أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
94819 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-29-2010, 08:33 PM
أنور بن ظبي أنور بن ظبي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 7
افتراضي أحكام السبحة

بحوث العبدلي
السبحة في حكم السبحة


إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
1429هـ - 2008م



بحوث العبدلي

المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة

إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات


المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } آل عمران : 10 ، وقال تعالى { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء :1 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب : 70 – 71 أما بعد
من خلال عملي كمدرس للعلوم الشرعية في المعهد العلمي في محافظة القريات لأكثر من عشرين سنة وقبلها أربع سنوات قضيتها في ربوع كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، واختلاطي بالكثير من العلماء والدعاة وطلبة العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ومتابعتي للأكثر منهم من خلال كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم ومواقعهم عبر الشبكة العالمية الإنترنت ، وبرامجهم عبر القنوات الفضائية ، لاحظت أن بعض هؤلاء وليس كلهم ، بل القليل القليل منهم من لا يعير للمسائل الخلافية بالا ، بل هداهم الله للحق وإيانا ، أنه يلزمون الطرف الآخر برأي واحد لا بديل له عندهم بحجة أن هذا هو الراجح ، علما بأن المسألة قد قال فيها كبار العلماء مثل مسألة التصفيق والدف والتصوير وغيرها ، فقد عشنا ردحاً من الزمن لا نعرف من حكمها إلا أنها حرام مطلق قولا واحدا ، ولكن مع البحث العلمي وظهور بعض المشايخ الجريئين أظهروا وأبرزوا مثل هذه المسائل على أنها خلافية وخلافها معتبر شرعا ولله الحمد ، وهذا هو المنهج الحق والسليم بأن يبين للناس الخلاف في المسألة ثم رجح ماراه أنت حقا ولكن لا تلزم الآخرين برأيك مادام أن للخلاف محل ، يقول أبو يوسف التواب : ينبغي أن يُعلَم أولاً أن الخلاف سنة كونية ، فكما يتباين الناس في ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم وأخلاقهم تبايناً عظيماً ، يتباينون في أفهامهم وعقولهم ومداركهم ، والخلاف هنا على نوعين : خلاف سائغ ، وخلاف مذموم ، فالسائغ هو الخلاف الناجم عن اجتهاد الفقيه بقصد الوصول للحق في المسائل التي يسوغ فيها الاختلاف ، وقد أَذِن الشرع المطهَّر بذلك ؛ ففي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص t أنه سمع رسول الله r قال ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ) ، وما زال العلماء يختلفون في مسائل الفروع الفقهية دون إنكار لأصل الاختلاف ، ويظهر ذلك جلياً حتى في عصر الصحابة الكرام y ، ومن ذلك: اختلافهم في مكان دفن النبي r ، واختلافهم في الخليفة من بعده ، واختلافهم في قتال مانعي الزكاة في خلافة الصِّدِّيق ، واختلف عمر وابن مسعود رضي الله عنهما في مسائل عديدة ؛ فكان ابن مسعود يطبِّق يديه في الصلاة ، وكان عمر يضعهما على الركبتين وينهى عن التطبيق ، وكان ابن مسعود يقول في رجل قال لامرأته أنتِ عليّ حرام : أنها يمين ، ويرى عمر أنها طلقة واحدة ، بل حصل الخلاف في حياة النبي r؛ فعن ابن عمر t قال: قال النبي r يوم الأحزاب: ( لا يُصَلِّيَنّ أحدٌ العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يُرِدْ منا ذلك ، فذُكِر ذلك للنبي r فلم يعنِّف واحداً منهم 000الخ 0
فأين هذا من الخلاف المذموم بصوره الكثيرة ، كالاختلاف الذي مس العقائد وأصول الدين ، والاختلاف الذي مبناه إتباع الهوى والتعصب للرجال على حساب أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، واختلاف القلوب وتنافرها بناء على آراء يسوغ فيها الاجتهاد .
أسباب الاختلاف بين الفقهاء
من أهمها :
أن الدليل لم يبلغ الفقيه .
أن يكون الدليل غير ثابت عنده ، كأن يبلغه من طريق ضعيفة .
تعارض الأدلة في ظاهرها .
الاختلاف في فهم النص .
عدم وجود نص في المسألة .
فإذا عرفنا ذلك ، فإن الاجتهاد حق لأهله المستكملين لشروطه ، وليس حِكراً على مجتهد دون آخر ، وينبغي أن يُعذَر المخالِف في مسائل الفروع الاجتهادية ، وأن لا يعنَّف أو يبدَّع لذلك ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإن رجح بعض الناس بعضها [يعني : بعض الاجتهادات] ولو كان أحدهما أفضل ؛ لم يجز أن يظلم من يختار المفضول ولا يذم ولا يعاب بإجماع المسلمين ، بل المجتهد المخطئ لا يجوز ذمه بإجماع المسلمين ، ولا يجوز التفرق بذلك بين الأمة ) ، بل لا يجوز أن ينكر عليه ، كما قال الإمام الموفق ابن قدامة : ( لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه ؛ فإنه لا إنكار على المجتهدات ) ، أما إذا ثبت الإجماع أو لاح الدليل ، ولم يكن فيه مجال للاجتهاد أو التأويل ، فالنقول عن السلف دالة على الإنكار على المخالف عندئذ ، كالمبيح لنكاح المتعة مثلاً ، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية : ( وذكر الشيخ محيي الدين النووي أن المختلَف فيه لا إنكار فيه ، قال: لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف، فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق (1) ، ويقول الشيخ عبد الكريم الخضير الخِلافْ بَيْنَ أَهْلِ العِلْم لاشَكَّ أنَّهُ مَوْجُود ولاسِيَّمَا فِي الفُرُوعْ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَة رِضْوَان الله عَلَيْهِم فَالــــــــخِلافْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع ملتقى أهل الحديث ( بتصرف )
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95421
مَوْجُودْ ، ولَنْ يَنْتَهِي ، وسَبَبُهُ اخْتِلافْ الفُهُومْ ، فَهَذا العَالِمْ يَفْهَمْ مِنْ هَذَا النَّصْ كَذَا ، والعَالِم الثَّانِي يَفْهَمْ مِنْهُ غَير ذَلِك ، والاحْتِمَالاتْ قَائِمَة ، وكُل مِنْهُم مَأْجُور إذا كانَ أَهْل للاجْتِهَادْ ، فَالمُصِيبْ مِنْهُم لَهُ أَجْرَانْ والمُخْطِئ مِنْهُم لَهُ أَجْر وَاحِد ، وطَالِبُ العِلْم الذِّي لَيْسَتْ لَدَيْهِ أَهْلِيَّة النَّظَر، وكَذَلِك العَامِّي عَلَيهِ أنْ يُقَلِّدْ أوثَقُهُمَا عِنْدَهُ الذِّي يَرَاهُ أَرْجَح فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ يُقَلِّدُهُ لأنَّ فَرْضُهُ سُؤَالْ أَهْلِ العِلْم ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) سورة النحل 43 ولَيْسَ فِي فَتْوَاهُ مُفْتٍ مُتَّبَعْ مَا لَمْ يُضِفْ لِلْعِلْمِ والدِّينِ الوَرَعْ ، فَإِذا عَرَفْتَ أنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَعْلَم مِنْ هَذا ، وعِنْدَهُ مِن الدِّين والوَرَعْ مَا يَحْجِبُهُ مِنْ أنْ يقُول على الله بِجَهِلْ بِغَيْرِ عِلْم ، أو يَتَقَوَّل عَلَى الله ، أو مَا أَشْبَهَ ذلك ، أو يُفْتِي بِهَوَى فَمِثْلِ هذا يُتَّبَع ويُقَلَّدْ ، وأمَّا التَّعَصُّب للمشايخ فإنَّهُ أَمْرٌ لاسِيَّمَا إِذا تَرَتَّبَ عَلَيهِ هَضْمْ لِحَقِّ المَفْضُولِ عِنْدَهُ فإنَّهُ لا يَجُوز حِينَئِذٍ (1) ، ويقول شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : فإنه قد يثير هذا الموضوع التساؤل لدى الكثيرين، وقد يسأل البعض : لماذا هذا الموضوع وهذا العنوان الذي قد يكون غيره من مسائل الدين أهم منه ؟ ولكن هذا العنوان وخاصة في وقتنا الحاضر يشغل بالَ كثيرٍ من الناس ، لا أقول من العامة بل حتى من طلبة العلم ، وذلك أنها كثرت في وسائل الإعلام نشر الأحكام وبثّها بين الأنام، وأصبح الخلاف بين قول فلان وفلان مصدر تشويش ، بل تشكيك عند كثير من الناس ، لاسيما من العامة الذين لا يعرفون مصادر الخلاف ، لهذا رأيت ـ وبالله أستعين ـ أن أتحدث في هذا الأمر الذي له في نظري شأن كبير عند المسلمين ، إن من نعمة الله تبارك وتعالى على هذه الأُمَّة أن الخلاف بينها لم يكن في أصول دينها ومصادره الأصيلة، وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية وهو أمر لابد أن يكون.. وقد أجملت العناصر التي أريد أن أتحدث عنها بما يأتي :
أولاً: من المعلوم عند جميع المسلمين مما فهموه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم أن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق ، وهذا يتضمن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد بيَّن هذا الدين بياناً شافياً كافيا ، لا يحتاج بعده إلى بيان ، لأن الهدى بمعناه ينافي الضلالة بكل معانيها ، ودين الحق بمعناه ينافي كل دين باطل لا يرتضيه الله عز وجل، ورسول الله بُعِثَ بالهدى ودين الحق، وكان الناس في عهده صلوات الله وسلامه عليه يرجعون عند التنازع إليه فيحكم بينهم ويبيِّن لهم الحق سواء فيما يختلفون فيه من كلام الله ، أو فيما يختلفون فيه من أحكام الله التي لم ينزل حكمها ، ثم بعد ذلك ينزل القرآن مبيِّناً لها ، ولكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها ، ونحن جميعاً نعلم علم اليقين أنه لا يوجد أحد من ذوي العلم الموثوق بعلمهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ http://www.khudheir.com/ref/138
وأمانتهم ودينهم يخالف ما دلَّ عليه كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلّم عن عمد وقصد ؛ لأن من اتَّصفوا بالعلم والديانة فلابد أن يكون رائدهم الحق، ومَن كان رائده الحق فإن الله سييسِّره له ، ولكن مثل هؤلاء الأئمة يمكن أن يحدث منهم الخطأ في أحكام الله تبارك وتعالى، لا في الأصول التي أشرنا إليها من قبل، وهذا الخطأ أمر لابدَّ أن يكون؛ لأن الإنسان كما وصفه الله تعالى بقوله: ( وَخُلِقَ الإِنسَـنُ ضَعِيفاً ) ، الإنسان ضعيف في علمه وإدراكه، وهو ضعيف في إحاطته وشموله، ولذلك لابدَّ أن يقع الخطأ منه في بعض الأمور، ونحن نجمل ما أردنا أن نتكلم عليه من أسباب الخطأ من أهل العلم في الأسباب الآتية السبعة، مع أنها في الحقيقة أسباب كثيرة، وبحر لا ساحل له، والإنسان البصير بأقوال أهل العلم يعرف أسباب الخلاف المنتشرة، نجملها بما يأتي :
السبب الأول: أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
السبب الثاني: أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه 0
السبب الثالث: أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه ، وجلَّ من لا ينسى 0
السبب الرابع: أن يكون بلغه وفهم منه خلاف المراد
السبب الخامس: أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ، فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ ، والعالم لا يعلم بنسخه ، فحينئذٍ له العذر لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم بالناسخ 0
السبب السادس: أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، بمعنى أنه يصل الدليل إلى المستدل ، ولكنه يرى أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، وهذا كثير في خلاف الأئمة وما أكثر ما نسمع من ينقل الإجماع ، ولكنه عند التأمل لا يكون إجماعاً 0
السبب السابع: أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً ، وهذا كثير جداً0
هذه الأسباب التي أحببت أن أنبه عليها مع أنها كثيرة ، وبحر لا ساحل له ولكن بعد هذا كله ما موقفنا ؟ ، وما قلته في أول الموضوع : أن الناس بسبب وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية واختلاف العلماء أو اختلاف المتكلمين في هذه الوسائل صاروا يتشككون ويقولون مَن نتبع ، فالواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة ، إذا لم يخالف إجماع الأمة، ومن اعتقد أن أحداً غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجب أن يؤخذ بقوله فعلاً وتركاً بكل حال وزمان ، فقد شهد لغير الرسول بخصائص الرسالة، لأنه لا يمكن أحد أن يكون هذا حكم قوله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولا أحد إلا يؤخذ من قوله ويُترَك سوى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولكن يبقى الأمر فيه نظر، لأننا لا نزال في دوامة مَن الذي يستطيع أن يستنبط الأحكام من الأدلة ؟ هذه مشكلة، لأن كل واحد صار يقول: أنا صاحبها. وهذا في الحقيقة ليس بجيد ، نعم من حيث الهدف والأصل هو جيد ؛ أن يكون رائد الإنسان كتاب الله وسُنَّة رسوله ، لكن كوننا نفتح الباب لكل مَن عرف أن ينطق بالدليل ، وإن لم يعرف معناه وفحواه ، فنقول : أنت مجتهد تقول ما شئت، هذا يحصل فيه فساد الشريعة وفساد الخلق والمجتمع. والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً فله الحق أن يجتهد وأن يقول 0
2 ـ طالب علم عنده من العلم ، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه ، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك ، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم ؛ لأنه قد يخطئ ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا ، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً ، وهو لا يدري بذلك 0
3 ـ عامي لا يدري شيئاً ، وهو مَن ليس عنده علم ، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم (1)
من خلال ما سبق طرحه رأيت ، بل وعزمت العقد أن أبحث في المسائل الخلافية لكي أصل فيها لطرح علمي سليم ، ولأجل أن لا نكون أمام عامة الناس أحادين الفكر والرأي ، بل نعرض المسألة بخلافها وأقوالها ونناقش أدلة الخلاف لجميع الأقوال كي نصل لما هو الحق بإذن الله ، فبدأت أبحث في عدة مسائل وجعلتها بحوث متتابعة وأسميته :
بحوث العبدلي
المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
ثم بعد هذه المقدمة يأتي البحث الرئيس وقد أسميت كل بحث باسم ملفت للانتباه ، سائل المولى أن يوفقني للصواب وأن يبعد عني الشيطان وأعوانه ، كما أتمنى ممن يخالفني الرأي أن يكون خلافنا علميا ، لا عاطفيا والله الموفق والحمد لله رب العالمين 0
وإلى
المبحث السادس ( السبحة في حكم السبحة )
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ – كتاب الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه ( بتصرف )
http://www.ibnothaimeen.com/all/book...ndex_309.shtml


