أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
98525 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-28-2011, 09:31 PM
طه نايف طه نايف غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 9
افتراضي أهمية العقيدة الإسلامية وأصولها

بسم الله الرحمن الرحيم


أحبتي في الله : الحديث عن العقيدة ليس ترفاً من الفكر ، ولا نافلة من القول ، ولا هامشة في الحياة ، ولا مظهراً من مظاهر الضعف أو الخوف ، وإنما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهي الأصل الذي يقوم عليه عمل الإنسان ، وبها يقوم الدين ، وهي حاجة ملحة للنفس والروح ، بحيث إذا فقدت تركت فراغاً في النفس لا يُملأ ، وخراباً في الضمير لا يعمر ، فما هي العقيدة ؟
العقيدة : هي الأمور التي يجب أن يُصدق بها قلبك ، وتطمئن إليها نفسك ، وتكون يقيناً عندك دون أدنى شك .
ومصدر عقيدتنا من كتاب ربنا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، وسنة نبينا  الذي الله فيه : ( وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى ) .
ولذلك قال الرسول  : ( تركت فيكم شيئين : لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ) .
فنفهم عقيدتنا من الكتاب والسنة كما فهمها الرعيل الأول ، أبطال الإسلام ، الذين غيروا مسار التاريخ : وهم أصحاب رسول الله ، الذين قال الله فيهم : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم )
وقد يسأل سائل فيقول : لماذا نتحدث عن العقيدة ، ونوليها هذا الاهتمام ، فأقول لأسباب :

