أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
26522 123455

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-27-2013, 09:14 PM
فهير الأنصاري فهير الأنصاري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: المملكة العربية السعودية .
المشاركات: 404
افتراضي ابتسم .. مع غلاة التجريح { عبيد الجابري وتصوف صالح المغامسي } ؟!

ابتسم .. مع غلاة التجريح { عبيد الجابري وتصوف صالح المغامسي } ؟!



الحمد الله رب العالمين ؛ وبعد :
في مجلس وعظ وتذكير ذكر الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله تعالى - قصة : { خزين القبور } ضمن شريطه الموسوم بــ " فاجعة الفجر " ، فانبرى الشيخ عبيد الجابري - سدده الله تعالى - لبيان وهائها وسقوطها من جهة الإسناد والمتن في مقالة مفردة ، وقد تلطف في الرد عليه بشكل محمود - بداية لا نهاية ! - .
إلا أن الفاجعة - فيما بعد ! - أن يجعل الشيخ الجابري هذه القصة المحكية دليلا على الحكم بالتصوف (!) على الشيخ صالح المغامسي ؛ بل قل : وضعه في دركات أشد جاعلا القصة قاضية في الحكم على الشيخ المغامسي بأنه : { داعية تصوف } وهذه ثالثة الأثافي !


فقال الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - في جوابه المنشور على الشبكة : (هذا الرجل جاهل، لا أنصح بأخذ العلم عنه، لأنه ليس من المتخصصين في الشرع حسبما بلغني.. هذا أولا ..، ثانياً الرجل داعية تصوف، ويدل لذلك قصة المقبورة، وقد رددتها في سحاب بعنوان «التقريرات المسطورة» فهذه القصة من حيث الإسناد هالكة، وهو اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة، وفيها نكارات، فليراجعها من شاء.
وبلغني عنه أنه يقول: يجوز التنازل عن ترك الشرك أو كذا، أو يجوز التنازل من أجل جمع الكلمة.. يعني التنازل عن التوحيد أو التنازل عن إنكار الشرك من أجل جمع الكلمة، وهذه سبقه إليها القرضاوي، والقرضاوي إمام بعيد الغور في الضلال، وليس في الهدى، وعنده كفريات، ولو قلت قول القرضاوي هذا لكفرت .
فيجب الحذر من المغامسي، صالح بن عواد إمام مسجد قباء، كما يجب الحذر من القرضاوي والتحذير من الرجل ) !

هكذا قال - أرشده الله لمراضيه - ؛ وهذا يقال فيه : ابتسم .. فإنك مع غلاة التجريح والتطويح !


وإلى المناقشة - قاصدين الحق لا الخلق - على مقامات :


في بيان الباعث على الجرح بالتصوف ؟!

ليس كل كلام بمجرده يلقى يعد جرحا مقبولا - وفي نفسه ! - دليلا وإلا لزم قبول كل تطويح خرج - هكذا مطلقا - في كل الناس دون النظر في الأحوال والأعيان والموانع والدوافع ؛ فللجرح من الأوصاف والأحكام ما لا يسعه المقام !
لا علينا ؛ فالشيخ الجابري جرح الشيخ المغامسي بكونه { داعية تصوف } معللا ذلك بإيراد صالح المغامسي قصة { خزين القبور } في مجلس الوعظ الخاص به ، ولذا قال عبيد الجابري - سدده الله - : ( الرجل داعية تصوف، ويدل لذلك قصة المقبورة، وقد رددتها في سحاب بعنوان «التقريرات المسطورة» فهذه القصة من حيث الإسناد هالكة، وهو اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة، وفيها نكارات ) !!


فبهذا التصريح - قل : التطويح ! - بين الشيخ عبيد الجابري الباعث لرمي المغامسي بكونه { داعية تصوف } لأنه :
أولا : ذكر القصة ، وهي هالكة وفيها نكارات .
ثانيا : أنه اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة .
فرحم الله الجرح والتعديل !


ويأتيك الرد بالتوالي :


المقام الأول :


وقفة ؛ مع " التقريرات المسطورة " .

انبرى الشيخ عبيد الجابري - سدده الله تعالى - في توهين قصة خزين القبور ضمن سلسلته المسماة بــ : " تحذير أولي الألباب من المقالات المخالفة للصواب " في الحلقة الثانية منها ، وكانت بعنوان : " التقريرات المسطورة بالكشف عن سقوط قصة المقبورة " فشكر الله - تبارك وتعالى - له جهوده المبذولة في التحذير من المقالات المخالفة للصواب ونهج أولي الألباب .
وقد بين الشيخ - مشكورا مأجورا - سبب سقوطها من جهتين : الإسناد والمتن .

أما - الجهة الأولى - قال الشيخ في " التقريرات المسطورة " ( 3 ) : " مصادرَها كما وقفتُ عليها : المصدر الأول : المصدر الأول: كتاب [الدعاء للإمام أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني اللّخمِي -رحمه الله-]فإنها موجودةٌ في كتابه ذلك بسندِها، وسندها فيه (عُبيد بن إسحاق العطار) ويقال (عطَّارُ المطلَّقات) كوفي كنيته أبو عبدالرحمن مات بعد المائتين من الهجرة ، وهذا الرجل العطار ضعَّفه جمٌّ غفيرٌ من الأئمة .. أقول: وهذه القصّة ممن انفردَ بها ذلكم الرجل " ، ثم ساق أقوال المحدثين في عبيد العطار .
ثم قال : " والمصدر الثاني: كتابٌ لرجلٍ من غلاة المتصوِّفة وهو [ابن عطاء الله الإسكندراني] وقد شرح هذا الكتب [الحِكَم] متصوفٌ أخر هو أحمد بن محمد ابن عَجِيبة الحسَنِي. قال فيه صاحبُ [معجم المطبوعات العربية]: "العارف الصّوفي!!"، وسَمَّى شرحه (إيقاظ الهِمَم شرح متن الحِكَم) والقصة موجودةٌ في الشّرح " .

قلت :
اكتفى الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - في استخراجها من كتاب " الدعاء " للطبراني ، وذكر أن مدار الإسناد على عبيد العطار ، وهذا فيه قصور من جهة احتمال ورود متابعة وإن كان في المتن نكارة من رواية عبيد العطار (!) وبيان ذلك من جهتين :

الجهة الأولى :
القصة أخرجها ابن أبي الدنيا في " القبور " برقم : ( 135 ) ، وفي " مجابو الدعوة " برقم : ( 47 ) ، وفي " هواتف الجنان " برقم : ( 58 ) ، وفي " من عاش بعد الموت " برقم : ( 25 ) و الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " ( 1 / 191 _ 192 ) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( 2 / 309 ) ، والطبراني في " الدعاء " برقم : ( 824 ) ، وعبد الغني المقدسي في " التوكل وسؤال الله عزوجل " كما في المخطوط : ( 8 / لوحة : ب ) كلهم من طريق عبيد بن إسحاق الضبي ثنا عاصم بن محمد العمري عن زيد بن أسلم عن أبيه .


فلا حاجة لعزوها - كمصدر ! - إلى كتاب "شرح الحكم " لابن عجيبة الصوفي (!) ومن ثم تحميل الشيخ المغامسي تهمة التصوف ، بل والدعوة إليه لأجل هذا الكتاب ونحوه من العلل العليلة المفضية إلى هذه التهمة الجائرة - كما سيأتي لاحقا - ، فلو أنه - هداه الله تعالى - اهتم بموارد القصة اهتمامه في تبيين كتاب " الحكم " للصوفي وشارحه لكان أجود علما وتحقيقا !