بحوث العبدلي
السبحة في حكم السبحة


إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
1429هـ - 2008م

المقدمة
إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )(1) ، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (2) ، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) (3) أما بعد
لقد انتشر بين الناس استخدام السبحة وهي تلك الخرزات المنظومة ذات العدد المحدد ، ويختلف عددها خرزاتها باختلاف مستخدميها ، كما أن لاستخدامها أسباب ، فمن الناس من أخذها للتسلية فقط وهذا هو الغالب في مجتمعاتنا ، ومنهم من اتخذا لأمر عبادي كما هو الحال عند الصوفية ، كما أن السبحات تختلف بأنواعها وأحجامها وقيمتها 0
والمسباح في الغالب أداة يستعان بها على التسبيح والتهليل والتكبير حيث تسهل عملية العدّ لما تحتويه من حبيبات يكون عددها عادة 33 حبة وفي بعض المسابيح 99 ، لكن المسباح أصبح حديثا بالإضافة إلى استخدامه في التسبيح أداة يتزين بها الرجال في منطقة الخليج بصفة خاصة وهي مكمّلة للأناقة ومظاهر الزينة التي يبدو عليها الرجل فلا يكاد يوجد شخص إلا ويحمل مسباحا في يده ويحرك حبيباتها بين أصابعه 0
ونظرا لانتشارها بين البشر رأيت أن أبحث المسألة فخرجت بهذا البحث اللطيف الخفيف لعل الله أن ينفع به 0
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سورة آل عمران : 122
سورة النساء : 1
سورة الأحزاب : 70 / 71
معنى كلمة سبحة ومسباح
جاء في القاموس المحيط : والسُّبْحَةُ : خَرَزاتُ للتَّسْبِيحِ تُعَدُّ (1) ، وفي المحيط : والسُّبْحَة الدعاءُ وصلاة التطوُّع أي النافلة لأنها مُسبَّح فيها وخرزاتٌ للتسبيح منظومةٌ في سِلكٍ تُعَدُّ وتُطلَق عند المولَّدين على خَرَزاتٍ للّعب أيضًا ج سُبَح وسُبُحات ، قال الشاعر
فيا عجبًا إن العجائب خمسةٌ ،،،،،،،،،،،، وأعجبُ منها عَيْبُهم سُبُحاتي
والمُسَبِّحة مؤَنَّث المسبح ، *وقول الحريريّ في مقامتهِ البصرية ولمَّا فرغ من سِبحتهِ حيَّاني بمُسَبِّحتِه أي أشار إليَّ مسلّمًا عليَّ بإصبعهِ التي تلي الإبهام وهي التي بها يشير المُسبّح ، والمِسْبَحة السُّبحة للخَرَزات المذكورة (2) ، وقال عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي (3) : السبحة خرزات منظومة ، جاء في ففي المصباح المنير : فالسبحة هي : الخرزات التي يعدّ بها المسبح تسبيحه وذِكرَه , قال الفارابي وتبعه الجوهري : و ( السبحة ) التي ( يسبح ) بها , وهو يقتضي كونها عربية , وقال الأزهري : كلمة مولدة وجمعها ( سُبح ) مثل غرفة و غرف , و ( المسبِّحة ) اسم فاعل من ذلك مجازا وهي الإصبع التي بين الإبهام والوسطى ) اهـ ، وقال شيخنا الشيخ الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله (4) : ( السُّبْحة ) : بضم السين وإسكان الباء : مشتقة من : ( التسبيح ) وهو قول : ( سبحان الله ) أو هو تفعيل من السَّبْح ، الذي هو التحرك والتقلب , والمجيء والذهاب , كما في قول الله تعالى ﴿ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴾ (5) , وتجمع على سُبَح, مثل : غُرْفة , وغُرَف , آلة تسبيح , وهي خرزات منظومة في خيط للتسبيح يُعَدُّ بها ، وهي كلمة مولدة , قاله الأزهري , وقال الفارابي , وتبعه الجوهري : السُّبْحَة : التي يسبح لها , وقال شيخنا (6) : ( إنها ليست من اللغة في شيء , ولا تعرفها العرب , وإنما حدثت في الصدر الأول , إعانة على الذكر, وتذكيراً وتنشيطاً ) ، أما : ((السُّبْحة)) شرعاً فهي بمعنى : الدعاء , وبمعنى صلاة التطوع , وكان ابن عباس – رضـي الله عنهما - يسمي السَّبَّابة : ( المسبحة ) كما في : ( الفرج بعد الشدة : 1 / 185 ) ، فآلت من المشترك اللفظي , الذي يحمل معنيين شرعيين , هما : الدعاء , وصلاة التطوع , لأَنه يُسَبِّح بها , ومنها : سُبْحة الضحى , ومعنى غير شرعي : وهو الخرزات المنظومة لِعَدِّ الأَذكار 0
فالمسباح عبارة عن مجموعة من القطع الخرزية الحُبيبية المتشابهة الشكل وذات عدد معين مع وجود حبة أو اثنتين مغايرة الشكل تفصل حبات المسباح المنتظمة في خيط أو سلك أو سلسلة إلى ثلاثة أقسام مع وجود قطعة ثالثة تسمى بالمنارة أو المئذنة وهي مكان العقدة التي تجمع طرفي المسباح ، وفي أكثر الحالات تنتهي حلقة المسباح من جانب المئذنة أو المنارة بقطع إضافية تدعى أحيانا بالشرابة أو الكشكول مع دلايات إضافية من مواد الخيوط أو المواد المعدنية النفيسة وغــــــير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس المحيط
المحيط
حكم اتخاذ السبحة بين المجيزين والمانعين ( دراسة فقهية مقارنة ) للشيخ عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي – منشور في موقع المستنير
http://www.almostaneer.com/show_bhoth.aspx?id=30
السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 17 - منشور بالإنترنت
سورة المزمل 7
القائل الزبيدي في تاج العروس, عن شيخه ابن الطيب الشرقي
النفيسة وبأشكال متنوعة ، وتتنوع خيوط المسباح التي تجمع الحبيبات فمنها المصنع من مواد نباتية أو حيوانية أو سلك أو سلسلة معدنية ، كما تختلف أشكال الحبات نسبة للمجتمع أو الصانع أو حسب متطلبات الراغبين لأسباب دينية أو اجتماعية أو لغرض اللهو والتسلية (1)
أسماؤها
يُقال : ( سُبْحة ) (2) وتجمع على ( سُبَح ) ويقال ( مِسْبَحَة ) على وزن ( مِفْعَلة ) مشتقة من الفعل : سَبح ومصدره ( السَّبْح ) وتجمع على ( مسابح ) و( مسابيح )(3) ، ويُطلق عليها : ( النظام ) كما روى ابن وضاح في كتابه ( البدع والنهـي عنهـا ص / 12 ) بسنده عن أبان بن أبي عياش قال: ( سألت الحسن عن النظام – خيط ينظم فيه لؤلؤ وخرز ونحوها - من الخرز والنوى, ونحو ذلك يُسَبَّح به؟ فقال : لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي r ولا المهاجرات ) ، وفي سنده متروك هو: أبان بن أبي عياش البصري , فلا يحتج به , بل تزداد روايته وهناً على وهن , إذا روى عن الحسن , وهو كذلك هنا, كما بينه الذهبي في ( الميـزان 1 / 11 ) ، ويُطْلَقُ عليها ( الآلة ) فإن السيوطي – رحمه الله تعالى - لما ذكر في ( المنحة ) بعض الآثار عن كثرة تعبدهم , ومنها : مائة ألف تسبيحة , وهكذا قال ( ومن المعلوم المحقق , أن المائة ألف , بل الأربعين ألفاً , وأقل من ذلك , لا يحصون بالأنامل , فقد صح بذلك وثبت أنهما كانا يُعدان بآلة ) انتهى ، واستحدث لها المتصوفة من الألقاب ( لمذكرة بالله ) و( رابطة القلوب ) و( حبل الوصل ) و( سوط الشيطان ) (4) 0
مادة صناعتها
يظهر أنها تصنع من مواد مختلفة , باختلاف الأحوال , والقدرة واليسار, أو قلة ذات اليد , وضعف الحال , وحسب الأزمنة والأمكنة , وأن لكل قُطر عناية بصناعتها من مواد معينـة كما في مصر والهند والصين وأوروبا ، وهذه المواد التي أمكن الوقوف على صناعة السَّبَح منها هي ( الطين - الحصى – النوى – المعدن – العاج – الزجاج – الذهب – الفضة – الخزف – العنبر وأنواع الطيب الأخرى - الأحجار الثمينة – الألماس - أو تطلى بالذهب أو بالفضة - أو تتخذ من عظام بعض الحيوانات مثل ( عظم سِنِّ الفيل ) - ومن أنواع الخشب كالأرز في لبنان ومن نوى بعض الفواكه مثل المشمش و الخوخ ) ، ثم هي مختلفة الألوان , فيكون خرزها : ( أسود - أو أحمر - أو أبيض ) وهكذا (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبكة الأسهم القطرية
http://qatarshares.com/vb/showthread.php?p=2936428
القاموس ص / 185وشرحه 2 / 157 ونشوار المحاضرة 5 / 29وظفر الأماني ص 292- 293
دائرة المعارف الإِسلامية 11 / 233
السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 18 منشور بالإنترنت
السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 19 منشور بالإنترنت



تأريــــــــــــخها
أولا : عند غير العرب :
تفيد المصادر المعرفية أن ( السُّبْحة ) دخيلة على كل دين من عند الله تعالى , وأنها في الأديان المختلقة معروفة منذ عُصور ما قبل التاريخ , وقيل : منذ عام 800م , وأنها من وسائل التعبد , لدى البوذيين , ثم لدى البراهمة في الهند وغيرها , ومنهم تسربت إلى النصارى , لدى القسيسين, والرهبان , والراهبات , ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا ، وجاء في ( الموسوعة العربية العالمية ) ما نصه ( وتتكون المسبحة التي يستعملها الكاثوليك من خمسين حبة صغيرة , مقسمة على أربع حبات كبيرة , إلى أقسام متساوية , ويتدلى من المسبحة قلادة مكونة من حبتين كبيرتين , وثلاث حبات صغيرة , وصليب , ويرتل المصلون صلوات الرب على الحبات الكبيرة , كما يستعملون الحبات الصغيرة في صلوات مريم العذراء , ويُسمون هذه الصلوات بالسلام المريمي ، وفي آخر كل مقطع من السلام المريمي يتم ترتيل مقطع صغير في الثناء على الرب , وترتيل قانون الإِيمان النصراني على الصليب , وأثناء ترتيب المصلين للصلوات يُوقع أن تنكشف لهم أسرار الإِيمان0
نشأت المسبحة من زمن بعيد , وربما كان البوذيون أول من يستعملها في محاولة لربط الصلوات اللفظية بالصلوات الفعلية ، ويستعمل البوذيون والهندوس المسبحة في صلواتهم , وبدأت أول أشكال الصلاة بالمسبحـة في النصرانيـة في العصور الوسطى , ولكنهـا انتشرت فقط في القرنين الخامـس عشـر والسـادس عشـر الميلادييـن ) انتهى ، وفي كتاب ((مساهمة الهند)) ص / 94- 105, عَرْض مُطَوَّلٌ مُوَثَّق عن تاريخها, فقال تحت عنوان: ((السُّبْحَة)): ((لما كان التدين من طبع الإِنسان, احتاج إلى معرفة طريق صحيح لعبادة ذلك الخالق وذِكْرِه, فقدمت إليه الأديان المختلفة لذلك طرقاً شتى, وساهمت الهند في قضاء بغيته تلك بتقديم طريق خاص لإِحصاء الذكر – إحصاء بواسطة عقد الحبات - السباحة, فإحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند, اخترعه الدين البرهمي فيها, ومنا تسرب إلى بلاد وأديان أخرى. والسبحة بالسنسكريتية ( جَبَ مَالاَ ) معناه: عقد الذكر ، فلما ظهرت النصرانية أخذ رهبانها استعمالها منهم (1)
ثانيا تاريخ السُّبْحة عند العرب :
العرب لا تعرف السُّبْحة في لغتها , ولا في تعبداتها في الجاهلية , ولا في عاداتها للعب , والتَّلهِّي , ولهذا فإنك لا تجد لها ذكراً في كلامها , نثره , وشعره ، وهذه عناية ربانية لهذه العصابة التي نبعت منها النبوة والرسالة الخاتمة ، ولذا قرر علماء اللسان العربي , أن هذه اللفظة ( السُّبْحة ) مولدة , وأنها بهذا المعنى لم ترد في كلام أحد ممن يحتج بعربيته بعد الإِسلام (2) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 19 منشور بالإنترنت
السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 24 منشور بالإنترنت



