أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
23919 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منبر الموسوعات العلمية > قسم الموسوعات و الكتب و المخطوطات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-09-2013, 09:14 PM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
افتراضي جديد شيخنا العلامة بن حنفية العابدين: كيف نخدم الفقه المالكي - مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم
فهذه مقدمة الطبعة الثانية من كتاب جديد لشيخنا العلامة بعنوان { كيف نخدم الفقه المالكي } صدر عن دار الامام مالك
ثم أتبع المقدمة الثانية بالاولى ثم خاتمة الكتاب ومبحث منه

مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله الذي له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون،
وأشهد أن لا إله إلا الله، ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله ومصطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، واتبع هداه،
وعلى جميع أنبياء الله، أما بعد فهذه هي الطبعة الثانية لكتابي كيف نخدم
الفقه المالكي الذي صدر منذ عشر سنين، والباعث على كتابته ما يعرفه من
قرأه، وهو الانقلاب الكبير الذي حدث في بلدي في مجالات شتى، وقد أجملت
الإشارة إلى فرد من أفراد هذا الانقلاب في مقدمة الطبعة الأولى وأنا بصدد
الرد على من قد يعترض على إثارة هذا الموضوع في تلك الظروف الصعبة إذ
قلت: إن هذا الذي كتبته جاء بعد ما يقارب العقد من الزمن، تجاوز فيه هذا
التعصب حده عندنا، وصار شعار مذهب مالك من أكبر ما تحارب به السنة في
بلادنا، بل كان هذا حربا على مذهب مالك نفسه، فمن اللازم أن يبين زيف هذه
الدعوى، ولأن الإصلاح ليس كلا لا يتجزأ، فمن قدر على القيام بشيء منه، أو
الدعوة إليه؛ فليفعل، ولا ينبغي أن يستقل أي شيء من عمل الخير، فإن إحسان
المسلم أي عمل من أعماله كيفما كانت منزلته؛ هو من جملة هذا الإصلاح، بل
إنه من أسباب النصر والتمكين،،،" ، انتهى، وكنت أعتزم ذكر بقية أفراد هذا
الانقلاب في شتى المجالات في مقدمة هذه الطبعة ثم عدلت عن ذلك .
وهذا الذي ذكرته يدلك على أن الكتاب كان أصله رد فعل اقتضاه الوضع القائم
في البلد يومئذ وما يزال، لهذا تضمن نقدا لما عشناه من العسف والجور
والقهر تحت غطاء التزام مذهب مالك، لكنه ضم إلى ذلك ما قد يصلح أن يكون
بداية لخدمة هذا المذهب الخدمة التي فيها مرضاة الله ورسوله، البعيدة عن
التعصب والتحجر، والتفلت و(التحرر)، وقد كان هذا النقد الذي في الكتاب
مانعا من جملة موانع حالت بيني وبين إعادة طبعه رغم كثرة من رغب فيه، إلى
أن جاءت الرغبة ممن لم أقو معهم على الامتناع، وعلى رأسهم الشيخان
الفاضلان أبو سعيد بن أحمد، والدكتور مراد بوضاية وفقهما الله، وهذا
منهما تقدير للجهد وإن كان ناقصا، وتثمين للعمل وإن كان قالصا .
وقد كنت أقول عن تلك الفتنة وكانت لما تزل في بدايتها إن الشروخ التي
ستخلفها في علاقات الأفراد بعضهم ببعض وفي نسيج الأمة ستكون أعظم أثرا
وأبعد غورا من هذه الخسائر التي لحقتنا في الأنفس والأموال والأعراض
والمنشآت، لكن ربنا سبحانه وتعالى سلم، فلم يكن الأمر كما ظننت، إذ عادت
اللحمة بين الأفراد إلى سابق عهدها، وتنوسيت الحزازات ومخلفات ذلك
الانقسام لما يغلب على أفراد هذا الشعب من الخير والسماحة، فلله الحمد
على ما أعطى وأولى .
لكن هذا الذي حصل في صلة الأفراد بعضهم ببعض بمقتضى ما فطروا عليه من
الخير لم يحرك القائمين على شؤون البلد إلى الإدلاف نحو استئصال عوامل
التفرقة والابتعاد عن تصنيف أبناء وطنهم إلى فئات وجماعات، واعتماد
مقاييس في الإبعاد والتقريب ما أنزل الله بها من سلطان، فهل لك أن تقول
إن أفراد الأمة المفطورين على الخير سبقوا بعض من هم فوقهم إلى لم الشمل
وتناسي الضغائن والأحقاد، ودفن الإحن والتعالي على السفاسف، نعم إن
الدعوة إلى ذلك ظاهرا قد حصلت، لكن الواقع شاهد على أن الإصلاح لم يصل
إلا إلى العطب الذي يمكن بعض الجهات من مواصلة الطريق الذي اختطته أو خط
لها، أما الباقي فقد أبقي على ما كان عليه، لا أكاد أفهم كيف ينظر بعضهم
إلى مجموعة من الناس في بلدهم باعتبارهم جالية يصرح بذلك وهو في موقع عال
في السلطة، مع أن هؤلاء الذين يقصدهم هم من الجيل الذي عرف الحياة بعد
الاستقلال، فإن كان فيهم عرج أو عوج وسمة البشر النقص؛ فالعهدة على
النظام الذي ترعرعوا فيه وتربوا، وإقرار المرء بمشيئة الله تعالى النافذة
في خلقه ليس مانعا من تحميل الوزر من يستحقه .
قد يقلقك أيها القارئ الكريم حديثي هذا عن وضع البلد وما وصلت إليه بعد
ربطه بتلك الفتنة، لأن المعتاد في كتب العلم والفقه منه على الخصوص إنما
هو تقرير أحكام الله تعالى بعيدا عن مؤثرات الحياة وما يطبعها من الخصائص
والسمات، فلا تنزعجن، أليس من الخير لك أن تعلم هذا الوضع أو بعضه من
مدون الكتاب بدل أن تعلمه ممن قد يأتي بعده فلا يهتدي إلى تفسير لهذه
الحدة التي طبعت كلامه الذي ستقرأه كما يفعل محققو الكتب وناشروها وهم
يقدمون لها بدراسة بيئة الكاتب ومحيطه والمؤثرات التي احتفت بعمله؟،
يكتفي كثير من الناس في مثل هذه الأمور بالحديث عنها في خلواتهم فيخفون
السخط، ويظهرون الرضا، اللهم إننا نحمدك أننا لم نبلغ بعد مرحلة الاكتفاء
في تغيير كثير من المنكرات بالقلب الذي هو أضعف الإيمان، ونسألك أن
تمكننا مما هو فوق ذلك مما نقيم به دينك وننتصر به لسنة نبيك، إن النقد
الهادئ الذي لا يهدف إلى التهييج والتهريج ويعمد إلى تنبيه أولي الأمر
إلى ما تجاوز فيه مفوضوهم ومساعدوهم الحق والعدل ليس مخالفا للشرع، فكيف
إذا كان متجها إلى الانحرافات ذاتها بعيدا عن ذكر الناس بأسمائهم، وقد
سجل لنا تاريخ سلفنا من عهد الصحابة فمن دونهم مواقف نيرة في إعلانهم
إنكار المنكر، ولتعلم مع هذا أني ممن لا يرون سلوك نهج العنف والتجييش ضد
الحكام، فليس هو بالسبيل المقبول الذي نطيع الله تعالى بانتهاجه، ولا هو
بعد ذلك بالمفيد في الإصلاح كما يقر به كل عاقل، وكما عشناه وما زلنا
نعيشه، ولتعلم بعد هذا أن انتقاد نظام معين من أنظمة الحكم في جانب أو
أكثر ليس بالضرورة نقدا لرئيس أو وزير أو غيرهما ممن هم في هرم السلطة أو
من دونهم من الأفراد الذين يتولون إدارة ذلك النظام، فقد دخل على أنظمة
الحكم في هذا العصر من التعقيد والتداخل ما يجعل الحاكم الذي تتوجه إليه
