أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
84169 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-30-2013, 05:59 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي حكم من صلى بغير خشوع وحضور قلب؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الموحدين وعلى آله وصحبه والتابعين.
وبعد:فإن المناظرات الفقهية من طرق العلم الشرعية التي سلكها بعض العلماء في طرق تعليمهم ومن ذلك ما ألَّفه علامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي _رحمه الله تعالى_ في كتابه البديع: ( المناظرات الفقهية ) وممن امتاز بهذه الطريقة العلامة ابن القيم _رحمه الله تعالى_ لكن بدون أن يُفرده في مؤلف مستقل بل تجد ذلك في كثير من مؤلفاته ومن بديع ما تميز به هذا الإمام هو أنك عندما تقرأ له القول الأول في مناقشة مسألة ما تقول هذا هو القول الراجح بلا منازع.
ثم إذا انتقلت معه في مناقشة القول الثاني تقول بل هذا هو القول الراجح ! وهذا إن دل على شيء يدل على سعة علمه وإنصافه لخصمه ومن المناظرات التي عرضها ابن القيم
:
حكم من صلى بغير خشوع وحضور قلب؟
حيث قال :
فإن قيل: مما تقولون في صلاة من عدم الخشوع في صلاته: هل يعتد بها أم لا ؟
قيل: أما الاعتداد بها في الثواب: فلا يعتد له فيها إلا بما عقل فيه منها وخشع فيه لربه.
قال ابن عباس رضى الله عنهما:"ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها". وفى المسند مرفوعا: "إن العبد ليصلي الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها أو ثلثها أو ربعها حتى بلغ عشرها"( 1).
وقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح ولو اعتد له بها ثوابا لكان من المفلحين.

وأما الاعتداد بها في أحكام الدنيا وسقوط القضاء:فإن غلب عليها الخشوع وتعقلها اعتد بها إجماعا وكانت السنن والأذكار عقيبها جوابر ومكملات لنقصها. وإن غلب عليه عدم الخشوع فيها وعدم تعقلها فقد اختلف الفقهاء في وجوب إعادتها فأوجبها أبو عبد الله بن حامد من أصحاب أحمد وأبو حامد الغزالي في إحيائه لا في وسيطه و بسيطه. واحتجوا بأنها صلاة لا يثاب عليها ولم يضمن له فيها الفلاح فلم تبرأ ذمته منها ويسقط القضاء عنه كصلاة المرائى.

قالوا:ولأن الخشوع والعقل:روح الصلاة ومقصودها ولبها فكيف يعتد بصلاة فقدت روحها ولبها وبقيت صورتها وظاهرها؟. قالوا: ولو ترك العبد واجبا من واجباتها عمدا لأبطلها تركه وغايته أن يكون بعضا من أبعاضها بمنزلة فوات عضو من أعضاء العبد المعتق في الكفارة فكيف إذا عدمت روحها ولبها ومقصودها وصارت بمنزلة العبد الميت إذا لم يعتد بالعبد المقطوع اليد يعتقه تقربا إلى الله تعالى في كفارة واجبة فكيف يعتد بالعبد الميت.

وقال بعض السلف:الصلاة كجارية تهدى إلى ملك من الملوك فما الظن بمن يهدي إليه جارية شلاء أو عوراء أو عمياء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو دميمة أو قبيحة حتى يهدى إليه جارية ميتة بلا روح وجارية قبيحة فكيف بالصلاة التي يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه تعالى؟ والله طيب لا يقبل إلا طيبا وليس من العمل الطيب: صلاة لا روح فيها كما أنه ليس من العتق الطيب عتق عبد لا روح فيه. قالوا:وتعطيل القلب عن عبودية الحضور والخشوع: تعطيل لملك الأعضاء عن عبوديته وعزل له عنها فماذا تغني طاعة الرعية وعبوديتها وقد عزل ملكها وتعطل؟. قالوا:والأعضاء تابعة للقلب تصلح بصلاحه وتفسد بفساده فإذا لم يكن قائما بعبوديته فالأعضاء أولى أن لا يعتد بعبوديتها وإذا فسدت عبوديته بالغفلة والوسواس فأنى تصح عبودية رعيته وجنده ومادتهم منه وعن أمره يصدرون وبه يأتمرون؟.