ثالثا تاريخ السُّبْحة في العصور الإِسلامية :
وهو في مرات أربع :
1- عصر النبي r 0
2- عصر الصحابة رضي الله عنهم 0
3- عصر التابعين رحمهم الله تعالى 0
4- بعد عصر التابعين 0
1- عصر النبي r : جزم غير واحد أن ( السُّبْحة ) لم تكن معروفة في زمن النبي r ولهذا فليست من سُنَّتِه لعَدِّ الذِّكْر ، ولم أر لها ذاكراً في نسبتها إلى عصر النبي r إلا في نصين , لا يثبتان :
أحدهما : تعداد تركة النبي r التي خَلَّفها r ونظمها المغربي التهامي بقوله :
قَد خَلَّف الرسول تِسْعاً تُعْرَف ،،،،، سجادة وسبحة ومصحف
وقفتان وسـواك وحصير ، ،،،،،،، مشـط ونعلان وإبريق منـير
وقال الكتاني عن عَدِّ السبحة في تركة النبي r : وأما السبحة : فقال الشيخ الأمير في فهرسته : لم يصح ما اشتهر من عَدِّها – أي السبحة - من مخلفاته عليه السلام اهـ ، وسبقه إلى نحوه ملا علي قاري في شرح المشكاة قائلاً : إن السبحة المعروفة لم تكن في زمن النبي r انتهى كلام الكتاني0
ونقل كلام الأمير, والقاري, وأقره أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي في رسالة : نزهة العِطْر في سبحة الذِّكر واقتصر على كلام الأمير في كتابه : ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني ص / 151 ونحوه لابن الطيب في حواشي القاموس اهـ 0
وثانيها : عن علي – رضي الله عنه - أن رسول الله r قال ( نِعْمَ المُذَكِّرُ السُّبْحَة , وإن أفضل ما تسجد عليه : الأَرض وما أنبتته الأَرض ) رواه الـديلمي في مسند الفردوس: 5/ 15/ ح/ 7029 0 وفي سنده أربعة مجاهيل على نسق واحد , وفيه متهم بالوضع ذاهب الحديث في قول للخطيب البغدادي , وهو: محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي, ورماه بالوضع: ابن عساكر, وقال الدراقطني : لا شيء 0
فهذا الحديث لاَ يُشْتَغَلُ بِهِ , إذ لا يعتبر شاهداً, ولا متابعاً, فضلاً عن أن يستأنس به في فضائل الأَعمال . هذا في رده سنداً, وأما متناً, فإنه إذا تقرر لدينا أن: ( السُّبْحة ) لم تكن في زمن النبي r فنرد تفسير اللفظ إلى الحقائق الشرعية التي نطق بها الشرع, وهو أن المراد بالسُّبْحة في هذا المروي: ( سُبْحَة الصلاة ) لاستعمال هذه الحقيقة الشرعية في أحاديث أخر, وبضميمة ما جاء في آخر هذا المروي ( وإن أفضل ما تسجد عليه . . . ). وإلى هذا جَنَحَ محمد بن محمد الأزهري المعروف بالأمير, المتوفى سنة 1232 – رحمه الله تعالى - في فهرسته, وتبعه اللكنوي المتوفى سنة 1304– رحمه الله تعالى - كما في: ( ظفر الأماني ص / 293 ) إذا قال نقلاً عن الأمير: ( ولا تظهر صحته, ويحتمل تفسير السبحة بصلاة النافلة كما هو أحد معانيها, فليحرر انتهى كلام سيدي الأمير – رحمه الله تعالى - أقول: - القائل اللكنوي -: على تقدير صحة الحديث, تفسيره بسُّبْحَة الصلاة هو الصواب , فإنه قد استعملت السُّبْحَة كثيراً في الأحاديث بهذا المعنى , وقد صح أن السبحة المعروفة لم تكن في زمن رسول الله r ) انتهى 0

2- عصر الصحابة – رضي الله عنهم :
لا ذكر لها في لسان الصحابة – رضي الله عنهم - بل لم تكن معروفة في زمنهم على لسانهم , وفي تعبدهم بِعَدِّ الأذكار ، وأما الأثر عن أبي هريرة – رضي الله عنه - الذي أسنده عبد الله بن الإِمام أحمد في زوائد الزهد ومن طريق أبو نعيم في الحلية , وكلاهما : من طريق نعيم بن محرر بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة ( أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة فلا ينام حتى يُسبح به ) ، فنعيم مجهول, لذا فلا يصح ، ولهذا فلا تغتر بقول الكتاني بعد كلامه المتقدم مباشرة ، والصواب: أن اتخاذ السُّبْحَة ونحوه , لِعَدِّ الذكر, ثبت عن الصحابة في حياته - عليه السلام – وبعده , والذي حدث هو خرز, ونظم تلك الحبوب في الخيط ونحوه , كما قاله الشيخ عبد الغني الدهلوي المدني انتهى ، ويريد ما رُوِيَ من عَدِّ بعض الصحابة – رضي الله عنهم - الذِّكر بالحصى, أو النوى, وأطلق عليه ( السُّبْحَة ) تجوزاً, كما يدل عليه آخر كلامه , فتأمل؟ ولا تغتر أيضاً بقول أبي العباس أحمد بن أبي بكر الرَّدَّاد , المتوفى سنة 821 ، فيما نقله عنه اللكنوي بعد سياق ( مسلسل السُّبْحَة ) قال ( قال الشيخ أبو العباس الرَّدَّاد , تبين من قول الحسن – البصري - أن السبحة كانت موجودة في زمن الصحابة ، قلت : فعلم أنها لا تصح في زمن رسول الله r ولا ما اشْتُهر من عده بها ) انتهى ، وهذا المسلسل من رواية وَضَّاع فكيف يُستدل به 0
3- عصر التابعين – رحمهم الله تعالى :
ظهور نظم الخرز في الخيوط في أول عصر التابعين وآخر حياة الصحابة – رضي الله عنهم - إذ وفاة إبراهيم النخعي سنة 96 – رحمه الله تعالى - ، وإنكار النخعي للسُّبْحة , وهذا ظاهر ، وقد ورد فيها آثار لا تصح 0
4- السُّبحة بعد عصر التابعين :
من هذا العصر إلى الآخر, انفرط عَقْد الصدق عند من غلبت عليه الشقاوة, وَجَنَّدَ الوَضَّاعُوْن من الطرقية وغيرهم أَنْفُسَهم لاختلاق المرويات لِعَقْدِ نِظَام السُّبَح , في عصر التابعين, ومن بعدهم , واتسعت أغراض اتخاذها, ديانة, وتعاويذ, وشعاراً لأَهل الذكر, واتخذها الصف المقابل , للعب, والتلهي , وتنافسوا في نظمها ومادتها, ومن تتبع كتب السير, والتراجم, والكرامات, رأى من ذلك عجباً ، هكذا صارت أطوار السُّبْحَة في العصور الإِسلامية : أي من بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم – وعصر التابعين, وبخاصة في العصر الأموي , والعصر العباسي ، بدأت السُّبحة وأخذت في أطوار في مادتها , وفي أغراضها , وفي أعداد حَبَّاتها وفي محل اتخاذها, وأن السبحة عَبَرت إلى بلاد العرب, عن طريقين: الروافض والمتصوفة ، قال الشهابي ( يرجع انتشار السبحة في بعض البلاد الإِسلامية إلى استخدام الصوفية لها ؛ إذ يعتبرونها أصلاً من الأصول المرعية في طرائقهم , وعوائدهم ؛ لاستخدامها في حلقات الذكر, ويحفظونها في صندوق خاص بها, ولها قوم يقومون على استخدامها في الأوراد والأذكار, ويعرفون بـ ( شيوخ السَّبْحَة ) وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق ؛ لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ, وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية, وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد ) انتهى (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 24 وما بعدها منشور بالإنترنت

وظيفتها
أولا : عند غير العرب :
كما تفيد المصادر المعرفية – أيضاً - أنها شعار ديني , لدى أهل الملل من البراهمة , والنصارى , وغيرهم من الأعاجم , ولهم في اتخاذها أغراض دينية مختلفة على اختلاف مللهم, منه ا:
1- اتخاذها لِعَدِّ الصلوات 0
2- اتخاذها تعويذة, وتميمة 0
3- اتخاذها للوقاية من الأخطار والأمراض 0
4- اتخاذها لمعرفة البخت والحظ 0 (1)
ثانيا : عند المسلمين
تدرجت في أغراضها الدينية على النحو الآتي :
1- اتخاذها شعاراً على : ( أهل الله ) الطرقيـة المتصوفة ؛ لِعَـدِّ الأذكار والتربية الدينية 0
2- اتخاذها تعاويذ وتمائم 0
3- اتخاذها للوقاية من الحسد والأخطار 0
4- تطويق العنق بها للوقاية من الأمراض 0
5- اتخاذها لمعرفة البخت 0
6- غسلها بالماء وشربه للاستسقاء 0
7- الاستخارة بها, بما يسمون: ( استخارة السبحة ) ذلك أن المرء إذا مرض تستعمل له السبحة قبل استدعاء الطبيب : هل يستدعى؟ هل يُنجع الدواء ؟ أي طبيب يُدعى ؟ إلى غير ذلك من الأغراض 0
8- لتهدئة الأعصاب وسكون النفس 0(2)
عدد حبات السبحة
أولا : عددها عند غير العرب
وتختلف الفرق في الدين البرهمي في عدد حباته وترتيبها, ففرقة شِيْوائية تعين في ( 84 ) حبة ، ولا تزيد عليها طبقاً لحساب علم النجوم لديها , فإن العدد ( 84 ) لديها حاصل ضرب ( 12 ) وهو عدد الأبراج , في ( 7 ) وهو عدد النجوم الظاهرة لعين مجردة , مع شمول الشمس والقمر فيه , أما الفرقة الوِشْنَويّة فتعين عدده ( 108) وهو حاصل ضرب عدد الأبراج ( 12 ) في عدد النجوم ( 9 ) وهو عدد زائد عما قررته الفرقة شِيْوائية , لأَنه روعيت فيه أحوال القمر الثلاثة : الاستهلال والاستواء, والاستسرار ، أما ترتيب الحبات في المسبحة , فالفرقة الشيوائية , تميز فيها بين كل مجموعة من تسع حبات ، عندما ظهر الدين البوذي بالهند اختار رهبانه سبحة الفرقة الوِشْنَويّة أي ذات مائة وثمان حبات 0(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 23 منشور بالإنترنت
2- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 34 منشور بالإنترنت
3- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 20 منشور بالإنترنت
ثانيا : عددها عند المسلمين
كانت في بدايتها خيوط ينظم بها خرز من نوى مجزع الذي حُكَّ حتى صار فيه سواد وبياض – لعد الأَذكار, التي ورد الشرع بها , أو مطلقاً ؛ لهذا كان عَدَدُ حَبَّات السُّبْحُ وفق الأطوار العددية الآتية :
1- سُبْحَة من ( 33 ) خرزة , وتسمى : ( السُّبْحَة الثُّلَثِيَّة ) 0
2- سُبْحَة من ( 99 ) خرزة 0
3- سُبْحَة من ( 1000 ) خرزة , وتسمى : ( السُّبْحَة الألفية ) 0
وخرزها متفاوت الحجم , من حجم عين الجرادة , إلى حجم البيضة ثم صار لكل أصحاب طريقة نوع من السُّبَح , نوعاً , وعدداً , وكيفية استعمال ،وصار يكتب على بعض خرز السُّبح أسماء الله الحسنى وهي : ( 99 ) اسماً , أو الاسم الذي يذكر الله به عند أهل الطريقة , مثل: ( اللطيف ) أو: ( حي ) أو: ( الله ) وهكذا ، وكل هذه مشاهدة في عصرنا, وأنا أقيد هذا عام 1418 ، وفيه كذلك وجد المحتسبون مع بعض المقيمين من الأفارقة في مدينة الرياض سُّبْحَة بطول عشرين متراً, والخرزة منها بحجم البيضة 0(1)
ولها أسماء دينية عندهم وهي :
المذكرة بالله 0
رابطة القلوب 0
حبل الوصل 0
سوط الشيطان 0 (2)
أنـــــواع الســبح
عن أنواع السبح يقول محمد مرسي ابن الحاج برهان ( من مصر ) : تتعدد أنواع السبح حسب نوع الخشب الطبيعي المستخدم وهي :
سبح الكوك
اليسر
الصندل
العاج (أو سن الفيل )
العود
العنبر
الأبنوس
الكهرمان
شجر الزيتون
وجميعها أخشاب طبيعية منها ما هو مصري مثل خشب شجر الزيتون، وخشب شجر اليسر – وهو شجر أسود اللون يستخرج من أعماق البحار في مصر وأحيانا يتم استيراده من اليابان ، أمــــا خشب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 33 منشور بالإنترنت
2- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 343 منشور بالإنترنت