الجهة الثانية :
قول الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - : ( وهذا الرجل العطار ضعَّفه جمٌّ غفيرٌ من الأئمة .. أقول: وهذه القصّة ممن انفردَ بها ذلكم الرجل ) .

الأصل قبل الحكم على الأحاديث والآثار تتبع مظانها جمعا وتنقيحها ، فكم من حديث تواردت له الأسانيد مختلفة المراتب والأحكام ، ولذا فالحكم الكلي لا يكون في حال النظر لطريق واحدة فحسب ، كما قيل : الطرق فاضحة كاشفة .
ومن العبارات في المسألة : ما قاله الحافظ صلاح الدين العلائي - رحمه الله - في " النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح " ( 25 _ 26 ) : " الحكم على الحديث بكونه موضوعًا من المتأخِّرين عسيرٌ جدًّا، لأنَّ ذلك لا يتأتَّى إلاَّ بعد جمع الطرق، وكثرة التفتيش، وأنه ليس لهذا المتن سوى هذه الطريق الواحدة، ثم يكون في رواتها من هو مُتَّهم بالكذب إلى ما ينضمٌّ إلى ذلك من قرائنَ كثيرةٍ يُقتضَى للحافظ المتبحِّر الجزم بأنَّ هذا الحديث كذب، ولهذا انتقد العلماء على الإمام أبي الفرج ابن الجوزي في كتابه «الموضوعات» توسعه في الحكم بذلك على الكثير من الأحاديث ليست بهذه المثابة،.. وفيها ما له طريق أخرى يقوى بها الحديث لم يطلع عليها .. قد خلت الآفة عليه من هذه الوجوه وغيرها " .


ولو أن الشيخ عبيدا الجابري - سدده الله - نظر في الطرق لهذه القصة ما زعم قائلا : ( وهذه القصّة ممن انفردَ بها ذلكم الرجل ) !

فقد تابع عثمان بن زفر بن مزاحم التيمي : عبيد الله بن إسحاق العطار ، كما قال ابن أبي الدنيا في " القبور " برقم : ( 135 ) ، وفي " مجابو الدعوة " برقم : ( 47 ) ، وفي " هواتف الجنان " برقم : ( 58 ) ، وفي " من عاش بعد الموت " برقم : ( 25 ) : " قال أبو جعفر{ محمد بن الحسين } فسألت عثمان بن زفر التيمي عن هذا الحديث فقال قد سمعته من عاصم بن محمد " .


1 ) . وعثمان بن زفر : صدوق ؛ كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " التقريب " رقم : ( 4468 ) ، وأروده ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 453 ) ، وذكر جمال الدين المزي في " تهذيب الكمال " ( 19 / 372 ) عن محمد بن عبد الله الحضرمي قوله : " وكان ثقة " ، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 6 / 150 ) : " سئل أبى عنه ، فقال : صالح الحديث صدوق كتبنا عنه " .


2 ) . وأبو جعفر المذكور شيخ ابن أبي الدنيا - وهو من المكثرين عنه - في مجموع الأسانيد ، هو : محمد بن الحسين البرجلاني ، قال الذهبي فيه ، كما في " ميزان الاعتدال " ( 3 / 522 ) : " أرجو أن يكون لا بأس به ، ما رأيت فيه توثيقا ولا تجريحا، لكن سئل عنه إبراهيم الحربى، فقال: ما علمت إلا خيرا " .
وتعقبه الحافظ ابن حجر العسقلاني بقوله ، كما في " لسان الميزان " ( 7 / 87 ) : " وما لذكر هذا الرجل الحافظ الفاضل معنى في الضعفاء ، وقد ذكره ابنُ حِبَّان في الثقات " .
نعم ، فقد أورده ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 88 ) .
قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ( 7 / 229 ) : " قال سمعت أبى يقول ذكر لى ان رجلا سأل احمد بن حنبل عن شئ من حديث الزهد ، فقال : عليك بمحمد بن الحسين البرجلانى " .
وقد أورده ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 288 ) ، وابن مفلح في " المقصد الأرشد " ( 2 / 389 ) والله اعلم .


ومن الجدير بالذكر :
1 ) . أن أبا حاتم الرازي سئل عن خبر عبيد الله العطار هذا ، قال ابن أبي حاتم في " علل الحديث " ( 1 / 835 ) : " قال أبي : هذا الحديث الذي أنكروا على عبيد لا أعلم رواه غير عبيد وعاصم ثقة وزيد بن أسلم ثقة " .
وعبارة هذا الحافظ القائل " لا أعلم رواه غير عبيد " على سعة معرفته أجود من عبارة الشيخ عبيد الجابري : " وهذه القصّة ممن انفردَ بها ذلكم الرجل " !
ومع ذلك : قال شمس الدين السخاوي في " فتح المغيث " ( 1 / 255 ) عن ابن الجوزي : " ولذا انتقد العلماء صنيعه إجمالا والموقع له في استناده في غالبه لضعف راويه الذي رمى بالكذب مثلا غافلا عن مجيئه من وجه آخر ، وربما يكون اعتماده في التفرد قول غيره ممن يكون كلامه فيه محمولا على النسبي هذا مع أن مجرد تفرد الكذاب بل الوضاع ولو كان بعد الاستقصاء في التفتيش من حافظ متبحر تام الاستقراء غير مستلزم لذلك بل لا بد معه من انضمام شيء مما سيأتي ، ولذا كان الحكم من المتأخرين عسرا جدا وللنظر فيه مجال بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه " .


2 ) . أن عبيد الله بن إسحاق العطار على الرغم من تضعيف الأئمة له - وهذا هو الحق - فقد مشاه أبو حاتم (!) ، فقد ذكر ابن علان الدمشقي في " الفتوحات الربانية " ( 5 / 114 ) : " قال الحافظ { ابن حجر } بعد تخريجه : هذا حديث غريب موقوف رواته موثقون إلا عبيد ابن إسحاق يعني العطار شيخ شيخ الطبراني في الحديث ، فضعفه الجمهور ومشاه أبو حاتم " .
أما قول أبي حاتم الرازي ، فقد حكاه ولده في " الجرح والتعديل " ( 5 / 402 ) : " ما رأينا إلا خيرا، وما كان بذاك الثبت ، في حديثه الانكار " .
وهذا أحسن ما قيل فيه (!) ولذا قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في " لسان الميزان " ( 5 / 349 ) : " وأما أبو حاتم فرضيه " .


3 ) . سميته بــ " خزين القبور " على ما ذكره كمال الدين الدميري في " حياة الحيوان الكبرى " ( 2 / 40 ) قال : " وفي تاريخ ابن النجار، في ترجمة أبي يعقوب يوسف بن الفضل الصيدلاني ... قال أبو يعقوب: فحدثت بهذا الحديث في الكوفة، فقالوا: نعم هذا الرجل كان يقال له خزين القبور " .

وعلى كل حال فالقصة تحتاج إلى مزيد كلام لا يتسع لها المقام فسأفردها ببيان ما فيها من علل لاحقا ؛ وإنما مرادي من هذا السابق إظهار بعض ما وقع للشيخ عبيد الجابري في كلامه عليها !



