تغير الماء بنجاسة ومستند الإجماع المنقول في ذلك .

[عبد الله السلفي الجزائري]

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .... وبعد :

فإن من نعم الله على الإنسان أن يفتح عليه بالعلم الشرعي الذي هو أساس كل خير ، والمسالة منه
خير عند الله وعند المؤمنين من الدنيا كلها .
ومن الأمور التي حيرتني كثيراً ولمدة ليست بالقليلة هو مستند الإجماع المنقول في أن الماء إذا تغير
أحد أوصافه بنجاسة فهو نجس بالإجماع .
ووجه الحيرة هو أن العلماء يذكرون في باب آخر أن لكل إجماع مستند من الوحي ولو كان غير صريح .
وهذا الإجماع لم أجد في الذين قرأت لهم أي عالم يذكره .
بل هذا الباب عند مطالعتك له تجد أن الكثير من أهل العلم في أجوبتهم ودفعهم للتعارض الظاهري بين حديث القلتين وحديث بئر بضاعة يبدو على كلامهم التكلف الذي يضيق منه صدر القارئ جداً .
ومن كان هذا حال كتاباته فليعلم أنه واقع في مخالفة نص أو أكثر ؛ لأن الله تعالى يقول عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - : { وما أنا من المتكلفين} .
ومن جعل النصوص مصدراً لفقهه وأحسن فهمها والتوفيق بينها كان أقرب إلى هذا الوصف الذي قيل في المعلم الأول - صلى الله عليه وسلم - والعكس بالعكس .
ومن فوائد رحلتي إلى بلاد الحرمين الشريفين هو ما فتح الله به علي في تحرير القول في هذه المسألة وبيان مستند الإجماع المذكور ، وهذا مما أتفاءل به لأن الله تعالى أجاب دعاء وقد سألته بإلحاح لأوفق في هذه المسألة .

ولكن أترككم تفكرون في هذا المستند ماهو ؟

[أبو سلمى رشيد]

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عبد الله
سؤال - من خالفَ هذا الإجماع؟ ( يعني من قال بطهارة الماء الذي تغيرَ أحد أوصافه الثلاثة بسقوط النجاسة فيه ) ؟

[عبد الله السلفي الجزائري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سلمى رشيد

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عبد الله
سؤال - من خالفَ هذا الإجماع؟ ( يعني من قال بطهارة الماء الذي تغيرَ أحد أوصافه الثلاثة بسقوط النجاسة فيه ) ؟

لا أعلم مخالفاً لهذا الإجماع .

وكلامي متعلق بباب آخر : وهو مستند الإجماع فلم أجد من ذكره وهو موجود ولابد ؛ لأن لكل إجماع مسند على الصحيح من أقوال الأصوليين .

وبحثي الذي ستراه - إن شاء الله - قريباً متعلق كذلك بمذاهب أهل العلم في توجيه حديث القلتين ودفع التعارض الواقع بينه وبين حديث بئر بضاعة ، وبيان مصدر التعارض المزعوم وسببه .

والراجح في المسألة بالنسبة لحد القليل والكثير .

فأسأل الله أن أكون وفقت إلى الصواب .

[عمر الزهيري]

ليس ثمة اجماع معتبر في الباب غايةً ما ورد اجماع من دون الصحابة وهذا ليس بحجة عند أحمد بن حنبل في رواية وجعله الشوكاني روايةً عن ابي حنيفة أيضاً وهو قول الظاهرية والشوكاني والألباني وعلي الحلبي وهو التحقيق انظر شرح منهج السالكين للشيخ المحدث علي الحلبي - هو مثبت في هذا القسم -.

الصواب ان يقيد هذا التغير بأن يقال تغير غالب بدليل حديث القلتين كما نبه الشيخ علي الحلبي في شرح منهج السالكين وبدليل الواقع التجريبي فإن الماء لا يتغير بالنجاسة ولا غيرها حتى تغلب عليه في لونه او رائحته أو طعمه.

نعم لو قال قائل لو كان اجماعاً صحيحاً فما دليله فنقول على التسليم بذلك فالأمر بالطهارة بالماء هو دليله! وهذا ظاهر إذ قد علق الشرع الحكم باسم الماء فما تغير من الماء تغيراً غالباً بنجاسةٍ بل او بطاهرٍ كالشاي او نحوه فهو ليس بماء فإن العرب لا تطلق على ما تغير تغيرا غالباً من الماء بنجاسة او غيرها مما يغير لونه او رائحته او طعمه لا تطلق عليه اسم الماء اصلاً إلا أن تقيده فتقول ماء النجاسة وماء الشاي وهذا ظاهر

حديث القلتين كما ذكر الشيخ علي الحلبي في شرحه أن المراد منه بيان ان التغير المعتبر هو ما كان تغيراً غالباً على الماء وهذا ظاهر لأن المراد هو ان ما كان كثيراً من الماء لا ينجس اذا خالطه نجاسة قليلة فالحديث خرج مخرج المثال بالقلتين للتعبير عن الكثرة اي كثرة الماء - وبهذا يظهر عدم التعارض بين حديث القلتين وحديث بئر بضاعة - لا أن المراد القلتين وحدها وليس لما دونها نصيب! هذا لا يقوله عاقل فضلاً عن مجرِّب فما كان قد بلغ قُلَّةً مثلاً لو وضعنا فيه قطرة بول لم ينجس أيضاً ومثل لذلك الشيخ علي الحلبي بقوله لو وضعنا في ماء هذا الكأس - وكان بيده قدح - قطرة بول ستعافه أنفسنا أما ان نحكم بنجاسته فلا فهو طاهر إذ لم يتغير لونه ولا رائحته ولا طعمه تغيراً غالباً فتأمل

يا أخانا عبد الله هل لك ان توضح لي ما وجه التعارض بين حديث القلتين وحديث بئر بضاعة؟ وما وجه التكلف؟

[عبد الكريم بن أحمد بن السبكي]

الإجماع مأخوذ من أصول عامة وقواعد إجمالية وهي حجة عند الأصولين أن الغالب على الشئ يؤخذ منه حكم الأغلب فالغالب على هذا الماء النجس لاسيماء ظهور الطعم والريح واللون فيكون