من أسرار اللغة العربية

[هاني برهوش]

بسم الله الرحمن الرحيم

(من أسرار اللغة العربية)

1) تقديم المُؤَخّر وتأخير المقدّم:
العرب تبتدِئُ بذكر الشيء والمقدم غيره كما قال عزّ و جلّ(يامريم اقنتي لربك و اسجدي واركعي مع الراكعين) فالركوع يكون قبل السجود.
ومن ذلك قوله تعالى( فمنكم كافر و منكم مؤمن) وكما قال حسان بن ثابت في ذكر بني هاشم:

بهاليلُ منهم جعفر وابن أمه عليٌّ ومنهم أحمدُ المتَخَيَّرُ
فأحمد(النبي صلى الله عليه و سلم)مقدم على جعفر و علي

وكما قال الصّلَتَانُ العبديّ:
فملَّتنا أنّنا مسلمون على دين صدِّيقنا و النبيّ

2) وممّا يناسب الباب السابق في التقديم و التأخير:
العرب تقول:أكرمني و أكرمته زيدٌ و تقديره:(أكرمني زيد و أكرمتُه),كما قال تعالى حكايةً عن ذي القرنين(آتوني أفرغ عليه قطراً) تقديره:(آتوني قطراً أفرغْ عليه).
ومن ذلك أيضاً قوله جلّ جلاله:(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً, قيّماً) و تقديره :أنزل على عبده الكتاب قيّماً, ولم يجعلْ له عوجاً.
ومنه في الشعر قول طرفة:
وكرِّي إذا نادى المضافُ محنباً كذئب الغضى نبهتُهُ المتَوَرِّدِ
وتقديره: كذئب الغضى المتورِّد نبهته , وعلى هذا يكون إعراب (المتوردِ) صفة مجرورة (للغضى)

3) في الإختصاص بعد العموم:
العرب تفعل ذلك فتذكر الشيء على العموم ثم تخصُّ منه الأفضل فالأفضل فتقول:
(جاء القوم و الرئيس و القاضي), و في القرآن( حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى) و قال تعالى ( فيها فاكهة ٌ و نخلٌ و رمان) وإنما أفرد الله الصلاة الوسطى من الصلاة وهي داخلة في جملتها, وأفرد التمر و الرمان من جملة الفاكهة و هما منها, للاختصاص و التفضيل. كما أفرد جبريل و ميكائيل من الملائكة فقال (من كان عدواً لله و ملائكته و رسله و جبريل و ميكائيل)

4): في الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية دون الآخر و المراد به كلاهما:
من سنن العرب أن تقول : رأيت عمراً و زيداً وسلَّمت عليه أي عليهما. قال الله عز و جل(والذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)أي: لاينفقونهما, وقال تعالى :(وإذا رأَوْا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها) و تقديره انفضوا إليهما, وقال جلَّ جلاله ( واللهُ و رسولهُ أحق أن يُرْضَُوه) والمراد أن يرضوهما

5) في إقامة الواحد مقام الجمع:
هي من سنن العرب إذ تقول:( قررنا به عيناً) أي أعيناً. وفي القرآن: ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً) أي: أنفساً وقال جل ذكره: ( ثم نخرجكم طفلاً) أي أطفالاً
وقال تعالى : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً) و تقديره: كم من ملائكة

6): في إجراء الاثنين مجرى الجمع:
قال الشّعْبيُّ في كلام له في مجلس عبد الملك بنِ مروان:( رجلان جاؤوني).
فقال عبد الملك بن مروان : لَحَنْتَ ياشعبيُّ. قال : ياأمير المؤمنين لم ألحن مع قول الله عز و جل :( هذان خصمان اختصموا في ربهم) فقال عبد الملك: لله درك
يافقيه العراقيين لقد شفيت و كفيت!!

[عبدالله المقدسي]

جزاك الله خيرا.

و لي ملحوظات:
1) هذا الموضوع مكانه منبر اللغة.

2) هذا النقل من كتاب فقه اللغة.

3) قال الكاتب:"ومنه في الشعر قول طرفة:
وكرِّي إذا نادى المضافُ محنباً كذئب الغضى نبهتُهُ المتَوَرِّدِ
وتقديره: كذئب الغضى المتورِّد نبهته , وعلى هذا يكون إعراب (المتوردِ) صفة مجرورة (للغضى)"
أقول:لم أجد فيمن روى معلقة طرفة من قال "كذئب الغضى" و الصواب: "كسِيْدِ الغضا" و السيد هو الذيب، و لعل الغضى يجب أن تكتب: الغضا.
كما يجب تصويب "نبهتُهُ" إلى: "نبهتَهُ".
أما الإشكال المهم، فهو أنه اعتبر الصفة "المتورد" عائدة على الغضا!!! و الصواب أنه عائد على الذيب نفسه، فهو يكون في أشد حالات الحذر و التأهب حال وروده الماء؛ و إلا فما الفائدة من وصف الغضا بأنه متورد؟! فكيف إذا علمت أن الغضا لا يتورد، فهو من أشجار الصحراء الرملية. و يؤيد ذلك ما ورد في الرواية الأخرى: "كسيد الغضا في الطخية المتورد" أي حال وروده الماء في الظلمة.

