أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
87157 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام > مقالات فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-20-2012, 03:17 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي «مَن تكلّم في غير فنّه؛أتى بالعجائب!»-رداً على د.عودة..القيسي-في تشكيكه في"الصحيحين"-

«مَن تكلّم في غير فنّه؛ أتى بالعجائب!»


-ردّاً على د.عودة..القيسي-في تشكيكه في "الصحيحين"-!



عُنوانُ مقالي -هذا- هو نصُّ كلمةٍ علميةٍ نادرةِ المثال، عزيزةِ المنال؛ أطلقها-قبل عدّة قرونٍ وأجيال- الحافظُ المحدِّثُ أبو الفضلِ أحمدُ بن عليّ بن حَجَر العسقلانيّ-المتوفى سنة( 852 هـجرية)-رحمه الله-في كتابه البحر «فتح الباري في شرح (صحيح البخاري)»-أثناء مُناقشتِه لبعض أهل العلم (المعتبرين) مِمّن ركبوا -في بعض المسائل!- سبيلَ الظنون غير العلميّة في الأبحاث العلميّة!

وهي -أعني: هذه الكلمةَ- حَرِيٌّ بها -وجديرةٌ- أن تكونَ -في عالمنا المعاصر، ووقتنا الحاضر- أُنموذَجاً تربويّاً تعليميّاً فريداً، يُمثّلُ صورةً من صُوَر السبقِ العلميِّ المنهجيِّ الذي كان لعلماء الإسلام فيه -مِن قديم الزمان-دورُ الريادة والسيادة؛ لتُدرَّس في الجامعات، والمعاهد، والكليات، ولتكونَ مَعْلَماً علميّاً متميّزاً، تحترَم من خلاله التخصُّصاتُ-جميعُها-في الدين والدنيا-..

والدافعُني إلى كَتْب هذه الكلماتِ المنهجيّاتِ -ها هنا-: ما رأيتُه في مقالٍ كتبه الدكتور (عودة.. منيع القيسي)-وهو(دكتور) في بلاغة اللغة العربية-في صحيفة(الدستور)-الغرّاء-بتاريخ:(24-2-2012)، بعنوان: (لم يَكُن المعراجُ - بالروحِ دونَ الجسدِ)..

وقد أبدى (الدكتور) الكاتبُ-في مُفتتح مقاله-إعجابَه بـرفيقٍ فكريٍّ له -وهو (مهندس) يتكلّم في علوم الدين والشريعة -على بعض الفضائيات!-؛ مُعلّلاً إعجابَه -واهتمامَه!- بكون (المهندس) «دائماً يأتي بالجديد!»-كما هو حرفُ قولهِ-،وهي حُجّةٌ لا تَرْقَى-بحالٍ- أن تكون -وحدها!- دليلاً على شيءٍ-أيِّ شيءٍ-مُعجِبٍ!

ثم عبر (الدكتور)-صراحةً-عن مُوافقتِه لآراء (المهندس)-وأفكارِه-بقوله: «ويُعجبني منهجه الذي يستوي مع منهجي»، ثم استدرك (!)قائلاً: «مع فرق واحد: أنه يكتفي بالقرآن الكريم دليلاً وحجةً، وأنا أضيف إلى القرآن الكريم الحديث الصحيح... .»!

وقضيةُ (المنهج)-هذه!-تحتاجُ -أكثرَ وأكثرَ- إلى بحث مُوعِب، ونظر مُستوعِب؛ تُكشَف -من خلاله-الحقائق، وتُنقَض -فيه- الشبهاتُ البوائق...

ولكنّي سأكتفي-اليومَ- بنقد كلام الدكتور الذي بين فيه موقفَه من (الحديث الصحيح)-وبخاصة «الصحيحين» الجليلين-«البخاري»، و«مسلم»-..

مع التنبُّهِ والتنبيه -والتنويه-إلى أن (الدكتور)-في مقالِه هذا-نفسِه- قد تعقّب رفيقَه (المهندس)-مُنتقداً بعضَ آرائه الفكرية-الفرعية!- المبنيّة على خللٍ في التفكير العقلانيّ المنهجيّ-أصلاً-والذي هما فيه مُشتركان!-وإن لم يُصرّح (الدكتور) بوجهِ هذا الخللِ، وأسبابِه-!