المقام الثاني :
هل اقتبس الشيخ صالح المغامسي هذه الحادثة من أحد علماء التصوف الغلاة ؟!

قال الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - في جوابه : ( وهو اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة ) ، وكان هذا أحد الأسباب في ترقي - أو قل : انحطاط - الشيخ صالح بن عواد المغامسي من دركة { التصوف } إلى دركات الغلواء فيه (!) فأصبح : { داعية تصوف } لطفك يا لطيف !
فهذه يقال فيها ، ما قاله جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في مناسبة علمية أخرى ، ضمن رسالته المخطوطة : " وقع الأسل " ( 1 / لوحة : أ ) : " فلما وصل إلي هذا الخبر ضحكت كل الضحك من غاية جهل هؤلاء وحمقهم وفي الحقيقة هم معذورون لعدم معرفتهم بالعلم وعدم اطلاعهم على تصرفات العلماء " .

والكلام على ذلك من جهات متتالية :

الجهة الأولى :
زعم الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - في قوله : ( وهو اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة ) أن الشيخ صالحا بن عواد المغامسي - حفظه الله - اقتبسها من أحد غلاة التصوف ، وهذا كذب له قرون من ثلاثة وجوه :
الوجه الأول : من أين علم الشيخ عبيد الجابري - غفر الله له - أنه اقتبسها من أحد علماء غلاة الصوفية ؟!
فإن قال : لأنها - كما صرح هو ! - عبيد الجابري لأنها موجودة بحسب مصادره - بعد أن قتل المسألة بحثا ! - في كتاب "شرح الحكم " لابن عطاء الله الإسكندراني ، بشرح ابن عجيبة الصوفي !
قلنا : وقد ذكرت - أعني : عبيدا ! - أنك وجدتها عند الطبراني في " الدعاء " ؛ فلماذا جعلته ناقلا لها من كتاب "شرح الحكم " الصوفي ، مع احتمال أنه نقلها من كتاب " الدعاء " للطبراني ، وهو المصدر الثاني الذي وجدته (؟!) أم إذا احتمل الأمر حملته على شر الوجوه في الاختيار (؟!) فلماذا لم تقدر - أحسنها ! - بأنه نقلها من كتاب " الدعاء " للطبراني ؟!!!

ومما يضحك - ويبكي ! - أن عبيدا الجابري حينما أراد إنصاف صالح بن عواد المغامسي في قوله عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : ( يحب غرائب الأخبار ) فسارع عبيد الجابري - مستفهما ! - فقال في رسالته : " التقريرات المسطورة " ( 4 ) : " فالسؤال أولاً ما هذه الغرائب التي كان يحبُّها عمر -رضي الله عنه-؟! كما قال الأستاذ [صالح المغامسي] فإن هذه العبارة مجملة ولا عبرةَ بالمجمل إلا بعد البيان " ، ثم أتى عليها ناقضا !

فهل أصبح عبيد الجابري - سدده الله - بقوله : ( فإن هذه العبارة مجملة ولا عبرةَ بالمجمل إلا بعد البيان ) : يذهب إلى ( حمل ) { مجمل } كلام الناس على { مفصله } مبينه (؟!) أم يهتم بمعرفته في عملية التصحيح والنقد (؟!) أو يجعل للمبين من بعد الإجمال في خطأ الأقوال مكانة في تحديد مراد صاحبها ؟!

الوجه الثاني : مما يؤكد كذب قول الشيخ الجابري - سدده الله - في زعمه السابق (!) أنه هو - أعني : عبيدا - قال في " التقريرات المسطورة " ( 1 ) وهو يخاطب الناس : ( أولا : إسماعُكم إياها بصوت الرجل، -ويعلم الله أنه لم يكن فيه من قِبَلِنا لازيادةٌ ولانقصٌ ) .
وقال - أيضا - في " التقريرات المسطورة " ( 3 ) : (سمعتم معاشرَ المسلمين والمسلمات هذه القصة وكما أسلفتُ فإنها بصوتِ الرجل كما حكاها، وهاكم بعد أن سمعتُموها ووعينتُموها تماماً ... ) .

فأين في كلام صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله تعالى - أنه اقتبسها من كتاب " إيقاظ الهمم بشرح الحكم" لابن عجيبة الصوفي (؟!) فكيف يزعم الشيخ الجابري - بعد ذلك - أنه اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة (؟!) وفي ذات الوقت - يتنزل الورع ! - على الشيخ عبيد فيقول - زاعما - : ( ويعلم الله أنه لم يكن فيه من قِبَلِنا لازيادةٌ ولانقصٌ ) مع أن كلام المغامسي مسجل متوفر (!) فكيف لو لم يكن هناك تسجيل (؟!) فالله اعلم بماذا سيقوله مالم يقل !


الوجه الثالث : أن الشيخ صالحا المغامسي - حفظه الله - لما ساق القصة في مجلسه أتى فيها بلفظ بعض من أخرجها مسندة - كما سبق - ، بينما ابن عجيبة الصوفي حينما ذكرها في " إيقاظ الهمم في شرح الحكم " ( 308 ) ساقها بلفظ مختلف وباختصار يختلف عن سياق المغامسي لها (!) بل إن ابن عجيبة الصوفي مع ذكره لها - أولا- ، واختصارها - ثانيا - ؛ فإنه انفرد بذكر شيء لم يأتي عليه غيره يباين الذي المنصوص مما أسنده من أسندها ، وسياق المغامسي لها كان موافقا للمسند منها لا لإيراد ابن عجيبة الصوفي (!) ؛ فكيف يزعم عبيد الجابري أن المغامسي اقتبسها من أحد غلاة التصوف ، وهو ابن عجيبة شارح حكم ابن عطاء الله الإسكندري بعد ذلك ؟!



الجهة الثانية :
على افتراض أن صالحا المغامسي - حفظه الله تعالى - اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة ، وهو ابن عجيبة في شرحه على الحكم العطائية ، فهذا لا يكون كافيا في إثبات تصوفه - بداية ! - فضلا عن جعله داعية تصوف - نهاية !! - ، كما علل ذلك عبيد الجابري - سدده الله - في قوله : ( الرجل داعية تصوف، ويدل لذلك قصة المقبورة .. وهو اقتبسها من أحد علماء التصوف الغلاة ) !

وبيان ذلك من وجوه :
الوجه الأول : أن صالحا المغامسي - حفظه الله - حكاها كغيره ؛ فقد نقل هذه الحادثة جماعة من أهل العلم كابن كثير الدمشقي - رحمه الله - في " مسند الفاروق " ( 1 / 241 ) ، وابن الجوزي - رحمه الله - في " مناقب عمر بن الخطاب " ( 66 ) ، ويوسف بن حسن بن عبد الهادي - رحمه الله - في " محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " ( 1 / 352 ) ، وكمال الدين الدميري - رحمه الله - في " حياة الحيوان الكبرى " ( 2 / 40 ) ، فهل يعد ذلك موجبا لتهمة التصوف لمجرد إيرادها !

إلا أن الجابري - سدده الله - يقول في " التقريرات المسطورة " ( 5 ) : " رجلٌ جاهل، ليست عندهُ أهليَّة النظر حتى يميز ما ينقله للناس ويعظهم به ، وأخر صاحب هوى ضالٌّ مُضل له مَقصَد سيّئ، وهو: إشغال الناس عن فقه الكتاب والسنة، أو ربط عوام الناس بأهل الخُرافة من غلاة المتصوفة وأمثالِهم " !

