أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
33439 92142

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-27-2009, 12:19 AM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي بين منهجين (14) : المفهوم الواضح الجلي لحقيقة معنى (المنهج السلفي) .

بين منهجين (14) : المفهوم الواضح الجلي لحقيقة معنى (المنهج السلفي) .

(المنهج السلفي) هو دين الله الذي ارتضاه لعباده , وهو الطريق الوحيد الموصل إليه منذ بعثة نبينا (صلى الله عليه وسلم) , لا طريق موصل لله من غير سبيل السلف الصالح , ولا طريق مرضي عند الله إلا ما كان على وفق طريقة السلف الصالح , ولهذا كان كثير من المسلمين يزعم أنه على طريقتهم سائر , ولمنهجهم سالك , وبه عارف , وإليه داع [قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] ؛ فعند التحقيق تتساقط الدعاوى , وتتهاوى العبارات , ولا يثبت إلا من حقق دعواه بالعمل المبني على البراهين .

وإن كان ثمة عجب , فهو ممن يزعم أنه على (المنهج السلفي) سائر, بل أنه له حارس . وعنه مكافح ومنافح , وهو من أجهل الناس بمعنى (المنهج السلفي) فيدخل فيه –لجهله-ما ليس منه , بل بعضهم يدخل فيه ما هو ضده , ويخرج منه–ببغيه- ما هو من صلبه وحقيقته , كحال (بعض الناس) ممن يبدع من يقول بحمل مجمل كلام غير المعصوم على مفصله , أو حال من يبدع من يوازن بين حسنات المخالف وسيئاته حال الترجمة أو التقويم .

ولهذا جاء مقالنا اليوم ليوضح حقيقة معنى (المنهج السلفي) وبعض ما هو داخل في هذا المعنى وبعض ما هو خارج عنه , فنقول وبالله والتوفيق :

المنهج السلفي : لفظ مركب من مفردتين (المنهج , السلفي) , ولا يستقيم العلم بمعنى اللفظ المركب إلا من خلال الوقوف على معنى كل مفردة على حدة , فنقول :

المنهج –لغة- : هو الطريق الواضح السهل, كما قال تعالى [ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا] , قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2\67) : "أما "المنهاج": فهو الطريق الواضح السهل، والسنن: الطرائق" .
وقال القرطبي في تفسيره (6\211) : "والمنهاج الطريق المستمر، وهو النهج والمنهج، أي البين".
فالمنهاج والنهج والمنهج : هو الطريق الواضح الموضوع للسلوك فيه .
وقد بين ابن الجوزي –رحمه الله- العلاقة بين الشريعة والمنهاج بقوله في زاد المسير (2\372) : "فان قيل : كيف نسق «المنهاج» على «الشرعة» وكلاهما بمعنى واحد؟ فعنه جوابان .
أحدهما : أن بينهما فرقاً من وجهين :
أحدهما : أن «الشرعة» ابتداء الطريق ، والمنهاج :الطريق المستمر ، قاله المبرّد .
والثاني : أن «الشرعة» الطريق الذي ربما كان واضحاً ، وربما كان غير واضح ، والمنهاج : الطريق الذي لا يكون إِلا واضحاً ، ذكره ابن الأنباري .
فلما وقع الاختلاف بين الشرعة والمنهاج ، حَسُنَ نسق أحدهما على الآخر" .
فمسائل المنهج يدخل فيها كل مسائل الشرع العلمية والعملية كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (19\307-308) : "قال ابن عباس وغيره في قوله : {شرعة ومنهاجا} سنة وسبيلا . ففسروا الشرعة بالسنة والمنهاج بالسبيل . واسم "السنة" و "الشرعة" قد يكون في العقائد والأقوال ؛ وقد يكون في المقاصد والأفعال . فالأولى في طريقة العلم والكلام والثانية في طريقة الحال والسماع وقد تكون في طريقة العبادات الظاهرة والسياسات السلطانية" .
وأوضح ابن القيم التلازم بين الضروري بين الشريعة والمنهاج , فقال في شفاء العليل (ص\81-82) : "ولا يتم المقصود إلا بالهداية إلى الطريق والهداية فيها ؛ فإن العبد قد يهتدي إلى طريق قصده وتنزيله عن غيرها ولا يهتدي إلى تفاصيل سيره فيها وأوقات السير من غيره وزاد المسير وآفات الطريق , ولهذا قال ابن عباس في قوله تعالى {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} قال : (سبيلا وسنة) ؛ وهذا التفسير يحتاج إلى تفسير : فالسبيل : الطريق , وهي : المنهاج , والسنة : الشرعة , وهي : تفاصيل الطريق وحزوناته وكيفية المسير فيه وأوقات المسير.
وعلى هذا فقوله : (سبيلا وسنة) يكون السبيل : المنهاج , والسنة : الشرعة ؛ فالمقدم في الآية للمؤخر في التفسير , وفي لفظ آخر (سنة وسبيلا) فيكون المقدم للمقدم والمؤخر للتالي" .
وقال العلامة الفوزان في الأجوبة المفيدة (ص\131) في جواب جامع مانع لا مزيد عليه على وجازته : "المنهج يكون في العقيدة وفي السلوك والأخلاق والمعاملات وفي كل حياة المسلم ، كل الخطة التي يسير عليها المسلم تسمى المنهج" .

وأما لفظ (السلفي) : فمصدره ثلاثي –سلف- , وهو -لغة- : الجماعة المتقدمون كما قال ابن منظور في لسان العرب (6\330) : "والسلف والسليف والسلفة: الجماعة المتقدمون".

وسمي الصحابة والتابعون سلفا لنا لأنهم قد تقدمونا في السن والفضل , كما قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (2\390) : "وقيل سلف الإنسان من تقدم بالموت من أبائه وذوي قرابته ولهذا سمي الصدر الآول من التابعين السلف الصالح".

وأما السلف –اصطلاحا- : فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم –حصرا- , ودليل تقييد وصف السلف بمن سبق ذكرهم قوله تعالى{والسابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}.
وما صح من حديث ابن مسعود , وعمران بن حصين , وجعدة بن هبيرة , وأبي هريرة , وابن عمر , وعائشة (رضي الله عنهم أجمعين) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال [سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي الناس خير , قال : قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه وتبدر يمينه شهادته] .

وبناءً على ما سبق من النصوص , فقد حصر العلماء السف في اصطلاحهم بالقرون الثلاثة الخيرية الأولى , وهم الصحابة والتابعون وتابع التابعين , كما قال ملا علي القاري : " مرقاة المفاتيح (1\84) : "السلف : وهم أهل القرون الثلاثة الذي هم خير الأمة بشهادة نبيهم صلى الله عليه وسلم" .
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (6\35) : "أهل الحديث : وهم السلف من القرون الثلاثة , ومن سلك سبيلهم من الخلف" .

فالسلف هم القرون الثلاث الخيرية الأولى , وإذا أطلق هذا اللفظ في عبارات العلماء فلا يتوجه إلا إليهم , كما قال ابن حجر فيما حكاه عنه ابن بدران في المدخل (ص\422): "الصدر الأول : لا يقال إلا على السلف , وهم أهل القرون الثلاثة الأول الذين شهد لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بأنهم خير القرون , وأما من بعدهم فلا يقال في حقهم ذلك" .
ولهذا قالت اللجنة الدائمة في الفتوى المرقمة (1361) : "السلفية : نسبة إلى السلف والسلف هم صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى (رضي الله عنهم) الذين شهد لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالخير في قوله : [خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته] رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم .
والسلفيون : جمع سلفي نسبة إلى السلف ، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة".
وكذلك قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- كما في فتاوى نور على الدرب (ش\175) : "السلف : معناه المتقدمون، فكل متقدم على غيره فهو سلف له، ولكن إذا أطلق لفظ السلف فالمراد به القرون الثلاثة المفضلة: الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، هؤلاء هم السلف الصالح، ومن كان بعدهم وسار على منهاجهم فإنه مثلهم على طريقة السلف، وإن كان متأخراً عنهم في الزمن؛ لأن السلفية تطلق على المنهاج الذي سلكه السلف الصالح (رضي الله عنهم)، كما قال النبي (عليه الصلاة والسلام): [إن أمتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ،كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة] , وفي لفظ: [من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي] .
وبناء على ذلك تكون السلفية هنا مقيدة بالمعنى، فكل من كان على منهاج الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان فهو سلفي وإن كان في عصرنا".

وما يميز القرون الثلاثة على ما بعدها قد قرره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (13\23-24) بقوله : "وقال : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }.
فجعل التابعين لهم بإحسان مشاركين لهم فيما ذكر من الرضوان والجنة، وقد قال تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ } .
وقال تعالى : {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم } ، وقال تعالى : {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم، وهم خير الناس بعد الأنبياء، فإن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، وأولئك خير أمة محمد، كما ثبت في الصحاح من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم].
ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرًا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله، كالتفسير وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة، فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم .
وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصومًا، وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم، فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم، ولا يحكم بخطأ قول من أقوالهم حتى يعرف دلالة الكتاب والسنة على خلافه، قال تعالى : {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }"

وبناء على ما تقدم نقول :

أن السلفية : هي طريقة تدعو إلى التزام منهج السلف في فهم نصوص الشرع والعمل بمقتضاها في عموم مسائل الشرع .

والسلفي : نسبة تطلق على كل من سار على طريقة السلف في فهم النصوص والعمل بمقتضاها.

والمنهج السلفي : هو الطريق الذي سار عليه السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية , وفي كيفية العمل بمقتضاها في عموم مسائل الشرع .

فـ (المنهج السلفي) في حقيقته دعوة إلى فهم الإسلام كما فهمه القرون الثلاثة المفضلة , والعمل بمقتضى أحكامه وشرائعه كما عمل بها السلف , فلا فرق بين السلفية والإسلام لا من قريب ولا من بعيد , ذلك أن الطريق الذي سار عليه السلف الصالح والتابعون ومن جاء بعدهم هو الطريق الذي رسمه الله تعالى وشرعه على لسان رسوله (صلى الله عليه وسلم) , وهو ألذي الذي أخبر به الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمته في الكتاب والسنة , وهو دين الله تعالى كما قال عز وجل {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} والذي هو دين الإسلام بعمومه وهو شرعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) , ومنهاج أمته كما قال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} فعلم أن المراد من قوله تعالى {ولكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا } أنها في حق الرسول (صلى الله عليه وسلم) دين الإسلام الخاص .