وهذا الردُّ والنقدُ من (الدكتور) لـ(المهندس)-لو تأمّلناه-: لكان كافياً-وحدَه -إلى حَدٍّ ما- في نقدِ (ونقضِ) أبوابٍ شتّى مِن هاتيك المنهجيّة (العقلانيّة!) التي سلكها الرفيقان - (الدكتور)،و(المهندس)-معاً!- في معالجة ومناقشة جُلّ المسائلِ الدينيةِ والشرعيةِ التي يطرحانها على (العامّة!) -بين الفَينة والفَينة!- -وعلى وجه التخطئة أو التصويب-غالباً!-..

ولْندخل في صُلب الموضوع المقصود -مُباشرةً-والله المستعان-؛ فأقولُ:

قال (الدكتور)-في مقاله المذكور-مُتمّماً-بعد ذكره وجهَ مخالفتِه لـ(المهندس)-وقد نقلتُ أوّلَ كلامِه -قبلاً- : «... والحديث الصحيح لا يزيد عن خمسين بالمئة (50%) من مجموع الأحاديث المدونة، وحتى الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم لا يخلوان من أحاديث ضعيفة، على الصدق العالي لصاحبيها، ففيها أحاديث مدلسة، وأخرى مرسلة، وثالثة موقوفة، ورابعة منقطعة، وخامسة معلقة، وهذه الأنواع كلها... ضعيفة، سواء أكانت في الصحيحين أم في غيرهما»!!

...كذا قال (الدكتور)-وفقه الله لهداه-! وهو كلامٌ غيرُ علميٍّ -ألبتّةَ- عموماً-، وفيما يتّصلُ بـ «الصحيحين» -خصوصاً-، وبشكلٍ أخصَّ فيما ذكره مِن نسبة مئويّة رياضيّة(!) حول الأحاديث الصحيحة -جملةً-!-:

فـ ( الصدق العالي لصاحبي) «الصحيحين»-على حدّ تعبير(الدكتور)الكاتبِ - كافٍ-جداً-عند أهل الإنصاف-في ردّ كثيرٍ مِن الغارات التي شُنّت -ولا تزالُ تُشَنّ!- على أحاديث النبي الكريم-صلوات الله وسلامه عليه- التي لم تدخل(!) عقولَ مُعترضيها(!)؛ فردّوها تحكُّماً وتوهماً - بثوبٍ يُظهرونه برّاقاً جذَّاباً -باسم (العقل)-تارة-،وباسم (مخالفة القرآن)-تاراتٍ-!

ولستُ أريدُ -ثمّةَ- الاستدلالَ بكلام علماء الحديث - المتقدّمين ،والمشهورين- في تأييد وتشييد الردّ على مثلِ هذه الأفكارِ الباطلةِ - على نحو ما ورد عن الإمام عبد الله بن المبارك -المتوفى سنة (181هجرية)-رحمه الله-مِن قوله: «لو همّ رجلٌ -في البحر- أن يكذبَ في الحديثِ : لأصبحَ والناسُ يقولون: فلانٌ كذّابٌ، فقيل له: فهذه الأحاديثُ المصنوعةُ - أي: المكذوبة-؟! فقال: تعيشُ لها الجهابذةُ، ثم تلا قولَ الله -تعالى-: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون»...

وإنما سأكتفي(!) بنقلِ كلامٍ علميٍّ مُنضبطٍ-في هذا الشأنِ الجليلِ-كتبه أحدُ عُلماءِ التاريخِ -في العصر الحاضر- وهو الدكتورُ النصرانيُّ (أسد رستم)-المدرّسُ العريقُ في الجامعات الأمريكية-وهو متخصّصٌ في أصول الرواية التاريخية-؛ فقد ألّف كتاباً فريداً -في تخصُّصه-بعنوان: «مصطلح التاريخ»، اعتمد فيه على قواعد علوم الحديث ومُصطلحه؛ مقرّاً -بإنصافٍ فريدٍ قد لا نراه (!) عند بعض الأكاديميّين المسلمين!-وللأسف الشديد- بأنّ علومَ المسلمين الحديثيّة طريقةٌ علميةٌ دقيقةٌ لتصحيح الأخبار والروايات، قائلاً - بعد أنْ ذكَر وجوبَ التحقُّقِ مِن عدالةِ الراوي، والأمانةِ في خبره -كما هو الحالُ عند علماء الحديث-: «.. ومما يُذكر -مع مزيد الإعجاب والتقدير- : ما توصّل إليه علماءُ الحديث- منذ مئات السنين- في هذا الباب-».