مع العلم : أن صالحا المغامسي ساق هذه الحادثة : { خزين القبور } في شريطه المسمى بــ " فاجعة الفجر " ليس استدلالا بها (!) بل من باب الاستئناس - فحسب - بعد ذكره ما يتعلق برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحسن والحسين ، ومراعاة الاستعانة بالله تعالى ، وتعليم الصبيان هذه العقيدة وتدبرها ، وفرق بين الإيراد للتأسيس والاستئناس !
فقال الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - : ( فالمحذور الذي نراه نعرف كيف ندفعه، ونستعين بالله عليه، أما المحذور الذي لا نراه فلا نعرف كيف ندفعه؛ لأننا لا نراه، فيكفينا أن نستعين بالله جل وعلا عليه، فكان صلى الله وسلم عليه يضع يديه على رأس الحسن و الحسين ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة)، فهذه الاستعاذة تربي الأبناء أول الأمر على أن هناك رباً وإلـهاً يكلأ ويحفظ ويرعى ويفعل ما يريد لا إلـه إلا هو، وأن ثمة شروراً لا ترى بالعين ولا يدفعها إلا الرب تبارك وتعالى، فالله جل وعلا ولينا في كل نعمة، وملاذنا عند كل نقمة.
كما أن فيها أن المرء يستودع الله جل وعلا ثمرة فؤاده، والله تبارك وتعالى -كما قال يعقوب في كتاب الله- خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله إذا استودع شيئاً حفظه)، ومن دلائل هذا من باب الاستئناس أنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ... ) ثم ساق القصة .

فتأمل .. وبالحق تجمل .. كيف قال الشيخ صالح المغامسي : " ومن دلائل هذا من باب الاستئناس " ، وهذا مما أخفاه - أو قل : غاب ! - عن الشيخ عبيد الجابري مع أنه قال في " التقريرات المسطورة " ( 1 ) وهو يخاطب الناس : ( أولا : إسماعُكم إياها بصوت الرجل، -ويعلم الله أنه لم يكن فيه من قِبَلِنا لازيادةٌ ولانقصٌ ) !

وهذا عند بعض المحدثين كالسخاوي - رحمه الله - كما في " المقاصد الحسنة " ( 684 ) فقال : " وأما الثاني فيمكن الاستئناس له .. " ، وحكاه عنه العجلوني - رحمه الله - متابعا في " كشف الخفاء " ( 292 ) .
ومن الجميل : أن الإمام محمد بن ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - أورد في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 2 / 425 ) قول البيهقي في " شعب الإيمان ( 2 / 97 / 1 ) بعد أن ذكر كلاما جيدا للحليمي في " شعبه " : " وتكلم في بطلان ما يرويه بعض الجهال عن نبينا صلى الله عليه وسلم : " ولدت في زمن الملك العادل " . يعني أنوشروان . وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ ( يعني الحاكم صاحب " المستدرك " ) قد تكلم أيضا في بطلان هذا الحديث ، ثم رأى بعض الصالحين رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، فحكى له ما قال أبو عبد الله ، فصدقه في تكذيب هذا الحديث وإبطاله ، وقال : ما قلته قط " .
ثم قال الشيخ الألباني : " قلت : والمنامات وإن كان لا يحتج بها ، فذلك لا يمنع من الاستئناس بها فيما وافق نقد العلماء وتحقيقهم كما لا يخفى على أهل العلم والنهى " .

فتدبر كيف لم يمانع الإمام الألباني الاستئناس بالمنامات فيما يكون مدعما للقواعد المرعية والمقاصد الشرعية ، مع أن الصوفية كانوا يستدلون بالرؤى والمنامات في تصحيح أو تضعيف المسائل والأحاديث ونحو ذلك ، والفرق بينهما أن الأوائل يوردونها للاستئناس لا للتأصيل ؛ وهكذا قام المغامسي - حفظه الله - بإيراد { خزين القبور } بعد تقريره لمادة الرقية والاستعانة بالله من باب الاستئناس لا التأصيل .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 4 / 25 ) : " وأهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في نقض أصل عظيم من أصول الشريعة بل إما في تأييده ؛ وإما في فرع من الفروع " .

قال العلامة الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في " شرح أصول الإيمان " ما نصه : " أن يورد الحديث الضعيف في تأييد ما دلت عليه النصوص وفي الشواهد ، فهذا كل عمل أئمة السنة على ذلك ... ، الحديث إذا كان ضعيفاً واشتمل على أشياء منها ما يؤيد الأصل ومنها ما هو جديد فإنهم يستدلون به في التأييد لما ثبت في الأصل وأما ما انفرد به الحديث الضعيف من الاعتقاد أو من الأمر الغيبي فإنهم لا يثبتونه " .


الوجه الثاني : على اعتبار أن صالحا المغامسي رواها من كتاب " إيقاظ الهمم " لابن عجيبة الصوفي - وهذا محال ، كما سبق ! - فهذا لا يلزم منه تصوفه ( أولا ) ودعوته للتصوف ( ثانيا ) وإلا لزم أن كل ناقل من العلماء من كتب أهل البدع مثلهم في الحكم ، وهذا ممتنع !
وقد صرح بذلك الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - كما في شريط : " جناية التميع على المنهج السلفي " حول النقل عن أهل البدع ، فقال - ضمن تفصيل له - : " لكن بعض العلماء الأفاضل رأيناهم ينقلون عن مبتدعة فلا نستطيع أن نقول عن هؤلاء مبتدعة أو أنهم جعلوا أنفسهم سلماً لأهل البدع ، لا حاشاهم من ذلك " .

فإذا كان بعض العلماء الأفاضل - كما ذكر الجابري ! - ينقل عن أهل البدع ولا يطلق عليه اسم البدعة ؛ فكيف بمن ينقل قصة { كالمغامسي } على وجه الاستئناس ، وقد أسندها جماعة من المحدثين ، وذكر خبرها طائفة من العلماء المرضيين (؟!) فمن الجدير إنصافه ، ورفع تهمة التصوف عنه من باب أولى !

الوجه الثالث : فقد اتهم - بالبهتان ! - عبيد الجابري الشيخ المغامسي باقتباسه الحادثة من شرح ابن عجيبة الصوفي على " الحكم العطائية " وهذا من القول الباطل والرأي العاطل (!) ومن تكميل السابق - الوجه الثاني - ؛ فهذا ابن قيم الجوزية - رحمه الله - ينقل كلام المتوصفة تارة على وجه النقد وأخرى على وجه الاستشهاد وذلك في مجموع من تواليفه ، بل حتى نقل لابن عطاء الله الإسكندري الصوفي صاحب " الحكم " (!) في منازل القرب من الله تعالى كالشوق والمحبة ، كما تجده في " طريق الهجرتين وباب السعادتين " ( 482 ) مع أن ابن عطاء من غلاة الصوفية وأشد خصوم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وصرح بدلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في " الدرر الكامنة " ( 1 / 324 ) فقال : " وكان المتكلم على لسان الصوفية في زمانه وهو ممن قام على الشيخ تقي الدين بن تيمية فبالغ في ذلك " .

فائدة : المناظرة المحكية بين شيخ الإسلام وابن عطاء الله الإسكندري لا تصح (!) فضلا عن ركاكتها في البيان والحجاج مما يتنزه عنه ابن تيمية - رحمه الله - ، والظاهر أنها من كيس الكاتب المسرحي عبد الرحمن الشرقاوي اليساري (!) في كتابه " ابن تيمية الفقيه المعذب " ( 193 _ 200 ) وكل من حكاه عيال عليه في نسبتها !