الأبنوس المميز بلونه الأسود ، والعود المعروف بلونه البني المعرق ، والعاج الشهير بسن الفيل يتم استيرادهم من دول القرن الإفريقي ، ويستورد الصندل من الهند – حيث يستخدمونه هناك في حرق الموتى – ويتميز الصندل برائحته الزكية ، أما الكوك فيتم استيراده من دول جنوب شرق آسيا ويعد من أغلى أنواع الخشب ، وبالنسبة للكهرمان فهو من أشجار تنمو في ألمانيا وروسيا وهولندا ، وتعتبر سبحة الكهرمان من أغلى أنواع السبح وهو نادر حاليا ، لذا يحاول صانعوا السبح جمع السبح القديمة المتهالكة من زبائنهم القدامى لإعادة تصنيعها ، وفي المقابل فإن أرخص أنواع السبح هي سبحة البوليستر وهي في متناول يد الجميع ، ويرجع رخص ثمنها إلى خاماتها الصناعية فهي تصنع من مشتقات البترول ، أما سبح الزينة كبيرة الحجم والتي تعلق على الحوائط فتصنع من الأخشاب المستخدمة في صناعة الموبيليا كأخشاب الزان والآرو (1)
وفي جريدة الرق الأوسط : أنواع السبح كثيرة ، تختلف قيمتها المادية حسب المادة المصنوعة منها فترتفع أسعارها عندما تصنع مثلا من حجر العقيق أو الفيروز أو الكهرمان وتنخفض عندما تصنع من الخشب أو البلاستيك ، وكان الفقراء فيما مضى يصنعونها من بذور الزيتون أو من نوى التمر، وأصبحت السبح الآن من الكماليات المهمة ، فهناك من يهوى اقتناء الأحجار النفيسة التي تصنع منها السبح والبعض يفضل بعض الألوان التي ينجذب إليها حتى أنه يكمل بها ألوان ملابسه ، وانتقلت أيضا السبح كزينة وديكور بأحجام وألوان مختلفة تعلق على الجدران وتصنع منها أيضا عقود الزينة النسائية ، والغالي والنادر منها يقدم كهدايا في مختلف المناسبات ، وتنقسم السبح إلى أنواع عدة تختلف باختلاف مصادرها ، فمنها ما هو من الشجر أو البحر أو الحجر0
يقول طارق الحريري : السبح عالم جميل من الفصوص والأحجار النادرة ، فكان في السابق سبح الكهرمان ونور الصباح واليسر هو الأغلى ثمنا والكهرمان أنواع منه الأصفر والأبيض المصفر، ومن أجود أنواعه المائل للسواد بحمرة وهو قليل ونادر، وهو عبارة عن عصارة صمغية من الأشجار يعلو ثمنها إن كان بداخلها حشرات مما علق فيها وأصبح منها الآن التقليد المطبوخ ويأتي داخله برقائق الألمنيوم والقصدير ويعاد تشكيله مرة أخرى، ومن خصائصه عند فركه في اليد تظهر منه رائحة مثل رائحة اللبان ، ويوضح أن السبح المصنوعة من نور الصباح ، وهي عبارة عن أحجار صمغية فيها خصائص فوسفورية تضيء في الأماكن المظلمة ولا تأتي إلا 33 حبة ، والمتوفر منه في الأسواق الآن أغلبه صناعي ، ويعتبر اليسر الذي تصنع منه سبح اليسر أنه من شجر من قاع البحر وهو اسود اللون ويجب أن يطعم بالفضة أو تفصل حبوبه بالمرجان ، ومن عجائب هذه السبحة ، فإن الحبة تلد حبة أخرى إلا إذا طعمت بالفضة أو فصل بينهم بالمرجان مع أن الكثير يعتقد بأنه فقط للزينة ، وهناك النوع القديم من اليسر يأتي بربطة أو عقدة مكاوية نسبة إلــــــى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع أخبار مصر
http://www.egynews.net/wps/portal/!u...gration/ertu/%
24%24!!63/journalistic_investigations/2008082418492496908038
البلد التي تعمل فيه ، وأضاف أن سبح الكوك كانت من النادر ومتربعة على عرش السبح لغلاء ثمنها وعدم وجوده وندرته ، وهو عبارة عن حجر من قاع البحر لونه بني وكلما ازداد غمقا كان أغلى ثمنا ، ومن أغلى أنواعه الكوك التركي ، وهو فاتح اللون ومنه المفرغ والمطعم بالفضة وتصنع منه أطقم الكباكات والأزرار والخواتم ، وبين أن من وسائل غشه يوضع الكوك في زيت النارجين حتى يميل للغمق ولكنها طريقة غير مجدية وتستطيع العين الخبيرة أن تفرق بينه وبين الكوك الأصلي ، ويوجد حاليا في الأسواق الكوك المقلد وهي عبارة عن بلاستيك بنفس الألوان ، أما بالنسبة للفيروز ينقسم إلى عدة أقسام منه الفيروز الإيراني وينقسم إلى قسمين نيسابوري وحسيني ، وأغلاهما الحسيني وهو الذي يأتي لونه ازرق مخضرا، وتتضح أسفله عروق الحجر الفيروز الاسناوي وهو من سينا في مصر، وسبح العاج يأتي لونها ابيض مائلا للصفرة وبه شقوق وتباع أحيانا بالقطعة وأحيانا بالغرام ، ومنه ما يكون مطعما بالفضة أو الذهب ، وحلت محلها السبح المصنوعة من العظم ولون هذه السبح ابيض، وأيضا هناك العاج الأسود المصنوع من قرون الوعول ، أما سيد الأحجار الكريمة ( العقيق ) فيمتاز بأشكال كثيرة منها العقيق اليماني والإيراني والسليماني والجزع والشجري ، وأفضل أنواع العقيق هو العقيق اليماني ( الكبدي ) ، وهو الأحمر القاني الصافي مثل لون الكبد تماما ، ولا تصنع منه السبح لأنه مكلف للغاية وقد تصنع منه الخواتم ، وبقية أنواع العقيق لا تصنع منه السبح إلا بالطلب ، وهناك السبح المصنوعة من خشب شجر الأبنوس المسمى الالوب وأيضا سبح تصنع من بذور الزيتون والصندل والخشب العادي ونوى التمر ، ومن السبح المشهورة خصوصا في إيران سبح البن زهير ، وهي خضراء اللون بنفس لون الليمون، وكلما زادت الحبة صفاء زاد السعر وتربط بخيط اخضر، وتأتي الحبة متدرجة من الصغير إلى الكبير حيث تتوالى في الكبر إلى أن تصل إلى اكبر حبة ولا يوجد بها عداد ولا وقاف 0(1)
مكونات السبحة
الإمام وهو رأس السبحة ، والشاهدان بعد الـ ( 33 ) ، والوقاف تستخدم عند عدد معين أثناء التسبيح ، والكتلة هي التي تأتي على رأس الإمام وتكون بالفضة أو الربطة وتسمى الربطة الاتكرونية ، ويقوم بعمل هذه الربطة أشخاص معينون وهي ربطة قوية جدا لا تقطع إلا بمقص أو سكين ، والعداد عبارة عن قطعة خيط ممتدة من السبحة بها عشر حبات صغيرة 0( 2) فالحاصل أن السبحة تنقسم إلى أربعة أقسام وهي ( الخرز - المئذنة : وهو اعلي ما في السبحة وقد تكون من نفس نوع الحجر أو من الفضة - الشراب : وهو الجزء المنسدل من المئذنة وغالبا ما يكون مصنوع من الفضة - الشواهد : وقد تسمى فواصل وغالباً تكون بشكل مختلف عن الخرز والبعض يفضل أن يجعلها من الفضة ) (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الشرق الأوسط لخميـس 28 رمضـان 1427 هـ 19 أكتوبر 2006 العدد 10187
جريدة الشرق الأوسط لخميـس 28 رمضـان 1427 هـ 19 أكتوبر 2006 العدد 10187
منتديات راحة http://www.ra7a.net/vb/t32002.html




مراحل تصنيع السبحة
صناعة السبحة تمر بمراحل : المرحلة الأولى : في تصنيع السبحة بتقطيع جذوع الشجر إلى عوابر ( أي قطع طويلة تشبه المسطرة )، ثم تفصل العوابر إلى قطع صغيرة - حسب حجم حبات السبحة المطلوبة - وفي هذه المرحلة تستخدم ماكينة التقطيع والصينية الملحقة بها 0 المرحلة الثانية : وهي مرحلة التخريم ( التثقيب ) ويتم خلالها عمل ثقب في كل حبة من حبات السبحة حتى تكون جاهزة للتركيب في الخراط 0 المرحلة الثالثة : وهي مرحلة الخرط اليدوي ، والتي تمنح حبات السبحة شكلها الدائري ، وتتمثل أدوات هذه المرحلة في الأزميل والرانده والمسن والمتقاب ، وهي مكونات الخراط اليدوي 0 المرحلة الرابعة : فهي مرحلة التلميع ، والأداة المستخدمة فيها تسمى موتوريش( موتور التلميع ) المرحلة الخامسة : ويطلق عليها مرحلة التخويش والمقصود بها توسيع ثقب حبات السبحة 0 المرحلة السادسة : وهي مرحلة اللضم أي تمرير الخيط في حبات السبحة ، فالخيط والإبرة والمقص هي الأدوات المستخدمة في هذه المرحلة الأخيرة ، وبهذا تكون السبحة العادية غير المنقوشة جاهزة للتسبيح عليها 0 إذا كانت السبحة منقوشة ومرصعة في هذه الحالة تضاف خمس مراحل لتصنيعها تبدأ بعد مرحلة الخرط اليدوي وقبل مرحلة التلميع ، فبعد الانتهاء من الخرط يتم الرسم على حبات السبحة أو كتابة أسماء الله الحسنى عليها بالقلم ، ثم يدق فوق النقش أو الكتابة بأداة تسمى البنطة الصغيرة لتصنع حفر دقيقة متجاورة لبعضها البعض فوق هذه الكتابة ، ثم يتم تطعيمها بعد ذلك بالأحجار الكريمة مثل الفيروز أو المرجان أو الألماس ، أو تطعم بأحد أنواع المعادن النفيسة كالذهب أو الفضة أو النحاس وغيرها ، وأكثر أنواع السبح تطعيما سبح اليسر أو الأبنوس نظرا لتميزهما باللون الأسود الذي يبرز فيه التطعيم أو الترصيع ، ثم تدخل حبات السبحة بعد مرحلة التطعيم إلى مرحلة التنعيم ، لتصبح حبة السبحة ناعمة الملمس حتى لا تجرح الأصابع أثناء التسبيح ، ثم تستكمل بعد ذلك مراحل تصنيع السبحة كما ذكرنا من قبل منتهية بمرحلة اللضم 0(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع أخبار مصر http://www.egynews.net/wps/portal/!u...18492496908038