الأنظار عادة في كل اختلال ليس إلا حلقة من الحلقات في اتخاذ القرار،
وأمر حلق اللحى وكشف المرأة رأسها للحصول على جواز السفر وبطاقة التعريف،
واختلاف الأمر فيه حسب الولايات وأمزجة الولاة شاهد على هذا الذي أقوله،
ولو ذهبت أذكر لك أمثلة لهذا الاختلاف في معاملة الناس حسب الولايات
لقضيت العجب، وقد يكون الحاكم نفسه يشكو من هذا الواقع الذي سجن فيه ولم
يجد منه مخلصا، فمن الحق أن يكشف له تجاوز الذين يشتطون ويظلمون فيسيئون
إليه من حيث يريدون أن يرضوه ويخدموه، والمعيب هو أن يجبه الحاكم بمثل
هذه الانتقادات باسمه علنا، بل الصواب هو إسداء النصح له ودعوته إلى
تقويم الاعوجاج سرا كلما تيسر ذلك، وفيما عليه بعض أهل العلم الربانيين
في هذا العصر ما يستأنس به لسلوك هذا النهج الوسط .
حين صدر هذا الكتاب اختلفت ردود الأفعال تجاهه، والغريب أن أكثر الجهات
التي لحقني منها الأذى هي تلك التي يفترض أن توافقني على مضمونه، لكن شاء
الله تعالى أن يجيء الأذى من حيث يظن خلافه، وفي ذلك عبرة للمرء كي يخلص
النية لله تعالى ويصدق في توجهه إليه، وقد قال سبحانه: " كُلُّ شَيْءٍ
هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ"، فهو سبحانه الأول والآخر، وما أريد به
وجهه هو الذي يبقى، وإنما أوتينا من هذا الباب، وقد ظن بعضهم أنه كتاب
فقه، فانتظر أن يجد فيه أحكام الطهارة والصلاة وغيرهما، ورأى فريق آخر أن
فيه سموما فحذر منه، واكتفى بعضهم ممن اشتد أذاه بقراءة مضمونه من عنوانه
فحشره في خانة التعصب، وأفتى بمنع قراءته وطالب بمصادرته، تفعل هذا يا
عبد الله وأنت بعيد عن السلطة فكيف لو مكنت منها؟، وهل لي أن أخبرك أن
نسخا منه قد أحرقت في معسكر، وضاع منه نحو ستمائة نسخة بمدينة الجزائر
بسبب تلك الفتوى، وتفصى الناشر من مسؤوليته التي التزم بها في عقد الطبع،
والعجب أن سمة التعجل هذه قد حصلت لبعضهم مع كتابي عن أبي راس المعسكري
فحشرني في خانة المتصوفة، ظن المسكين والظن لا يغني من الحق شيئا أن ذلك
هو مدلول عنوانه الذي هو أبو راس الناصري المعسكري حياته وتصوفه من خلال
كتابه الحاوي، وأنا لست من المتصوفة قطعا في رسومهم التي خالفوا بها
شريعة محمد، أما ما عليه المتصوفة المتقدمون الذين كانوا على الجادة فما
أعظم قصوري عنه وتقصيري فيه، وإن كنت لا أقر مصطلحهم الذي هو التصوف
لأنه يزاحم الإحسان الذي هو معلم من معالم هذا الدين، ثم تكرر هذا الأمر
مع كتابي هل الحزبية وسيلة إلى الحكم بما أنزل الله؟، فقرأ بعضهم المحتوى
من العنوان فاعتبروه دعوة مقنعة إلى الحزبية، وجلبوا لكاتبه السب والشتم
من وراء البحار، وقد حصل من الأحداث ما قلب الموازين القائمة منذ عقدين
من الزمان في مسألة إنشاء الأحزاب، فانتقل بعض مبدعي المتحزبين إلى
متحزبين، وظل الكاتب على ما كان عليه من القيود في هذا الأمر، بل ازداد
يقينا بعدم المشروعية وعدم الجدوى من ثم، ولهذا جاء كتابي الذي سميته
المخرج من تحريف المنهج يستعرض شيئا من هذا الغلو الذي أضر بالعمل الدعوي
السني السلفي، وشغل الناس عن كثير من الباقيات الصالحات، وربطهم بالقيل
والقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال، وجعل هم بعضهم الطعن في الأعراض،
وتركوا ما هو من واجب الوقت الكفائي من إصلاح الحياة، ثم بلغ هذا اللغط
الحضيض حيث تجاوز الأتباع إلى الرؤوس، والمهم أن المرء يدعو إلى ما يراه
حقا على بصيرة من دينه، ولا يهمه بعد ذلك ما يقول الناس، فإنهم سيعرضون
على الله جميعا لا تخفى منهم خافية .
وحيث إن تلك الظروف التي تحدثت عنها قد طرأ عليها بعض التغيير في صلة
أفراد الأمة بعضها ببعض، ويكاد ذلك الزبد الذي تضخم شأنه يذهب جفاء، وهو
ذاهب إن شاء الله، وحيث إن بعض إخواننا الذين كانوا ينبزون الكاتب
بالتعصب المذهبي فيسرفون، وينفرون من فقه مالك جهلا فيغلون؛ قد رجع كثير
منهم إلى مدارسة مصنفات هذا المذهب، فقد رأيت إعادة طبع هذا الكتاب،
وأعمال البشر في حاجة إلى المراجعة والمعاودة، ولا يكاد أحد يستمر رضاه
على ما كتب ولو قرب العهد، والعلم لا يعرف الجمود، والعصمة إنما هي لكتاب
الله وسنة رسوله كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: "قد ألفت هذه الكتب
ولا بد أن يكون فيها اختلاف، فإن الله تعالى قال: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ
اخْتِلَافًا كَثِيرًا "(النساء82)، وقال العماد الأصفهاني: "إني قد رأيت
أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن،
ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك لكان أجمل،
وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر"، انتهى،
وقال ياقوت الحموي: "المتصفح لكتاب أبصر بمواقع الخلل من مبتدئ تأليفه"،
وقال الجاحظ: "عقل المنشئ مشغول وعقل المتصفح فارغ .
وإذا كان هؤلاء وفيهم العلماء قد قالوا هذه الأقوال عما خطوا وكتبوا،
فكيف بأخيكم هذا وليس هو إلا مبتدئا محبا للعلم وأهله؟، فسددوه وانصحوا
له في رفق، وقد تضمنت هذه الطبعة إضافة أشياء، وإعادة ترتيب بعض الفقرات،
وحذف بعضها، وتوضيح بعض ما كان مجملا، وإصلاح ما كان خطأ من سبق قلم
ونحوه، وقد حال بيني وبين ما كنت أرغب فيه من تفصيل بعض المسائل أن أصل
الكتاب لم يجر على الطريقة الأكاديمية المعاصرة، وإنما هي رؤوس أقلام
تنبه إلى أصول المسائل وأمثلة والمثال يتجوز فيه، ولما كان العلم إنما
يراد للعمل، وأن التدريس والتأليف مهما بلغ من الكثرة لا يوصل إلى
المطلوب من إصلاح الحياة العامة في هذا العصر الذي تخلى فيه معظم حكام
المسلمين عن إقامة الدين، وليقيني بلزوم الإصلاح المتدرج الجزئي بعيدا عن
ممارسة الحكم العام أضفت فقرة إلى الكتاب أشرت فيها بإجمال إلى هذا النهج
الذي أرتضيه في التمكين للشرع في هذا العصر، ولم أتمكن من تفصيل القول
فيه، فلعل ما ألمحت إليه يكون باعثا على التأمل فيه وإثرائه بالآراء
والأفكار النافعة ممن أعطاهم الله بسطة في العلم حتى تثرى المباحث
الفقهية بما يخدم الدعوة خدمة ميدانية عملية، ولهذا جعلت الكتاب ثلاثة
فصول، أولها الفقه والغاية منه، والثاني عن الفرق بين مذهبية المتعصبين
والمستبصرين، والثالث عن أصول مالك وأمهات مذهبه وما ينبغي أن يراعى في
الاستفادة من مصنفات الفقه وشروحها، والله ولي التوفيق، ولا حول ولا قوة
إلا به .