ومن اللطيف : إن كان الشيخ الجابري - سدده الله تعالى - يحكم على الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - لأجل تلك الحادثة الواقعة بأنه من دعاة التصوف (!) فماذا يفعل فضيلته على سبيل المثال مع من يلتمس المخارج لكلامهم وأحوالهم (؟!) وهذه نماذج - على وجه التمثيل لا الحصر - من مواقف ابن القيم من كلام وأحوال هؤلاء !

1 ) . قال ابن القيم - رحمه الله - في " طريق الهجرتين " ( 45 _ 46 ) : " فإنه سميع قريب وهذا القرب هو من لوازم المحبة فكلما كان الحب أعظم كان القرب أكثر وقد استولت محبة المحبوب على قلب محبه بحيث يفنى بها عن غيرها ويغلب محبوبه على قلبه حتى كأنه يراه ويشاهده فإن لم يكن عنده معرفة صحيحة بالله وما يجب له وما يستحيل عليه وإلا طرق باب الحلول إن لم يلجه وسببه ضعف تمييزه وقوة سلطان المحبة واستيلاء المحبوب على قلبه بحيث يغيب عن ملاحظة ما سواه وفي مثل هذه الحال يقول سبحاني أو ما في الجبة إلا الله ونحو هذا من الشطحات التي نهايتها أن يغفر له ويعذر لسكره وعدم تمييزه في تلك الحال " !

2 ) . قال ابن القيم - رحمه الله - في " مدارج السالكين " ( 1 / 148 _ 149 ) : " فرحمة الله على أبي إسماعيل فتح للزنادقة باب الكفر والإلحاد فدخلوا منه وأقسموا بالله جهد أيمانهم إنه لمنهم وما هو منهم وغره سراب الفناء فظن أنه لجة بحر المعرفة وغاية العارفين وبالغ في تحقيقه وإثباته فقاده قسرا إلى ما ترى ... وحاشا شيخ الإسلام من إلحاد أهل الإتحاد وإن كانت عبارته موهمة بل مفهمة ذلك وإنما أراد بالجحد في الشهود لا في الوجود أي يجحده أن يكون مشهودا فيجحد وجوده الشهودي العلمي لا وجوده العيني الخارجي .. " .


المقام الثالث :
الحق هو العدل في الأحكام والأوصاف

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }


فإن الشيخ عبيدا الجابري - سدده الله - يجمع في كلمة واحدة عشرات الأوصاف والأحكام في الكلام على مخالفه ، ومن طالع مقالاته في الرجال أدرك ذلك ، فعلى سبيل المثال يقول عن الشيخ علي الحلبي - حفظه الله - : ( ليس صاحب أثر، بل هو مبتدع ضال مضل، داعية ضلال، مفسد في العباد والبلاد ) وهذا الكلام في محاضرة بعنوان : شرح قوله تعالى : {{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ }} ، فكيف لو كانت المحاضرة بعنوان : " الجرح والتعديل " فاللهم لطفك !
ويقول عمن يرتاد مركز الإمام الألباني : ( لا يحضر هذا المركز إلا مغفل أو لعاب يجد فيه بغيته من نشر الهوى ) !
ويقول - أيضا - عن أهل الجزائر وليبيا : ( بأنهم حمير ) ثم كتب مقالة يوضح فيها مراده بما لا يستقيم له (!) ولا يرفعه عن الخطأ ، فقال في " التبيان بكشف دسيسة الفتان " ( 1 ) : " قبل سنتين تقريبًا اتصل بي رجل من الجزائر - في ما يبدو لي من لهجته - سائلاً عنحال الشيخ علي بن حسن الحلبي ؛ فأجبته : ( أن الرجل له جهود علمية ، ولا أعلم - حتىالساعة - ما يمنع الإفادة منها ) ، فعقب قائلاً : أن الشيخ عبد الله الغديان قال فيالحلبي : ( أنه رئيس الإرجاء في الجزيرة ) ، فقلت له : ( يا ولدي ، أجبتك بعلمي )،فتعقبني مشددًا ( علمك فيه إرجاء ؛ فأنت تؤيد المرجئة - والعياذ بالله - ) ، فقلت: ( مسكين أنت ) . فكرر هذه الكلمة ، وأكثر تكرارها ؛ فزجرته بقولي : ( لا بارك الله فيك ) ، فلما أصر على ما وصفني به من تأييد المرجئة - وهذا من البدع الكبار - قلتله : ( الجزائريون والليبيون حمير إلا من رحم الله " ) .


ولذا لا أستغرب من وصفه للشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - بأنه جاهل وادعية تصوف (!) فلسانه قد اعتاد على لحوم العلماء بالتجريح والتطويح والتشريح ، وإلى الله المشتكى !
وغاية الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - من استعمال جاسي العبارات ، وأقذع الكلمات في حق مخالفيه التنفير منهم قدر المستطاع (!) مع أن الواجب عليه - إن كان مجتهدا في طلب الحق - الكلام بما فيه الحق مع العدل دون شطط ولا حيف في الأوصاف والأحكام ، وهذا من أهم شروط الحجاج العلمي ، وما يمليه المنهج التربوي المرعي في التعامل مع المخالفين !

قال القرافي - رحمه الله - في " الفروق الفقهية " ( 4 / 362 ) : " أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر الناس فسادها وعيبها وأنهم على غير الصواب ليحذرها الناس الضعفاء فلا يقعوا فيها وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن بشرط أن لا يتعدى فيها الصدق ولا يفترى على أهلها من الفسوق والفواحش ما لم يفعلوه بل يقتصر على ما فيهم من المنفرات خاصة فلا يقال على المبتدع إنه يشرب الخمر ولا أنه يزني ولا غير ذلك مما ليس فيه " .

وقد تقدم في طليعة مقالي هذا توجيه الشكر للشيخ عبيد الجابري - سدده الله تعالى - في تحذيره من المقالات الباطلة ، والمناهج الردية ، حفاظا على السنة وأهلها ، فلو اكتفى بالرد على الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - بالعلم كلمة والحلم تعاملا ما تحرك اليراع في الرد عليه (!) إلا أنه تجازر القنطرة فزعم أن المغامسي : ( داعية تصوف ) !

وإذا نظرنا - مقارنة ! - في مناهج المحدثين في النقد العلمي سنجد نماذج خلابة في الإنصاف ، ومثاله : ما أسنده الذهبي - رحمه الله - في " المعجم " ( 303 ) عن محمد بن طاهر أنه سأل شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصاري عن الحاكم ، فقال : " إمام في الحديث رافضي خبيث " .
فقال الذهبي - معقبا - : " كلا ما كان الرجل رافضيا بل كان شيعيا ينال من الذين حاربوا عليا رضي الله عنه ونحن نترضى عن الطائفتين ونحب عليا أكثر من خصومه " .
وقال - أيضا - في " ميزان الاعتدال " ( 3 / 608 ) : " قلت : الله يحب الانصاف، ما الرجل برافضى، بل شيعي فقط " .