ثم قال: «وإليك بعضَ ما جاء في مصنّفاتهم -نُورده بحرفه وحذافيره-؛ تنويهاً بتدقيقهم العلميّ، واعترافاً بفضلهم على التاريخ ....» -إلى آخر كلامه-..

والعجيبُ أن (الدكتور)-(القيسي)-لم يصدر -في منهجيّته العقلانية التي يحتفي-بل يحتفلُ بها !-عن أصولِ الحديثِ، وقواعدِه العلميةِ المؤصَّلةِ -والتي أشار إلى بعضِها في أول مقاله-بغير كبيرِ جدوى ! ولا كثيرِ فائدة!- مِن: (أحاديث مدلسة، وأخرى مرسلة، وثالثة موقوفة، ورابعة منقطعة، وخامسة معلقة..)-على حدّ ادعاء (الدكتور)!-مع أن لكل مِن هذه المصطلحاتِ الحديثيةِ ضوابطَها الدقيقةَ، وأحكامَها الخاصةَ-وعلى غير هذا النسَق مِن الخلطِ المذكورِ هنا!-!!

فقد انطلق (الدكتورُ)-غفر الله له- مِن عقلانيةٍ محضةٍ، قائمةٍ على التوهُّم والتحكُّم - بثوبٍ يُظهره برّاقاً خلاباً -باسم (العقل)-تارة-، و(مخالفة القرآن)-تاراتٍ !-كما تقدّمت الإشارةُ إليه-، ولعلَّ أمثلةَ مناقشتِه لرفيقِه (المهندس)-والتي جعلها أُسَّ مقاله-وقد أعرضتُ عنها-الآن!-كافيةٌ لكشف مَدى الترهُّل الفكريّ، والهُزالِ العلميّ= الذي صَعق -وعلى تعبير (الدكتور):سَكَّ-منهجَهم العقلانيَّ-ذاك-!

وكما قلتُ -قبلُ-: إنّ هذه الأساليبَ الفكريةَ-جميعاً-والتي وصَفها (الدكتور) بـ : (الجديدة!) -هي طرائقُ فاسدةٌ قديمةٌ بقِدَم العلم والسنة، ومُناوئيهما، وبالتالي: فإنّ نقضَها -ونقدَها- مُقرّرٌ ومحققٌ عند علماء الإسلام العِظام-شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى-{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ}؟!

وما أجملَ-ابتداءً-ما ورد عن الإمام أيوبَ السَّخْتِياني-المتوفى سنة (131هجرية)-رحمه الله-مِن قوله: «إِذا حَدَّثْتَ الرجلَ بِسُنّة، فَقَالَ: دَعْنَا مِن هَذَا، وأَنْبِئنا عَن الْقُرْآن! فَاعْلَم أَنه ضالٌّ».

بل أقول-هنا-:

كلُّ شُبهةٍ (!) عقليّةٍ(!) يَستدلُّ بها أصحابُ هذا المنهج المنحرف على ردّ الرواياتِ الحديثيةِ الصحيحةِ؛ فإنّ ردّها عليهم -تَبَعاً- أسهلُ من ادِّعائهم لها-أساساً-هذا (أولاً)-..

أمّا (ثانياً): فإنّ الاسترسالَ العقليَّ في رَدِّ مثل هذه النصوصِ النبويةِ الصحيحةِ -لمجرّد التوهُّم-ولا سبيلَ لهؤلاء (!) إلا التوهُّم!-: يُمكن-جداً جداً- أن يكون باباً لنقد النصوص القرآنية -سواءً بسواء-عند أهل الأهواء مِن اللادينيّين، والحَداثيّين، و.. و ..-إلخ-؛فالشبهةُ واحدةٌ-وإنْ تفاوتت عقولُ أربابها ! أو اتجاهاتُهُم -!

وعليه؛ فكلُّ دفاعٍ عن (القرآن)، أو(العقل!)-عند المعترضين على الأحاديث بنِسَبِ (51%)! أو(49%)!! -أو غيرهما!- : هو-نفسُه-دفاعٌ عن السنةِ والحديثِ -ولا بُدّ-«لو كانوا يعقلون»..