وكتب
بن حنفية العابدين
معسكر في
الحادي عشر من شعبـان 1433

الموافــق لـ 01 يوليو 2012
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-09-2013, 09:29 PM
حمزة الجزائري حمزة الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر (العاصمة)
المشاركات: 984
افتراضي

بُشرى طيبة
بشرك الله بالخير
منذ سنوات وأنا أبحث عن الكتاب وقيل لي أنه نفذ من الأسواق
هل صدر الكتاب أخي ؟؟
__________________
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ الأديب محمد بوسلامة الجـزائـري :

(إنّ مدرستنا قد انهارت وإنّ مجاري التعليم قد غارت فلو لم يتلاف هذا الأمر بقية العلماء في هذه الديار وأهل السعة من الصالحين وولاة الأمور فسوف تتهافت بين ايديهم الاجيال كما تتهافت الفراش على شعلة الفتيل فكم من جريح وكم من قتيل إنّه تهافت الأجيال الذي تزول به الدول وتضعف منه الأمم وتنقرض به الحضارات إنني أدعو إلي حماية المواهب من المخمدات التي تمالأت على إطفائها فتبلغ بناشئة الأجيال إلى التخاذل والشعور بالنقيصة والقصور فلا تنهض له الهمم ولا ترتقي عزائمهم القمم إننا في زمن قد كثرت فيه عوامل الخفض والسكون وقلت فيه عوامل الرفع ونسأل الله الفتح المبين) - حماية المواهب -
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-09-2013, 11:55 PM
ابورزان الهلالي ابورزان الهلالي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
الدولة: أفلو - الجزائر
المشاركات: 104
افتراضي