فالسلفية في حقيقة معناها مرادفة لمقصود الدين الخالص (الإسلام) من تعبد الله تعالى بالكتاب والسنة على ضوء فهم سلف الأمة , كما قال الشيخ الألباني –رحمه الله- في مجلة الأصالة العدد التاسع (ص\86-87) : "هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول : لا يجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي وكأنه يقول : لا يجوز أن يقول مسلم : أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوكا .
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـلو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم : [خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم] .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق.
والذي ينكر هذه التسمية نفسه، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟ , فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون، فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الانتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم ـ وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه .
فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه ... ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح، وهي أن تقول باختصار : أنا سلفي".

فالسلفية : هي الإسلام الحق الذي كان عليه القرون الثلاثة الخيرية بمجموعهم , وهذا ما ندين الله تعالى به ؛ فلا بديل عن الإسلام الحق , ولا غنية بغيره عنه , وبالتالي لا بديل عن السلفية ولا غنية عنها .

فإن لم تكن السلفية هي دين الله الحق فلن تعدو أن تكون :
- إما غير دين الله الحق , فعند ذلك لا حاجة لنا بها , بل يجب علينا الكفر بها .
- وإما أن تكون السلفية متضمنة لمعنى زائد عن معنى الإسلام الحق ؛ فالزيادة التي اشتملت عليها السلفية بدعة مرفوضة يجب إنكارها .
- أو أن تكون السلفية ناقصة عن معنى الإسلام الحق , ففي الإسلام الكفاية والغنية وزيادة الخير بما يغني عن السلفية القاصرة .

فإن كان (المنهج السلفي) هو دين الله الحق الذي كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم , أفادنا هذا جملة ثمار ؛ من أهمها :

الثمرة الأولى : لما كان السلف هم أصحاب القرون الثلاثة الخيرية من الصحابة والتابعين وتابعيهم , كان من جاء بعدهم خارجا عن حد السلف اصطلاحا الذين أمرنا بأن نكون على طريقتهم ومقتفين لمنهجهم -وإن كان داخلا في معناهم لغة , أو على الاصطلاح الخاص-, وكان ما يأتينا من جهتهم من أقوال وأفعال ومذاهب خارجة عن أقوال ومذاهب السلف , داخلة في باب أقوال أهل العلم التي تعامل كما تعامل غيرها ؛ ولو كان المتكلم بها هو الإمام أحمد –رحمه الله- كما أشار لها المعنى شيخ الإسلام في كلامه عن العقيدة الواسطية حيث أوضح أنه جمع فيها عقيدة السلف من القرون الثلاثة لا عقيدة من بعدهم ولو كان الإمام أحمد نفسه فما هو إلا ناقل لعقيدة السلف في القرون الثلاثة الخيرية ؛ فقال في مجموع الفتاوى (3\169) : "ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا , والإمام أحمد انما هو مبلغ العلم الذى جاء به النبى (صلى الله عليه وسلم) , ولو قال احمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله وهذه عقيدة محمد .
وقلت مرات : قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين فان جاء بحرف واحد عن احد من القرون الثلاثة التى أثنى عليها النبي حيث قال [خير القرون القرن الذى بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم] يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك , وعلي أن آتي بنقول جميع الطوائف عن القرون الثلاثة توافق ما ذكرته من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والأشعرية وأهل الحديث والصوفية وغيرهم" .
فالمعتبر في العقيدة وغيرها من مسائل الشريعة هو ما كان عليه السلف من القرون الثلاثة الخيرية لا غيرهم , وهو يعرف بالنقولات الثابتة عنهم أو الثابتة عن الثقات الذين يروون مذاهبهم , وكل ما يقوله ممن جاء بعدهم فيعامل كما تعامل سائر أقوال العلماء فيؤخذ منها ما وافق الحق ويرد ما خالفه , ولا إلزام بشيء منها مالم تلزم به الشريعة .
فالعبرة ليست في نسبة الأقوال لمذاهب السلف , ولكن العبرة بأن تكون هذه الأقوال والمذاهب هي للسلف فعلا , وإلا فكثير ممن يحكي مذهب السلف يكون من أجهل الناس به , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5\431) : "فكثير ممن يذكر مذهب السلف ويحكيه لا يكون له خبرة بشيء من هذا الباب" .
ومنه نعلم خطأ (بعض الناس) ممن ينسب اجتهاداته التي يظن إصابته فيها إلى مذهب السلف ؛ بل وينكر على من لم ينصره في حروبه التي يخوضها مع أقرانه لنصرة اجتهاداته بدعوى التخاذل عن نصرة المنهج السلفي , ووصفه لمن لم يوافقه في أقواله واختياراته فهو مخالف للمنهج السلفي ؛ فهذا وما ماثله من صنيع أهل الأهواء والبدع , كما قرر هذا المعنى شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4\151-152) : "ومن المعلوم أن مذهب السلف إن كان يعرف بالنقل عنهم، فليرجع في ذلك إلى الآثار المنقولة عنهم، وإن كان إنما يعرف بالاستدلال المحض بأن يكون كل من رأى قولاً عنده هو الصواب قال : هذا قول السلف؛ لأن السلف لا يقولون إلا الصواب، وهذا هو الصواب، فهذا هو الذي يجرئ المبتدعة على أن يزعم كل منهم أنه على مذهب السلف، فقائل هذا القول قد عاب نفسه بنفسه حيث انتحل مذهب السلف بلا نقل عنهم، بل بدعواه : أن قوله هو الحق .
وأما أهل الحديث، فإنما يذكرون مذهب السلف بالنقول المتواترة ، يذكرون من نقل مذهبهم من علماء الإسلام، وتارة يروون نفس قولهم في هذا الباب، كما سلكناه في جواب الاستفتاء .
فإنا لما أردنا أن نبين مذهب السلف ذكرنا طريقين :
أحدهما : أنا ذكرنا ما تيسر من ذكر ألفاظهم، ومن روى ذلك من أهل العلم بالأسانيد المعتبرة.
والثاني : أنا ذكرنا من نقل مذهب السلف من جميع طوائف المسلمين من طوائف الفقهاء الأربعة، ومن أهل الحديث والتصوف، وأهل الكلام، كالأشعري وغيره .
فصار مذهب السلف منقولاً بإجماع الطوائف وبالتواتر، لم نثبته بمجرد دعوى الإصابة لنا والخطأ لمخالفنا، كما يفعل أهل البدع" .

