أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
36265 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-04-2017, 12:27 AM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي مُدارسة مع فركوس / الشيخ احمد بن مسفر العتيبي

مُدارسة مع فركوس

من الكُتب المباركة التي تَعِب فيها المصنِّفون كتاب ” مَبادىء الأُصول ” لعبد الحميد ابن باديس(ت: 1359هـ )رحمه الله تعالى ، فهو على صِّغر حجمه غير أنه عَظيمٌ قدره .
فقد قيَّده مُؤلِّفه في وقت المِحن والشدائِد وانتشار الخُرافات والبدع ، وظهور الهمجية الفرنسية الاستعمارية التي حاربت الدِّين واللُّغة في بلاد الجزائر.

وقد قام الشيخ الأصوليُّ محمد علي فَركوس وفقه الله تعالى ، بشرحٍ موجزٍ لكتاب مبادىء الأُصول . وقد راقني شرحه جزاه الله خيراً ، كعنايته بالمعاني والأدلة والاستنباطات ، فهو شرحٌ سهل المراد قريب الارتياد .
وقد قرأ عليَّ بعضُ الطلبة شرحَهُ المذكور ،وأمليتُ عليهم بعض المستدرك المزبور ، اسأل الله أن ينفع به كما نفع بأصله المسطور . وهذا أوان الشروع في المقصود :

1-ورد في الكتاب ( ص/ 18) قول الشيخ الشارح : ” المصنِّفُ لم يتعرَّض لمباحث أصولية كثيرة : كالأدلة المختلف فيها ، والعُموم العقلي والعرفي.. ” .

قلت : الشيخ ابن باديس رحمه الله تعالى على َسنن أجداده في التمسُّك بالأصلين فقط : الكتاب والسنة ، وما زاد من أدلة يأتي بها المجتهد ، فمن ذينك الينبوعين لا غير . ويبدو أنه تمسَّك بقول الإمام مالك (ت: 179هـ) رحمه الله تعالى : ” الحُكم الذي يُحكم به بين الناس حكمان : ما في كتاب الله ، أو أحكمته السُّنة ، فذلك الحكم الواجب الصواب ، والحكم الذي يجتهد فيه العالم برأيه فلعله يُوفَّق ” . (انظر : البيان والتحصيل : 2/25) .
ففي هذا النصِّ من الإمام مالك إشارة إلى الأدلة العقلية والنقلية . النقلية : الكتاب والسنة . والعقلية : الرأي وما يُلحق به .
فالذي يظهر أنه تعمَّد ذلك لتربية المتلقِّي على اتِّباع الوحيين وملازمة المجتهدين للأخذ عنهم ، مما يمكن أن يقوِّي مَلكة استنباط المعاني ، من أدلة العقل المشروعة .
والدليل على هذا قوله في المتن (مبادىء الأصول / ص63 ) :
” الاتِّباع : أخذُ قول المجتهد مع معرفة دليله ، ومعرفة كيفية أخذه للحكم من ذلك الدليل حسب القواعد المتقدِّمة ” .

2-ورد في الكتاب ( ص/ 174) تفصيل الشيخ الشارح لصيغ العموم . ويُستدرك عليه أن العموم إذا ثبت فلا يلزم أن يثبت من جهة صِّيغ العموم فقط ، بل له طريقان : الصِّيغ واستقراء المعاني . وقد نبَّه على ذلك الشاطبي في ( الموافقات : 3/225) . والله أعلم .

3-ورد في الكتاب ( ص/ 202) قول الشيخ الشارح : ” نقل الآمديُّ ومن تبعه من المحققين الإجماع على امتناع حمل المطلق على المقيَّد إذا اختلفا في الحكم “.
وقد عقَّب عليها الشيخ الشارح ، لكن تعقيبه غير مُستوفي للمعنى .
وخلاصة المسألة أن الامتناع عند المحقِّقين يحصل في صورتين : الأُولى : إذا ورد قيدان متضادان وليس هناك مُرجِّح لأحدهما ، الثانية : إذا وجدت قرينة مانعة من الحَمل ، كتأخير البيان عن وقت الحاجة . (انظر : شرح الكوكب المنير : 3/ 398و409).

4-ورد في الكتاب ( ص/ 226 ):” الإقرار على الفعل إن لم يكن قُربةً فإنه يدلُّ على نفي الحرج : كإقراره صلى الله عليه وسلم على أكل الضبِّ والجراد ، مع أنه لم يأكل منهما ” ! .
قلت : كلامُ الشيخ الشارح هنا مبهمٌ وفيه نظر ،فإن كان يقصد أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل الضب فصحيح ، وإن كان يقصد أنه لم يأكل الجراد فإنه وهمٌ. فقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : ” غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزواتٍ كنا نأكل الجراد معه ” ، وهذا نصٌّ يقطع النِّزاع في المسألة . وما ورد عند أبي داود في شأن الجراد مرفوعاً : ” لا آكلهُ ولا أُحَرِّمهُ ” في إسناده مقال فلا يُحتج به . والله أعلم .

5-ورد في الكتاب ( ص/ 227 ) استدلال الشيخ الشارح بأثر : ” كنا نكسِلُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نغتسل ” بأن هذا لا يُعدُّ اقراراً للرسول صلى الله عليه وسلم يحتج به لعدم عِلمه به . قلت : هذا صحيح ، لكنه بعلمه لأنها رخصةٌ شرعَها وكانت وانقضت ، ولم يعلم بها كثيرٌ من الصحابة رضي الله عنهم ،كما سيأتي أدناه ، ويضاف أيضاً فائدة : وهي أنه لا يُحتجُّ بفعل الصحابي في زمن نزول الوحي إذا لم يطلع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، عند من افترض ذلك من الفقهاء ، وهذه الفائدة مُناسبةٌ لكلام الشيخ ابن باديس في المتن ، عن الفعل النبويِّ وغير النبويِّ .