أخي عبد الملك .....
بوركتم على المجهود الطيب
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-10-2013, 12:12 AM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
افتراضي مقدمة الطبعة الاولى

مقدمة الطبعة الأولى
الحمد لله الذي أنزل كتابه هدى ورحمة للمؤمنين، وحسرة على الكافرين
والمنافقين، من أراد به خيرا فقهه في الدين، وجعله من المستيقنين،
والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، الذي أقيمت
برسالته الحجة على الناس أجمعين، آمن به فريق وصدقه، فكان من المفلحين،
وصدف عن هديه فريق وكذبه؛ فكان من الخاسرين، المجموع له كمال العلم وكمال
العمل في الكتاب والسنة نعمة منه تعالى ومنة: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ
عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِين"(الحجرات17) فالمهتدي من تمسك بهما، والضال من طلب الهدى في
غيرهما، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأهل بيته من أزواجه وذريته،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد: فإن هذه المقدمة أفتتح بها تأليفا كانت نفسي تائقة منذ مدة
إليه، وهو التعليق على جملة من المسائل الواردة في مختصر العلامة خليل بن
إسحاق المالكي رحمة الله عليه (ت:749)، وذلك لأهمية هذا المختصر عند
المهتمين بالفقه على مذهب مالك بن أنس رضي الله عنه (ت:173) منذ قرون،
والمذهب هذا هو الغالب على أهل بلدنا، وسائر بلدان المغرب الإسلامي، وحيث
تبين لي أن لا فائدة في القيام بشرح المختصر كله، فقد آثرت أن يقتصر عملي
على جملة من المسائل الواردة في هذا السفر الجليل، الذي قل أن يكون له
نظير أو مثيل، فأذكر نماذج للأقوال التي تبين لي أنها على خلاف الدليل،
وأخرى لما فيه أكثر من رواية عن الإمام مالك، موازنا بينها، مبينا
الرواية التي يقف الدليل معها، وأورد أمثلة لما هو في المدونة مخالفا لما
في الموطإ، كما أثبت نماذج للأقوال التي حاول فيها المالكية مراعاة
الخلاف، فقالوا بقول رأوه جامعا لها .
ولا ريب أن أهل العلم قد كتبوا فيما أسلفت وغيره، ومن ذلك أن الاهتمام
بجمع روايات الإمام مالك قد ساور بعض أهل العلم فشرع أحد أصحاب القاضي
إسماعيل (ت:282) في جمع ديوان يضم أقوال مالك التي لا يشركه فيها واحد من
أصحابه، دون التفريق بين الرواة من أي جهة كانوا، فجمع ما رواه عنه
المدنيون والمصريون والعراقيون وأهل الشام وأهل أفريقيا والأندلس، وهذه
أول محاولة جادة فيما أعلم لتجاوز الفقه المذهبي المتأثر بالجهة، وقد
سماه كتاب الاستيعاب لكنه لم يتمه، فأكمله أبو بكر محمد بن عبيد الله بن
الوليد المعيطي (ت:367) وأحمد بن عبد الملك أبو عمر الإشبيلي (ت:401)
بطلب من الحكم أمير المؤمنين .
وددت لو أني قمت بشيء مما تقدم إيضاحا للحق، وبيانا للقوي من الأقوال، من
خلال تناول هذا المختصر بالخدمة المطلوبة شرعا، وهي اللائقة بهذا الزمن
الذي اهتم فيه جمهور الشباب وهم محقون بمعرفة الدليل والسؤال عنه حتى لا
يزداد عزوفهم عن مصنفات الفقهاء، للأسباب التي لا تخفى .
لكني آثرت أن أتحدث في هذه المقدمة إن شاء الله عن جملة من المسائل رأيت
من المفيد ذكرها قبل الشروع في المقصود حتى تكون كالمنهاج للخدمة التي
ينبغي أن يقوم بها من أراد نفع الناس بكتب الفقه المذهبي، وقد رأيت بعض
المهتمين بالفقه يكتفون بالقول إن هذا الكلام في الكتاب الفلاني، دون أن
يميزوا بين الغث والسمين، ولا بين الأصيل والدخيل، ولا يعفيهم من التبعة
أن يجدوا كلاما في كتاب، حتى ولو نسب إلى إمام، إذ ما كل ما نسب إلى
الناس بثابت عنهم .
وهذه المسائل على تنوعها، وما قد يبدو من عدم انتظامها، واختلال ترتيبها؛
لا تخرج عن ثلاثة أمور، مع ما يرافقها من الأمثلة التي حرصت على الإكثار
منها:
أولها: بيان أن التفقه بالنصوص هو الأصل المقدم على غيره متى تيسر، وأنه
لا يتنافى مع التفقه بمذهب ما،فإن كثيرا من أهل العلم كانوا منتسبين إلى
أحد المذاهب إلا أنهم معدودون من المتحررين، لبعدهم عن التعصب، إذ متى
تبين لهم الدليل ذهبوا إليه، ولم يكن لديهم فرق بين الحديث والفقه، ومن
ثم فقد بينت أن التفقه على المذاهب أمر حسن إذا توفر للطالب ما يجنبه
التعصب، وعرف ولو في الجملة ما كان من الأقوال مصادما للدليل غير
المعارَض بما يعتد به، وربي على ذلك من أول عهده .
وثانيها: بيان الخدمة التي يزعمها بعض الناس اليوم للمذهب المالكي،
