أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
32301 98094

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-14-2014, 12:15 PM
مهندس عارف النعمان مهندس عارف النعمان غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 128
Lightbulb محمد رسول الله والذين امنوا معه

بسم الله الرحمن الرحيم

( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ( 29 ) )

يخبر تعالى عن محمد صلوات الله عليه ، أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب ، فقال : ( محمد رسول الله ) ، وهذا مبتدأ وخبر ، وهو مشتمل على كل وصف جميل ، ثم ثنى بالثناء على أصحابه فقال : ( والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) ، كما قال تعالى : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) [ المائدة : 54 ] وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار ، رحيما برا بالأخيار ، غضوبا عبوسا في وجه الكافر ، ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة ) [ التوبة : 123 ] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى [ ص: 361 ] منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " ، وقال : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه كلا الحديثين في الصحيح .

وقوله : ( تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) : وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة ، وهي خير الأعمال ، ووصفهم بالإخلاص فيها لله - عز وجل - والاحتساب عند الله جزيل الثواب ، وهو الجنة المشتملة على فضل الله ، وهو سعة الرزق عليهم ، ورضاه تعالى ، عنهم وهو أكبر من الأول ، كما قال : ( ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .

وقوله : ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( سيماهم في وجوههم ) يعني : السمت الحسن .

وقال مجاهد وغير واحد : يعني الخشوع والتواضع .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن منصور عن مجاهد : ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) قال : الخشوع ، قلت : ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه ، فقال : ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون .

وقال السدي : الصلاة تحسن وجوههم .

وقال بعض السلف : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار .

وقد أسنده ابن ماجه في سننه ، عن إسماعيل بن محمد الطلحي ، عن ثابت بن موسى ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " والصحيح أنه موقوف .

وقال بعضهم : إن للحسنة نورا في القلب ، وضياء في الوجه ، وسعة في الرزق ، ومحبة في قلوب الناس .

وقال أمير المؤمنين عثمان : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه ، وفلتات لسانه .

والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه ، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله أصلح الله ظاهره للناس ، كما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمود بن محمد المروزي ، حدثنا حامد بن آدم المروزي ، [ ص: 362 ] حدثنا الفضل بن موسى ، عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن سلمة بن كهيل ، عن جندب بن سفيان البجلي قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر " ، العرزمي متروك .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة ، لخرج عمله للناس كائنا ما كان " .

وقال الإمام أحمد [ أيضا ] : حدثنا حسن ، حدثنا زهير ، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان : أن أباه حدثه عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الهدي الصالح ، والسمت الصالح ، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " ورواه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي ، عن زهير ، به .

فالصحابة [ رضي الله عنهم ] خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم ، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم .

وقال مالك ، رحمه الله : بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون : " والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا " . وصدقوا في ذلك ، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة ، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نوه الله بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة ; ولهذا قال هاهنا : ( ذلك مثلهم في التوراة ) ، ثم قال : ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه [ فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه ) : ( أخرج شطأه ] ) أي : فراخه ، ( فآزره ) أي : شده ( فاستغلظ ) أي : شب وطال ، ( فاستوى على سوقه يعجب الزراع ) أي : فكذلك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع ، ( ليغيظ بهم الكفار ) .

ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك - رحمه الله ، في رواية عنه - بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ، قال : لأنهم يغيظونهم ، ومن غاظ الصحابة فهو كافر لهذه الآية . ووافقه طائفة من العلماء على ذلك . والأحاديث في فضائل الصحابة والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ، ويكفيهم ثناء الله عليهم ، ورضاه عنهم .

[ ص: 363 ] ثم قال : ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) من " هذه لبيان الجنس ، ( مغفرة ) أي : لذنوبهم . ( وأجرا عظيما ) أي : ثوابا جزيلا ورزقا كريما ، ووعد الله حق وصدق ، لا يخلف ولا يبدل ، وكل من اقتفى أثر الصحابة فهو في حكمهم ، ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم ، وجعل جنات الفردوس مأواهم ، وقد فعل .

قال مسلم في صحيحه : حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .

