أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
79628 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-10-2015, 11:56 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي رفع اللائمة عمن لاءم :[ وفق ] بين آثار الأئمة - رد على عبد الحميد العربي في اتهامي -

رفع اللائمة عمن لاءم :[ وفق ] بين آثار الأئمة
- رد على عبد الحميد العربي في اتهامي بالهجوم على آثار الأئمة -
الحلقة الأولى : [ 1 ]

الحمد لله رب العالمين ؛ وبعد :
- إيقاظ -

فإن من أساليب قطاع الطريق على طلاب الحقائق : النسبة ؛ وهي على مقامين : المقام الأول : نسبة المخالف للمستقبح ، المقام الثاني : نسبة الموافق للمستملح ؛ فإنهم يقالبون حجاج أهل السنة والجماعة بالنسبة الشنيعة ، والأوصاف الفظيعة غاية تنفير الأسماع عن الحق في سائر الأصقاع ، فإذا ما ذكر اسم المحق ومقالته ذكرت المعايب ، وطرزت المثالب !

فالمقام الأول : نسبة المحاور المقابل لهم إلى سيء المقالات ، وعظيم المآخذات ، ونبزه بالألقاب السيئات ، وعدها أئمة العلم من سمات أهل البدع فــ {{ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا }} ؛ وقد تظافرت نصوص الأئمة في بيان هذا وتكاثرت ، فجمع ابن درباس الشافعي - رحمه الله - المتوفي : [ عام 622 هـ ] عيونها في جزء مفرد سماه بــ " تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة " ، وذكره : ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 5 / 111 ) وقال عنه : " ذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذا الباب وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد " .

والمقام الثاني : نسبة المبطل المجادل مقالته إلى السلف الصالح ، وتقلدها عن الأئمة الأعلام من غير توثيق حكايته ، وشهادة كبار العلماء لمواقف أداها ، أو مقالات كتبها ، ونحوها من سائر تطبيقات غلاة المقلدين في أبواب العلم ؛ كما يقع هذا من أرباب أهل البدع مقابلة لحجاج أهل السنة ، فيذكرون مقالاتهم وينسبونها - أحيانا - لمن يعظمه الناس من السلف والأئمة ، ولهذا قيل : أكثر ما يحى عن الأئمة ما لا حقيقة له ، وانتشرت البدع في الأمصار بهذا الأسلوب الخارج من العجاف الضعاف عن مقاومة جبهات أهل الحق !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 151 ) : " كل من رأى قولا عنده هو الصواب قال : ( هذا قول السلف ، لأن السلف لا يقولون إلا الصواب ، وهذا هو الصواب ).
فهذا : هو الذي يجرئ المبتدعة على أن يزعم كل منهم : ( أنه على مذهب السلف ) ، فقائل هذا القول قد عاب نفسه بنفسه ، حيث انتحل مذهب السلف بلا نقل عنهم ، بل بدعواه : أن { قوله هو الحق } " .


من سمات غلاة التجريح والمقلدين :
نسبة المخالف إلى الطعن بالسلف والأئمة !

فإذا علمت هذا ؛ فإن من سمات غلاة التجريح والمقلدين - التي لا تنفك - : رمي المخالفين لهم بالطعن في منهج السلف ، والهجوم عليه ، مع تكثرهم بالشهادات والتزكيات ، والانتساب المجرد للحق - في مقام المحاججة - وأصحابه من أهل سنة وجماعة وأهل حديث دون نقل ولا تحقيق لمذهب الأسلاف !
وهم في حقيقة الحال : لا يعرفون السلف الصالح الذين أمرنا الله تعالى بالاقتداء بهم ، وتواترت النصوص بالتمسك بمقالاتهم الشارحة ، وأقوالهم المبينة ، وتصرفاتهم النافعة ، مما لا يخالف الكتاب المستبين ، ولا السنة المستفيضة .
ولازم عدم المعرفة : المباينة لما كان عليه الأوائل من الرعيل الأول إلى خير القرون المحمودة ، وتقع المباينة على قدر المعرفة والأتباع ؛ فمن كان أعرف بأحوالهم وألزم لمقالاتهم كان إليهم أقرب ، وبهم ألصق ، كما قال من تمت كلمته صدقا وعدلا : {{ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ }} .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 12 / 87 ) : " والمقصود هنا أن كثيرا من الناس المتأخرين : { لم يعرفوا حقيقة كلام السلف والأئمة } ؛ فمنهم : ( من يعظمهم ) ويقول : ( إنه متبع لهم ) ، مع أنه : ( مخالف لهم ) من حيث { لا يشعر } ! "

وقال - أيضا - في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 145 ) : " انتحل مذهب السلف مع الجهل بمقالهم أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان " .


اتهام عبد الحميد العربي لي :
[ بالهجوم على آثار الأئمة ! ]

ومن النماذج : ما صنع الأخ عبد الحميد العربي - أرشده الله إلى مراضيه - في تعليقته الآبدة الحاطمة ، من باب : الغيرة على أهل الحديث والسنة - ونسأل الله تعالى له المثوبة لغيرته وإن كانت في غير محلها ! - ، حول توجيه مستحمد ذكرته لأثرين عن السلف في بابين مختلفين - وبينهما اجتماع من جهة - : باب الرد بالمعقول ، وباب في مقابلة البدعة بمثلها !
فما كان من الأخ المذكور غير : اتهامي بالهجوم على آثار الأئمة ، وقول الزور على بعض أهل الحديث ، وغيرها من الاتهامات المستقبحة ، أرسلها هتافا وكالها جزافا دون بينة ولا برهان عليها .
فقال - هداه الله تعالى - : [ طريقة الأخ في الهجوم على آثار أئمتنا في ترشيد الأمة إلى الطريق الأمثل للرد على أهل الباطل ... ] !!

وفي المقابل : كال لذاته من الأماديح والشهادات ما لا يناسب طالب علم كسره الخوف ؛ فتارة - في مقام المحاججة - يزكي طريقته بأنها على طريقة الحفاظ ، وشهد له جماعة من العلماء باعتدال تعامله مع المسائل المتعلقة بالمنهج ، وتارة يمدح بحوثه بكونها لا تخرج إلا من حاذق ناقد ، ويحرف كلام ابن تيمية - كما بينته في مقالي : الرد العلمي ؛ فانظره - ، ويحكر استيعاب مراده على ذاته ومن بلغ طبقته ، ويصف هذه المرتبة بأنها العالية التي لا يعرفها إلا أهل الاختصاص ، وتارة يجعل الرد عليه عدم احترام لعلم فضيلته وعمره ، وكل هذا لا علاقة له بمحل النزاع ولا يحقق حقا ولا يبطل باطلا إلا عند المقلدين !

ولن أقف على هذه المشاكل ؛ فقد سبق نصح أصحابه من مشايخ الإصلاح في الجزائر له في قضايا ضمن بيانهم الصادر في تاريخ 31 / 5 / 2012 م ، ومنها : الاستعلاء واتهام الآخرين ؛ فقالوا فيه : [ واعتداده بنفسه وزهوه بها ، مما حدا به إلى التجرؤ على الكتابة والكلام في أمور هو دونها ولا يحسنها .. ] .
ومما قالوا - ويناسب المقام - : [ وأن يقلع عما هو عليه من التهجم على الأبرياء ، والتعدي على الفضلاء ] .

ولم أقلدهم - ولله الحمد - فيما قالوا ، ولا كل ما كتبوه ؛ عدا ما رأيته حقا في حواري مع الأخ المذكور .

وسأقف مع كلماته على مراحل :


المقام الأول :
غلواء عبد الحميد في إطلاق الأحكام والأسماء

ابتلينا في عصرنا - [ ولا أريد بذلك الأخ عبد الحميد ، والخطاب عام إلا ما قيد ] - بالرقابة العوراء ، وتقليد مسائل الأسماء والأحكام إلى الورهاء ، المستمطية الناقة العشواء في العماء ، ثم يرميك أهل التقليد ممن تستعجم عليهم المدارك الظاهرة : بالظليمة السوداء ، وهي : الطعن في السلف - (!) - ، لتنفير الناس عن السماع في سائر الأصقاع خشية الأتباع - كما تقدم ذكره - .

والكلام على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : [ تضخيم المخالفات للأئمة - أو غيرهم - غاية التنفير ] !
القسم الثاني : [ المتكلمون من أهل الأثبات - في الجملة - لا يطعنون بالسلف ] !
القسم الثالث : [ لا يلزم من تخطئة بعض السلف والأئمة الطعن ولا الهجوم عليهم ] !