وكونها ظلما للمذهب وعدوانا عليه، لا نصرة له وثأرا من المخالفين له، وقد
استطردت إلى ذكر الأسباب الباعثة لهم على هذا الزعم، وأثبت أمثلة تأريخية
لما ترتب على نظير ما يفعلونه اليوم، فعسى أن يكون في ذلك تذكرة لهم
فيقلعوا عن هذه المظالم، وينزجروا عن هذه المآثم، وقد أثبت شيئا من
أقوالهم وتصرفاتهم، وعرجت في ثنايا ذلك على الخدمة الحقة التي ينبغي أن
تكون .
وثالثها: بيان ما ينبغي أن يعرفه من أراد الانتفاع بكتب الفقه المتأخرة،
وذكر مراتب العلم المذهبي المثبت فيها، إذ ليس كل ما فيها هو المذهب، ولا
مما يصح الأخذ به، أو الجزم بأنه قول فلان أو فلان، والإشارة إلى ما
يتعين اطراحه منها، وما في مطالعة الكتب الأمهات من المنافع، وقد أشرت
إلى أصول مالك بإجمال، وفصلت بعض التفصيل في شيء منها .
على أني مشفق من أن أسمع من يقول: إن الكتابة في غير هذا الموضوع أجدى،
فإن الأمة تعاني أخطارا جمة بلغت حد التخلي الكلي عن تحكيم شرع الله في
كل جوانب الحياة، فلما ذا هذا الحديث عن الفقه والتعصب المذهبي وإثارته
مجددا، فإنه كيفما كان ضرره ظل الشرع معه مصونا، وبيضة الإسلام معه محمية
على مدى أحد عشر قرنا، فلنشتغل بما هو أهم، والجواب أن هذا الذي كتبته
جاء بعد ما يقارب العقد من الزمن، تجاوز فيه هذا التعصب عندنا حده، وصار
شعار المذهب المالكي من أكبر ما تحارب به السنة، بل كان هذا حربا على
المذهب المالكي نفسه، فمن الصواب أن يبين زيف هذه الدعوى، وأن تدون صور
هذا الحيف والجور الذي سلطه هؤلاء على من يظنونهم خصوما، ولأن الإصلاح
ليس كلا لا يتجزأ، فمن قدر على القيام بشيء منه أو الدعوة إليه فليفعل،
ولا ينبغي أن يستقل أي شيء من عمل الخير، فإن إحسان المسلم أي عمل من
أعماله كيفما كانت منزلته هو من جملة هذا الإصلاح، بل إنه من أسباب النصر
والتمكين، وحسبك أن الله تعالى شرع للمجاهدين في سبيله هذه الكيفية
الدقيقة لصلاة الخوف، ولم تكن الحرب رخصة في ترك صلاة الجماعة، وقد روى
أبو داود عن أبي علي الهمداني قال كنا مع فضالة بن عبيد برودس من أرض
الروم فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوي، ثم قال:"سمعت رسول الله
يأمر بتسويتها" .
لكن بعض إخواننا يتأبى إذا ذكرت له أو لغيره فضيلة من الفضائل، بل واجبا
من الواجبات، فيبادر إلى القول إن الحديث عن هذا الأمر في هذا الوقت غير
مناسب، وقد ذكر لي بعضهم أنه حاول تسوية الصف فانتهره أحدهم قائلا: الناس
يموتون في فلسطين وأنت تتحدث عن هذا .
لقد أثنى الله تعالى على عبده ونبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقال:
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ
الَّذِي وَفَّى النجم36و37)، وقال عز من قائل: وَإِذِ ابْتَلَى
إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ"(البقرة124)، وقد ذكر أهل العلم من هذه الكلمات أمورا قد
يتقالها المتعجلون، ولا يرون أن هذه الشهادة من الله كانت لأجلها، قال
ابن كثير رحمه الله: "قالوا وفى جميع ما أمر به، وقام بجميع خصال الإيمان
وشعبه، وكان لا يشغله مراعاة الأمر الجليل، عن القيام بمصلحة الأمر
القليل، ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار" .
وقد كنت وما زلت أسلك التعصب المذهبي في جملة الحكم بغير ما أنزل الله،
بل اعتبرته بداية هذا التنكب عن الصراط المستقيم الذي تدرجت الأمة فيه
شيئا فشيئا، وقد بلغت منه دركا لم تعرفه من قبل، ولأن التعود على الخضوع
لشرع الله والتسليم له وتقديمه على ما عداه؛ هو الهدف من وراء هذا العمل،
وهو أمر لا أرى أن الناس يختلفون في أهميته ولا في جدواه، سواء تعلق
بالفرد أو بالمجموع، بل إن التفريط في هذا الأمر علة لكل ما تعاني الأمة
منه في مختلف شؤونها .
فما وفقت فيه إلى الحق مما تقدم وغيره فبفضل الله ورحمته، وما جانبت فيه
الصواب فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأنا عنه راجع،
وإلى الله منه تائب، ومتى دلني أحد على مخالفة للحق وقعت فيها تخليت
عنها، وأخذت بما استبان، وما توفيقي إلا بالله إليه أنيب، وعليه التكلان
.
وكتب
أبو عبد القادر بن حنفية العابدين
معسكر في
24 ربيع الأول 1423
(06/06/2002)
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-10-2013, 12:17 AM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
افتراضي