تفسير ابن كثير -سورة الفتح

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
قوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما .
فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى : محمد رسول الله محمد مبتدأ و ( رسول ) خبره . وقيل : محمد ابتداء و ( رسول ) الله نعته .
والذين معه عطف على المبتدأ ، والخبر فيما بعده ، فلا يوقف على هذا التقدير على رسول الله وعلى الأول يوقف على رسول الله ; لأن صفاته - عليه السلام - تزيد على ما وصف أصحابه ، فيكون محمد ابتداء ورسول الله الخبر والذين معه ابتداء ثان . وأشداء خبره ورحماء خبر ثان . وكون الصفات في جملة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأشبه . وقيل : المراد بالذين معه جميع المؤمنين .
رحماء بينهم أي يرحم بعضهم بعضا . وقيل : متعاطفون متوادون . وقرأ الحسن أشداء على الكفار رحماء بينهم بالنصب على الحال ، كأنه قال : والذين معه في حال شدتهم على الكفار وتراحمهم بينهم . تراهم ركعا سجدا إخبار عن كثرة صلاتهم . يبتغون فضلا من الله ورضوانا أي يطلبون الجنة ورضا الله تعالى .
الثانية : قوله تعالى : سيماهم في وجوههم من أثر السجود السيما العلامة ، وفيها لغتان : المد والقصر ، أي : لاحت علامات التهجد بالليل وأمارات السهر . وفي سنن ابن ماجه قال : حدثنا إسماعيل بن محمد الطلحي قال حدثنا ثابت بن موسى أبو يزيد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقال ابن العربي : ودسه قوم في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الغلط ، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر بحرف . وقد روى ابن وهب عن مالك سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود ، وبه قال سعيد بن جبير . وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : صلى صبيحة إحدى وعشرين من رمضان وقد وكف المسجد وكان على عريش ، فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته وعلى جبهته وأرنبته أثر الماء والطين . وقال الحسن : هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة . وقاله سعيد بن جبير أيضا ، ورواه العوفي عن ابن عباس ، قاله الزهري . وفي الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة ، وفيه : [ حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ] . وقال شهر بن حوشب : يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر . وقال ابن عباس ومجاهد : السيما في الدنيا وهو السمت الحسن . وعن مجاهد أيضا : هو الخشوع والتواضع . قال منصور : سألت مجاهدا عن قوله تعالى : سيماهم في وجوههم أهو أثر يكون بين عيني الرجل ؟ قال لا ، ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلبا من الحجارة ولكنه نور في وجوههم من الخشوع . وقال ابن جريج : هو الوقار والبهاء . وقال شمر بن عطية : هو صفرة الوجه من قيام الليل . قال الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى . وقال الضحاك : أما إنه ليس بالندب في وجوههم ولكنه الصفرة . وقال سفيان الثوري : يصلون بالليل فإذا أصبحوا رئي ذلك في وجوههم ، بيانه قوله - صلى الله عليه وسلم - : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار . وقد مضى القول فيه آنفا . وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .
الثالثة : قوله تعالى : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل قال الفراء : فيه وجهان ، إن شئت قلت المعنى ذلك مثلهم في التوراة وفي الإنجيل أيضا ، كمثلهم في القرآن ، فيكون الوقف على الإنجيل وإن شئت قلت : تمام الكلام ذلك مثلهم في التوراة ، ثم ابتدأ فقال : ومثلهم في الإنجيل . وكذا قال ابن عباس وغيره : هما مثلان ، أحدهما في التوراة والآخر في الإنجيل ، فيوقف على هذا على التوراة وقال مجاهد : هو مثل واحد ، يعني أن هذه صفتهم في التوراة والإنجيل ، فلا يوقف على التوراة على هذا ، ويوقف على الإنجيل ويبتدئ كزرع أخرج شطأه على معنى وهم كزرع . وشطأه يعني فراخه وأولاده ، قاله ابن زيد وغيره . وقال مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده فقد شطأه . قال الجوهري : شطء الزرع والنبات فراخه ، والجمع أشطاء . وقد أشطأ الزرع خرج شطؤه . قال الأخفش في قوله : أخرج شطأه أي : طرفه . وحكاه الثعلبي عن الكسائي . وقال الفراء : أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا خرج . قال الشاعر :
أخرج الشطء على وجه الثرى ومن الأشجار أفنان الثمر
