فوائد حديثية من دروس مناهج المحدثين للشيخ أبو عبيدة شعبان العودة

[الطحاوي]

روايات الجامع الصحيح (من سلسلة شرح صحيح البخاري )

الشرح الصوتى على هذا الرابط :http://www.ashabelhadeth.com/

روايات الجامع الصحيح ونسخه

اهتم أهل الإسلام بصحيح البخاري وأولوه عناية خاصة تليق بمكانته الضخمة في نفوسهم، فكانت العناية به ضبطا وفق القواعد العامة التي وضعها أهل الحديث وتبليغه جيلا بعد جيل.
رواة الصحيح:
أولا: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري.
قال الفربري: «سمع كتاب الصحيح لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري» ( ).
وفربر المنسوب إليها: قرية من قرى بخاري، على طرف جيحون.
قال النووي: «هي بكسر الفاء، وفتح الراء وإسكان الباء الموحدة ويقال: بفتح الفاء أيضا».
وممن ذكر الوجهين في الفاء القاضي عياض وابن قرقول صاحب «مطالع الأنوار».
قال الحازمي: والفتح أشهر.
ولم يذكر ابن ماكولا غير الفتح.
قال القاسم بن يوسف التجيبي: الفريدي هو بفتح الفاء وبكسرها معا، والأشهر فيه عند المشايخ الفتح، وبالوجهين قرأناه وسمعناه ( ).
مولده:
ولد سنة إحدى وثلاثين ومئتين، كما قال الذهبي وأبو بكر السمعاني في أماليه.
سماعه للصحيح:
قال أبو نصر الكلاباذي ( ): «كان سماع محمد بن يوسف الفربري لهذا الكتاب من محمد بن إسماعيل البخاري مرتين: مرة بفربر، في سنة ثمان وأربعين ومئتين، ومرة ببخاري في سنة اثنتين وخمسين ومئتين».
وقال أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني: «سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول: سمعت الجامع الصحيح من أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بفربري في ثلاث سنين:
في سنة ثلاث وخمسين.
و سنة أربع وخمسين.
وسنة خمس وخمسين ومئتين ( ).
وروى الصحيح عن الفربري جماعة أشهرهم:
1- المستملي: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن داود البلخي (ت 376 هـ) ( ).
وكان سماعه للصحيح سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
2- حمويه: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه بن يوسف بن أعين (ت 381 هـ) ( ).
3- الكشميهني: أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد بن مكي بن زراع الكشميهني (ت 389 هـ) ( ).
4- ابن شبوية: أبو علي محمد بن عمر بن شبويه الشبوي المروزي (ت هـ) ( ).
5- أبو زيد: أبو زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي (ت 371 هـ) ( ).
6- الجرجاني: أبو أحمد محمد بن محمد بن يوسف المكي الجرجاني (ت 373 هـ) ( ).
ورواه عن هؤلاء جماعة:
- فرواية المستملي والحموي والكشميهني رواها عنهم أبي ذر الهروي.
- وروى رواية الحموي أيضا أبي الوقت ومن طريقه رواها السمعاني.
- وروى رواية الكشميهني أيضا كريمة بنت أحمد ومن طريقها رواها السمعاني أيضا.
- ورواية بن شبويه رواها من طريقه ابن عساكر.
- ورواية أبي زيد والجرجاني رواها من طريقهما الأصيلي.
ثانيا: إبراهيم بن معقل النسفي أبو إسحاق:
سمع من قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار وأبو كريب وغيرهم.
قال أبو يعلى الخليلي ( ): حافظ / ثقة أخذ هذا الشأن عن البخاري.
توفي سنة أربع أو خمس وتسعين ومئتين.
فائدة:
روايته فيها نقص أوراق عن رواية الفربري ( ).
ثالثا: حماد بن شاكر النسوي أبو محمد الوراق:
حدث عن البخاري والترمذي وغيرهما.
توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مئة ( ).
وإليك رسم توضيحي لما سبق.
 

اليونينية
النسخة اليونينية هي أعظم أصل يعتمد عليه في توثيق صحيح البخاري.
صاحبها هو: علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أحمد بن محمد شرف الدين أبو الحسين اليونيني الحنبلي.
ولد في الحادي عشر رجب سنة أحدى وعشرين وست مئة ببعلبك.
سمع من ابن الزبيدي وابن اللتي وابن صباح ولازم الحافظ زكي الدين المنذري وتخرج على يديه.
عنايته بصحيح البخاري
قال الذهبي: «قابله - أي الصحيح - في سنة واحدة وأسمعه إحدى عشرة مرة، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه».
وقد عقد الحافظ اليونيني مجالس بدمشق لإسماع صحيح البخاري بحضرة الإمام ابن مالك وبحضرة جماعة من الفضلاء وجمع منه - أي صحيح البخاري - أصولا معتمدة في غاية الإتقان وهي:
1- أصل مسموع على الحافظ أبي ذر الهروي.
2- وأصل مسموع على أبي محمد الأصيلي.
3- وأصل مسموع على مؤرخ الشام ابن عساكر.
4- وأصل مسموع على أبي الوقت.
مع حضور أصل سماع الحافظ أبي محمد المقدسي وهي النسخة الأصل لليونيني وقد استنسخها له محمد بن أبي زيد، وقرأ اليونيني عليهم صحيح البخاري في واحد وسبعين مجلسا، مع المقابلة والتصحيح.
فكان اليونيني في هذه المجالس شيخا قارئا مسمعا وكان ابن مالك وهو أكبر منه بأكثر من عشرين سنة تلميذا سامعا راويا.
وكان اليونيني في هذه المجالس نفسها تلميذا مستفيدا من ابن مالك فيما يتعلق بضبط ألفاظ الكتاب حيث كان ابن مالك كلما مر على كلمة تخالف قواعد العربية أوقف اليونيني وسأله هل ثمة روايات أخرى؟ فإن كان فنعم، وإلا وجهها ابن مالك وقد صنف كتابه النفيس شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح.
فبالغ الحافظ اليونيني في ضبط ألفاظ الصحيح كلمة كلمه بل حرفا حرفا، جامعا فيه بين الروايات المتقدمة منبها على الخلاف بينها، ولذلك عول الناس على نسخته لصحيح البخاري وأصبحت من الأصول المعتمد عليها بين العلماء من حينها.
والله أعلم.