أخي حمزة بشرك الله بالذي يسرك و نعم صدر الكتاب بالعاصمة على حسب علمي..
وأبشرك بصدور طبعة جديدة من مؤلف الشيخ -المخرج من تحريف المنهج- عن قريب يسر الله ذلك......
أخي الهلالي وفيكم بارك وشكرا لجميل مرورك....
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-10-2013, 11:42 PM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
افتراضي

وهاكم الخاتمة
الخـــاتمة

لتكن خاتمة هذا الكتاب أن أؤكد أن علماء المسلمين رحمهم الله ومنهم
الأئمة المتبوعين لم يريدوا بما دونوه وعلموه إلا أن يبلغوا أحكام الله
تبارك وتعالى للناس، وأن يعبدوهم لله سبحانه باتباع كتابه وسنة نبيه،
ولم يكن مقصودهم أن يتعصب الناس لهم، أو يتخذوا أقوالهم وما ذهبوا إليه
دينا ولا دليلا .
ولهذا فكل خدمة لمذهب من المذاهب ينبغي أن يكون الباعث عليها هذا المعنى،
وأن يكون غرض من اختارها للتفقه اعتبارها وسيلة ميسرة لبلوغ تجريد
المتابعة للنبي، بحيث يلتقي عمل المسلم في عبادته ربه ومعاملته خلقه مع
ما يقوله ويعتقده، وهو شهادته أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله،
فيوحد الله تعالى ويفرده بالعبادة، ويوحد المتابعة لرسوله باتباع ما جاء
به بنفسه إن كان عالما، وبواسطة غيره إن لم يكن كذلك .
ولا بأس بعد هذا أن تدرس المصفات الفقهية في البلدان الإسلامية كل بلد
حسب المذهب السائد فيه على يد من له القدرة العلمية على الاستدلال لما
فيها من الأحكام، وبيان ما فيها من الأقوال الضعيفة المخالفة للدليل
الثابت غير المعارض، وبهذا يجتمع المسلمون على هدف واحد، ويمتثلون ما
أمرهم الله به من الاعتصام بحبله، وترك التفرق في دينه، ولا حرج بعد هذا
القصد الذي يجمعهم أن يوجد الخلاف بينهم حيث كان حاديهم النصح لله
وللرسول ولأئمة المسلمين وعامتهم، لا التعصب الذموم والتقليد الأعمى الذي
هو بعيد كل البعد عن أن يكون علما .
ومما يعين على هذا أن تطبع مصنفات الفقه وتنشر وتحقق، وهكذا سائر مؤلفات
العلماء المالكية وغيرهم من تفسير لآيات وأحاديث الأحكام وأصول الفقه
وقواعده وشروح المصنفات، مع إعطاء الأولوية لموطإ مالك رحمه الله حفظا
وتدريسا وشرحا، فإنه - بلا ريب - مقدم على غيره من الأمهات لطول ممارسة
مالك له، ولتوفره على النصوص المرفوعة والموقوفة والمقطوعة وأقوال مالك
الموثوق بها المنقولة باللفظ الثابت السند .
ومما يخدم به مذهب مالك وسائر المذاهب المتبوعة أن ينظر في الروايات
الثابتة عن الأئمة وأن يوازن بينها وأن يقدم منها ما قام الدليل على
نصرته بقطع النظر عن كونه في المدونة أو غيرها من الأمهات، ولا شك أن
مصطلح المشهور في مذهب مالك قد غطى على كثير من الروايات القوية في
المذهب فصارت لا يشار إليها إلا عرضا وفي سياق ردها .
إن هذا المسلك في التعامل مع المذاهب ومنها مذهب مالك مسلك معتدل بعيد عن
الغلو والجفاء، يُعنى بما تركه أئمة المسلمين من هذا الصرح العظيم الذي
بنوه لخدمة الفقه الذي هو عبارة عن أحكام الله تعالى التي لا ينفك عنها
مكلف، فيصل المسلم إليها من أقصر طريق مع ربطها بأصولها من الكتاب والسنة
وهي المعين الثر الذي يفيض نورا وبهاء، وله في النفوس كل الهيبة والوقار
اللذين يحملان المؤمن على الامتثال، ويشيع في جوانحه الاطمئنان .
وإنه لمما يزري بمالك رحمه الله تعالى من الذين يزعمون أنهم من أتباعه أن
يتركوا ما كان عليه من صافي الاعتقاد المتلقى من النصوص المعصومة، ومما
كان عليه خير هذه الأمة من الصحابة ومن تلاهم، ويعتمدوا عقيدة غيره مع
أنهم مخطئون في نسبة تلك العقيدة إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله أيضا،
ثم هم لا يكتفون في تزكية النفوس وتطهيرها وهي أعظم مقاصد الدين من
اشتراع معالمه الثلاثة التي هي الإيمان والإسلام والإحسان لا يكتفون بما
في الشرع من العناية بأعمال القلوب، وجعل موافقة السنة مع الإخلاص لله
شرطا في قبول العبادات، والحض على التقاء الظاهر بالباطن في الصلاح،
والتقلل من الدنيا وزينتها، والتشوف إلى الآخرة ونعيمها، وما فيه من
طرائق التربية والتهذيب، وصون الجوارح عن الحرام، وتسخيرها لشكر الله
تعالى، وهي كافية ولله الحمد، تزكى بها الرعيل الأول، وبلغوا بها الأوج
في الصلاح والتقوى، لم يكفهم ذلك حتى ألصقوا ما هم عليه من هذه الطرائق
والفرق والجماعات برسومها ونظمها وأورادها وشاراتها المبتدعة في الدين
بالجنيد رحمه الله، فقالوا نحن على طريقته، لا يحملهم على ذلك إلا أن
يظهروا بمظهر الوفي لمن تقدمهم مقلدين لهم، مموهين أنهم بهذا العمل
أوفياء لما سموه بالمرجعية الوطنية التي ابتدعوها من غير أن يشرعها الله
ولا رسوله، ثم يزعمون أنهم بذلك يصونون وحدة الأمة من التفرق والتمزق،
فالأمة عندهم لا يمزقها الكفر والضلال والابتداع والتشيع والتنصير والخمر
والقمار والربا والزنا والعري والاختلاط وتقليد الكفار، أقول هذا باعتبار
لازم أقوالهم وأفعالهم، فلا ضير على الأمة من هذا كله عندهم، الضير كل
الضير في التوحيدين توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرسول، مع أن الخير كل
الخير والله فيهما .
إنه لمن الخطإ الفادح أن تتدخل الإدارة أو غيرها في كيفية عبادة المسلم
لربه لا فرق بين إمام وغيره، فيرغم على الطريقة الفلانية في العبادة،
ويعتبر التزامه ذلك دليلا على وفائه وحبه لوطنه، ومخالفته أمارة على خلاف
ذلك، حتى بلغ الأمر أن يعد ذلك خيانة للوطن، مثل هذا الأمر إن فرض على
