أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
79130 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-14-2011, 03:08 PM
علاءصيدا علاءصيدا غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
الدولة: لبنان
المشاركات: 43
افتراضي المعاهد الشرعية للدكتور سعد الدين الكبي حفظه الله مدير معهد بخاري شمال لبنان

بسم اللّه الرحمن الرحيم


المعاهد الشرعية

نشأتها - حقيقتها – ودورها في محاربة الغلو والتطرف

للدكتور سعد الدين الكبي حفظ الله مدير معهد بخاري شمال لبنان



الحمد للّه رب العالمين, والصلاة والسلام على جميع الأنبياء وخاتم المرسلين, وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد,

فنتيجةً لما آلت إليه الظروف, من اختلاط المفاهيم, والتباس الحقيقة بغيرها, وتصوير الصالح النافع صورة المفسد الضار, نضع بين أيديكم الكريمة نبذةً مختصرةً عن نشأة المعاهد الدينية, وحقيقتها, ودورها في محاربة الغلو والتطرف, بياناً للحقيقة, وتجلية للصورة الناصعة لا يغبِّشها العابثون, ولا يعكر صفاء الماء الصائدون .

سائلين المولى سبحانه أن يحفظ البلاد من كل فتنةٍ مضلَّة, والعباد من كل ضرَّة مضرَّة, فإنه ولي ذلك والقادر عليه .
نشأة المعاهد الشرعية :

تعود نشأة المعاهد الشرعية والتعليم الديني, بالمفهوم العام, إلى الرسل والأنبياء الذين أُرسلوا ليعلِّموا الناس ويُربوهم على الأخلاق الفاضلة والسلوك المستقيم, كما قال تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ) البقرة /129 فاستجاب اللّه عز وجل دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام, فختم الرسالات في العرب ببعث النبي الكريم محمد r, بمهمة تعليمية تربوية, بينها اللّه عز وجل بقوله: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الجمعة/2 .

فعلّم الأنبياء وعلّم أتباعهم, بل إن أصحاب الأنبياء من أسس حلقات علمية أخذت منهجاً تعليمياً ثابتاً أُطلق عليه اسم المدارس, فقامت في المدينة المنورة مدرسة عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما, وفي مكة المكرمة مدرسة عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما, وفي الكوفة مدرسة عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه ثم توسعت دائرة التعليم الشرعي حتى أخذت شكل المعاهد الشرعية التي تحتوي على سكن خاص للطلبة, وأوقاف خاصة للإنفاق على تلك المعاهد والمدارس, من إطعام الطلبة وغير ذلك, وكان من أوائل هذه المدارس التي أخذت طابع التعليم المنتظم:

1- المدرسة النظامية الكبرى ببغداد سنة (450هـ) .

2- المدرسة البيهقية بنيسابور .

3- المدرسة الناصرية بمصر سنة (566هــ) .

4- دار الحديث الكامليةفي القاهرة سنة (622هــ) .

5- دار الحديث الأشرفية بدمشق سنة (596هــ) .

وغيرها من المدارس .
المعاهد الشرعية في ظل الدول العصرية:

وقد توسع التعليم الشرعي في ظل الدول العصرية, وارتقى في وسائله وأساليبه, حتى أخذ شكل المدارس والجامعات العصرية, كجامعة الأزهر الشريف بمصر, وجامعة الزيتونة بالمغرب, وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, وجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان, وكلية الشريعة بجامعة دمشق, وأزهر لبنان, وكلية الشريعة في بيروت .

وقد أنشأت بعض هذه الجامعات معاهد ابتدائية ومتوسطة وثانوية تابعة لها, كجامعة الأزهر, والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة . كما نشأت معاهد شرعية ثانوية مستقلة, كمعهد الحرم المكي, ودار الحديث الخيرية بمكة المكرمة, ودار الحديث الأشرفية بدمشق (وهي مدرسة شرعية مستمرة من عصر الإمام ابن الصلاح الشهرزوري, والإمام النووي رحمهم اللّه), كما قامت في المدن السورية عدد كبير من المعاهد الشرعية تعلم وتربي ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.
المعاهد الشرعية في القوانين :

وكما أن التعليم الديني, حق شرعي يقرره الدين, فهو أيضا ًحق قانوني مستمد أساساً من نظام الحرية الفردية التي تقرها القوانين على أساس أنه لا يحق لأحدٍ أن يفرض على أحد فكرةً, أو عقيدة, أو عبادةً, أو طريقة معينة في الحياة, فالناس في القوانين كلها أحرار فيما يدينون ويعتقدون.
المعاهد الشرعية في القانون اللبناني:

وقد نص الدستور اللبناني الصادر سنة 1926م في مادته التاسعة على ما يلي: ( حرية الاعتقاد مطلقة, والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى, تحترم جميع الأديان والمذاهب, وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام, وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مللهم, احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية ) .