وتعال - شيخ عبيد - وانظر إلى صنيع شيخنا العلامة بقية السلف عبد المحسن العباد - حفظه الله تعالى - في رده على الشيخ صالح بن عواد المغامسي حول شيء مما يتعلق بالدعوة إلى الجمع بين التصوف والفقه في كلام المغامسي !
وبيان ذلك : فقد كتب الشيخ صالح المغامسي - حفظه الله - مقالة في جريدة : " الشرق الأوسط " الصادرة يوم الثلاثاء 30 ذو القعدة 1433 هـ ، 16 اكتوبر 2012 م ، العدد رقم : ( 12376 ) بعنوان : " فكيف المخدوم ؟! " .
تكلم فيها حول التالي : حول الخطباء السياسيين الحركين ممن يشغل الناس بالسياسة عن الدعوة (!) ،وحول تباين نوع الخطاب الديني بين الترغيب والترهيب في كلام الخطباء ونحو ذلك من المدارس الفقهية وحمل الناس عليها ،وحول افتراق الناس في التصوف - مفهوما وعملا - ومطالبته بالجمع بين الفقه والتصوف المحمود .

والمقصود في المقام قول الشيخ صالح المغامسي - حفظه الله - : " يقل عند قوم في خطابهم روح العاطفة، وإشارات التصوف المحمود، ويعظم عند آخرين فتح باب التصوف بلا مواربة حمده وذامه من غير مسكة عقل أو معين علم، وكل أخطأ الطريق، والآخر شر من الأول، ومن القول المأثور الحسن: من تصوف بلا فقه فقد تزندق، ومن تفقه بلا تصوف فقد تفسق، ومن تفقه وتصوف فقد تحقق ، وقطعا المراد بالتصوف هنا روح العاطفة ورقة القلب ونبذ الجفاء، وعظيم التفكر وفقه الإشارات القرآنية والدلالات النبوية .. فاجمع أيها المبارك بين الفقه والتصوف " .

فرد عليه - ناصحا وموجها - شيخنا العلامة عبد المحسن العباد - حفظه الله - فكتب مقالة بعنوان : " يجمع بين الفقه والزهد والورع ويبتعد عن التصوف لفظا ومعنى " ، وذلك بتاريخ 12 / 2 / 1434 هـ .
بين فيها : أن الأصل في المغامسي أن يعبر بما يدفع الريبة والشبهات فيستعمل لفظ الزهد والورع بدل لفظ التصوف ولو أراد فيه حقا من المعاني ؛ إذ أن اللفظ المذكور حادث ويحمل في معانيه الحق والباطل فالعدول عنه أولى ، وهذا من إنصاف شيخنا عبد المحسن العباد - حفظه الله ورعاه - وحمله كلام المغامسي على أجود المرادات ، وبل واستدل له بكلام شيخ الإسلام - كما سيأتي - ؛ فكيف لو وقف عليه الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - لقال فيه أشنع مقالة وأفظع عبارة زيادة على وصفه بــ " داعية تصوف " !



المقام الرابع
الشيخ صالح المغامسي ومصطلح التصوف

ذكر الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - الجمع بين الفقه والتصوف ، وشرح مراده بالتصوف قائلا : " وقطعا المراد بالتصوف هنا روح العاطفة ورقة القلب ونبذ الجفاء، وعظيم التفكر وفقه الإشارات القرآنية والدلالات النبوية " .

فانتقده شيخنا العلامة عبد المحسن العباد - حفظه الله - من جهتين :
الجهة الأولى : في الإطلاق .
الجهة الثانية : في المراد .


الجهة الأولى :
في إطلاق مصطلح التصوف .

فقد قال شيخنا عبد المحسن العباد - حفظه الله ورعاه - في مقاله " يجمع بين الفقه والزهد والورع .. " ( 2 _ 3 ) : " ولم يأت في الكتاب والسنة وأقوال الصحابة فيما أعلم ذكر التصوف .. وقد يأتي ذكره يراد به الزهد والورع " .

ثم استدل شيخنا العباد بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " (11/28) : " والزهد المشروع ترك ما لا ينفع في الدار الآخرة، وأما كل ما يستعين به العبد على طاعة الله فليس تركه من الزهد المشروع، بل ترك الفضول التي تشغل عن طاعة الله ورسوله هو المشروع، وكذلك أثناء المائة الثانية صاروا يعبرون عن ذلك بلفظ الصوفي؛ لأن لبس الصوف يكثر في الزهاد " .
قلت { فهير } : هو من الألفاظ الحادثة باعتراف الموافقين والمخالفين إلا من قلة ؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفرقان " ( 129 ) : " كان السلف يسمون أهل الدين والعلم : القراء ، فيدخل فيهم العلماء والنساك ثم حدث بعد ذلك اسم : الصوفية والفقراء " .

فكانوا يعبرون - في المائة الثانية - عن الزهد بالتصوف ، واشتهر التكلم فيه بعد القرون الثلاثة الأولى وتكلم فيه جمع من المعتبرين الكبار مطلقينه على الزهد والورع والاشتغال به ثم بعد مراحل امتاز الصوفية عن الزهاد .

1 ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 10 / 368 ) : " وقد كان للزهاد عدة أسماء ، يسمون بالشام الجوعية ، ويسمون بالبصرة الفقرية والفكرية ، ويسمون بخراسان المغاربة ، ويسمون أيضا الصوفية والفقراء " .

2 ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 11 / 5 _ 6 ) : " أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ : كالإمام أحمد بن حنبل وأبي سليمان الداراني وغيرهما . وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري وتنازعوا في " المعنى " الذي أضيف إليه الصوفي "، ثم ذكرها وقال ضمنها : " فإنه أول ما ظهرت الصوفية من البصرة .. وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار ولهذا كان يقال : فقه كوفي وعبادة بصرية " .

ومن اللطيف : ما أخرجه ابن أبي يعلى الحنبلي في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 267 ) والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ( 2 / 275 ) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 51 / 256 ) عن ابن الأعرابي قال : قال قال أبو حمزة كان الإمام أحمد يسألني في مجلسه عن مسائل ويقول ما تقول فيها يا صوفي ؟ " .

قال ابن أبي يعلى الحنبلي في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 267 ) : " قلت أنا : أراد والله أعلم بسؤاله إن أصاب أقره عليه وإن أخطأ بينه له " .

وكان محمد بن إبراهيم ، المكنى بأبي حمزة البغدادي من كبار من ينسب إلى الصوفية في عصره ، وجالس جماعة كأحمد بن حنبل ، وعده من ابن أبي يعلى في " طبقات الحنابلة " ( 1 / 267 ) وابن مفلح الحنبلي في " المقصد الأرشد " ( 2 / 332 ) ممن جالس الإمام أحمد ، وقال الأول - وحكاه الثاني عنه - : " وكان عالما بالقراءات جالس إمامنا واستفاد منه " .

والشاهد من ذلك : أنه كان من الزهاد المنشغلين بأحوال النفس وتقويم السلوك ؛ كما أخرج الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ( 2 / 279 ) وابن الجوزي في " المنتظم " ( 5 / 69 ) عن أبي سعيد الزيادي قال : كان أبو حمزة أستاذ البغداديين وهو أول من تكلم ببغداد في هذه المذاهب من صفاء الذكر وجمع الهمة والمحبة والشوق والقرب والأنس لم يسبقه إلى الكلام بهذا على رؤوس الناس ببغداد أحد وما زال مقبولا حسن المنزلة عند الناس " .