قالوا:وفي الترمذى وغيره مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب غافل"( 2). وهذا إما خاص بدعاء العبادة وإما عام له ولدعاء المسألة وإما خاص بدعاء المسألة الذي هو أبعد فهو تنبيه على أنه لا يقبل دعاء العبادة الذي هو خاص حقه من قلب غافل. قالوا: ولأن عبودية من غلبت عليه الغفلة والسهو في الغالب لا تكون مصاحبة للإخلاص فإن الإخلاص قصد المعبود وحده بالتعبد والغافل لا قصد له فلا عبودية له. قالوا:وقد قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} وليس السهو عنها تركها وإلا لم يكونوا مصلين وإنما هو السهو عن واجبها:إما عن الوقت كما قال ابن مسعود وغيره وإما عن الحضور والخشوع والصواب:أنه يعم النوعين فإنه سبحانه أثبت لهم صلاة ووصفهم بالسهو عنها فهو السهو عن وقتها الواجب أو عن إخلاصها وحضورها الواجب ولذلك وصفهم بالرياء ولو كان السهو سهو ترك لما كان هناك رياء. قالوا:ولو قدرنا أنه السهو عن واجب فقط فهو تنبيه على التوعد بالويل على سهو الإخلاص والحضور بطريق الأولى لوجوه.

أحدها:أن الوقت يسقط في حال العذر وينتقل إلى بدله والإخلاص والحضور لا يسقط بحال ولا بدل له.
الثاني:أن واجب الوقت يسقط لتكميل مصلحة الحضور فيجوز الجمع بين الصلاتين للشغل المانع من فعل إحداهما في وقتها بلا قلب ولا حضور كالمسافر والمريض وذي الشغل الذي يحتاج معه إلى الجمع كما نص عليه أحمد وغيره.
فبالجملة:مصلحة الإخلاص والحضور وجمعية القلب على الله في الصلاة:أرجح في نظر الشارع من مصلحة سائر واجباتها فكيف يظن به أنه يبطلها بترك تكبيرة واحدة أو اعتدال في ركن أو ترك حرف أو شدة من القرآن أو ترك تسبيحه أو قول: "سمع الله لمن حمده" أو قول: "ربنا ولك الحمد" أو ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه ثم يصححها مع فوات بها ومقصودها الأعظم وروحها وسرها.
فهذا ما احتجت به هذه الطائفة وهي حجج كما تراها قوة وظهورا.



قال أصحاب القول الآخر: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: "إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضى التأذين أقبل فإذا ثوب بالصلاة أدبر فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وبين نفسه فيذكره ما لم يكن يذكر يقول:اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس"(3 ).
قالوا:فأمره النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها حتى لم يدركم صلى:بأن يسجد سجدتي السهو ولم يأمره بإعادتها ولو كانت باطلة كما زعمتم لأمره بإعادتها.

قالوا:وهذا هو السر في سجدتي السهو ترغيما للشيطان في وسوسته للعبد وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة ولهذا سماها النبي صلى الله عليه وسلم المرغمتين وأمر من سها بهما ولم يفصل في سهوه الذي صدر عنه موجب السجود بين القليل والكثير والغالب والمغلوب وقال: "لكل سهو سجدتان"( 4). ولم يستثن من ذلك السهو الغالب مع أنه الغالب.