الثمرة الثانية : إن أعلم الناس بمسائل المنهج السلفي هو أعلمهم بمسائل الشرع وأدلته , وأكثر الناس التزاما بأحكام الشريعة على وفق مراد الله تعالى هو أكثرهم التزاما بالمنهج السلفي , وأقوى الناس في المنهج السلفي هو أكثرهم تمسكا بأحكام الشرع ولزومه لطريقته (فهما وعلما وعملا) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع (11\218-219) بقوله : "والمنهاج هو الطريق قال تعالى : {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ,لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا}.
فالشرعة بمنزلة الشريعة للنهر , والمنهاج هو الطريق الذي سلك فيه والغاية المقصودة هي حقيقة الدين وهي عبادة الله وحده لا شريك له وهي حقيقة دين الإسلام وهو أن يستسلم العبد لله رب العالمين لا يستسلم لغيره" .
وقال –أيضا- في الرد على المنطقيين (ص\292) : "فالشرعة الشريعة والمنهاج الطريق والسبيل فالشرعة كالباب الذي يدخل منه والمنهاج كالطريق الذي يسلك فيه والمقصود هو حقيقة الدين بان يعبد الله وحده لا شريك له وهذه الحقيقة الدينية التي اتفق عليها الرسل هي دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره" .
ولهذا فإن اعلم الناس بالمنهج السلفي هو أعلمهم بمسائل الشرع وأدلته , كما قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ الذهبي في طبقات الحفاظ (1\289) وغيره من مصنفاته : "أعلم الناس من كان أجمعهم للسنن وأضبطهم لها وأذكرهم لمعانيها وأدراهم بصحتها وبما أجمع عليه الناس مما اختلفوا فيه" .
وقال شيخ الإسلام في قاعدة في المحبة (ص\18) : "أعلم الناس من كان رأيه واستصلاحه واستحسانه وقياسه موافقا للنصوص , كما قال مجاهد : (أفضل العبادة الرأي الحسن وهو اتباع السنة) ولهذا قال تعالى {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}".
وأما أرسخ الناس في المنهج السلفي , فهو أرسخهم علما , ولا يكون العالم راسخا فيه حتى "يكون عالما محققا , وعارفا مدققا قد علمه الله ظاهر العلم وباطنه فرسخ قدمه في أسرار الشريعة علما وحالا وعملا" كما قال العلامة السعدي في تفسيره (ص\132) , فتنبه لهذا ولا تدفعك الأهواء لإطلاق أحكام (الرسوخ في المنهج) على من لم يكن وصفه على ما تقدم .
ولهذا كان أعلم الناس بالمنهج السلفي في عصرنا الحالي هو أعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وما كان عليه سلفنا الصالح , وهم نحسبهم والله حسيبهم الأئمة الثلاثة أركان الدعوة السلفية لمعاصرة الألباني وابن باز وابن عثيمين –رحمهم الله- , ثم من يليهم في الرتبة والمكانة كأمثال الشيخ العباد والشيخ الفوزان والمفتي العام ومن كان في طبقتهم , وهكذا تباعا , وعلى قدر رسوخ القدم في العلم والعمل بمقتضاه يكون الرسوخ في المنهج والعكس كذلك .
ومن هنا يتضح لنا بطلان زعم طوائف من الناس :
الأولى : فسرت (المنهج) -شرعا- ببعض معناه كتفسيره إياه بما كان متعلقا ببعض مسائل الدين كحصره المعنى بالمسائل الدعوية , أو بأحكام وضوابط نقد المخالفين جماعات وأفراد , ونحو ذلك, وهذا تفسير قاصر , وحصر معنى المنهج به من قبيل تحريف الكلم عن موضعه .
الطائفة الثانية : فسرت (المنهج) بما كان خارجا عن معناه لكنه من لوازم المعنى ؛ كمن فسره : بمعرفة أحوال المناهج المنحرفة عن الحق جماعات وأفراد , ومن المعلوم أن الكلام فيمن خالف الحق من الجماعات والرجال ليس من مسائل المنهج الأصلية بل ولا الفرعية , لأنه ليس من مسائل الشرع ولا يوجد في أدلة الشرع ما يدل على هذه المسائل بخصوصها , وهذا الباب هو من مسائل المنهج التبعية اللازمة له , ومعرفتها فرض على الكفاية وهو داخل في باب إنكار المنكر , حالها في ذلك حال معرفة سائر مقالات أهل البدع والضلال .
ومما يدل على أن هذه المعرفة بمسالك أهل الشر (مناهج وأفراد) ليست من مسائل الشرع الأصلية حديث حذيفة بن اليمان فيما رواه عنه سبيع بن خالد وفيه : (قال حذيفة : إن الناس كانوا يسألون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الخير , وكنت أسأله عن الشر ؛ فأحدقه القوم بأبصارهم ؛ فقال إني قد أرى الذي تنكرون) .
قال الشيخ العباد في شرحه لهذا الحديث الحسن في شرح سنن أبي داود (ش\475) : "يعني: كان الناس يسألونه عن أمور يتعبدون الله تعالى بها، وكنت أسأله عن الشر، فحدقه الناس بأبصارهم لما ذكر أنه كان يسأل عن الشر، يعني: الأصل هنا أنه يسأله عن الخير، والسؤال عن الشر أمر مستغرب ، وكان رضي الله عنه يقول: (مخافة أن يدركني) ، وكان يسأل عن الشر حتى يكون على بينة لو أدرك ذلك الشر، أو كان في ذلك الزمن كيف يصنع) ؛ قوله: [(فأحدقه القوم بأبصارهم)]، يعني: نظروا إليه لما قال بأنه كان يسأل عن الشر. قوله: [(فقال: إني قد أرى الذي تنكرون)]، يعني: أنهم ينكرون أنه يسأل عن الشر، ولكنه فعل ذلك من أجل أن يكون على علم به حتى يأخذ بأسباب السلامة".
فلو كان السؤال عن مسالك واستطلاب معرفتها من مسائل المنهج الأصلية لكان التابعون وهم الجيل الثاني للسلف أولى الناس بمعرفتها ؛ فلما استغربوا السؤال عنها واستنكروه , دل هذا على أن معرفتها لم تكن أصلية في منهجهم وإن كانت تبعية لازمة لمنهجهم على جهة الكفاية .
الطائفة الثالثة : طائفة زعمت : "أن فلانا من اعرف الناس بالمنهج السلفي" بسبب سعة معرفته بالاتجاهات البدعية الباطلة وشخوصها المنحرفين , وهو زعم باطل من وجهين :
الأول : أن كون زيد أو عبيد هو أعلم الناس بأحوال الجماعات والأفراد لا يستلزم منه أن يكون أعلم الناس بأحكام هذه الجماعات وتلكم الأفراد , بل أعلم الناس بأحكامهم هم أعلم الناس بشرع الله وأحكام دينه والذين لا يصدرون أحكامهم في النوازل إلا بعد أن يفقهوا واقع النازلة ويحققوا مناط الحكم فيها في الشرع ثم يصدر عنهم الحكم المناسب لها .
قال الشيخ العباد في رسالته القيمة رفقا أهل السنة بأهل السنة () : "عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أو لا؟ ومن كان عنده علم بأحوال أشخاص معينين يمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح والتحذير إذا صدر يكون من جهة يعتمد عليها في الفتوى وفي بيان من يؤخذ عنه العلم ويرجع إليه في الفتوى، ولا شك أن الجهة التي يرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة من يُستفتى ويؤخذ عنه العلم، وألا يجعل أحد نفسه مرجعاً في مثل هذه المهمات؛ فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
الوجه الثاني : لا تلازم بين المعرفة المفصلة بمسالك أهل الباطل , والمعرفة المفصلة بطرائق أهل الحق , فكم من عارف بطرائق أهل الشر على جهة التفصيل وعلمه بحق أهل السنة لا يتعدى مجملات , ولا أدل على هذا من حال أبي الحسن الأشعري الذي كان على معرفة مفصلة بطرائق أهل الباطل وألف في التعريف بمقالاتهم كتبا في ذلك ومع ذلك كانت معرفته بحق أهل السنة مجملة لا تؤهله لأن يقرر حقهم مفصلا أو يرد على باطل غيرهم على ضوء أصولهم على جهة التفصيل فوقع في أخطاء متعددة , كما قرر هذا المعنى شيخ الإسلام في منهاج السنة (5\275-279) –مختصرا- : " ومن أجمع الكتب التي رأيتها في مقالات الناس المختلفين في أصول الدين كتاب أبي الحسن الأشعري وقد ذكر فيه من المقالات وتفاصيلها ما لم يذكره غيره , وذكر فيه مذهب أهل الحديث والسنة بحسب ما فهمه عنهم , وليس في جنسه أقرب إليهم منه , ومع هذا نفس القول الذي جاء به الكتاب والسنة وقال به الصحابة والتابعون لهم بإحسان في القرآن والرؤية والصفات والقدر وغير ذلك من مسائل أصول الدين ليس في كتابه , وقد استقصى ما عرفه من كلام المتكلمين .
وأما معرفة ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وآثار الصحابة فعلم آخر لا يعرفه أحد من هؤلاء المتكلمين المختلفين في أصول الدين ... ؛ ومع هذا فيستفاد من كلامهم نقض بعضهم على بعض وبيان فساد قوله فإن المختلفين كل كلامهم فيه شيء من الباطل وكل طائفة تقصد بيان بطلان قول الأخرى فيبقى الإنسان عند دلائل كثيرة تدل على فساد قول كل طائفة من الطوائف المختلفين في الكتاب .
وهذا مما مدح به الأشعري فإنه من بين من فضائح المعتزلة وتناقض أقوالهم وفسادها ما لم يبينه غيره لأنه كان منهم وكان قد درس الكلام على أبي على الجبائي أربعين سنة وكان ذكيا ثم إنه رجع عنهم وصنف في الرد عليهم ونصر في الصفات طريقة ابن كلاب لأنها أقرب إلى الحق والسنة من قولهم ولم يعرف غيرها فإنه لم يكن خبيرا بالسنة والحديث وأقوال الصحابة والتابعين وغيرهم وتفسير السلف للقرآن والعلم بالسنة المحضة إنما يستفاد من هذا .
ولهذا يذكر في المقالات مقالة المعتزلة مفصلة يذكر قول كل واحد منهم وما بينهم من النزاع في الدق والجل كما يحكى ابن أبي زيد مقالات أصحاب مالك وكما يحكي أبو الحسن القدوري اختلاف أصحاب أبي حنيفة ويذكر أيضا مقالات الخوارج والروافض لكن نقلة لها من كتب أرباب المقالات لا عن مباشرة منه للقائلين ولا عن خبرة بكتبهم ولكن فيها تفصيل عظيم ويذكر مقالة ابن كلاب عن خبرة بها ونظر في كتبه ويذكر اختلاف الناس في القرآن من عدة كتب فإذا جاء إلى مقالة أهل السنة والحديث ذكر أمرا مجملا يلقى أكثره عن زكريا بن يحيى الساجي وبعضه عمن أخذ عنه من حنبلية بغداد ونحوهم وأين العلم المفصل من العلم المجمل ... ؛ فهكذا معرفته بمذهب أهل السنة والحديث مع أنه من أعرف المتكلمين المصنفين في الاختلاف بذلك وهو أعرف به من جميع أصحابه من القاضي أبي بكر وابن فورك وأبي إسحاق وهؤلاء أعلم به من أبي المعالي وذويه ومن الشهرستاني ولهذا كان ما يذكره الشهرستاني من مذهب أهل السنة والحديث ناقصا عما يذكره الأشعري فإن الأشعري أعلم من هؤلاء كلهم بذلك نقلا وتوجيها" .

الثمرة الثالثة : إن أحكام الولاء والبراء في المنهج السلفي هي نفس أحكام الولاء والبراء في شرع الله ودينه , وذلك بأن يوالى آحاد المسلمين كل منهم بحسب ما معه من موافقات للمنهج السلفي –دين الله الحق- , ويفاصل بحسب ما معه من مخالفات لهذا المنهج سواء نسب نفسه إلى السلفية أو لم ينسب نفسه إليها ؛ فالعبرة هي بما يقوم به العبد من معنى السلفية في نفسه ؛ فقد يوالى من لم ينسب نفسه للمنهج السلفي أكثر بكثير من بعض من يتشدق بكونه سلفيا اثريا بحسب قيام كل منهم بطاعة الله واجتنابه لمعصية الله , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28\209) : "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته . هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه فلم يجعلوا الناس لا مستحقا للثواب فقط ولا مستحقا للعقاب فقط".
ولا يخرج من هذه القاعدة أحد لا أهل الفسق ولا أهل المعاصي ولا حتى أهل البدع , اللهم إلا من كانت بدعته موجبة لتكفيره فيهجر هجرا مطلقا ؛ أما من لم يكن كذلك فلا يصار إلى هجره إلا حيث اقتضت المصلحة الراجحة , كما قرر هذا المعنى الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب (ش\) قائلا : " الواجب على من كان له قرناء فيهم بدعة أن ينصحهم ويبين لهم أن ما هم عليه بدعة لعل الله أن يهديهم على يديه حتى ينال أجرهم فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعلي بن أبي طالب (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم) فإن أصروا على ما هم عليه من البدعة :
فإن كانت البدعة مكفرة وجب عليه هجرهم والبعد عنهم .
وإن لم تكن مكفرة فلينظر هل في هجرهم مصلحة إن كان في هجرهم مصلحة هجرهم وإن لم يكن في هجرهم مصلحة فلا يهجرهم وذلك لأن الهجر دواء إن كان يرجى نفعه فليفعل وإن لم يرجَ نفعه فلا يفعل لأن الأصل أن هجر المؤمن محرم والعاصي من المؤمنين لا يرتفع عنه اسم الإيمان فيكون هجره في الأصل محرما لكن إذا كان في هجره مصلحة لكونه يستقيم ويدع ما يوجب فسقه فإنه يهجر وإلا فلا هذا هو الضابط في الهجر الذي تجتمع فيه الأدلة وخلاصته أن هجر الكافر المرتد واجب إذا لم يفد فيه النصيحة هجر الفاسق ليس بجائز إلا إذا كان في هجره مصلحة ودليل ذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (لا يحل لأحدٍ أن يهجر أخاه المؤمن يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) إلا إذا كان في هجره مصلحة فيهجر كما فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) في كعب بن مالك وصاحبيه حين تخلفوا عن غزوة تبوك".
ومن خلال ما تقدم نعلم بطلان ما زعمه (بعض الناس) من أنه "لا تتحقق السلفية والسنية في أحد حتى يفارق أهل البدع والتحزب قلباً وقالباً" ؛ فهذا القول بهذا الاطلاق ليس من المنهج السلفي في شيء بل هو من جنس أقوال الخوارج كما المح إلى هذا المعنى شيخ الإسلام في النقل السابق عنه .