الزجاج : أخرج شطأه أي : نباته . وقيل : إن الشطء شوك السنبل ، والعرب أيضا تسميه : السفا ، وهو شوك البهمى ، قاله قطرب . وقيل : إنه السنبل ، فيخرج من الحبة عشر سنبلات وتسع وثمان ، قال الفراء ، حكاه الماوردي . وقرأ ابن كثير وابن ذكوان ( شطأه ) بفتح الطاء ، وأسكن الباقون . وقرأ أنس ونصر بن عاصم وابن وثاب ( شطاه ) مثل عصاه . وقرأ الجحدري وابن أبي إسحاق ( شطه ) بغير همز ، وكلها لغات فيها .
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوي أمره ، كالزرع يبدو بعد البذر ضعيفا فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ نباته وأفراخه . فكان هذا من أصح مثل وأقوى بيان . وقال قتادة : مثل أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من قوم ينبتون نبات الزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
فآزره أي قواه وأعانه وشده ، أي : قوى الشطء الزرع . وقيل : بالعكس ، أي : قوى الزرع الشطء . وقراءة العامة آزره بالمد . وقرأ ابن ذكوان وأبو حيوة وحميد بن قيس ( فأزره ) مقصورة ، مثل فعله . والمعروف المد . قال امرؤ القيس :
بمحنية قد آزر الضال نبتها مجر جيوش غانمين وخيب
فاستوى على سوقه على عوده الذي يقوم عليه فيكون ساقا له . والسوق : جمع الساق . يعجب الزراع أي يعجب هذا الزرع زراعه . وهو مثل كما بينا ، فالزرع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والشطء أصحابه ، كانوا قليلا فكثروا ، وضعفاء فقووا ، قاله الضحاك وغيره . ليغيظ بهم الكفار اللام متعلقة بمحذوف ، أي : فعل الله هذا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ليغيظ بهم الكفار .
الرابعة : قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا أي وعد الله هؤلاء الذين مع محمد ، وهم المؤمنون الذين أعمالهم صالحة . و ( من ) في قوله : منهم مبعضة لقوم من الصحابة دون قوم ، ولكنها عامة مجنسة ، مثل قوله تعالى : فاجتنبوا الرجس من الأوثان لا يقصد للتبعيض لكنه يذهب إلى الجنس ، أي : فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان ، إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى ، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب ، فأدخل ( من ) يفيد بها الجنس وكذا منهم ، أي : من هذا الجنس ، يعني جنس الصحابة . ويقال : أنفق نفقتك من الدراهم ، أي : اجعل نفقتك هذا الجنس . وقد يخصص أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بوعد المغفرة تفضيلا لهم ، وإن وعد الله جميع المؤمنين المغفرة . وفي الآية جواب آخر : وهو أن ( من ) مؤكدة للكلام ، والمعنى وعدهم الله كلهم مغفرة وأجرا عظيما . فجرى مجرى قول العربي : قطعت من الثوب قميصا ، يريد قطعت الثوب كله قميصا . و ( من ) لم يبعض شيئا . وشاهد هذا من القرآن وننزل من القرآن ما هو شفاء معناه وننزل القرآن شفاء ; لأن كل حرف منه يشفي ، وليس الشفاء مختصا به بعضه دون بعض . على أن من اللغويين من يقول : ( من ) مجنسة ، تقديرها ننزل الشفاء من جنس القرآن ، ومن جهة القرآن ، ومن ناحية القرآن . قال زهير :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
أراد من ناحية أم أوفى دمنة ، أم من منازلها دمنة . وقال الآخر [ الأعشى ] :
أخو رغائب يعطيها ويسألها يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
ف ( من ) لم تبعض شيئا ، إذ كان المقصد يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر . والنوفل : الكثير العطاء . والزفر : حامل الأثقال والمؤن عن الناس .
الخامسة : روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير : كنا عند مالك بن أنس ، فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقرأ مالك هذه الآية محمد رسول الله والذين معه حتى بلغ يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار فقال مالك : من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أصابته هذه الآية ، ذكره الخطيب أبو بكر .
قلت : لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله . فمن نقص واحدا منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين ، وأبطل شرائع المسلمين ، قال الله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار الآية . وقال : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم ، والشهادة لهم بالصدق والفلاح ، قال الله تعالى : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقال : للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا إلى قوله أولئك هم الصادقون ، ثم قال عز من قائل : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم إلى قوله فأولئك هم المفلحون . وهذا كله مع علمه تبارك وتعالى بحالهم ومآل أمرهم ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم وقال : لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه خرجهما البخاري . وفي حديث آخر : فلو أن أحدكم أنفق ما في الأرض لم يدرك مد أحدهم ولا نصيفه .