4) قال الكاتب روايةً عن الشعبي: " لم ألحن مع قول الله عز و جل :( هذان خصمان اختصموا في ربهم)"، و هذا لا يسلّم -له- به، فالخصمان معلومان بنص القرآن: "فالذين كفروا" و "إن الله يدخل الذين آمنوا" و الجمع في قوله تعالى "اختصموا" عائد على الجمع في كل من الفريقين، فهما جماعتان و ثلتان: قاله الفراء و الله أعلم.

[عبدالله المقدسي]

تصويب الآية إلى:(نْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ )

[أحمد المقدسي]

جزاكم الله خيراً

تصويب الآية إلى:(مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ )

[هاني برهوش]

جزاك الله خير الجزاء أخي عبد الله على إتمام الفائدة

[أبو اليسَعِ الأَثريّ]

السّلامُ عليكُم و رحمةُ الله وبركاتُهُ ..

شدّني تنبيهُ الإخوة الأكارم على تعديل الآية بارَكَ الله في حرصهم فإن كانوا يقصدون عدم إتمامها فلعلّهم يفيدون حفظهُم الله في وجه وجوب الإتمام و الحالُ كون الشاهدَ قد تمّ المرادُ منهُ فهل يلزم إدراج كامل الآية .

و إن كان ليس هذا مبعثَ التعديل فأُراهُ كتابته ميكالَ بياء و همزة قبلها و هذا ليس يغيب عليكم نفع الله بكم كونه مقروءًا به و لعلّ أخانا الكرمي حفظهُ الله ينقلُ من الكتاب و صاحبَ الكتاب يقرأ قراءة حمزة حيثُ قرأ رحمهُ الله بهمزة و ياء في ميكال هكذا '' مِيكَائِيلَ '' و هذا نقل لطيف من جامع أحكام القرآن للإمام القرطبي رحمه الله يقول :


وأما اللغات التي في ميكائيل فست :

الأولى : ميكاييل ، قراءة نافع .

الثانية : وميكائيل ( بياء بعد الهمزة ) قراءة حمزة .

الثالثة : ميكال ، لغة أهل الحجاز ، وهي قراءة أبي عمرو وحفص عن عاصم . وروي عن ابن كثير الثلاثة أوجه ، قال كعب بن مالك :

ويوم بدر لقيناكم لنا مدد فيه مع النصر ميكال وجبريل

وقال آخر [ هو جرير ] :

عبدوا الصليب وكذبوا بمحمد وبجبرئيل وكذبوا ميكالا

الرابعة : ميكئيل مثل ميكعيل ، وهي قراءة ابن محيصن .

الخامسة : ميكاييل ( بياءين ) وهي قراءة الأعمش باختلاف عنه .

السادسة : ميكاءل ، كما يقال ( إسراءل بهمزة مفتوحة ) ، وهو اسم أعجمي فلذلك لم ينصرف . وذكر ابن عباس أن جبر وميكا وإسراف هي كلها بالأعجمية بمعنى : عبد ومملوك . وإيل : اسم الله تعالى ، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين سمع سجع مسيلمة : هذا كلام لم يخرج من إل ، وفي التنزيل : لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة في أحد التأويلين ، وسيأتي . قال الماوردي : إن جبريل وميكائيل اسمان ، أحدهما عبد الله ، والآخر عبيد الله ; لأن إيل هو الله تعالى ، وجبر هو عبد ، وميكا هو عبيد ، فكأن جبريل عبد الله ، وميكائيل عبيد الله ، هذا قول ابن عباس ، وليس له في المفسرين مخالف .

انهـ من تفسير الآية نفسها و الله المستعان

[عبدالله المقدسي]

جزاك الله خيرا،

لكن كيف هي قراءة الآية جميعها برواية الزيات؟

[أبو اليسَعِ الأَثريّ]

هذه رواية خلف عنه :


و رواية خلاّد و غيرها تجدها عبر تحميل المصاحف من هنا ..

و هذا كتاب المقرئ توفيق ضمرة المعنون (رفعُ الدّرجات في قراءة حمزة الزيّات ] لعلّي أفيد بتقريبه لكم و ما أنا إلا ناقلٌ سائل جاهل أسأل الله السلامة لي و لإخوتي .

http://alqeraat.com/up/books/damra/Hamza.pdf

[عبدالله المقدسي]

جزاك الله خيرا: قصدي أخي الفاضل أن رواية خلف أن تقرأ "جبرءيل" و "ميكائيل" !

أما أن تقرأ "جبريل" و "ميكائيل" فذلك مخالف للرواية و هو ما أخطأ فيه الكاتب، فلا هي قراءة حفص و لا هي قراءة خلف.

[هاني برهوش]

أنا أعتذر عن الخطأ في الآية وكنت أنوي تصحيحه وما أنسانيه -بضم الهاء على قراءة عاصم وبكسرها على قراءة غيره -إلا الشيطان وجزاكم الله خيرا إخوتي في الله