الثمرة الرابعة : المسلمون في الإسلام على مراتب (ظالم لنفسه , ومقتصد , وسابق بالخيرات) ؛ (محسن , ومؤمن , وفاسق) , وذلك على قدر قياهم بواجبات الإسلام ومستحباته , وتركهم للمحرمات والمكروهات –علما وعملا- ؛ فلكل منهم من مراتب الإسلام نصيب بقدر عملهم بمقتضاه , ولكل منهم ارتباط بالإسلام والإيمان على قدر قيامهم بمعانيه , ومنه الفاسق المسلم لا يوصف بأنه مؤمن بإطلاق , ولا ينفى عنه مطلق الاسم ؛ وهكذا السلفية فعلى قدر موافقة المسلم للمنهج السلفي –علما وعملا- يكون كمال انتسابه ونقصانه ؛
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4\155) : "وأما متكلمة أهل الإثبات من الكُلاَّبية، والكُرَّامية، والأشعرية، مع الفقهاء والصوفية، وأهل الحديث، فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف، بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم، لكن كل من كان بالحديث من هؤلاء أعلم، كان بمذهب السلف أعلم وله أَتْبَع ؛ وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها، وقلة ابتداعها".
وعليه فكل من كان على مثل ما كان عليه السلف علما وعملا كان سلفيا فيما وافق فيه منهجهم , ومن خالفه كان مبتدعًا فيما خالف فيه الحق ، وإن كان سلفيًّا فيما سواه، فلا يوصف المسلم بأنه مبتدع باعتبار الاسم المطلق , ولا بأنه سلفي باعتبار الاسم المطلق ؛ ولكن لاعتبار (مطلق الاسم) بمعنى أنه يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم , كما قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتاب العلم (ص\198-201) : "إن الشيخين الحافظين ( النووي ابن حجر ) لهما قدم صدق ونفع كبير في الأمة الإسلامية ولئن وقع منهما خطأ في تأويل بعض نصوص الصفات إنه لمغمور بما لهما من الفضائل والمنافع الجمة ولا نظن أن ما وقع منهما إلا صادر عن اجتهاد وتأويل سائغ ولو في رأيهما ، وأرجو الله تعالى أن يكون من الخطأ المغفور وأن يكون ما قدماه من الخير والنفع من السعي المشكور وأن يصدق عليهما قول الله تعالى {ِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات} , والذي نرى أنهما من أهل السنة والجماعة، ويشهد لذلك خدمتهما لسنة رسوله الله (صلى الله عليه وسلم) وحرصهما على تنقيتها مما ينسب إليها من الشوائب، وعلى تحقيق ما دلت عليه من أحكام ولكنهما خالفا في آيات الصفات وأحاديثها أو بعض ذلك عن جادة أهل السنة عن اجتهاد أخطئا فيه، فنرجو الله تعالى أن يعاملهما بعفوه. وأما الخطأ في العقيدة: فإن كان خطأ مخالفًا لطريق السلف، فهو ضلال بلا شك ولكن لا يحكم على صاحبه بالضلال حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعًا فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيًّا فيما سواه، فلا يوصف بأنه مبتدع على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفي على وجه الإطلاق، بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم، كما قال أهل السنة في الفاسق: إنه مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما معه من العصيان، فلا يعطي الوصف المطلق ولا ينفى عنه مطلق الوصف، وهذا هو العدل الذي أمر الله به، إلا أن يصل المبتدع إلى حد يخرجه من الملة فإنه لا كرامة له في هذه الحال".
ولنضرب مثالا على هذا المعنى بموقف كبار علماء الدعوة السلفية من الإمامين ابن حجر والنووي –رحمهما الله- , فقد جاء في جواب للجنة الدائمة كما في مجموع فتاواها (3/241): "موقفنا من أبي بكر الباقلاني ، والبيهقي ، وأبي الفرج بن الجوزي ، وأبي زكريا النووي ، وابن حجر ، وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى ، أو فوَّضوا في أصل معناها : أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم ، فرحمهم الله رحمة واسعة ، وجزاهم عنا خير الجزاء ، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير ، وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله ، سواء تأولوا الصفات الذاتية ، وصفات الأفعال ، أم بعض ذلك" .
وبهذا التقرير السلفي المتين من فضيلة العلامة ابن عثيمين يتضح لكل منصف بطلان استنكار (بعض الناس) القول : (أن السلفية أمر نسبي) , وأن استنكار هذا البعض هو المستنكر , وأنه لا يمت للسلفية وأصولها بصلة , وإن كان غير مستغرب صدوره ممن يرى أن السلفية أمر كلي فإما أن يدخلها العبد بكليتها أو أنه خارج منها بكليتها كما هو صنيع من لا يفرق بين الدخول المطلق ومطلق الدخول , والخروج المطلق ومطلق الخروج .

الثمرة الخامسة : لما كانت السلفية هي دين الله الحق الذي بابه مفتوح لكل عبد مقبل عليه ؛ فبابه مفتوح بالليل ليتوب مسيء النهار , ومفتوح بالنهار ليتوب مسيء الليل , ولا يزال الأمر على هذا النحو حتى تطلع الشمس من مغربها , كانت السلفية كذلك , فلا يحتاج المسلم ليكون (سلفيا = مسلما حقا) سائرا على مقتضى (المنهج السلفي) إلى شهادة غير ربه عليه ؛ فالمقصود الأساس : إرضاء رب العرش لا تعريف المخلوقين بكونه من السائرين على (المنهج السلفي) ؛ فالسلفية ليست ختما بيد أحد من البشر يثبته لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء , بل هي دين الله ؛ فهي ليست محصورة على فئة معينة كما قرر هذا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في لقاءات الباب المفتوح (ش\220) : "يجب أن نعلم أن السلفي ليس محصوراً على فئة معينة، كل من تمسك بمذهب السلف فهو سلفي، هذا السلفي سواءً تقدم زمنه أو تأخر. وأما أن نجعله في فئة معينة نقول: هؤلاء سلفيون وهؤلاء عقلانيون فهذا غلط، ولكن ليعلم أن من العلماء من يغلب جانب العقل ومنهم من يغلب جانب الشرع، ولهذا تجد في كتب الخلاف الفقهية إذا أرادوا أن يتكلموا عن أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله يصفونهم بأنهم أصحاب الرأي؛ لأن عندهم أصحاب الدليل وأصحاب الرأي ؛ فخذ هذه القاعدة:
السلفي : من تمسك بمذهب السلف ولا يختص بطائفة معينة .
ولا يجوز أن نصنف الناس ونقول: هؤلاء سلفيون وهؤلاء عقلانيون، أو ما أشبه ذلك.
أقول: السلفي : من أخذ بمذهب السلف عقيدة وقولاً وعملاً في أي مكان، ولا يصح أن نقسم المسلمين ونقول: هذا عقلاني، وهذا سلفي وما أشبه ذلك، بل يجب على الجميع أن يكونوا سلفيين، لا على أنها مسألة حزبية لا، على أنها هي الحق، قال الله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ (رضي الله عنهم) وَرَضُوا عَنْهُ".
ورحم الله الشيخ حيث يقول في لقاء الباب المفتوح (ش\57) : " السلفية: هي اتباع منهج النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه؛ لأنهم هم الذين سلفونا وتقدموا علينا، فاتباعهم هو السلفية.
وأما اتخاذ السلفية كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من خالفه من المسلمين ولو كانوا على حق، واتخاذ السلفية كمنهجٍ حزبي فلا شك أن هذا خلاف السلفية ، فالسلف كلهم يدعون إلى الاتفاق والالتئام حول سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا يضللون من خالفهم عن تأويل -اللهم إلا في العقائد- فإنهم يرون أن من خالفهم فيها فهو ضال، أما في المسائل العملية فإنهم يخففون فيها كثيراً.
لكن بعض من انتهج السلفية في عصرنا هذا صار يضلل كل من خالفه ولو كان الحق معه، واتخذها بعضهم منهجاً حزبياً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى دين الإسلام، وهذا هو الذي يُنكر ولا يمكن إقراره، ويقال: انظروا إلى مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون! انظروا طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف الذي يُسوغ فيه الاجتهاد، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة، وفي مسائل عقدية، وعملية، فتجد بعضهم مثلاً يُنكر أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رأى ربه، وبعضهم يقول: بلى، وترى بعضهم يقول: إن التي توزن يوم القيامة هي الأعمال، وبعضهم يرى أن صحائف الأعمال هي التي توزن، وتراهم أيضاً في مسائل الفقه يختلفون كثيراًص، في النكاح، والفرائض، والبيوع، وغيرها، ومع ذلك لا يضلل بعضهم بعضاً.
فالسلفية بمعنى أن تكون حزباً خاصاً له مميزاته ويضلل أفراده من سواهم فهؤلاء ليسوا من السلفية في شيء.
وأما السلفية اتباع منهج السلف عقيدة وقولاً وعملاً وائتلافاً واختلافاً واتفاقاً وتراحماً وتواداً، كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): [مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر] فهذه هي السلفية الحقة" .
ورحم الله الشيخ الألباني حيث قال -كما في فتاوى جدة (ش\13)- : "أما ما أسمعه -الآن- من أن يفصل المسلم عن الجماعة السلفية!! لمجرد أنه أخطأ في مسألة، أو في أخرى: فما أراه إلا من عدوى الأحزاب الأخرى!
هذا الفصل هو نظام بعض الأحزاب الإسلامية التي لا تتبنى المنهج السلفي منهجا في الفقه، والفهم للإسلام؛ وإنما هو حزب يغلب عليه ما يغلب على الأحزاب الأخرى من التكتل والتجمع على أساس الدولة المصغرة؛ من خرج عن طاعة رئيسها أنذر-أولا! وثانيا! وثالثا-ربما-، ثم حكم بفصله!
مثل هذا لا يجوز أن يتبناه جماعة ينتمون -بحق- إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وعلى منهج السلف الصالح...
هذا ابتداع في الدين ما أنزل الله به من سلطان" .
وبهذا التقرير السلفي المتين من العلامتين الألباني وابن عثيمين يتضح لكل منصف بطلان استنكار (بعض الناس) القول : (إن السلفية ليست حكراً على أحد يدخل ويخرج منها) , وأن استنكار هذا البعض هو المستنكر المستشنع وإن كان غير مستغرب صدوره ممن نصب نفسه وصيا على الدعوة السلفية يدخل فيها من يشاء ممن يوافق اجتهاداته , ويخرج منها من يشاء ممن يخالف تلك الاجتهادات .