ولقد ورد عن الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب-رضي الله عنه-ممّا يؤصِّلُ هذا المعنى الحقَّ-بالحقّ-أنه قال: «إيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْي؛ فَإِنَّهُم أَعدَاءُ السّنَنِ : أَعْيَتْهُم أَحَادِيثُ رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- أَن يحفظوها، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ ؛فضلّوا وأضلّوا».

وقال -أيضاً -: «سَيَأْتي نَاسٌ يجادلونكم بالْقُرْآن؛ فخذوهم بالسُّنن، فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَن أعلمُ بِكِتَاب الله»-وَوَرَدَ مِثلُه-أيضاً- عن الخليفة الراشد عليِّ بن أبي طالب--رضي الله عنهما -.

ولعلَّ ما وَرَدَ عن الصحابيِّ الجليلِ عِمرَان بن حُصَين -رضي الله عنه-أوضحُ-جداً-في نقضِ شبهة القوم(!) عليهم! وردِّها مِن جُذورها إليهم:

فقد كَان-رضي الله عنه-مع قومٍ- يتذاكرون الحَدِيثَ، فَقَالَ رجلٌ: دَعُونَا من هَذَا ،وجيؤونا بِكِتَاب الله!

فَقَالَ عِمرَانُ: «إِنَّك أَحمَقُ؛ أتجدُ في كتاب الله الصَّلاةَ مُفسرةً؟! أتجدُ في كتاب الله الصّيامَ مُفَسراً؟! إِنّ الْقُرْآنَ أحْكَمَ ذَلِك، وَالسّنةُ تُفَسرُه».

ولعلَّ الروايةَ الأخرى -عنه-رضي الله عنه-تكون أوضحَ وأوضحَ:

فقد ثبت أَنّه -أي: عِمرَانَ بن حُصَين -رَضي الله عَنهُ- ذكر الشَّفَاعَةَ، فَقَالَ رجلٌ من (الْقَوْم): يَا أَبَا نُجَيْد؛ إِنَّكُم تحَدِّثوننا بِأَحَادِيثَ لم نجد لَهَا أصلاً في الْقُرْآن!!؟

فَغَضب عِمرَانُ، وَقَالَ للرجل: قَرَأتَ الْقُرْآن؟! قَالَ: نعم، قَالَ: فَهَل وجدتَ فِيهِ: صَلاةَ الْعشَاء أَرْبعاً، وَوجدتَ: المغربَ ثَلاثًا، والغداةَ رَكْعَتَينِ، وَالظّهْرَ أَرْبعاً، وَالْعصرَ أَرْبعاً؟! قَالَ: لا، قَالَ: فَعَن مَن أَخَذْتُم ذَلِك؟! ألستم عَنَّا أخذتموه، وأخذناه عَن رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-؟! أوجدتم فِيهِ : مِن كل أَرْبَعِينَ شَاة شَاة، وَفي كل كَذَا بَعِيرًا كَذَا ،وفي كل كَذَا درهماً كَذَا؟! قَالَ: لا، قَالَ: فَعَن مَن أَخَذْتُم ذَلِك؟! ألستم عَنَّا أخذتموه، وأخذناه عَن النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم-!؟ وَقَالَ: أوَجدتم في الْقُرْآن: «وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ»، أوجدتم فِيهِ: فطوفوا سبعاً، واركعوا رَكْعَتَينِ خلف الْمقَام؟!....

أمَا سَمِعْتُمْ الله قَالَ في كِتَابه: «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»؟!

قَالَ عِمرَانُ: فقد أَخذنَا عَن رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- أَشْيَاءَ لَيْسَ لكم بهَا علمٌ».

أقولُ: نعم؛ إنه (العلمُ) -ليس غير-؛ فبقدْر العلمِ الحقِّ الصواب تندفعُ الريبةُ، وينكشفُ الارتياب، وما لا؛ فلا !..

ورحم الله شيخَ الإسلام ابنَ تيميّةَ -القائلَ-:«العلمُ نقلٌ مُصدَّقٌ، أو بحثٌ محقّقٌ؛ وما سواهما : فهَذَيانٌ مُزَوَّقٌ »...

