هذا إلى ما قاله شيخ الإٍسلام ابن تيمية ومن معه، الذين اعتبروا جهاد قوم أفضل من معظم هذه الجماعات جهاداً غير شرعي ».
وقال أيضاً:
« ليس هناك نص من كتاب ولا سنة ولا قول أحد من سلف الأمة ينكر التعاون على البر والتقوى، بل فيها دعوة حارة إلى التعاون على البر والتقوى، وقد كان سلف الأمة قد وعى هذه التوجيهات وطبقوها، فملأوا الدنيا براً وإحساناً، لكنه ما كان على شكل المؤسسات والجمعيات الموجودة الآن، والتي استفادتها الجمعيات والمؤسسات الحالية من أهل الغرب.
ومع أننا نقول بجواز هذه الجمعيات القائمة على البر والتقوى، إلا أنك أنت وغيرك تعجزون عن الإتيان بأمثلة وصور من تأريخ المسلمين وتطبيقهم لأعمال البر والتقوى تشابه هذه الصور ».
وقال أيضاً:
« ... وقد قدمنا من الردود ما يشفي في تحريم التحزب والتفرق، وأنه لا مانع من قيام جماعات تجمعها العقيدة والمنهج والغاية والمقصد لأعمال البر والخير؛ لأنها في الحقيقة جماعة لا جماعات؛ لأن مَن هذا وصفهم؛ جماعة واحدة، وإن تباعدت أوطانهم، وتفرقت أبدانهم، وامتدت أزمانهم ».
قلت: فما بال مقلدي الشيخ ربيع حفظه الله لم يأخذوا بهذا التفصيل، أم أنهم لم يقعوا على كلامه هذا؟!.
قال الشيخ علي الحلبي حفظه الله:
« رأيتُ كثيراً مِن الشّباب -وبخاصَّة في العِراق- جعلوا حُكم الجمعيَّات عاماً -تبديعاً وتضليلاً- دون ضوابطَ ولا فوارقَ، مَّما أْوقَع الفُرقةَ بينهم وشَّتتَ كلمتَهم، ﴿ ولكن الله سلّم ﴾ ».
ثم قال:
« وفي « جَمَاعَة وَاحِدَة لاَ جَمَاعَات » (ص ٥٢) -للشيخ ربيع بن هادي-: الِإْقَراُر باِلجمَعيَّاِت « القائمة على منهج الكتاب والسنة »؛ ممِاَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالَمنْعَ مُتَعَلِّقٌ بمْنهَجَها وطريقتهِا، لا بصِوَرِتَها وَنظامهَا؛ فتنبَّهْ ».

مواقف الشيخ علي الحلبي المنضبطة من جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية
إن جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية ترفع في جَليِّ أمرِها شعار الدعوة السلفية، والعقيدة السلفية، مجتهدةً في تطبيق ذلك، مما يجعلها تصيب أحياناً، وتخطئ أحياناً أخرى.
لكن أُخذ عليها عدة انتقادات، أكبرها ثلاث:
أولاً- انشغالهم الكبير بالعمل السياسي واستغراقهم فيه.
ثانياً- بعض المسالك الحزبية فيهم.
ثالثاً- عدم تبرؤهم من رأس من رؤوسهم السابقين، وهو عبد الرحمن عبد الخالق، وقد انحرف منهجه، نازعاً منزع التكفير.