الثمرة السادسة : لما كان الانتساب إلى السلفية معناه الانتساب إلى التزام الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح علما وعملا , وكان هذا المعنى هو حقيقة دين الإسلام الذي جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) , كان هذا الانتساب مشروعا ولا حرج فيه , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4\149) : "لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق . فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا".
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز نقلا عن الأجوبة المفيدة (ص\39) : "إذا كان صادقاً أنه أثري أو سلفي لا بأس, مثل ما كان السلف يقولون : فلان سلفي , فلان أثري , تزكية لابد منها , تزكية واجبة".
وقال الشيخ صالح الفوزان نقلا عن الاجوبة المفيدة (ص\37-40) : "التسمي بالسلفية إذا كان حقيقة فلا باس به , أما إذا كان مجرد دعوى فإنه لا يجوز له أن يتسمى بالسلفية وهو على غير منهج السلف".
ومن أظهر الانتساب إلى السلفية قبلت منه دعواه , فإن وافق ظاهره باطنه كان مؤمنا عند ربه صادقا في دعواه لزوم المنهج السلفي , وإن خالف باطنه ظاهره كان حاله كحال أمثاله من المنافقين يؤخذ ظاهره وينسب إلى ما نسب نفسه إليه وتوكل سريرته إلى خالقه , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4\149) : "لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق . فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا ؛ فإن كان موافقا له باطنا وظاهرا : فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطنا وظاهرا , وإن كان موافقا له في الظاهر فقط دون الباطن : فهو بمنزلة المنافق ؛ فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله ؛ فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم".
فالانتساب إلى السلفية أمر مشروع , وتحقيق معنى السلفية في النفوس واجب على كل مسلم , وبهذا يعلم بطلان قول طوائف من الناس :
الطائفة الأولى : أوجبت الانتساب إلى منهج السلف بأن يخبر المسلم عن نفسه بأنه (سلفي) , وهذا قول باطل مردود من وجهين :
الأول : لا دليل على هذا الوجوب فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله , ومن المعلوم أن هذه النسبة هي نسبة اصطلاحية حادثة بعد انقضاء عصر القرون الخيرية الثلاثة فليس في نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف ما يثبتها , فإيجاب ما لم يوجبه الشرع تقول على الشرع , ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول في مجموع الفتاوى (29\345) : " وأصل الدين : أنه لا واجب إلا ما أوجبه اللّه ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه اللّه ورسوله، ولا مكروه إلا ما كرهه اللّه ورسوله، ولا حلال إلا ما أحله اللّه ورسوله، ولا مستحب إلا ما أحبه اللّه ورسوله . فالحلال ما حلله اللّه ورسوله، والحرام ما حرمه اللّه ورسوله، والدين ما شرعه اللّه ورسوله؛ ولهذا أنكر اللّه على المشركين وغيرهم ما حللوه أو حرموه أو شرعوه من الدين بغير إذن من اللّه" .
الوجه الثاني : إن النسبة الدينية الوحيدة التي يجب على العبد أن ينتسب إليها هي النسبة إلى الإسلام كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3\415) : " وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله : مثل أن يقال للرجل : أنت شكيلي ، أو قرفندي ، فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأئمة لا شكيلي ولا قرفندي . والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول : لا أنا شكيلي ولا قرفندي ؛ بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله . وقد روينا عن معاوية بن أبي سفيان : أنه سأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فقال : أنت على ملة علي أو ملة عثمان ؟ فقال : لست على ملة علي ولا على ملة عثمان بل أنا على ملة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكذلك كان كل من السلف يقولون : كل هذه الأهواء في النار : ويقول أحدهم : ما أبالي أي النعمتين أعظم ؟ على أن هداني الله للإسلام أو أن جنبني هذه الأهواء ، والله تعالى قد سمانا في القرآن : المسلمين المؤمنين عباد الله فلا نعدل عن الاسماء التي سمانا الله بها إلى أسماء أحدثها قوم - وسموها هم وآباؤهم - ما أنزل الله بها من سلطان".
وقرر الشيخ عبد العزيز آل الشيخ كما في مجلة البحوث الإسلامية (62\96-98) : أن النسبة الواجبة هي النسبة للإسلام ؛ وأما النسبة للسلفية فهي مشروعة لا باس بها –إن كانت بحق- لكن لا على جهة الوجوب , كما جاء في معرض جوابه عن السؤال التالي "السؤال : يسألني بعض المسلمين من دول أخرى عن مذهبي ، فهل أقول أنا محمدي نسبة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، أم أقول أنا سلفي ، أم ماذا أقول جزاكم الله خيرا ؟ .
الجواب : الواجب على كل مسلم أن ينتسب للإسلام فهو الاسم الشرعي الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول: [وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا] .
وقد سار السلف على الانتساب إلى أهل السنة والجماعة ، ويعنون به إتباع سنة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ولزوم جماعة المسلمين الجماعة العلمية والجماعة البدنية . فمتى انتسب المسلم بهذه النسبة مستحضرا هذا المعنى فإنه لا بأس به ، وكذلك أيضا الانتساب إلى السلف أو الاثر فيقول سلفي أو أثري ، لا على سبيل تزكية النفس وإنما ليتميز عن سائر أهل البدع ، فهذا لا بأس به ، والذي يجب التنبيه عليه أنه لا ينبغي أن تكون هذه النسبة سببا لأمور غير شرعية كالعصبية الجاهلية التي ليس لها مستند شرعي ، فإن اسم المهاجرين والأنصار اسم شرعي وارد في كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يقول الله سبحانه: [وَالسَّابِقُونَ الاوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأنصار وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ] ويقول سبحانه: [لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأنصار الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ] , وغير ذلك من الادلة ، ومع هذا فإن هذه النسبة لما خرجت إلى أمور غير مشروعة كانت غير مرضية ، فإنه لما تلاحى رجلان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أحدهما: يا للمهاجرين ، وقال الاخر: يا للأنصار ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو غضبان فقال: {أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم }..... الحديث . فنفاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم), وسماها دعوى الجاهلية .
فالمهم هو تحقيق عبادة الله على بصيرة ، وإتباع سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم)، فإن حقق ذلك والتزم به لم يضره الا ينتسب لأحد ، وإن كان انتسابه إلى أهل السنة والجماعة هو الأفضل؛ إتباعا لآثار السلف وتميزا له عن أهل البدع".
الطائفة الثانية : منعت من الانتساب إلى منهج السلف وإلى السلفية وهؤلاء صنفان :
الأول : صنف منع من هذا الانتساب منعا مطلقا كحال بعض أهل البدع كالخوارج والروافض والمعتزلة , والذين يقول فيهم شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4\153-155) –مختصرا- : "بل الطوائف المشهورة بالبدعة كالخوارج والروافض لا يدعون أنهم على مذهب السلف، بل هؤلاء يكفرون جمهور السلف . فالرافضة تطعن في أبي بكر، وعمر، وعامة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، وسائر أئمة الإسلام، فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف ؟ ولكن ينتحلون مذهب أهل البيت كذبًا وافتراء .
وكذلك الخوارج، قد كَفَّروا عثمان، وعليًا، وجمهور المسلمين من الصحابة والتابعين، فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف ... .
والمعتزلة أيضًا تفسق من الصحابة والتابعين طوائف، وتطعن في كثير منهم وفيما رَوَوْه من الأحاديث التي تخالف آراءهم وأهواءهم، بل تكفر أيضًا من يخالف أصولهم التي انتحلوها من السلف والخلف، فلهم من الطعن في علماء السلف وفي علمهم ما ليس لأهل السنة والجماعة، وليس انتحال مذهب السلف من شعائرهم وإن كانوا يقررون خلافة الخلفاء الأربعة، ويعظمون من أئمة الإسلام وجمهورهم ما لا يعظمه أولئك فلهم من القدح في كثير منهم ما ليس هذا موضعه و [ للنظَّام] من القدح في الصحابة ما ليس هذا موضعه .
وإن كان من أسباب انتقاص هؤلاء المبتدعة للسلف ما حصل في المنتسبين إليهم من نوع تقصير وعدوان، وما كان من بعضهم من أمور اجتهادية الصواب في خلافها فإن ما حصل من ذلك صار فتنة للمخالف لهم ضل به ضلالاً كبيرًا .
فالمقصود هنا أن المشهورين من الطوائف بين أهل السنة والجماعة العامة بالبدعة ليسوا منتحلين للسلف، بل أشهر الطوائف بالبدعة : الرافضة، حتى إن العامة لا تعرف من شعائر البدع إلا الرفض . والسني في اصطلاحهم : من لا يكون رافضيًا؛ وذلك لأنهم أكثر مخالفة للأحاديث النبوية ولمعاني القرآن، وأكثر قدحًا في سلف الأمة وأئمتها، وطعنًا في جمهور الأمة من جميع الطوائف، فلما كانوا أبعد عن متابعة السلف كانوا أشهر بالبدعة .
فَعُلِمَ أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف ؛ ولهذا قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك : (أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) .
وأما متكلمة أهل الإثبات من الكُلاَّبية، والكُرَّامية، والأشعرية، مع الفقهاء والصوفية، وأهل الحديث، فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف، بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم، لكن كل من كان بالحديث من هؤلاء أعلم، كان بمذهب السلف أعلم وله أَتْبَع . وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها، وقلة ابتداعها .
أما أن يكون انتحال السلف من شعائر أهل البدع، فهذا باطل قطعًا، فإن ذلك غير ممكن إلا حيث يكثر الجهل ويقل العلم".
الصنف الثاني : منع من الانتساب إلى السلفية -إلا إن كان الانتساب معتمدا من قبله- كحال (غلاة التجريح) الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على السلفية والسلفيين ؛ فيدخلون منها من يشاءون ويخرجون منها من يشاءون , وقد تقدم الرد على هذا الصنف .
الطائفة الثالثة : نسبت نفسها للمنهج السلفي –نسبة مطلقة- وهي من أبعد ما تكون عن المنهج السلفي (علما أو عملا أو دعوة أو بمجموع ما تقدم) ؛ فالعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل , ولهذا قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (4\145) : "قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } ؛ وفيه من الحق الإشارة إلى الرد على من انتحل مذهب السلف مع الجهل بمقالهم، أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان" .
وقد تقدم في فتاوى أهل العلم أن الانتساب إن كان بغير حق , أو على جهة التزكية فهو مذموم غير محمود .