الإمام يقتل فيه روح البحث ويورثه الخنوع والذل والاستكانة والتسليم لغير
من ينبغي له التسليم، فأنى له أن يكون مربيا للناس وهو يظهر خلاف ما
يبطن؟، مع أنني أقول إن الأمور العامة كالأذان والصيام والفطر وشؤون
الإدارة والقضاء ونحوها يتعين أن توحد في البلد، ومن ثم ينبغي أن يقنن
الفقه فيها لما في الاختلاف فيها من الاضطراب والتمييز بين الناس، لكن
هذا إنما يقال لو كانت أحكام الله تبارك وتعالى قد عرفت طريقها إلى
الحياة العامة الناكبة عن الصراط المستقيم، والتي لا يوليها إخواننا
الذين يجبرون الناس على ما يظنونه مذهب مالك أو هو مشهور مذهبه أية أهمية
إن لم يكونوا من المساهمين في فسادها بصرف الأنظار عن أخطارها إلى هذا
الذي يتوهمون .
إن الحاكم المسلم ومن ينيبهم عنه في تسيير شؤون الأمة يتعين عليهم أن
ينظروا إلى جميع المسلمين أنهم إخوانهم، ولنقل إنهم رعيتهم وهم مسؤولون
عنهم، فيتيحون لهم جميعا الفرصة لخدمة دينهم ووطنهم - دار الإسلام - من
غير تمييز، ويختارون لمواقع المسؤولية ومنها إرشاد الناس وتعليمهم
وإمامتهم في صلواتهم وهي أعظم عرى الإسلام بعد الشهادتين؛ أكثرهم علما
وأحسنهم خلقا، لا أن يقام التقريب والإبعاد على أساس من الولاء لم يشرعه
الله ولا رسوله، فإن مناط الولاء الإيمان، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم
أولياء بعض، ثم يضعون العراقيل والحواجز في الامتحانات الكتابية
والشفوية، ودون سائر الحقوق التي خولها القانون للموظفين، والوسائل إلى
تولي المسؤوليات أمام من لا يرتضونه، ممن لا يجاريهم على باطلهم
ويداهنهم، إنهم بعملهم هذا يفرقون الأمة ويظلمون الناس ويبغون في الأرض
بغير الحق، بتمييزهم بعضهم عن بعض بغير ما شرع الله ورسوله .
ولا يسوغ لهم أن يعتلوا بما عليه بعض الناس من التنطع والشذوذ والتنكر
لعمل الأسلاف من الفقهاء وغيرهم، فإن المسؤول الأول عن هؤلاء هو النظام
الذي تربوا في حجره، حيث لم يضع القائمون عليه في الحسبان والاهتمام تطلع
الناس إلى معرفة دينهم المعرفة الحقة، وإرواء غليلهم، وملء الفراغ الروحي
الذي لا يملأ إلا بنور الوحيين، وذكر رب السموات والأرضين، فهذه
الاستهانة بتربية النشء وتعليمه وتثقيفه باتباع المنهج القويم، والصراط
المستقيم؛ من أعظم أسباب ما نعانيه من أنواع الفساد، وأضرب الغلو، وأصناف
الجريمة، وليعلم من أراد أن يعلم أن منهج السلف وعقيدتهم لا يضيرها بحال
أن يظهر على من يدعيها غلو وتطرف، وشذوذ وسوء تصرف، فإن المبادئ الحقة
والمناهج القويمة لا تحاكم إلى تصرفات الأفراد الذين لا يخلون من الخطإ
والمخالفة لما ينادون به جهلا، أو قصدا وعمدا، وهل يُطعن في هذا الدين
بما عليه المسلمون اليوم من التخلف والتفرق والظلم والعدوان والاستبداد
؟.
ومهما كان الخلاف بين المسلمين في اتباع هذا القول أو ذاك أو اعتماد هذا
الرأي أو ذاك فإنهم لا يختلفون في كون هذا الدين إنما أنزله الله بما فيه
من أخبار وأوامر ونواه لتصلح به الحياة ويسعد به الأفراد في شؤونهم
العامة والخاصة حتى يتهيأوا بذلك للدار الباقية حيث ينالون كرامة الله
ويستحقون رضوانه بفضله ومنه، فأين الجهود التي تبذل من هؤلاء المختلفين
فيما سبق ذكره وغيره في جانب التمكين لأحكام الله في الحياة العامة؟، وهل
أنزل الله تعالى كتبه وأرسل رسله إلا ليقوم الناس بالقسط؟، ولتصلح بذلك
الحياة؟، ومن ذا الذي سيعارض إخواننا الذين يبغون علينا إن هم أقاموا
مذهب مالك في كثير أو قليل من الحياة العامة في القضاء والإدارة والتجارة
والجنايات والحدود وغيرها؟، أم أن مذهب مالك ينحصر في هذا الذي جعلوه
هجيراهم وديدنهم ومبلغ علمهم وأكبر همهم مما اشرت إلى بعضه في هذا الكتاب
ليحاربوا به إخوانهم وهم في الكثير مما يقولون ويفعلون مخطئون ؟ .
قد لا نستطيع أن نصرف إخواننا عما هم عليه، لكن من المؤكد إن شاء الله
أنهم لا يستطيعون أن يردونا عن هذا الذي اخترناه عن دراية وروية واعتدال،
ومع هذا فإننا نعدهم بالانصياع لكل ما يأمروننا به ويدعوننا إليه مما فيه
خدمة عملية التمكين لأحكام الله تبارك وتعالى في الحياة العامة، لكن في
إطار قوانين البلاد، ومن غير افتيات على حكامها، وبالوسائل التي ألمحت
إليها في الفصل الأول، والمهتدي من هداه الله، والضال من أضله، والموفق
من وفقه، والمخذول من حذله، وأسأله عز وجل أن يجعل هذا الكتاب نافعا لمن
قرأه وأن يكون فيه ما يرد الناس إلى الحق باعتمادهم في معرفة أحكام دينهم
على كتاب ربهم وسنة نبيهم، فإن مذاهب أهل العلم ما دون منها وما لم يدون
إنما كان لخدمة هذا الغرض، فلا يجفونها ولا يغلون فيها، ومن وفقه الله
إلى الاطلاع على الروايات الواردة عن مالك في مختلف مسائل الفقه ازداد
يقينا بهذا الذي قاله شيخ الإسلام ابن تيمية عن مذهبه، قال: " يمكن
المتبع لمذهب مالك أن يتبع السنة في عامة الأمور، إذ قل من سنة إلا وله
قول يوافقها"، فلعل الله تعالى ييسر لي كتابة شيء في الروايات غير
المشهورة عن مالك مع بيان أدلتها، وما توفيقي إلا بالله، وما كان في هذا
الذي دونته من صواب فمن الله، وما كان فيه من مخالفة للحق فمن نفسي ومن
الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، ومتى تبين لي فإني عنه مقلع، وإلى
الحق راجع، والحمد لله رب العالمين .
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-11-2013, 02:07 AM
أسامة الأثري المسيلي أسامة الأثري المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 155
Question