القسم الأول :
[ تضخيم المخالفات للأئمة - أو غيرهم - غاية التنفير ] !

قال العلامة يحيى المعلمي اليماني - رحمه الله - في " التنكيل " ( 1 / 184 ) : [ ومن أمضى أسلحته أن يرمي الغالي كل من يحاول رده إلى الحق : ببغض أولئك الأفاضل ومعاداتهم .. لأن بقايا أهل الحق كانوا يرون أنهم إذا أنكروا على الغلاة نسبوا إلى ما هم أشد الناس كراهية له ] ؛ كالطعن بالسلف والهجوم على الأئمة .

وذكرني اتهام الأخ عبد الحميد العربي - أرشده الله إلى مراضيه - لي بالهجوم على آثار الأئمة بما وقع بين إمام الحرمين عبد الملك الجويني من أعيان الشافعية الكبار - ولا يحتاج إلى ترجمة لاشتهاره - ، وبين أبي الحسن علي بن الحسين الصندلي من وجهاء أئمة أصحاب أبي حنيفة كما وصفه أبو إسحاق الصيرفيني في " المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور " ( 427 - 428 ) .
فقد حصل بينهما مناظرات في الأصول والفروع : كما قال أبو محمد القرشي في " الجواهر المضية " ( 1 / 357 ) ، ومحمد بن علي الداوودي في " طبقات المفسرين " ( 1 / 402 ) بنحوه : " وكانت بينه وبين أبي محمد الجويني إمام الشافعية وابنه أبي المعالي بعده مخالفة فى الأصول والفروع ولكل واحد منهما طائفة وكانوا إذا اجتمعوا يبادر بعضهم على بعض وكان الكيا أبو الحسن المعروف بالهراس يحكي أشياء جرت بينهم " .

ومما جرى بينهما من الغلواء في إطلاق الأوصاف : ما ذكره أبو محمد القرشي في " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " ( 1 / 358 ) ، وأبو البقاء الكفوي في " الكليات " ( 223 ) : [وقال أبو المعالي يوما النكاح بغير ولي هذه المسئلة " خلاف بين أبي حنيفة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فإنه صلى الله عليه وسلم قال : إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، وقال أبو حنيفة : بل نكاحها صحيح ؛ فصارت هذه عن أبي المعالي فحضر مع الصندلي وسئل عن التسمية على الذبيحة هل هلى واجبة أم لا ؟ فقال الصندلاني : " هذه المسئلة خلاف بين الشافعي وبين الله تعالى " ، فإن الله تعالى يقول {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} والشافعي قال : وكلوا ] !!

قلت : سبحان الله ، هكذا يصنع التعصب المذهبي بين أربابه - إن صحت الواقعة - ، فإمام الحرمين الجويني جعل المسألة الفقهية خلافا بين أبي حنيفة ورسول الله - عليه السلام - ، بينما الأولى - إن كان ولابد - ما صنعه جماعة كابن أبي شيبة في " المصنف " ( 20 / 53 - وما بعدها ) ، أفرد مجلدة فيه سماها بـ [ كتاب الرد على أبي حنيفة ] ، وقال فيها : " هذا ما خالف به أبو حنيفة الأثر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وجاء بمثل هذا التعبير : الإمام محمد بن إدريس الشافعي ، فقد أخرج أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 9 / 103 ) بإسناد صحيح - رجاله ثقات - إذا كان عبد الله بن محمد هو : ابن زكريا ، وفيه قال الشافعي : " نظرت في كتاب لأبي حنيفة ... ووجدت فيه إما خلافا لكتاب الله أو لسنة رسول الله " ، وغيرها من الآثار ، وليس الشاهد في قول الجويني هذا عن أبي حنيفة حتى لا أفتح للمعترضين بابا فيما يتعلق بمقالات المحدثين في أبي حنيفة ؛ بل الشاهد المراد :

في عبارة أبي الحسن علي بن الحسين الصندلي عن الشافعي : [هذه المسئلة خلاف بين الشافعي وبين الله تعالى .. ] !

وهذا كلام من لا يعرف تقدير المقادير ؛ فإن الإمام محمد بن إدريس الشافعي أجل من تعمد المخالفة ، ولا يصير إلى قول إلا بعد اجتهاد ، وإن زل فيقطع العاقل العارف بسيرته صحة قصده ، وحسن طويته .
ورحم الله العلم ابن تيمية حينما قال في " مجموع الفتاوى " ( 20 / 232 ) : [ وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين عند الأمة قبولا عاما يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته؛ دقيق ولا جليل؛ فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلا بد له من عذر في تركه، وجميع الأعذار ثلاثة أصناف: أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، والثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول ، والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ ] .