والأثر المتقدِّم أعلاه على ضعف سنده ، فله شاهد من رواية زيد ابن ثابت رضي الله عنه أنه كان يُفتي بعدم الاغتسال من الإكسال . وقد أنكر عمر رضي الله عنه على من يُفتي بذلك من الصحابة . وقد أخرجه أحمد في مسنده بسندٍ صحيح ، وكذلك الطحاوي في مشكل الآثار بسندٍ حسن .

والظاهر أن هذين الأثران كانا في أول الإسلام رخصة ، وخفيت على البعض ، لحديث رافع رضي الله عنه : ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بطن امرأتي ، فقمتُ ولم أنزل فاغتسلتُ وخرجتُ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنك دعوتني وأنا على بطن امرأتي ، فقمت ولم أنزل فاغتسلت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا عليك الماء من الماء ” قال رافع : ثم أمرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالغسل. أخرجه أحمد في مسنده بسند صحيح .

ومثله أثر سهل الأنصاري رضي الله عنه أن أُبيَّ ابن كعب رضي الله عنه قال :” إن الفتيا التي كانوا يقولون : الماء من الماء رخصة ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام ، ثم أُمرنا بالاغتسال بعدها ” . أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة باسنادٍ صحيح .

ومن المحدِّثين من يستدلُّ بحديث : ” إذا جلس بين شُعبها الأربع ثم جَهدها فقد وجبَ الغُسل ” متفق عليه ، وفي لفظ لمسلم : ” وإن لم يُنزل ” على نسخ الرخصة المشار إليها . والله أعلم .

6-ورد في الكتاب ( ص/ 229) قول الشيخ الشارح : ” واللافتُ للنظر أن أهل الحديث لم يُفصِّلوا القولَ في المتواتر وشروطه ، وإنما هو صنيعُ أهل الأصول ” .
قلت : هذا فيه نظر وليس على اطلاقه ، لأن المتواتر مُتعلِّقٌ بعدد الرواة ، وحصرُ مراتبهم من واجبات المحدِّثين لا الأصولييِّن .والتفصيل أمرٌ نسبيٌّ قد يتفاوت بتفاوت بعض المدارك حسب الزمان والمكان ، لحاجة طلبة العلم عند أهل الصِّناعة .

فلو قال الشيخ الشارح : الُأصوليون تميَّزوا عن المحدِّثين بالنقدالُأصولي لمسائل المتواتر ، والمحدِّثون تميَّزوا بجمع الطرق للمرويات والنظر فيها ،لكانت الجملة أضبط وأوضح في السِّياق المشار إليه.
وقد صنَّف ابن الصلاح (ت: 643هـ) رحمه الله تعالى مُقدِّمته ، وفيها أحوال الرواة وأحاديثهم وأنواعها، ومثله الحافظ الزركشيُّ(ت: 794هـ )رحمه الله تعالى فقد صنَّف كتاباً في الحديث المتواتر ،كما أفاده السخاويُّ (ت: 902هـ )رحمه الله تعالى في فتح المغيث ، وصَّنف السُّيوطي (ت: 911هـ ) رحمه الله تعالى كتابه التنقيح لمسألة التصحيح ، وفيه تفصيل للمتواتر والآحاد وكثيرٍ من علوم الرواية ، وله أيضاً كتاب تدريب الراوي . والله أعلم

7-ورد في الكتاب ( ص/ 265) مناقشة حول التكليف بالمعدوم ، ومنها قول الشيخ الشارح : ” وهو معنى قول الجمهور : لا يصحُّ الأمر بالموجود ولا ينقطع التكليف إلا بتمام الفعل ” . قلت : هذا تقعيد طيِّب مبارك أورده عبد السلام ابن تيمية (ت: 652هـ )رحمه الله تعالى في المسوَّدة ، والمسألة في أولِها لها تعلُّق بالتحسين والتقبيح لم يُعرِّج عليه الشيخ الشارح وفقه الله تعالى . وقد أشار إليها الإمام أحمد ابن تيمية(ت: 728هـ ) رحمه الله تعالى في : ( مجموع الفتاوى 8 / 130 ، وفي درء تعارض العقل والنقل 1 / 61 ، وفي منهاج السنة النبوية 1 / 7 – 8 ، 369 – 373 ) .
وقد أحال الشيخُ الشارحُ في المسألة إلى كتاب ارشاد الفحول للشوكاني ولم يتعقبه .

فقد بحث الشوكانيُّ هذه المسألة عند الكلام حول التكليف بالمعدوم ورتَّب عليها تعلُّقها بكلام الله تعالى عند الأشعرية والمعتزلة . والغريب أن الشوكاني لم يُثبت مذهب السلف في كلام الله تعالى عند بحثها ولم يستدرك على الطائفتين ، فلزم التنبيهُ على ذلك . فالقرآن حروفه ومعانيه وألفاظه كلامُ الله تعالى غير مخلوق، وتلفظنا به وأصواتنا به من أعمالنا المخلوقة .

نسأل الله أن يُعلِّمنا ما ينفعنا ، وأن ينفعنا بما علَّمنا ، وأن يهدينا سواء السبيل .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات .

1438/10/7
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-06-2017, 11:58 PM
عبد المالك العاصمي عبد المالك العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 412
افتراضي

جميل
ماشاء الله
بوركتم
__________________
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد الباري العيد بن سعد شريفي
http://www.aidecherifi.net
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.