الثمرة السابعة : لما كانت السلفية هي طريقة في فهم الإسلام والعمل بمقتضاه , كانت الدعوة السلفية قديمة قدم الإسلام , مستمرة ودائمة بديمومته واستمراريته , على خلاف ما يزعمه بعض أهل الأهواء من أن السلفية مرحلة زمنية انتهت بانتهاء القرون الثلاثة الخيرية , وبيان هذا الخطأ يتضح من وجهين أساسيين :
الأول : لما كان مفهوم السلفية أمرا اصطلاحيا كان من العدل والإنصاف أن يفسر على مراد أصحابه والقائلين به لا على المعنى الذي يصرفه إليه مخالفوهم ثم يحكمون عليه من خلال هذا الفهم , فهذا هو عين الظلم والبهتان للغير فضلا عن النفس لافترائها الكذب على الغير وتقولها عليه فإن الذي يزعم أن السلفية مرحلة زمانية انتهت بانتهاء عصر الصحابة والتابعين فهو إن كان يعني بذلك أن من يصح أن يوصف بالسلف قد مضى عصرهم وانقضى زمانهم ويعني بهم القرون الثلاثة الخيرية فنعم –قد أصاب في ذلك- .
وأما إن كان يقصد أن المسلمون ليسوا مخاطبين بما خوطب به السلف , وأن اللاحقون لهم ليسوا مكلفين بأن يسيروا على طريقة السلف فهما وعلما وعملا –وهذا هو حقيقة المراد بالسلفية- , فمن قال هذا فلا ريب في بطلان هذه الدعوى المتضمنة للكفر بدين الله .

الوجه الثاني : إن الدعوة إلى الالتزام بالمنهج السلفي هي دعوة قديمة قدم القرون الخيرية فنادى بها الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة المتبوعون حتى عصرنا الحالي , فالسلفية متواصلة تواصل الليل بالنهار , واليوم بالأمس والغد , وباقية ما بقي الإسلام , وقد ثبت في الأحاديث المنقولة والآثار المروية والعبارات السلفية ما يعزز القول بأن السلفية ليست مرحلة زمنية قد انقضت ومن ذلك قول الصحابي الجليل أنس (رضي الله عنه) : (لو أن رجلا أدرك السلف الأول, ثم بعث اليوم , ما عرف من الإسلام شيئا , قال : ووضع يده على خده , ثم قال : إلا هذه الصلاة , ثم قال : أما والله على ذلك لمن عاش قي هذه النكر , ولم يدرك ذلك السلف الصالح , فرأى مبتدعا يدعو إلى بدعته , ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه , فعصمه الله عن ذلك , وجعل قلبه يحن إلى ذلك السلف الصالح يسأل عن سبيلهم , ويقتص آثارهم, ويتبع سبيلهم, ليعوض أجرا عظيما وكذلك فكونوا إن شاء الله).
فتأمل قوله (وكذلك فكونوا إن شاء الله) , تعلم انها وصية من خير القرون لمن بعدهم باقتفاء أثرهم والسير على طريقتهم وهذه هي السلفية , ومن هذا القبيل –أيضا- :
قول الإمام أبو عمرو الأوزاعي : (اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم) .
وقال أيضا : (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس و إياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك بالقول) .
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله- ناصحا أهل الحديث في عصره وما بعده : "فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيا ذكيا حييا سلفيا يكفيه أن يكتب بيده مئتي مجلد ويحصل من الدواوين المبعترة خمسمائة مجلد وأن لا يفتر من الطلب العلم إلى الممات بنية خالصة وتواضع وإلا فلا يتعن" .

الثمرة الثامنة : لما كان المنهج السلفي هو المنهج الإسلامي الحق , كانت مصادره وأصوله المعتبرة هي نفس الأصول الإسلامية المعتبرة الثلاثة (الكتاب , والسنة , والإجماع) وهي التي أجمع السلف على اعتبارها كأصول سلفية يرجع إليها في معرفة مراد الشرع ووزن الأمور كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3\157) : "من طريقة أهل السنة والجماعة : اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنًا وظاهرًا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال : [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة].
ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدى محمد صلى الله عليه وسلم على هدى كل أحد، وبهذا سموا : أهل الكتاب والسنة .
وسموا أهل الجماعة؛ لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين، والإجماع هو الأصل الثالث الذى يعتمد عليه فى العلم والدين .
وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين .
والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة" .
وقال في مجموع الفتاوى (8\294) : "الواجب -نظير ذلك- في سائر أبواب أصول الدين أن يجعل ما يثبت بكلام الله عز وجل ورسوله وإجماع سلف الأمة هي النص المحكم" .
ولا أصل سلفي يثبت إلا بكتاب أو سنة أو إجماع , ولو كان قد ثبت بقول الجمهور فلا حجة بقول الجمهور كما قرر هذا المعنى ابن القيم في زاد المعاد (5\213) في معرض رده على من احتج لقوله بالجمهور: "المقام الثاني : وهو أن الجمهور على هذا القول فأوجدونا في الأدلة الشرعية أن قول الجمهور حجة مضافة إلى كتاب الله وسنة رسوله وإجماع أمته .
ومن تأمل مذاهب العلماء قديما وحديثا من عهد الصحابة وإلى الآن واستقرأ أحوالهم وجدهم مجمعين على تسويغ خلاف الجمهور ووجد لكل منهم أقوالا عديدة انفرد بها عن الجمهور ولا يستثنى من ذلك أحد قط ولكن مستقل ومستكثر ؛ فمن شئتم سميتموه من الأئمة تتبعوا ما له من الأقوال التي خالف فيها الجمهور ولو تتبعنا ذلك وعددناه لطال الكتاب به جدا ونحن نحيلكم على الكتب المتضمنة لمذاهب العلماء واختلافهم ومن له معرفة بمذاهبهم وطرائقهم يأخذ إجماعهم على ذلك من اختلافهم".
فإذا استقر لنا ما تقدم علمنا بطلان ما زعمه بعض المنتسبين للسلفية من أن "من خالف (بعض الناس) في مسائل المنهج فقد خالف أصلا سلفيا" , فهذه الدعوى مخالفة تماما للأصول العلمية المقررة في المنهجية السلفية , وبيان هذه المخالفة من أوجه:
أولا : إن مسائل الدين والشرع والمنهج لا تؤخذ عن الرجال بل تؤخذ عن الله ورسوله , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (3\161) : "أما الاعتقاد : فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني ؛ بل يؤخذ عن الله ورسوله وما أجمع عليه سلف الأمة ؛ فما كان في القرآن وجب اعتقاده وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم".
وهذا القول منه في عقيدة السلف الذي كان –رحمه الله- يدين الله بها ويدافع عنها ويناظر في إثباتها , فكيف يصح أن تؤخذ عموم مسائل المنهج من شخص واحد , ويعد مخالفه في مسألة واحدة مفارقا لأصل سلفي .
الوجه الثاني : إن القول الحق الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة لا يصح أن ينسب إلى شخص بعينه بإطلاق , بل لا بد أن ينسب إلى السلف جميعا , ومن خالفه من كبار علماء السلف رد عليه قوله , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3\169) ردا على من قال له : " أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد فتقول هذا اعتقاد أحمد يعني والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه فإن هذا مذهب متبوع وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم .
فقلت : ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا ، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجئ به الرسول لم نقبله وهذه عقيدة محمد".
وهذا القول منه –رحمه الله- في مسائل الاعتقاد المنصوص والمجمع عليها , ومع ذلك فهو –رحمه الله- لا يجيز أن ينسب الاعتقاد إلى إمام بعينه , بل قول هذا الإمام محكوم بموافقة الشرع , فقول الإمام أحمد في مسائل الاعتقاد محكوم بالشرع لا حاكم عليه , فكيف يصح أن يجعل قول من هو دون الإمام احمد في مسائل دون مسائل الاعتقاد حكما ومعيارا في دخول العبد أو خروجه من السلفية .
الوجه الثالث : إن أخراج العبد من دائرة السلفية الحقة أهل السنة والجماعة لا يكون بمخالفة زيد أو عبيد ,وإنما يكون في حال مخالفة العبد للأصول الكبرى في الاعتقاد , كما قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الحرم المدني (ش\28) : "الضابط إذاً في الخروج عن أهل السنة والجماعة أن يخرج عن طريقهم، هذا الضابط: في أسماء الله وصفاته، في القدر، في كل شيء يخالفهم في العقيدة" .
وقد تقدم معنا أن هذا الخروج أو الإخراج ليس مطلقا , وإنما هو مما خالف به طريقة السلف وأصولهم .
وأما من خالف في فروع الاعتقاد مع إثباته للأصل فلا يعد خارجا عن الأصول السلفية لأهل السنة والجماعة , كما قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية (ش\35) : " فالشذوذ مرتبتان:
المرتبة الأولى : أن ينفرد ويَشُذْ في أصل من الأصول؛ يعني في الصفات، في الإيمان، في القدر، فهذا بانفراده في الأصل يخرج من الاسم العام المُطْلَقْ لأهل السنة والجماعة.
المرتبة الثانية : أن يوافق في الأصول؛ لكن يُخَالِفُ في فرعٍ لأصل أو في فَرْدٍ من أفراد ذلك الأصل.
مثلاً يؤمن بإثبات الصفات وإثبات استواء الرب - جل جلاله - على عرشه وبعلو الرب - جل جلاله - وبصفات الرحمن سبحانه وتعالى؛ لكن يقول: بعض الصفات أنا لا أثبتها، لا أثبت صفة السّاق لله - عز وجل -، أو لا أثبت صفة الصورة لله - عز وجل -، أو أُثْبِتُ أنَّ لله أعيناً، أو أثبت لله - عز وجل - كذا وكذا مما خالف به ما عليه الجماعة.
فهذا لا يكون تاركاً لأهل السنة والجماعة؛ بل يكون غَلِطَ في ذلك وأخْطَأْ ولا يُتَّبَعُ على ما زلَّ فيه بل يُعْرَفُ أنه أخطأ، والغالب أن هؤلاء مُتَأَوِلُونَ في الاتباع.
وهذا كثير في المنتسبين للسنة والجماعة كالحافظ ابن خزيمة فيما ذكر في حديث الصورة، وكبعض الحنابلة حينما ذكروا أنَّ العرش يخلو من الرحمن - جل جلاله - حين النزول، وكمن أثبت صفة الأضراس لله وأثبت صفة العضد أو نحو ذلك ممَّا لم يقرره أئمة الإسلام.
فإذاً من شذَّ في ذلك في هذه المرتبة، يقال: غَلِطَ وخالَفَ الصواب؛ ولكن لم يخالف أهل السنة والجماعة في أصولهم؛ بل في بعض أفرادِ أصلٍ وهو مُتَأَوِّلٌ فيه.
وهذا هو الذي عليه أئمة الإسلام فيما عاملوا به من خالف في أصل من الأصول في هذه المسائل، وكُتُب ابن تيمية بالذات طافحة بتقرير هذا في من خالف في أصل أو خالف في مسألة فرعية ليست بأصل".
الوجه الرابع : إن هذه المقالة متضمنة للوازم باطلة من أشنعها إثبات العصمة للشيخ الذي يزعم ان مخالفته تعد مخالفة لأصل سلفي , وقائل هذه المقالة إنما يقول –بلسان حاله- بعصمة شيخه في المسائل التي اعتبر مخالفة الشيخ فيها مخالفة لأصل سلفي , حاله في ذلك كحال الرافضة وغلاة المتصوفة الذين حكى شيخ الإسلام حالهم في مجموع الفتاوى (11\67) ؛ فقال : " والمتقون هم أولياء الله ومع هذا فأخبر أنه يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا , وهذا أمر متفق عليه بين أهل العلم والإيمان , وإنما يخالف في ذلك الغالية من الرافضة وأشباه الرافضة من الغالية في بعض المشايخ ومن يعتقدون أنه من الأولياء ؛ فالرافضة تزعم أن الاثني عشر معصومون من الخطأ والذنب , ويرون هذا من أصول دينهم والغالية في المشايخ قد يقولون : إن الولي محفوظ والنبي معصوم , وكثير منهم إن لم يقل ذلك بلسانه ؛ فحاله حال من يرى أن الشيخ والولي لا يخطئ ولا يذنب".
وأوضح –رحمه الله- في موطن آخر بطلان دعوى من زعم أن السلوك لا يتلقى إلا عن طريق المشايخ فقال في مجموع الفتاوى (19\272-273) : "وكثير من الفقهاء المتأخرين أو أكثرهم يقولون : إنهم عاجزون عن تلقي جميع الأحكام الشرعية من جهة الرسول فيجعلون نصوص أئمتهم بمنزلة نص الرسول ويقلدونهم , ولا ريب أن كثيرا من الناس يحتاج إلى تقليد العلماء في الأمور العارضة التي لا يستقل هو بمعرفتها , ومن سالكي طريق الإرادة والعبادة والفقر والتصوف من يجعل شيخه كذلك بل قد يجعله كالمعصوم , ولا يتلقى سلوكه إلا عنه , ولا يتلقى عن الرسول سلوكه , مع أن تلقي السلوك عن الرسول أسهل من تلقي الفروع المتنازع فيها ؛ فإن السلوك هو بالطريق التي أمر الله بها ورسوله من الاعتقادات والعبادات والأخلاق وهذا كله مبين في الكتاب والسنة ؛ فإن هذا بمنزلة الغذاء الذي لا بد للمؤمن منه".