كما أن وثيقة الوفاق الوطني اللبناني المصدقة من مجلس النواب في الجلسة المنعقدة بتاريخ 5/11/1989م في القليعات نصت في معرض الإصلاحات في الفقرة (ب) على حرية المعتقد, وممارسة الشعائر الدينية, وحرية التعليم الديني .

وبناًء على ذلك, قامت عدد من المدارس والمعابد الدينية لمختلف المذاهب والطوائف المعترف بها في لبنان .
المعاهد الشرعية ومقرراتها التعليمية:

تتلخص مقررات المعاهد الشرعية فيما يلي:

1ـ تحفيظ كتاب الله تعالى مع دراسة ألفاظه ومعانيه وهو ما يسمّى بعلم التفسير .

2ـ تعليم الحديث والسيرة النبوية الشريفة .

3ـ تعليم أصول العقيدة الإسلامية

4ـ دراسة الفقه الإسلامي, كتعلم أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج, وأحكام الأسرة والمواريث .

5ـ تعلم اللغة العربية, من نحو وصرف وبلاغة, وحفظ أشعار العرب

6ـ تعليم بعض علوم الآلة, كأصول الفقه, وأصول الحديث, وأصول التفسير .

7ـ تعلم بعض العلوم التي لابد منها كالجغرافيا, والرياضيات, والحاسب الآلي .

ثمرة التعليم الشرعي:

ويثمر عن التعليم في المعاهد الشرعية ما يلي:

1ـ تنمية الإيمان باللّه واليوم الآخر, والأنبياء, والكتب السماوية, والملائكة, والقدر خيره وشره .

2ـ تنمية جانب العبادة للّه,وتحقيق التقوى في القلوب, فتثمر عند الإنسان خوفاً من اللّه ينعكس إيجابا ًعلى المجتمع بتحقيق الأمن, برقابة ذاتية, دون تكلف أجهزة أو جهود.

التعليم الشرعي والتطرف:

من البديهي جداً أن لا يجتمع التعليم, والتطرف, فالتعليم عملية تربوية لرفع مستوى الإنسان للوصول به إلى المستوى الذي ينبغي أن ترتقي إليه الإنسانية في معناها الحقيقي المستحق لتكريم اللّه تعالى بقوله: ( ولقد كرَّمنا بني آدم ) [الإسراء/70] .

ولم يسجل التاريخ حادثة واحدة من حوادث الغلو والتطرف تسبّب بها التعليم, بل إن

الحوادث والوقائع من زمن الأنبياء وإلى عصرنا هذا دلت على ذلك, فالإفساد الذي ظهر

في بني إسرائيل لم يكن من أتباع النبي موسى عليه الصلاة والسلام, وأعمال القتل والإرهاب مارسها المفسدون ضد أتباع النبي عيسى عليه الصلاة والسلام ولم يمارسوها هم, وإضعاف الدولة الإسلامية في عصرها الأول لم يكن من أتباع النبي محمد r, وإنما كانت من أناس خارجين عن الدولة تسببوا بإضعافها وشق صفها, كأتباع مسيلمة الكذاب في زمن أبي بكر y, والخوارج في زمن عليy, والمعتزلة الذين خرجوا على مدرسة الحسن البصري وكفَّروه وكفروا مدرسته .

فهذه الحوادث وغيرها, لم يتسبب بها التعليم, وإنما ظهرت بسبب الخروج على التعليم والتحريض عليه .

ولا يزال التنافر قائماً بين التعليم والتطرف, فلا يمكن أن يتآلفا لأنهما ضدان لا يتوافقان.





المعاهد الشرعية والتطرف:

ومنذ ظهور التطرف في العصر الحديث, قامت المعاهد الشرعية بواجبها في التحذير من الغلو والتطرف والتكفير, وكان من أبرز ما استندت إليه المعاهد الشرعية في تحذيرها من التطرف والتكفير:

1ـ أن اللّه أمر أهل العلم باتباع سبيل الأنبياء, وسبيلهم واضح في قوله تعالى:

(فذكر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمصيطر ) [الغاشية/21-22] .