أولاً : لأن العقيدة أساس الدين ، وهذا الأساس إن كان سليماً صحيحاً قوياً ثبت الإنسان على دينه ومبادئه ، قال تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء . تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) أما إذا كان الأساس هشاً ضعيفاً فسرعان ما يزول وينحرف : ( ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ) .
لذلك ما من نبي إلا ودعا قومه على إلى هذا الأساس ، قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً إن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليهم الضلالة ) فهذا نوح وهود وصالح  يقولون لأقوامهم ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) ورسولنا  بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يؤسس هذا الأساس حتى قالوا عنه : ( أجعل الآلهة إله واحداً إن هذا لشيء عجاب ) .
حتى مع الأطفال لم يبرح رسول الله  يؤدبهم ويعلمهم توحيد الله ، ويغرس في قلوبهم العقيدة الصحيحة ، فقد قال رسول الله  لابن عباس  : ( يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .
ثانياً: لأن الأعمال لا تُقبل عند الله إلا بعقيدة صحيحة : ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) فإذا صدرت الأعمال من صاحب عقيدة فاسدة ، مشوبة بشرك أكبر أو أصغر ، أو شك أو سوء اعتقاد لم تقبل : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً ) وقال تعالى : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ) وقال تعالى : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )
ثالثاً: الإنسان بدونها يفقد كيانه وإنسانيته ، بدونها يعيش ضائعاً تائهاً معذباً ، فلا يدري لِم خلق ؟ وأين سيكون مصيره بعد الموت ؟ انظروا إلى هذا التائه الضال ماذا يقول في شعره :
جِئت لا أدري من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيتُ
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أبيتُ
كيف جئتُ ؟ كيف أبصرت طريقي لا أدري
أجديد أم قديم في هذا الوجود الوجود
هل أنا حر طليق أم سير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ، ولكني لست أدري !!
أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور ؟
فحياة فخلود أم فناء فثبور ؟
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زور ؟
أصحيح أن بعض الناس يدري ؟ لست أدري ؟
صدق الله العظيم القائل : ( أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم ) وهذا حاله كحال المجرم لما تسأله الملائكة : من ربك ؟ ما دينك ؟ ما اسم الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : ها ها لا أدري !!
رابعاً: لأن العقيدة تربي الرجال الذين يثبتون عند الابتلاء ، وإنما خلقنا للبلاء : ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ) والابتلاء سنة من سنن الله في عباده ، ولا يكون بالضراء فحسب ، بل بالضراء والسراء ، وبالشر والخير ، وبالغنى والفقر ، وبالصحة والمرض ، وبالحياة والموت ، وبالفرح والحزن ، قال تعالى : ( كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ) وقال تعالى : ( وقطعناهم في الأرض أمماً منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) وقال تعالى : ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ) .
واعلم رحمك الله أنه لا ينجو من هذا البلاء إلا صاحب العقيدة الصحيحة ، قال رسول الله  : ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيراً له ) فالمؤمن يشكر ربه لأنه يعلم أن الرازق والمعطي هو الله تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) ويصبر لأنه يعلم أن كاشف الضر والبلاء هو الله : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ) فعلى هذه المعاني ربى رسول الله  أصحابه عليها .
فعن خباب بن الأرت  قال : شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال  : ( قد كان فيمن قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض ، فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه ، فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، ما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف الله والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) .
وفي يوم الأحزاب يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً ) فماذا كان موقف أصحاب العقيدة السليمة ؟ ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ) وقال تعالى عنهم : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ) .
أما موقف أصحاب العقيدة الفاسدة ، والذين في قلوبهم زيغ وريب : ( وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً . وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً ) .
وفي أمثال هؤلاء يقول تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ) ويقول عنهم : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) .
فماذا كانت النتيجة في يوم الأحزاب ؟
نجحوا في الابتلاء وثبتوا وكفاهم الله القتال ورد الله كيد عدوهم عنهم : ( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً )
أحبتي في الله : المؤمن معرض في هذه الدنيا لنزول المصائب ، وليس ذلك بغضاً من الله له ، إنما هي محبة لعبده المؤمن ، قال رسول الله  : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يُوافى به يوم القيامة ) .
وقال  : ( إن عِظم الجزاء من عِظم البلاء ، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) .
وقال  : ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ) .
الذين يصبرون على البلاء لا يركضون إلى أبواب السحرة والمشعوذين !! وهل أتاكم نبأ المرأة السوداء التي جاءت إلى رسول الله  تقول : يا رسول الله ! إني أُصرع وإني أتكشف ، فادعُ الله تعالى لي ، فقال : ( إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة ، وإن شئتِ دعوتُ الله تعالى أن يُعافيكِ ) فقالت : ( أصبر، ولكني أتكشف ، فادعُ الله أن لا أتكشف ) فدعا لها .
فالمؤمن إذا أصابته مصيبة سلَّم أمره لله تعالى وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وينقاد لقوله تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) .
فالمؤمنون يثبتون ويصبرون عند الصدمة الأولى ، فإن أعظم ما ابتلي به المؤمنون وفاة رسول الله  ، فما كان موقف الصديق ؟ وقف قوي الجأش وتلا قوله تعالى : ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) .
وأما فاطمة  : فقالت : ( يا أبتاه أجاب رباً دعاه ، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه )
إنها العقيدة التي تصنع الرجال ، وتصنع المؤمنين ، وتصنع الجيل الذي نتطلع إليه .