الجهة الثانية :
في تحديد المراد من مصطلح " التصوف " ودفع الارتياب

مصطلح " التصوف " له إطلاقات متعددة ؛ من أقدمها على الزهد والورع والمشتغلين فيه - كما سبق - فهو من الألفاظ المشتركة التي تحتمل الحق والباطل ، وإن كان في بداياته يستعمل في معاني صحيحة إلا أنه كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 11 / 18 ) : " فهذا أصل التصوف ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع وصارت " ، ثم ذكر أصنافهم وما يتعلق به .

وقال - أيضا - في " الرد على المنطقيين " ( 514 _ 516 ) : " ولهذا كان الشيوخ العارفون المستقيمون من مشايخ التصوف وغيرهم يأمرون اهل القلوب ارباب الزهد والعبادة والمعرفة والمكاشفة بلزوم الكتاب والسنة قال الجنيد بن محمد علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرا القران ويكتب الحديث لا يصلح له ان يتكلم بعلمنا وقال الشيخ ابو سليمان الداراني انه لتمر بقلبي النكتة من نكت القوم فلا اقبلها الا بشاهدين الكتاب والسنة .. وهم كلهم متفقون على انه لا طريق للعباد الى الله الا باتباع الواسطة الذي بينهم وبين الله وهو الرسول ، ولكن دخل في طريقهم اقوام ببدع وفسوق والحاد وهؤلاء مذمومون عند الله وعند رسوله وعند اوليا الله المتقين " .


فتأمل كيف كان الأوائل حتى دخل فيهم من أفسدهم (!) وقارن بين مقالات المتقدمين والمتأخرين تعرف البون الشاسع ، والمدى الواسع بينهما ، ويؤكد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بقوله في " الصفدية " ( 1 / 266 _ 267 ) : " والجنيد رحمه الله تكلم بكلام الأئمة العارفين فإن كثيرا من الصوفية وقعوا في نوع من الحلول والإتحاد كما ذكر ذلك أبو نعيم في الحلية وكما ذكره القشيري في رسالته .. والشيوخ الأكابر الذين ذكرهم أبو عبدالرحمن السلمي في طبقات الصوفية وأبو القاسم القشيري في الرسالة كانوا على مذهب أهل السنة والجماعة ومذهب أهل الحديث كالفضيل بن عياض والجنيد بن محمد وسهل بن عبدالله التستري وعمرو بن عثمان المكي وأبو عبدالله محمد بن خفيف الشيرازي وغيرهم وكلامهم موجود في السنة وصنفوا فيها الكتب لكن بعض المتأخرين منهم كان على طريقة بعض أهل الكلام في بعض فروع العقائد ولم يكن فيهم أحد على مذهب الفلاسفة وإنما ظهر التفلسف في المتصوفة المتأخرين فصارت المتصوفة تارة على طريقة صوفية أهل الحديث وهم خيارهم وأعلامهم وتارة على اعتقاد صوفية وتارة على اعتقاد صوفية أهل الكلام فهؤلاء دونهم وتارة على اعتقاد صوفية الفلاسفة كهؤلاء الملاحدة " .


ولأجل دخول ما أفسدهم مع سلامة الأوائل من المتقدمين تنازع الناس في التصوف بين المدح والذم ؛ بينما الحق هو ما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 11 / 17 _ 18 ) فقال : " ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه تنازع الناس في طريقهم ؛ فطائفة ذمت " الصوفية والتصوف " . وقالوا : إنهم مبتدعون خارجون عن السنة ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام . وطائفة غلت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم . و " الصواب " أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب . ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه . وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم : كالحلاج مثلا ؛ فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه وأخرجوه عن الطريق . مثل : الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره . كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي ؛ في " طبقات الصوفية " وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد . فهذا أصل التصوف ، ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع وصارت " .


وقال - أيضا - شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - مفرقا بين هؤلاء ، في " مجموع الفتاوى " ( 21 / 253 و 255 و 258 _ 259 ) : " ومن أمر بعشق الصور من المتفلسفة كابن سينا وذويه أو من الفرس كما يذكر عن بعضهم ؛ أو من جهال المتصوفة : فإنهم أهل ضلال وغي .. وأما من نظر إلى المرد ظانا أنه ينظر إلى الجمال الإلهي وجعل هذا طريقا له إلى الله - كما يفعله طوائف من المدعين للمعرفة - فقوله هذا أعظم كفرا من قول عباد الأصنام .. والصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق في الأمة لم يكونوا يستحبون مثل هذا ؛ بل ينهون عنه ولهم في الكلام في ذم صحبة الأحداث وفي الرد على أهل الحلول وبيان مباينة الخالق للمخلوق ؛ ما لا يتسع هذا الموضع لذكره وإنما استحسنه من تشبه بهم ممن هو عاص أو فاسق أو كافر ؛ فتظاهر بدعوى الولاية لله وتحقيق الإيمان والعرفان وهو من شر أهل العداوة لله وأهل النفاق والبهتان " .



ولذلك منع شيخنا عبد المحسن العباد - حفظه الله ورعاه - في مقاله " يُجمع بين الفقه والزهد والورع ويُبتعد عن التصوف لفظاً ومعنـى " من أطلاق هذا المصطلح بكونه من المشتركات المبهمات - وهذا حق - ؛ فكان من الجدير بالشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله تعالى - ترك استعماله بغض النظر عن مراده لاحتماله الباطل !


قال شيخنا عبد المحسن العباد في " يجمع بين الفقه والزهد .. " ( 1 _ 2 ) : " والغالب في استعماله فيما بعد في المعنى المذموم الذي يدخل في السبل المخالفة للصراط المستقيم .. وقد يأتي ذكره يراد به الزهد والورع .. والتعبير بالواضحات أولى وأولى من التعبير بالمحتملات والمشتبهات .. وكيف يأمن من يحث على التصوف أن يأخذ بعض الناس بسببه بالمعنى الباطل للتصوف فيلحقه مثل آثامهم؟! ومن المعلوم أنه قد اشتهر بالفقه والزهد والورع كثير من العلماء قديماً وحديثاً، ولم يوصفوا ولا ينبغي أن يوصفوا بهذا الوصف الذي يغلب عليه المعنى الباطل " .


قلت : وقد صدق ؛ فإن هذا المصطلح { التصوف } يطلق غالبا على الباطل وأهله ؛ فيمنع استعماله (!) بل منهاج أهل السنة ومباهج أهل الحديث ترك محدث الألفاظ المشتركة ، واستعمال الصريح الصحيح منها ، فكلمة مأثورة أولى من كراس منثور كما قال ابن القيم - رحمه الله - في " إعلام الموقعين " ( 4 / 170 ) : " والإقبال على الألفاظ الحادثة، وتعليق الأحكام بها على الأمة من الفساد ما لا يعلمه إلا الله، فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب " .

وقد امتدح العلماء هذه السكيكة المطروقة عند الحكماء الأوائل ؛ كما قال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في ترجمة الموفق ابن قدامة الحنبلي ، في " ذيل طبقات الحنابلة " ( 1 / 239 ) : " لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات " .


وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني مرادات هؤلاء من إطلاق هذا المصطلح ، فقال - رحمه الله - في " الصفدية " ( 1 / 270 ) : " عندهم على ما ذكره ابن سبعين واخوانه هو الصوفي يعنون المتصوف على طريقة الفلاسفة ، ليس هو الصوفي الذي على مذهب أهل الحديث والكتاب والسنة فلفظ الصوفي صار مشتركا فهؤلاء القائلون بالوحدة إذا قالوا الصوفي يريدون به هذا " .