2ـ أن التحذير من التطرف والتكفير, تحذير من اتّباع غير سبيل المؤمنين, ومن اتبع غير سبيل المؤمنين, فقد شاق الرسول, واستحق الوعيد بصلي جهنم كما قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وسآءت مصيراً ) [النساء/115] .

3ـ أن التحذير من التطرف والتكفير تحذير من التحزب الذي يجمع أفراداً ويفرّق أمّةً ويلقي بينها العداوة والبغضاء .

4ـ أن التحذير من التطرف والتكفير كفاح عن أعراض العلماء .

5ـ أن التحذير من التطرف والتكفير, صون لأفكار الناشئة من هذا الوباء .

ومن أبرز ما قامت به المعاهد الشرعية(1), أنـها رسمت العلامات البارزة لجماعة الغلو والتكفير وكان من أبرزها:

1ـ اتباع المتشابه من النصوص الشرعية .

2ـ الغلو والتنطع في مسائل ثلاث:

أ ـ التكفير, والتكفير المتسلسل .

ب ـ الطعن بالعلماء, فلا يعذرون عالماً إلا إن وافقهم على بدعهم .

ج ـ الجهاد وإنكار المنكرات بلا ضوابط .

ومن أبرز علامات غلوهم في هذا الباب تسميتهم أنفسهم بما يلي:

أ ـ الجماعة الإسلامية المسلحة.

ب ـ جماعة الدعوة والقتال.

ج ـ جماعة الخلافة.

د ـ مسلم جهادي.

وهي عناوين تدل على غلوٍ في المضمون والتوجه.

المعاهد الشرعية والعنف:

وكما حاربت المعاهد الشرعية التطرف, حاربت العنف وحذرت منه, وكانت سبَّاقة في هذا المجال, حتى إن بعض المعاهد أقامت محاضرات خاصة للتحذير من هذه الأعمال وبيان تحريمها شرعاً, وما البيان الذي صدر عن علماء بعض هذه المعاهد الشرعية في شهر صفر 1423هـ نيسان 2003م, إلا دليلاً صريحاً على ذلك.

استغراب سائغ:

وبعد ما تقدم, فإننا نستغرب اتـهام البعض للمعاهد الشرعية بأنـها تعلّم التطرف والغلو والتكفير, لأنه مخالف للواقع والحقيقة, مطابق للخطأ والتضليل فلا يمكن لعاقل أن يصدق إمكان اجتماع التعليم والتربية مع الحماس المتشبع بجهل وإرعابٍ وهوى !!

بل من المستحيل جداً أن يتفق من يعتمد منهج الأنبياء في التعليم والتربية, مع من لا يرى إلا العنف والسلاح !!

ومن المستحيل جداً أن تخرج الفتن من الآمنين في محرابـهم, المقبلين على كتاب ربـهم, المتبصرين بنور العلم وهداية الوحي.

فهل يجوز لعاقل بعد ذلك, أن يصدق بأن المعاهد تصدّر الغلو والتطرف والإرهاب؟














خاتمة

وفي الختام, نسأل اللّه تبارك وتعالى أن يكشف المشوشين المغرضين, المصطادين في الماء العكر, الذين لم يحلّوا مشكلةً, ولم يعالجوا قضيةً, وإنما كانوا- بتشويشهم وافترائهم-سبباً في إذكاء نار الفُرقة, وإيقاظ الفتنة وهي نائمة .

وإننا إذ نختم هذه المذكرة, نؤكد أنَّ من أعظم الأسباب الباعثة على إزالة أفكار الغلو والتطرف والعنف من مجتمعنا, بقاء المعاهد الشرعية, ودعمها, وتأييدها, لتتمكن من نشر الفضيلة, وتساهم في نشر الأمن, والحفاظ على سلامة المجتمع من كل ما يضر به ظاهراً وباطناً .

ولن تتمكن جهة في المجتمع أن تقضي على ظاهرة الغلو والتطرف والعنف, كما تتمكن منه المعاهد الشرعية, لأن الناس لا بد لـهم من دينٍ يدينون به, فإن تديّنوا بجهل ٍضروا وأضروا, وإن تدينوا بعلم وعدلٍ نفعوا وانتفعوا .

ولأن المعاهد الشرعية أعلم بمنهج الأنبياء في الدعوة إلى اللّه, وأفهم للنصوص الدينية من العامًّة المتحمسين, وأقدر على إحلال الوسطية والاعتدال, مكان التطرف والعنف في مجتمعاتنا .

وفق اللّه الجميع, وحفظ البلاد والعباد من كل سوءٍ ومكروه .




إدارة
معهد الإمام البخاري للشريعة الإسلامية
عكار- لبنان
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.