قال أبو عبيد : معناه لم يدرك مد أحدهم إذا تصدق به ولا نصف المد ، فالنصيف هو النصف هنا . وكذلك يقال للعشر عشير ، وللخمس خميس ، وللتسع تسيع ، وللثمن ثمين ، وللسبع سبيع ، وللسدس سديس ، وللربع ربيع . ولم تقل العرب للثلث ثليث . وفي البزار عن جابر مرفوعا صحيحا : [ إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي من أصحابي أربعة - يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا - فجعلهم أصحابي ] . وقال : [ في أصحابي كلهم خير ] . وروى عويم بن ساعدة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : [ إن الله - عز وجل - اختارني واختار لي أصحابي فجعل لي منهم وزراء وأختانا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ] . والأحاديث بهذا المعنى كثيرة ، فحذار من الوقوع في أحد منهم ، كما فعل من طعن في الدين فقال : إن المعوذتين ليستا من القرآن ، وما صح حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تثبيتهما ودخولهما في جملة التنزيل إلا عن عقبة بن عامر ، وعقبة بن عامر ضعيف لم يوافقه غيره عليها ، فروايته مطرحة . وهذا رد لما ذكرناه من الكتاب والسنة ، وإبطال لما نقلته لنا الصحابة من الملة . فإن عقبة بن عامر بن عيسى الجهني ممن روى لنا الشريعة في الصحيحين البخاري ومسلم وغيرهما ، فهو ممن مدحهم الله ووصفهم وأثنى عليهم ووعدهم مغفرة وأجرا عظيما . فمن نسبه أو واحدا من الصحابة إلى كذب فهو خارج عن الشريعة ، مبطل للقرآن طاعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ومتى ألحق واحد منهم تكذيبا فقد سب ; لأنه لا عار ولا عيب بعد الكفر بالله أعظم من الكذب ، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سب أصحابه ، فالمكذب لأصغرهم - ولا صغير فيهم - داخل في لعنة الله التي شهد بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وألزمها كل من سب واحدا من أصحابه أو طعن عليه . وعن عمر بن حبيب قال : حضرت مجلس هارون الرشيد فجرت مسألة تنازعها الحضور وعلت أصواتهم ، فاحتج بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم : لا يقبل هذا الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لأن أبا هريرة متهم فيما يرويه ، وصرحوا بتكذيبه ، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم فقلت أنا : الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره ، فنظر إلي الرشيد نظر مغضب ، وقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي ، فلم ألبث حتى قيل : صاحب البريد بالباب ، فدخل فقال لي : أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول ، وتحنط وتكفن فقلت : اللهم إنك تعلم أني دافعت عن صاحب نبيك ، وأجللت نبيك أن يطعن على أصحابه ، فسلمني منه . فأدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي من ذهب ، حاسر عن ذراعيه ، بيده السيف وبين يديه النطع ، فلما بصر بي قال لي : يا عمر بن حبيب ما تلقاني أحد من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن الذي قلته وجادلت عنه فيه ازدراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى ما جاء به ، إذا كان أصحابه كذابين فالشريعة باطلة ، والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول فرجع إلى نفسه ثم قال : أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم .
قلت : فالصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله . هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة . وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم . ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال : إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك ، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء ، فلا بد من البحث . وهذا مردود ، فإن خيار الصحابة وفضلاءهم كعلي وطلحة والزبير وغيرهم - رضي الله عنهم - ممن أثنى الله عليهم وزكاهم ورضي عنهم وأرضاهم ووعدهم الجنة بقوله تعالى : مغفرة وأجرا عظيما وخاصة العشرة المقطوع لهم بالجنة بإخبار الرسول هم القدوة مع علمهم بكثير من الفتن والأمور الجارية عليهم بعد نبيهم بإخباره لهم بذلك . وذلك غير مسقط من مرتبتهم
وفضلهم ، إذ كانت تلك الأمور مبنية على الاجتهاد ، وكل مجتهد مصيب .
تفسير القرطبي
سورة الفتح