ولما ذكر أبو البقاء الكفوي - رحمه الله - في " كلياته " ( 223 ) قول أبي الحسن الصندلي في حق الشافعي : [خلاف بين الشافعي وبين الله تعالى .. ] قام بتوجيه قول الشافعي - بغض النظر عن الراجح - ، فقال : " إنما قال الشافعي كذلك لأنه ذبح صدر من أهله في محله فيحل كذبح ناسي التسمية والنص عنده مؤول بحمله على تحريم مذبوح عبدة الأوثان، فإن عدم ذكر الله غالب عليهم، فإذا انقدح هذا التأويل عمل به، لما صح في الحديث من أن قوما قالوا: يا رسول الله إن قوما يأتون باللحم ما ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: سموا عليه وكلوا " .

وأذيل - لمزيد إفادة - باختصار : لما بلغ ابن أبي ذئب أن مالك بن أنس لم يأخذ بحديث الخيار في البيع ، قال مقالة شديدة في مالك -(!)- لا أود ذكرها ، فعقب أبو عبد الله الذهبي - رحمه الله - بقوله في " سير أعلام النبلاء " ( 7 / 142 - 143 ) : " لو كان ورعا كما ينبغي، لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم، فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث؛ لأنه رآه منسوخا.
وقيل: عمل به، وحمل قوله: (حتى يتفرقا) على التلفظ بالإيجاب والقبول، فمالك في هذا الحديث، وفي كل حديث له أجر ولا بد، فإن أصاب، ازداد أجرا آخر ... " .

إذن ؛ لابد من معرفة الدوافع والموانع ، فليس الخلاف مع القائل كالخلاف في فهم كلام القائل وتنزيله -(!)- ؛ ولأجل هذا صنف شيخ الإسلام ابن تيمية رسالته الشهيرة الموسومة بــ [ رفع الملام عن الأئمة الأعلام ] ، وتعتبر مذكرة للمتصدرين للترجيح بين المقالات ، والحكم على الأعيان ، وتتبين من خلالها مجازفة بعض الناس من غلاة التجريح وطوائف من المقلدين في إطلاقهم عبارات لا حقيقة لوجودها إلا في أذهانهم الجامدة وعقولهم الخامدة !
ومن المناسبات : ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن تنازع الصحابة في رؤية النبي - عليه السلام - لله تعالى ، فقال في " مجموع الفتاوى " ( 3 / 229 - 230 ) : " وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية ... وكما نازعت عائشة وغيرها من الصحابة في رؤية محمد ربه ، وقالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ؛ ومع هذا : [ لا نقول لابن عباس ونحوه من المنازعين لها : إنه مفتر على الله ] .. " .


فإذا علمت السابق ؛ فاعلم - يرعاك الله - اللاحق :


القسم الثاني :
[ المتكلمون من أهل الأثبات - في الجملة - لا يطعنون بالسلف ] !

صرح ابن تيمية - رحمه الله - أن مخالفة متكلمة أهل الإثبات من الصفاتية كالأشعرية ونحوهم للسلف الصالح لا يلزم منها الطعن - بالجملة - فيهم ؛ مع ظهور مخالفاتهم للعيان ، وتركهم انتحال قانون السلف ، حتى صار من سمات أهل البدع كما قيل : ترك انتحال مذهب السلف ؛ فكيف الحال - وقد علم سابق المذكور - مع من يصرح الانتساب للسلف ، ويعظم شأنهم ، ويرفع ذكرهم ، وينتحل طريقتهم في فهم النصوص - (؟!) - ؛ ثم يقال : يطعنون في السلف ، أو يهاجمون آثار الأئمة ، أو نحوها من العبارات !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 155 ) : " وأما متكلمة أهل الإثبات من الكلابية والكرامية والأشعرية مع الفقهاء والصوفية و أهل الحديث: [ فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف؛ بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم ] لكن كل من كان بالحديث من هؤلاء أعلم كان بمذهب السلف أعلم وله أتبع ، وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها وقلة ابتداعها ... وأيضا فقد ينصر المتكلمون أقوال السلف تارة وأقوال المتكلمين تارة كما يفعله غير واحد مثل أبي المعالي الجويني وأبي حامد الغزالي والرازي وغيرهم " .