الثمرة التاسعة : كما أن المسلم لا يلزم بإلزام الشارع له كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (29\346) : "أصل الشرع أنه لا يلزمه إلا بإلزام الشارع له أو بالتزامه إياه", فكذلك هو الحال بالنسبة للمنهج السلفي الذي لا إلزام فيه إلا بالشرع , وفي هذا إبطال لمن يزعم أنه يتعين الالتزام بأقوال زيد أو عبيد من علماء المنهج السلفي بل وبالإلزام بها , وكذلك إبطال لزعم البعض أن من مقالات أهل الأهواء "اذا اختلفت اجتهادات العلماء فلا يلزمني قول فلان وفلان" , بل هذه المقالة قد ثبتت تقرير معناها بأوجه عدة ومنها :
الأول : لا يعرف في المأثور عن السلف أنهم كانوا يلزمون بما ليس في الكتاب والسنة من المعاني , بل كما قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (6\339-340) : "كان أئمة أهل السنة والجماعة، لا يلزمون الناس بما يقولونه من موارد الاجتهاد، ولا يكرهون أحدا عليه، ولهذا لما استشار هارون الرشيد مالك بن أنس في حمل الناس على موطئه، قال له: (لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، فأخذ كل قوم عمن كان عندهم، وإنما جمعت علم أهل بلدي)، أو كما قال .
وقال مالك أيضا: (إنما أنا بشر أصيب وأخطئ، فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة).
قال أبو حنيفة: (هذا رأي، فمن جاءنا برأي أحسن منه قبلناه) .
وقال الشافعي: (إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط) .
وقال: (إذا رأيت الحجة موضوعة على الطريق فإني أقول بها) .
وقال المزني في أول مختصره، (هذا كتاب اختصرته من علم أبي عبد الله الشافعي، لمن أراد معرفة مذهبه. مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره من العلماء).
وقال الإمام أحمد: (ما ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه، ولا يشدد عليهم ) .
قال: (لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا).
فإذا كان هذا قولهم في الأصول العلمية وفروع الدين لا يستجيزون إلزام الناس بمذاهبهم مع استدلالهم عليها بالأدلة الشرعية، فكيف بإلزام الناس وإكراههم على أقوال لا توجد في كتاب الله، ولا في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تؤثر عن الصحابة والتابعين، ولا عن أحد من أئمة المسلمين".
الوجه الثاني : إن مما هو مقرر في المنهج السلفي عدم مشروعية تشديد النكير على العامة لو تكلموا بمبلغ علمهم اجتهادا أو تقليدا –ولو أخطئوا خطأ مجمعا عليه- في مسائل الحلال والحرام , بل ولا يسوغ للحاكم أن يلزمهم بمجرد قوله , بل غاية ما يجب عليه تجاههم هو مناقشتهم وبيان الحق لهم بالكتاب والسنة , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (35\379) : "فالمفتي والجندي والعامي إذا تكلموا بالشيء بحسب اجتهادهم اجتهادا أو تقليدا قاصدين لاتباع الرسول بمبلغ علمهم لا يستحقون العقوبة بإجماع المسلمين وإن كانوا قد أخطئوا خطأ مجمعا عليه .
وإذا قالوا إنا قلنا الحق واحتجوا بالأدلة الشرعية : لم يكن لأحد من الحكام أن يلزمهم بمجرد قوله ولا يحكم بأن الذي قاله هو الحق دون قولهم بل يحكم بينه وبينهم الكتاب والسنة والحق الذي بعث الله به رسوله لا يغطى بل يظهر فإن ظهر رجع الجميع إليه وإن لم يظهر سكت هذا عن هذا وسكت هذا عن هذا ؛ كالمسائل التي تقع يتنازع فيها أهل المذاهب ".
الوجه الثالث : إن العبد مأمور إذا نزلت به نازلة أن يستفتي فيها من يراه أعلم من غيره كما في قوله سبحانه [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ], وهذه الأعلمية في المخلوقين اعتبارية ليست نصية , وهي نسبية ليست مطلقة , فمن قد يراه فكم من عالم يراه البعض جبلا راسخا , بينما يعتبره غيره دون ذلك في الرتبة , ولهذا كان الواجب على العبد أن يسأل إن نزلت به نازلة يجهل حكمها من يراه أعلم من غيره بنصوص الكتاب والسنة ويتقي الله في ذلك بحسب استطاعته –ولو كان مخطئا فلا تثريب عليه- كما قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1\207) : "وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كل ما يقول، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يوجبه ويخبر به، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واتباع الشخص لمذهب شخص بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته إنما هو مما يسوغ له، ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق، بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله فيفعل المأمور، ويترك المحظور".
الوجه الرابع : الذي عليه الأئمة الأربعة وسائر أئمة العلم أنه ليس على أحد ولا شرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه كما قال شيخ الإسلام –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (33\168) : "وأما تقليد المستفتي للمفتي فالذي عليه الأئمة الأربعة وسائر أئمة العلم أنه ليس على أحد ولا شرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه ؛ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم , لكن منهم من يقول : على المستفتي أن يقلد الأعلم الأروع ممن يمكنه استفتاؤه .
ومنهم من يقول : بل يخير بين المفتين وإذا كان له نوع تمييز فقد قيل : يتبع أي القولين أرجح عنده بحسب تمييزه فإن هذا أولى من التخيير المطلق .
وقيل : لا يجتهد إلا إذا صار من أهل الاجتهاد , والأول أشبه ؛ فإذا ترجح عند المستفتي أحد القولين : إما لرجحان دليله بحسب تمييزه وإما لكون قائله أعلم وأروع : فله ذلك وإن خالف قوله المذهب".
الوجه الخامس : الثابت المأثور عن السلف ما قاله ابن مسعود (رضي الله عنه) : (من كان مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم كانوا على الهدي المستقيم) , فهذا ابن مسعود (رضي الله عنه) يوجه الأحياء إلى الاقتداء بأموات الصحابة دون من كان منهم حيا ولو كان هو نفسه مع أنه من أعلمهم , كما قال العلامة علي القاري في مرقاة المفاتيح (1\397) : "والظاهر أنه يوصي التابعين ومن بعدهم تبع لهم بالإقتداء بالصحابة لكن خص أمواتهم لأنه علم استقامتهم على الدين واستدامتهم على اليقين بخلاف من بقي منهم حيا فإنه يمكن منهم الإفتتان ووقوع المعصية والطغيان بل الردة والكفران لأن العبرة بالخاتمة وهذا تواضع منه في حقه رضي الله عنه لكمال خوفه على نفسه ولما رأى من الفتن العظيمة ووقوع الهالكين فيها وإلا فهو ممن يقتدى به حيا وميتا وقد شهد له عليه الصلاة والسلام بالجنة وقال رضيت لأمتي ما رضي لهم وإنه أفقه الصحابة بعد الخلفاء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ".
بل لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي (رضي الله عنهم أجمعين) أن يلزموا من تحتهم من الرعية بما ليس في لكتاب والسنة , فكيف يسوغ الإلزام بأقوال من هو دونهم في العلم والرتبة والفضل , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (27\297-297) : "فإذا كان الخليفة والسلطان لا يدعي ذلك لنفسه ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقول دون قول إلا بكتاب الله وسنة رسوله : فمن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدى طوره , ولا يقيم نفسه في منصب لا يستحق القيام فيه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - وهم الخلفاء الراشدون - فضلا عمن هو دونهم ؛ فإنهم رضي الله عنهم إنما كانوا يلزمون الناس باتباع كتاب ربهم وسنة نبيهم وكان عمر رضي الله عنه - يقول : (إنما بعثت عمالي -أي نوابي- إليكم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم ويقسموا بينكم فيأكم)".