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ( 29 )

محمد رسول الله, والذين معه على دينه أشداء على الكفار, رحماء فيما بينهم, تراهم ركعًا سُجَّدًا لله في صلاتهم, يرجون ربهم أن يتفضل عليهم, فيدخلهم الجنة, ويرضى عنهم, علامة طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة, هذه صفتهم في التوراة. وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك, وشدت الزرع, فقوي واستوى قائمًا على سيقانه جميلا منظره, يعجب الزُّرَّاع؛ ليَغِيظ بهؤلاء المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة - رضي الله عنهم- ; لأن من غاظه الله بالصحابة, فقد وُجد في حقه موجِب ذاك, وهو الكفر. وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به, واجتنبوا ما نهاهم عنه, مغفرة لذنوبهم, وثوابًا جزيلا لا ينقطع, وهو الجنة. ( ووعد الله حق مصدَّق لا يُخْلَف, وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم في استحقاق المغفرة والأجر العظيم, ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة, رضي الله عنهم وأرضاهم ) .
التفسير الميسر

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ( 29 )

( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ) تم الكلام هاهنا, قاله ابن عباس, شهد له بالرسالة, ثم قال مبتدئًا: ( وَالَّذِينَ مَعَهُ ) فالواو فيه للاستئناف, أي: والذين معه من المؤمنين, ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ) غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة, ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) متعاطفون متوادون بعضهم لبعض, كالولد مع الوالد, كما قال: « أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين » : ( المائدة- 54 ) : ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا ) أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها, ( يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ ) أن يدخلهم الجنة, ( وَرِضْوَانًا ) أن يرضى عنهم, ( سِيمَاهُمْ ) أي علامتهم, ( فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) اختلفوا في هذه السيما: فقال قوم: هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا, وهو رواية عطية العوفي عن ابن عباس, قال عطاء بن أبي رباح والربيع بن أنس: استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا. وقال شهر بن حوشب: تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر.

وقال آخرون: هو السمت الحسن والخشوع والتواضع. وهو رواية الوالبي عن ابن عباس قال: ليس بالذي ترون لكنه سيماء الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه. وهو قول مجاهد, والمعنى: أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به.

وقال الضحاك: هو صفرة الوجه من السهر.

وقال الحسن: إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى.

قال عكرمة وسعيد بن جبير: هو أثر التراب على الجباه.

قال أبو العالية: إنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب.

وقال عطاء الخراساني: دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .

( ذَلِكَ ) الذي ذكرت, ( مَثَلُهُمْ ) صفتهم ( فِي التَّوْرَاةِ ) هاهنا تم الكلام, ثم ذكر نعتهم في الإنجيل, فقال: ( وَمَثَلُهُمْ ) صفتهم, ( فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) قرأ ابن كثير, وابن عامر: « شطأه » بفتح الطاء, وقرأ الآخرون بسكونها, وهما لغتان كالنهر والنهر, وأراد أفراخه, يقال: أشطأ الزرع فهو مشطىء, إذا أفرخ, قال مقاتل: هو نبت واحد, فإذا خرج ما بعده فهو شطؤه.

وقال السدي: هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى.

قوله: ( فَآزَرَهُ ) قرأ ابن عامر: « فأزره » بالقصر والباقون بالمد, أي: قواه وأعانه وشد أزره, ( فَاسْتَغْلَظَ ) غلظ ذلك الزرع, ( فَاسْتَوَى ) أي تم وتلاحق نباته وقام, ( عَلَى سُوقِهِ ) أصوله, ( يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) أعجب ذلك زراعه.

هذا مثل ضربه الله عز وجل لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل [ أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون.

قال قتادة: مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ] مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .

وقيل: « الزرع » محمد صلى الله عليه وسلم, و « الشطء » : أصحابه والمؤمنون.

وروي عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال: « محمد رسول الله والذين معه » : أبو بكر الصديق رضي الله عنه, « أشداء على الكفار » عمر بن الخطاب رضي الله عنه, « رحماء بينهم » عثمان بن عفان رضي الله عنه, « تراهم ركعًا سجدًا » علي بن أبي طالب رضي الله عنه, « يبتغون فضلا من الله » بقية العشرة المبشرين بالجنة.

وقيل: « كمثل زرع » محمد, « أخرج شطأه » أبو بكر « فآزره » عمر « فاستغلظ » عثمان, للإسلام « فاستوى على سوقه » علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه, « يعجب الزراع » قال: هم المؤمنون.

( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) قول عمر لأهل مكة بعدما أسلم: لا تعبدوا الله سرًا بعد اليوم:

حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي إملاء, أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال, حدثنا أبو أحمد عبد الله بن محمد الفضل السمرقندي, حدثنا شيخي أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي, حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد, حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي, عن عبد الرحمن بن حميد, عن أبيه, عن عبد الرحمن بن عوف: أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: « أبو بكر في الجنة, وعمر في الجنة, وعثمان في الجنة, وعلي في الجنة, وطلحة في الجنة, والزبير في الجنة, وعبد الرحمن بن عوف في الجنة, وسعد بن أبي وقاص في الجنة, وسعيد بن زيد في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة » .

حدثنا أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي, أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن قاسم حدثنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي, حدثنا أحمد بن هاشم الأنطاكي, حدثنا قطبة بن العلاء, حدثنا سفيان الثوري, عن خالد الخذاء, عن أبي قلابة, عن أنس بن مالك, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أرحم أمتي أبو بكر, وأشدهم في أمر الله عمر, وأصدقهم حياء عثمان, وأفرضهم زيد, وأقرؤهم أبيّ, وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل, ولكل أمة أمين, وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح » .

ورواه معمر عن قتادة مرسلا وفيه: « وأقضاهم علي » .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا معلى بن أسد, حدثنا عبد العزيز المختار قال خالد الحذاء, حدثنا عن أبي عثمان قال حدثني عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة, فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها, قلت: ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب فعدَّ رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم .

أخبرنا أبو منصور عبد الملك وأبو الفتح نصر, ابنا علي بن أحمد بن منصور ومحمد بن الحسين بن شاذويه الطوسي بها قالا حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب, أخبرنا الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي, حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك الأسدي, حدثنا إبراهيم بن إسماعيل هو ابن يحيى بن سلمة بن كهيل, حدثنا أبي عن أبيه عن سلمة عن أبي الزعراء عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي بكر وعمر, واهتدوا بهدي عمار, وتمسكوا بعهد عبد الله بن مسعود » .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي, أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران, أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار, حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن أبي حازم, عن سهل بن سعد أن أُحُدًا ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « اثبت أحد ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد » .

أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي, أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت, حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي, حدثنا أبو سعيد الأشج, أخبرنا وكيع, حدثنا الأعمش, عن عدي بن ثابت, عن زر بن حبيش, عن عليّ قال: عهد إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبك إلا مؤمن, ولا يبغضك إلا منافق .

حدثنا أبو المظفر التميمي, أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان, أخبرنا خيثمة بن سليمان, حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدائني, حدثنا محمد بن الفضل بن عطية, عن عبد الله بن مسلم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة » .

قوله عز وجل: ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ) أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظًا للكافرين.

قال مالك بن أنس: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية .

أخبرنا أبو الطيب طاهر بن محمد بن العلاء البغوي, حدثنا أبو معمر الفضل بن إسماعيل بن إبراهيم الإسماعيلي, أخبرنا جدي أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي, أخبرني الهيثم بن خلف الدوري, حدثنا المفضل بن غسان بن المفضل العلائي, حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد, حدثنا عبيدة بن أبي رابطة عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن مغفل المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الله الله في أصحابي, الله الله في أصحابي, الله الله في أصحابي, لا تتخذوهم غرضًا بعدي, فمن أحبهم فبحبي أحبهم, ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم, ومن آذاهم فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله, ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه » .

حدثنا أبو المظفر بن محمد بن أحمد بن حامد التميمي, أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم, أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان, حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار بالكوفة, أخبرنا وكيع بن الجراح, عن الأعمش, عن أبي صالح, عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تسبوا أصحابي, فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه » .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني, حدثنا أبو محمد عبد الله بن عروة, حدثنا محمد بن الحسين بن محمد بن إشكاب, حدثنا شبابة بن سوَّار, حدثنا فضيل بن مرزوق عن أبي خباب عن أبي سليم الهمداني, عن أبيه, عن عليٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إنْ سرك أن تكون من أهل الجنة فإن قومًا يتنحلون حبك يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم, نبزهم الرافضة, فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون » ، في إسناد هذا الحديث نظر.

قول الله عز وجل: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ ) قال ابن جرير: يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع, وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة, وردَّ الهاء والميم على معنى الشطء لا على لفظه, ولذلك لم يقل: « منه » , ( مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) يعني الجنة.
تفسير البغوي
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
يا الله


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.