حكم المسبحة
قبل الدخول في بيان حكم وأقوال أهل العلم في حكم استعمال السبحة لابد من ذكر مقدمة لذلك حيث يقول الشيخ خال بن سعود البليهد :
الثالث : استعمال السبحة على أحوال :
أن تستعمل للهو أو الزينة كما هو مشهور في تصرف العامة فهذا جائز لأنه من العادات والأصل في ذلك الحل إلا أنه لا يليق بأهل العلم فعل ذلك.
أن تستعمل للتسبيح والذكر فهذا جائز ما لم يتخذ سنة كما سبق بيانه 0
أن يبالغ فيها وتعلق على الرقبة أو تتخذ زيا للناسك أو على هيئة خاصة فهذا ممنوع لما فيه من التشبه بزي الصوفية وهيئة المرائين. قال ابن تيمية: (وأما اتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة الأول محرم والثاني أقل أحواله الكراهة). وكذلك يحرم على الذاكر أن يعتقد أن السبحة مسنونة لها أفضلية في الشرع أو يقصد التقرب بها لأن ذلك محدث لا أصل له في الشرع ولم يرد دليل صحيح يدل عليه. و ما روي في مشروعية السبحة وفضلها منكر لا يصح منه شيء والله أعلم وصلى الله (1) 0
لابد أن نعلم أن العلماء اختلفوا في حكمها على عدة أقوال هي :
أولا : القول بالجواز
ثانيا : القول بالكراهة
ثالثا : القول بالتحريم
وبيانها كالتالي :
القول الأول : القول بجواز استخدام السبحة
يقول عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي :
أولا : المجيزين من المذهب الحنفي :
في البحر الرائق لابن نجيم 2/31 في حديث دخل النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصا تسبح به : ( فلم ينهها عن ذلك وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك ، ثم هذا الحديث ونحوه مما يشهد بأنه لا بأس باتخاذ السبحة المعروفة لإحصاء عدد الأذكار إذ لا تزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى ونحوه في خيط ومثل هذا لا يظهر تأثيره في المنع فلا جرم أن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم اللهم إلا إذا ترتب عليها رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه ) اهـ ، وفي حاشية ابن عابدين على البحر الرائق : ( قوله ثم هذا الحديث ونحوه مما يشهد الخ ) ، قال الرملي : والظاهر أنها ليست ببدعة فقد قال ابن حجر الهيثمي في شرح الأربعين النووية : السبحة ورد لها أصل أصيل عن بعض أمهات المؤمنين وأقرها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك ) اهـ ، وفـــــي حاشية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع صيد الفوائد – صفحة الشيخ :
http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/52.htm