وللشيخ علي الحلبي حفظ الله مواقف رائعة تجاه هذه الجمعية:
1- قدّم الشيخ صالح الفوزان لكتاب « حكم العمل الجماعي في الإسلام »، للشيخ عبد الله السبت، وهو من كبار مشايخ جمعية إحياء التراث.
وقد طلب الشيخ عبد الله السبت قَبلَ ذلك من الشيخ علي الحلبي أن يقرّظ له الكتاب، وذلك في دبي، فرفض الشيخ علي، وذلك لموقفه من العمل الجماعي التنظيمي المبني عندهم على الولاء والبراء!، فتأمل أيها المنصف.
وقد كتب الشيخ علي الحلبي كتاب: « البيعة، بين السنة والبدعة، عند الجماعات الإسلامية »، قبل أكثر من ربع قرن.
ومثله بعده بيسير كتاب: « الدعوة إلى الله، بين التجمع الحزبي والتعاون الشرعي ».
2- سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله في « اللقاء المفتوح »:
« بخصوص الدعوة عندنا بالتنظيم خاصة، فنوزع المنطقة عندنا خاصة جمعية إحياء التراث، حيث تتوزع على عدة قطع، وكل قطعة لها مسؤول، وهذا المسؤول يرجع إلى مسؤول أعلى منه، كتنظيم دعوي، من ناحية دروس وغيره، فالسؤال هنا:
هل هذا المسؤول طاعته واجبة؟
فأجاب فضيلته رحمه الله:
إذا كان هذا التنظيم من قِبل ولي الأمر؛ فإنه يجب التمشي بما يقول، لأنه نائب عن ولي الأمر، الذي تجب طاعته في غير معصية الله.
وأما إذا كان تنظيماً داخلياً، لا علاقة للحكومة فيه؛ فهؤلاء إن رضوا أن يكون هذا أميرهم؛ فطاعته واجبة، وإن لم يرضوا فلا يجب طاعته ».
نقل هذه الفتوى الشيخ علي الحلبي، ثم علق عليها تعليقاً لطيفاً متيناً قائلاً:
« كلام الشيخ ابن عثيمين في فتواه لا يخرج تفصيلاً عما ذكره الشيخ السبت في رسالته تأصيلاً، وقرظها له الشيخ الفوزان!، وما قلته هناك أقوله هنا، وإني على يقين أنه لا واجب إلا ما وجب بالنص الشرعي والدليل المرعي، ولم يدخل الحزبيون على أشياعهم بالتعصب إلا من باب الرضا بالإمارة ووجوب طاعة أربابها!!، نعم، قد يكون تجويز الشيخين الفاضلين لهذا الأمر من باب الترتيب والتنسيق والنظام الإداري .. لا من باب الإمارة الحزبية، أو البيعة غير الشرعية، والإلزام بما لا يلزم، فتنبه ».
أقول: فأين المستعجلين بالجرح والتجريح من هذا التفصيل المتين؟!.
3- زيارة أئمة الحرم المكي حفظهم الله لجمعية إحياء التراث المذكورة؛ مثل الشيخ محمد السبيل، والشيخ صالح بن حُميد، والشيخ عبد الرحمن السديس، وثناؤهم عليهم، من ذلك قول الشيخ السديس وفقه الله في الجمعية: أنها « عَلَم من أعلام المنهج السلفي المتميز، والعقيدة السلفية ».
ولا شك أن أئمة الحرم مُزَكَّون من قِبل أولياء الأمور أمراء وعلماء، إذ لا يمكن في الغالب أن يتبوؤا مثل هذا المنصب الفخم دون أهلية علمية منهجية عقائدية مأمونة، نعم يخطئ الجميع، لكن البحث في البدع والتبديع ...
وأما الشيخ علي الحلبي -رفع الله قدره- فمع تكرار دعوات الجمعية له لزيارتهم؛ لم يزرهم قط، لكنه متواصل معهم التواصل الشرعي: بالنصح لهم، والتواصي معهم بالحق والصبر، ونقده لهم، كما أنهم هم أنفسهم ينتقدون ويناصحون الشيخ علياً، فسبحان ربي؛ كلنا ذَوو خطأ.
4- ثناء العلماء على جمعية إحياء التراث معروف مشهور لا يدفع، منهم الإمام ابن باز، والشيخ العبيكان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ صالح آل الشيخ.
وقد أرسلت الجمعية قبل نحو أربعة عشر عاماً ورقات مجموعة إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فيها بيان منهج الجمعية في العقيدة، وبعض المسائل المنهجية يستنصحونه، فكتب لهم رحمه الله جواباً أقرهم على منهجهم، وأيدهم فيه، سوى ملاحظات يسيرة، كما قال.
وقد أرسلت الجمعية بعدُ نسخة مطبوعة من هذه الرسالة «المنهج»، نفسها للشيخ الإمام الألباني؛ لإبداء الرأي فيها، فكتب رحمه الله على نسخته الخاصة ورقتين، تضمنتا ملاحظات يسيرة أيضاً، دون نكير على أصل إنشاء الجمعية وما هي عليه.
وأما الشيخ علي الحلبي فلم تصدر عنه تزكية للجمعية مطلقاً، بل انتقدها عدة انتقادات، من غير تبديع ولا تضليل.
نعم؛ قد يدافع عنها الشيخ إذا سمع ما تظلم به، كتهمة القطبية أو التكفير(2)، وهذا من العدل والإنصاف الواجب على كل مسلم، فضلاً عن أهل السنة، فضلاً عن أهل العلم؛ قال الله تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شَنَآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا؛ هو أقرب للتقوى﴾.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « من رد عن عرض أخيه المسلم؛ كان حقاً على الله عز وجل أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ».(2)
والعدل واجب حتى مع المشرك، قال الله تعالى: ﴿وأُمرت لأعدل بينكم﴾.
قال الإمام السعدي رحمه الله:
« وقوله: ﴿ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ ﴾، أي: في الحكم فيما اختلفتم فيه، فلا تمنعني عداوتكم وبغضكم يا أهل الكتاب من العدل بينكم، ومن العدل في الحكم بين أهل الأقوال المختلفة من أهل الكتاب وغيرهم أن يقبل ما معهم من الحق، ويرد ما معهم من الباطل ».
وقال شيخ الإسلام في عدّه فوائد قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾:
« الرابع- أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم أو نهيهم أو هجرهم أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتُدي عليهم: عليك نفسُك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت، كما قال: ﴿ ولا يجرمنكم شنآن قومٍ ﴾، الآية، وقال: ﴿ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين ﴾، وقال: ﴿ فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ﴾، فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يعتدي حدود الله، إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين والفاسقين والعاصين.
الخامس- أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق والصبر وحسن القصد وسلوك السبيل القصد؛ فإن ذلك داخل في قوله: ﴿ عليكم أنفسكم ﴾، وفي قوله: ﴿ إذا اهتديتم ﴾ ».

وصلى الله على نبينا محمد وعلى لآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين

المصادر:
1- سلسلة الهدى والنور، ناصر الدين الألباني.
2- الأسئلة الشامية، أجاب عليها: ناصر الدين الألباني.
3- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، عبد العزيز بن باز.
4- مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين.
5- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
6- جماعة واحدة لا جماعات، ربيع بن هادي المدخلي.
7- منهج السلف الصالح في أصول النقد، علي الحلبي.
8- فتاوى شيخ الإسلام.
9- تفسير السعدي.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.