(( ثوابتُ الدهر )) ...

[احمد بن ابي صالح]

ثوابتُ الدهر

أَأنتَ أعلمُ يا هذا أَمِ العُلما ... أم أنتَ نارٌ فلا يسمو سموَّكَ ما
يا صِنوَ إِبليسَ يا منْ قد أَبى حسداً ... أَنْ يأخُذَ العلمَ ممنْ قد علا وسما
أأنتَ أَعلمُ حتى تدَّعي كذِباً ... بأَنَّ أَمرَ جهادِ الدفعِ قد لزما
إِنَّ الجهادَ لَحُكمٌ منهلٌ جللٌ ... كم نفسَ أزهقَ بل كم قد أراقَ دِمَا
أَأَنتَ أَعلمُ حتى تزدري أُمماً ... عُدِمْتَ شِبهكَ إِنْ لم تُشْبِهِ العدما
هل جُنَّ عقلُكَ أَم صابتكَ صاعقةٌ ... حتَّى تُناطحَ أَهلَ السُّنَّةَ الحُكما
منْ شابَ رأساً وأَحنى الظهرَ مطلبُهُ ... وأبيضتِ اللحيةُ السوداءُ بعدهما
وأَحصنَ النفسَ عنْ لذَّاتِها ورعاً ... وعانقتْ نفسُهُ القرطاسَ والقلما
عنَّا فَسَلْ وَيْكَ عنهُمْ لا تَسَلْ أَبداً ... فهُمْ بمنهجِنا منْ يرفعُ العلما
كابنِ العثيمينِ وابن الباز قبلهما ... مُحدِّثُ العصرِ منْ أَروى الغليلَ بما
أُولاكَ هُمْ عُلمائي إِنْ شئتَ تعرفهم ... ثوابتُ الدهرِ أَهلُ السنَّةِ العُظما
فيا أسيرَ الهوى في كُلِّ نازلةٍ ... هلاَّ اعتبرتَ بما يجني الهوى بما
يفضي إليهِ الهوى من سوءِ عاقبةٍ ...في هذه الدارِ وفي الأخرى وبينهما
أَم أَنَّ عقلكَ بينَ الحِجرِ مُرتهنٌ ... أم قد أَصابَ الذي في المحجرينِ عمى
فيا أسيرَ الهوى هذي مُفارقَةٌ ... هل تنزلُ القبو أم هل تصعدُ القمما
أخليتَ نفسكَ من هديٍ لتنصرهُ ... ما هكذا يا أخي تُستثبتُ القدما
إنَّ الجهادَ جهادَ النفسِ أولهُ ... في طاعةِ اللهِ فافهمْ هذهِ القيَما
ثُمَّ العدوُّ وقد أمستْ مراتبُهُ ... منعٌ وإذنٌ ويأتي الحتمُ بعدَهُما
منْ كانَ منهُمْ يلينا ثُمَّ عامتهُمْ ... بذلكَ الأمرِ شرعُ اللهِ قد حكما
هذا الجهادُ وذي أضحتْ مراتبهُ ... فاعلمْ أخي فلا خيراً بمنْ كتما
ثُمَّ المناطُ بأهلِ العلمِ مُرتبطٌ ... فارجِعْ إليهمْ هُديتَ العلمَ والحِكما
إِنَّ الهُدى حِكَمٌ فاظْفرْ بواحدةٌ ... قد صُغْتُها اليومَ منْ أسلافِنا القُدَما
إِنْ أَقبلتْ فتنةٌ فاسْأَلْ بها علماً ... لا يُبصِرُ الفتنةَ العياءَ كالعُلما
أَما إِذا أدبرتْ فالكُلُّ يعرفهُا ... منْ كانَ يُبصرُ والأعمى وغيرهما
حسْبُ ابْنُ سيرينَ قولاً منْ مناقِبِهِ ... فلتكتبوهُ بماءِ العينِ مُنسجِما
ذا الأمرُ دينٌ ألا فلتنظروا سلفاً ... ممنْ أخذتمْ جهاداً كانَ أم سلما
دعْ عنكَ عاطفةً لا شرعَ يحكمُها ... فلستَ أغيرَ منْ طه إذا قدِما
على سُميَّةَ إِذْ بالرمحِ قد طُعِنتْ ... في موضعِ العفةِ العُظمى ولا جرما
فزوجُها ياسرٌ قد ماتَ مُعتقَلاً ... وقالها مِنْ جرى التعذيبِ أبنهما
فما سمعنا جهاداً من صحابتهِ ... ولا اعتقالاً ولا حتى منِ اعتصما
ما قالَ ثوروا عليهم إِنَهُمْ ظلموا ... ولا اقتلوهُ أبا جهلٍ فقد ظلما
بل قالَ صبرٌ فإنَّ الصبرَ موعِدُهُ ... في جنَّةٍ عرضُها أرضٌ لكم وسما