وممّا قاله شيخُ الإسلام ابنُ تيميّةَ -رحمه الله-وكأنه (!) يتكلّم عما نحن فيه!-:

«...فليس لأحدٍ أنْ يتكلّمَ بلا علمٍ؛ بل يحَذَّرُ ممّن يتكلّم في الشرعيّات بلا علم! وفي العقليّات بلا علم؛ فإنّ قوماً أرادوا -بزعمهم!- نصرَ الشرعِ -بعقولِهم الناقصةِ، وأقيستِهم الفاسدةِ- ؛فكان ما فعلوه مما جرّأ الملحدين -أعداءَ الدينِ- عليه؛ فلا للإسلامِ نصروا، ولا لأعدائه كسروا...».

وقد نقل الإمامُ ابنُ القيِّم -وهوتلميذُ شيخ الإسلام ابنِ تيميّةَ -عن بعض عُلماء أهل السنة الكُبراءِ-رحم الله الجميعَ -قولَه :

«أَبَى اللهُ أَنْ يَكُونَ الحَقُّ وَالْعَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ إِلا مَعَ أَهْلِ الحَدِيثِ وَالآثَارِ؛ لأنّهُمْ أَخَذُوا دِينَهُمْ وَعَقَائِدَهُمْ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَقَرْنًا عَنْ قَرْنٍ..إِلى أَنِ انْتَهَوْا إِلى التَّابِعِينَ، وَأَخَذَهُ التَّابِعُونَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَخَذَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلا طَرِيقَ إِلى مَعْرِفَةِ مَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ- مِنَ الدِّينِ المُسْتَقِيمِ وَالصرَاطِ الْقَوِيمِ-؛ إِلا هَذَا الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ أَصْحَابُ الحَدِيثِ.

وَأَمَّا سَائِرُ الْفِرَقِ؛ فَطَلَبُوا الدِّينَ بِغَيرِ طَرِيقِهِ؛ لأَنهُمْ رَجَعُوا إِلى مَعْقُولهِمْ! وَخَوَاطِرِهِمْ !وَآرَائِهِمْ!! فَإِذَا سَمِعُوا شَيْئًا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: عَرَضُوهُ عَلى مِعْيَارِ عُقُولِهِمْ؛ فَإِنِ اسْتَقَامَ لَهُمْ : قَبِلُوهُ! وَإِنْ لمْ يَسْتَقِمْ في مِيزَانِ عُقُولهِمْ : رَدُّوهُ! فَإِنِ اضْطُرُّوا إِلى قَبُولِهِ : حَرَّفُوهُ بِالتَّأْوِيلاتِ الْبَعِيدَةِ! وَالمَعَاني المُسْتَكْرَهَةِ!! فَحَادُوا عَنِ الحَقِّ، وَزَاغُوا عَنْهُ، وَنَبَذُوا الدِّينَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَجعَلُوُا السُّنَّةَ تحْتَ أَقْدَامِهِمْ!

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ؛ فَجَعَلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمَامَهُمْ ،إِمَامَهُم، وَطَلَبُوا الدِّينَ مِنْ قِبَلِهَما، وَمَا وَقَعَ لهُمْ مِنْ مَعْقُولهِمْ! وَخَوَاطِرِهِمْ! وَآرَائِهِمْ: عَرَضُوهُ عَلى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنْ وَجَدُوهُ مُوَافِقًا لَهُما: قَبِلُوهُ، وَشَكَرُوا اللهَ حَيْثُ أَرَاهُمْ ذَلِكَ، وَوَفَّقَهُمْ لَهُ، وَإِنْ وَجَدُوهُ مخَالِفًا لهُما: تَرَكُوا مَا وَقَعَ لهُمْ، وَأَقْبَلُوا عَلى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَرَجَعُوا بِالتُّهَمَةِ عَلى أَنْفُسِهِمْ؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لا يهْدِيَانِ إِلا إِلى الحَقِّ، وَرَأْيُ الإِنْسَانِ قَدْ يَكُونُ حَقًّا، وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلاً».

...كلُّ ذلك حقٌّ واقعٌ؛ فالعقولُ متفاوتة، والمداركُ مُتباينة؛ مِن أجلِ ذا قال الله -عزّ وجلّ-:«يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً»..

....ولا هاديَ إلا ربُّ العالَمين، وهو القائلُ-سبحانه-: «قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً».