ا
القسم الثالث :

[ لا يلزم من تخطئة بعض السلف والأئمة الطعن ولا الهجوم عليهم ] !

هذه من حجاج المقلدين في سائر أبواب العلم وشتى المقالات وأصحابها ؛ ذلك : لاضطراب المعيار في التعامل مع المخالفات الصادرة من الأئمة ونحوهم ، فغاية حجة من لا حجة لديه إلزامك بفرية الطعن بالسلف أو آحادهم ، والحط من أقدار العلماء ، والتعالم والتطفل على موائد التحقيق !
ولم تكن المباحثة العلمية في يوم : حطا من أقدار الكبار ، ولا طعنا بعلومهم ، ولخطيب أهل السنة ابن قتيبة مقدمة رائعة على كتابه [ إصلاح غلط أبي عبيد ] في دفع هذه المظنة القبيحة من إلزام الراد بما لا يلتزمه في حال نقد المردود عليه ، ولولا ضيق المقام لذكرتها بطولها ، وأكتفي منها :
قال ابن قتيبة الدينوري - رحمه الله - في " إصلاح غلط أبي عبيد " ( 46 ) : " وقد يظن من لا يعلم من الناس ولا يضع الأمور مواضعها أن هذا اغتياب للعلماء وطعن على السلف " .

وقال أبو شامة الدمشقي - رحمه الله - في " مختصر المؤمل " ( 71 ) عن بعض الشافعية : " ومع هذا يرون مصنفات أبي إسحاق وغيره مشحونة بتخطئة المزني وغيره من الأكابر في ما خالفوا فيه مذهبهم فلا تراهم ينكرون شيئا من هذا !
فإن اتفق أنهم سمعوا أحدا يقول أخطأ الشيخ أبو إسحاق في كذا بدليل كذا وكذا انزعجوا وغضبوا ويرون أنه ارتكب كبيرا من الإثم فإن كان الأمر كما ذكروا فالأمر الذي ارتكبه أبو إسحاق أعظم فما بالهم لا ينكرون ذلك ولا يغضبون منه ، [ لولا قلة معرفتهم وكثرة جهلهم بمراتب السلف ] " .

ومشكلة المقلدة - مع مخالف إمامهم - : كما قال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في " جامع العلوم والحكم " ( 2 / 267 ) : " فإن كثيرا من البغض كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق، وهذا الظن خطأ قطعا، وإن أريد أنه لا يقول إلا الحق فيما خولف فيه، فهذا الظن قد يخطئ ويصيب، وقد يكون الحامل على الميل مجرد الهوى، والإلف، أو العادة، وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله " .

فالمقلدة - في سائر المجالات - تجتمع إشكاليتهم بــ :
الغلو في المحبة الموجبة للاتباع المذموم لكل ما يقرره الإمام المتبع -(!)- ؛ فإن في بعض التلاميذ من التشيع لأفراد العلماء وآحاد السابقين حتى لا يرد شيئا من تقريره مع قيام مفارقته لجادة الصواب ، فيسعى لتصويبه كيف ما كان !
ويقابله جماعة تذم إمامهم فتجعل المخالفة الحاصلة قادحة فيه فيوضع بلا كرامة ، ولا يلتفتون إلى كثرت إصابته وتحريه للحق والمطالبة فيه أين ما كان !
وهذه سمات أهل البدع والأهواء من الخوارج والمعتزلة في التعامل مع الأئمة ، بينما أهل السنة والجماعة :
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " منهاج السنة " ( 4 / 543 ) : [ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه ، وإن كان من أولياء الله المتقين ] .

ومن النصوص الصريحة :
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 3 / 349 ) : " ولهذا وقع في مثل هذا [ كثير من سلف الأمة وأئمتها ] : لهم مقالات ( قالوها باجتهاد ) ، وهي : { تخالف } ما ثبت في الكتاب والسنة " .

- وقال في " مجموع الفتاوى " ( 19 / 191 ) : " وكثير من [ مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ] ولم يعلموا أنه بدعة ، إما ( لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة ) ، وإما ( لآيات فهموا منها ما لم يرد منها ) ، وإما [ لرأي رأوه ] وفي المسألة ( نصوص لم تبلغهم ) " .