ابن عابدين على شرح الحصكفي 1/650 : ( مطلب : الكلام على اتخاذ المسبحة : قوله ( لا بأس باتخاذ المسبحة ) ... ودليل الجواز ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله على امرأة وبين يديها نوى أو حصا تسبح به فلم ينهها عن ذلك وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك , ولا يزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى في خيط ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المنع فلا جرم أن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم اللهم إلا إذا ترتب عليه رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه ) اهـ ، وفي موسوعة الفقه الكويتية 21 /259 : ( قال الشيخ محمد شمس الحق شارح السنن بعد أن أورد حديث سعد بن أبي وقاص السابق ذكره : الحديث دليل على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى , وكذا بالسبحة ; لعدم الفارق , لتقريره صلى الله عليه وسلم للمرأة على ذلك وعدم إنكاره , والإرشاد إلى ما هو أفضل منه لا ينافي الجواز ، قال : وقد وردت في ذلك آثار , ولم يصب من قال إن ذلك بدعة . وجرى صاحب الحرز على أنها بدعة إلا أنه قال : إنها مستحبة .) اهـ ، وفي مرقاة المفاتيح 5 /221 : ( وبين يديها نوى ) جمع نواة وهي عظم التمر ( أو حصى ) شك من الراوي ( تسبح ) أي المرأة ( به ) أي بما ذكر من النوى أو الحصى وهذا أصل صحيح لتجويز السبحة بتقرير فإنه في معناها إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما يعد به ولا يعتد بقول من عدها بدعة وقد قال المشايخ أنها سوط الشيطان ) اهـ ، وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/121 :( وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه وورد أنه قال واعقدوه بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات وجاء بسند ضعيف عن علي مرفوعا نعم المذكر السبحة ، قال ابن حجر : والروايات بالتسبيح بالنوى والحصا كثيرة عن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين بل رآها e وأقرها عليه وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة وقيل إن أمن من الغلط فهو أولى وإلا فهي أولى كذا في شرح المشكاة ) اهـ ، وفي عون المعبود 4/ 257-258 : ( تسبح ) أي المرأة ( به ) أي بما ذكر من النوى أو الحصى وهذا أصل صحيح لتجويز السبحة بتقريره e فإنه في معناها إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما بعد به ولا يعتد بقول من عدها بدعة ( يعقد التسبيح قال بن قدامة بيمينه ) وقد علل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث السابق بأن الأنامل مسئولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى ) اهـ ، وفي تحفة الأحوذي 9 /322 : ( يعقد التسبيح بيده ) وفي الحديث مشروعية عقد التسبيح بالأنامل وعلل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يسيرة الذي أشار إليه الترمذي بأن الأنامل مسئولات مستنطقات يعني أنهن يشهدن بذلك فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة والحصى , ويدل على جواز عد التسبيح بالنوى والحصى حديث سعد بن أبي وقاص ...) اهـ
ثانيا : المجيزين من المذهب المالكي :
في منح الجليل 1/228 : ( ويجوز ستر السقف والحائط به [ أي الحرير ] بشرط أن لا يستند إليه رجل والخياطة به وراية الجهاد وعلم الثوب وسلك السبحة ) اهـ ، وفي شرح الخرشي على خليل 3/233 : ( وبعضهم قاس السجاف على خط العلم فلذلك جزم الشيخ أحمد النفراوي بحرمة ما زاد على أربعة أصابع ونظر بعض الأشياخ في خيط السبحة ورأيت تقريرا بجوازه ) اهـ ، وفي شرح الدردير على خليل 2/315 : ( فإنه يجوز كتعليقه ستورا من غير استناد وكذا البشخانة المعلقة بلا مس وخط العلم والخياطة به ويلحق بذلك قيطان الجوخ والسبحة وتجوز الراية في الحرب ) اهـ ، وفي حاشية الدسوقي على شرح الدردير على خليل 2/317 : ( قوله : قيطان الجوخ والسبحة ) أي وأما ما يفعل فيها من التسابيح فلا يجوز إذا كانت من الحرير . ) اهـ ، وفي حاشية الصاوي 1/95 : ( ويجوز القيطان والزر لثوب أو سبحة ، والخياطة به .) اهـ ، ولكن سيأتي عن ابن الحاج المالكي في المدخل أنه ذكر خصال مكروهة في السبحة مما قد يفهم منه أنه يكره اتخاذ السبحة أو أنه خلاف الأولى 0
ثالثا : المجيزين من المذهب الشافعي :
في فتاوى ابن الصلاح 1/400 : ( مسألة : هل يجوز للإنسان أن يسبح بسبحة خيطها حرير والخيط ثخين : فأجاب رضي الله عنه : لا يحرم ما ذكره في السبحة المذكورة والأولى إبداله بخيط آخر والله أعلم ) اهـ ، وللإمام السيوطي رسالة في السبحة ضمن الحاوي لفتاويه ومما جاء فيها 2/3 : ( ثم رأيت في كتاب تحفة العباد ومصنفه متأخر عاصر الجلال البلقيني فصلا حسنا في السبحة قال فيه ما نصه : قال بعض العلماء عقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة لحديث ابن عمرو [ واعقدن بالأنامل ... ] لكن يقال إن المسبح إن أمن من الغلط كان عقده بالأنامل أفضل وإلا فالسبحة أولى وقد اتخذ السبحة سادات يشار إليهم ويؤخذ عنهم ويعتمد عليهم ... فلو لم يكن في اتخاذ السبحة غير موافقة هؤلاء السادة والدخول في سلكهم والتماس بركتهم لصارت بهذا الاعتبار من أهم الأمور وأكدها فكيف بها وهي مذكرة بالله تعالى لأن الإنسان قل أن يراها إلا ويذكر الله وهذا من أعظم فوائدها وبذلك كان يسميها بعض السلف : رحمة الله تعالى ، ومن فوائدها أيضا الاستعانة على دوام الذكر كلما رآها ذكر أنها آلة للذكر فقاده ذلك إلى الذكر فيا حبذا سبب موصل إلى دوام ذكر الله عز وجل وكان بعضهم يسميها حبل الموصل وبعضهم رابطة القلوب. ... ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها وقد رؤي بعضهم يعد تسبيحا فقيل له أتعد على الله فقال لا ولكن أعد له والمقصود أن أكثر الذكر المعدود الذي جاءت به السنة الشريفة لا ينحصر بالأنامل غالبا ولو أمكن حصره لكان الاشتغال بذلك يذهب الخشوع وهو المراد والله أعلم. ) اهـ
فائدة : مصنف تحفة العباد هو أبو بكر بن داود ففي شذرات الذهب 1/173 :(... أورد أبو بكر ابن داود في التحفة أن أبا الدرداء كان يسبح كل يوم مائة ألف تسبيحة أيضا ثم قال ما معناه : وهذا دليل أنه كان يستعمل السبحة إذ يبعد ويتعذر أن يضبط مثل هذا العدد بغيرها وجعله من جملة الأدلة على السبحة بعد أن ذكر أيضا أن أبا هريرة كان يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة وسلسل إليه حديثا بالسبحة والله أعلم ) اهـ ، وفي فتاوى ابن حجر 1/152 : ( وسئل ) رضي الله عنه هل للسبحة أصل في السنة أو لا ؟ ( فأجاب ) بقوله : نعم , وقد ألف في ذلك الحافظ السيوطي ; فمن ذلك ... وجاء التسبيح بالحصى والنوى والخيط المعقود فيه عقد عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم وأخرج الديلمي مرفوعا : نعم المذكر السبحة ، وعن بعض العلماء : عقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة لحديث ابن عمر . وفصل بعضهم فقال : إن أمن المسبح الغلط كان عقده بالأنامل أفضل وإلا فالسبحة أفضل ) اهـ ، وفي شرح ابن علاّن على أذكار النووي 1/251 – 252 : ( ولهذا اتخذ أهل العبادة وغيرهم السبحة. وفي شرح المشكاة لابن حجر: ويستفاد من الأمر بالعقد المذكور في الحديث ندب اتخاذ السبحة، وزَعْمُ أنها بدعة غير صحيح، إلا أن يحمل على تلك الكيفيات التي اخترعها بعض السفهاء، مما يمحضها للزينة أو الرياء أو اللعب ... اهـ ، وهذا أصل صحيح بتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه وسلم. ولا يُعتد بقول من عدها بدعة...وقد أفردتُ السبحة بجزء لطيف سميته :إيقاد المصابيح لمشروعية اتخاذ المسابيح وأوردت فيه ما يتعلق بها من الأخبار والآثار، والاختلاف في تفاضل الاشتغال بها أو بعقد الأصابع في الأذكار ، وحاصل ذلك أن استعمالها في أعداد الأذكار الكثيرة التي يلهي الاشتغال بها عن التوجه للذكر أفضل من العقد بالأنامل ونحوه ) اهـ ، وفي فيض القدير4/355 : ( واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات ... وهذا أصل في ندب السبحة المعروفة وكان ذلك معروفا بين الصحابة ، لكن نقل المؤلف عن بعض معاصري الجلال البلقيني أنه نقل عن بعضهم أن عقد التسبيح بالأنامل أفضل لظاهر هذا الحديث لكن محله إن أمن الغلط وإلا فالسبحة أولى ,وقد اتخذ السبحة أولياء كثيرون ...ولم ينقل عن أحد من السلف ولا الخلف كراهتها ) اهـ
رابعا : المجيزين من المذهب الحنبلي :
في شرح ابن علان على أذكار النووي 1/251 : ( قال ابن الجوزي : إن السبحة مستحبة، لما في حديث صفية أنها كانت تسبح بنوى أو حصى، وقد أقرها صلى الله عليه وسلم على فعلها، والسبحة في معناها؛ إذ لا يختلف الغرض عن كونها منظومة أو منثورة .) اهـ ، وعقد أبو البركات ابن تيمية في المنتقى بابا في ذلك فقال 4/114 مع النيل : ( باب جواز عقد التسبيح باليد وعده بالنوى ونحوه : ثم ذكر حديث بسرة وحديث سعد وحديث صفية رضي الله عنهم الآتية ) اهـ ، وفي مجموع فتاوى ابن تيمية 22 / 506 : ( وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي للنساء سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسئولات مستنطقات ، وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك وقد رأى النبي أم المؤمنين تسبح بالحصى واقرها على ذلك وروى أن أبا هريرة كان يسبح به ، وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه فمن الناس من كرهه ومنهم من لم يكرهه , وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه ) اهـ ، وفي مجموع الفتاوى أيضا 22/625 : ( سئل عما إذا قرأ القرآن يعد في الصلاة بسبحة هل تبطل صلاته أم لا ؟ فأجاب : إن كان المراد بهذا السؤال أن يعد الآيات أو يعد تكرار السورة الواحدة مثل قوله ( قل هو الله أحد )بالسبحة فهذا لا بأس به وإن أريد بالسؤال شيء آخر فليبينه والله اعلم )اهـ ، وفي الوابل الصيب ص 222 : ( الفصل الثامن والستون : في عقد التسبيح بالأصابع وانه أفضل من السبحة) ، ثم ذكر حديث :كان يعقد التسبيح بيمينه وحديث :واعقد بالأنامل فأنهن مسئولات ومستنطقات الآتيين (1) 0
وممن قال بالجواز من المعاصرين : الشيخ ابن باز رحمه الله حيث قال : ولا بأس باستعمال السبحة، استعمال الرجل، أو المرأة في بيته يستعملها بحصى، أو بسبحةٍ معروفة، أو بالنوى، لا حرج، أو بعقد خيط يعقد، لا بأس، لكن استعمال الأصابع أفضل، وأولى ولاسيما في المساجد السنة أن تكون الأصابع هي المستعملة. سماحة الشيخ الذين يستعملون السبحة إنما هو كما يقولون للضبط لا أكثر،س ولا أقل؟ فما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ يمكن الضبط بالأصابع، يضبطها بالأصابع هذا هو الأفضل (2) ، وقال أيضا : الأفضل التسبيح بالأصابع، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبح بأصابعه، يعقد باليمنى هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، ولو سبّح بحصى أو بمسبحة فلا حرج، لكن الأفضل أن يسبح بأصابعه كما كان النبي يفعل - عليه الصلاة والسلام (3) ، وقال أيضا : لا حــــرج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع المستنير : حكم اتخاذ السبحة بين المجيزين والمانعين ( دراسة فقهية مقارنة ) للشيخ عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
http://www.almostaneer.com/show_bhoth.aspx?id=30
ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/17261
ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/21064
في التسبيح بالسبحة لا حرج في ذلك، أو بالنوى أو بشيء من الحصى، أو بحب القهوة أو ما أشبه ذلك، لا حرج في ذلك، أو بالعقد عقد العقد لا بأس، لكن الأفضل بالأصابع، النبي كان يسبح بأصابعه-عليه الصلاة والسلام-، فإذا سبح بغير ذلك فلا حرج في ذلك, لكن الأفضل أن تسبح بأصابعك ولا سيما في الصلوات عند الناس في المساجد، يكون بالأصابع, أما في البيت فالأمر أوسع وأسهل(1) ، وقال أيضا : ما حكم استعمال السبحة المعروفة للتسبيح، وهل هذا بدعة ؟ الجواب : الراجح أنه لا حرج في ذلك لأنه ورد عن بعض الصحابيات, وعن بعض السلف التسبيح بالحصى, وبالنوى, والعقد لا بأس, لكن بالأصابع أفضل كونه يسبح بأصابعه كما كان النبي يسبح بأصابعه هذا هو الأفضل هذا هو السنة بالأصابع, وإن تسبح بالسبحة, أو بالحصى, أو بالنوى بعض الأحيان في بيته, فلا بأس لكن في المساجد وعند الناس الأفضل بالأصابع, كما كان النبي يفعل-عليه الصلاة والسلام-. جزاكم الله خيراً (2) ، وقال أيضا : هل التسبيح بواسطة المسبحة فيه شيء في الشرع؟ تركه أفضل ، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يسبح بأصابعه ، فالسنة بالأصابع، لكن إذا فعله الإنسان في بيته لا يضر فيه بيته أو بالحصى أو بالنوى أو بعقد يعقد أسلاكاً لا بأس لكن بأصابعه أفضل، أما أن يتخذه معه في المساجد وغيرها فلا ينبغي هذا أقله كراهة، أقل أحواله الكراهة ؛ لأنه خلاف السنة، ولأن هذا قد يشعر بالرياء، فلا ينبغي للمؤمن تعاطي ذلك. (3) ، وقال أيضا : لا بأس بالسبحة، لكن الأصابع أفضل، كان يسبح بأصابعه - صلى الله عليه وسلم-، يسبح بعد الصلاة وفي سائر أوقاته بالأصابع، فالأصابع أفضل، مسئولات مستنطقات كما قال - صلى الله عليه وسلم- لبعض النساء، أمرهن أن يعقدن بالأنامل وقال: (إنهن مسئولات مستنطقات)، يعني هذه الأصابع وإذا سبح بالحصى أو بالنوى أو بالسبحة فلا حرج في ذلك والحمد لله، كله جائز ولكن بالأصابع أفضل (4) 0
وممن قال بالجواز من المعاصرين : الشيخ محمد العثيمين : * فتاوى نور على الدرب : السؤال: استخدام السبحة في التسبيح ما رأيكم فيها؟ الجواب : الشيخ: استخدام السبحة جائز لكن الأفضل أن يسبح بالأصابع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات ولأن حمل السبحة يكون فيه شيء من الرياء ولأن الذي يسبح بالسبحة غالب تجده لا يحضر قلبه لأنه يسبح بالمسبحة وهو ينظر الناس يميناً وشمالاً فالأصابع هي الأفضل والأولى (5) ، ، وقال أيضا : فتاوى نور على الدرب : السؤال: نختم هذا اللقاء بسؤال من أحد الأخوة يقول ما حكم استخدام السبحة في التسبيح؟ الجواب الشيخ: الأفضل أن يسبح الإنسان بأصابعه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لنساء كن يسبحن بالحصا قال (اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات) فلا ينبغي للإنسان أن يسبح بالمسبحة لا في أذكار الصلوات ولا في الأذكار المطلقة بل يسبح بأصابعه (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/20856
2- ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/20378
3- ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/18045
4- ابن باز http://www.imambinbaz.info/mat/17579
5- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_3934.shtml 6- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8990.shtml )
وقال أيضا : ولهذا نرى أن السبحة وإن كان التسبيح بها جائزاً لكنه لا ينبغي استعمالها بل الأفضل والأولى أن يسبح بأنامله (1) ، وقال أيضا : أجاب فضيلة الشيخ: السبحة ليست بدعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم مر على نساء وهن يسبحن بالحصى فقال عليه الصلاة والسلام اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات فقد بينت السنة حكم التسبيح بغير الأصابع وأن الأولى التسبيح بالأصابع فالأولى أن يسبح الإنسان بالأصابع وإن كان لا يستطيع الإحصاء بالأصابع فلا حرج أن يسبح بحصى أو بمسبحة لكن بشرط أن يبتعد في ذلك عن الرياء بأن لا يسبح بذلك أمام الناس في غير وقت التسبيح فيعجب الناس به ويخشى عليه من الرياء في هذه الحال؟ (2) ، وقال أيضا : ا رأيكم في استخدام المسبحة في التسبيح ؟ جزاكم الله خيراً . الجواب: استخدام السبحة جائز ، لكن الأفضل أن يسبح بالأنامل وبالأصابع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اعقدن بالأصابع فإنهن مستنطقات))275. ولأن حمل السبحة قد يكون فيه شيء من الرياء؛ ولأن الذي يسبح بالسبحة غالباً تجده لا يحضر قلبه فيسبح بالمسبحة وينظر يميناً وشمالاً . فالأصابع هي الأفضل وهي الأولى(3) ، وقال أيضا : السؤال : يقول هذا السائل علي ما حكم السبحة في الإسلام مع ذكر الأدلة الصحيحة في إخراج الأحاديث وجزاكم الله عنا كل خير؟ الجواب : الشيخ: السبحة يريد بها السائل الخرز التي تنظم في سلك بعدد معين يحسب به الإنسان ما يقوله من ذكر وتسبيح واستغفار وغير ذلك وهذه جائزة لا بأس بها لكن بشروط أن لا تحمل الفاعل علي الرياء أي علي مراءات الناس كما يفعله بعض الناس الذين يجعلون لهم مسابح تبلغ ألف خرزة ثم يضعونها قلادة في أعناقهم كأنما يقولوا للناس انظروا إلينا نسبح بمقدار هذة السبحة أو ما أشبه ذلك الشرط الثاني أن لا يتخذها علي وجه مماثل لأهل البدع الذين ابتدعوا في دين الله مالم يشرعه من الأذكار القولية أو الاهتزازات الفعلية لأن من تشبه بقوم فهو منهم ومع ذلك فاننا نقول إن التسبيح بالأصابع أفضل لأن النبي صلي الله علية وسلم أرشد الي ذلك فقال اعقدنا بالأنامل فإنهن مستنطقات أي سوف يشهدن يوم القيامة بما حصل فالأفضل للإنسان أن يسبح بالأصابع لوجوه ثلاث الأول أن هذا هو الذي أرشد الية النبي صلي الله علية وسلم الثاني أنه أقرب إلى حضور القلب لأن الإنسان لا بد أن يستحضر العدد الذي يعقدة بأصابعة بخلاف من كان يسبح بالسبحة فإنه قد يمرر يده علي هذه الخرزات وقلبه ساه غافل الثالث أنه أبعد عن الرياء كما أشرنا إلية آنفا. (فتاوى نور على الدرب )(4)
وممن قال بالجواز من المعاصرين : الشيخ عبد الله الجبرين حيث قال : س: ما حكم التسبيح بالحصى أو النوى؟ استعمال السبحة جائز عند الحاجة ، قد أقر النبي صلى الله عليه وسلم- جويرية إحدى زوجاته على التسبيح بالحصى، ولكن أرشدها إلى التسبيح المجمل؛ فلا بأس أن يفضل أنه يعد التسبيح بأصابعه ؛ لأنها تشهد له قال صلى الله عليه وسلم: ( اعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ) فيعقد التسبيح بأصابع يديه الثنتين اليمين واليسرى ، حتى تشهد له؛ هذا أفضل من استعمال السبحة، أو استعمال الحصى والنوى ونحو ذلك، وإن احتاج إلى السبحة جاز 0(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7647.shtml
2- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8498.shtml
3- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18007.shtml
4- ابن عثيمين http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_1198.shtml
5- ابن جبرين
http://www.ibn-jebreen.com/book.php?...=226&page=7778
وقال أيضا : س: هذا يسأل عن حكم التسبيح بالمسبحة ؟ لا بأس بذلك إذا كان يعني أقوى لتسبيحه ونحو ذلك، الأولى أنه يعقد بالأصابع؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال في حثه على الذكر: ( سبحن واستغفرن واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ) يعني أصابع اليدين ( مسئولات مستنطقات ) وهذا حث على أنه يعقد الأصابع كلها العشرة؛ حتى تشهد له كلها ( فإنهن مسئولات مستنطقات ) يعني العشرة ، السبحة آلة من الآلات ، وجماد من الجماد فكونه – مثلا- يعد بها قد يكون أضبط لعده، ولكن يفوته أن أصابعه العشرة تشهد له (1) ، وقال أيضا : س: أحسن الله إليكم. فضيلة الشيخ، ما حكم استخدام المسبحة في المسجد دون التسبيح بها ؟ يجوز استعمال السبحة للحاجة؛ إذا كان إنسان يعتريه سهو أو نسيان، ويخشى أن لا يكمل له التسبيح إذا سبح وعد التسبيح بأصابعه؛ وإلا فالأفضل عد التسبيح بالأصابع العشرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث يسيرة ( سبحن وكبرن وهللن واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات ) هكذا جاء فتشهد له أصابعه إذا استعملها، فإذا كان يخشى من الغلط والخطأ فلا مانع من أن يستعمل السبحة (2) ، وممن قال بالجواز من المعاصرين : قال الألباني : السبحة إذا كانت للتسبيح فهي بدعة ، وإذا كانت للتسلي بها ، والعبث بها فهو من العبث المباح 0000 (3)
وممن قال بالجواز من المعاصرين : الشيخ خالد بن سعود البليهد حيث يقول : الراجح من القولين هو أن استعمال السبحة في عد الذكر جائز للوجوه الآتية:
أولا- حديث سعد بن أبي وقاص هو أحسن حديث روي في التسبيح بالنوى وفي إسناده مقال لأنه من رواية خزيمة عن عائشة بنت سعد عن أبيها ، وخزيمة هذا مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان وقد روى عنه سعيد ابن أبي هلال وهو ثقة ولم أجد من تكلم في خزيمة غير الجهالة ولم يذكر له مناكير فيما بحثت وعائشة التي روى عنها مقلة في الحديث فيحتمل تفرد خزيمة عنها وخزيمة لم ينفرد في هذا الحديث بعبادة مستقلة أو يخالف أصلا محفوظا فكل ذلك يسوغ العمل به وإن كان فيه ضعف والعلماء يتسامحون في مثله ولذلك مشاه العلماء وحسنه الترمذي.وفقهاء أهل الحديث يحتجون بالحديث الذي ضعفه يسير ويشهد لمعناه الأصول ويعضده آثار الصحابة وهذا كثير في تصرف الشافعي وأحمد وغيرهما. ومع ذلك فالحديث يشهد لمعناه حديث صفية في تسبيحها بالنوى ولفظه قالت: ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها فقال : لقد سبحت بهذا ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به فقالت علمني فقال قولي سبحان الله عدد خلقه) خرجه الترمذي واستغربه. والحديث من رواية هاشم بن سعيد الكوفي عن كنانة عن صفية وهاشم متكلم فيه من قبل حفظه وكنانة فيه جهالة ولكن الحديث مع ضعفه يصلح أن يعتبر في المتابعات والشواهد فيشهد لحديث سعد ويقوي أصله والله أعلم 0
ثانيا- ما روي عن ابن مسعود في إنكار ذلك محتمل أن يكون مأخذه إنكار عد الحسنات قال إبراهيم " كان عبد الله يكره العد ويقول أيمن على الله حسناته " أخرجه ابن أبي شيبة ، ويحتمل أن يكون مراده إنكار هيئة الذكر الجماعي كما في قصة جامع الكوفة ويحتمل إنكار الصفات المحدثة في الذكر ، وعلى فرض التسليم في دلالته فهو معارض برأي غيره من الصحابة والصحابي إذا خالفه غيره لم يكن قوله حجة على غيره ووجب الرد إلى الكتاب والسنة 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ابن جبرين http://www.ibn-jebreen.com/book.php?...=205&page=7267
2- ابن جبرين http://www.ibn-jebreen.com/book.php?...=170&page=6944
3- الألباني http://www.alalbany.net/fatawa_view.php?id=2379
ثالثا- مع التسليم بطرح الحديث وعدم العمل به فاستعمال السبحة في عد الذكر ليست عبادة يقصد التقرب بها وإنما هي وسيلة لأداء العبادة المشروعة فالذكر مشروع على صفة مقيدة ومطلقة والسبحة وسيلة مباحة تعين على أداء هذه العبادة من جنس سائر وسائل العبادات كالركوب لأداء الصلاة واستعمال مكبر الصوت وبناء المآذن واستعمال المكبرات البصرية في رؤية الهلال ونحو ذلك ومثل هذا لا يفتقر إلى دليل خاص في استعماله بل تشهد له الأصول العامة. والتحقيق أن هذه المسألة لا تدخل في حد البدعة أصلا لأن التسبيح مشروع والعد مشروع وقد أرشد الشارع إلى وسيلة معينة ورغب فيها وسكت عن غيرها فاستعمال غيرها جائز لا يقتضي المنع لأنه يؤدي مقصود الشارع وغرضه من الذكر كما لو سبح إنسان بغير استعمال الأصابع واعتمد على ذهنه فعمله جائز وإن كان قد ترك السنة 0
رابعا- السبحة وإن وردت عن أمة سابقة لا يعني هذا أنها من خصائص الهندوس أو غيرهم بل هي من الأمور العامة التي تشترك فيها الأمم وهي من جنس التسبيح بالحصى والنوى والفرق بينهما أن السبحة مخروزة منظومة بخيط وتلك غير منظومة وهذا فرق لا يؤثر في الحكم عند أهل الأصول.
خامسا- إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأفضل وهو التسبيح بالأصابع لا يقتضي حصر الجواز على هذه الهيئة ولا يدل على بطلان الذكر بغير هذه الصفة إنما يدل فقط على أن استعمال الأصابع في الذكر سنة يستحب للمسلم المواظبة عليها ، فترك السنة والصفة المفضلة في العبادة لا يبطلها وهذا له نظائر كثيرة في الشرع كمن صلى بغير سترة أو قام الليل بأكثر من إحدى عشرة ركعة أو ترك الذكر في الطهارة 0
تنبيهات مهمة جداً :
الأول : قولنا بالجواز لا يعني كونها سنة أو تعامل معاملة السنة فلا يداوم عليها العبد أو يعتقد أنها سنة أو يتظاهر بها في المساجد ومجامع الناس ولا يؤمر الناس بها ويرغبون فيها ، وإنما يسبح بها من احتاج إليها لكبر سن أو تكاسل أو كثرة نسيان ونحو ذلك مما تدعو الحاجة إليه 0
الثاني : اتخاذ السبحة والتظاهر بها لا يعرف عن أئمة السنة وفقهائهم إنما هو معروف من زي الصوفية وعبادهم وقد تفننوا في ذلك ووضعوا لها طقوسا وأورادا مبتدعة ، فالتظاهر بها ليس من زي أهل السنة ) (1)
القول الثاني : القول بكراهة استخدام السبحة :
1- ابن مسعود رضي الله عنه :
قال ابن وضاح في كتابه البدع ص 23 : ( حدثنا أسد عن جرير بن حازم عن الصلت بن بهرام قال مر ابن مسعود بامرأة معها تسبح تبسبح به فقطعه وألقاها ثم مر برجل يُسبحُ بحصى فضربه بِرجلِهِ ثم قال لقد جئتم ببدعة ظلماً أو لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علماً ) اهـ ، وقال ابن وضاح في كتابه البدع ص 18 : ( نا أسد ، عن عبد الله بن رجاء ، عن عبيد الله بن عمر ، عن يسار أبي الحكم ، أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون بالحصا في المسجد ، فأتاهم ، وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كومة حصا ، قال : فلم يزل يحصبهم بالحصا حتى أخرجهم من المسجد ، ويقول ( لقد أحدثتم بدعة ظلما ، أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما) اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع صيد الفوائد – صفحة الشيخ خالد البليهد :
http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/52.htm
، وقبل الكلام عن مذهب ابن مسعود في المسألة لا بد من العلم بأن ابن وضاح المذكور وإن كان محدثا كبيرا إلا أنه متكلم فيه , فهو كثير الخطأ وكان يغلط ويصحف ففي سير أعلام النبلاء 13/445 في ترجمة ابن وضاح : ( قال ابن الفرضي : كان كثيرا ما يقول ليس هذا من كلام النبي e في شيء ويكون ثابتا من كلامه , قال : وله خطأ كثير محفوظ عنه ويغلط ويصحف ولا علم له بالعربية ولا بالفقه )اهـ ، وفي تاريخ علماء الأندلس لأبي الوليد الأزدي 2/17 : ( قال أحمد بن خالد : لا يقدم على ابن وضاح أحدا ممن أدرك بالأندلس وكان يعظمه جدا ويصف فضله وعقله وورعه , غير أنه كان ينكر عليه كثرة رده فى كثرة من الأحاديث , وكان ابن وضاح كثيرا ما يقول ليس هذا من كلام النبى e فى شىء وهو ثابت من كلامه e ...) اهـ ، أما مذهب ابن مسعود في المسألة : فظاهر هاذين الأثرين أن ابن مسعود يكره السبحة ونحوها والأمر كذلك لكنه رضي الله عنه لا يكرهه لأجل أنها سبحة بل لأجل أنه كان ينهي عن عد الذكر بأي وسيلة فعد الذكر عنده بدعة ولو بالأصابع والأنامل , وعليه فلا يمكن أن يقال إن ابن مسعود يكره السبحة بل يقال إن ابن مسعود يكره العد ، وهذه بعض الروايات التي تدل على أن ابن مسعود كان يكره عد الذكر بأي شيء كان : قال ابن وضاح في كتابه البدع ص 18 : ( حدثني إبراهيم بن محمد ، عن حرملة ، عن ابن وهب قال : حدثني ابن سمعان قال : بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه رأى أناسا يسبحون بالحصا ، فقال : « على الله تحصون ، لقد سبقتم أصحاب محمد علما ، أو لقد أحدثتم بدعة ظلما » ) اهـ ، وقال ابن وضاح في كتابه البدع ص 26 : وبلغني أن ابن مسعود مر على رجل وهو يقول لأصحابه : سبحوا كذا ، وكبروا كذا ، وهللوا كذا ، قال ابن مسعود : « على الله تعدون ، أو على الله تسمعون ، قد كفيتم الإحصاء والعدة » ) اهـ ، وفي مصنف ابن أبي شيبة 2/162: ( [ فصل في ] من كره عقد التسبيح : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال : كان عبد الله يكره العدد ويقول أيمن على الله حسناته ) اهـ ، وقد كان ابن عمر ينهى أيضا عن عد الذكر ففي مصنف ابن أبي شيبة 2/162: ( [ فصل في ] من كره عقد التسبيح :حدثنا أزهر السمان عن بن عون عن عقبة قال قال سألت بن عمر عن الرجل يذكر الله ويعقد فقال تحاسبون الله) اهـ ، لكن مذهب ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما في ذلك مخالف لما لا يحصى من الأحاديث التي فيها عد الذكر وإحصائه , وتقديره بأعداد معينة , وهي أكثير من أن تحصر وأشهر من أن تذكر 0
2-عائشة رضي الله عنها :
في مصنف ابن أبي شيبة 2/160 : ( حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن التيمي عن أبي تميمة عن امرأة من بني كليب قالت رأتني عائشة أسبح بتسابيح معي فقالت اين الشواهد يعني الأصابع ) اهـ ، قد يفهم من هذا الأثر كراهة عائشة رضي الله عنها للسبحة وقد يفهم منه أنه عندها خلاف الأولى فقط وهو الأقرب وفي هذا الأثر امرأة مبهمة , ولكن الموقوفات يتساهل فيها في مثل ذلك عند أكثر أهل العلم من أهل الحديث والفقه والأصول والتواريخ والسير 0
3-الحسن البصري رحمه الله :