الثمرة العاشرة : لما كانت السلفية هي طريقة السلف في فهم الإسلام والعمل بمقتضاه علما وعقيدة وفقها وسلوكا ودعوة وجهادا وسياسة وحكما , كان السلفي الحق هو المسلم الحق , والمسلم الحق هو الذي يتعبد الله تعبدا مطلقا فيعمل في كل وقت بما يناسب ذلك الوقت من طاعة , كما قرر هذا المعنى ابن القيم في مدارج السالكين (1\88-90) حيث قال :"إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض كما في حالة الأمن
والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه والاشتغال به عن الورد المستحب وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل
والأفضل في أوقات السحر الإشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء والذكر والإستغفار
والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل الإقبال على تعليمه والإشتغال به
والأفضل في أوقات الأذان ترك ما هو فيه من ورده والإشتغال بإجابة المؤذن والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه والمبادرة إليها في أول الوقت والخروج إلى الجامع وإن بعد كان أفضل
والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه أو البدن أو المال الإشتغال بمساعدته وإغاثة لهفته وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك
والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه حتى كأن الله تعالى يخاطبك به فتجمع قلبك على فهمه وتدبره والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك
والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الإجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك
والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد لا سيما التكبير والتهليل والتحميد فهو أفضل من الجهاد غير المتعين
والأفضل في العشر الأخير من رمضان لزوم المسجد فيه والخلوة والإعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والإشتغال بهم حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم وإقرائهم القرآن عند كثير من العلماء
والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته عيادته وحضور جنازته وتشييعه وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك
والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم دون الهرب منهم فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه
والأفضل خلطتهم في الخير فهي خير من اعتزالهم فيه واعتزالهم في الشر فهو أفضل من خلطتهم فيه فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال والإشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه
وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته فهو يعبدالله على وجه واحد وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت
فمدار تعبده عليها فهو لا يزال متنقلا في منازل العبودية كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره فإن رأيت العلماء رأيته معهم وإن رأيت العباد رأيته معهم وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم فهذا هو العبد المطلق الذي لم تملكه الرسوم ولم تقيده القيود ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات بل هو على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه فهذا هو المتحقق ب إياك نعبد وإياك نستعين حقا القائم بهما صدقا ملبسه ما تهيأ ومأكله ما تيسر واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليا لا تملكه إشارة ولا يتعبده قيد ولا يستولي عليه رسم حر مجرد دائر مع الأمر حيث دار يدين بدين الآمر أني توجهت ركائبه ويدور معه حيث استقلت مضاربه يأنس به كل محق ويستوحش منه كل مبطل كالغيث حيث وقع نفع وكالنخلة لا يسقط ورقها وكلها منفعة حتى شوكها وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله والغضب إذا انتهكت محارم الله فهو لله وبالله ومع الله قد صحب الله بلا خلق وصحب الناس بلا نفس بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين وتخلى عنهم وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها فواها له ما أغربه بين الناس وما أشد وحشته منهم وما أعظم أنسه بالله وفرحه به وطمأنينته وسكونه إليه والله المستعان وعيه التكلان".
فإذا استقر لنا ما تقدم بان لنا بطلان تقسيم البعض السلفية إلى (سلفيتنا وسلفيتكم وأن سلفيتنا غير سلفيتكم) أو تقسيم السلفية إلى (سلفية علمية , وسلفية منهجية , وسلفية نقدية , وسلفية جهادية , وسلفية أكاديمية , وسلفية سياسية , ....إلخ ) , وأما تفصيل هذه القسمة الباطلة فيتضح من أوجه :
أولا : إن الله تعالى أمرنا معاشر المسلمين بالدخول في شرائع الدين كافة فقال سبحانه وتعال [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً] , قال الحافظ ابن كثير في تفسيره () : "يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك".
ومن هذه الأوامر العلم والدعوة والجهاد والحكم والسياسة , إلى سائر شعب الإيمان فكل من عمل بما جاء في شرع الله تعالى من أوامر فقد كان على منهج السلف في هذا العمل , وكل من خالفه فقد خالف منهج السلف , ولو صحت نسبة السلفية إلى شعبة من شعب الإيمان لتعدد النسبة بتعدد تلك الشعب , ولتعددت النسبة المضافة إلى الإسلام بتعد شعب الإيمان كذلك فلصح عندنا أن يقال إسلامية جهادية وإسلامية مزكية , وإسلامية مصلية , وإسلامية علمية , إلى غير ذلك من الأنواع المستقبح إطلاقها لفظا وعرفا .
الوجه الثاني : قد ورد ذكر الإسلام في كتاب الله عز وجل في مواضع كثيرة مطلقا من غير قيد، كما في قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} , وقوله سبحانه {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} .
فالله تعالى سمى بالمسلمين : المجاهدين والمصلين والمزكين وسائر المعتصمين بشرع الله , ولم يقيد وصف الإسلام القائم في حقهم بقيد آخر منسوب إلى بعض شرائع الإسلام , وكذلك الحال يقال في النسبة إلى السلفية .
الوجه الثالث : إن الله تعالى قد أمرنا بالامتثال المطلق لإسلام , والإتباع المطلق لأحكامه , والسير المطلق على نهج السلف الصالح , ولم يقيد هذه الأوامر بجوانب سياسية أو علمية أو دعوية أو غير ذلك , فمن قيد النسبة إلى السلفية ببعض شرائع الإسلام وأحكامه , فقد قيد ما أطلقته الشريعة بغير دليل ولا أثر .
الوجه الرابع : لا يتصور أن يصار إلى العدول عن وصف السلفية المطلق إلى تقييده ببعض الشرائع إلا لعدم قناعة هؤلاء المقيدين بالاختيارات السلفية في هذه الجوانب , والناظر في دعاوى المقيدين للسلفية بالجهاد أو السياسة أو الدعوة يجد أن السلفية التي يعنونها هي غير السلفية التي سار عليها علماء الأمة سلفا عن خلف , وبيان ذلك :
أن السلفية الجهادية تنتسب –عند التحقيق- إلى مفاهيم التكفير التي تعد عندهم من لوازم التوحيد , وإلى الخروج على حكام بلاد المسلمين ومن حكم عليهم بالكفر والردة , والذي يرونه جهادا في سبيل الله .
والسلفية السياسية تنتسب –عند التحقيق- إلى مفاهيم الانخراط في التكتلات الحزبية , والدخول في معامع التحالفات السياسية البعيدة عن ضوابط الولاء والبراء المقررة في المنهج السلفي , وسعيهم في تحصيل ما يمكن تحصيله من مكتسبات سياسية بأي وسيلة ممكنة بعيدا الضوابط السلفية المعتبرة لاستجلاب المصالح الشرعية وسد ذرائع الوقوع في المخالفات .
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-27-2009, 09:38 AM
أبو عبيدة يوسف أبو عبيدة يوسف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 1,344
افتراضي

جزاك الله خيرا يا أبا العباس
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-27-2009, 03:20 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
Exclamation

يستحق التثبيت .. كلام رائق ..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-27-2009, 04:13 PM
رمزي برهوم رمزي برهوم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 237
افتراضي بارك الله فيك يا أبا العباس

ما شاء الله لا قوة لا بالله
يا حبذا لو جمعت هذه السلسلة في كتاب ونشرت
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-27-2009, 05:41 PM
ابو الزبير ابو الزبير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 196
افتراضي

طرح علمي موفق كما عودنا أبو العباس وفقه الله

الموضوع يستحق التثبيت
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-27-2009, 06:08 PM
راشد بن عبيد بن إسماعيل راشد بن عبيد بن إسماعيل غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 165
افتراضي

هو كلام من يؤثر الاتباع وينفر من الابتداع


بارك الله فيك...
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-27-2009, 08:41 PM
ابو هدى الحضرمي ابو هدى الحضرمي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 10
افتراضي إشكال

قلتم : ((إن أخراج العبد من دائرة السلفية الحقة أهل السنة والجماعة لا يكون بمخالفة زيد أو عبيد ,وإنما يكون في حال مخالفة العبد للأصول الكبرى في الاعتقاد , كما قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الحرم المدني (ش\28) : "الضابط إذاً في الخروج عن أهل السنة والجماعة أن يخرج عن طريقهم، هذا الضابط: في أسماء الله وصفاته، في القدر، في كل شيء يخالفهم في العقيدة" . ))

هل أفهم من كلامكم هذا إضافة إلى قولكم (( وعليه فكل من كان على مثل ما كان عليه السلف علما وعملا كان سلفيا فيما وافق فيه منهجهم , ومن خالفه كان مبتدعًا فيما خالف فيه الحق ، وإن كان سلفيًّا فيما سواه، فلا يوصف المسلم بأنه مبتدع باعتبار الاسم المطلق , ولا بأنه سلفي باعتبار الاسم المطلق ؛ ولكن لاعتبار (مطلق الاسم) بمعنى أنه يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم .))

أن الإخراج من السلفية عند مخالفة العبد للأصول الكبرى في الاعتقاد لا يستلزم نفي وصف السلفية عنه بإطلاق ولا إعطاءه التسمية بإطلاق وإنما يقال سلفي مبتدع أي بمعنى أنه يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم . ))
وهل هذا الكلام ينسحب على الفرق المخالفة في الاعتقاد كالا شاعرة القدرية المعتزلة ... الخ وكيف توجهون كلام الشيخ عبد المحسن العباد ونص كلامه كما في السؤال: هل يجوز أن يقال فلان سني مبتدع؛ لكونه يقول بقول أهل السنة في الأسماء والصفات والربوبية والألوهية، ولكن عنده بعض البدع كالأذان على القبر؟
الجواب:
لا يقال سني مبتدع، وإنما يقال سني عنده بدعة، أو عنده بعض البدع، وأما سني ومبتدع فهما ضدان
فمعنى سني: أنه على السنة، ومعنى مبتدع: أنه ليس على السنة
وأما أن يكون عنده بدعة، أو عنده مخالفة، أو عنده بعض من الأمور التي تحذر، فهذا يمكن وجوده في السني
وهو مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : (إنك امرؤ فيك جاهلية) فلم يقل له: إنك جاهلي، أو إنك من أهل الجاهلية، ومعنى الحديث: فيك خصلة من خصال الجاهلية." ا.هـ
(ضمن الأسئلة التي أجاب عنها الشيخ في شرحه لسنن أبي داود بالمسجد النبوي الشريف)
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-28-2009, 01:21 AM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي أبا العباس على هذا الجهد المبارك ,
زادك الله توفيقا .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-28-2009, 11:10 AM
ابو الفداء السلفى المصرى ابو الفداء السلفى المصرى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 361
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رمزي برهوم مشاهدة المشاركة
ما شاء الله لا قوة لا بالله
يا حبذا لو جمعت هذه السلسلة في كتاب ونشرت
سبقتنى بها أخى
لطالما وددت أن تجمع هذه المقالات فى كتاب واحد
بارك الله فيك أخى أبا العباس و جعل ما تكتب فى ميزان حسناتك
__________________
أبو الفداء عاطف بن محمدعدس بن محمد عبدالله البحراوي
المصري المولد و الجنسية - السلفي عقيدة و منهجا
الغارق فى خطاياه - الفقير الى عفو ربه
غفر الله له و لوالديه

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم"" لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ ". صححه الالباني
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-29-2009, 01:41 AM
أبو الأزهر السلفي أبو الأزهر السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,172
افتراضي



بارك الله فيك أستاذنا أبا العباس على هذا المقال الماتع حقا وصدقا والذي قل نظيره فيما قرأت..
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.