ثم : إن ابن تيمية - رحمه الله - صرح في مواضع شتى تخطئة بعض السلف ومخالفتهم للحق عن اجتهاد ، والدوافع لهذه المخالفات في العلميات الخبرية والعمليات الفرعية ، فذكر جملة منها عن بعض السلف - مع غض النظر عن تحقيق المقال فيها - : إنكار قراءة ثابتة ، وصفة من صفات الله تعالى ، وبعض حروف القرآن - قراءات - ، وحذف المعوذات ، وكتابة سورة القنوت ، وبين عدم تواتر ذلك عنهم ، وفصل في هذه النسب في مواضع متعددة ، وغيرها من المسائل كاستحلال بعض السلف لبعض أنواع الربا واستحلال بعض أنواع الخمر واستحلال آخرين للقتال في الفتنة وغيرها من المسائل التي :

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 1 / 110 - 112 ) : [ وهذا خطأ معلوم بالإجماع والنقل المتواتر ومع هذا فلما لم يكن قد تواتر النقل عندهم بذلك لم يكفروا وإن كان يكفر بذلك من قامت عليه الحجة بالنقل المتواتر ، وأيضا فإن الكتاب والسنة قد دل على أن الله لا يعذب أحدا إلا بعد إبلاغ الرسالة ... فمن كان قد آمن بالله ورسوله ولم يعلم بعض ما جاء به الرسول فلم يؤمن به تفصيلا ؛ إما أنه لم يسمعه ، أو سمعه من طريق لا يجب التصديق بها أو اعتقد معنى آخر لنوع من التأويل الذي يعذر به ... وأيضا فقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن من الخطأ في الدين ما لا يكفر مخالفه ؛ بل ولا يفسق ؛ بل ولا يأثم ؛ مثل الخطأ في الفروع العملية .. ومع ذلك فبعض هذه المسائل قد ثبت خطأ المنازع فيها بالنصوص والإجماع القديم ] .

وعليه : فإن المخالفة الحاصلة بالاجتهاد - بغض النظر عن باعثها - من بعض الأئمة وآحاد السلف ، لا يعتبر ردها من الطعن ولا التحذير من أعيانهم ، ولا حطا على مجموعهم ، ولا هجوما على آثارهم ، وتعمد تنكبها والخروج عنها كما تقدم .

ثم - بعد ما تقدم - من بيان مغالطة تضخيم المخالفة لآحاد الأئمة والسلف ، والتورع في إطلاق مطاعنة المخالف المبطل للسلف بإطلاق في عموم المقالات ؛ فكيف بالموافق لهم المنازع لآحادهم في بعض المسائل بالدليل المستقيم ، والاحتجاج القويم -(؟!)- ، وإبطال فكرة غلاة المقلدين ممن لا يخرج عن مقاليد الإمام المتبع قيد شبر ... الخ : يعلم المنصف عدم إصابة الأخ عبد الحميد العربي في اتهامه لي : [ بالهجوم على آثار الأئمة ] !
وهذا المقال - كله - في : [ حلقته الأولى ] ما هو إلا تنزلا لما قاله الأخ عبد الحميد العربي بحقي -(!)- بكوني في مقام المهاجم ؛ وسيتضح لك - رعاك الله - في : [ الحلقة الثانية ] أن تصرفي في الأثرين هو مجرد توجيه لا تخطئه ، فزاد بذلك اتهام الأخ سقوطا إلى سقوطه في قاع عميق ، والله المعين لا رب سواه .

تنبيه - لكل نويه - : كثرت مطالبتي للأخ المردود عليه كثيرا ببيان حجته على الاتهام أو التراجع أو مجرد الكلام حتى لا أنزل هذه الردود ؛ فقابلني بالإعراض باسم نهي السلف عن الجدل ، وقد خصصت لها مقالة مفردة قصيرة تنزل لاحقا - إن شاء الله - .



وكتب : أبو حيان محمود بن غازي الصرفندي
تاريخ : 19 / 7 / 1436 هـ
الموافق : 8 / 5 / 2015 م
- مدينة جدة -

يتبع : الحلقة الثانية - إن شاء الله - .