خامساً : تدفع العبد إلى الطاعات والأعمال الصالحة : فالعقيدة بمثابة المحرك الذي يحرك الإنسان إلى العمل الصالح ، فإن الإنسان إذا آمن بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد  نبياً ورسولاً ، واعتقد أن الله خلقه لعبادته ، واعتقد أنه راحل إليه ، واعتقد أنه واقف بين يديه ، واعتقد أن الناس يوم القيامة فريقان : فريق في الجنة وفريق في السعير ، بادر إلى العمل الصالح ليلاً ونهاراً .
ولذلك قال بعض الصالحين : " لو أُخبرت أن غداً الساعة ما استطعتُ أن أزيد على ما أنا فيه شيئاً "
ويقول النبي  : ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل ) .
وبالمثال يتضح المقال :
_ ما الذي يجعل المسلم يحافظ على صلاة الجماعة في المسجد إلا وهو يعتقد مصدقاً بكلام الرسول  : ( من سمع النداء فلم يُجب فلا صلاة له إلا من عذر ) .
وهو يصدق بكلام الرسول  بتمكن الشيطان منه : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ، لا تقام فيهم الصلاة ، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) .
وعلم لو أن الرسول على قيد الحياة لكان غاضباً عليه ، قال  : ( لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا لي حُزماً من حطب ، ثم آتي قوماً يصلون في بيوتهم ، ليست بهم علة ، فأحرقها عليهم ) .
قال عبد الله بن مسعود  : " من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً ، ويبعث يوم القيامة على الإسلام ، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن في المساجد ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف "
سادساً : تمنع العبد من فعل المعاصي والسيئات : فإن هناك علاقة بين المعاصي وضعف العقيدة ، فإيمانك هو السد المنيع من ارتكاب المعاصي : ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) أما إذا ضعف الإيمان والعقيدة فحال الإنسان كما قال الله تعالى : ( بل يريد الإنسان ليفجر أمامه . يسأل أيان يوم القيامة ) .
لذلك ربط النبي  بين ضعف الإيمان والمعاصي فقال : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يقتل وهو مؤمن ) .
ما الذي منع يوسف من الفاحشة ؟ بل وفضل السجن على أن يتلذذ بالحرام ، تقوى الله تعالى : ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون )
وما الذي منع أحد ولدي آدم الصالح من أن يمد يده على أخيه ، تقوى الله : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين . لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين )
وقال الشاعر : إذا خلوت الدهر يوماً فلا 00000 تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة 000000 ولا أن ما يخفـى عليه يغيـب
سابعاً : سبب للنجاة يوم القيامة : فمن مات على التوحيد الخالص وعلى إيمان صحيح دخل الجنة ، قال الرسول : ( من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) .
فأصحاب العقيدة السليمة إذا نزل بهم الموت نزلت عليهم ملائكة من السماء تبشرهم بالجنة : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) .
وهم الذين يثبتهم الله بالقول الثابت قبل أن يخرجوا من الدنيا ، قال الرسول  : ( من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) .
أما أصحاب العقيدة الفاسدة إذا نزل بهم الموت فإنهم لا يستطيعون أن ينطقوا بكلمة التوحيد ؛ لأن كلمة التوحيد لا تخرج من فم مشرك ، إلا أن يكون قالها في حياته ، واعتقدها بقلبه ، وعملت بها جوارحه قبل موته .
فهذا فرعون اللعين لما أدركه الغرق حاول أن يقولها فلم يستطع : ( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المفسدين . آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) .
أصحاب العقيدة الصحيحة يثبتهم الله في قبورهم لما يأتهم منكر ونكير فيقولان لهم : ما ربكم ؟ ما دينكم ؟ وما الرجل الذي بعث فيكم ؟
أصحاب العقيدة السليمة يأخذون كتابهم بأيمانهم يوم القيامة : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه . إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه . فهو في عيشةٍ راضية . في جنةٍ عالية . قطوفها دانية ) .
وهم المغفور لهم يوم القيامة ، قال رسول الله  : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم : إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) .
وقال  : ( يُصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، فينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر ، ثم يقول الله تبارك وتعالى : هل تنكر من هذا شيئاً ؟ فيقول : لا يا رب ! فيقول : أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ! ثم يقول : ألك عذر ؟ ألك حسنة ؟ فيهَابُ الرجل فيقول : لا ، فيقال : بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج له بطاقة فيها ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ) فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقول : إنك لا تُظلم ، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ) .

أحبتي في الله : بعد أن أدركنا أهمية العقيدة ، كان لا بد أن نتعرف على أصول العقيدة ، فالعقيدة الإسلامية تقوم على ستة أصول : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
وهذه الأصول أخذناها من كتاب ربنا وسنة نبينا  ، قال تعالى : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) .
ولما سأل جبريل النبي  عن الإيمان ؟ فقال : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) .
فالعقيدة تقوم على هذه الأصول الستة ولا تقبل التجزئة ، فمن كفر بأصل فقد كفر بكل الأصول : ( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً . أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً ) .
وهذه العقيدة لا يكفي اعتقادها بالقلب وحده ، بل لا بد لها من نطق باللسان ، وعمل الجوارح والأركان .
فأبو طالب لم يُقبل إيمانه واعتقاده بصحة ما يدعوا إليه الرسول  ؛ لأنه لم ينطق بلسانه .
والمنافقون لم يقبل إيمانهم رغم أنهم اعترفوا بذلك بألسنتهم ، ولكن كذبت قلوبهم : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) .
وكذلك من اعتقد بقلبه ونطق بلسانه وامتنع عن العمل فهو عاصٍ لله ورسوله : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.