قال ابن وضاح في كتابه البدع ص 25 : ( قال نا زهير بن عباد ، عن يزيد بن عطاء ، عن أبان بن أبي عياش قال ( سألت الحسن عن النظام من الخرز والنوى ونحو ذلك ، يسبح به فقال ، لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا المهاجرات ) اهـ ، ثم قال ابن وضاح في كتابه البدع ص 27 ( قال أبان : فقلت للحسن : فإن سبح الرجل وعقد بيده ، قال ( لا أرى بذلك بأسا ) اهـ ، قد يفهم من هذا الأثر كراهة الحسن للسبحة وقد يفهم منه أنه خلاف الأولى فقط وهو الأقرب 0
4-إبراهيم النخعي رحمه الله :
مصنف ابن أبي شيبة 2/162: ( [ فصل في ] من كره عقد التسبيح : حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها ) اهـ ، قد يفهم من هذا الأثر كراهة النخعي للسبحة لكن إذا علمنا أن النخعي من خواص ابن مسعود تبين لك أن ذلك لأجل عد الذكر لا لأجل السبحة ولذا ذكره ابن أبي شيبة في فصل من كره عقد التسبيح 0
5-ابن الحاج المالكي رحمه الله :
قال في المدخل 2/218 : ( ثم نرجع الآن إلى بقية ما أحدثوه في بعض الجوامع فمن ذلك السبحة التي أحدثوها وعملوا لها صندوقا تكون فيه وجامكية لقيمها وحاملها والذاكرين عليها وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ولما كان عليه السلف رضي الله عنهم وقد تقدم ذكر حالهم في الذكر كيف كان ثم إن بعض من اقتدى بمن أحدثها زاد فيها حدثا آخر وهو أن جعل لها شيخا يعرف بشيخ السبحة وخادما يعرف بخادم السبحة إلى غير ذلك وهي بدعة قريبة العهد بالحدوث فينبغي لإمام المسجد أن يتقدم إلى إزالة كل ما تقدم ذكره على قدر استطاعته مع أن هذا متعين على سائر المسلمين لكن في حق الإمام آكد لأن المسجد من رعيته وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والله الموفق ) اهـ ، قد يفهم من قول ابن الحاج هذا كراهته للسبحة لكن قد يقال إنما ينهى عن تلك الملابسات في السبحة لا عن أصل السبحة فهو بنهى عن أن يكون لها صندوق خاص وله معلوم من النفقة للقيم عليه وللذاكرين بتلك السبح ... الخ ما ذكر ومما يؤيد ذلك ما يأتي ذكره عن ابن الحاج من كراهة بعض الخصال في السبحة مما يدل على عدم نهيه عن أصلها (1) 0
القول الثالث : القول بتحريم استخدام السبحة
يرى الشيخ الألباني رحمة الله عليه أنها بدعة حيث يقول : قال الألباني : السبحة إذا كانت للتسبيح فهي بدعة ، وإذا كانت للتسلي بها ، والعبث بها فهو من العبث المباح 0000 (2) ، كما يرى الشيخ صالح الفوزان بأنها بدعة حيث يقول : المسبحة إذا اتخذها الإنسان يعتقد أن في استعمالها فضيلة و أنها من وسائل ذكر الله عز و جل فهذا بدعة .أما إذا استعملها الإنسان من باب المباحات أو ليعد بها الأشياء التي يحتاج إلى عدها فهذا من الأمور المباحة أما اتخاذها ديناً و قربة فهذا يعتبر من البدع المحدثة (3) ، وقال الدكتور بكر أبو زيد حيث قال :
أولا : اتخاذها للتسبيح :
لا يستريب منصف أن اتخاذ السُّبْحَةِ لتعداد الأَذكار: تشبه بالكفار, وبدعة مضافة في التعبد بالأَذكار والأوراد , وعدول عن الوسيلة المشروعة: ((العَدَّ بالأنامل)) التي دَلَّ عليها النبي r بقوله وفعله, وتوارثه المهتدون بهديه المقتفون لأَثره إلى يومنا هذا, وإلى هديه r يُرد أمر الخلاف, وبه يتحرر الصحيح عند النزاع. وإضافة إلى ذلك فإن فقهاء المذاهب المتبــوعة لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع المستنير : حكم اتخاذ السبحة بين المجيزين والمانعين ( دراسة فقهية مقارنة ) للشيخ عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
http://www.almostaneer.com/show_bhoth.aspx?id=30
2- الألباني http://www.alalbany.net/fatawa_view.php?id=2379
3- البدع والمحدثات وما لا أصل له ص 434
يتنازعون في أن العد بالأنامل أفضل من العد بغيرها من الحصى ونحوه منثوراً أو منظوماً , وأنه إذا أنضاف إلى السُّبْحة أمر زائد غير مشروع, مثل جعلها في الأعناق تعبداً, والتغالي فيها من أنها حبل الوصل إلى الله, ودخول أي معتقد نفعاً وضراً, وإظهار التنسك والزهادة, إلى غير ذلك مما يأباه الشرع المطهر, فإنه يحرم اتخاذها, بوجه أشد, وأضيف هنا أمرين مهمين: أولهما: أقول فيه:إن من وقف على تاريخ اتخاذ السبحة, وأنها من شعائر الكفار من البوذيين, والهندوس, والنصارى, وغيرهم وأنها تسربت إلى المسلمين من معابدهم؛ علم أنها من خصوصيات معابد الكفرة, وأن اتخاذ المسلم لها وسيلة للعبادة, بدعة ضلالة, وهذا ظاهر بحمد الله تعالى 0
وهذا أهم مَدْرَكٍ لِلْحُكْم على السُّبْحَة بالبدعة, لم أر من تعرض له من المتقدمين سوى الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله تعالى – فمن بعده من أصحاب دوائر المعارف فمن بعدهم, ولو تبين لهم هذا الوجه لما قرر أحد منهم الجواز, كما هو الجاري في تقريراتهم في الأحكام, التي تحقق مناط المنع فيها: التشبه .
وثانيها: قال الغلاة في اتخاذ السُّبْحَة: ((إن العقد بالأنامل إنما يتيسر في الأذكار القليلة من ((المائة)) فَدُوْن, أما أهل الأوراد الكثيرة, والأذكار المتصلة, فلو عدوا بأصابعهم لدخلهم الغلط, واستولى عليهم الشغل بالأصابع, وهذه حكمة اتخاذ السُبحة)) .
أقول: ليس في الشرع المطهر أكثر من ((المائة)) في عدد الذكر المقيد بحال, أو زمان, أو مكان, وما سوى المقيد فهو من الذكر المطلق, والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب / 41]. إلى غيرها من الآيات, كما في: [آل عمران / 41, والأنفال / 45, والأحزاب / 35]. فتوظيف الإِنسان على نفسه ذكراً مقيداً بعدد لم يأمر الله به ولا رسوله r هو: زيادة على المشروع, ونفس المؤمن لا تشبع من الخير, وكثرة الدعاء والذكر, وهذا الأمر المطلق من فضل الله على عباده في حدود ما شرعه الله من الأدعية والأذكار المطلقة, بلا عدد معين, كل حسب طاقته ووُسعِه, وفَرَاغه, وهذا من تيسير الله على عباده, ورحمته بهم. وانظر: لَمَّا ألزم الطرقية أنفسهم بأعداد لا دليل على تحديدها؛ وَلَّدَ لَهُمْ هذا الإِحداث بِدَعاً من اتخاذ السُّبَح, وإلزام أنفسهم بها, واتخاذها شعاراً وتعليقها في الأعناق, واعتقادات متنوعة فيها رغباً, ورهباً, والغلو في اتخاذها, حتى ناءت بحملها الأبدان, فَعُلِّقَتْ بالسقوف, والجدران, وَوُقِّفَت الوقوف على العَادِّين بها, وانْقَسَمَ المتعبدون في اتخاذها: نوعاً وكيفيةً, وزماناً ومكاناً, وعدداً, ثم تطورت إلى آلة حديدية مصنعة, إلى آخر ما هنالك مما يأباه الله ورسوله والمؤمنون. فعلى كل عبد ناصح لنفسه أن يتجرد من الإِحداث في الدين, وأن يقصر نفسه على التأسي بخاتم الأنبياء والمرسلين, وصحابته – رضي الله عنهم – فَدَع السُّبْحَة يا عبد الله, وتَأَسَّ بنبيك محمد r في عدد الذكر المقيد, ووسيلة العد بالأنامل, وداوم على ذكر الله كثيراً كثيراً دون التقيد بعدد لم يدل عليه الشرع, واحرص على جوامع الذكر, وجوامع الدعاء. وَلاَ تَغْتَرَّ باتخاذ بعض الأئمة الكبار لها, أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – فإن الإِلْفَ والعادة لهما شأن كبير؛ إذ العادة مَلاَّكَة, والعوائد والأعراف تبني أصولاً, وتهدم أصولاً, والمعول على الدليل, وسلامة التعليل, وقواعد التشريع, وانظر كيف غلط أئمة كبار في أبواب التوحيد – مع جلالة قدرهم وعلو شأنهم – وما هذا إلا بحكم النشأة والأجواء المحيطة بهم, شيوخاً وتلاميذ وعامة, مع ضعف التجديد لهذا الدين, نسأل الله أن يغفر لنا ولهم, وأن يجمعنا بهم في جنته, آمين. وعلى المسلم الناصح لنفسه, أن لا يستوحش من هذا الحكم؛ لاستيلاء الإِلْفِ والعادة, ومستحدث رسوم التصوف ووظائف الزهادة, وأن يكون ديدنه الاكتفاء بهدي خاتم الرسل والأنبياء r وأن لا يقدم بين يديه وليجة أخرى. وأختم هذا التحقيق بفصل عقده ابن الحاج – رحمه الله تعالى – في: ((المدخل: 3 / 214- 215)) فقال: ((فصل: ومن هذا الباب أيضاً ما يفعله بعضهم من تعليق السبحة في عنقه. وقد تقدم قول عمر رضي الله عنه لتميم الداريّ رضي الله عنه: أنت تريد أن تقول: أنا تميم الداري فاعرفوني. وما كان مراده إلا أن يذكّر الناس بالأحكام الشرعية المأمور بإظهارها وإشاعتها, وإظهار السبحة والتزين بها لا مدخل لهما في ذلك, بل للشهرة والبدعة لغير ضرورة شرعية. وقريب من هذا ما يفعله بعض من ينتسب إلى العلم فيتخذ السبحة في يده كاتخاذ المرأة السوار في يدها, ويلازمها, وهو في ذلك يتحدَّث مع الناس في مسائل العلم وغيرها, ويرفع يده ويحركها في ذراعه. وبعضهم يمسكها في يده ظاهرة للناس ينقلها واحدة واحدة كأنه يعدّ ما يذكر عليها, وهو يتكلم مع الناس في القيل والقال وما جرى لفلان وما جرى على فلان, ومعلوم أنه ليس له إلا لسان واحد, فعدّه على السبحة على هذا باطل, إذ إنه ليس له لسان آخر حتى يكون بهذا اللسان يذكر واللسان الآخر يتكلم به فيما يختار, فلم يبق إلا أن يكون اتخاذها على هذه الصفة من الشهرة والرياء والبدعة. ثم العجب ممن يعدّ عَلَى السبحة حقيقة ويحصر ما يحصله من الحسنات, ولا يعد ما اجترحه من السيئات! وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((حَاسِبُوا أنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا)) ، فأرشد عليه الصلاة والسلام إلى محاسبة المرء لنفسه فيما يتصرف فيه باعتقاده وجوارحه, ويعرض ذلك كله على السنة المطهرة, فما وافق من ذلك حمد الله عز وجل وأثنى عليه, وبقي خائفاً وجلاً خشية من دسائس وقعت له لم يشعر بها, وما لم يوافق احتسب المصيبة في ذلك, ورجع إلى الله تعالى بالتوبة والإِقلاع, فلعل بركة التوبة تمحو الحوبة وينجبر بذلك ما وقع له من الخلل, وهذه الطائفة أصل عملها التحفظ من السيئات والهواجس والخواطر, ثم بعد ذلك يأخذ في كسب الحسنات. وقد قالوا: إن ترك السيئات أوجب من فعل الحسنات؛ لما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: ((اتَّقِ المَحَارِمَ تكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ)) ، وقد حُكِي عن بعضهم أنه بكى أربعين سنة, فسئل عن سبب بكائه, فقال: استضافني أخ لي فقدمت له سمكاً فأكل, ثم أخذت تراباً من حائط جار لي فغسل به يديه, فأنا أبكي على ذلك التراب الذي أخذته منذ أربعين سنة. وحُكِي عن آخر مثله فسئل عن ذلك, فقال: طلع لي طلوع فرقيته فاسترحت منه, فأنا أبكي عليه لعدم رضائي بما فعله الله بي, أو كما قال, وأحوالهم في هذا المعنى قلّ أن تنحصر. فإذا كان هذا حالهم في مثل ما وصفناه عنهم فما بالك بمن يحمل الأثقال؟ وأي أثقال؟ ثم يحصر الحسنات ولا يفكر في ضدها فـ (إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم إن بعضهم يحتج بأنها محركة ومذكرة, فوا سوأتاه إن لم يكن التحريك والتذكير من القلب فيما بين العبد وبين الرب سبحانه وتعالى, وقد تقدم ما ورد في الحديث: ((إنَّ عَمَل السِّرِّ يَفْضلُ عَمَلَ الجَهْرِ بِسَبْعِينَ ضِعْفاً))() هذا, وهو عمل, فما بالك بإظهار شيء ليس بعمل, وإن كانت صورته صورة عمل؟ وما زال الناس يخفون أعمالهم مع وجود الإِخلاص العظيم منهم, وهو مع ذلك خائفون وجلون من دخول الدسائس عليهم, فأين الحال من الحال؟ فـ (إنا لله وإنا إليه راجعون). وبالجملة ففعل ذلك فيه من الشهرة ما فيه)) انتهى هذا في حكم اتخاذ السُّبْحَة لعِدِّ الأَذكار؛ ولذا فإنه تفريعاً على أنها وسيلة محدثة, وبدعة محرمة؛ ولما فيها من التشبه بالكفرة, والاختراع في التعبد؛ فإنه لا يجوز فيما كان سبيلها كذلك تصنيعها, ولا بيعها ولا وقفيتها, ولا إهداؤها وقبولها, ولا تأجير المحل لمن يبيعها؛ لما فيه من الإِعانة على الإِثم, والعدوان على المشروع, والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة/2] 0
ثانيا : اتخاذها للتسلية : وأما استعمالها للتسلي واللعب بها, فخليق بالمسلم الابتعاد عن التشبه بالكفار, وعدم تكثير سواد المبتدعة. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في: ((منهاج السنة النبوية: 4 / 152- 153)) في معرض بيان مطول في النهي عن مشابهة الرافضة: ((فالذي قاله الحنفية وغيرهم, أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إِلاَّ عَلَى عَليِّ دون الصحابة, فإِذا صَلَّى عَلى عَلِيِّ ظُنَّ أنه منهم, فيكره لئلا يظن به أنه رافضي, فأما إذا علم أنه صَلَّى عَلَى عَلِيِّ, وعلى سائر الصحابة؛ لم يكره ذلك. وهذا القول يقوله سائر الأئمة, فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحباً, ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات, إذا صارت شِعاراً لهم, فإنه لم يترك واجباً بذلك, لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم, فلا يتميز السني من الرافضي, ومصلحة التمييز عنهم لأَجل هجرانهم ومخالفتهم, أعظم من مصلحة هذا المستحب. وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع, إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب, لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائماً, بل هذا مثل لباس شعار الكفار, وإن كان مباحاً إذا لم يكن شعاراً لهم, كلبس العمامة الصفراء فإنه جائز إذا لم يكن شعاراً لليهود, فإذا صار شعاراً لهم نُهي عن ذلك)) انتهى .
هذا ويكون التحريم للسُبحة أشدّ: إن كانت من ذهب, أو فضة, أو مطلية, أو مموهة بهما, أو بأحدهما, وإن كانت من مادة نجسة, كَعَظم ما لا يؤكل لحمه, فهذا وجه آخر للتحريم مع بطلان الصلاة بها, أي: إن كانت من مادة نجسة كعظم ما لا يؤكل لحمه كالبغال ، هذا ومن ضعف الأدب, وقلة الإِحساس: أن تخاطب الشخص وهو يعبث بالسُبحة ويتسلَّى, وأنت مُجْهِدٌ نفسك بإكرامه والحديث معه. وإذا كان: ((السِّوَاك)) يكره في مثل هذه الحال, وهو في أصله مطهرة للفم, مرضاة للرب سبحانه فيكف بالسُّبْحَة التي هي مَذَمَّةٌ في الإِسلام؟ 0(1)
الخلاصة
هناك من قال بأن استخدام السبحة جائز لا إشكال فيه ، وهناك من قال بأن استخدامها مكروه ، وقول ثالث بتحريمها وتبديعها ، ومنهم من قال إن كانت للتسلية فلا مانع منها وإن كانت للعبادة فلا يجوز ، والظاهر أن القول بجواز استخدامها في التسبيح لا مانع منه مع تركه للأفضل ألا وهو التسبيح بالأنامل ، وأما استخدامها للتسلية فلا مانع منه والله أعلم ، الشيخ صالح الفوزان : استعمال السبحة له حالات هي :
الأولى : تستعمل للتسلية فقط لا للتعبد فهذا لا بأس به 0
الثانية : تستعمل بقصد عدّ التسبيح والذكر بها ، ولا يعتقد أن استعمالها فضيلة فهذا لا بأس به أيضا ولكن عدّ التسبيح بالأصابع أفضل 0
الثالثة : استعمالها من باب التدين والاعتقاد بأفضليتها فهذا لا يجوز ويعتبر من البدع ومن شعائر الصوفية المنحرفة 0(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السبحة تأريخها وحكمها لبكر أبو زيد ص 50 - منشور بالإنترنت
2- مجلة الدعوة عدد 1485 – ص 29 – في 29/10/1425هـ
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.