نشر في (جريدة الدستور) - الأردنية - عدد هذا اليوم :20-3-2012




* * * * *
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-20-2012, 03:35 PM
الدكتور أبو سهيل الحلبي الدكتور أبو سهيل الحلبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: ط¨ظ„ط§ط¯ ط§ظ„ط´ط§ظ…
المشاركات: 569
افتراضي

جزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-20-2012, 03:49 PM
أبو الأزهر السلفي أبو الأزهر السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,172
افتراضي

أطال الله في عمركم على طاعة شيخنا الكبير الجليل, ونفع بعلمكم!

نعم المقال ونعم الكاتب ونعم المنتدى ..
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-20-2012, 04:03 PM
عثمان الأثري عثمان الأثري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
الدولة: الأردن_الزرقاء
المشاركات: 53
افتراضي

السلام عليكم
شيخنا حفظكم الله جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع القيم الرزين.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-20-2012, 05:26 PM
راشد بن عبيد بن إسماعيل راشد بن عبيد بن إسماعيل غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 165
افتراضي

أعزك الله بالسنة شيخنا وبارك الله فيك..
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-20-2012, 06:12 PM
رأفت صالح رأفت صالح غير متواجد حالياً
توفي-رحمه الله-.
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 1,378
افتراضي

اقتباس:
«...فليس لأحدٍ أنْ يتكلّمَ بلا علمٍ؛ بل يحَذَّرُ ممّن يتكلّم في الشرعيّات بلا علم! وفي العقليّات بلا علم؛ فإنّ قوماً أرادوا -بزعمهم!- نصرَ الشرعِ -بعقولِهم الناقصةِ، وأقيستِهم الفاسدةِ- ؛فكان ما فعلوه مما جرّأ الملحدين -أعداءَ الدينِ- عليه؛ فلا للإسلامِ نصروا، ولا لأعدائه كسروا...».
صدقت شيخنا وكأنّ - شيخ الأسلام رحمه الله - موجود بين ظهرانينا
__________________
قال ابن القيم: ( وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يُترك وسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يُرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان! شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بَليّة الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين! وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه ,أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه. وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله، ومقت الله لهم قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل. وقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله وغيره أثرا: أن الله سبحانه أوحى إلى ملك من الملائكة أن اخسف بقرية كذا وكذا، فقال: يارب كيف وفيهم فلان العابد! فقال: به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه في يوما قط) (إعلام الموقعين 2\157).
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-20-2012, 06:35 PM
هاني الجهني هاني الجهني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 72
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حسن الحلبي مشاهدة المشاركة
فقال: تعيشُ لها الجهابذةُ، ثم تلا قولَ الله -تعالى-: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون»...


أرجوا من الله ياشيخنا أن تكون منهم ..
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-20-2012, 08:37 PM
أحمد الخوالدة أحمد الخوالدة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: الأردن / الزرقاء
المشاركات: 165
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
مَن لم يَقْنَع بالدليل ؛ فسوفَ يُقنِعُهُ الواقع الذليل

السلفية لماذا ؟؟ معاذاً وملاذا
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-20-2012, 09:56 PM
خثيرمبارك خثيرمبارك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,020
افتراضي

جزاك الله خيرا.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-20-2012, 09:59 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ؛ فَجَعَلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَمَامَهُمْ ،إِمَامَهُم، وَطَلَبُوا الدِّينَ مِنْ قِبَلِهَما، وَمَا وَقَعَ لهُمْ مِنْ مَعْقُولهِمْ! وَخَوَاطِرِهِمْ! وَآرَائِهِمْ: عَرَضُوهُ عَلى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنْ وَجَدُوهُ مُوَافِقًا لَهُما: قَبِلُوهُ، وَشَكَرُوا اللهَ حَيْثُ أَرَاهُمْ ذَلِكَ، وَوَفَّقَهُمْ لَهُ، وَإِنْ وَجَدُوهُ مخَالِفًا لهُما: تَرَكُوا مَا وَقَعَ لهُمْ، وَأَقْبَلُوا عَلى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَرَجَعُوا بِالتُّهَمَةِ عَلى أَنْفُسِهِمْ؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لا يهْدِيَانِ إِلا إِلى الحَقِّ، وَرَأْيُ الإِنْسَانِ قَدْ يَكُونُ حَقًّا، وَقَدْ يَكُونُ بَاطِل
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
إضافة رد

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:47 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.