وقد طال المقال ، وتركت أمورا في كلام الشيخ عبيد الجابري - سدده الله - وكلام الشيخ عبد المحسن العباد - حفظه الله ورعاه - وكلام الشيخ صالح بن عواد المغامسي - حفظه الله - وددت التعريج عليها .. {{ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ }} والله الموفق لا رب سواه .





وكتب : فهير بن عبد الله بن شاكر الأنصاري


- كان الله لي -
__________________
قال ابن الجوزي _ رحمه الله _ في " صيد الخاطر " ( 43 ) : " ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم " .


وقال _ أيضا _ في " صيد الخاطر " ( 55 _ 56 ) : " إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة، كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو،وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود ، فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لم ،ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته ،وقد تمتد هذه الأرابيح بعد الموت على قدرها، فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى ،ومنهم من يذكر مائة سنة ثم يخفي ذكره وقبره ،ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبداً ، وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق ،فإنه على قدر مبارزته بالذنوب وعلى مقادير تلك الذنوب، يفوح منه ريح الكراهة فتمقته القلوب ، فإن قل مقدار ما جنى قل ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه ،وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه " .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-27-2013, 11:59 PM
أبو أروى ومعاذ أبو أروى ومعاذ غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 489
افتراضي

والله أمتعتنا يا شيخ فهير فتح الله عليك
__________________
قال شاعر الجزائر
ومفخرة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
الشيخ محمد العيد آل الخليفة-رحمه الله تعالى-:

نَحْـن حِزب مُصــلِحٌ سَـلفِي مُعـــرِقٌ في المؤمنــين أَصِيــلْ

خَالــد في العَالمـِين سَليــم خَالـِــف للفَاتحيـــنَ سَليـــــــــلْ
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-28-2013, 01:20 AM
ابو اميمة ابو اميمة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
الدولة: هولندا
المشاركات: 862
افتراضي

اسال الله عزوجل ان يذب عنك فيح جهنم كما تذب التهم عن المشايخ ياشيخ فهير الانصاري , وجعلك معولا على هدم الباطل , ورفع الحق .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-28-2013, 07:34 AM
ابو بركات النجدي ابو بركات النجدي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 70
افتراضي

كتب أحد طلاب العلم رداً على الشيخ المغامسي سماه: حوار هادئ
وقد قرأه الشيخ صالح الفوزان، والشيخ البراك، والشيخ عبدالله القصير

http://www.4shared.com/file/yAh25ctA/___.html
__________________

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-28-2013, 10:18 AM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا الأستاذ الفاضل أبا فهر على هذا المقال الماتع , والذي
أكدت لنا من خلاله انحراف القوم في باب النقد والجرح , ويتعلقون بأي شيء
للطعن في الناس !!
وليعلم أن مقال أخينا ليس في اغلدفاع عن المغامسي ؛ ولكن في بيان فساد منهج
الغلاة في التجريح , والتبديع , وأن جرحهم للناس ليس قائما على أصول صحيحة ,
وأنهم يجرحون بأشياء لا يجرح بها العلماء المعتدلون , ويجرحون بالشبهة والظن الكاذب ؛ بل يجرحون بالافتراء على عباد الله !
أما ما نقله أخونا أبو البركات ؛ فهو لا يخرج عن منهج الغلاة ... فلان ترحم على فلان , فلان أثنى على فلان , فلان له اختيار فقهي (كاللحية أو غيرها) نخالفه فيها ؛ مع أن هذا الاختيار الفقهي قال به أئمة ـ بغض النظر عن الصواب والخطأ فيه ـ ؛ ولكن كلامنا على التبديع به !!!
وكل إحالات الرسالة هذه إلى جوجل !!!
أكرر أن المقال جاء كاشفا لطريقة الغلاة في التجريح ومنهجهم المخالف لمنهج السلف .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-28-2013, 10:35 AM
فهير الأنصاري فهير الأنصاري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: المملكة العربية السعودية .
المشاركات: 404
افتراضي

استيقظت من المنام .. وقد رأيت تعليقك يا أبا الأشبال في المنام على مقالي ؛ فدخلت من الأيباد بجانبي فلم أجده قبل دقائق .. ثم دخلت مجددا الان من اللابتوب فوجدته ..( ابتسامة ) .
فبارك الله لك وبارك في ذويك وأهلك .. وشكر الله لكم .
__________________
قال ابن الجوزي _ رحمه الله _ في " صيد الخاطر " ( 43 ) : " ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم " .


وقال _ أيضا _ في " صيد الخاطر " ( 55 _ 56 ) : " إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة، كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو،وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود ، فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لم ،ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته ،وقد تمتد هذه الأرابيح بعد الموت على قدرها، فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى ،ومنهم من يذكر مائة سنة ثم يخفي ذكره وقبره ،ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبداً ، وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق ،فإنه على قدر مبارزته بالذنوب وعلى مقادير تلك الذنوب، يفوح منه ريح الكراهة فتمقته القلوب ، فإن قل مقدار ما جنى قل ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه ،وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه " .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-28-2013, 11:49 AM
فاتح ابوزكريا الجزائري فاتح ابوزكريا الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 1,234
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أروى ومعاذ مشاهدة المشاركة
والله أمتعتنا يا شيخ فهير فتح الله عليك
:::::::::::::::::::::::
__________________
لسنا من المتحزّبين الذين جعلوا دين الله عضين و تفرّقوا شيعا و أحزابا يوالون و يعادون على فلان و علاّن ! !
لسنا من الحدّادية المغالين في الإقصاء و التبديع و التشنيع ...

و ما أجملَ ما قيل : '' كما أنّنا ضد التكفير المنفلت فإننا ضد "التبديع المنفلت''
''وصاحب الحق يكفيه دليل '', وأهل الأهواء"لايكفيهم ألف دليل''
ورحم الله شيخنا علي اذ يقول "المؤمنون عذّارون والمُنافِقونعثارون
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-28-2013, 02:16 PM
عبيد 25 عبيد 25 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 57
افتراضي ...

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أروى ومعاذ مشاهدة المشاركة
والله أمتعتنا يا شيخ فهير فتح الله عليك
....................
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-28-2013, 03:21 PM
علاء الدين عبد العزيز علاء الدين عبد العزيز غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
الدولة: السودان - الخرطوم
المشاركات: 89
افتراضي

أحسنت يا شيخ فهير و أمتعت وأقنعت وليت الرجل يقرأ و...
__________________
أخي إن من الرجال بهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصرِ
فطنٌ بكل مصيبة في ماله ... واذا يصاب بدينه لم يشعرِ
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-28-2013, 06:02 PM
يوسف ابو محمد يوسف ابو محمد غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 90
افتراضي

سبحان الله!!
أراد الشيخ عبيدأن يسقط الشيخ المغامسي فما وجد سبيلا إلا قصة المقبورة!!!
هذا يدل على عدالة الشيخ المغامسي إذ لوكان مستحقا للجرح لوجد الجابري سبيلا آخر غيرقصة المقبورة ولكنه بحث ثم بحث ثم بحث وأتعب نفسه بالبحث عن شيئ يسقط به المغامسي فماوجد إلا قصة المقبورة كالغريق يتعلق بقشة!!!...
نسأل الله السلامة والعافية...
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:44 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.