وددت لو كان في نسخة مصورة للفائدة

جزاكم الله خيرا
__________________
اعلموا جعلكم الله من وعاة العلم، ورزقكم حلاوة الإدراك أنّ الواجب على كلّ مسلم في كلّ مكان وزمان أن يعتقد عقدا يتشربه قلبه ، ويلهج به لسانه، وتنبني عليه أعماله، أنّ دين الله تعالى من عقائد الإيمان، إنّما هو في القرآن والسنة الثابتة الصحيحة وعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأنّ كلّ ما خرج عن هذه الأصول، لم يحظ لديها بالقبول- قولا كان أو عملا أو عقدا فإنّه باطل من أصله -مردود على صاحبه- كائنا من كان فاحفظوها واعملوا بها تهتدوا وترشدوا
من آثار الإمام ابن باديس -بتصرف-
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 06-11-2013, 12:40 PM
حامد بن حسين بدر حامد بن حسين بدر غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 1,115
افتراضي

جزاكم الله خيراً..
كلام متين، فيه حكمة ومنهج اصلاحي واضح،،
نفع الله بالشيخ وأطال في عمره على الصالحات..
__________________
قال العلامة صالح آل الشيخ: " لو كان الفقه مراجعة الكتب لسهل الأمر من قديم، لكن الفقه ملكة تكون بطول ملازمة العلم، بطول ملازمة الفقه"
وقال: "ممكن أن تورد ما شئت من الأقوال، الموجودة في بطون الكتب، لكن الكلام في فقهها، وكيف تصوب الصواب وترد الخطأ"
"واعلم أن التبديع والتفسيق والتكفير حكم شرعي يقوم به الراسخون من أهل العلم والفتوى ، وتنزيله على الأعيان ليس لآحاد من عرف السنة ، إذ لا بد فيه من تحقق الشروط وانتفاء الموانع، حتى لا يصبح الأمر خبط عشواء ،والله المستعان"
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 06-13-2013, 08:12 PM
حمزة الجزائري حمزة الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر (العاصمة)
المشاركات: 984
افتراضي

وصل الكتاب من الطبعة
وهو متوفر حاليا بمكتبة دار الامام مالك باب الوادي - الجزائر العاصمة
__________________
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ الأديب محمد بوسلامة الجـزائـري :

(إنّ مدرستنا قد انهارت وإنّ مجاري التعليم قد غارت فلو لم يتلاف هذا الأمر بقية العلماء في هذه الديار وأهل السعة من الصالحين وولاة الأمور فسوف تتهافت بين ايديهم الاجيال كما تتهافت الفراش على شعلة الفتيل فكم من جريح وكم من قتيل إنّه تهافت الأجيال الذي تزول به الدول وتضعف منه الأمم وتنقرض به الحضارات إنني أدعو إلي حماية المواهب من المخمدات التي تمالأت على إطفائها فتبلغ بناشئة الأجيال إلى التخاذل والشعور بالنقيصة والقصور فلا تنهض له الهمم ولا ترتقي عزائمهم القمم إننا في زمن قد كثرت فيه عوامل الخفض والسكون وقلت فيه عوامل الرفع ونسأل الله الفتح المبين) - حماية المواهب -
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06-15-2013, 08:35 PM
حمزة الجزائري حمزة الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر (العاصمة)
المشاركات: 984
افتراضي

__________________
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ الأديب محمد بوسلامة الجـزائـري :

(إنّ مدرستنا قد انهارت وإنّ مجاري التعليم قد غارت فلو لم يتلاف هذا الأمر بقية العلماء في هذه الديار وأهل السعة من الصالحين وولاة الأمور فسوف تتهافت بين ايديهم الاجيال كما تتهافت الفراش على شعلة الفتيل فكم من جريح وكم من قتيل إنّه تهافت الأجيال الذي تزول به الدول وتضعف منه الأمم وتنقرض به الحضارات إنني أدعو إلي حماية المواهب من المخمدات التي تمالأت على إطفائها فتبلغ بناشئة الأجيال إلى التخاذل والشعور بالنقيصة والقصور فلا تنهض له الهمم ولا ترتقي عزائمهم القمم إننا في زمن قد كثرت فيه عوامل الخفض والسكون وقلت فيه عوامل الرفع ونسأل الله الفتح المبين) - حماية المواهب -
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:52 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.