__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-11-2015, 12:24 AM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

طليعة الرد :
[ الرد العلمي على الأخ عبد الحميد العربي ]
- حول بعض أهل الحديث والدلائل العقلية ، ودفع اتهامه لي : بقول الزور عليهم -

على الرابط التالي :

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...t=64764&page=1
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-12-2015, 01:02 AM
عمار البوريني عمار البوريني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 908
افتراضي

سددكم الله ووفقكم لكل خير وهدى ورشاد ..
مقال موفق بفضل الله ورحمته ..
نسأل الله أن يكتب لكم الأجر والثواب ..
بوركتم أبا حيان ..
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-12-2015, 08:04 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

وإياكم شيخ عمار البوريني

وأقول للأخ عبد الحميد العربي :.. حجاب : [ ذم السلف للجدال ] ؛ هذا لن ينفعك : عند المنصفين من القراء -(!)- ؛ بل وربي ستندم على اتهامك للأبرياء ثم النكول عن إقامة الحجة عليهم في يوم الحسنات والسيئات، والتستر تحت عباءة ذم الجدال ؛ و(أعيد عليك) بعض نصيحة مشايخ الإصلاح الذين قالوا : [ وأن يقلع عما هو عليه من التهجم على الأبرياء ، والتعدي على الفضلاء ] .


وأفردت نصيحة كاملة لهذا الموضوع سأنزله بإذن الله بعد يوم - أو أكثر - ، والله الهادي للحق .
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-12-2015, 08:22 PM
أبوعبد الرحمن التيهرتي أبوعبد الرحمن التيهرتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 158
افتراضي أحسن الله إليك ياشيخ محمود

ببورك في الشيخ محمود الصرفندي رد علمي رزين وقوّي زادك الله من فضله

والله مصيبة العصر اليوم كلٌ يتكلم فيما لايقدر عليه كل هذا في نظري سببه عدم مراقبة الله عز وجل الله المستعان
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-13-2015, 03:46 AM
الأثري العراقي الأثري العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: العراق
المشاركات: 2,016
افتراضي


هناك مقطعٌ ـ على اليوتيوب ـ للشيخ ( عبد الحميد العربي ) يطعن فيه بشيخنا ( علي الحلبي )
ولأن قوانين المنتدى لا تسمح بوضع روابط الـ ( يوتيوب ) ؛ فقط أُكتبوا هذا العنوان كاملاً في الـ ( يوتيوب )
[
الكلام في الحلبي تثبيت لمنهج الإقصاء ؟؟ للشيخ عبد الحميد العربي ]
وسيظهر لكم المقطع في أول القائمة ، ومدَّته ( 56 : 12 )







رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-13-2015, 05:33 AM
عمار البوريني عمار البوريني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 908
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأثري العراقي مشاهدة المشاركة

هناك مقطعٌ ـ على اليوتيوب ـ للشيخ ( عبد الحميد العربي ) يطعن فيه بشيخنا ( علي الحلبي )
ولأن قوانين المنتدى لا تسمح بوضع روابط الـ ( يوتيوب ) ؛ فقط أُكتبوا هذا العنوان كاملاً في الـ ( يوتيوب )
[
الكلام في الحلبي تثبيت لمنهج الإقصاء ؟؟ للشيخ عبد الحميد العربي ]
وسيظهر لكم المقطع في أول القائمة ، ومدَّته ( 56 : 12 )







معروف ومشتهرأخي الحبيب الأثري العراقي
ولكن الإخوة في الإشراف يؤثرون خلق التغافل والصبر والحكمة مع الأخ عبدالحميد العربي وفقه الله تعالى ..

وذلك في التعامل معه ...
لعل النتائج تكون مآلها إلى خير وصلح و من ذلك الصراحة والوضوح والتراجع عن الطعن والتبديع بغير حق ولا حجج ولا بينات ، والله الموفق لكل خير هدى ورشاد ...
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-13-2015, 05:38 AM
عمار البوريني عمار البوريني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 908
افتراضي

حياكم الله وبياكم أباحيان ، لكن دعك من تلقيبي بالشيخ فهذه للكبار ويكفي الكنية أخي المفضال ..
وفقنا الله وإياكم لكل خير وهدى وسداد ورشاد ..
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-13-2015, 05:44 AM
عمار البوريني عمار البوريني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 908
افتراضي

.........................
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-13-2015, 11:13 AM
سمير المسيلي سمير المسيلي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: May 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 77
افتراضي

رفقا أهل السنة بأهل السنة .
ارفقوا بالشيخ عبد الحميد بارك الله فيكم .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:03 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.