قالوا:ولأن شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة وأما حقائق الإيمان الباطنة:فتلك عليها شرائع الثواب والعقاب فلله تعالى حكمان:حكم في الدنيا على الشرائع الظاهرة وأعمال الجوارح وحكم في الآخرة على الظواهر والبواطن ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علانية المنافقين ويكل أسرارهم إلى الله تعالى فيناكحون ويرثون ويورثون ويعتد بصلاتهم في أحكام الدنيا فلا يكون حكمهم حكم تارك الصلاة إذ قد أتوا بصورتها الظاهرة وأحكام الثواب والعقاب ليست إلى البشر بل إلى الله والله يتولاه في الدار الآخرة.
قالوا:فنحن في حكم شرائع الإسلام نحكم بصحة صلاة المنافق والمرائى مع أنه لا يسقط عنه العقاب ولا يحصل له الثواب في الآخرة فصلاة المسلم الغافل المبتلى بالوسواس وغفلة القلب عن كمال حضوره أولى بالصحة.
نعم:لا يحصل مقصود هذه الصلاة من ثواب الله عاجلا ولا آجلا فإن للصلاة مزيد ثواب عاجل في القلب من قوة إيمانه واستنارته وانشراحه وانفساحه ووجود حلاوة العبادة والفرح والسرور واللذة التي تحصل لمن اجتمع همه وقلبه على الله وحضر قلبه بين يديه كما يحصل لمن قربه السلطان منه وخصه بمناجاته والإقبال عليه والله أعلى وأجل.
وكذلك ما يحصل هذا من الدرجات العلى في الآخرة ومرافقة المقربين كل هذا يفوته بفوات الحضور والخضوع وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض وليس كلامنا في هذا كله فإن أردتم وجوب الإعادة: لتحصل هذه الثمرات والفوائد: فذاك إليه إن شاء أن يحصلها وإن شاء أن يفوتها على نفسه وإن أردتم بوجوبها أنا نلزمه بها ونعاقبه على تركها ونرتب عليه أحكام تارك الصلاة فلا.
وهذا القول الثاني أرجح القولين والله أعلم(5 ).






_________________
(1 ) رواه احمد: (18894). قال الألباني صحيح. رواه ابن المبارك في " الزهد " (10/21/1- 2) ، وأبو داود، والنسائي بسند جيد. وقد خرجته في " الصحيح " المذكور (761) .
(2 ) رواه الترمذي: (66) وأورده الألباني في الصحيحة: (594).
( 3) رواه البخاري: (608),ومسلم: (389).
( 4) رواه أحمد: (22417), وأبو داود: (1038). وحسنه الألباني.
( 5) المدارج: (ج2_159_ص166).
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-30-2013, 08:13 PM
خالد الشافعي خالد الشافعي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 12,479
افتراضي

أفدت وأجدت ، بارك المولى الكريم في مسعاك .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-30-2013, 10:39 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي

قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب:
والناس في الصلاة على مراتب خمسة :
أحدها : مرتبة الظالم لنفسه المفرط وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها
الثاني : من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة فذهب مع الوساوس والأفكار
الثالث : من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته فهو في صلاة وجهاد
الرابع : من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها واتمامها قد استغرق قلب شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها
الخامس : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز و جل ناظرا بقبله إليه مراقبا له ممتلئا من محبته وعظمته كأنه يراه ويشاهده وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطوات وارتفعت حجبها بينه وبين ربه فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض وهذا في صلاته مشغول بربه عز و جل قرير العين به
فالقسم الأول: معاقب، والثاني: محاسب، والثالث: مكفر عنه، والرابع: مثاب، والخامس: مقرب من ربه لأن له نصيبا ممن جعلت قرة عينه في الصلاة، فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا قرت عينه بقربه من ربه عز و جل في الآخرة وقرت عينه أيضا به في الدنيا ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله عز و جل : ( ارفعوا الحجب فإذا التفت قال أرخوها ) وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عز و جل إلى غيره، فإذا التفت إلى غيره أرخى الحجاب بينه وبين العبد فدخل الشيطان وعرض عليه أمور الدنيا وأراه إياها في صورة المرآة، وإذا أقبل بقلبه على الله ولم يلتفت لم يقدر الشيطان على أن يتوسط بين الله تعالى وبين ذلك القلب، وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب فإن فر إلى الله تعالى وأحضر قلبه فر الشيطان فإن التفت حضر الشيطان فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-30-2013, 10:56 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي

وقال ابن القيم رحمه الله أيضا:

أنواع القلوب

فصل : وإنما يقوى العبد على حضوره في الصلاة واشتغاله فيها بربه عز و جل إذا قهر شهوته وهواه، وإلا فقلب قد قهرته الشهوة وأسره الهوى ووجد الشيطان فيه مقعدا تمكن فيه كيف يخلص من الوساوس والأفكار ؟
والقلوب ثلاثة :
- قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذ بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن
- القلب الثاني : قلب قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية؛ فللشيطان هنالك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر ومنهم من هو تارة وتارة
- القلب الثالث: قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان وفيه أنوارها فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا إلا خطفه،
وقد مثل ذلك بمثال حسن وهو ثلاثة بيوت :
بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره،
وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وليس جواهر الملك وذخائره،
وبيت خال صفر لا شئ فيه
فجاء اللص يسرق من أحد البيوت فمن أيها يسرق ؟ فإن قلت من البيت الخالي كان محالا لأن البيت الخالي ليس فيه شئ يسرق ولهذا قيل لابن عباس رضي الله عنهما : إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها فقال : وما يصنع الشيطان بالقلب الخراب ؟،
وإن قلت : يسرق من بيت الملك كان ذلك كالمستحيل الممتنع فإن عليه من الحرس واليزك وما لا يستطيع اللص الدنو منه كيف وحارسه الملك بنفسه ؟ وكيف يستطيع اللص الدنو منه وحوله من الحرس والجند ما حوله ؟،
فلم يبق للص إلا البيت الثالث فهو الذي يشن عليه الغارات.
فليتأمل اللبيب هذا المثال حق التأمل ولينزله على القلوب فإنها على منواله
فقلب خلا من الخير كله وهو قلب الكافر والمنافق فذلك بيت الشيطان قد أحرزه لنفسه واستوطنه واتخذه سكنا ومستقرا فأي شئ يسرق منه وفيه خزائنه وذخائره وشكوكه وخيالاته ووساوسه
وقلب قد امتلأ من جلال الله عز و جل وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه فأي شيطان يجترئ على هذا القلب ؟ وإن أراد سرقة شيء منه فماذا يسرق وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له إذ هو بشر وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع
وقد ذكر عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى أنه قال : وفي بعض الكتب الإلهي لست أسكن البيوت ولا تسعني وأي شئ يسعني والسماوات حشو كرسي ؟ ولكن أنا في قلب الوداع التارك لكل شئ سواي وهذا معنى الأثر الآخر ما وسعتني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن، وقلب فيه توحيد الله تعالى ومعرفته ومحبته والإيمان به والتصديق بوعده ووعيده وفيه شهوات النفس وأخلاقها ودواعي الهوى والطبع وقلب بين هذين الداعيين : فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وارادته وحده، ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع فهذا القلب للشيطان فيه مطمع وله منه منازلات ووقائع ويعطي الله النصر من يشاء { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم } وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه فيدخل إليه الشيطان فيجد سلاحه عنده فيأخذه ويقاتله فإن أسلحته هي الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة وهي في القلب فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة فيأخذها ويصول بها على القلب فإن كان عند العبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها انتصف من الشيطان وإلا فالدولة لعدوه عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله فإذا أذن العبد لعدوه وفتح له باب بيته وأدخله عليه ومكنه من السلاح يقاتله به فهو الملوم
( فنفسك لم ولا تلم المطايا ... ومت كمدا فليس لك اعتذار )
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-30-2013, 10:56 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد الشافعي مشاهدة المشاركة
أفدت وأجدت ، بارك المولى الكريم في مسعاك .
بارك الله فيكم شيخنا وجزاكم الله خيرا شكرا لمروركم.

الاخ الفاضل مبارك بارك الله فيك دائما اضافتك نافعة ومفيدة.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-01-2013, 08:17 AM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

بارك الله فيك أخي مبارك مرة أخرى.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-01-2013, 11:42 AM
صلاح الدين الأثري صلاح الدين الأثري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 19
افتراضي

بارك الله فيك
وجزاك الله خيراً على مواضيعك القيمة
وزادك الله من فضله
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-01-2013, 06:47 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين الأثري مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وجزاك الله خيراً على مواضيعك القيمة
وزادك الله من فضله
بارك الله فيك أخي ورفع الله قدرك في الدارين.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-01-2013, 06:56 PM
خالد الشافعي خالد الشافعي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 12,479
افتراضي

جزاكم الله خيرا .

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :

بَابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلاَةِ

741 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلاَ خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي»
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-01-2013, 07:07 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العبدين البصري مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكم شيخنا وجزاكم الله خيرا شكرا لمروركم.

الاخ الفاضل مبارك بارك الله فيك دائما اضافتك نافعة ومفيدة.
وفيك بارك الله فيك أخي البصري وجعل جنة الفردوس مثوانا ومثواك

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:09 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.